قمت بقراءة البحث والتعليق عليه باللون الأزرق [FONT="][/FONT]
[FONT="][/FONT]
[FONT="]هل يتغير الحكم الشرعي بناء على الرأي العام؟؟[/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT=AF_Aseer]د. حمزة عبد الكريم حماد[/FONT]
[FONT="] [/FONT] [FONT="]الحمد لله الواحد القهار، العزيز الغفار، مكور الليل على النهار، والصلاة والسلام على رسوله النبي المختار، عدد مكاييل البحار، وعدد ما أظلم عليه ليل وأشرق عليه نهار، وعلى آله وصحبه الأطهار وبعد.. [/FONT]
[FONT="]أهمية الدراسة:[/FONT]
[FONT="]تتمحور أهمية الدراسة في كونها تعالج أمرا بالغ الاهمية في العصر الحديث، ألا وهو الرأي العام ومدى تأثر الاحكام الشرعية به، ففي ظلال الاحداث التي نعايشها وتعايشنا يظهر الإسلام أو يراد له أن يظهر بهيئة ذاك الذي يحمل سيفه على عاتقه قاطعا رؤوس معاديه صادحا بـ الله أكبر، وتعزز هذه الصورة في كثير من وسائل الاعلام، ولكن الباحث المحايد الناظر في النصوص الشرعية يجد أنه-أي الاسلام- اعتد بالرأي العام و ألقى هذا الاعتداد بظلاله على تغير بعض الاحكام الشرعية؛ لذا جاءت هذه الدراسة لتعرض استقراء قام به الباحث حول ضوابط تغير الاحكام الشرعية بناء على الرأي العام؟ وهل يوجود نماذج تطبيقية تؤكد على احترام الإسلام للرأي العام ، وتغييره لبعض الاحكام نتيجة له؟ وما هي أقوال العلماء في تفسير هذه النصوص؟[/FONT]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="]
[/FONT] [FONT="]المبحث الأول[/FONT]
[FONT="]مفهوم الرأي العام وأهميته في العلاقات الدولية[/FONT]
[FONT="]أولاً: الرأي العام:[/FONT]
[FONT="]تعددت تعريفات الرأي العام تعددا كبيرا وقد قام بعض الباحثين بجمع تعريفات عديدة له([/FONT]
[FONT="][FONT="][1][/FONT][/FONT][FONT="])[/FONT][FONT="]، وأعرض هنا تعريفا مختصرا وهو:[/FONT]
[FONT="]الرأي العام: هو رأي ذو تأثير معين انتهت إليه أغلبية جماعة معينة في وقت محدد تجاه مسألة ما تتعلق باهتماماتها بعد مناقشة وحوار مستفيضين. (
[FONT="][2][/FONT]) [/FONT]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="]ثانياً: أهمية الرأي العام في العلاقات الدولية: [/FONT]
[FONT="]لم يعد العالم المعاصر يتكون من مجتمعات صغيرة منعزلة لا شأن لأحدهما بالآخر، فالهموم والمشكلات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، تجمع بين سكان الكرة الأرضية، حيث تلعب وسائل الإعلام العصرية دوراً بارزاً في كل ذلك، فهي الصوت الصارخ المعبر عن هذه المشكلات، والمحرك لضمير الإنسانية والمكون للرأي العام، الذي غدا قوة مؤثرة في الحياة اليومية للعالم خلال دوره في صنع القرارات ووضع القوانين وإلغائها، فبرامج الغوث، والتعاطف الدولي، والتنادي للوقاية من الكوارث البيئية، والتفجيرات النووية، وأشكال الحوار في المؤتمرات الدولية، وشتى التكتلات، ودعوات السلام، وحقوق الإنسان، والتجمع من أجل تنظيم الانتفاع بالموارد الموجودة في البحر والفضاء، كلها تدين بوجودها إلى انتشار شبكات الاتصال السلكية واللاسلكية، وخاصة الفضائية منها ووصلها من أطراف الكرة الأرضية وصلاً حقيقياً يلغي المسافات ويلغي فوارق الزمن، ويشيع التعارف بين الشعوب والأمم، هذا التعارف الذي يخلق شعوراً بتماثل بني البشر، ولكن في الوقت نفسه يولد لدى البعض شعوراً بالاختلاف. وخاصةً في وقتنا الحاضر، نتيجةً للتطور الكبير الذي حصل في مجال تكنولوجيا الإعلام، التي وضعت الإنسان المعاصر أمام إشكاليات مستجدة، لا يكاد يخرج من واحدة منها حتى يقع في دائرة أخرى، مثل إشكالية التوازن والتصدع، الحرية والاغتراب، المواطنة والعالمية[/FONT]…[FONT="]الخ. (
[FONT="][3][/FONT]) [/FONT]
[FONT="]وبرزت في أعقاب الحرب العالمية الثانية عدة عوامل تؤكد كلها على أهمية الرأي العام وأثره على العلاقات بين الدول، كاشتداد الصراع الأيديولوجي بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي السابق، والذي عبر عنه (بالحرب الباردة)، والصراع العربي الصهيوني، والاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على الأراضي العربية، وظهور الدول النامية وتزايد دورها على الساحة الدولية عبر منظمة دول عدم الانحياز، وساعد على ذلك تزايد نسبة التعليم في أغلب دول العالم وخاصةً في الدول المتحررة من نير الاستعمار، والتطور العلمي والتكنولوجي الهائل في وسائل الإعلام، الذي حول العالم كله إلى قرية إعلامية صغيرة.[/FONT]
[FONT="]كل هذا وغيره جعل من الرأي العام قوة ضغط حقيقية لدى أغلب النظم السياسية المتطورة في المجتمع الدولي المعاصر، إذ أصبح الرأي العام وراء أغلب القرارات المصيرية لأي نظام سياسي في العالم المعاصر، وأضحى هذا النظام أو ذاك يتحدد بمدى احترامه للرأي العام وأخذه بتوجيهاته والعمل على إرضاء متطلباته.(
[FONT="][4][/FONT]) [/FONT]
[FONT="]
[/FONT]
[FONT="]المبحث الثاني[/FONT]
[FONT="]النماذج التطبيقية[/FONT]
[FONT="]بعد أن بين الباحث مفهوم الرأي العام ودوره في العلاقات الدولية سيعرض فيما يأتي النماذج التطبيقية التي وقف عليهامن خلال النظر والتنقيب في عدد من المؤلفات فقد وقف الباحث على هذه النماذج الآتية:[/FONT]
[FONT="]النموذج الاول: هدم الكعبة: [/FONT]
[FONT="]يعرض الباحث في هذه السطور حديثاً يشكل عمدة أحاديث اعتبار الرأي العام من قبل الشرع وهو حديث هدم الكعبة. [/FONT]
[FONT="]أولاً: نص الحديث: [/FONT]
[FONT="]جاء في صحيح البخاري: حدثنا عبيد الله بن موسى عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن الأسود قال: قال لي ابن الزبير: كانت عائشة! تُسر إليك كثيراً، فما حدثتك في الكعبة؟ فقلتُ: قالت لي: قال النبي صلى الله عليه وسلم:"يا عائشة! لولا قومك حديث عهدهم [/FONT]–[FONT="]قال ابن الزبير: بكفر- لنقضت الكعبة فجعلت لها بابين: باب يدخل الناس وباباً يخرجون".(
[FONT="][5][/FONT])[/FONT]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="]هذا الحديث لا يمكن إيراده في محل الإسقاط على (الرأي العام) على ما يتبادر من هذا المصطلح في تداول الناس، إلا أن يكون الباحث لمعنى خاص من مصطلح الرأي العام؛ لأن الرأي العام الذي يتبادر يحوي في ماهيته أو وصفيته أن يكون مستقرا لدى الناس، وأن القائد أو المسؤول ينزل عليه على أنه ما ينبغي أن يقرر، فينزل المسؤولون على هذا الرأي على سبيل (الاستقرار) وهذا خلاف ما في النص.[/FONT]
[FONT="]وحينما يقدم المسؤولون الرأي العام يعللون هذا الإجراء بعلة أخيرة، وهي أنه (رأي الناس والشارع) بينما النص النبوي الشريف يعلل بعلة غير أخيرة، بمعنى أنها لا تحسم المسألة، بل يكون الأمر معلقا.[/FONT]
[FONT="]كذلك فالرأي العام هو (رأي) وهو يقابل رأي المسؤولين، ويرجح عليه بالكثرة كما في النظم الديمقراطية – في صورها النظرية التي لم تتحقق إلا نادرا – بينما حالة رفض نقض الكعبة لا يمكن اعتبارها رأيا يقابل الرأي، أي يساويه في الاعتبار الشرعي، بل هي من باب تقديم درء المفسدة على جلب المصلحة فيما يظهر من النص النبوي، وهذا يخالف قضية الرأي العام التي تعتبر ثبوت المصلحة ابتداء بالرأي العام، ولا تعتبره متأخرا لعارض. والله تعالى أعلم.[/FONT]
[FONT="]ثانياً: آراء الشراح:[/FONT]
[FONT="]من خلال نظر الباحث في المؤلفات التي عُنيت بشرح أحاديث صحيح الامام البخاري وجد الآتي: [/FONT]
1- [FONT="]ذهب ابن حجر العسقلاني إلى أمور تستفاد من هذا الحديث وهي: [/FONT]
[FONT="]أ- [/FONT][FONT="]ترك المصلحة؛ لأمن الوقوع في المفسدة. [/FONT]
[FONT="]ب. ترك إنكار المنكر؛ خشية الوقوع في أنكر منه. [/FONT]
[FONT="]ج. على الإمام أن يسوس رعيته بما فيه إصلاحهم،
ولو كان مفضولاً ما لم يكن محرماً.(
[FONT="][6][/FONT])[/FONT]
2- [FONT="]أما ابن بطال فقال في شرح هذا الحديث: "قد يَتْرُكُ الإمام شيئاً من الأمر بالمعروف إذا خشي منه أن يكون سبباً لفتنة قوم ينكرونه ويسرعون إلى خلافه واستبشاعه، ثم إن النفوس يجب أن تساس بما تأنس إليه في دين الله من غير الفرائض، ويرفع على الناس ما ينكرون منها".(
[FONT="][7][/FONT]) [/FONT]
3- [FONT="]أما الإمام النووي فعندما شرح هذا الحديث في صحيح مسلم ذهب إلى أمر جديد وهو: إذا تعارضت المصالح أو تعارضت مصلحة ومفسدة، وتعذر الجمع بين فعل المصلحة وترك المفسدة بُدئ بالأهم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن نقض الكعبة وردها إلى ما كانت عليه من قواعد إبراهيم مصلحة، ولكن تعارضه مفسدة أعظم منه، وهو خوف فتنة من أسلم قريباً، ذلك لما كانوا يعتقدون من فضل الكعبة ويرون تغييرها عظيماً، فتركها النبي صلى الله عليه وسلم. [/FONT]
[FONT="]ونبه الإمام النووي على أمر غاية في الأهمية وهو وجوب تأليف قلوب الرعية ولا يتعرض الإمام لهم ما يمكن أن ينفرهم بسببه ما لم يكن فيه ترك أمر شرعي. (
[FONT="][8][/FONT]) [/FONT]
4- [FONT="]أما الدكتور موسى لاشين في تيسيره لصحيح البخاري فقد نبه على أمر مفاده: قد تترك المصلحة مخافة الوقوع في المفسدة، ولابد أن تساس الرعية بما فيه إصلاحهم ولو كان مفضولاً ما لم يكن محرماً. (
[FONT="][9][/FONT]) [/FONT]
[FONT="]رأي الباحث: [/FONT]
[FONT="]بعد أن عرض الباحث آراء بعض شراح الحديث وقف على الآتي: [/FONT]
1. [FONT="]إن الرأي العام يمثل دفة السفينة التي ربانها الحاكم المسلم. [/FONT]
[FONT="]هذا إطلاق عام أنيط بخاص؛ فالناتج الأول الذي وقف عليه الباحث يجعل الحاكم المسلم [/FONT][FONT="]منفذا إداريا لما يمليه الرأي العام، وهذا أولا غير صحيح فقهيا، فالحاكم المسلم له خصائصه الفقهية المعروفة، من الأخذ بالشورى، ثم وقع اختلاف الفقهاء كذلك في إلزامه بنتيجة الشورى فيما لا يتعلق بالحقوق المباشرة. وثانيا لا يمكن تأسيسه على الحديث في نقض الكعبة وبنائها على قواعد إبراهيم صلى الله عليه وسلم؛ فالحالة الأخيرة هي خاصة في تقديم درء المفسدة على جلب المصلحة، وليست عامة. [/FONT]
2. [FONT="]إن الرأي العام يكون مخصصاً لبعض الأحكام خاصة تلك التي يتوقع إن قام بها الإمام حصول مفسدة كبيرة. [/FONT]
[FONT="]لو أراد الباحث حفظه الله أن يقوم ذلك الناتج على الأصل النبوي المدرج، فلا دلالة فيه، حيث لا يظهر وجود عام قد خصّ.[/FONT]
3. [FONT="]تصرفات الإمام في الاختيار تحتكم إلى شرط مهم وهو ألا يكون الفعل الجديد محرماً. [/FONT]
[FONT="]لو كان المراد بالاختيار هو اختيار الحاكم بين إعمال الرأي العام أو إهماله، على قول من لم يلزم الإمام برأي مجلس الشورى، فهذا قد ناقض ما سبقه من تقرير علاقة الحاكم بالرأي العام[/FONT][FONT="]. ولو كان المراد هو النزول على الرأي العام، فهو صحيح إن قررنا الرأي العام على وجهه المعتبر في الشريعة.[/FONT][FONT="] [/FONT]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="]النموذج الثاني: قتل عبد الله بن أُبي بن سلول:[/FONT]
[FONT="] وهذا الحديث يشكل حجر الأساس الثاني في النماذج التطبيقية.[/FONT]
[FONT="]أولاً: نص الحديث: [/FONT]
[FONT="]روى جابر بن عبد الله قال: كنا في غزاة، فكسع(
[FONT="][10][/FONT]) رجل من المهاجرين رجلاً من الأنصار، فقال الأنصاري: يا للأنصار، وقال المهاجري: يا للمهاجرين، فسمع ذلك رسول الله فقال:"ما بال دعوى الجاهلية؟" قالوا: يا رسول الله كسع رجل من المهاجرين رجلاً من الأنصار، فقال: "دعوها فإنها منتنة" فسمع بذلك عبد الله بن أُبي فقال: فعلوها؟ أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل، فبلغ ذلك النبي، فقام عمر فقال: يا رسول الله، دعني أضرب عنق هذا المنافق، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
"دعه، لا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه". (
[FONT="][11][/FONT]) [/FONT]
[FONT="]ثانياً: شرح الحديث:[/FONT]
[FONT="]لم يتطرق أحد من شراح البخاري إلى مضمون هذا الحديث من ناحية الرأي العام، لكن الباحث وجد أن الإمام النووي عندما شرح الحديث نبه إلى ما يلي: [/FONT]
1- [FONT="]قد يترك الإمام الأمور المختارة. [/FONT]
2- [FONT="]الصبر على بعض المفاسد خوفاً من أن تترتب على ذلك مفسدة أعظم منه. [/FONT]
3- [FONT="]كان النبي صلى الله عليه وسلم يتألف الناس ويصبر على جفاء الأعراب والمنافقين؛ لتقوى شوكة المسلمين، وتتم دعوة الإسلام، ويرغب غيرهم في الإسلام، وكان يعطيهم الأموال الجزيلة لذلك، ولم يقتل المنافقين لهذا المعنى، ولإظهارهم الإسلام.(
[FONT="][12][/FONT])[/FONT]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="]رأي الباحث:[/FONT]
[FONT="]يبرز دور الرأي العام في كونه مخصصاً لبعض الأحكام في هذا الحديث، لكن ذلك يدور ضمن دائرة المباحات، ويرى الباحث أن الإمام النووي نبه إلى نقطة هامة وهي: "تقوية شوكة المسلمين" فيمكن للباحث القول إن الرأي العام متأثر بقوة الدولة ومدى بسط نفوذها وهيمنتها. [/FONT]
[FONT="]رؤية قوية متعمقة، وتعكس فهما للكليات، جزى الله الباحث خيرا.[/FONT]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="]النموذج الثالث: فتح مكة:[/FONT]
[FONT="]من خلال البحث في صفحات الإنترنت، وجد الباحث أن أ. د. جعفر إدريس ذكر هذا المثال:[/FONT]
[FONT="]قال الله تعالى:[/FONT] [FONT="]}[/FONT]
[FONT="]وَلَوْلا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ[/FONT][FONT="]{[/FONT][FONT="]. (
[FONT="][13][/FONT]) [/FONT]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="]تمهيد: [/FONT]
[FONT="]نزلت سورة الفتح لما رجع الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم من الحديبية في ذي القعدة سنة ست للهجرة، حين صده المشركون عن الوصول إلى المسجد الحرام ليقضي عمرته فيه، وحالوا بينه وبين ذلك، ثم مالوا إلى المصالحة والمهادنة وأن يرجع عامه هذا ثم يأتي من قابل، فأجابهم إلى ذلك على تكره من الصحابة. (
[FONT="][14][/FONT]) [/FONT]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="]عرض الآية:[/FONT]
[FONT="]أولاً: ما معنى كلمة معرة؟ [/FONT]
[FONT="]المعرَّة: من العرر، وعرَّه: أي ساءه، والمعرة هي: الإثم والأذى، والمساءة والمكروه. (
[FONT="][15][/FONT]) [/FONT]
[FONT="]ثانياً: رأي المفسرين: [/FONT]
[FONT="]عند الرجوع إلى كتب التفسير وقف الباحث على الآتي: [/FONT]
- [FONT="]لولا رجال مؤمنون: المستضعفون من المؤمنين بمكة وسط الكفار. [/FONT]
- [FONT="]لم تعلموهم: أي لم تعرفوهم. [/FONT]
- [FONT="]أن تطئوهم: بالقتل والإيقاع بهم. [/FONT]
- [FONT="]وجواب لولا محذوف وتقديره: لولا أن تطئوهم رجالاً مؤمنين ونساءً مؤمنات لم تعلموهم، لأذن الله لكم في دخول مكة ولسلطكم على الكفار. [/FONT]
- [FONT="]فتصيبكم منهم معرة: أي يقول المشركون قد قتلوا أهل دينهم. [/FONT]
[FONT="]ذلك لو أنهم -أي المسلمين- كسبوا مكة وأخذوها عنوة بالسيف لم يتميز المؤمنون الذين هم فيها من الكفار، وعند ذلك لا يأمنوا أن يقتلوا المؤمنين فتلزمهم الكفارة وتلحقهم المسبة. (
[FONT="][16][/FONT]) [/FONT]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="]ثالثاً: ربط الآية بموضوع البحث: [/FONT]
[FONT="]إن الله عز وجل يبين لعباده في هذه الآية العلة والسبب من منعهم من دخول المسجد الحرام لمقاتلة المشركين، حيث أنه كان بمكة أناس قد آمنوا ولم يكن المسلمون يعلمون بهم، فلو أنهم دخلوا على الكفار بمكة، فلربما قتلوا إخوانهم هؤلاء، فماذا سيحدث حينئذ؟ سيعير الكفار المسلمين بأنهم لا يبالون ولا يأبهون بقتل إخوانهم، ولربما شاع هذا الأمر وصدقه الناس، وصار هذا الأمر تشويهاً لصورة الإسلام، فنظراً لأهمية الرأي العام لم يسمح الله عز وجل للمؤمنين بدخول مكة. (
[FONT="][17][/FONT]) [/FONT]
[FONT="]هنا أجدني أطرح ضرورة أن يتبين المراد بالرأي العام، وهو ما لم يفعله الباحث إلا ما نقله من تعريف لا يتعلق بأهل ملة معينة، وهذا لا يجري على قانون شريعتنا الإسلامية. فالظاهر أن الباحث هنا يقصد الرأي العام للكفار، وهو أنهم سيعايرون المؤمنين، هذا على التسليم بأن ذلك هو من باب الرأي العام لا من باب إشاعة البعض للشائعات ذات الأغراض الدنية. وإن قيل إنه كله يصب في عمومية الرأي العام، قلت: وهذا يستلزم بصورة أدعى أن يبيّن الباحث مراده من الرأي العام؛ حيث لا يكفي – كما يظهر – ما أورده من التعريف العصري؛ حيث ينقصه الإسقاط على المراد في اصطلاح الشرعيين، لأنه المعنى الذي تنبني عليه الأحكام.[/FONT]
[FONT="]النموذج الرابع: إنشاد الشعر في الحرم المكي:[/FONT]
[FONT="] لم يقف الباحث على أحد من المؤلفين ذكر هذا النص ضمن الرأي العام، وإنما وقف عليه الباحث أثناء بحثه في الموسوعات الحديثة.[/FONT]
[FONT="]نص الحديث: [/FONT]
[FONT="]عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة في عمرة القضاء وعبد الله بن رواحة بين يديه يمشي وهو يقول: [/FONT]
[FONT="]خلو بني الكفار عن سبيله
ضرباً يزيل الهام عن مقيله
[/FONT]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="]اليوم نضربكم على تنزيله
ويذهل الخليل عن خليله
[/FONT]
[FONT="]فقال له عمر: يا ابن رواحة: بين يدي رسول الله، وفي حرم الله تقول الشعر، فقال له النبي:"خلِ عنه يا عمر فلهي أسرع فيهم من نضح النبل".(
[FONT="][18][/FONT]) [/FONT]
[FONT="]الشرح:[/FONT]
[FONT="]سعى الباحث كثيراً ليجد تعليقاً من الشراح على هذا الحديث فلم يقف إلا على عبارات للإمام السندي في حاشيته على سنن النسائي، وتعرض فيها إلى صلب الموضوع وتلخص رأيه في: [/FONT]
[FONT="]إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه يرى أن الشعر مكروه، فلا ينبغي أن يكون بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي حرم الله، ولم يلتفت إلى تقرير النبي عليه الصلاة والسلام؛ لاحتمال أن يكون قلبه منشغلاً بما منعه عن الالتفات إلى الشعر، فكانت إجابة النبي صلى الله عليه وسلم أن الشعر هنا مباح التفاتاً إلى معنى آخر وهو كونه (أي الشعر) أسرع في قريش من نضج النبل، أي: أسرع من السهام في التأثير في قلوبهم(
[FONT="][19][/FONT]). [/FONT]
[FONT="]ويرى الباحث هنا أن الرأي العام نظراً لقوته أُجيز الشعر في حرم الله تعالى وبين يدي رسوله صلى الله عليه وسلم.[/FONT]
[FONT="]هذا تأثير في الرأي العام وليس تأثرا بالرأي العام. وبينما ثمرة اختلاف جوهرية، فالذي يظهر من غرض البحث هو (تأثر الأحكام الثابتة بالرأي العام) وليس (إنشاء الرأي العام) والأول هو ما يحمل خطورة البحث، لأن الرأي العام سيكون سائرا تجاه الشرعيات التي نبحث تأثيره فيها. أما الثاني فأيسر، بل مشروع، لأنه إنشاء للرأي العام، وهو وسيلة، والوسائل لها أحكام المقاصد، وتكون كل دعوة للصلاح ولإقامة الدين هي من إنشاء الرأي العام، ويكون القول الذي مدحه الله بأنه يغيظ الكفار هو من إنشاء الرأي العام. فظهر لنا عدم انطباقه على محل البحث.[/FONT]
[FONT="]والله تعالى أعلم.[/FONT]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="]
[/FONT] [FONT="]النتائج والتوصيات[/FONT]
[FONT="]في ختام هذا الدراسة وقف الباحث على النتائج الآتية:[/FONT]
[FONT="]1- إن للرأي العام كبير الدور في تغير بعض الاحكام الشرعية ضمن ضوابط سبق بيانها.[/FONT]
[FONT="]2- ينبغي على الدول الاسلامية والجماعات الاسلامية اليوم النظر في أثر الافعال المراد القيام بها على الرأي العام بحيث يكون نصب اعينهم دوما أن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم اعتد بالرأي العام في تشريعه للاحكام.[/FONT]
[FONT="]لا يمكن أن تبدأ مرحلة تنفيذية تطبيقية على ما سبق من التنظير.[/FONT]
[FONT="]ويوصي الباحث بإجراء مزيد من الدراسات حول نظرية الرأي العام في التشريع الاسلامي.[/FONT]
[FONT="]هو مطلوب. والله تعالى الموفق والهادي إلى سبيل الرشاد.[/FONT]
[FONT="] [/FONT]
http://www.mmf-4.com/vb/#_ftnref1[FONT="]([/FONT][FONT="][FONT="][1][/FONT][/FONT][FONT="]) الذي قام بذلك هو د. سمير محمد حسين في كتابه الرأي العام – الأسس النظرية والجزانب العملية، ط1، 1997م، عالم الكتب، القاهرة، إذ جمع فيه (18) تعريفا للرأي العام، انظر كتابه الآنف الذكر ص 16 وما بعدها[/FONT]
http://www.mmf-4.com/vb/#_ftnref2[FONT="]([FONT="][2][/FONT])[/FONT][FONT="] [/FONT][FONT="]حجاب، محمد منير، أساسيات الرأي العام، ط1، 1998م، دار الفجر للنشر: مصر.، ص 24.[/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="] وللتطلف بالنظر إلى: حاتم، محمد عبد القادر، الرأي العام وتأثره بالإعلام والدعاية، 1989م، مكتبة لبنان، بيروت ، ص 123.[/FONT]
http://www.mmf-4.com/vb/#_ftnref3[FONT="]([FONT="][3][/FONT]) قدور، صفاء، أثر وسائل الإعلام في تكوين الرأي العام، رسالة ماجستير غير منشورة، إشراف د. علي رحال وأ. د. إسماعيل شعبان، جامعة حلب، 1420هـ-2000م.أثر وسائل الإعلام، ص أ.[/FONT]
http://www.mmf-4.com/vb/#_ftnref4[FONT="]([FONT="][4][/FONT]) المرجع السابق، ص 24.[/FONT]
http://www.mmf-4.com/vb/#_ftnref5[FONT="]([FONT="][5][/FONT]) البخاري، صحيح البخاري، كتاب العلم، باب (48) من ترك بعض الاختيار مخافة أن يقصر فهم بعض الناس عنه فيقعوا في أشد منه، حديث رقم 126، ص 27.[/FONT]
http://www.mmf-4.com/vb/#_ftnref6[FONT="]([FONT="][6][/FONT]) ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، (ت852هـ)، فتح الباري شرح صحيح البخاري، قرأ أصله تحقيقاً وتعليقاً: الشيخ عبد العزيز بن باز، ط: بدون، دار المعرفة، بيروت.ج 18/ ص225.[/FONT]
http://www.mmf-4.com/vb/#_ftnref7[FONT="]([/FONT][FONT="][FONT="][7][/FONT][/FONT][FONT="]) [/FONT][FONT="]ابن بطال، ابن بطال، أبو الحسين، علي بن خلف، (ت449هـ)، شرح صحيح البخاري، ضبط نصه وعلق عليه: ياسر إبراهيم، ط1، 1420هـ، 2000م، مكتبة الرشد، الرياض ج1/ ص25.[/FONT][FONT="][/FONT]
http://www.mmf-4.com/vb/#_ftnref8[FONT="]([FONT="][8][/FONT]) [/FONT][FONT="]النووي، شرح صحيح مسلم النووي، أبو زكريا، يحيى بن شرف النووي، (ت 676 هـ)، المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج، إشراف: حسن قطب، ط1، 1424هـ-2003م، دار عالم الكتب: السعوديةج9 /ص 95.[/FONT][FONT="][/FONT]
http://www.mmf-4.com/vb/#_ftnref9[FONT="]([/FONT][FONT="][FONT="][9][/FONT][/FONT][FONT="]) [/FONT][FONT="]لاشين، تيسير صحيح البخاري، لاشين، موسى شاهين، تيسير صحيح البخاري، ط1، 1423هـ-2003م، مكتبة الشروق الدولية: القاهرةج1 / ص78.[/FONT][FONT="][/FONT]
http://www.mmf-4.com/vb/#_ftnref10[FONT="]([FONT="][10][/FONT]) الكسع: كسعه أي: ضرب دبره بيده، أو بصدر قدمه.[/FONT]
[FONT="]الفيروز آبادي، أبو طاهر، محمد بن يعقوب، (ت 817هـ)، القاموس المحيط، تحقيق: مكتب تحقيق التراث في مؤسسة الرسالة، ط:6، 1419هـ،1998م، مؤسسة الرسالة، بيروت، ص 759 مادة: كسع[/FONT]
http://www.mmf-4.com/vb/#_ftnref11[FONT="]([FONT="][11][/FONT]) البخاري، صحيح البخاري، كتاب (65) التفسير، باب (5)، قوله "سواء عليهم أستغفرت لهم" حديث رقم: 4905، ص 870-871.[/FONT]
http://www.mmf-4.com/vb/#_ftnref12[FONT="]([FONT="][12][/FONT]) النووي، شرح صحيح مسلم، ج16/ص140.[/FONT]
http://www.mmf-4.com/vb/#_ftnref13[FONT="]([FONT="][13][/FONT]) سورة الفتح، آية 25.[/FONT]
http://www.mmf-4.com/vb/#_ftnref14[FONT="]([FONT="][14][/FONT]) ابن كثير، أبو الفداء، إسماعيل، (ت 774هـ)، تفسير القرآن العظيم، اعتنى به وضبط نصوصه: محمد الخن، ط1، مؤسسة الرسالة: بيروت، ص 1123-1224.[/FONT]
http://www.mmf-4.com/vb/#_ftnref15[FONT="]([FONT="][15][/FONT]) انظر:[/FONT]
[FONT="]ابن منظور، ابن منظور، جمال الدين، محمد بن مكرم، (ت 711هـ)، لسان العرب، ط: بدون 1375هـ-1955م، دار صادر ودار بيروت: بيروت، ج4/556، مادة عرر.[/FONT][FONT="] [/FONT]
- [FONT="]الفيروزآبادي، القاموس المحيط، ص 438، مادة عرر.[/FONT]
http://www.mmf-4.com/vb/#_ftnref16[FONT="]([FONT="][16][/FONT]) للتطلف بالنظر إلى: [/FONT]
[FONT="] - [/FONT][FONT="]القرطبي، أبو عبد الله، محمد بن أحمد (ت 671هـ)، الجامع لأحكام القرآن، اعتنى به: الشيخ عصام البخاري، ط: بدون، 1423هـ-2003م، عالم الكتب: الرياض، ج16/ ص 285-286.[/FONT][FONT="] [/FONT]
- [FONT="]الشوكاني، محمد بن علي بن محمد، (ت 1250هـ)، فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية في علم التفسير، ط1، 1421هـ-2000م، دار ابن حزم، بيروت، ص 1656.[/FONT]
[FONT="] [/FONT][FONT="]- الفخر الرازي، أبو عبد الله، محمد بن عمر، (ت 606هـ)، التفسير الكبير، ط2، 1417 هـ-1997م، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ج10/ ص 28.[/FONT][FONT="][/FONT]
- [FONT="]قطب، سيد، في ظلال القرآن، ط7، 1391هـ-1971م، دار إحياء التراث العربي: بيروت، ج7/ ص 509.[/FONT]
http://www.mmf-4.com/vb/#_ftnref17[FONT="]([FONT="][17][/FONT]) أ. د. جعفر أدريس، من قواعد الدين المحافظة على سمعة المسلمين، منشور في موقع: [/FONT]
Http://www.jaafaridris.com/arabic/maalim/min_qawid.thm[FONT="][/FONT]
http://www.mmf-4.com/vb/#_ftnref18[FONT="]([/FONT][FONT="][FONT="][18][/FONT][/FONT][FONT="]) الترمذي، أبو عيسى، محمد بن عيسى، (ت279هـ)، سنن الترمذي، ط1، 1422هـ-2002م، دار ابن حزم- بيروت، كتاب: الأدب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في إنشاد الشعر، حديث رقم: 2852، ص 796.وقال عنه الترمذي:"هذا حديث حسن غريب".[/FONT]
[FONT="] [/FONT]
http://www.mmf-4.com/vb/#_ftnref19[FONT="]([/FONT][FONT="][FONT="][19][/FONT][/FONT][FONT="]) [/FONT][FONT="]السندي، أبو الحسن، نور الدين، محمد بن عبد الهادي، (ت 1138هـ)، حاشية السندي على سنن النسائي، (مطبوع مع سنن النسائي بشرح السيوطي)، تحقيق: مكتب تحقيق التراث بدار المعرفة، ط2، 1414هـ-1994م، دار المعرفة، بيروت، رقم 2873، ج5 / ص 223 (مطبوع مع سنن النسائي بشرح السيوطي).[/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="] [/FONT]