[font=&]الأخت الفاضلة أم علي أحسن الله إليك وأغدق عليه من فيوض نعمه
[/font]آمين وإياكم ..
[font=&]أشكر لك مداخلتك الكريمة
[/font]الشكر موصول لكم شيخنا الجليل فأنتم الخير والبركة
بالنسبة للمواطنة هو اسم جامع لاشتراك مجموعة من الأفراد تجمعهم روابط التاريخ أو الجغرافيا كما ذكرتي مع وحدة المصير أو المستقبل
وهذا يقتضي الاختلاف حتى يوجد الائتلاف، وإلا كيف نعتبر ما ورد في الدستور الذي وضعه رسول الله صلى الله عليه وسلم: « المسلمون ويهود يثرب ومن تبعهم أمة واحدة »
وليس بالضرورة ولا بالإمكان ذوبان أحد الطوائف في الأخرى، وإنما يمكن العيش المشترك بجامع القواسم المشتركة المذكورة آنفا مع احترام خصوصيات بعضها بعضا.
هذا واضح شيخنا الفاضل ولا ينكره عوام المسلمين فضلا عن خواصّهم..!!
فلو قلت لك باسما أو جادا إن الألوان ا
لتي تلوني بها مداخلتك لا تروقني ما كنت مخطئا؛ لأن الناس يختلفون في الأذواق. فهكذا عالم الأفكار، فالسلوك معبر عن الفكر، ولذلك لإصلاح السلوك لا بد من المحاورة لا التلقين حتى نستطيع أن ننفذ إلى عوالم دخلها بعض من بني جلدتنا من اغتراب ونحو ذلك
ولو قلت لكم باسمةً عازمة ..أن الألوان التي أستعملها في مداخلاتي تيسيراً على القارئ وتوضيحاً للمقروء؛.. من حقكم أن لا تروقكم ،فمن سمج الطبع إلزام الناس بذوقك ،ولكن الغير مقبول سيدي.. أن ترفض كلامي لأجل ألواني،..و أن تنكر عليّ مرجعيتي التي أستمدّ منها أفكاري ،..لأنها لا تروقك ،..أو أن أحذف منه ما أعتقد ثبوته وثباته ولزومه وصلاحه ،..لا بمجرّد الرّأي المحض ،..وإنما بموجب الشّرع والفرض ،..فالخَطب يسير،.. وكلامكم مقبول و به معمول ،..ما لم تمسّ الثوابت والمراجع والأصول ..
ثمّ إنّا غير مطالبين بإرضاء الأذواق والأهواء.. بل ربّ الأرض والسّماء قال تعالى : ((وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك فإن تولوا فاعلم أنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم وإن كثيرا من النّاس لفاسقون أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسنُ من الله حُكماً لقومٍ يوقنون))
وقال عليه الصلاة والسلام من أرضى الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى الناس عنه ومن أسخط الله برضى الناس سخط الله عنه وأسخط الناس عنه)
[font=&]قيل أن ابن عمر بن عبد العزيز رحمه الله قال لأبيه: يا أبت لم لا تحمل بني أمية على كذا وكذا من المظالم فقال: يا بني إن الله ذم الخمر في الأولى والثانية ا وحرمها في [font=&]لثالثة[/font]، فأخشى إن أردت أن أحمل الناس على الحق جملة أن يتركوه جملة. [/font]
[font=&]والنبي صلى الله عليه وسلم ترك هدم الأصنام إلى فتح مكة، وامتنع عن بناء البيت على قواعد إسماعيل، ولم يأمر بقتل أبي بن سلول رغم علمه بنفاقه، وقال من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، وغير ذلك، مراعاة لما يتعلق بذلك من مآلات قد تفضي إلى المفسدة أكثر مما تؤدي إلى المصلحة.
نعم شيخنا وهذا ما يسمى بفقه التدرج ولقد رأينا مع مشايخي الكرام أن هناك فرق بين التدرج في مقام التعليم ..والذي يكون من الأدنى إلى الأعلى ..بصغار العلم قبل كباره ..وبين التدرج في مقام تغيير المنكر ..الذي يبدأ بأسرع وأقرب الوسائل إلى إزالته.. من الأعلى إلى الأدنى ..ما أمكن وصولا إلى المصلحة العامة .
[/font]
[font=&]مما سبق نفهم أن الإنسان كائن معقد، يحتاج لإصلاحه إلى وقت، فمن الحكمة أن نصبر عليه، ونترفق به، خصوصا في مرحلة الاستضعاف حينما يغلب الشر وتنتشر الرذيلة، فلو طبقنا المفاصلة والهجر لجاء بمفاسد كثيرة. وهذا أمر ثبت بالتجربة.
لم يقل أحد بمفاصلة أحد ولا بهجره ،..إقصاءً أو ازدراءً ،..وإنما مقصود الكلام كان في جعل هؤلاء ،..أصحاب الملل والنحل،.. في مقام الحلّ والعقد ،..والأخد والردّ،.. لما لا يجوز شرعاً ،..وإدخال على مرجعيتنا وأصولنا ما يتناقض ويتعارض.
[/font]عالم السياسة الشرعية لا يوجد أسود أو أبيض فحسب، بل هنالك الرمادي وغيره من الألوان، بل إن هنالك ألوانا مزيجا من أكثر من لون، وإلا كيف تفسرين المداراة (لا المداهنة)؟ وكيف تقرئين قول النبي صلى الله عليه وسلم حينما سئل عن قتل ابن سلول: أخشى أن يقال محمدا يقتل أصحابه، مع علمه بنفاقه.
عالم السياسة الشرعية منوط بالمصلحة، فعالم السياسة يعرف المناورة والمداراة والمفاوضة والرأي والمكيدة. بل في الحرب لا يقل الانسحاب عن الاقتحام، فكلاهما مطلوب إذا دعت إليه الحاجة، ولذلك عقب النبي صلى الله عليه وسلم على رجوع جيش خالد رضي الله حينما قال لهم الناس: يا فرار ، فقال: بل هم الكرار إن شاء الله.