رد: مطلوب تخريج أثر: الفرس كتبوا إلى سلمان الفارسي: أن يكتب لهم الفاتحة بالفارسية
السلام عليكم
الحكاية لا أصل -إسناد- لها، وبعض من نقلها ذكرها بصيغة التمريض "رُوي - ويُروى" .. كما سيأتي بمشيئة الله تعالى،،
هذه نقول إضافة لما ذكرته الأخت الفاضلة سمية؛
ذكر الدكتور غازي عناية في مقاله "شبهات حول ترجمة القرآن، وتفنيدها":
ـ الشبهة الثالثة:
إن ترجمة القرآن حرفياً إلى لغة أخرى اقتضتها السنة النبوية.
ودليلهم: قال (
الشربنلالي)
في كتابه (النفحة القدسية): ((
روي أن أهل فارس كتبوا إلى سلمان الفارسي أن يكتب لهم الفاتحة بالفارسية، فكتب لهم: (بسم الله الرحمن الرحيم ـ بنام يزدان بخشايند) فكانوا يقرأون ذلك في الصلاة حتى لانت ألسنتهم. وبعد ما كتب عرضه على النبي (ص)
كذا في المبسوط. قال في النهاية، والدراية)).
تفنيد هذه الشبهة:
أولاً: إن هذا الحديث خبر مجهول الأصل، وفي متنه، وسنده، ولذا لا يجوز الاعتداد به. ولو كان صحيحاً لتواتر، لأهميته.
ثانياً: إن هذا الخبر يحمل في طياته علامات نقضه. لأنه لو صح، فإن المعلوم أن سلمان الفارسي لم يجبهم إلى طلبهم، وأنه لم يترجم لهم الفاتحة، وإنما ترجم البسملة فقط كما هو مستفاد من الحديث نفسه. زد على ذلك أن ترجمة البسملة أيضاً لم تأت كاملة. وإنما نقصت ترجمة (الرحمن).
ثالثاً: إن الاختلاف في روايات هذا الحديث بالزيادة، والنقصان في لفظه يقتضي الحكم برده، وعدم الأخذ به.
فالإمام النووي مثلاً نقله
في المجموع شرح المهذب بلفظ آخر نصه: ((إن قوماً من أهل فارس طلبوا من سلمان أن يكتب لهم شيئاً من القرآن، فكتب لهم الفاتحة بالفارسية)). فهذه الرواية تذكر الفاتحة، والأولى تذكر البسملة، وهذا اضطراب يوهن الحديث ويضعفه.
رابعاً: يترتب على ما سبق عدم ثبوت صحة هذا الحديث. وكذلك تناقضه. وحتى على فرض صحته، فالظاهر، بل والثابت أنه يعارض الأدلة الأكيدة، والمتفق عليها من قبل العلماء على عدم جواز وصحة ترجمة القرآن ترجمة حرفية، وأنه قد يكون المقصود في حديث سلمان الفارسي هو الترجمة اللغوية التفسيرية ليس إلا.
والله أعلى، وأعلم .
انتهى.
وجاء في أبحاث هيئة كبار العلماء (7/ 395 وما بعدها):
((
(الجزء رقم : 7، الصفحة رقم: 394)
...
وقد ذكر الشيخ محمد رشيد رضا في [ مجلة المنار ]
: أن بعض المسلمين في الترنسفال كتب إلى جريدة في مصر ثلاثة أسئلة لعرضها على بعض علماء الأزهر فعرضتها على الشيخ محمد بخيت ، فأجاب عنها ونشرت الجريدة أجوبته :
...
وأما السؤال المهم : فهو ما جعلناه عنوانا لهذه النبذة ( أي : كتابة القرآن بالحروف الإنكليزية ) وقد أجاب عنه الشيخ بجواب ننقله عن تلك الجريدة مع السؤال ، ثم نبين رأينا فيه وهو :سؤال : ما قولكم - علماء الإسلام ومصابيح الظلام - أدام الله وجودكم - هل يجوز كتابة القرآن الكريم بالحروف الإنكليزية والفرنسية مع أن الحروف الإنكليزية ناقصة عن الحروف العربية ، ومعلوم أن القرآن الكريم أنزل على لسان قريش ، فالإنكليزي مثلا إذا أراد أن يكتب مصر بالإنكليزية تقرأ ( مسر ) ، أو أحمد تكتب ( أهمد ) ، ويكتب ( شيك ) بمعنى : شيخ ، لا سيما وإخواننا المسلمون في مصر يعرفون اللغة الإنكليزية وغيرها ، وبعض المسلمين في جنوبي أفريقية في جدال عنيف : منهم من يجوز ، ومنهم من يقول غير جائز . أفيدونا ولكم الأجر والثواب من الله تعالى .جواب : اعلم أن القرآن هو النظم ، أي : اللفظ الدال ؛ لأنه الموصوف بالإنزال والإعجاز وغير ذلك من الأوصاف التي لا تكون إلا للفظ . وأما المعنى ، وحده فليس بقرآن حقيقة . وقيل : إن القرآن حقيقة هو المعنى ويطلق على اللفظ مجازا . والحق هو الأول
.
|
(الجزء رقم : 7، الصفحة رقم: 396) |
|
وعليه فلا يجوز قراءة القرآن بغير العربية لقادر عليها ، وتجوز القراءة والكتابة بغير العربية للعاجز عنها ، بشرط أن لا يختل اللفظ ولا المعنى فقد كان تاج المحدثين الحسن البصري يقرأ القرآن في الصلاة بالفارسية لعدم انطلاق لسانه باللغة العربية . وفي [ النهاية والدراية ] : أن أهل فارس كتبوا إلى سلمان الفارسي بأن يكتب لهم الفاتحة بالفارسية ، فكتب فكانوا يقرءون ما كتب في الصلاة حتى لانت ألسنتهم ، وقد عرض ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم ولم ينكر عليه . وفي [ النفحة القدسية في أحكام قراءة القرآن وكتابته بالفارسية ] ما يؤخذ منه حرمة كتابة القرآن بالفارسية إلا أن يكتب بالعربية ويكتب تفسير كل حرف وترجمته ، ويحرم مسه لغير الطاهر اتفاقا . وفي كتب المالكية أن ما كتب بغير العربية ليس بقرآن ، بل يعتبر تفسيرا له . وفي [ الإتقان ] للسيوطي عن الزركشي أنه لم ير كلاما لعلماء مذهبه في كتابة القرآن بالقلم الأعجمي ، وأنه يحتمل الجواز ؛ لأنه قد يحسنه من يقرؤه بالعربية ، والأقرب المنع ، كما تحرم قراءته بغير العربية ، ولقولهم : القلم أحد اللسانين ، والعرب لا تعرف قلما غير العربي ، وقد قال تعالى
بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ فتلخص من ذلك : أن المنصوص عند الحنفية جواز القراءة والكتابة بغير العربية للعاجز عنها بالشروط المار ذكرها ، وأن الأحوط أن يكتبه بالعربية ، ثم يكتب تفسير كل حرف وترجمته بغيرها ، كالإنكليزية . اهـ .( المنار ) : عندنا مسألتان :انتهى.
وبنحوه في الموسوعة الشاملة:
وعليه فلا يجوز قراءة القرآن بغير العربية لقادر عليها ، وتجوز القراءة والكتابة بغير العربية للعاجز عنها ، بشرط أن لا يختل اللفظ ولا المعنى فقد كان تاج المحدثين الحسن البصري يقرأ القرآن في الصلاة بالفارسية لعدم انطلاق لسانه باللغة العربية . وفي [ النهاية والدراية ] : أن أهل فارس كتبوا إلى سلمان الفارسي بأن يكتب لهم الفاتحة بالفارسية ، فكتب فكانوا يقرءون ما كتب في الصلاة حتى لانت ألسنتهم ، وقد عرض ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم ولم ينكر عليه . وفي [ النفحة القدسية في أحكام قراءة القرآن وكتابته بالفارسية ] ما يؤخذ منه حرمة كتابة القرآن بالفارسية إلا أن يكتب بالعربية ويكتب تفسير كل حرف وترجمته ، ويحرم مسه لغير الطاهر اتفاقا . وفي كتب المالكية أن ما كتب بغير العربية ليس بقرآن ، بل يعتبر تفسيرا له . وفي [ الإتقان ] للسيوطي عن الزركشي أنه لم ير كلاما لعلماء مذهبه في كتابة القرآن بالقلم الأعجمي ، وأنه يحتمل الجواز ؛ لأنه قد يحسنه من يقرؤه بالعربية ، والأقرب المنع ، كما تحرم قراءته بغير العربية ، ولقولهم : القلم أحد اللسانين ، والعرب لا تعرف قلما غير العربي ، وقد قال تعالى { بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ } (1)
فتلخص من ذلك : أن المنصوص عند الحنفية جواز القراءة والكتابة بغير العربية للعاجز عنها بالشروط المار ذكرها ، وأن الأحوط أن يكتبه بالعربية ، ثم يكتب تفسير كل حرف وترجمته بغيرها ، كالإنكليزية . اهـ .
( المنار ) : عندنا مسألتان :
__________
(1) سورة الشعراء الآية 195
انتهى.
وقد ذكر الألوسي في تفسيره المسمى" (روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني):
روي عن الإمام أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه جواز قراءة القرآن بها سواء في ذلك ما كان ثناءا كالإخلاص وغيره وسواء كانت عن عجز عن العربية أم لا وروي عن صاحبيه جواز القراءة في الصلاة بغير العربية لمن لا يحسنها و في النهاية والدراية أن أهل فارس كتبوا إلى سلمان الفارسي أن يكتب لهم الفاتحة بالفارسية فكتب فكانوا يقرأون ما كتب في الصلاة حتى لانت ألسنتهم
وقد عرض ذلك على النبي عليه الصلاة و السلام ولم ينكر عليه نعم الصحيح أن الإمام رجع عن ذلك وفي النفحة القدسية في أحكام قراءة القرآن وكتابه بالفارسية للشرنبلالي ما ملخصه : حرمة كتابة القرآن بالفارسية إلا أن يكتبه بالعربية ويكتب تفسير كل حرف وترجمته وحرمة مسه لغير الطاهر إتفاقا كقراءة وعدم صحة الصلاة بافتتاحها بالفارسية وعدم صحتها بالقراءة بها إذا كانت ثناءا واقتصاره عليها مع القدرة على العربية وعدم الفساد بما هو ذكر فسادها بما ليس ذكرا بمجرد قراءته ولا يخرج عن كونه أميا وهو يعلم الفارسية فقط وتصح الصلاة بدون قراءة للعجز عن العربية على الصحيح عند الإمام وصاحبيه وأطال الكلام في ذلك
... إلخ.
انتهى.
وهذا مقال في مسألة ترجمة القرآن الكريم أنقل منه ما يلي:
يبقى الكلام بعد ذلك في الأثر المنقول عن سلمان الفارسي، ومجمل ما يقال فيه: هذا الأثر نقله صاحب النهاية والدراية بلفظ هذا نصه: (إن أهل فارس كتبوا إلى سلمان الفارسي أن يكتب لهم الفاتحة بالفارسية فكتب فكانوا يقرءون ما كتب في الصلاة حتى لانت ألسنتهم، وقد عرض ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم ولم ينكر عليه) ونقل هذا الأثر الإمام النووي في المجمع بلفظ هذا نصه: (إن قوماً من أهل فارس طلبوا من سلمان الفارسي أن يكتب لهم شيئاً من القرآن فكتب لهم الفاتحة بالفارسية) واقتصر على هذا في الرواية، ولم ينقل أنهم كانوا يقرءون بها في الصلاة، وأن سلمان الفارسي عرض ذلك على النبي ولم ينكر عليه.
هذا الأثر لا يصح التمسك به ولا الاحتجاج به على جواز ترجمة القرآن لأمور:
أولا: أن رواة الحديث الذين احتاطوا في تمييز الحديث الصحيح من الضعيف من الموضوع مثل البخاري ومسلم والإمام مالك وأحمد لم يذكروا ذلك الحديث في كتبهم مع وجود الداعي إلى نقله لو كان صحيحا، وهو تعلق حكم شرعي به، من جواز الصلاة بغير العربية، وجواز ترجمة القرآن، ومس ذلك المترجم، وغير ذلك من الأحكام.
ثانيا: أنه حصل اختلاف في لفظه بالزيادة والنقص كما سمعته، وهذا يوجب الاضطراب.
ثالثا: أنه مخالف للمجمع عليه من عدم جواز الترجمة للوجه الذي سمعته في صدر الكلام، وحينئذ فلا يصح التمسك بهذا الأثر ولا النظر إليه.
ومن هذا الذي تقدم يظهر لك جلياً أن الأئمة الأربعة أجمعوا على عدم جواز كتابة القرآن بغير العربية، وعلى عدم جواز الترجمة، وعلى أن ما كان بغير العربية لا يسمى قرآنا لإنعدام اللفظ العربي المخصوص، وعلى أن القادر على العربية إذا قرأ بغيرها في الصلاة فسدت صلاته، وعلى أن العاجز عنها إذا قرأ بغيرها ما كان قصة أو أمراً أو نهياً فسدت صلاته، لأن ما أتى به ليس قرآنا وهو من كلام الناس فيفسد الصلاة، إلا فيما كان المقروء ذكراً أو تنزيها، فالأئمة الثلاثة قالوا بفساد الصلاة، وأبو حنيفة وأصحابه قالوا بجواز الصلاة، لأن العاجز عن العربية حكمه حكم الأمي فلا قراءة عليه، وإذا أتى بذكر بأي لغة لا تفسد صلاته، فكذلك من كان في حكمه، ومع ذلك فليس تالياً لقرآن لعدم اللفظ العربي. والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله. وهناك نقطتان نود العودة إليهما
الأولى: تتعلق ببيان منزلة رواة رجوع أبي حنيفة المذكور
الثانية: تتعلق بالتوفيق المذكور بين القول بالفساد والقول بعدم الفساد
التوفيق المذكور هو بالنسبة للقادر على العربية، وموضوع الكلام في العاجز عنها، وفيه التفصيل بين ما إذا كان المقروء قصة وما إذا كان ذكرا، ولكن سنده قول ابن الهمام في تحريره: (والوجه في العاجز أنه كالأمي فلو أدى به قصة فسدت لا ذكرا) ومعنى هذا أنه يجعل العاجز عن العربية كالأمي في أنه لا قراءة عليه، وأمن المؤدي بلغة أخرى إن كان قصة فسدت صلاته، لأنه متكلم بكلام غير القرآن وليس ذكرا، وإن كان ذكراً لا تفسد، لأن الذكر بأي لسان لا يفسد الصلاة، وعلى كل فليس تالياً لقرآن. وهذا التفصيل الذي ذكره ابن الهمام هو الذي يتمشى مع المتفق عليه المذكور أولا، وقد ذكر صاحب طبقات الحنفية نقلاً عن صاحب البحر أن الكمال بن الهمام من المرجحين في المذهب، بل قال بعضهم إنه من المجتهدين. ومن اطلع على تحقيقاته ودقة نظره في الأدلة يدرك صحة ما ذكره صاحب البحر. وكثيراً ما تذكر عبارات مطلقة في كتب المتقدمين وتكون مقيد في الواقع نظراً لأدلة اقتضت ذلك، مثل أصل مجمع عليه، أو فروع يؤخذ منها ذلك. فهذا الذي رآه ابن الهمام هو الأجدر بالاتباع.من التراث
انتهى.
وهذه مداخلة هامّة ومُفيدة برقم 6# من موضوع في ملتقى أهل التفسير (للعضو جمال الدين عبد العزيز):
كتبت التعليق السابق واستعنت برواية ترجمة سلمان للفاتحة بالفارسية وكنت أراها في حينها رواية معقولة مقبولة ولكن توقفت فيها ، ورأيت أن توثيقها من الضرورة بمكان كما طالب أخونا مرهف سقا
وهذه الرواية قد ترتب عليها عدة أمور كما سيأتي .
وقد جاءت تلك الرواية التي تروى عن ترجمة سلمان بهذا اللفظ "روي أن أهل فارس كتبوا إلى سلمان الفارسي أن يكتب لهم الفاتحة بالفارسية فكتب فكانوا يقرأون ما كتب في الصلاة حتى لانت ألسنتهم" .
وقيل إن الإمام أبا حنيفة قد جوّز قراءة القرآن بها - استنادا على ذلك- سواء كان ذلك عن عجز عن العربية أم لا ؛ إذ أن المقصود عند أبي حنيفة هو الذكر وذلك حاصل بكل لسان ، وقيل أيضا إن الله تعالى قال: "وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ" و قال "إن هذا لفي الصحف الأولى " وقد كان ذلك بلسانهم لا بالعربية ولو آمن الإنسان من خلال لغة أخرى كان مؤمنا
وهذا أمر مستغرب ، لكن قال الألوسي في تفسيره إن الإمام أبا حنيفة قد رجع عن ذلك
القرآن المترجم في الصلاة :
قيل ليس عند الأحناف إلا قول واحد، وهو جواز قراءة القرآن بغير العربية فى الصلاة للعاجز عن العربية .وهذا أمر مقبول جدا ، وليس كالرأي الذي رجع عنه الإمام
وقال بعض من يجوزون الصلاة بغير العربية لمن لا يعرفها: إن النظم مقصود للإعجاز وحالة الصلاة المقصود من القرآن فيها المناجاة لا الإعجاز فلا يكون النظم لازما فيها
واعترض ابن نجيم الحنفي على ذلك بأنه مردود لأنه معارضة للنص بالمعنى فإن النص قد طُلب بالعربية و، هذا التعليل يجيزه بغيرها
وعند الشافعي لا تجوز القراءة بغير العربية بحال ، وإن كان الإنسان لا يحسن العربية وهو أمي فله أن يصلي بغير قراءة ؛ إذ أن اللغة الأخرى من كلام الناس فلذلك هي تفسد الصلاة
توثيق رواية ترجمة سلمان :
من الملاحظ أن كل الذين أشاروا إلى رواية كتابة سلمان للفاتحة بالفارسية نحو الألوسي وابن نجيم الحنفي والزرقاني قد أحالوا إلى كتاب "النهاية والدراية" و لم أعثر على هذا الكتاب ولا هذه الرواية لا في مسند أبي حنيفة ولا غيره ولم أجد من أشار إليها في كتب الحديث ، وحسبي أن هذا الخبر - على أهميته - لم يخرِّجه كبار رجال الحديث
وغالبا ما يشار في ذلك أيضا إلى كتاب "المبسوط" للسرخسي وكتاب النووي المجموع شرح المهذب وهو شرح لكتاب المهذب للشيرازي وقد رجعت إلى هذه الكتب الثلاثة فوجدت النووي والسرخسي يقولان " روي عن سلمان " بلا إسناد ولا تعليق أما الشيرازي فلم يشر لذلك أبدا ، و كذلك يشار في تلك الرواية إلى كتاب "النفحة القدسية في أحكام قراءة القرآن وكتابته بالفارسية" للشرنبلالي وهو أبو الإخلاص : حسن بن عمار بن يوسف الوفائي المصري وهو فقيه حنفي كان مدرساً بالأزهر ، وتوفي سنة 1069هـ
وقد جاء الشيخ الزرقاني في مناهل العرفان في علوم القرآن بهذه الرواية من كتاب الشربنلالي بلفظ آخر وهي "روي أن أهل فارس كتبوا إلى سلمان أن يكتب لهم الفاتحة بالفارسية فكتب لهم: "بسم الله الرحمن الرحيم "بنام يزدان يحشايند" فكانوا يقرؤون ذلك في الصلاة حتى لانت ألسنتهم وبعد ما كتب عرضه على النبي كذا في المبسوط قاله في النهاية والدراية" ثم رد الزرقاني هذه الرواية للآتي :
- هذا خبر مجهول الأصل لا يعرف له سند فلا يجوز العمل به
- إن الخبر لو كان لنقل وتواتر لأنه مما تتوافر الدواعي على نقله وتواتره
- إنه يحمل دليل وهنه فيه ذلك أنهم سألوه أن يكتب لهم ترجمة الفاتحة فلم يكتبها لهم إنما كتب لهم ترجمة البسملة ولو كانت الترجمة ممكنة وجائزة لأجابهم إلى ما طلبوا وجوبا وإلا كان كاتما وكاتم العلم ملعون
- إن المتأمل في الخبر يدرك أن البسملة نفسها لم تترجم لهم كاملة لأن هذه
الألفاظ التي ساقتها الرواية على أنها ترجمة للبسملة لم يؤت فيها بلفظ مقابل للفظ الرحمن وكأن ذلك لعجز اللغة الفارسية عن وجود نظير فيها لهذا الاسم الكريم. وهذا دليل مادي على أن المراد بالترجمة هنا الترجمة اللغوية لا العرفية على فرض ثبوت الرواية
- قد وقع اختلاف في لفظ هذا الخبر بالزيادة والنقص ؛ وذلك موجب لاضطرابه ورده والدليل على هذا الاضطراب أن النووي في المجموع نقله بلفظ آخر هذا نصه: "إن قوما من أهل فارس طلبوا من سلمان أن يكتب لهم شيئا من القرآن فكتب لهم الفاتحة بالفارسية". وبين هذه الرواية وتلك مخالفة ظاهرة إذ إن هذه ذكرت الفاتحة وتلك ذكرت البسملة بل بعض البسملة ثم إنها لم تعرض لحكاية العرض على النبي أما تلك فعرضت له.
- إن هذه الرواية على فرض صحتها معارضة للقاطع من الأدلة القائمة على استحالة الترجمة وحرمتها ومعارض القاطع ساقط.
انتهى.
هذا، والله أعلم.