العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

تحرير القول في الحكم على طريقة ومنهج أبي حاتم محمد بن حبان رحمه الله

إنضم
23 مارس 2008
المشاركات
677
التخصص
الحديث وعلومه
المدينة
برمنجهام
المذهب الفقهي
شافعي
اشتهر وذاع عند كثير من المتأخرين الحكم بالتساهل مطلقا على طريقة جماعة من الأئمة المتقدمين، من هولاء الذين يحكم عليهم بعض الناس بالتساهل الإمام محمد بن حبان البستي-رحمه الله- وهو من أعيان الأئمة الكبار وأبرز المحدثين النقاد، وقد رأيت أن ممن حرر القول في الحكم علي طريقته وأبان الحديث عن منهجه بناء على استقراء وتتبع عميقين لأهم كتب ابن حبان في هذا الباب الشيخان الفاضلان: شيخنا الفاضل أبو محمد عبد الله بن يوسف الجديع في كتابه المتين: "تحرير علوم الحديث" وقد أطال النفس محررا لهذا الحكم في تسع صفحات تقريبا، وكذلك الشيخ الفاضل سليمان العلوان-حفظه ورعاه أيضا في رسالة له لطيفة بعنوان" منهج الإمام أبي حاتم محمد بن حبان البستي في بعض كتبه هناك "

قال الشيخ أبو محمد في التحرير في الجزء الأول من (ص 325-334)

طريقة ابن حبان :
هو أشهر من عيب عليه من النقاد التوسع في التعديل ، وتحرير القول في ذلك فيما يلي :
اعلم أن ابن حبان ، رحمه الله ، ألزم نفسه بتقسيم النقلة إلى ( ثقات ) و ( مجروحين ) ، وصنف كتابيه المعروفين في ذلك : " الثقات " و " المجروحين " ، فكان يجعل كل من وقف على اسمه منهم في واحد من القسمين .
فإذا كان الراوي ظاهر الأمر عنده في الثقة ، أو يقرب من ذلك ، أو يرجح إلى جهته ، يدخله في ( الثقات ) .
وإذا كان ظاهر الأمر في المجروحين ، أو يقرب منهم ، أو يرجح عنده جرحه ، فهو في ( المجروحين ) .
وهذان ظاهران .
وطائفة هي محل تردده ، فربما مال إلى إدخالهم في ( الثقات ) ونبه على ما يؤخذ عليهم كالخطأ ، فيقول : " يخطئ " ، وربما قال : " يخطئ كثيراً " ، وربما عدهم فيهم وهو يستخير الله في قبول حديثهم ، وقد يدخل الرجل ممن تردد فيه في ( المجروحين ) ، فيصفه أيضاً بكونه " يخطئ " أو " يخطئ كثيراً " ، وربما علق أمره على الاستخارة .
فمثاله في ( الثقات ) : ( إبراهيم بن سليمان الزيات ) ، قال : " مستقيم الحديث إذا روى عن الثقات " ، ثم قال : " وهو أقرب من الضعفاء ، ممن أستخير الله فيه " ( 674 ) .
بينما أورد جماعة في ( المجروحين ) ، وهم عنده من هذا النحو ، منهم :
بهز بن حكيم ، قال : " لولا حديث : إنا آخذوه وشطره إبله ، عزمة من عزمات ربنا ، لأدخلناه في الثقات ، وهو ممن أستخير الله عز وجل فيه " ( 675 ) .
جعفر بن الحارث أبو الأشهب ، قال : " كان يخطئ في الشيء بعد الشيء ، ولم يكثر خطؤه حتى يصير من المجروحين في الحقيقة ، ولكنه ممن لا يحتج به إذا نفرد ، وهو من الثقات يقرب ، وهو من أستخير الله فيه " ( 676 ) .
وقال نحواً من ذلك في ( خالد بن يزيد بن أبي مالك الدمشقي ) ( 677 ) ، و ( خصيف بن عبد الرحمن الجزري ) ( 678 ) ، و ( سويد بن عبد العزيز ) ( 679 ) ، و ( يحيى بن أبي سليم أبي بلج الفزاري ) ( 680 ) .
ومن كانوا على هذه الصفة فهم موضع تردد ابن حبان يجعلهم في ( الثقات ) أو في ( الضعفاء ) ، وهؤلاء لا يجعل قوله حكماً فيهم ، إنما يدفع تردده بقول غيره من النقاد ، فيصار بالراوي إلى ( الثقات ) أو ( الضعفاء ) .

ومما يؤخذ عليه :
أنه أورد جماعة من الرواة في الكتابين جميعاً ( الثقات ) و ( المجروحين ) ، مما يعد من تناقضه ، منهم : إسماعيل بن محمد بن جحادة اليامي ( 681 ) ، رزيق أبو عبد الله الألهاني الشامي ( 682 ) ، وزياد بن عبد الله النميري ( 683 ) ، وسعيد بن مسلمة بن هشام بن عبد الملك الأموي ( 684 ) ، وسهل بن معاذ بن أنس الجهني ( 685 ) ، وعبد الواحد بن نفيع ( أو : نافع ) بن علي أبو الرماح الكلاعي ( 686 ) ، وعمر بن إبراهيم العبدي ( 687 ) ، وعمران بن ظبيان الأسلمي ( 688 ) ، وكنانة بن العباس بن مرداس السلمي ( 689 ) .
وما وقع فيه ابن حبان من ذلك فليس تردداً ، بل هو خطأ ، وصواب قوليه يتميز بحكم غيره ، أما قولاه هو فحيث تناقضا فقد تساقطا ، إذ أبطل أحدهما الآخر .
نعم ، ربما وقع في ذلك لظنه الفرق بن شخصين ، كالذي وقع منه في شأن ( عباد ( 690 ) بن مسلم الفزاري ) فإنه أورده في ( الثقات ) ( 691 ) ، وأورده في ( المجروحين ) فقال : " منكر الحديث على قلته ، ساقط الاحتجاج بما يرويه ؛ لتنكبه عن مسلك المتقنين في الأخبار ، واحسبه الذي يروي عن الحسن ، الذي يروي عنه الثوري وأبو نعيم ، فإن كان كذلك فهو مولى بني حصن ، كوفي يخطئ " ( 692 ) .
لكن يبقى صنف من الرواة ليسوا بواحد من الأقسام المتقدمة : وهم من أوردهم في " الثقات " ممن لا يعرف ، ويبين هو نفسه في بعضهم أنه لا يدري من يكونون ، وهؤلاء سبب وصفه بالتساهل .
والتحقيق : أن ابن حبان لمن تأمل كتابيه يجده إماماً بصيراً بالنقلة ، يعرضهم على موازين النقد ، ويحرر أحوالهم في الرواية من خلال مروياتهم ، وهو ذاته منهج متقدمي الأئمة . وهو في إيراد هذا الصنف من الرواة في ( الثقات ) فمن أجل أنه جعل الأصل في كل راو لم يقف في روايته على ما يطعن فيه لأجله اللحاق بالثقات ، وإن كان لا يدري من يكون ذلك الرواي .
وحيث علمنا أن ابن حبان إذا لم يثبت عنده كون الراوي مجروحاً فإنه يدخله في ( الثقات ) ، وأنه أدخل فيهم من لا يعرفه ، فهذا المنهج لا يعني أن من في كتابه من هؤلاء فهم ممن يحتج بهم ، بل فيهم من هو حجة ، وفيهم من دون ذلك ممن هو صالح للاعتبار ، والمستورون والمجهولون الذين لم يثبت عليهم فيما رووا حديث منكر يحتملون هم وزره ، فهؤلاء يعتبر بهم ، ويحتج بحديثهم لغيره ، وربما خرج حديثهم في " الصحاح " متابعة .
وهذا منهج لا يعرف فيه اختلاف من حيث الجملة .
ولم أر وجهاً لعيب ابن حبان بهذا خلافاً لما جرى عليه طائفة من المتأخرين ؛ لأننا قد تبينا منهجه ، فغاية الأمر أن لا نجعل من مجرد إيراد الراوي في ( الثقات ) صحة الاحتجاج به ، حتى ينضم إلى ذلك سائر شروط الاحتجاج .
والروي يلحق بالثقات ولا يحتج به منهج قديم ، فهذا أبو حاتم الرازي مثلاً على تشدده يقول في ( محل بن محرز ) : " كان آخر من بقي من ثقات أصحاب إبراهيم ، ما بحديثه بأس ، ولا يحتج بحديثه ، كان شيخاً مستوراً ، أدخله البخاري في كتاب الضعفاء ، يحول من هناك " ( 693 ) .
وهذا يدل على أمور :
أولها : يكون الرجل ثقة ، ولا يحتج به .
وثانيها : المستور ثقة ، ولا يحتج به .
وثالثها : من هذا وصفه لا يلحق بالضعفاء .
وهذا في الأمرين الأول والثالث منهج ابن حبان في " ثقاته " في الرواة غير المشهورين بالثقة والعدالة .
يتأيد هذا بتفسير ابن حبان نفسه للعدالة ، فإنه قال : " العدالة في الإنسان : هو أن يكون أكثر أحواله طاعة الله ؛ لأنا متى ما لم نجعل العدل إلا من لم يوجد منه معصية بحال ، أدانا ذلك إلى أن ليس في الدنيا عدل ، إذ الناس لا تخلو أحوالهم من ورود خلل الشيطان فيها ، بل العدل من كان ظاهر أحواله طاعة الله ، والذي يخالف العدل من كان أكثر أحواله معصية الله " ( 694 ) .
قلت : وهذا لا يخالف في شيء تفسير ( العدالة ) عند من تقدمه من أهل العلم ، وهي العدالة الدينية.
فأما العدالة الموجبة لصحة الاحتجاج بحديث الراوي ، وهي اقتران الضبط إلى العدالة في الدين ، فيبينها ابن حبان في " صحيحه " بقوله : " وقد اعتبرنا حديث شيخ شيخ على ما وصفنا من الاعتبار على سبيل الدين ، فمن صح عندنا منهم أنه عدل احتججنا به ، وقبلنا ما رواهُ ، وأدْخلناه في كتابنا هذا ( 695 ) ومن صحَّ عندنا أنه غيرُ عدلٍ بالاعتبار الذي وصفناه لم نحتج به ، وأدخلناه في كتاب المجروحين من المحدثين بأحد أسباب الجرح " ( 696 ) .
قلت : ومنهجية اعتبار حديث الراوي طريق عامة النقاد قبل ابن حبان ، وهو على الأثر فيه ، ويبينه في مواضع من كتابيه في الثقات والمجروحين ، ومن عبارته في ذلك :
قال في ترجمة ( عبد الله بن المؤمل المخزومي ) : " كان قليل الحديث ، منكر الرواية ، لا يجوز الاحتجاج بخبره إذا انفرد ؛ لأنه لم يتبين عندنا عدالته فيقبل ما انفرد به ؛ وذاك أنه قليل الحديث ، لم يتهيأ اعتبار حديثه بحديث غيره لقلته فيحكم له بالعدالة أو الجرح ، ولا يتهيأ إطلاق العدالة على من ليس نعرفه بها يقيناً فيقبل ما انفرد به ، فعسى نحل الحرام ونحرم الحلال برواية من ليس بعدل ، أو نقول على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يقل اعتماداً منا على رواية من ليس بعدل عندنا ، كما لا يتهيأ إطلاق الجرح على من ليس يستحقه بإحدى الأسباب التي ذكرناها من أنواع الجرح في أول الكتاب ، وعائذ بالله من هذين الخصلتين : أن نجرح العدل من غير علم ، أو نعدل المجروح من غير يقين " ( 697 ) .
وقال في ترجمة ( سعيد بن زياد بن أبي هند الداري ) : " الشيخ إذا لم يرو عنه ثقة ، فهو مجهول ، لا يجوز الاحتجاج به ، لأن رواية الضعيف لا تخرج من ليس بعدل عن المجهولين إلى جملة أهل العدالة ، كأن ما روى الضعيف وما لم يرو في الحكم سيان " ( 698 ) .
وقال في ترجمة ( عبد الرحمن بن أبي نصر بن عمرو ) : " منكر الحديث على قلة روايته ، يروي عن أبيه المناكير ، وأبوه مجهول ، لا يدري من هو ، ولا يعلم له من علي سماع ، وفي دون هذا ما يسقط الاحتجاج برواية من هذا نعته " ( 699 ) .
وقال في ترجمة ( عمران بن مسلم القصير ) : " ولا يجوز أن يحكم على مسلم بالجرح ، وأنه ليس بعدل ، إلا السبر " ( 700 ) .
وقال في ترجمة ( عائذ الله المجاشعي ) : " منكر الحديث على قلته ، لا يجوز تعديله إلا بعد السبر ، ولو كان ممن [لا] يروي المناكير ، ووافق الثقات في الأخبار ، لكان عدلاً مقبول الرواية ، إذ الناس أحوالهم على الصلاح والعدالة ، حتى يتبين منهم ما يوجب القدح فيجرح بما ظهر منه من الجرح ، هذا حكم المشاهير من الرواة ، وأما المجاهيل الذين لم يرو عنهم إلا الضعفاء ، فهم متروكون على الأحوال كلها " ( 701 ) .
وقال في ترجمة ( محمد بن عطية بن سعد العوفي ) : " منكر الحديث جداً ، مشتبه الأمر ، لا يوجد الاتضاح في إطلاق الجرح عليه ؛ لأنه لا يروي إلا عن أبيه ، وأبو ليس بشيء في الحديث ، ولا يروي عنه إلا أسيد بن زيد ، وأسيد يسرق الحديث ، فلا يتهيأ إطلاق القدح على من يكون بين ضعيفين إلا بعد السبر والاعتبار بما يروي عن غير الضعيف ، ولا سبيل إلى ذلك فيه فهو ساقط الاحتجاج ، حتى تتبين عدالته بروايته عن ثقة إذا كان دونه ثقة ، واستقامت الرواية فلم يخالف الثقات " ( 702 ) .
قلت : فهذه النصوص المفسرة دالة على ما يلي :
أولاً : أن الطريق إلى تبين عدالة الراوي عنده هو اختبار حديثه .
وهذه هي العدالة الموجبة لقبول حديثه ، وهي الإتقان لما رواه ، وهذا طريق عامة الأئمة في أكثر الرواة .
ثانياً : أن العدالة تثبت عنده برواية الواحد الثقة .
وحيث إنه اعتبر اختبار حديث الراوي وسلامته من النكارة علامة على عدالته في النقل ، دل على أن العدالة التي تثبت عنده برواية واحد ثقة إنما هي ما ترتفع به جهالة عينه ويثبت بها شخصه ، وقد تقدم أنه مذهب لغيره ، بل عليه عمل النقاد في رواة ما روى عنهم إلا الفرد من الثقات ، لم يرو أحدهم منكراً ، فصاروا إلى توثيقه وقبوله .
ثالثاً : أنه جرح رواة بالجهالة ، لكنها عنده ثابته للراوي الذي لم يعرف إلا من رواية مجروح لا يعتبر به عنده عن ذلك الراوي .
وهذا القدر صحيح ، موافق لطريقة غيره ، ويبقى : الراوي لا يروي عنه إلا واحد من الثقات ، فهذا قد يصفه غير ابن حبان بالجهالة ، وقد يختبر حديثه فيلحقه بحسب ما تبين له إما بالمجروحين أو بالثقات ، وابن حبان لم يتجاوز هذا ، غاية أمره أنه تعنى اختبار حديث الراوي بالقدر الذي وقف عليه منه ، فصار بذلك إلى تبين ضبطه فألحقه بالثقات ، أو ضعفه ، فألحقه بالمجروحين ، والأدلة على إلحاقه الراوي من هؤلاء بالثقات بناء على اختبار حديثه كثيرة في كتابه ( الثقات ) ، وقد تتبعت ذلك بما يطول بيانه هنا .
لكن الواجب اعتباره ما بينته قبل : أن رجال ( الثقات ) فيهم الثقة المحتج به ، وفيهم الصالح للاعتبار وليس بحجة .
وهذا مما يتعذر معه اعتماد إيراد ابن حبان للراوي في الثقات على أنه ( ثقة ) يحتج به عنده ، إلا أن يوجد فيما ذكره قرينة تدل على أن ذلك الراوي في محل من يحتج به ، كأن يقول : ( مستقيم الحديث ) ، وقد قالها في طائفة ، وإلا فما لك إلا أن تفسر قدر توثيق ابن حبان بمقالات سائر النقاد في الراوي .
ولست أرى في هذا شيئاً من التساهل ، ولكنه فوت فائدة الفصل بين ثقة محتج به ، وصالح يعتبر به .
لكن ، ليس في ( الثقات ) راو لا يعتبر به على رأي ابن حبان .
وكذلك ليس كل راو في ( المجروحين ) أراد ابن حبان إسقاط حديثه مطلقاً ، بل فيهم المتروك وفيهم من يعتبر بما يوافق فيه الثقات من حديثه ، وهو يبين ذلك .
وأما قول ابن حجر : " هذا الذي ذهب إليه ابن حبان من أن الرجل إذا انتفت جهالة عينه كان على العدالة إلى أن يتبين جرحه ، مذهب عجيب ، والجمهور على خلافه ، وهذا هو مسلك ابن حبان في كتاب ( الثقات ) الذي ألفه ، فإنه يذكر خلقاً ممن ينص عليهم أبو حاتم وغيره على أنهم مجهولون ، وكان عند ابن حبان أن جهالة العين ترتفع برواية واحد مشهور ، وهو مذهب شيخه ابن خزيمة ، ولكن جهالة حاله باقية عند غيره " ( 703 ) .
وقول ابن حجر أيضاً في ترجمة ( أيوب ) رجل ذكره ابن حبان في ( الثقات ) وقال : " لا أدري من هو ، ولا ابن من هو " : " وهذا القول من ابن حبان يؤيد ما ذهبنا إليه : من أنه يذكر في كتاب ( الثقات ) كل مجهول روى عنه ثقة ، ولم يجرح ، ولم يكن الحديث الذي يرويه منكراً ، هذه قاعدته ، وقد نبه على ذلك الحافظ صلاح الدين العلائي ، والحافظ شمس الدين بن عبد الهادي ، وغيرهما " ( 704 ) .
فأقول : ليس مذهباً عجيباً ، ولا هو خلاف قول الجمهور ، وإنما هو على ما بينت ، إلا أن يعني ابن حجر بقول الجمهور أن جهالة الحال لا تثبت إلا براوية اثنين ، وهذا قدمت من قبل له أمثلة من كلام أحمد بن حنبل وأبي حاتم الرازي وأبي زرعة الرازي فيها توثيق من لم يرو عنه إلا واحد ، وبينه كلام أبي حاتم وأبي زرعة بناء على استقامة حديثه ، وكذلك صنع ابن حبان .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

( 674 ) النكت على ابن الصلاح ( 2 / 635 ) .

( 675 ) النكت ( 2 / 635 ) .

( 676 ) الجرح والتعديل ( 2 / 2 / 58 ) .

( 677 ) ميزان الاعتدال ( 2 / 426 ) .

( 678 ) تهذيب التهذيب ( 2 / 340 ) .

( 679 ) سؤالات الآجري لأبي داود ( النص : 166 ) .

( 680 ) ترتيب ثقات العجلي ( النص : 1777 ) .

( 681 ) أخرجه عُثمان الدارمي في " تاريخه " ( النص : 703 ) وابن أبي حاتم في " التقدمة " ( ص : 161 ، 169 ) والبغوي في " الجعديات " ( رقم : 1074 ) وعبد الله بن أحمد في " العلل " ( النص : 5077 ) والخطيب في " الكفاية " ( ص : 517 ) بإسناد صحيح . وروى ابنُ أبي حاتم كذلك في " التقدمة " ( ص : 169 _ 170) و " الجرح والتعديل " ( 1 / 1 / 34 ، و 2 / 1 / 370 ) والبغوي أيضاً ( رقم : 1073 ، 1075 ) وعبد الله في " العلل " ( النص : 5068 ) والرامهرمزي ( ص : 522 ) وابنُ عدي ( 1 / 151 ) والحاكم في " المدخل إلى كتاب الإكليل " ( ص : 43 ) والخليلي في " الإرشاد " ( 2 / 487 ) والخطيب في " الكفاية " وابنُ عبد البر في " التمهيد " ( 1 / 35 ) معناه من غير وجه .

( 682 ) أخرجه ابن أبي حاتم في " تقدمة الجرح والتعديل " ( ص : 68 ) بإسناد صحيح .

( 683 ) أخرجه ابن أبي حاتم في " تقدمة الجرح " ( ص : 117 ) وإسناده صحيح .

( 684 ) أخرجه ابن أبي حاتم في " تقدمة الجرح " ( ص : 82 ) وإسناده صحيح .

( 685 ) أخرجه ابن أبي حاتم في " التقدمة " ( ص : 233 _ 234 ) وإسناده جيد .

( 686 ) أخرجه أحمد في " العلل " ( النص : 476 ) _ ومن طريقه : ابن عبد البر في " التمهيد " ( 1 / 37 ) _ وابن سعد في " الطبقات " ( ص : 179 _ القسم المتمم ) وإسناده صحيح .
( 687 ) في " مُسنده " ( 3 / 465 ) .

( 688 ) أخرجه ابن أبي حاتم في " التقدمة " ( ص : 245 ) بإسناد صحيح إلى يحيى .

( 689 ) أثر صحيح . أخرجه الخطيب في " الكفاية " ( ص : 457 ) من طريق مُحمد بن عباد ، عن سُفيان به ، وإسناده جيد .

ورَوى ابن عيينة عنه معنى ذلك كذلك في قصة ابن جريج من غير هذا الوجه ، أخرجه الرامهرمزي ( ص : 436 ) والخطيب في " الكفاية " ( ص : 457 ) .

( 690 ) أخرجه البغوي في " الجعديات " ( رقم : 2962 ) عن مُحمد بن علي الجوزجاني المعروف بحمدان الوراق عن أحمد ، وإسناده صحيح ، الجوزجاني من أصحاب أحمد بغدادي ثقة .

( 691 ) أخرجه يعقوب بن سفيان في " المعرفة " ( 2 / 139 ) _ ومن طريقه : الخطيب في " الكفاية " ( ص : 388 ) بأوله _ وإسناده صحيح .

( 692 ) ووجدت النص عن يحيى القطان قد حدَّث به يحيى بن مَعين عنه في " تاريخه " ( النص : 543 ) وفيه : ( طاوس ) لا ( ابن طاوس ) ، وكذلك في نسخه من " التقدمة " لابن أبي حاتم ، كما في الهامش ، فإن كان كذلك فإن ابن جريج روى عن طاوس شيئاً معنعناً .

( 693 ) مشاهير علماء الأمصار ( ص : 146 ) ، ونحوه في " الثقات " ( 7 / 331 ) . وعدم سماع ابن جريج التفسير من مجاهد هو قول يحيى القطان ، كما نقله عنه يحيى بن معين في " تاريخه " ( النص : 4499 ) .

( 694 ) جامع التحصيل ( ص : 130 _ 131 ) .

( 695 ) المدخل إلى كتاب الإكليل ، للحاكم ( ص : 46 ) .

( 696 ) معرفة علوم الحديث ( ص : 111 ، 112 ) .

( 697 ) أخرجه البغوي في " الجعديات " ( رقم : 52 ) وإسناده جيد .

( 698 ) أخرجه أبو نُعيم في " الحلية " ( 7 / 250 رقم : 10390 ) والخطيب في " الكفاية " ( ص : 515 ) وإسناده واهٍ بمرة ، فيه الحسن بن علي بن زكريا العدوي البصري كان معروفاً بوضْع الحديث .

( 699 ) أخرجه الخطيب في " تاريخه " ( 9 / 85 _ 86 ) بإسناد صحيح .

( 700 ) أخرجه ابن أبي خيثمة في " تاريخه " ( ص : 356 ، 369 _ أخبار المكيين ) وإسناده صحيح .
قلت : وهذا نصٌّ من ابن جريج عن نفسه ، مُقدم على ماجاء عن أحمد بن حنبل قال : " كلُّ شيء قال ابن جريج : قال عطاء ، أو عن عطاء فإنه لم يسمعه من عطاء " ( شرح علل الترمذي 1 / 376 ) .

( 701 ) أخرجه ابنُ أبي حاتم في " التقدمة " ( ص : 241 ) وإسناده صحيح .

( 702 ) العلل ومعرفة الرجال ، لأحمد بن حنبل ( النص : 1218 ، 3567 ، 4320 ) ، وابنُ أبي خالد هوَ إسماعيل ، وعامرٌ هو الشعبي .

( 703 ) ميزان الاعتدال ( 2 / 224 ) وإبراهيم هو ابنُ يزيد النخعي ، وأبو وائل شقيق بن سلمة ، وأبو صالح هو ذكوان .

( 704 ) أخرجه ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " ( 1 / 1 / 35 ) وإسناده صحيح .
 
التعديل الأخير:
إنضم
23 مارس 2008
المشاركات
677
التخصص
الحديث وعلومه
المدينة
برمنجهام
المذهب الفقهي
شافعي
"منهج الإمام أبي حاتم محمد بن حبان البستي في بعض كتبه"

"منهج الإمام أبي حاتم محمد بن حبان البستي في بعض كتبه"

وقال الشيخ الفاضل العلوان في رسالته"منهج الإمام أبي حاتم محمد بن حبان البستي في بعض كتبه"

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده . أما بعد :
فقد اشتهر عند كثير من علماء عصرنا أن ابن حيان متساهل في التصحيح يوثق ما يضعفه العلماء ويصحح ما يرغب عنه أهل التحقيق حتى أدى ذلك إلى عدم الاعتماد على آرائه وأقواله ، وهذا حيد عن الصواب ورغوب عن التحقيق . ولذا سنتكلم عن كتبه الثلاثة على وجه الاختصار :
1/ الصحيح 2/ المجروحين 3/ الثقات
إنصافاً لهذا الإمام وإيضاحاً لبعض طلاب العلم من أهل هذا العصر الذين يطلقون الكلام على عواهنه دون رجوع إلى كلام المتقدمين إنما غالب اعتمادهم على الذهبي وابن حجر وهما من المتأخرين مع أنهما لم يتفوها بكثير من كلام المعاصرين .
1/ كتابه الصحيح :
أما الصحيح فقد حصل لنا استقراء وقراءة لكتابه وهو ينقسم إلى ثلاثة أقسام :
1ـ الصحيح الذي يوافقه عليه جمهور أهل العلم ، وهذا ولله الحمد هو الغالب على كتابه ، يعرف ذلك من قرأه وأمعن النظر فيه .
2ـ مما تنازع العلماء فيه وأورده ـ رحمه الله ـ في صحيحه ، فهذا لا عتب عليه فيه ، لأنه إمام له مكانته العلمية يعدل ويجرح وينتقد كغيره من العلماء . ومن هؤلاء ممن خرج لهم في صحيحه ممن تنازع العلماء فيهم : محمد بن إسحاق ، ومحمد بن عجلان ، والعلا بن عبد الرحمن ، والمطلب بن حنطب وغيرهم . وهؤلاء فيهم أن أحاديثهم لا تنزل عن مرتبة الحسن ، مع العلم أن مسلماً قد أخرج في صحيحه لمحمد بن عجلان وابن إسحاق(1)
3ـ أن يكون ـ رحمه الله ـ قد وهم فيه كتخرجه لسعيد بن سماك بن حرب ، فإنه قد روى عن أبيه عن جابر بن سمرة : ( أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان يقرأ ليلة الجمعة في صلاة المغرب ، بقل يا أ]ها الكافرون ، وقل هو الله أحد ) وهذا حديث متروك ، سعيد بن سماك قال عنه أبو حاتم : متروك الحديث . ولكن هذا لا يدل على أن ابن حبان متساهل لأنه بشر يخطئ ويصيب والعبرة بكثرة الصواب وهو كثير كما قدمنا قال الشاعر :
……………… كفى بالمرء نبلاً أن تعد معايبه
وقد انتقد شئ كثير على البخاري ومسلم في توثيقهم لبعض الضعفاء ومن ذلك :

( إسماعيل بن أبي أويس )(1) أخرج له البخاري في الأصول ، وهو ضعيف الحديث على القول الصحيح ، ومع ذلك من أمعن في كتب الرجال كتهذيب الكمال وتهذيب التهذيب والجرح والتعديل لابن أبي حاتم وغيرها ولم يعتمد على المختصرات والله الهادي إلى سواء السبيل .
2/ كتاب المجروحين :
هذا كتاب عظيم فرد في بابه ، حتى قال جماعة من العلماء : ( كل رجل يزثقه ابن حبان فعض عليه بالنواجذ ، وأما يضعفه فتوقف عليه ) فهذا يفيد أهمية توثيق ابن حبان ـ رحمه الله ـ
ورماه الحافظان الذهبي وابن حجر : بالتشديد في نقد الرجال .
ومما يدلنا على ذلك أنه تكلم في عارم محمد بن الفضل السدوسي مع أنه إمام ثقة أخرج له السبعة .
وقال في كثير بن عبدالله بن عمر بن عوف المزني : منكر الحديث يروي عن أبيه عن جده (( نسخة موضوعة ، لا يحل ذجرها في الكتب ولا الرواية عنه إلا على جهة التعجب ومع ذلك فقد صحح الترمذي حديثه : ( الصلح جائز بين المسلمين ) ، فالترمذي إذا متساهل على هذا عند أهل عصرنا وقد فعلوا وما ذخروا .
3/ كتاب الثقات :
وقد حصل لنا إستقراء للكتاب ، وأنه على أقسام :
1ـ أن يوثق من ضعفه بنفسه في كتابه المجروحين ، فله حالتان :
ـ أن يكون تغير اجتهاده ، إحساناً للظن في أئمة الإسلام .
ـ أن يكون قد وهم فيه ، ومن الذي يسلم من الوهم ويعرى من الخطأ .
ولقد وقفت على كتاب لبعض من يتصدى للتصحيح والتضعيف من أهل عصرنا ممن يلمز ابن حبان ولا يعتد في تصحيحه فوجدت في كتابه خمسين خطأ له ، فلو كان كل عالم يخطئ تطرح أقواله لكان هذا أولى بالطرح .
2ـ أن يوثقه ابن حبان ويضعفه غيره فهذا سبيله سبيل الإجتهاد ، وهناك جماعة وثقهم أحمد وضعفهم البخاري فهل يقول عاقل أن أحمد متساهل .
وهناك جماعة وثقهم ابن معين وابن المديني وضعفهم غيرهم فهل يقول أحد بأنهما متساهلان .
ولو فتحنا هذا الباب ورمي أئمة الحديث بالتساهل مع بذلهم وجهدهم وتعبهم ، لفتحنا باباً عظيماً للتجرأ على هداة الإسلام والعلماء الأعلام .
3ـ أن لا يروي عن الراوي إلا راو واحد (1) ولا يأتي بما ينكر عليه من حديثه ، فابن حبان يرى أنه
ثقة لأن المسلمين كلهم عدول لذلك أودع من هذه صفته في كتابه الثقات .
وهذا اجتهاد منه ، خالفه فيه الجمهور ، ولكن قوله هذا ليس بحد ذاك من الضعف ، بل في قوله هذا قوة خصوصاً في التابعين بل إن ابن القيم ـ رحمه الله ـ قال : ( المجهول إذا عدله الراوي عنه الثقة ثبتت عدالته وإن كان واحداً على أصح القولين )(2)
وأكثر المعاصرين شنع عليه من جهة هذه المسألة فقط ، فلا يكاد يمر ذكر ابن حبان في كتبهم إلا ويوصف بأنه من المتساهلين في التصحيح فلا يعتمد عليه والأولى على منهجهم تقييد تساهله في هذه المسألة لا أنه يعمم وتهضم مكانة الرجل العلمية حتى جر ذلك إلى طرح قراءة كتبه ، وخاض في ذلك من يحسن ومن لا يحسن دون بحث وتروي .
4ـ أن يروي عن الراوي اثنان فصاعداً ولا يأتي بما ينكر من حديثه فيخرج له ابن حبان في ثقاته وهذا لا عتب عليه فيه لأنه هو الصواب .
مع العلم أن العلماء اختلفوا في ذلك على أقوال :
1- القبول مطلقاً ( وهو الراجح ) . 2- الرد مطلقاً . 3- التفصيل .
والصواب الأول بشرط أن لا يأتي بما ينكر عليه .
ورجحناه لوجوه :
1ـ أن رواية اثنين فصاعداً تنفي الجهالة على القول الصحيح وقد نص على ذلك ابن القيم(3)
2ـ أنه لم يأتي بما ينكر من حديثه فلا داعي لطرح حديثه بل طرح حديثه في هذه الحالة تحكم بغير دليل .
3ـ أن الإمامين الجليلين الجهبذين الخريتين البخاري ومسلماً قد خرجا في صحيحهما لمن كانت هذه صفته(1) مثاله :
ـ ( جعفر بن أبي ثور ) الراوي عن جابر بن سمرة : ( الوضوء من أكل لحوم الإبل ) هذا الحديث أخرجه مسلم وتلقته الأمة بالقبول حتى قال ابن خزيمة : لا أعلم خلافاً بين العلماء في قبوله .
مع أن فيه جعفر بن أبي ثور لم يوثقه أحد إلا ابن حبان ، ولكنه لكا لم يأتي بما ينكر من حديثه
وروى عنه اثنان فصاعداً قبل العلماء حديثه ، وممن روى عنه : عثمان بن عبدالله بن موهب وأشعث بن أبي الشعثاء وسماك بن حرب .
( أبو سعيد مولى عبدالله بن عامر بن كريز ) الراوي عن أبي هريرة حديث : ( لا تحاسدوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا ولا تدابروا ….. الحديث في مسلم ) .
أبو سعيد أخرج له مسلم في صحيحه مع العلم أنه لم يوثقه إلا ابن حبان ولكنه لم يرو عنه إلا الثقات ولم يأت بما ينكر .
احتمل العلماء حديثه وقد روى عنه داود بن قيس والعلاء بن عبدالرحمن ومحمد بن عجلان وغيرهم.
وفي الصحيحين من هذا الضرب شئ كثير جداً .
حتى قال الذهبي في ترجمة مالك بن الخير الزيادي : (( قال ابن القطان : هو ممن لم تثبت عدالته .
قال الذهبي : يريد أنه ما نص أحد على أنه ثقة .
وفي رواة الصحيحين عدد كثير ما علمت أن أحداً نص على توثيقهم ، والجمهور على أنه من كان من المشايخ قد روى عنه جماعة ولم يأت بما ينكر عليه أن حديثه صحيح )) .
تمت والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
هذا آخر ما أملاه شيخنا

أبو عبدالله
سليمان بن ناصر العلوان
بريدة ـ صباح الثلاثاء ـ
14/محرم / 1413هـ
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
جزاك الله خيرا
 
أعلى