أبو محمد المصرى
موقوف
- إنضم
- 16 ديسمبر 2007
- المشاركات
- 290
قال الإمام الجليل أبو محمد ابن حزم ـ رحمه الله تعالى ـ :
هذه المنظومة الماتعة نقلاً من كتاب " نوادر الإمام ابن حزم " السفر الثاني ص112 ـ 117 ، و" مجموعة الرسائل الكمالية رقم 16 " ص 257 ـ 263 ، ونشرها أيضاً الأستاذ محمد إبراهيم الكتاني بمجلة معهد المخطوطات العربية في الجزء الأول من المجلد الحادي والعشرين عام 1975م ص 148 ـ 151
تَعدَّى سبيلَ الرُشْدِ مَنْ جَارَ واعْتَـدى**وضَـاءَ لَـهُ نُـورُ الهُـدى فَتَبلَّـدا
وخَابَ امـرؤٌ وافـاهُ حُكْـمُ مُحمّـدٍ**فَقَـالَ بِـآراءِ الـرِّجـالِ وقَـلَّـدا
نَبِيٌّ أَتَـى بالْنُـورِ مِـنْ عِنْـدِ ربِّـهِ**وما جاءَ مِنْ عِنْدَ الإلهِ هُـو الهُـدى
أَرَى النَّاسَ أَحْزاباً وَكُلٌ يَرَىَ الَّـذِي**يجيء بِهِ المُنْجِي وسائِـرُهُ الـرِّدى
وألْقَوْا كِتَـابَ اللهِ خَلْـفَ ظُهُورِهِـم**وقَـول رَسُـولِ اللهِ ويْلَهُـمُ غَـدَا !
وقَالُوا : بأَنِّ الدِّيـنَ لَيْـسَ بِكَامـلٍ !**وكَذَّبَ مَـا قَالُـوا الإلـهُ وَفَنِّـدَا !
وَماَ فَرَّطَ الْرَحْمَنُ شَيْئًـا وَلَـمْ يَكُـنْ**نَسِيًّـا وَلَـمْ يَتْـرُكْ بَرِيَّتَـهُ سُــدَا
وَقَدْ فَصَّـلَ التَحْرِيـمَ والحـلَّ كُلَّـه**وَبَيَّـنَ أَحْكَـامَ العَـبـادِ وَسَــدَّدَا
وَعَلَّمَ وَجْهَ الحُكْمِ فيمَـا اعْتَـدَوْا بِـهِ**وَنَـصَّ عَلَيْـهِ الحُكْـمَ نَصًّـا وَرَدَّدَا
وَلَـمْ يَتَعَبَّدْنَـا بِعَنْـتٍ وَلَـمْ يُــرِدْ**يُكَلفنـا مَــا لا نُطـيـقُ تَعَـبُّـدَا
وَحَرَّمَ قَوْلَ الظَّنِّ في غَيْـرِ مَوْضِـعٍ**وَأَنْ تَقْتَفِي مَا لَسْتَ تَعْلَـمُ مَوْعِـدَاَ !
أَخِي عَدِّ عَنْ سُبْلِ الضَلالِ ! فَإنَّنِـي**رَأَيْتُ الهُدَى أَهْدَى دَلِيـلاً وَأَرْشَـدَا
وَدَعْ عَنْـكَ آراءَ الرِجَـالِ وَقَوْلَهُـمْ**وخُذْ بِكِتَابِ اللهِ نَفْسِي لَـكَ الفِـدَا !
وقُلْ لِرَسُـولِ اللهِ : سَمْعًـا وطَاعَـةً**إذَا قـالَ قَـوْلاً أَوْ تَيمّـمَ مَقْـصِـدَا
أَوَامِـرُهُ حَتْـمُ عَلَيْـنَـا وَ نَهْـيُـهُ**تُلافِيـهِ بالإقْـلاع عَنْـهُ مُـجَـرَّدَا
حَرَامٌ وَفَـرْضٌ طَاعَـةٌ قَـدْ تَيَقَّنَـتْ**وَمَنْ تَرَكَ التَخْيِيرَ وَالوَقـف َ سَـدَّدا
فـإنْ لاحَ بُـرْهَـانٌ يُبَـيِّـنُ أَنَّــهُ**عَلَى غَيرِ ذَا صِرْنَا مَعًا لِلَّـذِي بَـدَا
وأَفْعَالُـهُ اللائِـي تُبَيَّـيـنُ وَاجِـبًـا**مِنَ اللهِ فَاحْمِلْهَـا عَلَيْـهِ وَمـاَ عَـدَا
على أُسْـوة لا زِلْـتُ مَؤْتَسيـاً بِـهِ**وَلَيْسَتْ بِفَرْضٍ وَالسَعَيدُ مَـنْ اقْتَـدَا
وَإِقْـرَارُهُ الأَفْعَـالَ مِنْـهُ إِبَـاحـةٌ**لَهـاَ فَمُحَـالٌ أَنْ تُقِّـرَ مَـنْ أَفْسَـدَا
وَمَا صَحَّ عَنْـهُ مُسْنَـدًا قُـلْ بِنَصِّـهِ**وَإِيَّاكَ لا تَحْفَـلْ بِمَـا لَيْـسَ مُسْنَـدَا
وَسَـوِّ كِتَـابَ اللهِ بِالسُنَّـةِ الَّـتـي**أَتَتْ عَنْ رَسُولِ اللهِ تَنْجُو مِنَ الرَّدَى
سَوَاءٌ أَتَـتْ نَقْـلَ التَوَاتُـرِ أَوْ أَتَـتْ**بِمَا قَدْ رَوَى الآحَادُ مَثْنَـى وَمَوْحِـدا
وَقُـلْ : إنَّـهُ عِلْـمٌ وَلا تَقُـلْ إِنَّـهُ**مِنَ الظَّنِ لَيْسَ الظَّنُّ مِنْ دِينِ أَحْمَـدَا
فَكُلٌّ مِنَ الوَحْيِ المُنـزَّلِ قَـدْ أَتَـى**عن اللهِ إِنَّ الذِكْـرَ يُحْفَـظُ سَرْمَـدَا
وخُـذْ ظَاهِـرَ الأَلْفَـاظِ لا تَتَعَدَّهـا**إِلَـى غَايَـةِ التَأْوِيـل تَبْـقَ مُؤَيَّـدا
فَتَأْويلُهـا تَحْرِيفُهـا عَـنْ مَكَانِـهَـا**وَمَنْ حَرَّفَ الالْفَاظَ حَادَ عَنِ الهُـدَى
فَإنْ جَـاءَ بُرْهَـانٌ بِتَأْوِيـلِ بَعْضِهَـا**فَأَلْقِ إِلَى الحَقِّ الَّـذِي جَـاءَ مَقْلَـدَا
وَكُلُّ عُمُـومٍ جَـاءَ فَالْحَـقُّ حَمْلُـهُ**علـى مُقْتَـضَـاهُ دُونَ أَنْ تَـتَـرَدّدا
وَإِنْ جَاءَ بالتخصيصِ نَصٌّ فُخُصَّـه**بِهِ وَحْـدَهُ واحْـذَرْ بِـأَنْ تَتَزَيَّـدا !
وأَخْرِجْ قَلِيلاً مِـنْ كَثِيـرٍ وَإِنْ بَـدَتْ**مُعَارَضَةٌ فَاشْدُدْ عَلَى الزَّائِـدِ الْيَـدَا
وَإِنْ صَحَّ مَا بَيْنَ النُّصُوصِ تَعَارُضٌ**فَمَنْسُوخُهَا مَـا جَـاءَ مِنْهُـنَّ مُبْتَـدَا
وَإِنْ عُدِمَ التَّارِيـخُ فِيهَـا فَخُـذْ بمَـا**يَزِيدُ عَلى المَعْهُودِ في الأَصْلِ تَرْشُدَا
تَكُنْ مُوقِنًا أَنْ قَـدْ أَطَعْـتَ وَتَارِكًـا**لِكُـلِّ مَقَـالٍ قِيـلَ بِالظَّـنِّ مُبْـعَـدَا
وَكُلُّ مُبَاحٍ في الكِتابِ سِـوى الَّـذِي**يُفَصِّـلُ بالتَّحْريـم مِـنْـهُ مُـعَـدَّدا
وَإِنْ لَمْ يَـرِدْ نـصٌّ بِإِلْـزامِ طَاعَـةٍ**مِـنَ اللهِ لَـمْ يَلْزَمْـكَ أَنْ تَتَعَـبَّـدَا
وَعِنْدَ اخْتِلافِ النَّاسِ فَالحُكْمُ رَاجـعٌ**إِلَيْـهِ وَبِالْإِجْمَـاعَ مِـنْ بَعْـدُ يُهْتَـدَا
وَذَاكَ سَبيلُ المُؤْمِنيـنَ وَمَـنْ يُـرِدْ**خِلافَ سَبِيلِ المُؤْمِنِينَ فَمَـا اهْتَـدَى
وَلا تَـدَّعِ الإِجْمَـاعَ فِيمَـا جَهِلْتَـهُ**وَلَمْ تَعْلَم التَّحْقِيـقَ جَمْعًـا وَمُفْـرَدا
وإِنْ امرُؤٌ في الدِّيـنِ حَكَّـمَ نَفْسَـه**قِيَاسًا أَوْ اسْتِحْسَانَ رَأْيٍ قَـدْ اعْتَـدَى
وَجَـاءَ بِدَعْـوَى لا دَليـلَ يُقِيمُـهَـا**وأَسْرَفَ فـي دِيـنِ الإلـهِ وأَلحَـدَا
ومَنْ قَـالَ مُحْتَاطًـا بِـردْعِ ذَرِيعَـةٍ**بِرأْيٍ رآهُ قَـدْ أتَـى اللَّهـوَ وَالـرَّدَا
مُحِلَّ حَـرَامٍ أَوْ مُحَـرِّمَ مَـا أَتَـى**بِتَحْلِيلـهِ مخطـي الكِتَـابِ تَعَـمُّـدَا
وَمَنْ يَدَّع نَسْخًا على الحُكْم لَمْ يَجِىءْ**علـى ذاكَ بالبُرْهَـانِ لَيـس مُفَنِّـدَا
ولا تَنْتَقِلْ عَنْ حَـالِ حُكْـمٍ عَلِمْتَـه**لِقَوْلٍ عَنِ الإِجْمَاع والنَّـصِّ جُـرِّدَا
مِنَ الْحِلِّ والتَّحْرِيمِ أَوْ مِـنْ لَـوازِمٍ**عَلَيْكَ فـلا تَعْـدُ السِّبِيـلَ المُمَهَّـدَا
ولا تَلْتَقِـفْ حُكْـمَ البـلادِ وَجَرْيَهَـا**عَلَى عَمَـلٍ مِمَّـنْ أَغَـارَ وَأَنْجَـدَا
وَإِنْ لَمْ تَجِدْ نَصًّا على الحُكْمِ فَالْتَمِسْ**إِلى قَصْدِهِ جَمْعَ النُّصُوصِ لِتَرْشُـدَا
فَتَمْنَـحَ حُكْمًـا يَبْنِهَـا قَـدْ جَعَلْتَـهُ**وَتَجْمَعَ شَمْـلاً كَـانَ مِنْهَـا مُبَـدَّدَا
وَذَاكَ عَلَـى مَعْنَـاهُ نَـصٌّ وَإِنَّــهُ**لَحَقٌّ كَمَا لَـوْ كَـانَ نَصًّـا مُجَـرَّدَا
وَهَذَا الذي يُدْعَى اجتهادًا ولَيْسَ مـا**تَقُـولُ أُلـو الآراءِ مِنْـهَـا تَـلَـدُّدَا
وَأَثْقَلَهُمْ جَمْعُ النُصُـوصِ فَاَظْهَـرُوا**عَلَى الدِينِ نُقْصَانَ النُصـوصِ تَبَلُّـدا
وَقَالُـوا : لَنَـا إِكْمَالُـهُ وَتَمَـامُـهُ !**تَبَارَكْـتَ رَبِّـي أَنْ تَكُـونَ مُفَنَّـدَا !
وَقَدْ قُلْـتَ : إِنَّ الدِّيـنَ أَكْمَلْتَـهُ لَنَـا**وَفصَّلْتَهُ والحَـقُّ مـا قُلـتَ أَمْجَـدَا
ولا تَلْتَفِـتْ عِنْـدَ الخِطَـابِ دَلِيلَـهُ**ولا تَلْتَزِمْ شَرْعًا سِوَى شَرْع أَحْمَـدَا
فَكُـلُّ نَبِـيًّ خَـصَّ إِنْـذَارَ قَوْمِـهِ**وَأَحْمَدُ عَـمَّ النَّـاسَ أَدْنَـى وَأَبْعَـدَا
وأَخْلِصْ لَدَى الأَعْمَالِ نِيَّتَـكَ الَّتـي**بِهَـا تَرْتَقِـي الأَعْمَـالُ للهِ مُصعِـدَا
وَصَلِّ عَلَى الزَاكي المُجِيرِ مِنَ العَمَى**نَبيِّ الهُـدَى خَيْـرِ الأَنَـامِ مُحَمَّـدا
وَ لِلَّهِ حَمْدَي سَرْمَدًا غيـرَ مُنْقَـضٍ**عَلَى مَا هَدَى حَمْـدًا كَثيـرًا مُـرَدَّدَا
وخَابَ امـرؤٌ وافـاهُ حُكْـمُ مُحمّـدٍ**فَقَـالَ بِـآراءِ الـرِّجـالِ وقَـلَّـدا
نَبِيٌّ أَتَـى بالْنُـورِ مِـنْ عِنْـدِ ربِّـهِ**وما جاءَ مِنْ عِنْدَ الإلهِ هُـو الهُـدى
أَرَى النَّاسَ أَحْزاباً وَكُلٌ يَرَىَ الَّـذِي**يجيء بِهِ المُنْجِي وسائِـرُهُ الـرِّدى
وألْقَوْا كِتَـابَ اللهِ خَلْـفَ ظُهُورِهِـم**وقَـول رَسُـولِ اللهِ ويْلَهُـمُ غَـدَا !
وقَالُوا : بأَنِّ الدِّيـنَ لَيْـسَ بِكَامـلٍ !**وكَذَّبَ مَـا قَالُـوا الإلـهُ وَفَنِّـدَا !
وَماَ فَرَّطَ الْرَحْمَنُ شَيْئًـا وَلَـمْ يَكُـنْ**نَسِيًّـا وَلَـمْ يَتْـرُكْ بَرِيَّتَـهُ سُــدَا
وَقَدْ فَصَّـلَ التَحْرِيـمَ والحـلَّ كُلَّـه**وَبَيَّـنَ أَحْكَـامَ العَـبـادِ وَسَــدَّدَا
وَعَلَّمَ وَجْهَ الحُكْمِ فيمَـا اعْتَـدَوْا بِـهِ**وَنَـصَّ عَلَيْـهِ الحُكْـمَ نَصًّـا وَرَدَّدَا
وَلَـمْ يَتَعَبَّدْنَـا بِعَنْـتٍ وَلَـمْ يُــرِدْ**يُكَلفنـا مَــا لا نُطـيـقُ تَعَـبُّـدَا
وَحَرَّمَ قَوْلَ الظَّنِّ في غَيْـرِ مَوْضِـعٍ**وَأَنْ تَقْتَفِي مَا لَسْتَ تَعْلَـمُ مَوْعِـدَاَ !
أَخِي عَدِّ عَنْ سُبْلِ الضَلالِ ! فَإنَّنِـي**رَأَيْتُ الهُدَى أَهْدَى دَلِيـلاً وَأَرْشَـدَا
وَدَعْ عَنْـكَ آراءَ الرِجَـالِ وَقَوْلَهُـمْ**وخُذْ بِكِتَابِ اللهِ نَفْسِي لَـكَ الفِـدَا !
وقُلْ لِرَسُـولِ اللهِ : سَمْعًـا وطَاعَـةً**إذَا قـالَ قَـوْلاً أَوْ تَيمّـمَ مَقْـصِـدَا
أَوَامِـرُهُ حَتْـمُ عَلَيْـنَـا وَ نَهْـيُـهُ**تُلافِيـهِ بالإقْـلاع عَنْـهُ مُـجَـرَّدَا
حَرَامٌ وَفَـرْضٌ طَاعَـةٌ قَـدْ تَيَقَّنَـتْ**وَمَنْ تَرَكَ التَخْيِيرَ وَالوَقـف َ سَـدَّدا
فـإنْ لاحَ بُـرْهَـانٌ يُبَـيِّـنُ أَنَّــهُ**عَلَى غَيرِ ذَا صِرْنَا مَعًا لِلَّـذِي بَـدَا
وأَفْعَالُـهُ اللائِـي تُبَيَّـيـنُ وَاجِـبًـا**مِنَ اللهِ فَاحْمِلْهَـا عَلَيْـهِ وَمـاَ عَـدَا
على أُسْـوة لا زِلْـتُ مَؤْتَسيـاً بِـهِ**وَلَيْسَتْ بِفَرْضٍ وَالسَعَيدُ مَـنْ اقْتَـدَا
وَإِقْـرَارُهُ الأَفْعَـالَ مِنْـهُ إِبَـاحـةٌ**لَهـاَ فَمُحَـالٌ أَنْ تُقِّـرَ مَـنْ أَفْسَـدَا
وَمَا صَحَّ عَنْـهُ مُسْنَـدًا قُـلْ بِنَصِّـهِ**وَإِيَّاكَ لا تَحْفَـلْ بِمَـا لَيْـسَ مُسْنَـدَا
وَسَـوِّ كِتَـابَ اللهِ بِالسُنَّـةِ الَّـتـي**أَتَتْ عَنْ رَسُولِ اللهِ تَنْجُو مِنَ الرَّدَى
سَوَاءٌ أَتَـتْ نَقْـلَ التَوَاتُـرِ أَوْ أَتَـتْ**بِمَا قَدْ رَوَى الآحَادُ مَثْنَـى وَمَوْحِـدا
وَقُـلْ : إنَّـهُ عِلْـمٌ وَلا تَقُـلْ إِنَّـهُ**مِنَ الظَّنِ لَيْسَ الظَّنُّ مِنْ دِينِ أَحْمَـدَا
فَكُلٌّ مِنَ الوَحْيِ المُنـزَّلِ قَـدْ أَتَـى**عن اللهِ إِنَّ الذِكْـرَ يُحْفَـظُ سَرْمَـدَا
وخُـذْ ظَاهِـرَ الأَلْفَـاظِ لا تَتَعَدَّهـا**إِلَـى غَايَـةِ التَأْوِيـل تَبْـقَ مُؤَيَّـدا
فَتَأْويلُهـا تَحْرِيفُهـا عَـنْ مَكَانِـهَـا**وَمَنْ حَرَّفَ الالْفَاظَ حَادَ عَنِ الهُـدَى
فَإنْ جَـاءَ بُرْهَـانٌ بِتَأْوِيـلِ بَعْضِهَـا**فَأَلْقِ إِلَى الحَقِّ الَّـذِي جَـاءَ مَقْلَـدَا
وَكُلُّ عُمُـومٍ جَـاءَ فَالْحَـقُّ حَمْلُـهُ**علـى مُقْتَـضَـاهُ دُونَ أَنْ تَـتَـرَدّدا
وَإِنْ جَاءَ بالتخصيصِ نَصٌّ فُخُصَّـه**بِهِ وَحْـدَهُ واحْـذَرْ بِـأَنْ تَتَزَيَّـدا !
وأَخْرِجْ قَلِيلاً مِـنْ كَثِيـرٍ وَإِنْ بَـدَتْ**مُعَارَضَةٌ فَاشْدُدْ عَلَى الزَّائِـدِ الْيَـدَا
وَإِنْ صَحَّ مَا بَيْنَ النُّصُوصِ تَعَارُضٌ**فَمَنْسُوخُهَا مَـا جَـاءَ مِنْهُـنَّ مُبْتَـدَا
وَإِنْ عُدِمَ التَّارِيـخُ فِيهَـا فَخُـذْ بمَـا**يَزِيدُ عَلى المَعْهُودِ في الأَصْلِ تَرْشُدَا
تَكُنْ مُوقِنًا أَنْ قَـدْ أَطَعْـتَ وَتَارِكًـا**لِكُـلِّ مَقَـالٍ قِيـلَ بِالظَّـنِّ مُبْـعَـدَا
وَكُلُّ مُبَاحٍ في الكِتابِ سِـوى الَّـذِي**يُفَصِّـلُ بالتَّحْريـم مِـنْـهُ مُـعَـدَّدا
وَإِنْ لَمْ يَـرِدْ نـصٌّ بِإِلْـزامِ طَاعَـةٍ**مِـنَ اللهِ لَـمْ يَلْزَمْـكَ أَنْ تَتَعَـبَّـدَا
وَعِنْدَ اخْتِلافِ النَّاسِ فَالحُكْمُ رَاجـعٌ**إِلَيْـهِ وَبِالْإِجْمَـاعَ مِـنْ بَعْـدُ يُهْتَـدَا
وَذَاكَ سَبيلُ المُؤْمِنيـنَ وَمَـنْ يُـرِدْ**خِلافَ سَبِيلِ المُؤْمِنِينَ فَمَـا اهْتَـدَى
وَلا تَـدَّعِ الإِجْمَـاعَ فِيمَـا جَهِلْتَـهُ**وَلَمْ تَعْلَم التَّحْقِيـقَ جَمْعًـا وَمُفْـرَدا
وإِنْ امرُؤٌ في الدِّيـنِ حَكَّـمَ نَفْسَـه**قِيَاسًا أَوْ اسْتِحْسَانَ رَأْيٍ قَـدْ اعْتَـدَى
وَجَـاءَ بِدَعْـوَى لا دَليـلَ يُقِيمُـهَـا**وأَسْرَفَ فـي دِيـنِ الإلـهِ وأَلحَـدَا
ومَنْ قَـالَ مُحْتَاطًـا بِـردْعِ ذَرِيعَـةٍ**بِرأْيٍ رآهُ قَـدْ أتَـى اللَّهـوَ وَالـرَّدَا
مُحِلَّ حَـرَامٍ أَوْ مُحَـرِّمَ مَـا أَتَـى**بِتَحْلِيلـهِ مخطـي الكِتَـابِ تَعَـمُّـدَا
وَمَنْ يَدَّع نَسْخًا على الحُكْم لَمْ يَجِىءْ**علـى ذاكَ بالبُرْهَـانِ لَيـس مُفَنِّـدَا
ولا تَنْتَقِلْ عَنْ حَـالِ حُكْـمٍ عَلِمْتَـه**لِقَوْلٍ عَنِ الإِجْمَاع والنَّـصِّ جُـرِّدَا
مِنَ الْحِلِّ والتَّحْرِيمِ أَوْ مِـنْ لَـوازِمٍ**عَلَيْكَ فـلا تَعْـدُ السِّبِيـلَ المُمَهَّـدَا
ولا تَلْتَقِـفْ حُكْـمَ البـلادِ وَجَرْيَهَـا**عَلَى عَمَـلٍ مِمَّـنْ أَغَـارَ وَأَنْجَـدَا
وَإِنْ لَمْ تَجِدْ نَصًّا على الحُكْمِ فَالْتَمِسْ**إِلى قَصْدِهِ جَمْعَ النُّصُوصِ لِتَرْشُـدَا
فَتَمْنَـحَ حُكْمًـا يَبْنِهَـا قَـدْ جَعَلْتَـهُ**وَتَجْمَعَ شَمْـلاً كَـانَ مِنْهَـا مُبَـدَّدَا
وَذَاكَ عَلَـى مَعْنَـاهُ نَـصٌّ وَإِنَّــهُ**لَحَقٌّ كَمَا لَـوْ كَـانَ نَصًّـا مُجَـرَّدَا
وَهَذَا الذي يُدْعَى اجتهادًا ولَيْسَ مـا**تَقُـولُ أُلـو الآراءِ مِنْـهَـا تَـلَـدُّدَا
وَأَثْقَلَهُمْ جَمْعُ النُصُـوصِ فَاَظْهَـرُوا**عَلَى الدِينِ نُقْصَانَ النُصـوصِ تَبَلُّـدا
وَقَالُـوا : لَنَـا إِكْمَالُـهُ وَتَمَـامُـهُ !**تَبَارَكْـتَ رَبِّـي أَنْ تَكُـونَ مُفَنَّـدَا !
وَقَدْ قُلْـتَ : إِنَّ الدِّيـنَ أَكْمَلْتَـهُ لَنَـا**وَفصَّلْتَهُ والحَـقُّ مـا قُلـتَ أَمْجَـدَا
ولا تَلْتَفِـتْ عِنْـدَ الخِطَـابِ دَلِيلَـهُ**ولا تَلْتَزِمْ شَرْعًا سِوَى شَرْع أَحْمَـدَا
فَكُـلُّ نَبِـيًّ خَـصَّ إِنْـذَارَ قَوْمِـهِ**وَأَحْمَدُ عَـمَّ النَّـاسَ أَدْنَـى وَأَبْعَـدَا
وأَخْلِصْ لَدَى الأَعْمَالِ نِيَّتَـكَ الَّتـي**بِهَـا تَرْتَقِـي الأَعْمَـالُ للهِ مُصعِـدَا
وَصَلِّ عَلَى الزَاكي المُجِيرِ مِنَ العَمَى**نَبيِّ الهُـدَى خَيْـرِ الأَنَـامِ مُحَمَّـدا
وَ لِلَّهِ حَمْدَي سَرْمَدًا غيـرَ مُنْقَـضٍ**عَلَى مَا هَدَى حَمْـدًا كَثيـرًا مُـرَدَّدَا
هذه المنظومة الماتعة نقلاً من كتاب " نوادر الإمام ابن حزم " السفر الثاني ص112 ـ 117 ، و" مجموعة الرسائل الكمالية رقم 16 " ص 257 ـ 263 ، ونشرها أيضاً الأستاذ محمد إبراهيم الكتاني بمجلة معهد المخطوطات العربية في الجزء الأول من المجلد الحادي والعشرين عام 1975م ص 148 ـ 151
التعديل الأخير: