العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

قاعدة الحدود تدرأ بالشبهات عند أهل الظاهر

إنضم
25 يونيو 2008
المشاركات
1,762
الإقامة
ألمانيا
الجنس
ذكر
التخصص
أصول الفقه
الدولة
ألمانيا
المدينة
مونستر
المذهب الفقهي
لا مذهب بعينه
بسم الله الرحمن الرحيم ..​


تعتبر قاعدة "الحدود تدرأ بالشبهات" من القواعد التي أطبق الجمهور على اعتبارها والعمل بها , ورفضها الظاهرية قاطبة على ما حكاه الإمام ابن حزم رحمه في المحلى فقال :"وذهب أصحابنا إلى أن الحدود لا يحل أن تدرأ بشبهة" 1 . فلنبدأ بالكلام على القاعدة وألفاظها ثم ننظر في اختلاف العلماء.
التعريف بالقاعدة:الحد في اللغة المنع , واصطلاحا عقوبة مقدرة شرعا على معصية.
وتدرأ من درأ أي دفع 2
والشبهات جمع شبهة وهي الإلتباس3 .
فيكون المعنى الإصطلاحي للغة من جهة الإجمال : دفع العقوبة المقدرة شرعا عند ورود شبهة أو لبس .
ولا يصح أن تسمى ب"القاعدة" لأنها خاصة بباب واحد وهو الحدود , فهي إلى الضوابط أقرب منها إلى القواعد...
أدلة الجمهور على اعتبارها :ذكر السيوطي لهذه القاعدة أدلة منها4 :
-قوله عليه السلام :" ادرءوا الحدود بالشبهات"
-وقوله عليه السلام :"ادفعوا الحدود ما استطعتم"
ولا شئ يصح من المرفوع في هذه القاعدة وقد ضعف الإمام الألباني عمدة القوم في الباب وهما حديثان مرويان في كتاب الحدود من سنن الترمذي فليراجع, وإنما صحت بعض الموقوفات عن بعض الصحابة .

أدلة ابن حزم على عدم الإعتبار:ذكر رحمه الله تعالى عدة أدلة في المحلى من المنقول والمعقول منها5 :
1-من المنقول :
-قوله تعالى :" تلك حدود الله فلا تعتدوها".
2-من المعقول :
-قال رحمه الله :"وهذا لفظ إن استعمل أدى إلى إبطال الحدود جملة"6
-قال رحمه الله :" وهذا خلاف إجماع أهل الإسلام وخلاف الدين وخلاف القرأن والسنن لأن لكل أحد هو مستطيع على ان يدرأ كل حد يأتيه فلا يقيمه "

تفصيل مذهبه رحمه الله في المسألة :يرى الإمام كما أسلفت أنه لم يصح شئ في الباب عن النبي ولا صاحب ولا سنة صحيحة ولا سقيمة ولا قياس ولا معقول , بل النص والمعقول شاهدان بعكس هذا ففي الكتاب "وتلك حدود الله فلا تعتدوها" وفي المعقول لوفتح هذا الباب لما اقيم حد ونحن مطالبون بإقامتها!
فإذا ثبت الحد يقينا لم يحل أن يدرأ بشبهة قد يراها غيره ليست بشبهة وإذا لم يثبت الحد لم يحل ان يقام بشبهة لقوله عليه السلام ك"إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم وأبشاركم عليكم حرام" .
وواجب في حق كل من التبس عليه الأمر فلم يدر هل ثبت الحد أم لا ان لا يقيمه , فقال رحمه الله :"ومن جهل أوجب الحد أم لم يجب ؟ ففرضه أن لا يقيمه لأن الأعراض والدماء حرام"7.

بعض المواضع التي التبس فيها الأمر بين الظاهرية وغيرهم :

ذكر أهل المذاهب أن شرط الشبهة أن تكون قوية وإلا فلا أثر لها 8, وهذا حق إن كانت الشبهة من قبيل الإكراه والنسيان والإضطرار وشبهة الخلاف .
فمثلا : إنسان ممن لم يبلغ درجة النظر في النصوص , وسأل من وثق فيه عن حكم النبيذ فأجازه له فشربه , هل يحد؟
إنسان أكره على شرب الخمر وإلا قتل , أفيحد؟
إنسان نسي أن الموضوع على الطاولة خمرا وظنه (كوكا كولا) هل يحد؟
******
1 - المحلى 11/ 153
2 - مختار الصحاح مادة : درأ
3 - السابق مادة : شبه
4 - الأشباه والنظائر ص162
5 - مسألة 2179 جزء 11ص 153
6 - المحلى ج11 ص 154
7 - السابق ص 155
8 - الأشباه والنظائر ص 163
 
أعلى