العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

شرح تذليل العقبات بإعراب الورقات

إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,456
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
أما بعد
فقد عزمت مستعينا بالله تعالى على البدء في إعراب متن الورقات لإمام الحرمين أبي المعالي الجويني – رحمه الله تعالى- والتحشية عليه بما تيسر، وهو كتاب قال فيه شارحوه: " كتاب صغر حجمه، وكثر علمه، وعظم نفعه، وظهرت بركته"[1] وكان هذا تلبية لرغبة بعض الإخوة في ذلك، وقد كنت قدَّرْتُ في نفسي أن أكتفي بإعراب المتن وأن أترك الشرح للشراح؛ حيث أن هذا هو المطلوب فكتبت شيئا على هذا التقدير، وفي أثناء ذلك كنت أرجع إلى الشروح والحواشي: لألتقط من فوائدها، وأغتنم من فرائدها؛ كما كنت أصنع من قبل ذلك حين صنعت النسخة المصححة من المتن؛ فرأيت أن أقيد شيئا من هذه الفوائد والدرر، وأنثرها بين ما أكتبه، وإن أدى ذلك إلى طول الشرح وخلط الأصول بالنحو.فإن قلت: الاختصار أفضل.قلت: الاختصار كثير والحصول عليه يسير، ولو كان كل من يكتب يكتب اختصارا، لكان تَكرارا، لا يختلف إلا بالسياق أو العباره، فدعني أصنع لك حاشية لا كالحواشي، أعيذها بالله من كل واشية وواشي.
هذا، ومن منهجي في العمل:
1- أن أكتب الفقرة المراد شرحها من المتن باللون الأحمر الثقيل.
2- ثم أبدأ بإعرابها كلمة كلمة، وأضع كلَّ كلمةٍ في أول السطر بين قوسين وأميزها بالخط الأحمر الثقيل وبوضع خط تحتها، ثم أعربها في أول مرة إعرابا تفصيليا حتي لو كان إعرابها واضحا، فأقول مثلا: (مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره)، وهكذا، فإذا تكرر مثل هذا قلت: (مبتدأ) ولا أزيد إلا أن يكون الإعراب تقديريا أو محليا أو فيه إشكال فأنص عليه.
3- لا أعني بالإعراب التفصيلي ذكرَ كل وجوه الإعراب المحتملة، بل لا أعني بها إلا ما سبق وانظر التالي.
4- قد تحتمل الكلمة وجهين أو أكثر من وجوه الإعراب فاعلم أنه ليس من شَرطي ذكرها كلها، بل لا أذكر إلا ما حضرني منها، فإن اتفق لك وجه لم أذكره فاعلم أني لم أذكره لإحدى ثلاث:
الأولى- أني أجهله.
الثانية- أني تركته عمدا لعدم تيقني منه.
الثالثة- أني تركته مخافة التشويش على القارئ، إلا في البسملة؛ فإن العلماء قد كفَوْني أمرها؛ فأنا فيها تابع لا غير ويقتصر عملي على توضيح ما قالوه بما يناسب المقام.
5- بعد الإعراب أذكر المعنى على وجه الاختصار.
6- أشرع بعد ذلك في فقرة عنوانها: [قال صاحبي] وفيها أذكر: الفوائد المستخرجة، والزوائد المستنبطة، وأُورِدُ فيها من الإشكالات التي قد تعترض الطالب؛ فتسبب سوء الفهم أو عدمه، بطريق الحوار بيني وبين صاحبي حتي يزول الإشكال والإيراد، ويتضح المعنى المراد.واعلم أن الإشكال المذكور قد يكون على عبارة المصنف وقد يكون على ما يذكره المُحَشِّي، وقد يكون في النحو وقد يكون في الأصول، وقد أطيل في النحو عن الأصول لا سيما إذا كانت عبارة المتن مما لا تحتاج إلى بيان؛ لأن المتن قد خُدِمَ في جانب الأصول بما لا مزيد عليه ولا كذلك في باب الإعراب والنحو؛ فلهذا قد أترك بعض الفقرات دون الإطالة في بيانها من جهة الأصول، بل لا تكون الإطالة إلا من جهة النحو؛ فلا وجه لمعترض بعد ذلك أن يقول: المتن حَالِ[2] والشرح خالي.
والله الموفق.
وقبل الشروع في المقصود :حمل نسختين مصححتين من متن الورقات من هنا:
https://feqhweb.com/vb/threads/.18403
وهذا أوان الشروع في المقصود بعون الملك المعبود

________________________________________
[1] قرة العين شرح ورقات إمام الحرمين للحطاب المالكى 2 بهامش حاشية السوسي على قرة العين ط. المطبعة التونسية
[2] حال: من الْحِلْيَةِ يقال: حليت المرأة وهي حال وحالية.
 

د. خلود العتيبي

:: فريق طالبات العلم ::
إنضم
27 يونيو 2009
المشاركات
1,052
التخصص
أصول فقه
المدينة
... ... ...
المذهب الفقهي
... ... ...
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,456
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: تذليل العقبات بإعراب الورقات

فتح الله عليكم يا دكتور إبراهيم ...،وشكر الله لكم على المواصلة ...
وفتح الله عليكم يا شيخنا وزادكم علما وفضلا

ووالله لقد زادني شرفا التواصل مع فضيلتكم وأحاط بي السرورُ من كل جانب حتى ما أجد عنه مهربا

بارك الله فيكم ورفع منزلتكم في الدنيا والآخرة
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,456
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: تذليل العقبات بإعراب الورقات

اللهم آمين .. يارب بالفعل شكر الله لكم د. إبراهيم، وجزاكم خير الجزاء ..
وشكر الله لكِ وجزاك خير الجزاء وفتح عليكِ أبواب فضله ورحمته وزادكِ علما وفضلا وبالفعل فإنه مما يسعدني جدا متابعتك أنت وباقي الإخوة الذين يُشَرِّفوني بقراءة ما أكتبه هنا من هذا البحث المتواضع وإن كان شاقا وأرجو من الله عز وجل أن ينفعني به وأن ينفع به إخواني وأخواتي وأن يجعله خالصا لوجهه الكريم وألا يكون لغيره فيه نصيب بارك الله فيك يا أختاه ويسر لك الأمور في الدنيا والآخرة وحقق لك ما تتمنيه
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,456
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: تذليل العقبات بإعراب الورقات

(وَ): الواو للاستئناف البيانى فكأن قائلا قال له: وما الحواس الخمس الظاهرة فقال: وهى السمع الخ
(هِيَ): مبتدأ، ضمير مبنى على الفتح فى محل رفع
(السَّمْعُ): وما عطف عليه خبر
(وَالْبَصَرُ، وَالشَّمُّ، وَالذَّوْقُ، وَاللَّمْسُ):كل واحد منها معطوف على (السمع) والمعطوف على المرفوع مرفوع.
(أَوْ): حرف عطف
(بِالتَّوَاتُرِ): الجار والمجرور معطوف على (بإحدى) من قوله: "كالعلم الواقع بإحدى الحواس"
(وَ): عاطفة
(أَمَّا): حرف تفصيل وتوكيد فيه معنى الشرط، لكنه لم يُرِدْ به هنا شيئا من ذلك بل هو حرف زائد.
(الْعِلْمُ): مبتدأ
(الْمُكْتَسَبُ): نعت لـ (العلم)
(فَـ): واقعة فى جواب (أمَّا) وتسمى (فاء الجزاء)
(هُوَ): مبتدأ
(الْمَوْقُوفُ): خبر، والجملة من المبتدإ والخبر وما تعلق بهما فى محل رفع خبر (العلم)
(عَلَى النَّظَرِ): الجار والمجرور متعلق بـ (الموقوف)
(وَالِاسْتِدْلَالِ): معطوف على (النظر)
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,456
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: تذليل العقبات بإعراب الورقات

فَـ): واقعة فى جواب (أمَّا) وتسمى (فاء الجزاء)
(هُوَ): مبتدأ
(الْمَوْقُوفُ): خبر، والجملة من المبتدإ والخبر وما تعلق بهما فى محل رفع خبر (العلم)
لعل الأولى هنا أن نقول: الخبر محذوف للعلم به والتقدير: (وأما العلم المكتسب فنقول هو الموقوف ... الخ) (فالقول) المحذوف هو الخبر، وجملة (هو الموقوف ... الخ) في محل نصب مقول القول، وذلك لأن حذف القول من الكلام كثير مطرد
والله أعلم




المعنى: العلم الحادث وهو علم المخلوق ينقسم إلى قسمين: علم ضروري وعلم مكتسب:
فالعلم الضروري: ما لايمكن للإنسان دفعه عن نفسه ولا يمكنه إنكاره: كالعلم الحاصل بالسمع أو البصر وباقى الحواس الخمس الظاهرة مثال ذلك:
= أن تكون مضطرا إلى التصديق بأن الذى أمامك فلان من الناس
= ومنه أن تسمع صوت صهيل فرس فتعلم أنه صوته
= أو تمس جسما فتعلم أنه ناعم أو خشن
= أو تشم رائحة فتعلم أنها طيبة أو كريهة
= أو تذوق طعاما فتعلم أنه حلو أو حامض وهكذا.
ومن أمثلة العلم الضرورى: العلم المستفاد بالتواتر بمعنى إخبار جماعة كبيرة من الناس يستحيل تواطؤهم على الكذب وذلك مثل أن يعلم مَنْ لم يذهب إلى مصر أن هناك بلدا تسمى مصر وإن لم يرها.
ومن العلوم الضرورية العلم الحاصل ببديهة العقل : كالعلم بأن الكل أعظم من الجزء وأن النفى والإثبات لا يجتمعان.
وأما العلم المكتسب ويسمى (النظرى) أيضا: فهو الذى يحتاج إلى نظر وتأمل وإقامة دليل وذلك مثل: معرفة كثير من أحكام الفقه نحو: المذى نجس، وطواف الوداع واجب وغير ذلك. ومثل: الرياضيات والكيمياء والطب وغيرها من العلوم فمثلا معرفة أن مجموع زوايا المثلث مائة وثمانون درجة هذه حقيقة صحيحة لكنها غير معلومة لكل الناس ولا تحصل بالاضطرار بل لابد لمعرفتها إلى شئ من النظر.
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,456
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: تذليل العقبات بإعراب الورقات

لعل الأولى هنا أن نقول: الخبر محذوف للعلم به والتقدير: (وأما العلم المكتسب فنقول هو الموقوف ... الخ) (فالقول) المحذوف هو الخبر، وجملة (هو الموقوف ... الخ) في محل نصب مقول القول، وذلك لأن حذف القول من الكلام كثير مطردوالله أعلم
سألني أحد الإخوة الكرام عن وجه الأولوية فيما سبق فلما أعدتُ النظر في هذا الاستدراك لم أجد وجها للأولوية المزعومة بل رأيتُ أن الأَوْلَى هو الإعراب الأول: وهو أن الجملة من المبتدإ والخبر في محل رفع خبر، وأما أن الخبر قولٌ محذوف والجملة مقول القول فهذا فيه تكلف في هذا الموضع ثم رجعت إلى ما كتبته في هذا الموضع وإلى سؤالات صاحبي فلم أجد هذا الاستدراك فيه بل محله في موضع آخر وذلك عند قوله :"فأما أقسام الكلام فأقل ما يتركب منه الكلام اسمان ...الخ". فالفاء في قوله :"فأقل" داخلة على قول محذوف كما صرح بذلك ابن قاسم العبادي في الشرح الكبير، ووجه ذلك أنك لو جعلت (أقسام الكلام) مبتدأ، و(أقل ما يتركب منه الكلام اسمان) خبر لم يكن شيئا فإن صورته تكون هكذا: (أقسام الكلام أقل ما يتركب منه الكلام اسمان) فالخبر أجنبي عن المبتدإ فلهذا كان الخبرُ في هذا الموضع قولا محذوفا وجملة (أقل ما يتركب منه الكلام اسمان) مقول القول

فهذا موضع قد اشتبه عليَّ فأعربته أولا على الجادة ثم استدركته خطأً ثم كان هذا الاستدراك الثاني ناسخا للاستدراك الأول ومُثَبِّتٌ لإعراب الأول فلزم التنبيه على ذلك إبراءً للذمة

والله ولي التوفيق
 

محمد بن عبدالله بن محمد

:: قيم الملتقى الشافعي ::
إنضم
15 مايو 2008
المشاركات
1,245
الإقامة
المملكة العربية السعودية
الجنس
ذكر
الكنية
أبو منذر
التخصص
اللغة العربية
الدولة
المملكة العربية السعودية
المدينة
الشرقية
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: تذليل العقبات بإعراب الورقات

جزاك الله خيرا
(أقسام الكلام أقل ما يتركب منه الكلام اسمان)
هل يمكن أن يقال:
أقسام الكلام: مبتدأ
أقل ما يتركب منه الكلام: بدل بعض من كل
اسمان: خبر المبتدأ؟

فإن كان جائزا فهو أولى من تقدير محذوف (نقول)!
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,456
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: تذليل العقبات بإعراب الورقات

وجزاك الله خيرا وأحسن إليك أما بعدفلا شك أن (أقل ما يتركب منه الكلام) بعض (أقسام الكلام) وقد حاولت أن أجد وجها صحيحا لأن يكون (أقل ما يتركب منه الكلام) بدل (بعض من كل) من (أقسام الكلام) فلم أستطع؛ بل حال دون ذلك موانع صناعية ومعنوية، فيما ظهر لي، والله أعلم، وبيانها أن نقول:يلزم على هذا الإعراب محاذير:- منها: ما ذكره النحاة أن بدل الـ (بعض من كل) يلزم أن يشتمل على ضمير يعودعلى المبدل منه نحو: (أكلتُ الرغيف ثلثه) وهنا على هذا الإعراب لا يوجد شئ يربط الكلام بعضه ببعض فيصير مهلهلا؛ إذ تكون صورته: (أقسام الكلام أقل ما يتركب منه الكلام) فهذا كلام مقطوع الأواصر بخلاف (الرغيف ثلثه) وهذا ظاهر إن شاء اللهفهذا مانع صناعي- ومنها: أننا إذا دفعنا هذا القول السابق بأن اشتراط اشتمال بدل الـ (بعض من كل) على ضمير يربطه بالمبدل منه مذهب جمهور النحويين، لا كلهم فيمكن أن يقال إنه ليس بلازم بل غالب كما صرح به ابن مالكفيقال: على التسليم بذلك فإنه يوقعنا في محذور آخر معنوي وهو: أن يكون قوله: (أقل ما يتألف منه الكلام) لا فائدة منه أي يكون لغوا وعبثا فإن صورة الكلام تكون: (أقسام الكلام اسمان ...الخ) فما فائدة قوله: (أقل ما يتركب منه الكلام) على هذا القول؟! فهذا مانع معنوي- ومنها: أنه ظهر مما سبق ومن السياق أيضا أن المصنف أراد أن يخبر عن (أقل ما يتركب من الكلام) أنه (اسمان أو اسم وفعل ...الخ) ثم أن يخبر بهذه الجملة (أقل ما يتركب منه الكلام اسمان أو اسم وفعل ...الخ) عن (أقسام الكلام) ولكنه لما لم يكن ثَمَّ رابط يربط هذه الجملة المراد لها أن تكون خبرا، بالمبتدإ (أقسام الكلام) احتجنا إلى التقدير فقلنا: الخبر محذوف للعلم به والتقدير: (فأما أقسام الكلام فنقول: أقل ما يتركب منه الكلام اسمان أو اسم وفعل... الخ) فكان التقدير هنا حسنا غير متكلف فهذا ما ظهر لي والله أعلم
 

محمد بن عبدالله بن محمد

:: قيم الملتقى الشافعي ::
إنضم
15 مايو 2008
المشاركات
1,245
الإقامة
المملكة العربية السعودية
الجنس
ذكر
الكنية
أبو منذر
التخصص
اللغة العربية
الدولة
المملكة العربية السعودية
المدينة
الشرقية
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: تذليل العقبات بإعراب الورقات

منها: ما ذكره النحاة أن بدل الـ (بعض من كل) يلزم أن يشتمل على ضمير يعودعلى المبدل منه نحو: (أكلتُ الرغيف ثلثه) وهنا على هذا الإعراب لا يوجد شئ يربط الكلام بعضه ببعض فيصير مهلهلا؛ إذ تكون صورته: (أقسام الكلام أقل ما يتركب منه الكلام) فهذا كلام مقطوع الأواصر بخلاف (الرغيف ثلثه) وهذا ظاهر إن شاء اللهفهذا مانع صناعي
الضمير في (منه) هو الرابط

منها: أننا إذا دفعنا هذا القول السابق بأن اشتراط اشتمال بدل الـ (بعض من كل) على ضمير يربطه بالمبدل منه مذهب جمهور النحويين، لا كلهم فيمكن أن يقال إنه ليس بلازم بل غالب كما صرح به ابن مالكفيقال: على التسليم بذلك فإنه يوقعنا في محذور آخر معنوي وهو: أن يكون قوله: (أقل ما يتألف منه الكلام) لا فائدة منه أي يكون لغوا وعبثا فإن صورة الكلام تكون: (أقسام الكلام اسمان ...الخ) فما فائدة قوله: (أقل ما يتركب منه الكلام) على هذا القول؟! فهذا مانع معنوي
قوله: (أقسام الكلام: اسمان ...) حصر ناقص، فأقسامه كثيرة جدا يصعي حصرها، فقد يتكون من حرف واسمين كـ(ما محمد قائم)، ومن حرفين واسمين كـ(لا رجل في الدار)، وووو.
لكن أقله لا يمكن تصوره إلا أن يكون اسمان ...
فالكلام مفيد، تام.

وما لا يحتاج إلى تقدير أولى مما يحتاج إلى تقدير

وهل لك أن تعربه:
أقسام الكلام: مبتدأ
أقل ما يتركب منه الكلام: مبتدأ ثان
اسمان: خبر المبتدأ الثاني
والجملة الاسمية خبر (أقسام الكلام).
والرابط إعادة المبتدأ كقوله تعالى: {الحاقة ما الحاقة}؟
 
إنضم
24 أغسطس 2012
المشاركات
480
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
-
المدينة
محج قلعة مقيم بمصر
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: تذليل العقبات بإعراب الورقات

بارك الله فيكما ونفع بعلومكما

أظن هذا الوجه من الإعراب واضح لا تكلف فيه
أقسام (الكلام): مبتدأ
أقل (ما يتركب منه الكلام): مبتدأ ثان
اسمان وما عطف عليه: خبر المبتدأ الثاني
والجملة الاسمية خبر أقسام (الكلام).
والرابط إعادة المبتدأ كقوله تعالى: {الحاقة ما الحاقة}؟

ولكنه لما لم يكن ثَمَّ رابط يربط هذه الجملة المراد لها أن تكون خبرا، بالمبتدإ (أقسام الكلام) احتجنا إلى التقدير فقلنا: الخبر محذوف للعلم به والتقدير: (فأما أقسام الكلام فنقول: أقل ما يتركب منه الكلام اسمان أو اسم وفعل... الخ) فكان التقدير هنا حسنا غير متكلف
حتى على هذا التقدير ما زالت الجملة خالية من الرابط
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,456
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: تذليل العقبات بإعراب الورقات

الضمير في (منه) هو الرابط
لا شك أن الضمير في (منه) ليس هو الرابط،
ولا شك أيضا أن هذا مما لا يخفى على مثل الشيخ محمد بن عبد الله



قوله: (أقسام الكلام: اسمان ...) حصر ناقص، فأقسامه كثيرة جدا يصعي (= يصعب) حصرها، فقد يتكون من حرف واسمين كـ(ما محمد قائم)، ومن حرفين واسمين كـ(لا رجل في الدار)، وووو.
لكن أقله لا يمكن تصوره إلا أن يكون اسمان ...
فالكلام مفيد، تام.

وما لا يحتاج إلى تقدير أولى مما يحتاج إلى تقدير
هذا الكلام يدل على أن العيب عندي لأني لم أُحسِن التعبير عما أردتُ فيما سبق، وإلا فكلامي لا يخالف ما ذكره الشيخ محمد هنا بل إني تركت التنصيص على أن هذا حصر ناقص لوضوحه
ولهذا فسأحاول إعادة صياغة ما أردت بيانه في المشاركة السابقة فأقول:
لو أعربنا (أقسام الكلام) مبتدأ
و(أقل ما يتركب منه الكلام) بدل بعض من كل من (أقسام الكلام)
و(اسمان ...) خبر
لكان من الواضح أننا نُخْبِر بـ (اسمان ...) عن (أقسام الكلام) إذِ الخبر إنما يؤتَى به ليُخْبِرَ عن المبتدإ، والمبتدأ هنا هو (أقسام الكلام) وليس (أقل ما يتركب منه الكلام) وعلى هذا تكون صورة الكلام (أقسام الكلام اسمان ...) وهذا يوقعنا فيما ذكره الشيخ محمد وهو الحصر الناقص؛ إذ إنك تخبر بـ (اسمان...) وما بعده عن (أقسام الكلام) وهذا لا يشمل كل أقسام الكلام كما هو ظاهر فهذا عيب معنوي يمنع أن يكون (اسمان ...) وما بعده خبرا عن (أقسام الكلام)
وإذا كان (أقسام الكلام) مبتدأ
و(اسمان ...) خبر
كان قوله: (أقل ما يتألف منه الكلام) لغو لا فائدة من ذِكْرِه
وبالطبع فالمعنى واضح جدا وهو أن قوله: (اسمان ...) وما بعده خبر عن قوله (أقل ما يتألف منه الكلام)
فكون (أقل ما يتألف منه الكلام) مبتدأ
و(اسمان ...) خبر
هذا مما لا نزاع فيه، أو هكذا ينبغي أن يكون لأنه من الوضوح بمكان
وأما الإشكال حقا فهو في قوله: (أقسام الكلام) فإنه مبتدأ يحتاج إلى خبر،
- فلو جعلنا الخبر هو جملة: (فأقل ما يتركب منه الكلام اسمان ...) المُكَوَّنةِ من مبتدإ (أقل) وخبر (اسمان ...) لم يكن هناك رابط يربط المبتدأ (أقسام الكلام) بجملة الخبر (أقل ... اسمان) فهذا مانع صناعي كما تقدم
وإن جعلنا الخبر (اسمان ...) وما بعده أوقعنا هذا في مانع معنوي وهو (الحصر الناقص) كما ذكر الشيخ محمد
وثانيا أن يكون قوله: (فأقل ما يتركب من الكلام) حشوا لا فائدة منه، ولكن السياق يدل على أنه ليس حشوا بل هو مقصود ذِكْرُهُ والتنصيص عليه لذاته
وأما قول الشيخ:
وهل لك أن تعربه:
أقسام الكلام: مبتدأ
أقل ما يتركب منه الكلام: مبتدأ ثان
اسمان: خبر المبتدأ الثاني
والجملة الاسمية خبر (أقسام الكلام).
والرابط إعادة المبتدأ كقوله تعالى: {الحاقة ما الحاقة}؟
فقد تبين أن إعراب (أقل ما ...) مبتدأ، و(اسمان ...) خبرا هو الصواب لكن الإشكال في جعل هذه الجملة خبرا عن (أقسام الكلام) إذ لا رابط يربط المبتدأ بالخبر كما سبق
وأما أن يكون الرابط هو إعادة المبتدإ كقوله تعالى: {الْحَاقَّةُ مَا الْحَاقَّةُ} فهذا غير جائز أيضا؛ لأن الرابط في مثل هذا الموضع يكون بإعادة المبتدإ بلفظه كالآية التي ذكرها الشيخ وكقوله تعالى: {الْقَارِعَةُ مَا الْقَارِعَةُ}
وأيضا فإن إعادة المبتدإ بلفظه أكثر ما يكون في مواضع التفخيم والتهويل كالآيتين السابقتين، وقد يكون في مواضع التحقير نحو: (زيد ما زيد) إذا أردت تحقير شأنه، فتأمل
وقد يقال: هل يمكن أن يكون الكلام هنا غير مفتقر إلى رابط لأن جملة الخبر هي نفس المبتدإ في المعنى وما كان كذلك لم يفتقر إلى رابط؟
فالجواب: أن هذا لا يجوز أيضا لأن جملة: (أقل ما يتألف منه الكلام اسمان) ليست هي (أقسام الكلام) في المعنى بل هي بعض أقسام الكلام
وقد فَرَّ ابن قاسم العبادي من هذا كله فجعل الخبر قولا محذوفا فقال: (فأقل) أي فنقول أقل ا.هـ [الشرح الكبير على الورقات 121] فأظهر الخبرَ المقدَّرَ بقوله: (أي فنقول أقل)



حتى على هذا التقدير ما زالت الجملة خالية من الرابط
وهذا كلام صحيح فجملة القول المحذوف التي قدَّرَها ابن قاسم - وتبعته عليها - أجنبية عن المبتدإ (أقسام الكلام) فما زال الإشكال قائما: أين خبر (أقسام الكلام)
وأما لماذا أعربته أنا بتقدير قول محذوف فهذا واضح وهو أني لما لم أجد خبر المبتدإ هنا بحثت عمن هو أعلم مني بذلك أن يكون قد وجده فوجدت ابن قاسم قد ذكر ما سبق فتبعته على ذلك على ما فيه

والله أعلم
 
إنضم
31 مارس 2009
المشاركات
1,277
الإقامة
عدن
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
لغة فرنسية دبلوم فني مختبر
الدولة
اليمن
المدينة
عدن
المذهب الفقهي
شافعي
رد: تذليل العقبات بإعراب الورقات

الإعراب الذي ذكره الأخ الفاضل محمد بن عبدالله صحيح. والله أعلم.
أي أن (أقسام الكلام) مبتدأ
و(أقل ما يتركب منه الكلام) مبتدأ ثاني.
و(اسمان) خبر المبتدأ الثاني.
وذلك لتضمن جملة المبتدأ الثاني وخبره لمعنى المبتدأ، ولم يشترطوا أن يكون المتضمِّن كل المبتدأ ولا كل الخبر ولا المجموع.
أما بيان التضمن، فذلك قوله (ما يتركب منه الكلام) فإنه بمعنى (أقسام الكلام).
لذا يجوز الإستعاضة عنها بضمير فتقول : (أقسام الكلام أقلها إسمان) فهذا الضمير العائدة على المبتدأ هو المصرح بها في قول أبي المعالي : (ما يتركب منه الكلام).
وهذا كقوله سبحانه : {والذين يمسكون بالكتب وأقاموا الصلاة إنا لا نضيع أجر المصلحين} فجعلوا المتضمن لمعنى المبتدأ قوله سبحانه {مصلحين} وليس بمبتدأ ولا خبر، إذ يكفي في الربط التضمن فقط.
والله أعلم
 
التعديل الأخير:
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,456
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: تذليل العقبات بإعراب الورقات

[قال صاحبى]
قال صاحبى: لماذا قلتَ: (السمعُ) وما عطف عليه خبر؟
قلت: لأن المبتدأ (هي) مصدوقه جمع لأنه يعود على (الحواس الخمس) وهي جمع، و(السمع) مفرد ولابد من التطابق بين المبتدإ والخبر فلهذا قلت: السمع وما عطف عليه خبر
قال: ذكرتَ: أن (ما) فى قوله: "ما لم يقع" معرفة تامة خاصة بمعنى (العِلْم).
قلت: نعم.
قال: ولم تذكر جواز كونها نكرة موصوفة فلعلك غفلت عن هذا
قلت: لا، لم أغفل عنه لكنْ لا يصح أن تكون (ما) هنا نكرة موصوفة كما ذكرتَ.
قال: ولِمَ ؟
قلت: لأنها حينئذ تقدر بكلمة (شئ) فيكون التقدير: (العلم الضروريُّ شئٌ لم يقع عن نظر واستدلال)
قال: وأي شئ فى ذلك ؟
قلت: فيه أن التعريف يكون غير مانع؛ لأنه يتناول الظن والتقليد فى الجملة ولا يسمى واحدا منهما علما مع أنه يَصْدُقُ على كل منهما: (شئ لم يقع عن نظر واستدلال)، فالصواب أن (ما) هنا معرفة تامة بمعنى (العلم).
قال: حسنا، ولكن لِمَ لَمْ تجعلها معرفة ناقصة؟
قلت: هذا ضعيف أيضا أن تكون (ما) هنا معرفة ناقصة موصولة بمعنى (الذى) لأنها حينئذ تكون نعتا لـ (الضرورى)
قال: وماذا في هذا أيضا؟
قلت: فيه أن التقدير يكون حينئذ: (العلم الضرورى: العلم الذى لم يقع الخ) فحذف المنعوت (العلم) وأقام النعت - (ما) بمعنى الذى - مقامه وهذا لا يجوز، أو ضعيف
قال: ولِمَ ؟
قلت: لأن (ما) بمعنى (الذى) لا تكون نعتا للمعارف بخلاف (الذى) فإنه يكون نعتا للمعارف كما نص على ذلك أبو حيان[1].
قال: لماذا قلت: إن (أَمَّا) فى قوله: "وأما العلم المكتسب الخ" حرف زائد، ولم ترض أن يكون حرف تفصيل وتوكيد وشرط؟
قلت: أما التفصيل فلم يُرِدْهُ هنا وإلا لذَكَرَهُ فى بداية الموضع الذى بدأ التفصيل فيه وهو قوله:"والعلم الضرورى ... الخ"، والتفصيل غالب حال (أما) كما فى المغنى، وليس بلازم لها كما فى الدسوقى[2].
وأما التأكيد فغير مراد أيضا لأنه فى مقام ذِكْرِ حَدٍّ وتعريفٍ لشئ ولا يستدعى هذا المقامُ تأكيدا، فتأمل.
وليس حرف شرط أيضا كما ذكر المحققون بل فيه معنى الشرط للزوم الفاء فى جوابه.
بقى أنه زائد وهو الظاهر
قال: فما سبب زيادته هنا ؟
قلت: سبب زيادته هنا نفى توهم عطف قوله:[color="#0000cd[u]"] "والعلم المكتسب[/u]" [/color]على قوله:"العلم الواقع بإحدى الحواس" إذِ الصحيح أنه معطوف على قوله: "العلم الضرورى" لأنه قسَّمَ العلم إلى قسمين: ضرورى ومكتسب فلما ذَكَرَ العلم الضرورى وطال الفصل زاد (أمَّا) لبيان أنه بصدد الحديث عن القسم الثانى من أقسام العلم، فتأمل،
والله أعلم.
___________________________________
[1] البحر المحيط 4/ 80- 81 ت. عادل عبد الموجود وآخرون ط. دار الكتب العلمية، و (ما) فى القرآن الكريم دراسة نحوية /14/ عبد الجبار فتحى زيدان ط. مكتبة الجيل العربى
[2] حاشية الدسوقى على مغنى اللبيب 1/ 81 ط. دار الطباعة.
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,456
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: تذليل العقبات بإعراب الورقات

الإعراب الذي ذكره الأخ الفاضل محمد بن عبدالله صحيح. والله أعلم.
أي أن (أقسام الكلام) مبتدأ
و(أقل ما يتركب منه الكلام) مبتدأ ثاني.
و(اسمان) خبر المبتدأ الثاني.
وذلك لتضمن جملة المبتدأ الثاني وخبره لمعنى المبتدأ، ولم يشترطوا أن يكون المتضمِّن كل المبتدأ ولا كل الخبر ولا المجموع.
أما بيان التضمن، فذلك قوله (ما يتركب منه الكلام) فإنه بمعنى (أقسام الكلام).
لذا يجوز الإستعاضة عنها بضمير فتقول : (أقسام الكلام أقلها إسمان) فهذا الضمير العائدة على المبتدأ هو المصرح بها في قول أبي المعالي : (ما يتركب منه الكلام).
وهذا كقوله سبحانه : {والذين يمسكون بالكتب وأقاموا الصلاة إنا لا نضيع أجر المصلحين} فجعلوا المتضمن لمعنى المبتدأ قوله سبحانه {مصلحين} وليس بمبتدأ ولا خبر، إذ يكفي في الربط التضمن فقط.
والله أعلم
بارك الله فيك وبعد
فقد وقع الاتفاق بيننا أن إعراب (أقل ... اسمان) مبتدأ وخبر، ولكن الإشكال كما تقدم في جعل هذه الجملة (أقل ... اسمان) خبرا عن قوله: "أقسام الكلام" إذ لابد لجملة الخبر من رابط يربطها بالمبتدإ
وأما ادعاء أن (أقل ما يتركب منه الكلام) هو معنى (أقسام الكلام) فهذا لا يُسَلَّمُ إذ أقسام الشئ ليست هي ما يتركب منه الشئ وبيانه بالمثال:
فمثلا نقول: ينقسم البيت إلى أقسام: قسم منها للرجال وآخر للنساء وساحة واسعة يلعب فيها الأطفال، ومكان للسيارة ومخزن للأشياء غير المستعملة وسور يحيط بالبيت
فهذه أقسام للبيت، ولا يمكن أن يفهم منها أن هذه الأقسام هي ما يتركب منه البيت، وإذن فأي شئ يتركب منه البيت؟
الجواب: يتركب البيت من الحجارة والحديد والأسمنت ... الخ
وأيضا فإذا أتيت بخيمة كبيرة وجعلت منها قسما للرجال وآخر للحريم ومجلسا للرجال ... الخ فهذه أقسام بيت من شعَر وليست هي ما يتكون منه هذا البيت بل البيت يتكون من قماش الخيمة والحبال والخشب ... الخ
فإذا تبين أن (أقسام الشئ) ليست هي (ما يتركب منه هذا الشئ) تبين لك أن (أقسام الكلام) ليست هي (ما يتركب منه الكلام) ولهذا فالقول بالتضمن هنا غير صحيح
ثم اعلم أن الربط بإعادة المبتدإ بمعناه مختلف فيه كما قال أبو حيان: " والرابط المختلف فيه إعادة المبتدإ بمعناه لا بلفظه نحو: (زيد جاء أبو بكر) إذا كان أبو بكر كنية ل، أجاز ذلك الأخفش وتبعه ابن خروف ومنعه الجمهور."[1] ا.هـ
استدل الأخفش على ذلك بقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ} [الأعراف: 170] وبيان وجه استدلاله أنه أعرب الآية كالآتي:
الذين: مبتدأ
يمسكون بالكتاب: جملة الصلة
وأقاموا الصلاة: معطوفة على جملة الصلة
إنا: (إن) حرف توكيد ونصب و(نا) اسمها فأصلها (إننا)
لا: نافية
نضيع: فعل مضارع مرفوع والفاعل مستتر وجوبا أي لا نضيع نحن
أجر: مفعول به لـ (نضيع) وهو مضاف
المصلحين: مضاف إليه
وجملة {لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ} خبر (إن)، وجملة { إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ} من (إن) واسمها وخبرها في محل رفع خبر المبتدإ (الذين) والرابط بين المبتدإ وجملة الخبر إعادة المبتدإ بمعناه وذلك أن (المصلحين) هم (الذين يمسكون بالكتاب)
وما ذهب إليه الأخفش وابن خروف هنا ضعيف ضعفه الجمهور والجواب عنه من وجوه:
الأول – أن تقرأ ما قبل هذه الآية وهو قوله تعالى: {وَالدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ} [الأعراف: 169، 170]
إذا قرأت ما سبق فاعلم أنا لا نسلم أن {وَالَّذِينَ} من قوله: {وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ } مبتدأ بل معطوفة على {لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ} أي: والدار الآخرة خير للذين يتقون وخير للذين يمسكون بالكتاب، وهذا ذكره الزمخشري في الكشاف فقد ذكر الوجهين: الابتداء والجر بالعطف[2]
الثاني – سلمنا أن {الَّذِينَ} مبتدأ فلا نسلم أن الخبر هو جملة: { إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ} بل الخبر محذوف وهذه الجملة دليل عليه والتقدير: والذين يمسكون بالكتاب مأجورون
الثالث – سلمنا أن {الَّذِينَ} مبتدأ وجملة { إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ} خبر فلا نسلم أن الرابط إعادة المبتدإ بمعناه بل الرابط أحد ثلاثة أشياء:
1= الرابط ضمير محذوف والتقدير: إنا لا نضيع أجر المصلحين منهم، وهذا رأي البصريين
2= الرابط (أل) في {المصلحين} لأنها تقوم مقام الضمير وهذا رأي الكوفيين والتقدير: لا نضيع أجر مصلحيهم
3= الرابط العموم الذي في الخبر فإن (المصلحين) جنس والمبتدأ (الذين يمسكون ...) فرد من أفراده، وهذا اختيار أبي البقاء العكبري كما نقله السمين في الدر المصون[3]

والله أعلم

[1] ارتشاف الضرب 1118، وهمع الهوامع للسيوطي 2/ 20، ومغني اللبيب لابن هشام/ الخطيب 5/ 591.

[2] الكشاف للزمخشري 2/ 528.

[3] الدر المصون للسمين الحلبي 5/ 507- 508.
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,456
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: تذليل العقبات بإعراب الورقات

قال: أرأيت قولَه: "كالعلم الواقع بإحدى الحواس الخ" أليس قوله: "الواقع" حشوا؟
قلت: ولِمَ ؟
قال:: ألست قد ذكرتَ قبلُ أن بناء المتون على الاختصار ؟
قلت: بلى.
قال:: فلو قال هنا: "العلم الضرورى ما لم يقع عن نظر واستدلال كالعلم بإحدى الحواس الخمس" كان أوجز، أليس كذلك ؟
قلت: نعم، ليس كذلك.
قال:: ولِمَ ؟
قلت: : قد قَدَرْتَ على الجواب، فأخبرنى: لماذا حذفت قوله: "الظاهرة" فلم تقل: "الحواس الخمس الظاهرة" وقد ذكرتَ التعريفَ كله وكان يمكنك ذكر موضع السؤال فقط؟
قال:: وقد لاحظت ذلك ؟
قلت: : نعم، لاحظته.
قال:حذفتها لأنها حشو أيضا، ولا فائدة من الوصف بها؛ لأن المصنف بيَّن الحواس بقوله الآتى: "وهى السمع الخ" فلم يتناول كلامه الحواس الباطنة ليحتاج إلى إخراجها بهذا الوصف.
قلت: قد كنت أعلم أنك تظن ذلك فاسمع جواب ما ذكرت.
قال:هات.
قلت: : أما لفظ (الواقع) فإنه زاده لئلا يُتَوَهَّمَ أن المعلوم هو قوله: "بإحدى" فيكون قوله: "كالعلم بإحدى الحواس" محتملا أن يكون معناه: أن يكون عند الشخص علم ومعرفة بإحدى هذه الحواس، يعني أنه يعرف إحدى هذه الحواس ومقابل ذلك أنه يجهل هذه الحواس فلا يعرفها، وليس هذا المراد بل المراد أن هذه الحواس هي الآلة التي يحصل العلم بواسطتها.
وأما قوله: "الظاهرة" فقد احترز به عن الحواس الخمس الباطنة التى يثبتها الفلاسفة، ففائدة النص على (الظاهرة) التنبيه على أن ثمت حواس أخرى باطنة لمن لا يعرفها وأما من يعرفها فإنه يخبره أن هذه الحواس الباطنة ليست مما يشمله التعريف، فنبَّهَ واحترز بقوله: "الظاهرة" ومنع من الالتباس وسوء الفهم بقوله: "الواقع".
قال:: ياله من إمام ! لله درُّه ! ما كنت أحسبه بهذه الدقة فى هذا الكتاب من كثرة ما قرأت من تعقبات عليه
قلت: : رحمه الله.
قال:: فالحواس الخمس الظاهرة هى التى ذكرها بقوله: "وهى السمع والبصر الخ"
قلت: : نعم
قال:فما هى الحواس الخمس الأخرى الباطنة
قلت: هذا كلام يذكره الحكماء والفلاسفة ولا فائدة فيه
قال:فأخبرنى وأوجز فقد تشوفت إلى معرفتها.
قلت: لا بأس، الحواس الخمس الباطنة هى :
الأولى- الحس المشترك: وهى القوة التى ترتسم فيها صور الجزئيات المحسوسة بالحواس الخمس الظاهرة.
الثانية- الخيال: وهى القوة التى تحفظ الصور المرتسمة فى (الحس المشترك) فهى كالخزانة له.
الثالثة- الواهمة: وهى القوة التى تدرك بها المعانى الجزئية كالعداوة التى تدركها الشاة من الذئب والمحبة التى تدركها الشاة من أمها.
الرابعة – الحافظة: وهى القوة التى تدرِك المعانى التى يدركها الوهم كالخزانة لهم.
الخامسة – المُتَخَيِّلَة: وهى القوة المتصرفة فى الصور التى تأخذها من الحس المشترك والمعانى التى تأخذها من الوهم بالتركيب والتفريق، وتسمى المفكِّرة[1].
قال: أما أنت فجزاك الله خيرا، وأما أنا فلم أفهم شيئا.
فضحكتُ وقلت قد أخبرتك أنها لا فائدة لها
______________________________
[1] الشرح الكبير لابن قاسم العبادي 87، وحاشية السوسي على قرة العين 37- 38 وفي الأخير زيادة إيضاح.
 
إنضم
31 مارس 2009
المشاركات
1,277
الإقامة
عدن
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
لغة فرنسية دبلوم فني مختبر
الدولة
اليمن
المدينة
عدن
المذهب الفقهي
شافعي
رد: تذليل العقبات بإعراب الورقات

وأما ادعاء أن (أقل ما يتركب منه الكلام) هو معنى (أقسام الكلام) فهذا لا يُسَلَّمُ إذ أقسام الشئ ليست هي ما يتركب منه الشئ وبيانه بالمثال:
فمثلا نقول: ينقسم البيت إلى أقسام: قسم منها للرجال وآخر للنساء وساحة واسعة يلعب فيها الأطفال، ومكان للسيارة ومخزن للأشياء غير المستعملة وسور يحيط بالبيت
فهذه أقسام للبيت، ولا يمكن أن يفهم منها أن هذه الأقسام هي ما يتركب منه البيت، وإذن فأي شئ يتركب منه البيت؟
الجواب: يتركب البيت من الحجارة والحديد والأسمنت ... الخ
هذا الكلام وما بعده عجيب عجيب
أقسام الكلام ليس هو ما يتركب منه الكلام؟! إن كان المصنف نفسه فسر ما يتركب منه الكلام بأقسام الكلام فذكر الإسم والفعل والحرف؟! لكن طبعاً بالنظر إلى إفادته معنى يصح السكوت عليه.
البيت ينقسم إلى قسم للرجال وآخر للنساء و... للأطفال؟
نعم هذه هي الأقسام الذي يتركب منها البيت، ولا يظن الظان أنه يجب لذكر أقسام البيت أن نقول: جدران وسقف وأبواب و...
كلا! بل كلٌّ يذكر الأقسام التي يتركب منها البيت من الجهة التي يراعيها في نظره، فمثلاً بالإمكان القول، يتركب بيتنا من أقسام هي قسم للرجال وقسم للنساء وقسم للأطفال، وهذا باعتبار أن المقصود بالبيت جملة أقسامه المذكورة، وقد ينظر باعتبار المادة التي تتركب منها ماهيته فنقول: يتركب من اسمنت ورمل وخشب و... وقد ينظر إلى ما يتركب منه البيت من جهة ذاته فنقول جدران وأرضية وسقف و...
راجع معنى عبارة الإمام أبي المعالي، فإن الإعراب يتضح بفهم المقصود، فهو لا يتكلم عن الكلام من حيث ماهيته التي يتركب منها ليكون الجواب الإسم والفعل والحرف، بل عن الكلام من حيث إفادته معنى يصح السكوت عليه، فهذا باعتباره مضاف إلى (أقل) اسمان أو اسم وفعل أو اسم وحرف بحسب التقسيمات التي ذكرها الإمام.
فبان الرابط
والله أعلم
 
التعديل الأخير:
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,456
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: تذليل العقبات بإعراب الورقات

قال صاحبي: لماذا مثل المصنف للعلم الضرورى بالعلم المدرك بالحواس وترك الذى ببديهة العقل ؟
قلت: لأن العلم الواقع بالحواس محل خلاف فأراد أن ينص عليه وأما الذى ببديهة العقل فمتفق عليه، وقد أشار بقوله: "كالعلم الواقع بإحدى الحواس الخمس" إلى أن العلم الضرورى غير منحصر فيما ذكره[1].
فأراد أن يتكلم فأشرت إليه أن اسكت.
ثم استطردت قائلا: ذهب الشيخ أبى الحسن الأشعرى إلى أن ما يدرك بالحواس يسمى علما، وذهب الجمهور إلى أن الإحساس غير العلم؛ لأنا إذا علمنا شيئا علما تاما ثم رأيناه وجدنا بين الحالتين فرقا ضروريا.
فأجاب الشيخ عنه: بأن هذا لا يمنع كونه نوعا من العلم مخالفا لسائر أنواعه[2].
قال: فلماذا انقسم العلم إلى ضرورى ومكتسب ؟
قلت: لأنه لو كان الكل ضروريا لما احتجنا إلى تحصيله، ولو كان كسبيا لدار وتسلسل[3].[4]
قال: يقولون: العلم ينقسم إلى تصور وتصديق.
قلت: نعم، وذلك أن إدراك الشئ إن خلا عن الحكم عليه بنفى أو إثبات فتصوُّر وإلا فتصديق[5].
قال: لو زدت الأمر بيانا
قلت: التصور: هو إدراك معنى المفرد من غير تعرض لإثبات شئ له ولا لنفيه عنه: كإدراك معنى اللذة والألم، ومعنى الإنسان ومعنى الكاتب ومعنى الشجر ونحو ذلك.
فإدراك كل مفرد مما ذكرنا ونحوِهِ – أى فهم المعنى المراد من ذلك المفرد – من غير تعرض لإثبات شئ له ولا لنفيه عنه يسمى (تصورا).
والتصديق: إثبات أمر لأمر بالفعل أو نفيه عنه بالفعل، وهو الإسناد الخبرى عند البلاغيين ، والجملة الاسمية أو الفعلية عند النحويين، نحو: (الكاتب إنسان) فإدراك معنى الإنسان فقط تصور ومعنى الكاتب فقط تصور، وإدراك كون الإنسان كاتبا بالفعل أو ليس كاتبا بالفعل تصديق[6].
____________________________________________
[1] غاية المأمول فى شرح ورقات الأصول 100 للشهاب الرملى ت. عثمان يوسف حاجى ط. مؤسسة الرسالة.
[2] شرح الورقات لابن إمام الكاملية 100، وغاية المأمول 99.
[3] الدور هو: توقف الشئ على ما يتوقف عليه وهو نوعان: الدور المصرح: وهو ما كان توقفه بمرتبة واحدة كأن يتوقف (أ) على (ب) وبالعكس، والدور المضمر: وهو ما كان توقفه بمراتب كأن يتوقف (أ) على (ب) و(ب) على (ج) وهكذا.
وأما التسلسل فهو ترتيب الأمور بطريقة غير متناهية، أو هو: أن يستند وجود الممكن إلى علة مؤثرة فيه، وتستند هذه العلة إلى علة مؤثرة فيها، وهى إلى علة ثالثة مؤثرة فيها وهكذا تسلسلا مع العلل دون نهاية.
[4] شرح الورقات لابن إمام الكاملية 101، وغاية المأمول 100.
[5] غاية المأمول 101.
[6] آداب البحث والمناظرة 1/ 11- 12 محمد الأمين الشنقيطى ت. سعود العريفى ط. دار عالم الفوائد، وشرح الفوزان على الورقات هامش رقم (1) ص27.
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,456
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: تذليل العقبات بإعراب الورقات

قال المصنف رحمه الله تعالى​
وَالنَّظَرُ: هُوَ الْفِكْرُ فِي حَالِ الْمَنْظُورِ فِيهِ.
وَالِاسْتِدْلَالُ: طَلَبُ الدَّلِيلِ.
وَالدَّلِيلُ: هُوَ الْمُرْشِدُ إِلَى الْمَطْلُوبِ.
وَالظَّنُّ: تَجْوِيزُ أَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا أَظْهَرُ مِنَ الْآخَرِ.
وَالشَّكُّ: تَجْوِيزُ أَمْرَيْنِ لَا مَزِيَّةَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ.​
_________________
(وَ): للاستئناف البيانى فإنه لما عرَّف العلم المكتسبَ: بأنه الموقوف على النظر والاستدلال، فكأن قائلا قال له: وما النظر والاستدلال؟ فقال: والنظر كذا والاستدلال كذا.
(النَّظَرُ): مبتدأ
(هُوَ): ضمير فصل على الأصح لا محل له من الإعراب
(الْفِكْرُ): خبر
(فِي حَالِ): الجار والمجرور متعلق بـ الخبر (الفكر) أو بمحذوف حال منه أى: (النظر: هو الفكر حالة كونه كائنا فى حال الخ) وقوله: "حال" مضاف
(الْمَنْظُورِ): مضاف إليه
(فِيهِ): متعلق بـ (المنظور)
(وَ): عاطفة
(الِاسْتِدْلَالُ): مبتدأ
(طَلَبُ): خبر، وهو مضاف
(الدَّلِيلِ): مضاف إليه
(وَ): للاستئناف البياني
(الدَّلِيلُ هُوَ الْمُرْشِدُ إِلَى الْمَطْلُوبِ): مثل (والنظر هو الفكر الخ)
(وَ): للاستئناف النحوى
(الظَّنُّ): مبتدأ
(تَجْوِيزُ): خبر، وهو مضاف
(أَمْرَيْنِ): مضاف إليه مجرور وعلامة جره الياء لأنه مثنى، وأصل الكلام على تقدير مضاف محذوف أى: (تجويز وقوع أمرين)، أو على تقدير مضافين وجارٍّ والتقدير: (تجويز وقوعِ كلٍّ من أمرين) وهذا الأخير هو الذى ذكره ابن قاسم فى الشرح الكبير[2] واقتصر عليه لشموله، فتأمل.
(أَحَدُهُمَا): (أحدُ): مبتدأ، وأصله مضاف إليه أى: (وقوع أحدِهما) كما قدره ابن قاسم[3] فحذف المضاف (وقوع) وأقام المضاف إليه (أحد) مقامه، وقضيته: أنه بدل من (أمرين) بدل بعض من كل لأن التقدير قبل الحذف (تجويز وقوع أمرين وقوع أحدهما الخ) فتأمل، و(أحد) مضاف والهاء ضمير مبنى على الضم فى محل جر مضاف إليه والميم حرف عماد والألف علامة التثنية
(أَظْهَرُ): خبر إن كان ما قبله (أحد) مبتدأ
أو نعت لـ (أحد) إن جعلته بدلا. وفيه ضمير مستتر وجوبا هو فاعله.
(مِنَ الْآخَرِ): متعلق بـ (أظهر)، وأصله أيضا (أظهر من وقوع الآخر) فحدث فيه ما سبق من حذف المضاف الخ، والجملة من المبتدإ والخبر وما تعلق بهما فى محل جر نعت لـ (أمرين)، إن جعلت (أحدهما أظهر) مبتدأ وخبرا) وإلا فهما تابعان كما سبق
(وَالشَّكُّ تَجْوِيزُ أَمْرَيْنِ): يعرف إعرابه مما سبق
(لَا): نافية للجنس
(مَزِيَّةَ): اسم (لا) مبنى على الفتح لا محل له من الإعراب والخبر محذوف والتقدير: لا مزية موجودة.
(لِأَحَدِهِمَا): الجار والمجرور متعلق بـ (مزية) و(أحد) مضاف والضمير مضاف إليه كما تقدم
(عَلَى الْآخَرِ): متعلق بالخبر أيضا
_______________________________________________________________
[1] الشرح الكبير 104.
[2] الشرح الكبير 104.
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,456
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: تذليل العقبات بإعراب الورقات

[قال صاحبى]
قال: ذكرتَ أن (هو) ضمير فصل على الأصح لا محل له من الإعراب، فما تفسير ذلك ؟
قلت: يقولون: (ضمير الفصل) حرف، وتسميته ضميرا مجاز نظرا للصورة.
وقيل: هو اسم وسمى به لأنه يفصل بين الخبر والتابع أى يميز بينهما؛ إذ لو قيل: (النظر الفكر) لتوهم أن (الفكر) تابع لا خبرا.
واعلم أنه يشترط:

فيما قبل ضمير الفصل:
1- أن يكون مبتدأ ولو فى الأصل نحو: كان زيد هو القائم فـ (زيد) مبتدأ في الأصل يعني قبل دخول الناسخ. و(النظر) في قول المصنف: "النظر هو الفكر" مبتدأ
2- وأن يكون معرفة كما فى هذا المثال فـ (زيد) معرفة لأنه علم، و(النظر) في قول المصنف معرفة لأنه محلى بـ (أل)
وأجاز بعضهم كونه نكرة نحو: كان رجل هو القائم،

ويشترط فيما بعده:

1- كونه خبرا ولو فى الأصل فـ (القائم) في المثال السابق (كان زيد هو القائم) خبر في الأصل قبل دخول الناسخ ثم صار خبرا له، و(الفكر) في كلام المصنف خبر
2- وكونه معرفة أو كالمعرفة فى أنه لا يقبل (أل) نحو: {تَجِدُوهُ عِندَ اللهَ هُوَ خَيْرًا}

ويشترط في ضمير الفصل نفسِه :

1- أن يكون بصيغة المرفوع فيمتنع: زيد إياه الفاضل، على أن يكون (إياه) ضميرَ فصل
2- وأن يطابق ما قبله فلا يجوز: كنتُ هو الفاضل، بل تقول: (زيد كان هو الفاضل)

قال: قولك : "على الأصح" ؟ وقولك: "لا محل له من الإعراب" ؟
قلت: أما قولى: "على الأصح" فمقابله أنه – أي ضمير الفصل - (مبتدأ، أو تأكيد) على القول الضعيف من جواز تأكيد الظاهر بالمضمر وإنما كان كونه فصلا أصح لإفادته تقوية النسبة.
وأما قولى: "لا محل له من الإعراب" فهذا باتفاق على القول بحرفيته.
وأما على القول باسميته فقيل:

1- لا محل له كأسماء الأفعال.

2- وقيل: له محل بحسب ما قبله.
3- وقيل: بحسب ما بعده.

ففى نحو: (زيد هو القائم) محله رفع باتفاقهما (لأن ما قبله (زيد) وما بعده (القائم) مرفوعان)
وفى نحو: (كان زيد هو القائم) محله رفع على أولهما (زيد اسم كان مرفوع) ونصب على ثانيهما (القائم خبر كان منصوب)
وفى نحو: (إن زيدا هو القائم) بالعكس فتأمل.
________________________________________________________________

قال:
أليس (النظر) طلبٌ (والاستدلال) كذلك ؟
قلت: بلى
قال: فلو اكتفى بأحد اللفظين كفَى.
قلت: لعله جمع بينهما زيادة فى الإيضاح،
على أن تعريفه لهما يشير إلى أن النظر أعم من الاستدلال
قال: وكيف ذلك ؟
قلت: النظر يكون فى التصور والتصديق، والاستدلال مخصوص بالتصديق. فلهذا عرَّفَ النظر بأنه: (الفكر فى حال المنظور فيه)
والفكر قد يكون فى حال الشئ مع الحكم عليه بأمر ما فهذا هو الاستدلال، كقولنا: (الربا حرام) و(المتعة حرام) فهذه عقود علم تحريمها بالفكر والاستدلال وحكم عليها.
وقد يكون الفكر من جهةِ تصوُّرٍ مَّا ولا يحكم عليه وذلك لعدم الاستدلال فكان الفكر أعم والاستدلال أخص لوجوده فى أحد الفكرين[1].
قال: بَيِّن لى هذه التعريفات السابقة ولو أوجزت كان أحسن.
قلت: سأحاول، ولكن الإيجاز مع الإيضاح صعب فاعلم :
أولا- أن النظر: على ضربين:

1- النظر بالعين: وهو إدراك المنظور بالبصر
2- والنظر بالقلب: وهو التفكير فى حال المنظور فيه

والفكر: هو حركة النفس فى المعقولات قصدا،

فإن كانت حركتها عن غير قصد واختيار سميت (حَدْسًا).
قال: فما هى المعقولات ؟
قلت: هى المقابلة للمحسوسات وقد علمت أن المحسوسات: كل ما يدرك هو وأجزاؤه بإحدى الحواس الخمس الظاهرة،
فالمعقولات: كل ما لا يدرك هو ولا أجزاؤه بإحدى الحواس الخمس.
قال: نعم، أكمل
قلت: حركة النفس فى المحسوسات تسمى تخييلا
والفكر إن كان لطلب علم أو ظن يسمى نظرا وإلا فلا.
قال: مثل ماذا ؟
قلت: كأكثر حديث النفس فإن أكثره لا يكون لطلب علم أو ظن ولهذا لا يسمى (نظرا)
ولا يحصل (العلم) عن طريق النظر إلا بثلاثة شروط:

1- أن يكون الناظر كامل الآلة (يعنى آلة الاجتهاد)
2- أن يكون نظره فى دليل لا فى شبهة
3- أن يستوفى الدليل لشروطه فيقدم ما يجب تقديمه ويؤخر ما يجب تأخيره وهكذا.

قوله: "الدليل: هو المرشد إلى المطلوب" اعلم أن المرشد فى اللغة له معنيان:
أحدهما- الناصب لما به الإرشاد (حقيقة)
ثانيهما- ما به الإرشاد (مجازا)
مثل العلامات التى يضعها الناس لمعرفة الطرق والاتجاهات فتجد مثلا علامة مكتوب عليها (طريق مكة) أو (المدينة) ونحو ذلك فهذه العلامة يطلق عليها (دليل) و(مرشد) لأنها تدل السائر فى الطريق وترشده إلى المطلوب إذا كان مطلوبه الذهاب إلى مكة أو المدينة مثلا، ولكن إطلاق (الدليل) و(المرشد) على ما به الإرشاد إطلاق مجازى، وأما الناصب لهذه العلامات فيطلق عليه (الدليل) و(المرشد) حقيقة.
قال: فأراد الحقيقة أو المجاز فى التعريف.
قلت: المجاز
قال: ولِمَ ؟
قلت: لتعليل الشراح قوله: "الدليل هو المرشد إلى المطلوب" بقولهم: "لأنه علامة عليه" [2].
قال: فهذا معناه أنه قد أدخل المجاز فى التعريف وهو لا يجوز.
قلت: أجاب الدمياطى: بأن تعريف الدليل بما ذُكِرَ عقب تعريف الاستدلال بطلب الدليل قرينة على إرادة معنى (المرشد) المجازى إذ هو المناسب لمعنى الاستدلال المذكور[3].
قال: قوله – فى تعريف الظن -: "أحدهما أظهر من الآخر" يفيد أن كلا منهما ظاهر لكن أحدهما أظهر.
قلت: نعم.
قال: فاضرب لى مثالا
قلت: إذا ترددت فى نزول المطر وعدمه ثم رجحت نزوله بقرينة أنك رأيت الرياح قد هبت وأن الجو قد صار غيما بعد أن كان صحوا فهذا التردد فى ثبوت نزول المطر ونفيه لا يسمى علما لأن العلم هو القطع بالشئ والجزم به على وفق ما هو عليه، لكنه قد يسمى (ظنا أو وهما أو شكا) فإن كان التردد مع رجحان الثبوت فهو (الظن) أى أن الطرف الراجح يسمى (ظنا) ومقابله وهو الطرف المرجوح يسمى (وهما)، فإن كان التردد فى النزول وعدمه على السواء فهو الشك.
قال: فما معنى قوله: "لا مزية لأحدهما على الآخر"
قلت: أى ليس مع أحدهما قرينة تميزه وتجعلك تقدمه على الاحتمال الآخر وإنما يتساوى الاحتمالان عندك.
__________________________________
[1] التحقيقات فى شرح الورقات لابن قاوان 137، والأنجم الزاهرات 102 بتصرف.
[2] انظر مثلا شرح الورقات للمحلى 84 ت. حسام الدين عفانة، وشرح ابن إمام الكاملية 102.
[3] حاشية الدمياطى على شرح الورقات للمحلى 6.
 
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,456
الجنس
ذكر
الكنية
أبو معاذ
التخصص
طبيب
الدولة
السعودية - مصر
المدينة
السعودية - مصر
المذهب الفقهي
شافعى
رد: تذليل العقبات بإعراب الورقات

قال المصنف رحمه الله تعالى:
وَأُصُولُ الْفِقْهِ: طُرُقُهُ عَلَى سَبِيلِ الْإِجْمَالِ، وَكَيْفِيَّةُ الِاسْتِدْلَالِ بِهَا.
_______________________________________________​
(وَ): للاستئناف النحوى
(أُصُولُ): مبتدأ، ومضاف
(الْفِقْهِ): مضاف إليه
(طُرُقُهُ): خبر، و(طرق) مضاف والهاء ضمير مبنى على الضم فى محل جر مضاف إليه
(عَلَى سَبِيلِ): متعلق بمحذوف حال من (طرق) أي طرقه حالة كونها كائنة على سبيل الإجمال، و(سبيل) مضاف
(الْإِجْمَالِ): مضاف إليه
(وَ): عاطفة
(كَيْفِيَّةُ): معطوفة على (طرق) و(كيفية) مضاف
(الِاسْتِدْلَالِ): مضاف إليه
(بِهَا): الجار والمجرور متعلق بـ (الاستدلال)
_____________________________________________
المعنى:​
عرَّف المصنف فيما سبق (أصول الفقه) باعتبار مفردَيْهِ فعرَّف (الأصل) وعرَّف (الفقه) ولم يذكر النسبة بينهما، ثم ذكرها هنا لما عرَّف (أصول الفقه) باعتباره لقبا لهذا الفن.
ومِثْلُ ذلك قولنا: (غلام زيد) فإذا تصورت (الغلام) فقط ثم تصورت (زيدا) فقط ثم علمت أن (زيدا) قد مَلَكَ (الغلامَ) فهذه نسبة تفيد إضافة (الغلام) إلى (زيد) فكذا من عَرَف (الأصل) فقط و(الفقه) فقط فلن يعلم معنى التركيب حتى يشرح له النسبة بينهما وهو ما ذكره المصنف هنا.
وقوله: "طُرُقُهُ" أى طرق الفقه وهى الجهات التى يمكن بها إدراكه، وهى الأدلة.
وإنما عبر بـ(الطرق) دون (الأدلة) ؛ لأن (الدليل) فى عرف بعض الأصوليين خاص بما يفيد العلم، فلا يطلقون اسم (الدليل) إلا على الطريق القطعى كالاستدلال (بالكتاب والسنة المتواترة والإجماع)، وأما الطريق الظنى كالاستدلال بالقياس وغيره فيسمونه (أمارة)، فلهذا عبر (بالطرق) لأنها صالحة لإفادة العلم أو الظن[1].
والمراد بـ (طرق الفقه الإجمالية) أدلته الإجمالية وهى القواعد العامة التى يحتاج إليها الفقيه مثل:
1- الأمر للوجوب
2- النهى للتحريم
3- الإجماع حجة
ونحو ذلك من المسائل الكلية التى تبحث فى أصول الفقه.
أما الأدلة التفصيلية فلا تذكر فى أصول الفقه إلا على سبيل التمثيل والإيضاح مثل قوله تعالى: {وَأَقِيمُواْ الصَّلَاةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ}
وكالإجماع على أن بنت الابن تأخذ السدس مع بنت الصلب حيث لا معصب لهما[2] فهذه مسائل جزئية لا كلية تذكر فى الأصول للتوضيح والتمثيل فقط.
وقوله: "وكيفية الاستدلال بها" إشارة إلى حال المجتهد وهو أنه مع معرفة الطرق الكلية لابد له من معرفة كيفية الاستدلال بها كحمل المطلق على المقيد وتقديم الخاص على العام والناسخ على المنسوخ والمجمل على المبين ونحو ذلك[3].
____________________________________________________
[1] الشرح الوسيط على الورقات 32 عبد الحميد الجهنى ط. دار الصميعى، وتهذيب شرح الورقات 18 لعياض بن نامى السلمى، بتصرف.
[2] شرح الورقات لعبد الله الفوزان 30 بتصرف.
[3] الشرح الوسيط على الورقات 32.
 
أعلى