العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

محمد محمد حسين.. رائدٌ سَمَا عَنِ الأَطْمَاع

إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
محمد محمد حسين.. رائدٌ سَمَا عَنِ الأَطْمَاع

بقلم:عبد العزيز بن صالح العسكر

لم أجد أدقَّ ولا أصدق ولا أقرب إلى الحقيقة في الحديث عن إمام الأدب الأصيل في العصر الحديث، العَلَم الذي نتحدث عنه هنا مما خطَّه بقلمه - رحمه الله رحمة واسعة - فتعال معي أخي القارئ في حديث موجز عن ميلاده ودراسته وأعماله الوظيفية.

**ترجمته بقلمه:***
يقول: "ولدت في سوهاج، من مدن الصعيد في مصر سنة 1912م، وتلقيت تعليمي الابتدائي والثانوي فيها، باستثناء السنة الأولى الثانوية التي التحقت فيها بمدرسة أسيوط الثانوية؛ لأنها كانت المدرسة الثانوية الوحيدة في صعيد مصر وقتذاك، وحصلت على الليسانس سنة 1937م من قسم اللغة العربية في (الجامعة المصرية)، وكذلك كان اسمها؛ لأنها كانت الجامعة الوحيدة في مصر وفي البلاد العربية وقتذاك. وعُيِّنت معيدًا في الكلية في السنة نفسها، وكُلِّفت بتدريس اثني عشر درسًا أسبوعيًّا في السنة الأولى. وكانت هذه هي السابقة الأولى التي يُعيَّن فيها معيد في سنة تخرجه ويكلف بالتدريس. ثم حصلت على (الماجستير والدكتوراه)، وانتدبت للتدريس في كلية الآداب بالإسكندرية سنة 1940م، وكانت وقتذاك فرعًا من الجامعة المصرية في القاهرة، ثم نقلت إليها بعد استقلالها سنة 1942م، وتدرجت في وظائف التدريس بها إلى أن شغلت كرسي الأستاذية سنة 1954م، وأُعرت أثناء عملي إلى الجامعة الليبية وجامعة بيروت العربية، ثم تعاقدت مع جامعة بيروت العربية بعد بلوغي سن التقاعد سنة 1972م، وظللت بها إلى أن تعاقدت مع جامعة محمد بن سعود الإسلامية سنة 1976م، حيث أعمل الآن في 2 رجب 1401هـ - 6/5/1981م.
هذا هو "محمد محمد حسين"، المفكر الأديب الناقد في تعريفه لنفسه، ولكن ماذا يقول عنه التاريخ والمؤرخون؟

لقد عاش أديبنا في زمن مبكر من النهضة الأدبية الحديثة - كما تُدعى - وكان في الساحة الأدبية والفكرية اتجاهان اثنان: اتجاه محافظ أصيل، واتجاه آخر متأثر بالغرب معجب بالغربيين وبكل ما عندهم، داعٍ إلى أن تكون أمم الشرق - وبخاصة البلاد العربية - مثل أوروبا في كل شيء.
وهذا الاتجاه الأخير كان من أعلامه بعض قادة الأدب وأعلامه في مصر زمن دراسة محمد محمد حسين، وأبرز أولئك (طه حسين) الذي كان أستاذًا لأديبنا.
وفي ظل تلك الظروف انخرط محمد حسين في هذا الاتجاه عَلِمَ أو لم يَعْلَم ويكتب متأثرًا به، وظهر ذلك جليًّا في رسالته (للدكتوراه) التي كانت بعنوان: (الهجاء والهجَّاؤون).

ولكن الله تعالى بمنه وكرمه فتح بصيرة الرجل وأنار فكره وقلبه فتبيَّن له زيف ذلك الاتجاه وانحرافه واعوجاجه، فتركه ونحا منحى آخر، وسلك طريقًا معاكسًا له، سلك مسلك الطبيب الناصح والمجاهد المخلص الذي يدعو للفضيلة بفعله قبل قوله، ويوضح معالم الخير النقي الصحيح، ويفضح خطط الباطل ودعاة الشر، ويرد على مكائدهم وأباطيلهم.

يقول رحمه الله في سياق حديثه في مقدمة كتابه: (حصوننا مهددة من داخلها): "كتبت هذه الصفحات حين كتبتها لكي أفضح هذا النفر من المفسدين، وأنبِّه إلى ما انكشف لي من أهدافهم وأساليبهم التي خُدِعْتُ بها أنا نفسي حينًا من الزمان مع المخدوعين، أسأل الله أن يغفر لي فيه ما سبق به اللسان والقلم. وإن مَدَّ الله في عمري رجوت أن أصلح بعض ما أفسدت مما أصبح الآن في أيدي القراء. وأكثره في بحث حصلت به على درجة (دكتور في الآداب) من جامعة القاهرة، ثم نشرته تحت اسم (الهجاء والهجَّاؤون).
وقد كان مُصابي هذا في نفسي وفي تفكيري مما جعلني أقوى الناس إحساسًا بالكارثة التي يتردَّى فيها ضحايا هؤلاء المفسدين، وأشدهم رغبة في إنقاذهم منها بالكشف عما خفي من أساليب الهدَّامين وشِرَاكهم".
هذه إشارة سريعة إلى منهج الرجل واتجاهه؛ عرفنا منها صدق قوله واستقامة منهجه، وقوة عزيمته، وقد استطاع - بتوفيق الله - أن يصلح أخطاء كتابه بقدر ما وسعته الطاقة في الطبعات التي ظهرت في بيروت منذ 1969م.

**من شهادات معاصريه:***
يقول الدكتور الشيخ محمد بن سعد بن حسين - وهو رفيقه في كلية اللغة العربية بالرياض لمدة سبعة أعوام تقريبًا -: "والناظر إلى كتبه بلا استثناء يجد أنها جميعًا من الموضوعات التي تَهَيَّبَ ميدانها كثيرون أو أنها موضوعات ذات حساسية في الميادين الفكرية؛ فهل تستطيع تحسس علة هذا الاتجاه والأسباب الدافعة إليه. نستطيع تلخيص ذلك في رواية ثلاثة أبيات من الشعر أحدها قول بعضهم:
@وما المرء إلاَّ حيث يجعل نفسه.. ... ..فكن طالبًا في الناس أعلى المراتب@@
والآخر قول أبي الطَّيِّب:
@على قدر أهل العزم تأتي العزائم.. ... ..وتأتي على قدر الكرام المكارم
تعظم في عين الصغير صغارها.. ... ..وتصـغر في عين العظيم العظائم@@
فكأنه تمثل النصيحة في البيت الأول فتحقق في أعماله معنى البيتين الآخرين، لقد كان: مؤمنًا صادقًا، وتقيًّا نقيًّا، ومتعففًا مترفعًا. إذا تعارض حقه المالي مع الاحتفاظ بالكرامة قدم الاحتفاظ بالكرامة على المال. ولم أعرف أن الرجل انتصف لنفسه من المسيئين إليه، وما جدَّ في طلب أو جاه، وتلك قواصم ظهور العلماء، يشتد حين تكون الخصومة فكرية، فإذا وصلت الأمور إلى إطار الشخصيات انطوى كأنما حُدِّث في أمر مخجل".

ويبين الدكتور إبراهيم عوضين طريقة طرح محمد محمد حسين ونقده، ودراساته وبحوثه، فيقول: "والمبدع في نقد الدكتور محمد محمد حسين أنه يأتي بالدليل الحاسم في قوة؛ فليست بحوثه ذبذبات عاطفية تعتمد على الضجيج الخطابي، ولكنها ثمرة فكر عاقل، يؤمن بالحجة، ويعتصم بالدليل، فإذا ملأ كفه من الإقناع جاء بوهج العاطفة ليحدث من التأثير البالغ ما يترك هداه في قلوب من يستمعون القول فيتبعون أحسنه، أولئك الذين هداهم الله، وأحيل الدارس المتتبع إلى المجلد الثامن والعشرين من مجلة الأزهر الصادر في سنة 1376هـ، ليرى بحوث الدكتور محمد محمد حسين في هذا المضمار ناضجة الثمار شهية القطوف. والحق أن بحوثه في محاربة الحركات الهدامة في هذا العصر كانت ضرورة حتمية يوجبها الواقع المعاصر؛ حيث كان الاحتلال الإنجليزي لمصر مصدرًا خطرًا لشبهات ظالمة تلحق بالإسلام".

**عالِم يدرب طلابه، ثم لا ينسى جهدهم:***
لقد قاد محمد محمد حسين - رحمه الله - الصدق والأمانة وكَرَم النفس وأصالة الطبع ولطيف المعشر، لتسجيل عبرات الوفاء لمن ساهم معه في إخراج كتاب وتحقيقه ونشره، سجَّل تلك العبارات لنفر ربما كان هو صاحب الفضل عليهم وله السابقة في خدمتهم ونفعهم، بل ربما كانت جهودهم (المحدودة) معه رد جميل وبر وصلة لمعلم فاضل وأستاذ كريم لم يبخل عليهم بشيء، وقد طوَّق أعناقهم بفضائله ومكارمه.

يقول في مقدمة ديوان "الأعشى الكبير" وهو الديوان الذي حققه: "وقد كان ساعدني في إخراج هذا الكتاب في طبعته الأولى جماعة من الأصدقاء؛ فتفضل الأستاذ شوقي أمين بمعاونتي في مراجعة مسودات الطبع، وأسدى إليَّ كثيرًا من الآراء النافعة التي اقتنعت بكثير منها وأخذت به. وتفضل الزميل محمد أبو الفرج المعيد بقسم اللغة العربية في جامعة الإسكندرية بوضع الفهارس اللغوية للديوان - ويعلق في هامش الكتاب: توفي الدكتور محمد أبو الفرج في خلال العام الدراسي الماضي. أسأل الله الكريم أن يرحمه ويحسن إليه - ك ما تفضل مصطفى عبد اللطيف الشويمي الطالب بليسانس الآداب بوضع فهارس الأعلام والأماكن والقبائل والأيام، وتفضلت الآنسة عزة كرارة المتخرجة في قسم اللغة الإنجليزية بجامعة الإسكندرية، بترجمة المقدمة الألمانية للمستشرق (جاير) في الطبعة الأوروبية، فإلى هؤلاء جميعًا أقدم شكري الخالص".

إن في هذا لدلالة كبيرة على أن الرجل مربٍّ فاضل وليس عالمًا فقط؛ فهو يدعو بفعله قبل قوله إلى أن يُعْرَف الفضلُ لأهله؛ وهو بذلك يحفز همَّة كل قادر على العمل والبحث أن يقدم ما يستطيع؛ وليس بالضرورة أن يخرج عملاً مستقلاً بنفسه، ولكنه بإمكانه أن يشارك مع إخوانه وزملائه في إنجاز أعمال علمية؛ وله فيها - بإذن الله - أجران: فحقه أن يُشكر من قبل إخوانه، ثم إنَّ له ما هو أغلى وأسمى من ذلك وهو الأجر من الله تعالى إن خلُصت نيته وصدَق توجهه.
إن سطورًا متواضعة كهذه التي نكتب هنا لن تفي بحق عَلَم كمَن نتحدث عنه؛ ولكنها إشارات، وحَسْبنا أن نثبت فيها أسماء المصادر والمراجع لمن أراد المزيد.

**وفاته:***
توفي محمد محمد حسين سنة 1402هـ = 1982م، حيث بلغ من العمر سبعين سنة. وقد رثاه بعض الشعراء والأدباء، ومنهم الدكتور محمد بن سعد بن حسين بقصيدة منها:
@صَمَتَ الصريرُ وجَفَّتِ الأقلامُ.. ... ..وطَوَتْ صَحَائِفَ عُمْرِكَ الأَيْامُ
هدأَ الزَّئِيرُ فَلا مَعَــاركَ نَقْعُها.. ... ..وَهَجُ العُقُولِ يمدُّه الإِلْهَــامُ
وَأُبِيحَ غَابٌ كُنْتَ فيهِ مُسَوَّدًا.. ... ..رَفَضَ ابنُ آوى إِذ هوى الضرغامُ
أَنَا إِنْ بَكَيْتُكَ سَــاعَةً فلطالما.. ... ..ذَرِفَتْ علَيْكَ دُمُوعَها الأعْـلامُ@@

**مؤلفاته:***
بلغت كتب الدكتور محمد محمد حسين المطبوعة أحَدَ عشر كتابًا، وهي:
1- الاتجاهات الوطنية في الأدب المعاصر (في جزأين).
2- الإسلام والحضارة الغربية.
3- أزمة العصر، وأصله ثلاثون حديثًا كتبت لتبث من إذاعة الرياض عام 1397هـ.
4- حصوننا مهددة من داخلها، وأصله مجوعة مقالات شهرية نشرت في مجلة الأزهر المصرية في عامي 1377هـ، 1378هـ.
5- الهجاء والهجَّاؤون في صدر الإسلام، وهذا الكتاب جزء من بحثه في (الدكتوراه).
6- أساليب الصناعة في شعر الخمر والأسفار، وهذا الكتاب (كما يذكر المؤلف في مقدمته) فصلان من بحث مرحلة (الماجستير).
7- شرح وتعليق على ديوان الأعشى الكبير (ميمون بن قيس).
8- المتنبي والقرامطةن وهذا الكتاب (كما يذكر المؤلف في مقدمته) في الأصل محاضرة ألقاها في كلية الآداب بالجامعة الليبية ببنغازي عام 1383هـ.
9- الهجاء والهجَّاؤون في الجاهلية.
10- مقالات في الأدب واللغة، وهذا الكتاب يحوي ستة بحوث هي:
أ - تطوير قواعد اللغة العربية.
ب - بين سينية البحترية وسينية شوقي.
ج- فقه اللغة بين الأصالة والتغريب.
د- دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب بين التأييد والمعارضة.
هـ- أثر الأدب الغربي في الأدب العربي المعاصر.
و- اقتراحات للنهوض بمستوى اللغة العربية.
وقد طبعت تلك البحوث مجتمعة في كتاب واحد بعد وفاة المؤلف - رحمه الله - ونشرتها مؤسسة الرسالة في بيروت عام 1409هـ - 1989م بإشراف ورثة المؤلف.
11- الروحية الحديثة دعوة هدامة، وهذا الكتاب في الأصل محاضرة ألقيت في جمعية الشبان المسلمين بالإسكندرية عام 1379هـ، وكانت بعنوان: الروحية الحديثة حقيقتها وأهدافها.

كما أن للأستاذ محمد محمد حسين مؤلفات أخرى وكتبًا بعضها لا يزال مخطوطًا، وبعضها طبع مرة واحدة فقط ثم نفد ولم يعد يوجد، ومنها:
أ- رواية الدموع.
ب- الأعشى صناجة العرب، بحثه في (الماجستير)، وهو لا يزال مخطوطًا فيما نعلم.
ج- فتح مكة.
د- اتجاهات هدامة في الفكر العربي المعاصر، وهو في الأصل محاضرة ألقيت في جمعية الشبان المسلمين بالإسكندرية.

وقد لقيت كتب ورسائل هذا الأديب من طلابه وغيرهم عناية واهتمامًا، ومن أفضل من اعتنى بها كتاب نفيس بعنوان (موقف الدكتور محمد محمد حسين من الحركات الهدامة) ألفه الدكتور إبراهيم محمد عوضين، وفيه تناول المؤلف بالدراسة بعضًا من كتب محمد حسين وأبرز من خلال تلك الدراسة شجاعة أديبنا وجرأته وغيرته على الدين والعقيدة والمثل الإسلامية، وقد نشرت الكتاب مؤسسة الرسالة في بيروت، الطبعة الأولى 1406هـ - 1985م، رحم الله محمد محمد حسين وغفر له.

وبعد وفاة هذا الأديب - رحمه الله - أُعِدَّتْ رسالتا (ماجستير) عن حياته وأدبه؛ فقد أعد الباحث: عليان بن دخيل الله الحازمي رسالة (ماجستير) في كلية اللغة العربية بالرياض في جامعة الإمام عام 1407هـ بعنوان: (محمد محمد حسين حياته وآثاره الفكرية والأدبية)، وبلغت صفحاتها حوالي ثمانمائة صفحة، وفي عام 1414هـ أعد الباحث محمد عبد الحميد محمد خليفة رسالة (ماجستير) في قسم اللغة العربية بجامعة الإسكندرية بعنوان: (دراسة النص الأدبي عند محمد محمد حسين)، وبلغت صفحاتها حوالي 330 صفحة.
ولكنَّ الرسالتين المذكورتين لم تنشرا - فيما نعلم - أسأل الله أن يوفق الأخوين الباحثين لطباعة كتابيهما ليكونا إضافة نفيسة إلى المكتبة العربية، كما نتمنى أن تجد كتب أستاذنا (محمد محمد حسين) العناية والاهتمام من القراء والباحثين وأصحاب دور النشر في البلاد العربية؛ لأن تلك الكتب تُحَدِّد معالم الأدب الأصيل، وتكشف زيف خصومه. والله الموفق والمعين.
ـــــــــــــــــــــ
بقلم:عبد العزيز بن صالح العسكر
http://www.islamweb.net/ver2/archive/readArt.php?lang=A&id=61317
 
التعديل الأخير:
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
يقول الشيخ سفر الحوالي في محاضرة مذهب عصرنة الإسلام :

هذا التيار تبنى المنهج الاعتزالي، وهو تقديم العقل على الشرع، وتعلمون أن من بدهيات معتقد أهل السنة والجماعة ، أن الوحي وحي الله، والعقل خلق الله، ومحال أن يكون هناك تعارض بين وحيه وخلقه، وإنما ينشأ التعارض في العقول التي لم تتنور بنور الوحيين الكتاب والسنة.

وسأذكر كلمة أرى أنه من المناسب ذكرها؛ لأننا سنمر على شخصيات لها وزنها -كما يقولون: حنة، ورنة- فتبرز علامات الاستفهام هل مثل هؤلاء الأقزام الصغار يرقب أولئك العمالقة، فأعجبتني كلمة لرجل رائد -رحمة الله عليه- هو الدكتور/ محمد محمد حسين في كتابه "الإسلام والحضارة الغربية " وهي كلمة في تقويم الرجال يقول رحمة الله عليه.

'ونحن حين ندعو إلى إعادة النظر في تقويم الرجال، لا نريد أن ننقص من قدر أحد، ولكننا لا نريد أن تقوم في مجتمعنا أصنام جديدة معبودة لأناس يزعم الزاعمون أنهم معصومون من كل خطأ، وأن أعمالهم كلها حسنات لا تقبل القدح والنقد، حتى أن المخدوع بهم والمتعصب لهم والمروج لآرائهم ليهيج ويموج إذا وصف أحد الناس إماماً من أئمتهم بالخطأ، في رأي من آرائه، في الوقت الذي لا يهجون فيه ولا يغضبون حين يوصف أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بما لا يقبلون أن يوصف بهم زعماؤهم المعصومون.

فيقبلون أن يوسم سيف الله المسلول خالد بن الوليد بأنه قتل مالك بن نويرة في حروب الردة طمعاً في زوجته، ويرددون ما شاع حول ذلك من أكاذيب.

ويقبلون أن يلطخ تاريخ ذي النورين عثمان بن عفان رضي الله عنه بما ألصقه به ابن سبأ اليهودي من تهم، ويقبلون ما يرويه الأصبهاني في كتابه الأغاني في سكينة بنت -سيد شباب أهل الجنة- الحسين رضي الله عنهما من أخبار اللهو والمجون.

ويرددون ما يذاع من أخبار هارون الرشيد الذي كان يحج عاماً ويغزو عاماً، ثم أصبح في أوهام أبناء هذا الجيل رمزاً للخلاعة والترف، بل كاد يصبح رمزاً للإسراف في طلب الشهوات، وصورة من صور أبطال ألف ليلة وليلة، يقبلون ذلك كله ثم يرفضون أن يمس أحد أصنامهم بما هو أيسر منه، ويحكمون بحرية الرأي في كل ما يخالفون به إجماع المسلمين، ويأبون على مخالفيهم الرأي في هذه الحرية، يخطئون كبار المجتهدين من أئمة المسلمين ويجرحونهم بالظنون والأوهام، يثورون لتخطي ساداتهم أو تجريحهم بالحقائق الدامغة' هذه كلمة لا بد أن ننتبه لها فإنها كلمة حق.

إن من أسباب أو من عوامل نجاح الفكر الصليبـي اليهودي فيه هو زعزعة الثقة عند الأجيال المتأخرة بسلفها الصالح، وكما قال أحد المستشرقين: ' إننا قد خدعنا الأمة المسلمة فيما يسمى بالتنقيب عن الآثار، ونخدعهم بأن هذا كنز حصلنا عليه، وإن هذا علم ومدنية وحضارة وتأريخ، وليس هذا هو هدفنا الأول، وإنما هدفنا الأول أن نزعزع ولاء المسلم القائم في البراءة من كل معبود ومرغوب من دون الله، ونزعزع ولاءه لدينه الذي يعتقده، وما يصوره له هذا الدين تجاه الحضارات السابقة، فإن قرآنه يصور الحضارات السابقة على أنها كفر وجاهلية، ونحن نصورها له على أنها تقدم وحضارة، فإذا تزعزع ولاؤه بين الاثنين فهذا يكفينا '.

وبالفعل خرج جيل الهزيمة، وخرجت بعض الأسماء من أمثال "رفاعة الطهطاوي ، والكواكبي ، وجمال الدين الأفغاني ، وخير الدين ، ومحمد عبده " وتوالت البعثات الخارجية، ورجعوا يكتبون الإبريز في تاريخ باريز ، ويقولون: إن رقص الفتيات من الرياضة، فأنتم أناس أصحاب تحجر، ولا تدرون ما الذي يدور في العالم، وستمر أسماء أخرى مثل : "فتحي عثمان ، وفهمي هويدي " الذين يكتبون بكل وقاحة أن فقهاء المسلمين قد اعتدوا على تاريخ الإنسانية بآرائهم، ومن ثم فلا بد من إعادة النظر في طبيعة العلاقة بين المسلمين وبين الأمم الأخرى، فإن ما يصور في تاريخ المسلمين أن هناك دار إسلام ودار كفر، قد آن الأوان بعد قيام المنظمات الدولية لإلغاء هذا، ومسحه حتى من على الكتب التي في الرفوف، بل ويكتب فهمي هويدي كتاباً يسميه: العلاقة بين المسلمين والآخرين أشواك وعقبات على الطريق ، هذا ما أستطيع أن أقوله، وأكتفي بهذا.

شكر الله للشيخ هذا التوضيح، وهذا البيان.
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
سؤال وجه إلى الشيخ سفر الحوالي شفاه الله وعافاه:

السؤال: نرجو إرشادنا إلى الكتب التي ترد على الأفكار الهدامة؛ لكي نكون على بينة منها وبالأخص العلمانية .

الجواب: الأول: كتاب الله عز وجل، فإن فيه كل خير وهدى، وكل بدعة جاءتنا من داخل المجتمع الإسلامي أو من أوروبا فهي مرفوضة لأنها بدعة، وليست من عند الله ولا من عند النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وهناك كذلك ممن كتب عن الغزو الفكري منهم: أبو يعلى الجويني ، ومحمد قطب ، وسيد قطب ، ومحمد محمد حسين ، وهناك كتاب كثيرون كتبوا في هذا الموضوع، أيضاً والفكر الغربي نفسه لمن قرأه وهو يعرف حقيقة الإسلام سوف يكتشف بنفسه أي نظرية هدامة، فأي نظرية قرأها سوف يكتشف أنها منافية للإسلام.

والحمد لله أنهم في أغلبية الجامعات بدءوا ينحون اتجاهاً إسلامياً، وبدأت الاتجاهات في أن تجعل هذه العلوم إسلامية، وأصبحت كتابة هؤلاء العلماء الرواد هو مما يرجع إليه.
 
أعلى