د. فؤاد بن يحيى الهاشمي
:: مشرف سابق ::
- إنضم
- 29 أكتوبر 2007
- المشاركات
- 9,059
- الكنية
- أبو فراس
- التخصص
- فقه
- المدينة
- جدة
- المذهب الفقهي
- مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
http://www.mmf-4.com/vb/showthread.php?t=194
في الرابط السابق مناقشة علمية لموضوع د. ربيع بن أحمد، وتطرقنا خلاله باقتضاب للقاعدة المعروفة عند أهل العلم: أن الدليل إذا تطرق إليه الاحتمال سقط به الاستدلال، وبما أنا أخذنا على أنفسنا ألا نخرج عن الإطار العام للموضوعات المتخصصة إلا بقدر الحاجة، فإنه بد لي فتح موضوع جديد نناقش فيه هذه القاعدة المعروفة عند أهل العلم من جهتين:
1- من جهة صحتها.
2- من جهة محلها.
فبدأت في جمع المادة واستفتحت بكتاب "البحر المحيط" لبدر الدين الزركشي رضوخا للتحدي الكبير الذي تبناه بعض مشايخنا حفظهم الله بأنه لا يكاد يستطيع أحد أن يزيد في بحثه عن المواد الأصولية التي أودعها الزركشي في "بحره"، وزيادة على ذلك فقد أتحفنا الزركشي في عرضه لهذه المسألة التي نحن بصددها بنقول نفيسة من كتاب "شرح الإلمام" لمؤلفه الفقيه الأصولي الكبير المحقق شيخ الإسلام ابن دقيق العيد
وهو كتاب فقد أكثره اليوم وبقيت منه قطعة حققت في جامعة الإمام في ستة رسائل جامعية لازالت إلى اليوم حبيسة الرفوف والأدراج سوى رسالة واحدة أخرجها الشيخ عبد العزيز السعيد حفظه الله من كل مكروه، تضمنت شرح سبعة أحاديث فقط في مجلدين اثنين فيها من العلم الأصولي ما لا يمكن وصفه لأن النظير عزيز فهي واحدة في بابها، ومثاله لم يكرر إلا أن تنظر في كتاب ابن دقيق الآخر "الإحكام في شرح عمدة الأحكام"
سيكون سياق المسألة على الترتيب الذي أورده الزركشي في البحر المحيط، ثم نسجل أهم النتائج في نهاية الموضوع بعد استيفاء جمع المادة، قال رحمه الله:
[ المسألة ] الثالثة:
قال الشافعي رضي الله عنه : ترك الاستفصال في وقائع الأحوال مع قيام الاحتمال ينزل منزلة العموم في المقال ، وعليه اعتمد في صحة أنكحة الكفار ، وفي الإسلام على أكثر من أربع نسوة وغير ذلك ، لقضية غيلان حيث لم يسأله عن كيفية ورود العقد عليهن في الجمع والترتيب ، فكان إطلاق القول دالا على أنه لا فرق بين أن تقع تلك العقود معا أو على الترتيب ، واستحسنه منه محمد بن الحسن .
ثم أورد الزركشي الأقوال في المسألة:
فالقول الأول: هو ما سبق وعليه نص الشافعي أن اللفظ ينزل منزلة العموم في المقال
والثاني : أنه مجمل فيبقى على الوقف .
والثالث : أنه ليس من أقسام العموم ، بل إنما يكفي الحكم فيه من حاله عليه السلام لا من دلالة الكلام ، وهو قول إلكيا الهراسي .
والرابع : اختيار إمام الحرمين وابن القشيري أنه يعم إذا لم يعلم عليه السلام تفاصيل الواقعة ؛ أما إذا علم فلا يعم ، وكأنه قيد المذهب الأول .
وتأول أبو حنيفة الحديث على وقوع العقد عليهن دفعة واحدة ، فإن وقع مرتبا فإن الأربع الأول تصح ، ويبطل فيما عداه .
وأجاب الإمام أبو المظفر بن السمعاني: بأن احتمال المعرفة بكيفية وقوع العقد من غيلان وهو رجل من ثقيف وفد على النبي صلى الله عليه وسلم وزوجاته في نهاية البعد ، ونحن إنما ندعي العموم في كل ما يظهر فيه استفهام الحال ، ويظهر من الشارع إطلاق الجواب ، فلا بد أن يكون الجواب مسترسلا على الأحوال كلها .
قلت : ولا سيما والحال حال بيان بحدوث عهد غيلان بالإسلام ، على أنه قد ورد ما يدفع هذا التأويل ، وهو ما رواه الشافعي بسنده عن عمرو بن الحارث عن { نوفل بن معاوية قال : أسلمت وتحتي خمس نسوة ، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : فارق واحدة ، وأمسك أربعا ، قال : فعدت إلى أقدمهن عندي عاقر منذ ستين سنة ، ففارقتها } ، فهذا تصريح بأنه وقع مرتبا ، والجواب واحد .
قال الأستاذ أبو منصور : وقد وافقنا أهل الرأي على هذا في غرة جنين الحرة لأنه صلى الله عليه وسلم أوجب فيه غرة عبدا أو أمة ، ولم يسأل عنه : هل كان ذكرا أو أنثى ؟ فلما ترك التفصيل فيه دل على التسوية فيهما .انتهى .
ولذلك استدلوا لاعتبار العادة في أيام الحيض للاستحاضة بحديث أم سلمة { لتنظر عدد الليالي والأيام التي كانت تحيضهن من الشهر ، فلتترك الصلاة بقدرها } قالوا : فأطلق الجواب باعتبار العادة من غير استفصال عن أحوال الدم من سواد وحمرة وغيرهما ، فدل هذا على اعتبار العادة مطلقا وتقديمه على التمييز وأصحابنا استدلوا بحديث فاطمة بنت أبي حبيش أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها : { إن دم الحيض أسود يعرف ، فإذا كان كذلك فأمسكي عن الصلاة } فأطلق اعتبار التمييز من غير استفصال لها ، هل هي ذاكرة لعادتها أم لا ؟ لكنه مخالف لهذه القاعدة .
وقد قسم الإبياري هذه إلى أقسام :
أحدها : إن تبين اطلاع النبي صلى الله عليه وسلم على خصوص الواقعة ، فلا ريب في أنها لا يثبت فيها مقتضى العموم .
ثانيها : أن لا يثبت بطريق ما استفهام كيفية القضية عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وهي تنقسم إلى أقسام ، والحكم قد يختلف بحسبها ، فينزل إطلاقه الجواب فيها منزلة اللفظ الذي يعم تلك الأقسام ، لأنه لو كان الحكم يختلف باختلاف الأحوال حتى يثبت تارة ولا يثبت أخرى ، لما صح لمن التبس عليه الحال أن يطلق الحكم ، لاحتمال أن تكون الحالة واقعة على وجه لا يستقر معها الحكم ، فلا بد من التعميم على هذا التقدير بالإضافة إلى جميع الأحوال ، وفي كلامه ما يقتضي الاتفاق على هذه الصورة .
ثالثها : أن يسأل عن الواقعة باعتبار دخولها الوجود لا باعتبار وقوعها ، كما إذا سئل عمن جامع في نهار رمضان ، فيقول : فيه كذا ، فهذا يقتضي استرسال الحكم على جميع الأحوال ؛ لأنه لما سئل عنها على الإبهام ، ولم يفصل الجواب ، كان عمومه مسترسلا على كل أحواله .
رابعها : أن تكون الواقعة المسئول عنها حاصلة في الوجود ، ويطلق السؤال عنها فيجيب أيضا كذلك ، فإن الالتفات إلى القيد الوجودي يمنع القضاء على الأحوال كلها ، والالتفات إلى الإطلاق في السؤال يقتضي استواء الأحوال في غرض المجيب ، فالتفت الشافعي إلى هذا الوجه .
وهذا أقرب إلى مقصود الإرشاد وإزالة الإشكال وحصول تمام البيان ، وأبو حنيفة نظر إلى احتمال خصوص الواقعة ، لأنها لم تقع في الوجود إلا خاصة ، فقال : احتمال علم الشارع بها يمنع التعميم .
في الرابط السابق مناقشة علمية لموضوع د. ربيع بن أحمد، وتطرقنا خلاله باقتضاب للقاعدة المعروفة عند أهل العلم: أن الدليل إذا تطرق إليه الاحتمال سقط به الاستدلال، وبما أنا أخذنا على أنفسنا ألا نخرج عن الإطار العام للموضوعات المتخصصة إلا بقدر الحاجة، فإنه بد لي فتح موضوع جديد نناقش فيه هذه القاعدة المعروفة عند أهل العلم من جهتين:
1- من جهة صحتها.
2- من جهة محلها.
فبدأت في جمع المادة واستفتحت بكتاب "البحر المحيط" لبدر الدين الزركشي رضوخا للتحدي الكبير الذي تبناه بعض مشايخنا حفظهم الله بأنه لا يكاد يستطيع أحد أن يزيد في بحثه عن المواد الأصولية التي أودعها الزركشي في "بحره"، وزيادة على ذلك فقد أتحفنا الزركشي في عرضه لهذه المسألة التي نحن بصددها بنقول نفيسة من كتاب "شرح الإلمام" لمؤلفه الفقيه الأصولي الكبير المحقق شيخ الإسلام ابن دقيق العيد
وهو كتاب فقد أكثره اليوم وبقيت منه قطعة حققت في جامعة الإمام في ستة رسائل جامعية لازالت إلى اليوم حبيسة الرفوف والأدراج سوى رسالة واحدة أخرجها الشيخ عبد العزيز السعيد حفظه الله من كل مكروه، تضمنت شرح سبعة أحاديث فقط في مجلدين اثنين فيها من العلم الأصولي ما لا يمكن وصفه لأن النظير عزيز فهي واحدة في بابها، ومثاله لم يكرر إلا أن تنظر في كتاب ابن دقيق الآخر "الإحكام في شرح عمدة الأحكام"
سيكون سياق المسألة على الترتيب الذي أورده الزركشي في البحر المحيط، ثم نسجل أهم النتائج في نهاية الموضوع بعد استيفاء جمع المادة، قال رحمه الله:
[ المسألة ] الثالثة:
قال الشافعي رضي الله عنه : ترك الاستفصال في وقائع الأحوال مع قيام الاحتمال ينزل منزلة العموم في المقال ، وعليه اعتمد في صحة أنكحة الكفار ، وفي الإسلام على أكثر من أربع نسوة وغير ذلك ، لقضية غيلان حيث لم يسأله عن كيفية ورود العقد عليهن في الجمع والترتيب ، فكان إطلاق القول دالا على أنه لا فرق بين أن تقع تلك العقود معا أو على الترتيب ، واستحسنه منه محمد بن الحسن .
ثم أورد الزركشي الأقوال في المسألة:
فالقول الأول: هو ما سبق وعليه نص الشافعي أن اللفظ ينزل منزلة العموم في المقال
والثاني : أنه مجمل فيبقى على الوقف .
والثالث : أنه ليس من أقسام العموم ، بل إنما يكفي الحكم فيه من حاله عليه السلام لا من دلالة الكلام ، وهو قول إلكيا الهراسي .
والرابع : اختيار إمام الحرمين وابن القشيري أنه يعم إذا لم يعلم عليه السلام تفاصيل الواقعة ؛ أما إذا علم فلا يعم ، وكأنه قيد المذهب الأول .
وتأول أبو حنيفة الحديث على وقوع العقد عليهن دفعة واحدة ، فإن وقع مرتبا فإن الأربع الأول تصح ، ويبطل فيما عداه .
وأجاب الإمام أبو المظفر بن السمعاني: بأن احتمال المعرفة بكيفية وقوع العقد من غيلان وهو رجل من ثقيف وفد على النبي صلى الله عليه وسلم وزوجاته في نهاية البعد ، ونحن إنما ندعي العموم في كل ما يظهر فيه استفهام الحال ، ويظهر من الشارع إطلاق الجواب ، فلا بد أن يكون الجواب مسترسلا على الأحوال كلها .
قلت : ولا سيما والحال حال بيان بحدوث عهد غيلان بالإسلام ، على أنه قد ورد ما يدفع هذا التأويل ، وهو ما رواه الشافعي بسنده عن عمرو بن الحارث عن { نوفل بن معاوية قال : أسلمت وتحتي خمس نسوة ، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : فارق واحدة ، وأمسك أربعا ، قال : فعدت إلى أقدمهن عندي عاقر منذ ستين سنة ، ففارقتها } ، فهذا تصريح بأنه وقع مرتبا ، والجواب واحد .
قال الأستاذ أبو منصور : وقد وافقنا أهل الرأي على هذا في غرة جنين الحرة لأنه صلى الله عليه وسلم أوجب فيه غرة عبدا أو أمة ، ولم يسأل عنه : هل كان ذكرا أو أنثى ؟ فلما ترك التفصيل فيه دل على التسوية فيهما .انتهى .
ولذلك استدلوا لاعتبار العادة في أيام الحيض للاستحاضة بحديث أم سلمة { لتنظر عدد الليالي والأيام التي كانت تحيضهن من الشهر ، فلتترك الصلاة بقدرها } قالوا : فأطلق الجواب باعتبار العادة من غير استفصال عن أحوال الدم من سواد وحمرة وغيرهما ، فدل هذا على اعتبار العادة مطلقا وتقديمه على التمييز وأصحابنا استدلوا بحديث فاطمة بنت أبي حبيش أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها : { إن دم الحيض أسود يعرف ، فإذا كان كذلك فأمسكي عن الصلاة } فأطلق اعتبار التمييز من غير استفصال لها ، هل هي ذاكرة لعادتها أم لا ؟ لكنه مخالف لهذه القاعدة .
وقد قسم الإبياري هذه إلى أقسام :
أحدها : إن تبين اطلاع النبي صلى الله عليه وسلم على خصوص الواقعة ، فلا ريب في أنها لا يثبت فيها مقتضى العموم .
ثانيها : أن لا يثبت بطريق ما استفهام كيفية القضية عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وهي تنقسم إلى أقسام ، والحكم قد يختلف بحسبها ، فينزل إطلاقه الجواب فيها منزلة اللفظ الذي يعم تلك الأقسام ، لأنه لو كان الحكم يختلف باختلاف الأحوال حتى يثبت تارة ولا يثبت أخرى ، لما صح لمن التبس عليه الحال أن يطلق الحكم ، لاحتمال أن تكون الحالة واقعة على وجه لا يستقر معها الحكم ، فلا بد من التعميم على هذا التقدير بالإضافة إلى جميع الأحوال ، وفي كلامه ما يقتضي الاتفاق على هذه الصورة .
ثالثها : أن يسأل عن الواقعة باعتبار دخولها الوجود لا باعتبار وقوعها ، كما إذا سئل عمن جامع في نهار رمضان ، فيقول : فيه كذا ، فهذا يقتضي استرسال الحكم على جميع الأحوال ؛ لأنه لما سئل عنها على الإبهام ، ولم يفصل الجواب ، كان عمومه مسترسلا على كل أحواله .
رابعها : أن تكون الواقعة المسئول عنها حاصلة في الوجود ، ويطلق السؤال عنها فيجيب أيضا كذلك ، فإن الالتفات إلى القيد الوجودي يمنع القضاء على الأحوال كلها ، والالتفات إلى الإطلاق في السؤال يقتضي استواء الأحوال في غرض المجيب ، فالتفت الشافعي إلى هذا الوجه .
وهذا أقرب إلى مقصود الإرشاد وإزالة الإشكال وحصول تمام البيان ، وأبو حنيفة نظر إلى احتمال خصوص الواقعة ، لأنها لم تقع في الوجود إلا خاصة ، فقال : احتمال علم الشارع بها يمنع التعميم .
التعديل الأخير: