العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

سفر المرأة بغير محرم

إنضم
5 مارس 2023
المشاركات
238
الإقامة
قطر الدوحة
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عمار الرشيدي
التخصص
فقه وأصول
الدولة
قطر
المدينة
الدوحة
المذهب الفقهي
الحنبلي
٧. ما حكم سفر المرأة بغير محرم؟
الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد؛
أخرج مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" لا تسافر المرأة فوق ثلاث إلا ومعها زوج أو ذو رحم محرم منها". البخاري.
وعن أبي هريرة رضي الله عنهما، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم:" لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة ليس معها حرمة" البخاري. وفي رواية "لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم" مسلم. وفي رواية لأبي داود "ولا تسافر بريدا" أي مسيرة نصف يوم.
هذا الحكم الصريح قد أخذ به جمهور الفقهاء، حتى إنهم لم يجوزوا لها أن تسافر بدون محرم لضرورة الحج... ولو لم تجد بدا من السفر في وطنها من بلد إلى آخر، ولم تجد أحدا من محارمها، ففي مثل هذه الحالة فقط يسع لها أن تأخذ بمذهب مالك، والشافعي، حيث جوزوا لها السفر مع النساء المسلمات الثقات( ).
وقد حكي الإجماع على تحريم سفر المرأة بلا محرم، إلا السفر للحج والعمرة، والخروج من دار الشرك، أو الفرار من الأسر، قال الحافظ ابن حجر(ت852ه) في شرح هذا الحديث: " واستدل به على عدم جواز السفر للمرأة بلا محرم، وهو إجماع في غير الحج والعمرة والخروج من دار الشرك، ومنهم من جعل ذلك من شرائط الحج"( ).
ونقل النووي(ت676ه) عن القاضي عياض(ت544ه) قوله: (واتفق العلماء على أنه ليس لها أن تخرج في غير الحج والعمرة إلا مع ذي محرم، إلا الهجرة من دار الحرب فاتفقوا على أن عليها أن تهاجر منها إلى دار الإسلام، وإن لم يكن معها محرم، والفرق بينهما أن إقامتها في دار الكفر حرام إذا لم تستطع إظهار الدين وتخشى على دينها ونفسها وليس كذلك التأخر عن الحج فإنهم اختلفوا في الحج هل هو على الفور أم على التراخي "( ).
وقد جرى العرف اليوم بسفر المرأة وحدها بغير محرم للعمل وللدراسة وللعلاج ولحضور المؤتمرات العلمية والثقافية هنا وهناك، وللمشاركة في المسابقات الرياضية...الخ، ومن غير رفقة آمنة، ومنهن من تترك زوجها مع الأبناء وتسافر للعمل في بلاد بعيدة. وأحيانا تكون الرحلات بنظام (الترانزيت)، فهل هذا العرف يقوى على تخصيص النصوص؟!
من العلماء المعاصرين من أباح سفر المرأة بالطائرة على الخطوط المباشرة بدون استراحة وهو ما يسمى ب (الترانزيت)، وقاس الطيران المباشر من بلد لآخر على الرفقة الآمنة التي نص عليها الفقهاء، على أن يتركها أحد محارمها بمطار المغادرة، ويتسلمها محرم آخر بمطار الوصول، وأن يراعى في حجز تذكرة السفر ألا يكون مقعدها بجانب رجل عند جلوسها بالطائرة، ولا تتجاوز الرحلة نصف يوم.
يقول الشيخ القرضاوي رحمه الله:" إن ما حرم لذاته لا يباح إلا للضرورة، أما ما حرم لسد الذريعة فيباح للحاجة. ولا ريب أن سفر المرأة بغير محرم مما حرم سدا للذريعة. كما يجب أن نضيف أن السفر في عصرنا، لم يعد كالسفر في الأزمنة الماضية، محفوفا بالمخاطر لما فيه من اجتياز الفلوات، والتعرض للصوص وقطاع الطرق وغيرهم، بل أصبح السفر بوساطة أدوات نقل تجمع العدد الكثير من الناس في العادة، كالبواخر والطائرات، والسيارات الكبيرة، أو الصغيرة التي تخرج في قوافل. وهذا يجعل الثقة موفورة، ويطرد من الأنفس الخوف على المرأة، لأنها لن تكون وحدها في موطن من المواطن"( ).
فلو أخذنا هذا القول بعين الاعتبار – وقد خالفه علماء آخرون - فإن ما سوى ذلك من صور السفر للمرأة بلا محرم – جوا أو بحرا أو برا – تكون من العرف الفاسد الذي لا يقوى على تخصيص النصوص.
 
أعلى