العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

سلسلة مباحث الإجماع والشذوذ (6) الإجماع والشذوذ عند الـ د. القرضاوي

إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
الإجماع والشذوذ عند الـ د. القرضاوي
يقول د. يوسف القرضاوي حفظه الله في كتابه فقه الزكاة:
"وهذا قد يجعلني في بعض المسائل آخذ بقول مهجور غير مشهور وأعرض عن قول الجمهور فليس الصواب دائما مع الفكرة ولا الخطأ دائما مع القلة
فرب رأي انفرد به فقيه تؤيده الحجة، ويشد أزره المنقول والمعقول
وهذا على كل حال يحدث على قلة ولكني لا أخاف عقباه
وما الذي يخيفني من هذا، وقد رأيت من كبار الأئمة من لا يبالي أن يقف وحده متمسكا برأيه وإن رأى جمهور الناس على خلافه
فهذا ابن عباس يقول: أمر ليس في كتاب الله عز وجل ولا في قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وستجدونه في الناس كلهم: ميراث الأخت مع البنت فلم ير الناس كلهم حجة على نفسه.
وهذا مالك يفتى بالشفعة في الثمار ويقول: إثر فتياه به: "إنه لشيء ما سمعته ولا بلغني أن أحدا قاله"
ولكل إمام من الأئمة المتبوعين مسائل شتى انفردوا فيها برأي لم يسبق لغيرهم، ولم يروا في ذلك حرجا، وقد نظمت مفردات مذهب الإمام أحمد في كتاب خاص."([1])

كما بين الـ د. يوسف القرضاوي في موضع آخر من كتابه أن الأصل الثاني الذي ارتكز عليه منهجه في الاختيار والترجيح والاستنباط هو احترامه للإجماع المتيقن كما بيَّن فيه متى يخرج من الإجماع ومتى لا يخرج بحدود واضحة.
يقول حفظه الله:
" 2- احترام الإجماع المتيقن:
فإن اتفاق علماء الأمة جميعًا على حكم شرعي -وخاصة في القرون الأولى- يدل دلالة واضحة على أنهم استندوا فيما أجمعوا عليه إلى اعتبار شرعي صحيح من نص أو مصلحة أو أمر محسوس، فينبغي أن يحترم إجماعهم، لتبقى مواضع الإجماع في الشريعة، هي الضوابط التي تحفظ التوازن، وتمنع البلبلة والاضطراب الفكري.
وذلك:
1- كإجماعهم على وجوب الزكاة في الذهب بنسبة زكاة الفضة: ربع العشر.
2- وكإجماعهم على أن المثقال درهم وثلاثة أسباع ...
إلى غير ذلك من الأمثلة.
وإنما قلت :"الإجماع المتيقن"
لأن بعض الفقهاء نقل الإجماع في مسائل ثبت فيها الخلاف عند غيرهم.
وسبب هذا: "أن العلماء المجتهدين في العصور الأولى كانوا منتشرين في عامة الأقطار والبلدان، وكانوا من الكثرة بحيث يتعسر معرفة أقوالهم في كل مسألة اجتهادية، وهذا ما جعل الإمام أحمد يقول: " من أدعى الإجماع فهو كاذب، لعل الناس اختلفوا ما يدريه؟ ولم ينته إليه فليقل: لا نعلم الناس اختلفوا، أو لم يبلغني ذلك".
وهناك أمثلة كثيرة ادعى فيها الإجماع أو قرر فيها عدم العلم بالخلاف، ومع هذا ثبت الخلاف:
فهذا الشافعي يقول في زكاة البقر: في الثلاثين تبيع، وفى الأربعين: مسنة لا أعلم فيه خلافًا.
مع ثبوت الخلاف في ذلك عن جابر بن عبد الله وسعيد بن المسيب وقتادة، وعمال ابن الزبير بالمدينة وغيرهم.([2])
وهذا ابن المنذر: ينقل الإجماع على أن زكاة الأموال لا يجوز أن تُعْطَى لغير المسلمين مع أن غيره روى عن الزهري وابن سيرين وعكرمة جواز الصرف منها لغير المسلمين، وهو ظاهر مذهب عمر فيما روى عنه.([3])
وقال ابن قدامة في "المغنى": لا نعلم خلافًا في أن بنى هاشم لا تحل لهم الصدقة المفروضة.
وعلق على ذلك الحافظ ابن حجر في "الفتح : "بقوله:
كذا قال، وقد نقل الطبري الجواز أيضًا عن أبى حنيفة، وقيل عنه: يجوز لهم إذا حرموا سهم ذوى القربى. حكاه الطحاوي ونقله بعض المالكية عن الأبهري منهم وهو وجه لبعض الشافعية، وعن أبى يوسف: يحل من بعضهم لبعض، وعند المالكية فى ذلك أربعة أقوال مشهورة: الجواز، المنع، جواز التطوع دون الفرض، عكسه([4])... الخ.
يقول د. يوسف القرضاوي:
إن هذا الإجماع المُدَّعى، لا حرج علينا إذا خالفناه لدليل رأيناه، لأنه في الواقع ليس بإجماع. أما الإجماع المتيقن - أعنى الذي لم يعرف فيه خلاف قط - فرغم ما أثير من جدل حول إمكانه ووقوعه وحجيته، فلم ألجأ إلى مخالفته في حكم من الأحكام، للاعتبار الذي ذكرته قبل.
لكنى قد:
أخالف الإجماع على رأي من يقول من علماء الأصول: إذا اختلف أهل عصر في مسألة على قولين فلا يجوز لمن بعدهم إحداث قول ثالث، لأن الأمة إذا اختلفت على قولين فقد أجمعت -من جهة المعنى- على المنع من إحداث قول ثالث، واختار الآمدي: أن القول الثالث إن كان يرفع ما اتفق عليه القولان فهو غير جائز، وإلا بأن وافق كل واحد من القولين من وجه وخالفه من وجه فهو جائز إذ ليس فيه خرق الإجماع.([5])
مثال ذلك:
أن أبا حنيفة قال: العشر على مالك الأرض.
وقال الجمهور: على المستأجر.
فالمتفق عليه بين القولين: أن العُشر واجب.
فإذا قلنا: إن العُشر على المستأجر في محصول الزرع بعد رفع قيمة الإيجار الذي دفعه للمالك.
وقلنا: إن على المالك تزكية الأجرة التي أخذها من المستأجر.
لا نكون -على رأى الآمدي- خارقين للإجماع.
على أن من العلماء من قال:
إن الاختلاف على قولين في مسألة دليل تسويغ الاجتهاد فيها، والقول الثالث إنما هو وليد الاجتهاد فهو جائز، وقد أحدث بعض التابعين قولاً ثالثاُ في بعض المسائل لم يقله الصحابة، كما روى عن ابن سيرين ومسروق([6]) وغيرهم، وهو المختار ما دامت المسألة من المسائل الاجتهادية التي تحتمل أوجهًا للنظر والاجتهاد."([7])

([1]) 1/22

([2]) (الإحكام لابن حزم).

([3])(انظر مبحث "إعطاء الزكاة لغير المسلمين" من باب "مصارف الزكاة")

([4]) (انظر فتح الباري: 3/227، وانظر هذا المبحث من الفصل التاسع من مصارف الزكاة).

([5]) . (انظر الأحكام للآمدي: 1/137، 138).

([6]) (انظر الأحكام للآمدي: 1/137، 138)

([7]) فقه الزكاة (2/25-27).
 

السرخسي

:: مخالف لميثاق التسجيل ::
إنضم
21 سبتمبر 2008
المشاركات
170
التخصص
عام
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
مالكي
جزاك الله خير .. وكتاب العلامه يوسف القرضاوي ( فقه الزكاة ) من افضل كتبه وقد كتب الامام المحدث محمد ناصر الدين الالباني رحمه الله كتاباً في تخريج احاديث هذا الكتاب حسب ما اذكر ...

وكذلك كتب رحمه الله كتاب في تخريج كتاب العلامه القرضاوي الآخر المشهور ( الحلال والحرام في الاسلام ) .
 
إنضم
29 أغسطس 2008
المشاركات
26
التخصص
لغة ودراسات قرآنية
المدينة
جبل عمور
المذهب الفقهي
مذهب الإمام مالك
بارك الله في الشيخ فؤاد.
أظن أن الشيخ السرخسي واهم لما ذكر أن العلامة الألباني قد خرج أحاديث كتاب فقه الزكاة، والصواب كما ذكرت أنه خرج أحاديث الحلال والحرام في الإسلام للشيخ يوسف، والله الموفق.
لعلي سأعرض بعض الأسئلة الخاصة بالموضوع على الشيخ فؤاد فيما يستقبل إن شاء الله.
 
أعلى