سياسة العلم أعوص [أعرض] من إيعابه!

[د. فؤاد بن يحيى الهاشمي]

سياسة العلم أعوص [أعرض] من إيعابه!​

يقول ابن بسام الشنتريني في كتابه الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة (1 / 169) في سياق ترجمته لابن حزم الأندلسي:
( وأكثر معايبه - زعموا - عند المنصف له، جهله بسياسة العلم التي هي أعرض([1]) من إيعابه، وتخلفه عن ذلك على قوة سبحه في غماره؛ وعلى ذلك كله فلم يكن بالسليم من اضطراب رأيه، ومغيب شاهد علمه عنه عند لقائه، إلى أن يحرك بالسؤال فيفجر منه بحر علم لا تكدره الدلاء، ولا يقصر عنه الرشاء، وعلى كل ما ذكرناه دلائل ماثلة، وأخبار مأثورة. )

واعتبر إحسان عباس [وهو أحد المحققين المعاصرين الكبار، وأحد أشهر المعتنين بتراث ابن حزم خصوصاً، وبتراث الأندلس الأدبي عموما]:
أنها لم تكن سوى تهمة قصدت ارتياحه إلى البساطة الظاهرية هربا مِن تشابك الرموز، وتقديرٌ خاص للصراحة والابتعاد عن المواربة.([2])
------------
أتمنى من الإخوة الكرام:
إثراء الموضوع فيما يفيد أن سياسة العلم أعوص وأعرض من إيعابه.

ولإيضاح العبارة بمعنىً قريب:
أن استعمال العلم ومعالجته على أرض الواقع أصعب بكثير من مجرد حفظه وفهمه وتلقيه وكتابته.



([1]) ونقلها بعضهم: (أعوص)، وكلاهما يفيد معنىً صحيحاً لا يبعد عن الآخر.

([2])المُواربةُ: المُداهاةُ والمُخاتَلَةُ. لسان العرب (1/796).

 

[د.محمود محمود النجيري]

نعم. هناك فرق بين العالم، والعالم العلامة الفهامة
فقد يؤتى رجل علمًا، ولا يكون معه من قوة الفهم ما ينزل به هذا العلم منازله، وما يبصر به أسرار الشرع ومقاصده. فيخطئ في تنزيل النص على الواقع، ويبعد عن حكمة الله في أمره ونهيه.
وقد يكون ذلك عند العالم في مسألة، أو في مسائل. وتعد من أوابده، أو زلاته التي لا يؤخذ بها.
ومثله الفتاوى التي تبيح الصلح مع اليهود في فلسطين، قياسا على معاهدة النبي صلى الله عليه وسلم لهم في المدينة، أو قياسا على صلحه مع قريش في مكة عند الفتح.
ومثله الفتوى لأهل فلسطين بالهجرة منها جميعا إن لم يستطيعوا إقامة دينهم فيها.
ومثله الفتوى للمسلمين بزيارة الأقصى وهو تحت الاحتلال؛ أخذا بالنصوص الآمرة بزيارته. دون فهم بأن في هذا التطبيع مع العدو الإسرائيلي، والموالاة لأعداء الله.

 

[د. فؤاد بن يحيى الهاشمي]

بارك الله فيكم وجزاكم الله خيرا
مشاركة ثرية ومفيدة وحساسة.
المرجو من الإخوة إثراء هذا الموضوع المهم بالنقل والإفادة.

 

[د. عبدالحميد بن صالح الكراني]

وللعلامة ابن القيم -رحمه الله- توجيه لطيف لمن يلون تنزيل النصوص في الحوادث ووقائع الأحوال من القضاة والولاة ونحوهم إذ يقول: (والحاكم إذا لم يكن فقيه النفس في الأمارات، ودلائل الحال ومعرفة شواهده، وفي القرائن الحالية والمقالية، كفقهه في جزئيات وكليات الأحكام، أضاع حقوقاً كثيرة على أصحابها، وحكم بما يعلم الناس بطلانه، ولا يشكون فيه اعتماداً منه على نوع ظاهر لم يلتفت إلى باطنه وقرائن أحواله، فهاهنا نوعان من الفقه لا بد للحاكم منهما: فقه في أحكام الحوادث الكلية، وفقه في نفس الواقع وأحوال الناس يميِّز به بين الصادق والكاذب، والمحق والمبطل، ثم يطابق بين هذا وهذا؛ فيعطي الواقع حكمه من الواجب، ولا يجعل الواجب مخالفاً للواقع)[1].






-----------------------------
([1]) الطرق الحكمية ص (4).

 

[د. فؤاد بن يحيى الهاشمي]

أعرض من إيعابه:
هذه عبارة ابن بسَّام الشنتريني في "الذخيرة".
أعوص من إتقانه:
هذه عبارة ياقوت الحموي في "معجم الأدباء"
وكلاهما يلتيقيان في معنىً:
هو أن سياسة العلم أكثر تعقيداً وصعوبةً من مجرد جمعه، بل وأصعب حتى من إتقان العلم وإجادة فهمه.
فلا يحسبنَّ أحدٌ أن قياس الحكمة والأناة، ووزن الحفيظة والجسارة هو على مجرَّد عدد المحفوظات، وكمية جرد المطولات؛ وحذق تفكيك المسائل المعقدات، فإن هذا مقامٌ من العلم، ويتلوه مقامات، والموفق من وفقه الله، والمغرور من اغتر بنفسه.
المراجع:
الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة (1/168)، معجم الأدباء (4/1656)، طبقات علماء الحديث (3/347).

 

[د. فؤاد بن يحيى الهاشمي]

يقول الدكتور الطاهر أحمد المكي:
وهكذا انصدع ما بين ابن حزم وعلماء عصره، وكان منه ما أسماه ابن حيان أنه يجهل سياسة العلم، وجعلها مصدر معظم أخطائه.
ونحن نكتب عن حياة عظيم مرت على وفاته أكثر من ألف عام، وعاش في بيئة جد مختلفة، يستحيل علينا أن نجزم، أو حتى نرجح، ما كان عليه أن يتبعه من سياسة في ملاقاة معاصريه.
دراسات عن ابن حزم وكتابه طوق الحمامة ص95، 96

 

[عبد الرحمن بن عمر آل زعتري]

بيد اننا لو أخذنا من طرف مقابل خطاب ابن حزم مثلا : لوجدنا أن الصفة التبليغية فيه لم تستوف الإستيفاء الشامل على الوجه الذي تقتضيه (سياسة العلم) أو ما يمكن أن يسمى بالتبليغ التداولي . وهذا لا يعني أن خطاب ابن حزم لم يكن مراعيا لمقتضى التبليغ الكافي ، أو السليم ، وأنه استوفى هذا النوع من التبليغ وبرع فيه ..
كذلك فإن قصور ابن حزم عن مراعاة رتبة التبليغ التداولي ، لا يعود إلى قصوره عن فهم اللغة وأسرارها ، أو عن سوء فهم طبائع الناس وأقدار منازلهم , وإنما بسببي طبيعة شخصية ابن حزم الحدية والقطعية ، وبسبب من صياغة خطابه وفق أسس برهانية هي غاية في الصرامة . لا يستقل بدركها إلا المحققون أمثاله ...

(مسألة المعرفة ومنهج البحث عند الغزالي لأنور الزعبي أنظر - بلا أمر عليك- من صفحة 50 وما بعدها)

 

[أنس عبدالله محمد]

عذرا إخوتي في الله
وخاصة د.محمود
الصلح مع اليهو أو غيرهم ليس من باب القياس بل من باب الإستدلال بنصوص الكتاب والسنة..
ومثله الهجرة بنص الكتاب أنه واجب إذا لم يستطع إظهار دينه
ومثله زيارة المسجد الأقصى وهو تحت الإحتلال فعله الرسول -صلى الله عليه وسلم- في مكة

ثم نحن أهل الإسلام لا تعظيم عندنا للأرض .. مقارنتا بتعظيم الدين
ولكم في القرآن قدوه

فهل نترك كل هذه المنصوصات للرأي .. سبحان الله
أنتم أعلم أم الله...؟!
وأصول ما ذكر في الإحتجاج ليست على مذهب أهل الحديث .. بل طريقة أهل الرأي

-أعتذر إن كنت أخطأت ..فأنا في هذا الملتقى أجد نفسي .. مختلفا تماما في ما أطرح عن السائد العام هنا
فهل يقبل مني ما أقول ولو خالفت السائد عندكم ..
قد لا أكون أعلمكم ولا أكبركم... فتقبلوا من حنبلي ضعيف.. أوهى كاهله تتبع النصوص وسلوك مسلك أبي عبدالله وأصحابه في هذا...؟!