العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

إعلام الساسة بمبادئ السياسة (1)

إنضم
18 ديسمبر 2009
المشاركات
45
التخصص
السياسة الشرعية
المدينة
مكة المكرمة
المذهب الفقهي
الدراسة حنبلية ... و التطبيق نبوي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على سيدنا رسول الله الأمين و على آله و صحبه أجمعين أما بعد :

فإني قد كتبت فيما مضى بعض المشاركات و الردود و كنت متابعا لما في هذا المنتدى المبارك و كنت سعيدا جدا بالكتابة فيه لأني أحس أن من فيه من المشاركين هم أساتذة لي لما لديهم من العلم و الفهم و قوة الاستنباط وكنت أستفيد منهم كثيرا .. نسأل الله لهم التوفيق ...
إلا أن ما منعني من الكتابة و المتابعة هو إصابتي بحادث سير جعلني أمكث على الفراش الأبيض قرابة شهرين لا أستطيع الحراك إلا قليلا .. فالحمد لله على كل حال ...
لكنني كنت مشتاقا جدا للكتابة في هذا المنتدى و خاصة في قسم ملتقى فقه السياسة الشرعية نظرا لأنني متخصص فيه ثم كثرة الكتابة في باقي الملتقيات ثم السعي إلى تطوير هذا الملتقى أسأل الله منه العون ثم منكم ...
سأبدأ بمشيئة الله تعالى بكتابة مجموعة مقالات مبسطة من جهدي الشخصي عن مبادئ السياسة الشرعية مقارنا بمبادئ السياسة الوضعية .. اقتداء بما فعله الشيخ القاضي عبد القادر عودة رحمه الله تعالى في كتابه التشريع الجنائي الاسلامي مقارنا بالقانون الوضعي .. لعل أن يكون التبسط في الكتابة أدعى للفهم و أدعى لبيان التفوق التشريعي الاسلامي حتى في المجال السياسي .. و أدعى كذلك - وهو الهدف - إلى بناء قاعدة فكرية سياسية تجعل من المسلم قادرا على التمييز بين ما هو صحيح و ما هو سقيم مما يجري حوله من مستجدات سياسية و فكرية في ظل الأوضاع الراهنة .. أقول و من الله العون و الرشاد ..

السياسة في اللغة : من ساس يسوس سياسة و سوسا من ساس الأمر إذا قام به وهي تدور حول هذا المعنى أي : القيام بالأمور و تدبيرها بما يصلحها و البعض ذهب إلى أن الكلمة معربة و ليست عربية الأصل و الصواب خلافه لما جاء فيما رواه البخاري و مسلم و ابن ماجة و أحمد عن أبي هريرة مرفوعا (إن بني إسرائيل كانت تسوسهم الأنبياء) .


أما تعريفها كمصطلح فهو من الصعوبة بمكان .. و ذلك لأن من كتب في علم السياسة سواء من الشرعيين أو من الوضعيين اختلفت تعبيراتهم عن مصطلح السياسة بناء على اختلافهم في نظرتهم له :

1. تعريف قال به كثير من فقهاء الحنفية كالبابرتي و ابن عابدين و غيرهم أن السياسة هي (تغليظ جزاء جناية لها حكم شرعي حسما لمادة الفساد) وهذا التعريف فيه خلل واضح وهو أنه عرف السياسة بفعل من الأفعال التي يجوز للحاكم أو القاضي فعلها وهو التعزير و لم يتطرق إلى السياسة بشكل عام .

2. تعريف شيخ الاسلام ابن تيمية وهو أنها (جماع الولاية الصالحة و السياسة العادلة مما يصلح الراعي و الرعية) وهو يعد أفضل تعريف لها و ذلك لأنه جمع بين ما هو مطلوب من الحاكم وهو الصلاح و ماهو مطلوب من فعله و هو العدل وبين ماهو مقصود من فعل الحاكم وهو إصلاح الراعي و الرعية وهو تعريف جامع جدا .

3. تعريف مؤسس علم السياسة الشرعية الحديث الشيخ عبد الوهاب خلاف وقد عرف علم السياسية الشرعية بأنه (علم يبحث فيه عما تدبر به شئون الدولة الاسلامية من القوانين و النظم التي تتفق و أصول الإسلام و إن لم يقم على كل تدبير دليل خاص) هذا التعريف و إن كان فيه نوع طول إلا أنه تعريف بلغة معاصرة تتفق مع تعريفات المعاصرين في طريقة سبكها .

4. تعريف أستاذ العلوم السياسية غير المتفرغ بجامعتي شيكاغو وكاليفورنيا والرئيس السابق للجمعية الأمريكية للعلوم السياسية ديفد إيستون لعلم السياسية وهو (دراسة عملية التوزيع السلطوي للقيم المختلفة من أجل المجتمع) وهذا التعريف يعتبر التعريف المعتبر و الرسمي عند الموسوعات العالمية على الرغم من أنه يلمح إلى أن القيم المادية و المعنوية قابلة للتوزيع من قبل السلطة السياسية مع أن القيمة المادية لا دخل للسلطة السياسية فيها و ليس لها دخل كذلك في القيم المعنوية (الأخلاقيات و الدين) و مع هذا اعتبرها من ضمن مهام السلطة السياسية .

5. تعريف علم الاجتماع الأمريكي هارولد لاسويل لعلم السياسة (دراسة النفوذ و أصحاب النفوذ) ويكفي هذا التعريف نقدا أنه الغى الشعب تماما من فكره .

يترجح من التعريفات تعريف شيخ الاسلام رحمه الله تعالى لأنه أشمل و أعم و أجمع للمقصود ، و بعد أن عرفنا مصطلح السياسة ننتقل إلى تطبيقات هذا المصطلح عبر استقراء الاتجاهات السياسية منذ القدم .

الإتجاهات السياسية الحديثة : نستطيع أن نجمل بشكل عام الاتجاهات السياسية لتصرفات الحكومات منذ بدأ الخليقة و الاصول المبنية عليها وهي :

1. سياسة دينية : وهي السياسة المبنية على أصول الدين أيا كانت الشريعة المتبعة و من هذه السياسة سياسة نبي الله داوود و نبي الله سليمان عليهم السلام وهي سياسة دينية نبوية عادلة و كذلك سياسة سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم و سياسة الخلفاء الراشدين من بعده فكلها سياسة مبنية على أصول الدين القائمة على العدل و الحكمة و الجهاد و نشر دين الله عز وجل .

2. سياسة منتسبة إلى الدين : وهي السياسة المبنية على هوى محض وهذه لم تعرف إلا في عصر القانون الكنسي الذي كان يتميز بالحكم المنفرد الباحث عن الشهوات من مال و نساء و ثروة و كل ماهو محرم .. فقد كان البابا يتحكم في أرواح الناس و في أعراضهم و أموالهم ومنها أن كان البابا يأمر الفلاحين بإعطاء زوجاتهم في أول ليلة لأصحاب الأراضي (الإقطاعيين) حتى يمارسو معهم الزنا تغليظا في استعبادهم .. إلى هذه الدرجة من الهوى و الغي .. و يكفيهم عارا بيعهم لأراضي الجنة بصكوك الغفران .. فهذا النوع من التحكم ينسب نفسه إلى الدين حتى يحصل على الشرعية المطلوبة باعتباره وريث القديس بطرس الذي وكله عيسى عليه السلام لقيادة الكنيسة للتحكم في رقاب الناس .. منظومة فكرية فيها من العجب الشيء الكثير و الأعجب منها طاعة الناس لها .

3. سياسة وضعية بحتة : وهو حال أغلب السياسات في وضعنا الراهن ويكون واضع هذه السياسات مفكرين و منظرين كأمثال أفلاطون و مارسيليو بادو و ميكافيللي وجان جاك روسو صاحب كتاب العقد الاجتماعي و الذي يعد المنظر الأول لمبدأ الديمقراطية و الأساس في اعتبار نجاح هذه الأفكار و النظريات من عدمها يكون بالتجربة العملية .. روسيا على سبيل المثال مرت بثلاث مراحل كانت قيصرية ملكية ثم لما فشلت هذه السياسة انتقلت إلى الاشتراكية ثم لما فشلت انتلقت إلى الرأسمالية .. فهذا التنقل بين المراحل السياسية المتتابعة يدل على فشل الأسس القائمة عليها النظم في الأصل .

في مقالاتي القادمة سأتحدث عن أصول هذه الاتجاهات بتفصيل أكثر و سنبدأ بأصول و قواعد السياسة الدينية إن شاء الله تعالى .
 

محمد المالكي

:: عضو مؤسس ::
إنضم
28 ديسمبر 2007
المشاركات
299
التخصص
الفقه
المدينة
مكة
المذهب الفقهي
000
لابأس, طهور إن شاء الله, جمع الله لك الاجر والعافية.
 

بهاء الدين الزهري

:: مخالف لميثاق التسجيل ::
إنضم
14 يوليو 2009
المشاركات
1
التخصص
باحث في العلوم الشرعية
المدينة
الإسكندرية
المذهب الفقهي
حنبلي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كلام طيب، جاء كضوء خافت من بُعد النجوم في السماء، أو كبذرة نبتت في عمق الأرض، لا تكاد تسمع لها ركزا، فما أحوجنا لا إلى معرفة علوم السياسة، بل نحن في حاجة إلى التنظير والتقعيد لها، وجعلها في أطر شرعية محضة، وبناء صرح علمي رصين متين، في وقت لا تسمع لهذا العلم دويا، ولا يلقى إلا صدى مدويا من الهمز واللمز، كقول أخينا محمد المالكي: لابأس, طهور إن شاء الله, جمع الله لك الاجر والعافية. اهـ. فهل كان علماء السلف بمعزل عن علم السياسة ؟ وما الظن بطلاب العلم لو جمعوا علوم السياسة والاقتصاد والاجتماع وغيرها (أسمع صوت ضحكات وهمهمات وإشارات و ...) إلى العلوم الشرعية ؟ أين المتخصصون اليوم في مثل هذه العلوم ؟ هل نحن المسلمون لسنا في حاجة إليها ؟ من هم العلماء ؟ وما صفاتهم وحدودهم ؟ ومن هم أهل الحل والعقد كذلك ؟ وما صفاتهم وحدودهم ؟ بل أين هم ؟ وأين فروض الكفايات في أمتنا اليوم ؟ ومن يحيط بها أو يعلمها فضلا عن القيام بها وأدائها ؟ وكم كان عدد أهل الحل والعقد في عهد الخلافة الراشدة ؟ كم كانت نسبتهم في المجتمع ؟ كيف الظن بمجتمع أهل العلم فيه منهم ؟ وأين هم اليوم ؟ و ...... هذه أسئلة عشوائية ليست مرتبة ولا منتقاه كتبتها بصدر ملئ بالغصص. فعذرا عذرا.
 
إنضم
4 ديسمبر 2009
المشاركات
38
التخصص
الشريعة
المدينة
أرض الله
المذهب الفقهي
حنبلي
جهد مشكور، وسأتابع بقية السلسلة بمشيئة الله ..
 
أعلى