بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
أخي الفاضل عبد العزيز هذه المسألة تحتاج إلى تفصيل طويل لكني أذكرها مختصرة فأقول :
إقرار النبي صلى الله عليه وسلم لا يخلو من ثلاث حالات :
الأولى : أن يكون إقراره امتثالا لأمر سابق .
الثانية : أن يكون إقراره مخالفاً لأمرأو نهي سابقين .
الثالثة : أن لا يسبق الإقرار لا بنهي ولا بأمر .
فأما الحالة الأولى فإن كان الأمر السابق واجباً فهو يدل على صحة العمل وإجزائه على تلك الصفة ويكون حكمه حكم ذلك العمل كما في حديث " لا يصلين أحدكم العصر إلا في بني قريظة .." الحديث في صحيح البخاري
وإن كان الأمر مستحباً دل على صحة العمل بهذه الصفة على وجه الاستحباب .
وأما الحالة الثانية : وهي أن يكون الإقرار مخالفاً لأمر سابق أو لنهي سابق فهذا الإقرار يكون دالاً على الإباحة " من حيث هو " ويكون النهي منسوخاً أو مخصوصاً بتلك الصفة التي حصل فيها الإقرار فيحمل النهي السابق على الكراهة ويحمل الأمر السابق على الاستحباب ، وذهب طائفة إلى حمل ذلك على الخصوصية بذلك الفاعل وهو اختيار الباقلاني واختاره ابن الحاجب بشرط أن لا يظهر في الإقرار معنى يقتضي إلحاق غير الفاعل ، وقد نقل العلائي والزركشي وغيرهما أن كثيراً من الأصوليين صرحوا بأن الإقرار ناسخ للتحريم والوجوب السابقين .
وهذا كله فيما إذا كان السابق أمراً أو نهياً أما إذا كان السابق المخالف للإقرار فعلاً من النبي صلى الله عليه وسلم ففيه تفصيل خلاصته :
1 - إن كان الفعل السابق جبلياً فلا أثر له .
2 - إن كان الفعل السابق خاصاً بالنبي صلى الله عليه وسلم فيكون الإقرار ابتدائياً لا علاقة له بالفعل الخاص .
3 - إن كان الفعل السابق بياناً أو امتثالاً فهو محل خلاف والأظهر أنه إن أمكن الجمع فأولى وإلا فالتخصيص أو النسخ .
وأما الحالة الثالثة : وهي أن لا يسبق الإقرار بأمر ولا بنهي فهذا لا يخلو من حالين :
الأول : أن يكون ذلك على وجه التعبُّد فهذا يدل على صحة التعبد لأن الأصل في العبادات التوقيف والعبادة أقل مافيها الاستحباب ولا يمكن أن ترتفع للوجوب .
الثاني : أن لا يكون على وجه التعبد فإنه يحمل على الإباحة كالبيوع والإجارات والشركات والوكالات والصيد والأكل واللباس ونحو ذلك .
هذا خلاصة ما أعلمه في المسألة في الجملة وثمة تفاصيل كثيرة في الباب لا يسع المقام لذكرها لكن لا بد من النظر فيها إجمالاً وهي :
أولاً : مراتب الإقرار من :
1 - سكوت مجرد .
2 - استبشار .
3 - إقرار بالقول .
4 - إعانة على الفعل .
5 - الثناء على الفاعل .
فهذه بلا شك قد تختلف في الحكم لما يحتف بها من قرائن .
ثانياً : شروط الإقرار المحتج به .
ثالثاً : الفرق بين إقرار الله عز وجل وإقرار الرسول صلى الله عليه وسلم .
والله أعلم