العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

حكم تعاهد الصلاة وذكر الله في الروضة وقصدها لأجل ذلك

إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
بسم الله الرحمن الرحيم
حكم تعاهد الصلاة وذكر الله في الروضة وقصدها لأجل ذلك
ربما يكون الكلام على هذه المسألة مرتب على فهم حديث النبي صلى الله عليه وسلم : ( ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة . )
وما المقصود بهذا الحديث هل هو على ظاهره بأن تلك البقعة بعينها تنقل إلى الجنة أو أن مراد النبي صلى الله عليه أنه لما رأى ما يكون في تلك البقعة من مجالس الذكر وقراءة القراءة فسر لهم الواقع بأنها روضة من رياض الجنة كما في الحديث الصحيح : إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا . قيل : ( يا رسول الله وما رياض الجنة قال : حلق الذكر . )
أو أن المراد بالحديث هو أن العمل في تلك البقعة موصل إلى رياض الجنة على حد قوله عليه الصلاة والسلام : ( من قال سبحان الله العظيم وبحمده غرست له نخلة في الجنة . )
والخلاف في هذه المسألة ذكره الحافظ في الفتح
إلا أن بعض مشايخنا - حفظهم الله وأغدق عليهم بنعمه – قالوا إنه لا يعرف عن أحد من السلف تقصد هذه البقعة بالصلاة وقراءة القرآن وينبغي فهم أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم بفهم السلف وتجاوز المقدار المجمع عليه وعدم التشغيب فيه
فتمسكوا بهذا الإجماع العملي بإقصاء هذا التفسير وتجاوزه
وأذكر أني سألت الشيخ سليمان العلوان عن هذا القيل فأقره وأنه لا يحفظ عن أحد من السلف تعاهد الصلاة وقراءة القرآن في الروضة
ومن الطريف أني سألت مرة شيخنا محمد المختار الشنقيطي عن مسألتنا هذه فقال : نعم يستحب بالإجماع والله المستعان تركنا هذا لأهل البدع .
ولعل مما يتصل بمسألتنا بسببٍ قصة سلمة بن الأكوع وتعاهده الصلاة عند الاسطوانة تأسيا بالنبي صلى الله عليه وسلم
وقد يقال إن الصلاة عند الاسطوانة أخص من الصلاة في الروضة إذ الأخص لا يستدل به على الأعم ثم إن هذا قد دل عليه دليل زائد عن دلالة ( ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة ) ولا يرد عليه كذلك ما أورد من تقييد الحديث بعمل السلف وأنه لم يكن من هديهم تقصد الروضة للعبادة إذ قد جاء هذا عن سلمة والله أعلم .
وقال ابن تيمية رحمه الله في غضون رده على الإخنائي :
ففي العتيبية عن مالك قال : يبدأ بالركوع قبل السلام في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم قال : وأحب مواضع التنفل فيه مصلى النبي صلى الله عليه وسلم حيث العمود المخلق قال : أما الفريضة فالتقدم إلى الصفوف ، والتنفل فيه للغرباء أحب إلى من التنفل في البيوت . وقد روي عن مالك رواية أخرى أنه لم يحد للتنفل موضعا من المسجد بل سوى بين الجميع وكذلك قال أحمد وابن حبيب وسائر العلماء : أنه يبدأ بالركوع في المسجد وهذا مذهب السلف والخلف – أهل المذاهب الأربعة وغيرهم – لكن منهم من يختار الصلاة في الروضة كما ذكر ذلك أحمد وابن حبيب وغيرهما . )
وهذا نقل لعله يثري الموضوع
قال الباجي في المنتقى :
( ش ) : قَوْلُهُ مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِذَلِكَ أَنَّ الَّذِي بَيْنَ مِنْبَرِهِ وَبَيْتِهِ رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ قَالَ الدَّاوُدِيُّ يَحْتَمِلُ أَنْ يُنْقَلَ ذَلِكَ الْمَوْضِعُ إلَى الْجَنَّةِ فَيَكُونَ مِنْ رِيَاضِهَا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِذَلِكَ أَنَّ مُلَازَمَةَ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ وَالتَّقَرُّبَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى فِيهِ يُؤَدِّي إلَى رِيَاضِ الْجَنَّةِ كَمَا يُقَالُ الْجَنَّةُ تَحْتَ ظِلَالِ السُّيُوفِ وَذَلِكَ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا : أَنَّ اتِّبَاعَ مَا يُتْلَى فِيهَا مِنْ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ يُؤَدِّي إلَى رِيَاضِ الْجَنَّةِ فَلَا يَكُونُ فِيهَا لِلْبُقْعَةِ فَضِيلَةٌ إلَّا لِمَعْنَى اخْتِصَاصِ هَذِهِ الْمَعَانِي دُونَ غَيْرِهَا . وَالثَّانِي : أَنْ يُرِيدَ أَنَّ مُلَازَمَتَهُ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ بِالطَّاعَةِ وَالصَّلَاةِ يُؤَدِّي إلَى رِيَاضِ الْجَنَّةِ لِفَضِيلَةِ الصَّلَاةِ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ عَلَى سَائِرِ الْمَوَاضِعِ وَهَذَا أَبْيَنُ لِأَنَّ الْكَلَامَ إنَّمَا خَرَجَ عَلَى مَعْنَى تَفْضِيلِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مَالِكٌ رحمه الله تَأَوَّلَ فِيهِ هَذَا الْوَجْهَ وَلِذَلِكَ أَدْخَلَهُ فِي بَابٍ وَاحِدٍ مَعَ فَضْلِ الصَّلَاةِ فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى الصَّلَاةِ فِي سَائِرِ الْمَسَاجِدِ . ( فَصْلٌ ) : وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم وَمِنْبَرِي عَلَى حَوْضِي قَرِيبٌ مِنْ مَعْنَى مَا تَقَدَّمَ يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ أَنَّ إتْيَانَهُ لِلصَّلَاةِ وَالطَّاعَاتِ وَلُزُومَهُ بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ يُؤَدِّي إلَى وُرُودِ حَوْضِهِ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ قِيلَ إنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ ذَلِكَ أَنَّ لِي مِنْبَرًا عَلَى حَوْضِي وَلَيْسَ هَذَا بِالْبَيِّنِ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْخَبَرِ مَا يَقْتَضِيهِ وَهُوَ قَطْعُ الْكَلَامِ عَمَّا قَبْلَهُ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ إلَى ذَلِكَ .
وأنا بانتظار رأي أنفسي من إخواني طلبة العلم تعليقا واستدراكا فإن كانت المسألة بحثت من قبل فالرجاء وضع الرابط .
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
قال ابن تيمية رحمه الله في الإخنائية :
كما ذكر ابن حبيب وغيره إذا دخل مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم قال : بسم الله وسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم السلام علينا من ربنا وصلى الله وملائكته على محمد الللهم اغفر لي ذنبي وافتح لي أبواب رحمتك وجنتك وجنبني من الشيطان الرجيم . ثم اقصد إلى الروضة وهي ما بين القبر والمنبر فاركع فيها ركعتين – قبل وقوفك بالقبر – تحمد الله فيهما وتسأل تمام ما خرجت إليه وتسأل العون عليه . وإن كانت ركعتاك في غير الروضة أجزأتاك وفي الروضة أفضل وقد قال صلى الله عليه وسلم : ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة ومنبري على ترعة من ترع الجنة . ) ثم تقف بالقبر متواضعا وتصلي عليه وتثني بما يحضر وتسلم على أبي بكر وعمر وتدعو لهما وأكثر من الصلاة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم بالليل والنهار ولا تدع أن تأتي مسجد قباء وقبور الأنبياء. ) 261
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
قال الشيخ محمد بن عثيمين – رحمه الله - في كتاب المنهج لمريد العمرة والحج :

" فإذا وصل المسجد النبوي قدم رجله اليمنى لدخوله وقال : بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وبسلطانه القديم من الشيطان الرجيم , ثم يصلي ما شاء .

والأولى أن تكون صلاته في الروضة وهي ما بين منبر النبي صلى الله عليه وسلم وحجرته التي فيها قبره لأن ما بينهما روضة من رياض الجنة , فإذا صلى وأراد زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم فليقف أمامه بأدب ووقار وليقل : السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد , اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد . أشهد أنك رسول الله حقا وأنك قد بلغت الرسالة وأديت الأمانة ونصحت الأمة وجاهدت في الله حق جهاده , فجزاك الله عن أمتك أفضل ما جزى نبيا عن أمته "
 
إنضم
8 أبريل 2008
المشاركات
40
التخصص
فقه مقارن
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
حنبلي
وتخصيص هذه البقعة بالصلاة فيها ، يفهم من صنيع البخاري في صحيحه ، حيث قال ابن حجر:
قَوْله : ( بَاب فَضْل مَا بَيْنَ اَلْقَبْرِ وَالْمِنْبَرِ )
لَمَّا ذَكَرَ فَضْلَ اَلصَّلَاةِ فِي مَسْجِدِ اَلْمَدِينَةِ أَرَادَ أَنْ يُنَبِّهَ عَلَى أَنَّ بَعْضَ بِقَاع اَلْمَسْجِد أَفْضَل مِنْ بَعْض .

والله أعلم وأحكم
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
وتخصيص هذه البقعة بالصلاة فيها ، يفهم من صنيع البخاري في صحيحه ، حيث قال ابن حجر:
قَوْله : ( بَاب فَضْل مَا بَيْنَ اَلْقَبْرِ وَالْمِنْبَرِ )
لَمَّا ذَكَرَ فَضْلَ اَلصَّلَاةِ فِي مَسْجِدِ اَلْمَدِينَةِ أَرَادَ أَنْ يُنَبِّهَ عَلَى أَنَّ بَعْضَ بِقَاع اَلْمَسْجِد أَفْضَل مِنْ بَعْض .

والله أعلم وأحكم

بارك الله فيك يا أبا خالد على اقتناص هذا الاستنباط اللطيف.
وهو مفيد جدا في معرفة أن اعتبار فضل الصلاة في هذه البقعة المباركة هو قول قديم .
 
أعلى