العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

التنبيه على الخطأ الحاصل في نسبة رسالةٍ في أصول الفقه لأبي علي الحسن بن شهاب بن الحسن بن علي بن شهاب العُكْبَري الحنبلي

إنضم
29 ديسمبر 2011
المشاركات
22
التخصص
أصول الفقه
المدينة
مكة المكرمة
المذهب الفقهي
الدليل
ينبغي التنبيه على الخطأ الحاصل في نسبة رسالةٍ في أصول الفقه لأبي علي الحسن بن شهاب بن الحسن بن علي بن شهاب العُكْبَري الحنبلي (ت428)[SUP]([SUP][1][/SUP][/SUP])، وقد طبعت عام (1413)، وهذه الرسالة متقدمة التأليف إن نُسبت لهذا المؤلف. والصواب: أنه لا تصح نسبتها له، ومن المؤكد أيضاً أنها لمؤلف عاش بعد عصر الغزالي، والأرجح أنه عاصر ابن قدامة (ت620) أو عاش بعده.
ومن الأدلة على ذلك:
1- أن نسبة الكتاب للعكبري (ت428) لم تثبت بدليل علمي، وغاية ما اعتمد عليه محقق رسالة العكبري في نسبتها له: مخطوطة متأخرة نسخت عام (1332هـ) ونَسبت الرسالة للعكبري !! وهذا دليل غير كافٍ، خاصة أن هناك ما يدفعه كما سيأتي.
2- أن كل من ترجم للعكبري - ممن وقفت على ترجمته - لم ينعته بأنه أصولي، أو أن له مصنفاً في الأصول، علماً أنه لو ثبتت نسبة الرسالة له لدلت على إمام فذ من أئمة الأصول، لأن الغزالي (ت505) بهذا الفَرْض سيكون ممن ينقل عنه النقولات[SUP]([SUP][2][/SUP][/SUP]) !!
3- أنه لم يَنْقُل عنه عالمٌ واحد من الحنابلة أو غيرهم أي نص من رسالته هذه وينسب الكلام إليه، بل لا ذكر له في كتب الأصول كلها، مع أنه متقدم !!
4- أن أكثر رسالته عبارة عن نقل لما جاء في مقدمة كتاب العدة لأبي يعلى (ت458) حين سَرَدَ أبويعلى المصطلحات وعرفها، وما زاد عن ذلك نقله عن التمهيد لأبي الخطاب(ت510) ، أو الروضة لابن قدامة(ت620).
5- أن مؤلف الرسالة نسب لنفسه كتاباً اسمه (المبسوط)، ووصفه بأنه أودعه أَحكَام الفِقْه وأصوله، ومذاهب الأصوليين ودليلهم والجَواب عنه بما هو شافٍ كافٍ، ويلاحظ أنه يقول هذا الكلام في بداية القرن الخامس تقريباً، ولكن لا ذكر لهذا الكتاب في كتب التراجم البتة منسوباً للعكبري، وأما من ذكره من المحْدَثين فقد اعتمد في هذه النسبة على ما جاء في هذه الرسالة نفسها.
كل هذا وغيره يدل على عدم صحة نسبة هذه الرسالة للعكبري (ت428)، ولكنا نقول: قد يكون مؤلفها هو أبا علي بن شهاب العكبري (ت بعد 500)، وجاء في ذيل طبقات الحنابلة: «أبو علي بن شهاب العكبري، صاحب كتاب عيون المسائل، متأخر، ونقل من كلام القاضي وأبي الخطاب، كأنه من ولد ابن شهاب المتقدم[SUP]([SUP][3][/SUP][/SUP])، ما وقعتُ له على ترجمة، ومن الناس من يظنه الحسن بن شهاب الكاتب الفقيه صاحب ابن بطَّة[SUP]([SUP][4][/SUP][/SUP])، وهو خطأ عظيم»[SUP]([SUP][5][/SUP][/SUP]).
أقول هذا إن سلمنا بقرينة الاسم على المخطوط، ولكونه ممن ينقل عن أبي يعلى (ت458)، وإن كان هو فلعل وفاته بعد وفاة ابن قدامة (ت620) لا بعد سنة خمسمئة، لأنه ينقل عن الروضة كما في معنى مصطلح تحقيق المناط مثلاً[SUP]([SUP][6][/SUP][/SUP])، وأيضاً فمن نقل عن عيون المسائل من فقهاء الحنابلة عاشوا بعد ابن قدامة (ت620)، ومن أقدم من نقل عنه المجد ابن تيمية (ت652) ، فعلى هذا يريد بكتابه (المبسوط)[SUP]([SUP][7][/SUP][/SUP]): كتابه: عيون المسائل، وهو كتاب مفقود، والله أعلم.



([1]) هو: أبوعلي الحسن بن شهاب بن الحسن بن علي بن شهاب العُكْبَري، له الفقه والأدب والإقراء والحديث والفتيا الواسعة، لازم أباعبداللَّه بن بطة إلى حين وفاته. يُنظر: طبقات الحنابلة 2/186.

([2]) يُنظر من(رسالة أصول الفقه) المصطلحات التالية مثلاً: تنقيح وتخريج وتحقيق المناط 80 وما بعدها، علماً أن الذي يُفهم من كلام الغزالي أنه هو من ابتكرها.

([3]) أي: أباعلي العكبري (ت428) المنسوبة له الرسالة خطأ، والمترجم له قريباً.

([4]) هو: الإمام القدوة العابد الفقيه المحدث شيخ العراق، أبوعبدالله عبيدالله بن محمد بن محمد بن حمدان العكبري الحنبلي ابن بطة، مصنف كتاب (الإبانة الكبرى). توفي عام(387). يُنظر:سير أعلام النبلاء 16/529.

([5]) ذيل طبقات الحنابلة لابن رجب 1/376.

([6]) تنظر: الرسالة في أصول الفقه المنسوبة للعكبري 81 وما بعدها، وروضة الناظر 2/148.

([7]) تنظر: الرسالة في أصول الفقه المنسوبة للعكبري 142.
 
أعلى