العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

قاعدة: المكروه ما ورد عنه نهي مقصود. عند الشافعية.

محمود حلمي علي

:: مطـًـلع ::
إنضم
4 يونيو 2013
المشاركات
158
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
فقه شافعي
الدولة
مصر
المدينة
العاشر من رمضان
المذهب الفقهي
الشافعي
تحرير هذه القاعدة أو هذا الضابط من الأسئلة التي سأل عنها الإمامُ الأذرعي الإمامَ تقي الدين السبكي، فقال:
(ما معنى قولهم: إن المكروه ما ورد فيه نهي مقصود؟
فإن الشيخ محيي الدين رحمه الله كثيرا ما يمنع الكراهة بذلك،
ويسكت عن أشياء حكم بكراهيتها، ولا نعلم فيها نهي، بل تكون ترك سنة،
وحكم على أشياء كثيرة من هذا النمط بالكراهة،
والمسئول بسط ذلك وإيضاحه، ليرجع إلى ضابط يعتمده الطالب، أحسن الله إليكم).
فأجاب الإمام تقي الدين السبكي بقوله: (أما قولهم: المكروه: ما ورد فيه نهي مقصود،
فأول من علمناه ذكر هذا الضابط إمام الحرمين،
ومراده به: الفرق بين المكروه وترك الأولى؛ فإن كل مستحب تَرْكه ترك أولى، وقد لا يكون مكروها.
واستغراق الأوقات بالعبادة لا شك أنه أولى، ولا يقال لتركه: مكروه، فالمكروه لا بد فيه من نهي عنه.
ولم يكتف بقوله: نهي؛ لأن الأمر بالشيء نهي عن ضده، فكل مأمور به تركه منهي عنه،
لكن النهي المستفاد من الأمر إنما يستفاد منه بطريق الالتزام، لا بطريق القصد، فلذلك احتُرز وقيل: نهي مقصود، فضابط المكروه: ما ورد فيه نهي مقصود.
فكل ما ورد فيه نهي مقصود: مكروه، وما لم يرد فيه نهي مقصود: ليس بمكروه، وما لم يرد فيه نهي أصلا أبعد عن الكراهة.
وليس مرادنا بالنهي المقصود أن يكون نصا، ولا بد؛ فإنا نراهم يحكمون بكراهة أشياء لا نص فيها،
ولكن المراد: أن النهي يدل عليه دليل، إما نص، وإما إجماع، وإما قياس، وإما غير ذلك من الأدلة عند من يراها.
وهذا جوابٌ عما ذكر في السؤال، من أنه حكم بكراهة أشياء لا يعلم فيها نهي، فإنه إذا بحث عن تلك الأشياء، دلَّ دليلٌ على النهي عنها نهيا مقصودا. ولو لم يكن إلا قياس صحيح، تلحقها بما ورد فيه ذلك،
كذلك ما حكم فيه بالكراهة من ترك السنن، لابد أن يدل دليل خاص على النهي عنها، وليس لمجرد كونها ترك سنن.
ومن جملة ما يستدل به: تأكد السنة؛ فإن السنة المؤكدة منها ما يقوى الدليل على كراهة تركها، بل غالبها كذلك أو كلها، فإن السنة المؤكدة قريبة من الواجب، كما أن المكروه قريب من المحرم، وهما متقابلان، والأشياء تعرف بأضدادها. فكما أن ترك الواجب حرام فترك السنة المؤكدة مكروه، ودرجات التأكيد تختلف، فكلما عظمت ظهرت الكراهة، وإذا خفت خفيت) قضاء الأرب في أسئلة حلب (ص: 140 _ 149).

ومن عبارات إمام الحرمين الجويني في ذلك: (كل ما جرد إليه قصد في النهي عنه، وثبت أنه ليس نهي تحريم، فهو نهي كراهية.
ثم المكروه له رتب، كما أن المندوب له رتب، وإنما نشأ الاضطراب من سؤال ونحن نوجز الجواب عنه،
وهو أن استغراق الأوقات بالخيرات مستحب، ولا يوصف ترك الاستغراق مع الإتيان بالمندوبات المشروعة بكونه مكروها،
والسبب فيه أنه لم يرد نهي مقصود عن ترك استغراق الأوقات.
والتعويل في ثبوت الكراهية على ثبوت نهي على فعل من غير تحريم، كما أن التعويل في ثبوت التحريم على ثبوت نهي مقصود يجري على حقيقته). نهاية المطلب في دراية المذهب (18/ 467).

وقال الإمام الرافعي: (لا يلزم من استحباب الشيء أن يكون تركه منهيًا عنه مكروهًا) الشرح الكبير (1/ 511).
وقال الإمام ابن الرفعة: (ما كان تركه مستحباً، فقد يطلق على فاعله أنه ترك الأولى، وقد يطلق عليه أنه فعل مكروها) كفاية النبيه (8/ 162).
وقال الإمام الإسنوي: (لا يلزم من كون الشيء مستحبًا أن يكون تركه مكروهًا) الهداية إلى أوهام الكفاية (20/ 104).

لكن قال الإمام السيوطي: (لا يقابل المستحب إلا المكروه، فإن قيل: يقابله خلاف الأولى.
قلت: الجواب من وجهين: أحدهما أن المتقدمين لم يفرقوا بينهما، وإنما فرق إمام الحرمين، ومن تابعه،
الثاني أن القائلين به قالوا: هو ما لم يرد فيه دليل خاص، وإنما استفيد من العمومات، والمكروه: ما ورد فيه دليل خاص، وهذا قد وردت فيه أدلة خاصة..) الحاوي للفتاوي (1/ 59)،
وقال الإمام ابن قاسم العبادي في حواشي التحفة (7/ 185): (التفرقة بين خلاف الأولى والمكروه بما ذكر مما أحدثه المتأخرون، ومنهم الإمام وتبعه في جمع الجوامع، والذي عليه الأقدمون خلافه).
 

محمد بن عبدالله بن محمد

:: قيم الملتقى الشافعي ::
إنضم
15 مايو 2008
المشاركات
1,245
الإقامة
المملكة العربية السعودية
الجنس
ذكر
الكنية
أبو منذر
التخصص
اللغة العربية
الدولة
المملكة العربية السعودية
المدينة
الشرقية
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: قاعدة: المكروه ما ورد عنه نهي مقصود. عند الشافعية.

لكن قال الإمام السيوطي: (لا يقابل المستحب إلا المكروه، فإن قيل: يقابله خلاف الأولى.
قلت: الجواب من وجهين: أحدهما أن المتقدمين لم يفرقوا بينهما، وإنما فرق إمام الحرمين، ومن تابعه،
الثاني أن القائلين به قالوا: هو ما لم يرد فيه دليل خاص، وإنما استفيد من العمومات، والمكروه: ما ورد فيه دليل خاص، وهذا قد وردت فيه أدلة خاصة..) الحاوي للفتاوي (1/ 59)،
وقال الإمام ابن قاسم العبادي في حواشي التحفة (7/ 185): (التفرقة بين خلاف الأولى والمكروه بما ذكر مما أحدثه المتأخرون، ومنهم الإمام وتبعه في جمع الجوامع، والذي عليه الأقدمون خلافه).
الذي فهمت من مدلول هذا الاستدراك لا يعارض ما سبق، فما هنل في الفرق بين الكراهة وخلاف الأولى
وما سبق فيما لو ترك الشخص مستحبا هل يكون تركه خلاف أولى أم مكروها؟
 

محمود حلمي علي

:: مطـًـلع ::
إنضم
4 يونيو 2013
المشاركات
158
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
فقه شافعي
الدولة
مصر
المدينة
العاشر من رمضان
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: قاعدة: المكروه ما ورد عنه نهي مقصود. عند الشافعية.

جزاك الله خيرا شيخنا الكريم.
لكن ما فهمته من اعتراض الإمامين السيوطي وابن القاسم هو منازعة إمام الحرمين ومن تبعه في إثبات مرتبة (خلاف الأولى).
بل يقتصرون على إثبات الكراهة فقط، ثم رتب الكراهة تتفاوت، فما قال فيه الإمام: خلاف الأولى، يقولون: هو مكروه، لكنه أقل كراهة مما أطلق عليه الفريقان الكراهة.
لكن يرد عليهما الإشكال الذي ذكره الإمام، وهو أن استغراق الأوقات بالخيرات مستحب، ولا شك أنه أولى، ولكن لا يوصف ترك الاستغراق مع الإتيان بالمندوبات المشروعة بكونه مكروها، ولا شك أنه خلاف الأولى.
فنظر الإمام في ذلك محاولا وضع ضابط للفرق بين المكروه وخلاف الأولى، فوجد أنه لم يرد نهي مقصود عن ترك استغراق الأوقات. فجعل ذلك هو الفارق بينهما.

وفي كلام الإمام تقي الدين السبكي أن أول من وضع ضابطا للفرق بين المكروه وخلاف الأولى: إمام الحرمين.

لكن قال الإمام الزركشي: (فصل في خلاف الأولى: هذا النوع أهمله الأصوليون، وإنما ذكره الفقهاء، وهو واسطة بين الكراهة والإباحة،
واختلفوا في أشياء كثيرة هل هو مكروه، أو خلاف الأولى؟ كالنفض والتنشيف في الوضوء وغيرهما.
قال إمام الحرمين في كتاب الشهادات من " النهاية ": التعرض للفصل بينهما مما أحدثه المتأخرون،
وفرقوا بينهما بأن ما ورد فيه نهي مقصود يقال فيه: مكروه، وما لا فهو: خلاف الأولى، ولا يقال: مكروه،
وقال: المراد بالنهي المقصود أن يكون مصرحا به كقوله: لا تفعلوا كذا، أو نهيتكم عن كذا، بخلاف ما إذا أمر بمستحب فإن تركه لا يكون مكروها، وإن كان الأمر بالشيء نهيا عن ضده؛ لأنا استفدناه باللازم وليس بمقصود.
وحكى الرافعي عنه في كتاب الزكاة في كراهة الصلاة على غير الأنبياء ما يبين أن المراد بالنهي المقصود: تعميم النهي لا خصوصه، إذ قال: ووجهه إمام الحرمين بأن قال: المكروه يتميز عن خلاف الأولى بأن يفرض فيه نهي مقصود، وقد ثبت نهي مقصود عن التشبه بأهل البدع، وإظهار شعارهم، والصلاة على غير الأنبياء مما اشتهر بالفئة الملقبة بالرفض. اهـ.
وكلام الإمام في كتاب الجمعة يقتضي أنه لا فرق بينهما، فإنه قال: كل فعل مسنون صح الأمر به مقصودا فتركه مكروه.
وقال في موضع آخر: إنما يقال: ترك الأولى إذا كان منضبطا كالضحى وقيام الليل، وما لا تحديد له ولا ضابط من المندوبات لا يسمى تركه مكروها، وإلا لكان الإنسان في كل وقت ملابسا للمكروهات الكثيرة من حيث إنه لم يقم فيصلي ركعتين، أو يعود مريضا ونحوه. اهـ.
والتحقيق: أن خلاف الأولى قسم من المكروه، ودرجات المكروه تتفاوت كما في السنة، ولا ينبغي أن يعد قسما آخر، وإلا لكانت الأحكام ستة، وهو خلاف المعروف، أو كان خلاف الأولى خارجا عن الشريعة وليس كذلك). البحر المحيط في أصول الفقه (1/ 400).
وقول الإمام الزركشي: (واختلفوا في أشياء كثيرة هل هو مكروه، أو خلاف الأولى؟ ...
قال إمام الحرمين في كتاب الشهادات من " النهاية ": التعرض للفصل بينهما مما أحدثه المتأخرون
).
الذي وقفت عليه في الشهادات من نهاية المطلب (19/ 19) قول الإمام : (أطلق كثير من أصحابنا الإباحة في اللعب بالشطرنج، وقال المحققون: إنه مكروه، وهذا هو الصحيح، ولا آمن أن الذين أطلقوا الإباحة أرادوا انتفاء التحريم؛ فإن التعرض للفصل بين المكروه والمباح مما أحدثه المتأخرون).
وما فهمته من عبارة إمام الحرمين _ إن كانت هذه هي العبارة المقصودة؛ فإني لم أقف في كتاب الشهادات على غيرها _ يخالف ما نقله عنه الإمام الزركشي،
فما فهمته أن إثبات وتمييز رتبة المكروه، بين التحريم والإباحة مما أحدثه المتأخرون، وكان المتقدمون يطلقون الإباحة ويقصدون انتفاء التحريم، وربما يقصدون مع ذلك نفي الكراهة أو لا يقصدون، فيجمع الإمام بين كلام المتقدمين والمتأخرين، ويرى أن لا تعارض، فمن أطلق الإباحة أراد انتفاء التحريم، والقائل بالكراهة كذلك لا يقول بالتحريم.
وأما عبارة الإمام الزركشي: فما فهمته منها أن إمام الحرمين يقول: إن الفرق بين المكروه وخلاف الأولى مما أحدثه المتأخرون.
وبين العبارتين فرق كبير. إن صح ما فهمت.
وقد سبق عن الإمام تقي الدين السبكي أن أول من وضع ضابطا للفرق بينهما: إمام الحرمين. فلعل هذا يؤيد ما فهمته من كلام إمام الحرمين.

ومما فهمته من كلام الإمام الزركشي: أن الإمام الزركشي قد سبق الإمامين السيوطي وابن القاسم، وينضم لهما، في عدم إثبات مرتبة خاصة لخلاف الأولى، وجعلها ضمن مرتبة المكروه.

لكن التفريق بينهما هو ما قرره إمام الحرمين، وتابعه الأئمة: الرافعي، والنووي، وابن الرفعة، والسبكي، والإسنوي، والأذرعي، كما سبق النقل عنهم.

وقد ناقشت بعض الإخوة فقال لي: إن المعتمد عند الشافعية هو ما قاله الإمام السيوطي، خلافا لإمام الحرمين ومن تبعه.

فاسشكلت ذلك؛ إذ كيف يكون المعتمد بخلاف ما قرره الإمامان الرافعي والنووي ومن معهما من الأئمة.

فهذا هو محل الإشكال عندي. والله أعلم.
 

محمد بن عبدالله بن محمد

:: قيم الملتقى الشافعي ::
إنضم
15 مايو 2008
المشاركات
1,245
الإقامة
المملكة العربية السعودية
الجنس
ذكر
الكنية
أبو منذر
التخصص
اللغة العربية
الدولة
المملكة العربية السعودية
المدينة
الشرقية
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: قاعدة: المكروه ما ورد عنه نهي مقصود. عند الشافعية.

هناك تقسيمات خارجة عن هذا التقسيم عمل بها فقهاؤنا
هناك المحرم
وكراهة التحريم وكراهة التنزيه
وخلاف الأولى
والإباحة
وهناك السنة والسنة المؤكدة
والواجب
 
أعلى