تم تعطيل الجافا سكربت. للحصول على تجربة أفضل، الرجاء تمكين الجافا سكربت في المتصفح الخاص بك قبل المتابعة.
أنت تستخدم أحد المتصفحات القديمة. قد لا يتم عرض هذا الموقع أو المواقع الأخرى بشكل صحيح.
يجب عليك ترقية متصفحك أو استخدام
أحد المتصفحات البديلة .
العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،
مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.
إمتاع الطالبين بفوائد من حاشية العلامة ابن عابدين
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على اشرف النبيين والمرسلين؛ نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد..
من الجدير بالذكر أن العلامة ابن عابدين رحمه كان أول فقيه تكلم في حكم التأمين الذي تثار حوله البحوث اليوم.. وتناوله تحت اسم ( السوكرة ) .. والتي كانت مستعملة في عصر ابن عابدين محرفة من(سيكيوريتي) فعرف التأمين البحري فقال:
(مَطْلَبٌ مُهِمٌّ فِيمَا يَفْعَلُهُ التُّجَّارُ مِنْ دَفْعِ مَا يُسَمَّى سَوْكَرَةً وَتَضْمِينِ الْحَرْبِيِّ مَا هَلَكَ فِي الْمَرْكَبِ وَبِمَا قَرَرْنَاهُ يَظْهَرُ جَوَابُ مَا كَثُرَ السُّؤَالُ عَنْهُ فِي زَمَانِنَا : وَهُوَ أَنَّهُ جَرَتْ الْعَادَةُ أَنَّ التُّجَّارَ إذَا اسْتَأْجَرُوا مَرْكَبًا مِنْ حَرْبِيٍّ يَدْفَعُونَ لَهُ أُجْرَتَهُ ، وَيَدْفَعُونَ أَيْضًا مَالًا مَعْلُومًا لِرَجُلٍ حَرْبِيٍّ مُقِيمٍ فِي بِلَادِهِ ، يُسَمَّى ذَلِكَ الْمَالُ : سَوْكَرَةً عَلَى أَنَّهُ مَهْمَا هَلَكَ مِنْ الْمَالِ الَّذِي فِي الْمَرْكَبِ بِحَرْقٍ أَوْ غَرَقٍ أَوْ نَهْبٍ أَوْ غَيْرِهِ ، فَذَلِكَ الرَّجُلُ ضَامِنٌ لَهُ بِمُقَابَلَةِ مَا يَأْخُذُهُ مِنْهُمْ ، وَلَهُ وَكِيلٌ عَنْهُ مُسْتَأْمَنٌ فِي دَارِنَا يُقِيمُ فِي بِلَادِ السَّوَاحِلِ الْإِسْلَامِيَّةِ بِإِذْنِ السُّلْطَانِ يَقْبِضُ مِنْ التُّجَّارِ مَالَ السَّوْكَرَةِ وَإِذَا هَلَكَ مِنْ مَالِهِمْ فِي الْبَحْرِ شَيْءٌ يُؤَدِّي ذَلِكَ الْمُسْتَأْمَنِ لِلتُّجَّارِ بَدَلَهُ تَمَامًا)
فالحاشية ـ في عمومها ـ يبرز منها عنصر التناول للمستجدات العصرية في زمانه وسيستمتع الجارد للحاشية بذلك.
أضف إلى تلك المنهجية في التناول أن ابن عابدين تظهر منه الديانة خلال تناولاته وتخريجاته وهذا ما يفقده كثير من أصحاب الصوامع ممن لا يدركون إلا الثناء على الظالمين، فيهلكون بذلك أنفسهم..
وقد وقفت أثناء دراستي في الحاشية على حادثة يرويها ابن عابدين بلغة الفقيه المحقق، ولغة المسلم الذي يئن من نزف جرح من مصيبة أصابت الدين.. يقول رحمه الله:
(مَطْلَبٌ مُهِمٌّ : حَادِثَةُ الْفَتْوَى فِي أَخْذِ النَّصَارَى كَنِيسَةً مَهْجُورَةً لِلْيَهُودِ
وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا حُكْمُ حَادِثَةِ الْفَتْوَى الْوَاقِعَةِ فِي عَامِ ثَمَانِيَةٍ وَأَرْبَعِينَ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ وَالْأَلْفِ قَرِيبًا مِنْ كِتَابَتِي لِهَذَا الْمَحَلِّ ، وَهِيَ أَنَّ كَنِيسَةً لِفِرْقَةٍ مِنْ الْيَهُودِ تُسَمَّى الْيَهُودَ الْقَرَّايِينَ مَهْجُورَةٌ مِنْ قَدِيمٍ لِفَقْدِ هَذِهِ الْفِرْقَةِ وَانْقِطَاعِهِمْ فِي دِمَشْقَ ، فَحَضَرَ يَهُودِيٌّ غَرِيبٌ هُوَ مِنْ هَذِهِ الْفِرْقَةِ إلَى دِمَشْقَ ، فَدَفَعَ لَهُ النَّصَارَى دَرَاهِمَ مَعْلُومَةً ، وَأَذِنَ لَهُمْ فِي بِنَائِهَا ، وَأَنْ يَجْعَلُوهَا مَعْبَدًا لَهُمْ ، وَصَدَّقَ لَهُمْ عَلَى ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْيَهُودِ لِقُوَّةِ شَوْكَةِ النَّصَارَى فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ ، وَبَلَغَنِي أَنَّ الْكَنِيسَةَ الْمَذْكُورَةَ فِي دَاخِلِ حَارَةٍ لِلْيَهُودِ مُشْتَمِلَةً عَلَى دُورٍ عَدِيدَةٍ وَأَنَّ مُرَادَ النَّصَارَى شِرَاءُ الْحَارَةِ الْمَذْكُورَةِ وَإِدْخَالُهَا لِلْكَنِيسَةِ ، وَطَلَبُوا فَتْوَى عَلَى صِحَّةِ ذَلِكَ الْإِذْنِ ، وَعَلَى كَوْنِهَا صَارَتْ مَعْبَدًا لِلنَّصَارَى ، فَامْتَنَعْت مِنْ الْكِتَابَةِ .
مَطْلَبٌ فِيمَا أَفْتَى بِهِ بَعْضُ الْمُتَهَوِّرِينَ فِي زَمَانِنَا وَقُلْت : إنَّ ذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ فَكَتَبَ لَهُمْ بَعْضُ الْمُتَهَوِّرِينَ طَمَعًا فِي عَرَضِ الدُّنْيَا أَنَّ ذَلِكَ صَحِيحٌ جَائِزٌ ، فَقَوِيَتْ بِذَلِكَ شَوْكَتُهُمْ ، وَعَرَضُوا ذَلِكَ عَلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ لِيَأْذَنَ لَهُمْ بِذَلِكَ حَيْثُ وَافَقَ غَرَضُهُمْ الْحُكْمَ الشَّرْعِيَّ ، بِنَاءً عَلَى مَا أَفْتَاهُمْ بِهِ ذَلِكَ الْمُفْتِي وَلَا أَدْرِي مَا يَئُولُ إلَيْهِ الْأَمْرُ وَإِلَى اللَّهِ الْمُشْتَكَى .
وَمُسْتَنَدِي فِيمَا قُلْته أُمُورٌ : مِنْهَا مَا عَلِمْته مِنْ أَنَّ الْيَهُودَ لَا عَهْدَ لَهُمْ ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ كَنَائِسَهُمْ الْقَدِيمَةَ أُقِرَّتْ مَسَاكِنَ لَا مَعَابِدَ ، فَتَبْقَى كَمَا أُبْقِيَتْ عَلَيْهِ ، وَمَا عَلِمْته أَيْضًا مِنْ أَنَّ أَهْلَ الذِّمَّةِ نَقَضُوا عَهْدَهُمْ لِقِتَالِهِمْ الْمُسْلِمِينَ مَعَ التَّتَارِ الْكُفَّارِ فَلَمْ يَبْقَ لَهُمْ عَهْدٌ فِي كَنَائِسِهِمْ فَهِيَ مَوْضُوعَةٌ الْآنَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَأْتِي قَرِيبًا عِنْدَ قَوْلِهِ وَسَبُّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ عَهْدَ أَهْلِ الذِّمَّةِ فِي الشَّامِ مَشْرُوطٌ بِأَنَّ لَا يُحْدِثُوا بِيعَةً ، وَلَا كَنِيسَةً ، وَلَا يَشْتِمُوا مُسْلِمًا وَلَا يَضْرِبُوهُ ، وَأَنَّهُمْ إنْ خَالَفُوا فَلَا ذِمَّةَ لَهُمْ .
وَمِنْهَا : أَنَّ هَذِهِ كَنِيسَةٌ مَهْجُورَةٌ انْقَطَعَ أَهْلُهَا وَتَعَطَّلَتْ عَنْ الْكُفْرِ فِيهَا فَلَا تَجُوزُالْإِعَانَةُ عَلَى تَجْدِيدِ الْكُفْرِ فِيهَا ، وَهَذَا إعَانَةٌ عَلَى ذَلِكَ بِالْقَدْرِ الْمُمْكِنِ حَيْثُ تَعَطَّلَتْ عَنْ كُفْرِ أَهْلِهَا .
وَقَدْ نَقَلَ الشُّرُنْبُلَالِيُّ فِي رِسَالَتِهِ عَنْ الْإِمَامِ الْقَرَافِيِّ أَنَّهُ أَفْتَى بِأَنَّهُ لَا يُعَادُ مَا انْهَدَمَ مِنْ الْكَنَائِسِ ، وَأَنَّ مَنْ سَاعَدَ عَلَى ذَلِكَ فَهُوَ رَاضٍ بِالْكُفْرِ وَالرِّضَا بِالْكُفْرِ كُفْرٌ ا هـ .
فَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ سُوءِ الْمُنْقَلَبِ .
وَمِنْهَا : أَنَّ عَدَاوَةَ الْيَهُودِ لِلنَّصَارَى أَشَدُّ مِنْ عَدَاوَتِهِمْ لَنَا ، وَهَذَا الرِّضَا وَالتَّصْدِيقُ نَاشِئٌ عَنْ خَوْفِهِمْ مِنْ النَّصَارَى لِقُوَّةِ شَوْكَتِهِمْ كَمَا ذَكَرْنَاهُ .
وَمِنْهَا : أَنَّهَا إذَا كَانَتْ مُعَيَّنَةٌ لِفِرْقَةٍ خَاصَّةٍ لَيْسَ لِرَجُلٍ مِنْ أَهْلِ تِلْكَ الْفِرْقَةِ أَنْ يَصْرِفَهَا إلَى جِهَةٍ أُخْرَى وَإِنْ كَانَ الْكُفْرُ مِلَّةً وَاحِدَةً عِنْدَنَا كَمَدْرَسَةٍ مَوْقُوفَةٍ عَلَى الْحَنَفِيَّةِ مَثَلًا لَا يَمْلِكُ أَحَدٌ أَنْ يَجْعَلَهَا لِأَهْلِ مَذْهَبٍ آخَرَ وَإِنْ اتَّحَدَتْ الْمِلَّةُ .
وَمِنْهَا : أَنَّ الصُّلْحَ الْعُمَرِيَّ الْوَاقِعَ حِينَ الْفَتْحِ مَعَ النَّصَارَى إنَّمَا وَقَعَ عَلَى إبْقَاءِ مَعَابِدِهِمْ الَّتِي كَانَتْ لَهُمْ إذْ ذَاكَ ، وَمِنْ جُمْلَةِ الصُّلْحِ مَعَهُمْ كَمَا عَلِمْته آنِفًا أَنْ لَا يُحْدِثُوا كَنِيسَةً وَلَا صَوْمَعَةً ، وَهَذَا إحْدَاثُ كَنِيسَةٍ لَمْ تَكُنْ لَهُمْ بِلَا شَكٍّ ، وَاتَّفَقَتْ مَذَاهِبُ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ عَلَى أَنَّهُمْ يُمْنَعُونَ عَنْ الْإِحْدَاثِ كَمَا بَسَطَهُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ بِنَقْلِهِ نُصُوصَ أَئِمَّةِ الْمَذَاهِبِ ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ الْإِحْدَاثِ أَنْ يَكُونَ بِنَاءً حَادِثًا لِأَنَّهُ نَصَّ فِي شَرْحِ السِّيَرِ وَغَيْرِهِ عَلَى أَنَّهُ لَوْ أَرَادُوا أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْتًا لَهُمْ مُعَدًّا لِلسُّكْنَى كَنِيسَةً يَجْتَمِعُونَ فِيهِ يُمْنَعُونَ مِنْهُ لِأَنَّ فِيهِ مُعَارَضَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ وَازْدِرَاءٌ بِالدِّينِ .ا هـ .
أَيْ لِأَنَّهُ زِيَادَةُ مَعْبَدٍ لَهُمْ عَارَضُوا بِهِ مَعَابِدَ الْمُسْلِمِينَ ، وَهَذِهِ الْكَنِيسَةُ كَذَلِكَ جَعَلُوهَا مَعْبَدًا لَهُمْ حَادِثًا فَمَا أَفْتَى بِهِ ذَلِكَ الْمِسْكِينُ خَالَفَ فِيهِ إجْمَاعَ الْمُسْلِمِينَ ، وَهَذَا كُلُّهُ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَمَّا قَصَدُوهُ مِنْ عِمَارَتِهَا بِأَنْقَاضٍ جَدِيدَةٍ وَزِيَادَتِهِمْ فِيهَا فَإِنَّهَا لَوْ كَانَتْ كَنِيسَةً لَهُمْ يُمْنَعُونَ مِنْ ذَلِكَ بِإِجْمَاعِ أَئِمَّةِ الدِّينِ أَيْضًا وَلَا شَكَّ أَنَّ مَنْ أَفْتَاهُمْ وَسَاعَدَهُمْ وَقَوَّى شَوْكَتَهُمْ يُخْشَى عَلَيْهِ سُوءُ الْخَاتِمَة وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى)
أقول: كلما تذكرت حادثة كنيسة الإمارات التي أفتى فيها القرضاوي بجواز بنائها، تذكرت ذلك النقل عن ابن عابدين رحمه الله.. وانفطر قلبي ورب الكعبة وأكاد أجن مما أفتى به الشيخ.. فماذا يكون فسادا في الدين بعد الكفر بالله ـ أو معه ـ إن لم يكن هو ما أفتى به القرضاوي من بناء كنيسة ضخمة مؤسسية في شبه الجزيرة العربية!! وبأي شيء سنذكر القرضاوي بعد مماته ونحن سنرى - حتما - الثمار النكدة المرة لشؤم تلك الفتوى؟ .. كلما تذكرت فتوى القرضاوي وتأملت في لحظات ما يمكن أن تؤول إليه.. قالت لي نفسي: إن الكارثة هذه المرة أنها ليست حادثة تمر كفتوى قتال المسلم الأمريكي لأخيه الأفغاني في الحرب على أفغانستان، وليست وقتية ككل فتاواه أو أغلبها.. الأمر هنا مختلف.. إن القرضاوي سيموت عاجلا أم آجلا.. وقد (زرع) للمسلمين (مؤسسة نصرانية) وجدت لتبقى وتدوم، وتكون المركز الرئيس في المنطقة الذي تمتد بعده نشاطاته وخططه التنصيرية.. فالقرضاوي وضع الخطوة الرئيسية الأولى وحجر الأساس في مشوار طويل من أنشطة إخراج المسلمين من القدر الذي بقوا عليه من دينهم.. ليخرجوا كلية!!
تنبيه : قراءة الحاشية تعد جزءا غير كبير من جدولي الدراسي اليومي، وليست تشغله، أي أني لا أعكف عليها منفردة حتى أنهيها، لكنها إن شاء الله تعالى مستمرة، لذا فإن ما يدرج من القواعد سيكون قليلا غالبا، لكنه منتظم، ومستمر، ولذا سيطول بنا هذا العمل إن شاء الله تعالى.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
التعديل الأخير: 31 مارس 2010
أبدأ مستعينا بالله تعالى
تلميح1: الطبعة التي أملكها وأعتمد عليها هي (طبعة مؤسسة مصطفى البابي الحلبي بمصر، وهي تقع في 8 مجلدات كبار) وسوف أتناول بالفواد مجلدا مجلدا، وذلك توفيرا للوقت؛ حيث لا أكتب المجلد في كل فائدة، على أن أعنون بالمجلد في كل مجموعة مستلة منه، مشيرا إلى رقم الصفحة. والله تعالى الموفق.
تلميح2: أنقل الفائدة او مثار المسالة والأخذ والرد، ولا يعني نقلي أني أقر ما أنقله أو أن إقراري له كفائدة هو على المعنى المباشر، والذي يقتضي كون النقل ذاته صحيحا. والله تعالى يلهمن االسداد.
المجلد الأول
1 - يقول ابن عابدين ص4 مشيرا إلى ما أورده في الحاشية من مسائل:
جمعت بتوفيق الإله مسائلا * * * بيض الحواشي مثل دمع المتيم
وما ضر شمسا أشرقت في علوها * * * جحود حسود وهو عن نورها عمي
والكتاب مليء بمثل تلك الشواهد، وسيكون جمعها إن شاء الله محل اهتمام في هذا العمل.
2 - حيث أطلق (المحقق) فهو كمال الدين بن الهمام صاحب فتح القدير ص5
أقول: الكمال بن الهمام من العلماء المميزين في مذهبنا، وهو محقق مجتهد، وسلوكه وتحقيقه هما ما أشهرا كتابه (فتح القدير) والذي هو في أصله حاشية على الهداية للمرغيناني، وليس شرحا كاملا، بل لم يكمله وقد أكمله قاضي زاده أفندي بدءا من كتاب الوكالة. وهذا الكتاب (فتح القدير) يحوي من مواطن التحقيق ما يخلو منه كتاب حنفي آخر، ويروقني جدا الرجوع إليه لأقف على تحقيقه للمسائل، والذي يشمل تحقيقا للنصوص منصفا.
3 - يقول حول لفظ الجلالة ص7:
وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ عَرَبِيٌّ عَلَمٌ مُرْتَجَلٌ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ أَصْلٍ مِنْهُ ، وَمِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَالشَّافِعِيُّ وَالْخَلِيلُ .وَرَوَى هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ اسْمُ اللَّهِ الْأَعْظَمُ ، وَبِهِ قَالَ الطَّحَاوِيُّ وَكَثِيرٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ وَأَكْثَرُ الْعَارِفِينَ حَتَّى أَنَّهُ لَا ذِكْرَ عِنْدَهُمْ لِصَاحِبِ مَقَامٍ فَوْقَ الذِّكْرِ بِهِ كَمَا فِي شَرْحِ التَّحْرِيرِ لِابْنِ أَمِيرِ حَاجٍّ .
ثم يقول في ذات الموضع حول لفظ الرحمن:
وَذَهَبَ الْأَعْلَمُ إلَى أَنَّهُ عَلَمٌ كَالْجَلَالَةِ لِاخْتِصَاصِهِ بِهِ تَعَالَى وَعَدَمِ إطْلَاقِهِ عَلَى غَيْرِهِ تَعَالَى مُعَرَّفًا وَمُنَكَّرًا
4 - يقول حول وصف الله بالرحمة هل هو حقيقي أو مجازي ص7:
وَهَلْ وَصْفُهُ تَعَالَى بِالرَّحْمَةِ حَقِيقَةً أَوْ مَجَازًا عَنْ الْإِنْعَامِ أَوْ عَنْ إرَادَتِهِ لِأَنَّهَا مِنْ الْأَعْرَاضِ النَّفْسَانِيَّةِ الْمُسْتَحِيلَةِ عَلَيْهِ تَعَالَى فَيُرَادُ غَايَتُهَا ؟ الْمَشْهُورُ الثَّانِي .وَالتَّحْقِيقُ الْأَوَّلُ ، لِأَنَّ الرَّحْمَةَ الَّتِي هِيَ مِنْ الْأَعْرَاضِ هِيَ الْقَائِمَةُ بِنَا ، وَلَا يَلْزَمُ كَوْنُهَا فِي حَقِّهِ تَعَالَى كَذَلِكَ حَتَّى تَكُونَ مَجَازًا كَالْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ وَالْإِرَادَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ الصِّفَاتِ مَعَانِيهَا الْقَائِمَةُ بِنَا مِنْ الْأَعْرَاضِ ، وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ إنَّهَا فِي حَقِّهِ تَعَالَى مَجَازٌ ، وَتَمَامُ تَحْقِيقِهِ مَعَ فَوَائِدَ أُخَرَ فِي حَوَاشِينَا عَلَى شَرْحِ الْمَنَارِ لِلشَّارِحِ
ويقصد بحاشيته هي (نسمات الأسحار على شرح المنار) وهي حاشية مشهورة ثمينة في الأصول
5 - يقول ص8:
واللفظ عند أهل العرف حقيقة في معناه العرفين مجاز في غيره
أقول: يقصد بأه لالعرف أهل كل عرف، وليس هو القصور على عرف الناس عامة كما قد يتبادر، فأهل عرف النحو لهم عرفهم، وأهل عرف الفقه لهم عرفهم.. وهكذا.
6 - يقول ص 8:
الحكم على الحقيقة بدون اعتبار الأفراد قليل في الشرع
7 - ص8:
والحاتم : الجوّاد
8 - يقول حول تفصيل معاني (أل) ص9:
فَهَذِهِ مَعَانِي أَلْ ؛ فَإِذَا كَانَ مَدْخُولُهَا مَوْضُوعًا وَحُمِلَ عَلَيْهِ مَقْرُونٌ بِاللَّامِ الَّتِي هِيَ لِلِاخْتِصَاصِ أَفَادَتْ اللَّامُ أَنَّ الْجِنْسَ أَوْ الْمَعْهُودَ مُخْتَصٌّ بِمَدْخُولِهَا وَإِنْ كَانَ الْمَحْمُولُ غَيْرَ مَقْرُونٍ بِهَا ، فَإِنْ كَانَ فِي الْجُمْلَةِ مَا يُفِيدُ الِاخْتِصَاصَ كَتَعْرِيفِ الطَّرَفَيْنِ وَنَحْوِهِ فِيهَا .
وَإِلَّا فَإِنْ كَانَتْ أَلْ لِلْجِنْسِ وَالْمَاهِيَّةِ فَنَفْسُ النِّسْبَةِ تُفِيدُ الِاخْتِصَاصَ ، إذْ لَوْ خَرَجَ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِ الْمَوْضُوعِ لَمْ تَصْدُقْ النِّسْبَةُ لِخُرُوجِ الْجِنْسِ مَعَهُ كَمَا مَرَّ فِي كَلَامِ الْكَشَّافِ ، وَلِذَا قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَلَيْسَ وَرَاءَ الْجِنْسِ شَيْءٌ .
9 - يقول حول استعمال البسملة والحمدلة ص9 :
[ تَتِمَّةٌ ] تَأْتِي الْأَحْكَامُ الشَّرْعِيَّةُ فِي كُلٍّ مِنْ الْبَسْمَلَةِ وَالْحَمْدَلَةِ ؛ أَمَّا الْبَسْمَلَةُ فَتَجِبُ فِي ابْتِدَاءِ الذَّبْحِ وَرَمْيِ الصَّيْدِ وَالْإِرْسَالِ إلَيْهِ ، لَكِنْ يَقُومُ مَقَامَهَا كُلُّ ذِكْرٍ خَالِصٍ .
وَفِي بَعْضِ الْكُتُبِ أَنَّهُ لَا يَأْتِي بِالرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ لِأَنَّ الذَّبْحَ لَيْسَ بِمُلَائِمٍ لِلرَّحْمَةِ ، لَكِنْ فِي الْجَوْهَرَةِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ " بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنْ الرَّحِيمْ " فَهُوَ حَسَنٌ وَفِي ابْتِدَاءِ الْفَاتِحَةِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ .
قِيلَ وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِ ، لَكِنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهَا سُنَّةٌ ، وَتُسَنُّ أَيْضًا فِي ابْتِدَاءِ الْوُضُوءِ وَالْأَكْلِ ، وَفِي ابْتِدَاءِ كُلِّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ ، وَتَجُوزُ أَوْ تُسْتَحَبُّ فِيمَا بَيْنَ الْفَاتِحَةِ وَالسُّورَةِ عَلَى الْخِلَافِ الْآتِي فِي مَحَلِّهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَتُبَاحُ أَيْضًا فِي ابْتِدَاءِ الْمَشْيِ وَالْقِيَامِ وَالْقُعُودِ .
وَتُكْرَهُ عِنْدَ كَشْفِ الْعَوْرَةِ أَوْ مَحَلِّ النَّجَاسَاتِ ، وَفِي أَوَّلِ سُورَةِ بَرَاءَةٍ إذَا وَصَلَ قِرَاءَتَهَا بِالْأَنْفَالِ كَمَا قَيَّدَهُ بَعْضُ الْمَشَايِخِ ، قِيلَ وَعِنْدَ شُرْبِ الدُّخَانِ أَيْ وَنَحْوِهِ مِنْ كُلِّ ذِي رَائِحَةٍ كَرِيهَةٍ كَأَكْلِ ثُومٍ وَبَصَلٍ .
وَتَحْرُمُ عِنْدَ اسْتِعْمَالِ مُحَرَّمٍ ، بَلْ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَغَيْرِهَا يَكْفُرُ مَنْ بَسْمَلَ عِنْدَ مُبَاشَرَةِ كُلِّ حَرَامٍ قَطْعِيِّ الْحُرْمَةِ ، وَكَذَا تَحْرُمُ عَلَى الْجُنُبِ إنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهَا الذِّكْرَ .
ا هـ .ط مُلَخَّصًا مَعَ بَعْضِ زِيَادَاتٍ .
وَأَمَّا الْحَمْدَلَةُ فَتَجِبُ فِي الصَّلَاةِ ، وَتُسَنُّ فِي الْخُطَبِ ، وَقَبْلَ الدُّعَاءِ وَبَعْدَ الْأَكْلِ ، وَتُبَاحُ بِلَا سَبَبٍ ، وَتُكْرَهُ فِي الْأَمَاكِنِ الْمُسْتَقْذَرَةِ ، وَتَحْرُمُ بَعْدَ أَكْلِ الْحَرَامِ ، بَلْ فِي الْبَزَّازِيَّةِ أَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِي كُفْرِهِ
وفي النقل تفصيلات يحسن تناولها من قبل طلاب العلم - ولو من باب التذاكر والتدريب -
10 - ويقول حول استعمال الأسماء الظاهرة في الغيب أو الحضور ودخول النداء عليها ص10:
( قَوْلُهُ : يَا مَنْ شَرَحْت ) الْأَوْلَى شَرَحَ كَمَا عَبَّرَ فِي مُخْتَصَرِ الْمَعَانِي ، لِأَنَّ الْأَسْمَاءَ الظَّاهِرَةَ كُلَّهَا غَيْبٌ سَوَاءٌ كَانَتْ مَوْصُولَةً أَوْ مَوْصُوفَةً كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الْمِفْتَاحِ ، لَكِنْ بِمُرَاعَاةِ جَانِبِ النِّدَاءِ الْمَوْضُوعَةِ لِلْمُخَاطَبِ يَسُوغُ الْخِطَابُ نَظَرًا إلَى الْمَعْنَى .
وَذَكَرَ فِي الْمُطَوَّلِ أَنَّ قَوْلَ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ .
أَنَا الَّذِي سَمَّتْنِي أُمِّي حَيْدَرَهْ .
قَبِيحٌ عِنْدَ النَّحْوِيِّينَ .
وَاعْتَرَضَهُ حَسَنٌ جَلَبِي بِأَنَّ الِالْتِفَاتَ مِنْ أَتَمِّ وُجُوهِ تَحْسِينِ الْكَلَامِ فَلَا وَجْهَ لِلتَّقْبِيحِ ، لِأَنَّهُ الْتِفَاتٌ مِنْ الْغَيْبَةِ إلَى التَّكَلُّمِ ، وَفِيهِ تَغْلِيبُ جَانِبِ الْمَعْنَى عَلَى جَانِبِ اللَّفْظِ ، عَلَى أَنَّهُ يَرُدُّ عَلَى النَّحْوِيِّينَ - { بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ } - فَلَوْ كَانَ فِيهِ قَبَاحَةٌ لَمَا وَقَعَ فِي كَلَامٍ هُوَ فِي أَعْلَى طَبَقَاتِ الْبَلَاغَةِ .
ا هـ
أَقُولُ : وَلَا يَخْفَى مَا فِي قَوْلِهِ عَلَى أَنَّهُ يَرُدُّ إلَخْ مِنْ اللَّطَافَةِ عِنْدَ أَهْلِ الظَّرَافَةِ ، وَفِي مُغْنِي اللَّبِيبِ فِي بَحْثِ الْأَشْيَاءِ الَّتِي تَحْتَاجُ إلَى رَابِطٍ أَنَّ نَحْوَ : أَنْتَ الَّذِي فَعَلْت مَقِيسٌ لَكِنَّهُ قَلِيلٌ ، وَإِذَا تَمَّ الْمَوْصُولُ بِصِلَتِهِ انْسَحَبَ عَلَيْهِ حُكْمُ الْخِطَابِ ، وَلِهَذَا قِيلَ قُمْتُمْ .
وَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ مِنْ بَابِ الِالْتِفَاتِ لِأَنَّ آمَنُوا مُغَايَبَةً قُمْتُمْ مُوَاجَهَةً فَقَدَّمُوهَا .
ا هـ .
وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ لَمْ يَتِمَّ الْمَوْصُولُ بِصِلَتِهِ : أَيْ لَمْ يَأْتِ الضَّمِيرُ بَعْدَ تَمَامِ الصِّلَةِ ، فَدَعْوَى الِالْتِفَاتِ فِيهِ صَحِيحَةٌ
11- يقول في تقرير كون القلب هو محل العقلص10:
وَخَصَّ الصُّدُورَ لِأَنَّهَا ظُرُوفُ الْقُلُوبِ الْمُلُوكِ عَلَى سَائِرِ الْجَوَارِحِ ، لِأَنَّهَا مَحَلُّ الْعَقْلِ كَمَا يَأْتِي فِي بَابِ خِيَارِ الْعَيْبِ ؛ أَوْ الْمُرَادُ بِهَا الْقُلُوبُ ، وَاتِّسَاعُهَا كِنَايَةٌ عَنْ كَثْرَةِ مَا يَدْخُلُ فِيهَا مِنْ الْحِكَمِ الْإِلَهِيَّةِ وَالْمَعَارِفِ الرَّبَّانِيَّ ةِ
12 - يقول في بيان معني الهداية ناقلا عن البيضاوي ص10:
قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ : الْهِدَايَةُ دَلَالَةٌ بِلُطْفٍ وَلِذَا تُسْتَعْمَلُ فِي الْخَيْرِ وقَوْله تَعَالَى - { فَاهْدُوهُمْ إلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ } - عَلَى التَّهَكُّمِ وَهِدَايَةُ اللَّهِ تَعَالَى تَتَنَوَّعُ أَنْوَاعًا لَا يُحْصِيهَا عَدَدٌ لَكِنَّهَا تَنْحَصِرُ فِي أَجْنَاسٍ مُتَرَتِّبَةٍ : الْأَوَّلُ إفَاضَةُ الْقُوَى الَّتِي بِهَا يَتَمَكَّنُ الْمَرْءُ مِنْ الِاهْتِدَاءِ إلَى مَصَالِحِهِ كَالْقُوَّةِ الْعَاقِلَةِ وَالْحَوَاسِّ الْبَاطِنَةِ وَالْمَشَاعِرِ الظَّاهِرَةِ .
وَالثَّانِي نَصْبُ الدَّلَائِلِ الْفَارِقَةِ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ وَالصَّلَاحِ وَالْفَسَادِ .
وَالثَّالِثُ الْهِدَايَةُ بِإِرْسَالِ الرُّسُلِ وَإِنْزَالِ الْكُتُبِ .
وَالرَّابِعُ أَنْ يَكْشِفَ عَلَى قُلُوبِهِمْ السَّرَائِرَ وَيُرِيَهُمْ الْأَشْيَاءَ كَمَا هِيَ بِالْوَحْيِ أَوْ الْإِلْهَامِ أَوْ الْمَنَامَاتِ الصَّادِقَةِ وَهَذَا مُخْتَصٌّ بِالْأَنْبِيَاءِ وَالْأَوْلِيَاءِ ا هـ مُلَخَّصًا
وأكتفي بهذا المقدار من الفوائد، مشيرا إلى القلة الكمية للمقدار المدروس من الحاشية؛ نظرا لكونها جزءا من برنامجي ولم أتفرغ لها بالكلية، إلا أن غزارة فوائدها تعوضنا ذلك؛ فبإلقاء نظرة على عزو الصفحات في الفوائد السابقة تتبين كثافة الفوائد المجموعة من صفحات قليلة.
وأسألكم الدعاء بالغفران.
يقول في التفريق بين النور والضياء ص11 :
النُّورُ كَيْفِيَّةٌ ظَاهِرَةٌ بِنَفْسِهَا مُظْهِرَةٌ لِغَيْرِهَا وَالضِّيَاءُ أَقْوَى مِنْهُ وَأَتَمُّ ، وَلِذَلِكَ أُضِيفَ إلَى الشَّمْسِ فِي قَوْله تَعَالَى - { هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا } - وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الضِّيَاءَ ضَوْءٌ ذَاتِيٌّ وَالنُّورَ ضَوْءٌ عَارِضٌ .
وَقَدْ يُقَالُ : يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ النُّورُ أَقْوَى عَلَى الْإِطْلَاقِ ، - { اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ } - وَإِنَّمَا يَتَّجِهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعْنَاهُ فِي الْآيَةِ الْمُنَوِّرَ ، وَقَدْ حَمَلَهُ أَهْلُ التَّفْسِيرِ عَلَى ذَلِكَ ا هـ حَسَنٌ جَلَبِي عَلَى الْمُطَوَّلِ .
يقول في بيان الشريعة والدين والملة نفس الصفحة :
وَالشَّرِيعَةُ : فَعِيلَةٌ بِمَعْنَى مَفْعُولَةٍ أَيْ مَشْرُوعَةٌ ، فَقَدْ شَرَعَهَا اللَّهُ حَقِيقَةً وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَجَازًا ، وَالشَّرِيعَةُ وَالْمِلَّةُ وَالدِّينُ شَيْءٌ وَاحِدٌ .
فَهِيَ شَرِيعَةٌ لِكَوْنِ اللَّهِ تَعَالَى قَدْ شَرَعَهَا .
وَالشَّرِيعَةُ فِي الْأَصْلِ الطَّرِيقُ يُورَدُ لِلِاسْتِقَاءِ ، فَأُطْلِقَتْ عَلَى الْأَحْكَامِ الْمَشْرُوعَةِ لِبَيَانِهَا وَوُضُوحِهَا ، وَلِلتَّوَصُّلِ بِهَا إلَى مَا بِهِ الْحَيَاةُ الْأَبَدِيَّةُ ، وَمِلَّةٌ لِكَوْنِهَا أُمْلِيَتْ عَلَيْنَا مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ ، وَدِينٌ لِلتَّدَيُّنِ بِأَحْكَامِهَا : أَيْ لِلتَّعَبُّدِ بِهَا .
ا هـ .
ط ، وَكُلٌّ مِنْ الدِّينِ وَالشَّرِيعَةِ يُضَافُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَالنَّبِيِّ وَالْأُمَّةِ .
بِخِلَافِ الْمِلَّةِ فَإِنَّهَا لَا تُضَافُ إلَّا إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيُقَالُ مِلَّةُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا يُقَالُ مِلَّةُ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا مِلَّةُ زَيْدٍ كَمَا قَالَهُ الْمُظْهِرُ وَالرَّاغِبُ وَغَيْرُهُمَا .
يقول في بياناستعمال (لدى) و (عند) ص12 :
( قَوْلُهُ : لَدَيْنَا ) أَيْ عِنْدَنَا ، وَقِيلَ إنَّ لَدَى تَقْتَضِي الْحَضْرَةَ بِخِلَافِ عِنْدَ ، تَقُولُ : عِنْدِي فَرَسٌ إذَا كُنْت تَمْلِكُهَا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ حَاضِرَةً فِي مَكَانِ التَّكَلُّمِ ، وَلَا تَقُولُ لَدَيَّ إلَّا إذَا كَانَتْ حَاضِرَةً
يقول حول استعمال ضمير العظمة نفس الصفحة :
( قَوْلُهُ : عَلَيْنَا ) الضَّمِيرُ لِلْمُؤَلِّفِ وَحْدَهُ نَظَرًا إلَى عَوْدِ ثَوَابِ الِانْتِفَاعِ بِهِ إلَيْهِ فَقَطْ ، وَأَتَى بِضَمِيرِ الْعَظَمَةِ لِلتَّحْدِيثِ بِالنِّعْمَةِ ، وَهُوَ جَائِزٌ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ وَالْمُحَدِّثِينَ ، أَوْ الضَّمِيرُ لِمَعَاشِرِ الْحَنَفِيَّةِ بِاعْتِبَارِ الِانْتِفَاعِ بِهِ وَهَذَا حُسْنُ ظَنٍّ مِنْ الشَّيْخِ ، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْخُطْبَةَ أُلِّفَتْ بَعْدَ ابْتِدَائِهِ هَذَا الْكِتَابَ بَلْ عَلَى أَنَّهَا مُتَأَخِّرَةٌ عَنْهُ
يقول في معنى التبييض نفس الصفحة :
( قَوْلُهُ : تَبْيِيضِ ) هُوَ فِي اصْطِلَاحِ الْمُصَنِّفِينَ عِبَارَةٌ عَنْ كِتَابَةِ الشَّيْءِ عَلَى وَجْهِ الضَّبْطِ وَالتَّحْرِيرِ مِنْ غَيْرِ شَطْبٍ بَعْدَ كِتَابَتِهِ كَيْفَمَا اتَّفَقَ .
في معنى الاختصار نفس الصفحة:
( قَوْلُهُ : الْمُخْتَصَرِ ) الِاخْتِصَارُ : تَقْلِيلُ اللَّفْظِ وَتَكْثِيرُ الْمَعْنَى ، وَهُوَ الْإِيجَازُ كَمَا فِي الْمِفْتَاحِ
ويقول حول رؤية صاحب الشرح للنبي صلى الله عليه وسلم في المنام وأنه أذن له في وضع الشرح نفس الصفحة :
( قَوْلُهُ : بَعْدَ الْإِذْنِ ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ يَسَّرْت أَوْ ابْتِدَاءَ ، وَكَأَنَّ الْإِذْنَ لِلشَّارِحِ حَصَلَ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَرِيحًا بِرُؤْيَةِ مَنَامٍ أَوْ بِإِلْهَامٍ ، وَبِبَرَكَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاقَ هَذَا الشَّرْحُ عَلَى غَيْرِهِ كَمَا فَاقَ مَتْنُهُ حَيْثُ رَأَى الْمُصَنِّفُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَامَ لَهُ مُسْتَقْبِلًا وَاعْتَنَقَهُ عَجِلًا ؛ وَأَلْقَمَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لِسَانَهُ الشَّرِيفَ كَمَا حَكَاهُ فِي الْمِنَحِ ، فَكُلٌّ مِنْ الْمَتْنِ وَالشَّرْحِ مِنْ آثَارِ بَرَكَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا غَرْوَ أَنْ شَاعَ ذِكْرُهُمَا ، وَفَاقَ وَعَمَّ نَفْعُهُمَا فِي الْآفَاقِ
في معنى الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم نفس الصفحة وما بعدها :
( قَوْلُهُ : صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) فِعْلٌ مَاضٍ قِيَاسُ مَصْدَرِهِ التَّصْلِيَةُ ، وَهُوَ مَهْجُورٌ لَمْ يُسْمَعْ هَكَذَا قَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الْقَامُوسِ صَلَّى صَلَاةً لَا تَصْلِيَةً دَعَا ا هـ وَيَرُدُّهُ مَا أَنْشَدَهُ ثَعْلَبٌ : تَرَكْت الْقِيَانَ وَعَزْفَ الْقِيَانِ وَأَدْمَنْت تَصْلِيَةً وَابْتِهَالًا الْقِيَانُ جَمْعُ قَيْنَةٍ : وَهِيَ الْأَمَةُ ، وَعَزْفُهَا : أَصْوَاتُهَا .
قَالَ : وَالتَّصْلِيَةُ مِنْ الصَّلَاةِ ، وَابْتِهَالًا مِنْ الدُّعَاءِ ا هـ وَقَدْ ذَكَرَهُ الزَّوْزَنِيُّ فِي مَصَادِرِهِ .
وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ : الصَّلَاةُ اسْمٌ مِنْ التَّصْلِيَةِ وَكِلَاهُمَا مُسْتَعْمَلٌ ، بِخِلَافِ الصَّلَاةِ بِمَعْنَى أَدَاءِ الْأَرْكَانِ فَإِنَّ مَصْدَرَهُ لَمْ يُسْتَعْمَلْ كَمَا ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ .
وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهَا حَقِيقَةٌ لُغَوِيَّةٌ فِي الدُّعَاءِ مَجَازٌ فِي الْعِبَادَةِ الْمَخْصُوصَةِ كَمَا حَقَّقَهُ السَّعْدُ فِي حَوَاشِي الْكَشَّافِ ، وَتَمَامُهُ فِي حَاشِيَةِ الْأَشْبَاهِ لِلْحَمَوِيِّ .
وَفِي التَّحْرِيرِ : هِيَ مَوْضُوعَةٌ لِلِاعْتِنَاءِ بِإِظْهَارِ الشَّرَفِ ، وَيَتَحَقَّقُ مِنْهُ تَعَالَى بِالرَّحْمَةِ عَلَيْهِ وَمِنْ غَيْرِهِ بِالدُّعَاءِ ، فَهِيَ مِنْ قَبِيلِ الْمُشْتَرَكِ الْمَعْنَوِيِّ ، وَهُوَ أَرْجَحُ مِنْ الْمُشْتَرَكِ اللَّفْظِيِّ ، أَوْ هِيَ مَجَازٌ فِي الِاعْتِنَاءِ الْمَذْكُورِ .
ا هـ .
وَبِهِ انْدَفَعَ الِاسْتِدْلَال بِقَوْلِهِ تَعَالَى - { إنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ } - الْآيَةُ عَلَى جَوَازِ الْجَمْعِ بَيْنَ مَعْنَى الْمُشْتَرَكِ اللَّفْظِيِّ ، وَلِمَا فِيهَا مِنْ مَعْنَى الْعَطْفِ عُدِّيَتْ بِعَلَى لِلْمَنْفَعَةِ وَإِنْ كَانَ الْمُتَعَدِّي بِهَا لِلْمَضَرَّةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُتَرَادِفَيْنِ لَا بُدَّ مِنْ جَرَيَانِ أَحَدِهِمَا مَجْرَى الْآخَرِ ، وَفِيهِ خِلَافٌ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ ، وَالْجُمْلَةُ خَبَرِيَّةٌ لَفْظًا مَنْقُولَةٌ إلَى الْإِنْشَاءِ ، أَوْ مَجَازٌ فِيهِ بِمَعْنَى اللَّهُمَّ صَلِّ ، إذْ الْمَقْصُودُ إيجَادُ الصَّلَاةِ امْتِثَالًا لِلْأَمْرِ .
قَالَ الْقُهُسْتَانِيُّ : وَمَعْنَاهَا الثَّنَاءُ الْكَامِلُ إلَّا أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ فِي وُسْعِنَا فَأُمِرْنَا أَنْ نَكِلَ ذَلِكَ إلَيْهِ تَعَالَى كَمَا فِي شَرْحِ التَّأْوِيلَاتِ
ويقول في مسألة إفراد النبي صلى الله علي وسلم أو آله بالصلاة ص13 :
قَالَ الْحَمَوِيُّ وَجَمَعَ بَيْنَهُمَا خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ كَرِهَ إفْرَادَ أَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ وَإِنْ كَانَ عِنْدَنَا لَا يُكْرَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي ، وَهَذَا الْخِلَافُ فِي حَقِّ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَّا غَيْرُهُ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ فَلَا خِلَافَ فِيهِ ، وَمَنْ ادَّعَاهُ فَعَلَيْهِ أَنْ يُورِدَ نَقْلًا صَرِيحًا وَلَا يَجِدُ إلَيْهِ سَبِيلًا كَذَا فِي شَرْحِ الْعَلَّامَةِ ميرك عَلَى الشَّمَائِلِ .
ا هـ .
أَقُولُ : وَجَزَمَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ أَمِيرِ حَاجٍّ فِي شَرْحِهِ عَلَى التَّحْرِيرِ بِعَدَمِ صِحَّةِ الْقَوْلِ بِكَرَاهَةِ الْإِفْرَادِ ، وَاسْتَدَلَّ عَلَيْهِ فِي شَرْحِهِ الْمُسَمَّى [ حِلْيَةُ الْمُجَلِّي فِي شَرْحِ مُنْيَةِ الْمُصَلِّي ] بِمَا فِي سُنَنِ النَّسَائِيّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ فِي حَدِيثِ الْقُنُوتِ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ " ثُمَّ قَالَ : مَعَ أَنَّ فِي قَوْله تَعَالَى - { وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ } - { وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى } - إلَى غَيْرِ ذَلِكَ أُسْوَةً حَسَنَةً .
ا هـ .
وَمِمَّنْ رَدَّ الْقَوْلَ بِالْكَرَاهَةِ الْعَلَّامَةُ مُنْلَا عَلِيٌّ الْقَارِي فِي شَرْحِ الْجَزْرِيَّةِ فَرَاجِعْهُ
فيمن يرادون بآل البيت نفس الصفحة :
( قَوْلُهُ : وَعَلَى آلِهِ ) اُخْتُلِفَ فِي الْمُرَادِ بِهِمْ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَوْضِعِ ؛ فَالْأَكْثَرُونَ أَنَّهُمْ قَرَابَتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِينَ حُرِّمَتْ عَلَيْهِمْ الصَّدَقَةُ عَلَى الِاخْتِلَافِ فِيهِمْ ، وَقِيلَ جَمِيعُ أُمَّةِ الْإِجَابَةِ وَإِلَيْهِ مَالَ مَالِكٌ وَاخْتَارَهُ الْأَزْهَرِيُّ وَالنَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ ، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ شَرْحُ التَّحْرِيرِ .
السلام عليكم ورحمة الله
حقيقة فقد راقتني جدا مقدمة محمد علاء الدين الحصكفي - صاحب الدر المختار الذي وضع ابن عابدين عليه رد المحتار - فقد ألفيتها عذبة رائعة، عبر فيها عن شعوراته بعبارات ماتعة، فقرأتها على زوجي فقالت هي على طريقة ألف ليلة وليلة الشائعة، فقلت هي طريقة شاعت في حقبة من الزمان، تروق لكل إنسان، لكن ربما طغت فكان لها في العلوم مكان، وعلت كعبا عن مدرك المبتدي.. فما دري.. أين يبتدي وينتهي.. ولكن في العموم نفسي تروقها، وترتصف في مشاعري دروبها.. فألفيت نقلها للأحباب والخلان، وإن كان المراد زاد الأذهان، فلا يفوتني زاد الشعور والوجدان.. فالعربية ساحرة، وإبداعات متقنيها باهرة، ومصنفاتهم بها عامرة.. تسلك في النفس المسالك، تلحظها المدارك، من كل قارئ وسالك..
فهاكم مقدمة الحصكفي الرضي.. وعلى الله أجري وعوضي ..
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ حَمْدًا لَك يَا مَنْ شَرَحْت صُدُورَنَا بِأَنْوَاعِ الْهِدَايَةِ سَابِقًا ، وَنَوَّرْت بَصَائِرَنَا بِتَنْوِيرِ الْأَبْصَارِ لَاحِقًا ، وَأَفَضْت عَلَيْنَا مِنْ أَشِعَّةِ شَرِيعَتِك الْمُطَهَّرَةِ بَحْرًا رَائِقًا ، وَأَغْدَقْتَ لَدَيْنَا مِنْ بِحَارِ مِنَحِك الْمُوَفَّرَةِ نَهْرًا فَائِقًا ، وَأَتْمَمْت نِعْمَتَك عَلَيْنَا حَيْثُ يَسَّرْت ابْتِدَاءَ تَبْيِيضِ هَذَا الشَّرْحِ الْمُخْتَصَرِ تُجَاهَ وَجْهِ مَنْبَعِ الشَّرِيعَةِ وَالدُّرَرِ ، وَضَجِيعَيْهِ الْجَلِيلَيْنِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ ، بَعْدَ الْإِذْنِ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ الَّذِينَ حَازُوا مِنْ مِنَحِ فَتْحِ كَشْفِ فَيْضِ فَضْلِك الْوَافِي حَقَائِقًا .
وَبَعْدُ : فَيَقُولُ فَقِيرُ ذِي اللُّطْفِ الْخَفِيِّ .
مُحَمَّدُ عَلَاءُ الدِّينِ الْحَصْكَفِيُّ ابْنُ الشَّيْخِ عَلِيٍّ الْإِمَامِ بِجَامِعِ بَنِي أُمَيَّةَ ثُمَّ الْمُفْتِي بِدِمَشْقَ الْمَحْمِيَّةِ الْحَنَفِيُّ : لَمَّا بَيَّضْت الْجُزْءَ الْأَوَّلَ مِنْ خَزَائِنِ الْأَسْرَارِ ، وَبَدَائِعِ الْأَفْكَارِ ، فِي شَرْحِ تَنْوِيرِ الْأَبْصَارِ وَجَامِعِ الْبِحَارِ ، قَدَّرْتُهُ فِي عَشْرِ مُجَلَّدَاتٍ كِبَارٍ ، فَصَرَفْت عِنَانَ الْعِنَايَةِ نَحْوَ الِاخْتِصَارِ ، وَسَمَّيْتُهُ بِالدُّرِّ الْمُخْتَارِ ، فِي شَرْحِ تَنْوِيرِ الْأَبْصَارِ ، الَّذِي فَاقَ كُتُبَ هَذَا الْفَنِّ فِي الضَّبْطِ وَالتَّصْحِيحِ وَالِاخْتِصَارِ ، وَلَعَمْرِي لَقَدْ أَضْحَتْ رَوْضَةُ هَذَا الْعِلْمِ بِهِ مُفَتَّحَةَ الْأَزْهَارِ ، مُسَلْسَلَةَ الْأَنْهَارِ ، مِنْ عَجَائِبِهِ ثَمَرَاتُ التَّحْقِيقِ تُخْتَارُ ، وَمِنْ غَرَائِبِهِ ذَخَائِرُ تَدْقِيقٍ تُحَيِّرُ الْأَفْكَارَ ، لِشَيْخِ شَيْخِنَا شَيْخِ الْإِسْلَامِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ التُّمُرْتَاشِيِّ الْحَنَفِيِّ الْغَزِّيِّ عُمْدَةِ الْمُتَأَخِّرِينَ الْأَخْيَارِ ، فَإِنِّي أَرْوِيهِ عَنْ شَيْخِنَا الشَّيْخِ عَبْدِ النَّبِيِّ الْخَلِيلِيِّ ، عَنْ الْمُصَنِّفِ عَنْ ابْنِ نُجَيْمٍ الْمِصْرِيِّ بِسَنَدِهِ إلَى صَاحِبِ الْمَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ ، بِسَنَدِهِ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُصْطَفَى الْمُخْتَارِ ، عَنْ جِبْرِيلَ ، عَنْ اللَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ، كَمَا هُوَ مَبْسُوطٌ فِي إجَازَاتِنَا بِطُرُقٍ عَدِيدَةٍ ، عَنْ الْمَشَايِخِ الْمُتَبَحِّرِينَ الْكِبَارِ .وَمَا كَانَ فِي الدُّرَرِ وَالْغُرَرِ لَمْ أَعْزُهُ إلَّا مَا نَدَرَ ، وَمَا زَادَ وَعَزَّ نَقْلُهُ عَزَوْتُهُ لِقَائِلِهِ وَمَا لِلِاخْتِصَارِ ، وَمَأْمُولِي مِنْ النَّاظِرِ فِيهِ أَنْ يَنْظُرَ بِعَيْنِ الرِّضَا وَالِاسْتِبْصَارِ ، وَأَنْ يَتَلَافَى تَلَافَهُ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ ، أَوْ يَصْفَحَ لِيَصْفَحَ عَنْهُ عَالِمُ الْإِسْرَارِ وَالْإِضْمَارِ ، وَلَعَمْرِي إنَّ السَّلَامَةَ مِنْ هَذَا الْخَطَرِ لَأَمْرٌ يَعِزُّ عَلَى الْبَشَرِ .وَلَا غَرْوَ فَإِنَّ النِّسْيَانَ مِنْ خَصَائِصِ الْإِنْسَانِيَّةِ ، وَالْخَطَأَ وَالزَّلَلَ مِنْ شَعَائِرِ الْآدَمِيَّةِ ، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ مُسْتَعِيذًا بِهِ مِنْ حَسَدٍ يَسُدُّ بَابَ الْإِنْصَافِ ، وَيَرُدُّ عَنْ جَمِيلِ الْأَوْصَافِ .
أَلَا وَإِنَّ الْحَسَدَ حَسَكٌ مَنْ تَعَلَّقَ بِهِ هَلَكَ ، وَكَفَى لِلْحَاسِدِ ذَمًّا آخِرُ سُورَةِ الْفَلَقِ ، فِي اضْطِرَامِهِ بِالْقَلَقِ ، لِلَّهِ دَرُّ الْحَسَدِ مَا أَعْدَلَهْ ، بَدَأَ بِصَاحِبِهِ فَقَتَلَهْ .
وَمَا أَنَا مِنْ كَيْدِ الْحَسُودِ بِآمِنٍ * * * وَلَا جَاهِلٍ يَزْرِي وَلَا يَتَدَبَّرُ
وَلِلَّهِ دَرُّ الْقَائِلِ :
هُمْ يَحْسُدُونِي وَشَرُّ النَّاسِ كُلِّهِمْ * * * مَنْ عَاشَ فِي النَّاسِ يَوْمًا غَيْرَ مَحْسُودِ
إذْ لَا يَسُودُ سَيِّدٌ بِدُونِ وَدُودٍ يَمْدَحُ ، وَحَسُودٍ يَقْدَحُ ، لِأَنَّ مَنْ زَرَعَ الْإِحَنَ ، حَصَدَ الْمِحَنَ ؛ فَاللَّئِيمُ يَفْضَحُ ، وَالْكَرِيمُ يُصْلِحُ
لَكِنْ يَا أَخِي بَعْدَ الْوُقُوفِ عَلَى حَقِيقَةِ الْحَالِ ، وَالِاطِّلَاعِ عَلَى مَا حَرَّرَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ كَصَاحِبِ الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ وَالْفَيْضِ وَالْمُصَنِّفِ وَجَدْنَا الْمَرْحُومَ وَعَزْمِي زَادَهْ وَأَخِي زَادَهْ وَسَعْدِي أَفَنْدِي وَالزَّيْلَعِيَّ وَالْأَكْمَلَ وَالْكَمَالَ وَابْنَ الْكَمَالِ ، مَعَ تَحْقِيقَاتٍ سَنَحَ بِهَا الْبَالُ ، وَتَلَقَّيْتهَا عَنْ فُحُولِ الرِّجَالِ وَيَأْبَى اللَّهُ الْعِصْمَةَ لِكِتَابٍ غَيْرَ كِتَابِهِ ، وَالْمُنْصِفُ مَنْ اغْتَفَرَ قَلِيلَ خَطَأِ الْمَرْءِ فِي كَثِيرِ صَوَابِهِ ، وَمَعَ هَذَا فَمَنْ أَتْقَنَ كِتَابِي هَذَا فَهُوَ الْفَقِيهُ الْمَاهِرُ ، وَمَنْ ظَفَرَ بِمَا فِيهِ ، فَسَيَقُولُ بِمِلْءِ فِيهِ :
كَمْ تَرَكَ الْأَوَّلُ لِلْآخِرِ.
وَمَنْ حَصَّلَهُ فَقَدْ حَصَلَ لَهُ الْحَظُّ الْوَافِرُ ، لِأَنَّهُ هُوَ الْبَحْرُ لَكِنْ بِلَا سَاحِلٍ ، وَوَابِلُ الْقَطْرِ غَيْرَ أَنَّهُ مُتَوَاصِلٌ بِحُسْنِ عِبَارَاتٍ وَرَمْزِ إشَارَاتٍ وَتَنْقِيحِ مَعَانِي ، وَتَحْرِيرِ مَبَانِي ، وَلَيْسَ الْخَبَرُ كَالْعِيَانِ ، وَسَتَقَرُّ بِهِ بَعْدَ التَّأَمُّلِ الْعَيْنَانِ ، فَخُذْ مَا نَظَرْت مِنْ حُسْنِ رَوْضِهِ الْأَسْمَى ، وَدَعْ مَا سَمِعْت عَنْ الْحُسْنِ وَسَلْمَى :
خُذْ مَا نَظَرْت وَدَعْ شَيْئًا سَمِعْت بِهِ * * * فِي طَلْعَةِ الشَّمْسِ مَا يُغْنِيك عَنْ زُحَلَ
هَذَا وَقَدْ أَضْحَتْ أَعْرَاضُ الْمُصَنِّفِينَ أَغْرَاضَ سِهَامِ أَلْسِنَةِ الْحُسَّادِ ، وَنَفَائِسُ تَصَانِيفِهِمْ مُعَرَّضَةً بِأَيْدِيهِمْ تَنْتَهِبُ فَوَائِدَهَا ثُمَّ تَرْمِيهَا بِالْكَسَادِ :
أَخَا الْعِلْمِ لَا تَعْجَلْ بِعَيْبِ مُصَنِّفٍ * * * وَلَمْ تَتَيَقَّنْ زَلَّةً مِنْهُ تَعْرِفُ
فَكَمْ أَفْسَدَ الرَّاوِي كَلَامًا بِعَقْلِهِ * * * وَكَمْ حَرَّفَ الْأَقْوَالَ قَوْمٌ وَصَحَّفُوا
وَكَمْ نَاسِخٍ أَضْحَى لِمَعْنًى مُغَيِّرًا * * * وَجَاءَ بِشَيْءٍ لَمْ يُرِدْهُ الْمُصَنِّفُ
وَمَا كَانَ قَصْدِي مِنْ هَذَا أَنْ يُدْرَجَ ذِكْرِي بَيْنَ الْمُحَرِّرِينَ .
مِنْ الْمُصَنِّفِينَ وَالْمُؤَلِّفِينَ .
بَلْ الْقَصْدُ رِيَاضُ الْقَرِيحَةِ وَحِفْظُ الْفُرُوعِ الصَّحِيحَةِ .
مَعَ رَجَاءِ الْغُفْرَانِ .
وَدُعَاءِ الْإِخْوَانِ ، وَمَا عَلَيَّ مِنْ إعْرَاضِ الْحَاسِدِينَ عَنْهُ حَالَ حَيَاتِي فَسَيَتَلَقَّوْنَهُ بِالْقَبُولِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى بَعْدَ وَفَاتِي ، كَمَا قِيلَ :
تَرَى الْفَتَى يُنْكِرُ فَضْلَ الْفَتَى * * * لُؤْمًا وَخُبْثًا فَإِذَا مَا ذَهَبْ
لَجَّ بِهِ الْحِرْصُ عَلَى نُكْتَةٍ * * * يَكْتُبُهَا عَنْهُ بِمَاءِ الذَّهَبْ
فَهَاكَ مُؤَلِّفًا مُهَذِّبًا بِمُهِمَّاتِ هَذَا الْفَنِّ ، مُظْهِرًا لِدَقَائِقَ اُسْتُعْمِلَتْ الْفِكَرُ فِيهَا إذَا مَا اللَّيْلُ جَنَّ ، مُتَحَرِّيًا أَرْجَحَ الْأَقْوَالِ وَأَوْجَزَ الْعِبَارَةِ ، مُعْتَمِدًا فِي دَفْعِ الْإِيرَادِ أَلْطَفَ الْإِشَارَةِ ؛ فَرُبَّمَا خَالَفْت فِي حُكْمٍ أَوْ دَلِيلٍ فَحَسَبَهُ مَنْ لَا اطِّلَاعَ لَهُ وَلَا فَهْمَ عُدُولًا عَنْ السَّبِيلِ ، وَرُبَّمَا غَيَّرْت تَبَعًا لِمَا شَرَحَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ كَلِمَةً أَوْ حَرْفًا ، وَمَا دَرَى أَنَّ ذَلِكَ لِنُكْتَةٍ تَدُقُّ عَنْ نَظَرِهِ وَتَخْفَى .
وَقَدْ أَنْشَدَنِي شَيْخِي الْحَبْرُ السَّامِي وَالْبَحْرُ الطَّامِي .
وَاحِدُ زَمَانِهِ وَحَسَنَةُ أَوَانِهِ .
شَيْخُ الْإِسْلَامِ الشَّيْخُ خَيْرُ الدِّينِ الرَّمْلِيُّ أَطَالَ اللَّهُ بَقَاءَهُ :
قُلْ لِمَنْ لَمْ يَرَ الْمَعَاصِرَ شَيْئًا * * * وَيَرَى لِلْأَوَائِلِ التَّقْدِيمَا
إنَّ ذَاكَ الْقَدِيمَ كَانَ حَدِيثًا * * *وَسَيَبْقَى هَذَا الْحَدِيثُ قَدِيمًا
عَلَى أَنَّ الْمَقْصُودَ وَالْمُرَادَ ، مَا أَنْشَدَنِيهِ شَيْخِي رَأْسُ الْمُحَقِّقِينَ النُّقَّادُ مُحَمَّدٌ أَفَنْدِي الْمَحَاسِنِيُّ وَقَدْ أَجَادَ :
لِكُلِّ بَنِي الدُّنْيَا مُرَادٌ وَمَقْصَدٌ * * * وَإِنَّ مُرَادِي صِحَّةٌ وَفَرَاغُ
لِأَبْلُغَ فِي عِلْمِ الشَّرِيعَةِ مَبْلَغً* * * ا يَكُونُ بِهِ لِي فِي الْجِنَانِ بَلَاغ
ُ فَفِي مِثْل هَذَا فَلْيُنَافِسْ أُولُو النُّهَى* * * وَحَسْبِي مِنْ الدُّنْيَا الْغَرُورِ بَلَاغُ
فَمَا الْفَوْزُ إلَّا فِي نَعِيمٍ مُؤَبَّدٍ * * * بِهِ الْعَيْشُ رَغْدٌ وَالشَّرَابُ يُسَاغُ
انتهت مقدمة الحصكفي - جعل الله تعالى في ميزان حسناته وأسكنه فسيح جناته -
رد: إمتاع الطالبين بفوائد من حاشية العلامة ابن عابدين
السلام عليكم ورحمة الله أخي أبو يوسف تحية طيبة وبعد فإنه بحمد الله كانت رسالتي في دراستي للماجستير عن(أثر العرف في فقه ابن عابدين)والملخص عنها موجود عندما تكتب العنوان على محرك البحث كوكل وقد تتبعت المسائل التي خالف فيها ابن عابدين المذهب الحنفي وكذلك المذاهب الثلاث الباقية بسبب تغير العرف والعادة وهي موجودة في كلية دار العلوم بجامعة القاهرة إذا أحببت الرجوع اليها حيث أن الإمام وضع قاعدة لنفسها يقول فيها في بيت شعري ضمن أرجوزة في أصول الفقه (والعرف في الشرع له اعتبار إذ عليه الحكم قد يدار) تياتي لك وإن احتجت شيء فراسلني على إيميلي (
ba77sm@yahoo.com ) والسلام عليكم ورحمة
رد: إمتاع الطالبين بفوائد من حاشية العلامة ابن عابدين
جزاك الله كل خير واحسن اليك، اخانا ابا يوسف على هذه الدرر الغالية ، وتقبل مني تحية طيبة
رد: إمتاع الطالبين بفوائد من حاشية العلامة ابن عابدين
بارك الله فيكم.
عندي سؤال، أثناء تتبعكم لحاشية ابن عابدين هل صادفتم عددا من المسائل الافتراضية ؟؟؟
رد: إمتاع الطالبين بفوائد من حاشية العلامة ابن عابدين
جزاكم الله خيرا
رد: إمتاع الطالبين بفوائد من حاشية العلامة ابن عابدين
جزاك الله خيرا
رد: إمتاع الطالبين بفوائد من حاشية العلامة ابن عابدين
جزاك الله خيرا
رد: إمتاع الطالبين بفوائد من حاشية العلامة ابن عابدين
رفع الله قدرك
رد: إمتاع الطالبين بفوائد من حاشية العلامة ابن عابدين
جزاكم الله خيراً