العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

ضوابط ومسائل في الطاعة د. عبد العزيز العبد اللطيف

إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
ضوابط ومسائل في الطاعة
د. عبدالعزيز العبداللطيف

نخلص ـ من خلال استقراء كلام جميل من العلماء المحققين ـ إلى أن ثمة ضوابط ومسائل مهمة ينبغي مراعاتها في موضوع طاعة الأئمة والحكام، منها:
1- أن الطاعة لأصحاب الولايات الشرعية، وهذا أمر بدهي دلت عليه الآية الكريمة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً}النساء59.
قال الشوكاني: "وأولو الأمر: هم الأئمة والسلاطين والقضاة وكل من كان له ولاية شرعية لا ولاية طاغوتية"(1)
2- لا طاعة لجهلة الحكام إلا فيما يعلم أنه سائغ شرعاً.. يقول القرطبي: "وشرط الأمراء أن يكونوا آمرين بما يقتضيه العلم، وكذلك كان أمراء رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، وحينئذ تجب طاعتهم، فلو أمروا بما لا يقتضيه العلم حرمت طاعتهم"(2).
ويقول العز بن عبدالسلام في هذه المسألة: "ولو أمر الإمام أو الحاكم إنساناً بما يعتقد الآمر حله والمأمور تحريمه، فهل له فعله نظراً إلى رأي الآمر، أو يمتنع فعله نظراً إلى رأي المأمور؟ فيه خلاف ـ وهذا مختص فيما لا ينقض حكم الآمر به، فإن كان مما ينقض حكمه به فلا سمع ولا طاعة ـ وكذلك لا طاعة لجهلة الملوك والأمراء إلا فيما يعلم المأمور أنه مأذون في الشرع"(3).
ويقول شيخ الإسلام: "والحاكم فيما تنازع فيه علماء المسلمين أو أجمعوا عليه قوله في ذلك كقول آحاد العلماء إن كان عالماً، وإن كان مقلداً كان بمنزلة العامة المقلدين، والمنصب والولاية لا يجعل من ليس عالماً مجتهداً عالماً"(4).
3- لا طاعة مطلقة إلا للرسل - عليهم السلام -، فليس من مخلوق من أمره حتم بإطلاق إلا الرسل - عليهم السلام -، ومن أمر بطاعة الملوك والحكام مطلقاً فهو ضال..
يقول شيخ الإسلام في هذا المقام: "من نصب إماماً فأوجب طاعته مطلقاً اعتقاداً أو حالاً فقد ضل في ذلك، كأئمة الضلال الرافضة الإمامية، حيث جعلوا في كل وقت إماماً معصوماً تجب طاعته، فإنه لا معصوم بعد الرسول، ولا تجب طاعة أحد بعده في كل شيء"(5).
وقال في السبعينية: "وقد اتفق المسلمون على أنه ليس من المخلوقين من أمره حتم على الإطلاق إلا الرسل الذين قال الله فيهم: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللّهِ} النساء64، وأما من دونهم فيطاع إذا أمر بما أمروا به، وأما إذا أمر بخلاف ذلك لم يطع.."(6)
قال الطيبي عند قوله - تعالى -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ}: "أعاد الفعل في قوله: {وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ} إشارة إلى استقلال الرسول بالطاعة، ولم يعده في أولي الأمر إشارة إلى أنه يوجد فيهم من لا تجب طاعته"(7).
4- من المسائل المعلومة أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق - سبحانه وتعالى -، إنما الطاعة في المعروف كما في الصحيحين عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أن النبي – صلى الله عليه وسلم - قال: "على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره، إلا أن يؤمر بمعصية، فلا سمع ولا طاعة". وفي حديث ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعاً: "ليس يا ابن أم عبد طاعة لمن عصى الله، قالها ثلاث مرات" (8).
وكتب عمر الفاروق إلى أهل الكوفة: (من ظلمه أميره فلا أمرة له عليه دوني، فكان الرجل يأتي المغيرة بن شعبة فيقول: إما أن تنصفني من نفسك وإلا فلا إمرة لك علي) (9).
قال الحافظ ابن حجر: "ومن بديع الجواب قول بعض التابعين لبعض الأمراء من بني أمية لما قال له: أليس الله أمركم أن تطيعونا في قوله: {وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ} فقال له: أليس قد نزعت عنكم ـ يعني الطاعة ـ إذا خالفتم الحق بقوله : {فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} (10).
ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية: "اتفق العلماء أن حكم الحاكم العادل إذا خالف نصاً أو إجماعاً لم يعلمه فهو منقوض"(11).
وقال ابن القيم: "فإن قيل: فما هي طاعتهم المختصة بهم، إذ لو كانوا إنما يُطاعون فيما يخبرون به عن الله رسوله كانت الطاعة لله ورسوله لا لهم؟ قيل: وهذا هو الحق، وطاعتهم إنما هي تبع لا استقلال، ولهذا قرنها بطاعة الرسول، ولم يُعد العامل، وأفرد طاعة الرسول، وأعاد العامل، لئلا يتوهم أنه إنما يطاع تبعاً، كما يُطاع أولو الأمر تبعاً، وليس كذلك، بل طاعته واجبة استقلالاً.."(12).
ولما سئل شيخ الإسلام ابن تيمية عما يأخذه ولاة المسلمين من زكاة، كان من جوابه: "أما ما يأخذه ولاة المسلمين من العُشْر وزكاة الماشية والتجارة، وغير ذلك فإن يسقط ذلك عن صاحبه، إذا كان الإمام عادلاً يصرفه في مصارفه الشرعية، باتفاق العلماء، فإن كان ظالما لا يصرفه في مصارفه الشرعية، فينبغي لصاحبه أن لا يدفع الزكاة إليه، بل يصرفه هو إلى مستحقيها.."(13).
وبيّن شيخ الإسلام ـ في موطن آخر ـ أن أهل السنة لا يوجبون طاعة الإمام في كل ما يأمر به، بل لا يوجبون طاعته إلا فيما تسوغ طاعته في الشرعية، فلا يجوّزون طاعته في معصية الله وإن كان إماما عادلا. (14)
وقال أيضاً: "والإمام العدل تجب طاعته فيما لم يعلم أنه معصية، وغير العدل تجب طاعته فيما علم أنه طاعة كالجهاد"(15).
5- حذر السلف الصالح من تلك الطاعة الفاسدة ـ طاعة المخلوق في معصية الله تعالى ـ في آثار كثيرة:
فعن أبي هريرة – رضي الله عنه - مرفوعاً: (أعوذ بالله من إمارة الصبيان، قالوا وما إمارة الصبيان؟ قال إن أطعتموهم هلكتم ـ أي في دينكم ـ وإن عصيتموهم أهلكوكم ـ أي في دنياكم بإزهاق النفس أو بذهاب المال أو بهما معاً ـ)(16).
وفي رواية لابن شيبة: (أن أبا هريرة كان يمشي في السوق ويقول: اللهم لا تدركني سنة ستين ولا إمارة الصبيان) قال الحافظ ابن حجر: "وفي هذا إشارة إلى أن أول الأغيلمة كان في سنة ستين، وهو كذلك فإن يزيد بن معاوية استخلف فيها.."(17).
"وسئل عبادة بن الصامت – رضي الله عنه - : أرأيتَ إن أطعت أميري في كل ما يأمرني به؟ قال: يؤخذ بقوائمك فتلقى في النار، وليجيء هذا فينقذك "(18).
وورد أن شداد بن أوس – رضي الله عنه - أنه غطى رأسه فبكى، فقيل له: ما يبكيك؟ قال إنما أخاف عليكم من قبل رؤسائكم الذين إذا أمروا بطاعة الله أطيعوا، وإذا أمروا بمعصيته أطيعوا "(19).
"وقال الحسن البصري: سيأتي أمراء يدعون الناس إلى مخالفة السنة فتطيعهم الرعية خوفاً على دنياهم فعندها سلبهم الله الإيمان، وأورثهم الفقر ونزع منهم الصبر، ولم يأجرهم عليه".
وقال الشعبي: إذا أطاع الناس سلطانهم فيما يبتدع لهم أخرج الله من قلوبهم الإيمان وأسكنها الرعب.
وقال يونس بن عبيد: إذا خالف السلطان السنة، وقالت الرعية قد أمرنا بطاعته، أسكن الله قلوبهم الشك وأورثهم التطاعن"(20).
6- ومما يجدر تقريره أيضا ما حرره شيخ الإسلام ابن تيمية من عدم العدول عن نص شرعي معين إلى نص عام في طاعة ولاة الأمور, فإن أكثر الصحابة – رضي الله عنهم - اعتزلوا القتال الواقع بين علي ومعاوية - رضي الله عنهما - لأنه قتال فتنة فلا تجب طاعة الإمام فيه. يقول شيخ الإسلام: "ومن رأى أن هذا القتال مفسدته أكثر من مصلحته علم أنه قتال فتنة، فلا تجب طاعة الإمام فيه، إذ طاعته إنما تجب في ما لم يعلم المأمور أنه معصية بالنص، فمن علم أنه هذا هو قتال الفتنة ـ الذي تركه خير من فعله ـ لم يجب عليه أن يعدل عن نص معين خالص إلى نص عام مطلق في طاعة أولي الأمر، ولا سيما وقد أمر الله تعالى عند التنازع بالرد إلى الله والرسول "(21).
وقد سلك هذا المسلك أئمة كبار كالإمام مالك بن أنس عندما منعه السلطان من الفتيا بأن يمين المكره لا تنعقد فلم يمتنع بدعوى طاعة ولاة الأمور..
يقول ابن القيم: "فهذا مالك ابن أنس توصل أعداؤه إلى ضره بأن قالوا للسلطان إنه يحل عليك أيْمان البيعة بفتواه أن يمين المكره لا تنعقد، وهم يحلفون مكرهين غير طائعين، فمنعه السلطان، فلم يمتنع لما أخذه الله من الميثاق على من آتاه الله علما أن يبينه للمسترشدين "(22).
وفي رواية: "أن أبا جعفر المنصور نهى مالكا عن الحديث (ليس على مستكره طلاق) ثم دسّ إليه من يسأله، فحدّثه به على رؤوس الناس فضربه بالسياط "(23).
ولعل ما حرره شيخ الإسلام يكشف عن سبب إصرار بعض علماء السلف على الوعظ والاحتساب مع منعهم من قبل حكام زمانهم، كالبربهاري وأصحابه الذين كانوا يباشرون تغيير المنكرات بالإتلاف، ويعاقبون أصحابها بالضرب والتعزيز. (24)
وكذا عدم طاعة الحسن بن الصباح للمأمون في منعه من الوعظ واستمرار ابن سمعون في الوعظ مع منع الخليفة له وغيرهم(25).
ومما يستدل به في هذا المقام ما جاء في قصة سرية عبدالله بن حذافة – رضي الله عنه - عندما أمر أصحابه بأن يوقدون نارا ويدخلوها.. فلما بلغ ذلك النبي – صلى الله عليه وسلم - قال: "لو دخلوها ما خرجوا منها، إنما الطاعة في المعروف"(26).
قال ابن القيم ـ بعد إيراده لتلك الحادثة ـ: "فإن قيل: فلو دخلوها طاعة لله ورسوله في ظنهم فكانوا متأولين مخطئين فكيف يخلدون فيها؟ قيل: لما كان إلقاء نفوسهم في النار معصية يكونون بها قاتلي أنفسهم، فهّموا بالمبادرة إليها من غير اجتهاد منهم: هل هو طاعة وقربة أو معصية؟ كانوا مُقْدِمين على ما هو محرم عليهم ولا تسوغ طاعة ولي الأمر فيه، لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق..
وإن كانوا مطيعين لولي الأمر فلم تدفعهم طاعتهم لولي الأمر معصيتهم لله ورسوله، لأنهم قد علموا أن من قتل نفسه فهو مستحق للوعيد..
فإذا كان هذا حكم من عذّب نفسه طاعةً لولي الأمر، فكيف من عذّب مسلماً لا يجوز تعذيبه طاعةً لولي الأمر؟ وأيضاً فإذا كان الصحابة المذكورين لو دخلوها لما خرجوا منها مع قصدهم طاعة الله ورسوله بذلك الدخول، فكيف بمن حمله على ما لا يجوز من الطاعةِ الرغبةُ والرهبةُ الدنيوية؟ "(27).
وقال الخطابي: "هذا يدل على أن طاعة الولاة لا تجب إلا في المعروف، كالخروج في البعث إذا أمر به الولاة والنفوذ لهم في الأمور التي هي الطاعات ومصالح المسلمين، فأما ما كان منها معصية كقتل النفس المحرمة وما أشبهه فلا طاعة لهم في ذلك"(28).
ولما ساق الإمام البخاري بسنده عن ابن عباس رضي الله عنهما أن قوله تعالى: {أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ}الآية. نزل في عبدالله بن حذافة إذ بعثه النبي – صلى الله عليه وسلم - في سرية.
قال الحافظ ابن حجر: "وسببه أن الذين همّوا أن يطيعوه وقفوا عند امتثال الأمر بالطاعة، والذين امتنعوا عارضه عندهم الفرار من النار، فناسب أن ينزل في ذلك ما يرشدهم إلى ما يفعلونه عند التنازع وهو الرد إلى الله وإلى رسوله (29).
_______________
(1) فتح القدير 1/481
(2) المفهم 4/35 وانظر طرح التثريب 8/82
(3) قواعد الأحكام ص 604
(4) الفتاوى 27/296
(5) الفتاوى 19/69
(6) ص495 تحقيق الدويش، وانظر منهاج السنة 3/490، 503
(7) فتح الباري 13/112
(8) أخرجه أحمد 5/301 وصححه الألباني في الصحيحية 2/139
(9) أخرجه الخلال في السنة 1/118
(10) فتح الباري 13/111
(11) مجموع الفتاوى 31/39
(12) إعلام الموقعين 2/240
(13) مجموع الفتاوى 25/81 وانظر المستدرك 3/160
(14) انظر منهاج السنة 3/387ـ390
(15) مجمع الفتاوى 29/196
(16) خرجه ابن أبي شيبة كما في الفتح 13/10
(17) الفتح 13/10
(18) الاستذكار: 14/37
(19) البيان والتحصيل لابن رشد 16/362
(20) الإبانة الصغرى لابن بطة ص155
(21) مجموع الفتاوى 4/443
(22) إعلام الموقعين 4/115
(23) سير أعلام النبلاء 8/80
(24) انظر الكامل لابن الأثير، حوادث سنة 323هـ
(25) انظر طبقات الحنابلة 1/134، 2/158
(26) أخرجه الشيخان
(27) زاد المعاد 3/369، 370 = باختصار
(28) عون المعبود 7/289
(29) فتح الباري 8/254

 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
ويقول العز بن عبدالسلام في هذه المسألة: "ولو أمر الإمام أو الحاكم إنساناً بما يعتقد الآمر حله والمأمور تحريمه، فهل له فعله نظراً إلى رأي الآمر، أو يمتنع فعله نظراً إلى رأي المأمور؟ فيه خلاف ـ وهذا مختص فيما لا ينقض حكم الآمر به، فإن كان مما ينقض حكمه به فلا سمع ولا طاعة ـ وكذلك لا طاعة لجهلة الملوك والأمراء إلا فيما يعلم المأمور أنه مأذون في الشرع"(3).


وهاهنا سؤال:
أين محل نقض أمر الحاكم أو القاضي؟
أتمنى التفاعل في الجواب عن السؤال فالمسألة معروفة في كتب الفقهاء
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
فؤاد يحيى هاشم;4148 قال:
ومما يستدل به في هذا المقام ما جاء في قصة سرية عبدالله بن حذافة – رضي الله عنه - عندما أمر أصحابه بأن يوقدون نارا ويدخلوها.. فلما بلغ ذلك النبي – صلى الله عليه وسلم - قال: "لو دخلوها ما خرجوا منها، إنما الطاعة في المعروف"(26).
قال ابن القيم ـ بعد إيراده لتلك الحادثة ـ:












"فإن قيل: فلو دخلوها طاعة لله ورسوله في ظنهم فكانوا متأولين مخطئين فكيف يخلدون فيها؟
قيل: لما كان إلقاء نفوسهم في النار معصية يكونون بها قاتلي أنفسهم، فهّموا بالمبادرة إليها من غير اجتهاد منهم: هل هو طاعة وقربة أو معصية؟ كانوا مُقْدِمين على ما هو محرم عليهم ولا تسوغ طاعة ولي الأمر فيه، لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق..
وإن كانوا مطيعين لولي الأمر فلم تدفعهم طاعتهم لولي الأمر معصيتهم لله ورسوله، لأنهم قد علموا أن من قتل نفسه فهو مستحق للوعيد..


ملخص جواب ابن القيم عن الإيراد بأن هؤلاء متأولون فكيف يعذبون؟
أن التأويل لم يقبل لأمرين اثنين:
1- أنهم أطاعوا المخلوق في معصية الخالق من غير اجتهاد منهم.
2- أن هذا الأمر قد جاء فيه الوعيد فلا تسوغ طاعة ولي الأمر فيه.
ونزيد وجها ثالثاً:
وهو أن هذا التأويل لم يقبل لأن قتل الإنسان نفسه من المعلوم من الدين بالضرورة ومثل هذا لا يدفعه التعلل بطاعة الإمام، ولهذا عظم النبي صلى الله عليه أمرهم بأنهم لو دخلوها لم يخرجوا منها، ولم يلتفت إلى التعلل بطاعة الإمام مع أنه هو عليه الصلاة والسلام من أمَّر الإمامَ عليهم.
وقريب من هذا:
اشتراط الفقهاء في الإكراه أن يكون ملجئا وقاسرا فلا يقبل من برر قوله كلمة الكفربأن صبيا هدده بعود كبريت.
وهنا كذلك :
فالإمام لم يكرههم، وإنما أمرهم ووكل ذلك إلى أنفسهم مع العلم بأن ما أمرهم به مما قد جاء فيه الوعيد وعظم الله حرمته.
ووجه رابع:
أن إلقاء الإنسان نفسه في النار ليس من محال طاعة الإمام، وإنما يطاع الإمام بالمعروف في ما استخلفه الله من أمور الناس ومصالحهم.
ولهذا يقول ابن تيمية رحم الله:
" وأما ما سوى ذلك فإنما يطاع في حال دون حال:كالأمراء الذين تجب طاعتهم في محل ولايتهم ما لم يأمروا بمعصية الله"
وقد رد ابن تيمية رحمه الله على من منع فتواه في تحريم شد الرحال إلى غير المساجد الثلاثة بجملة من الوجوه، منها ما ذكر من:
أن " الأحكام الكلية التي يشترك فيها المسلمون – سواء كانت مجمعا عليها أو متنازعا فيها – ليس للقضاة الحكم فيها؛ بل الحاكم العالم كآحاد العلماء يذكر ما عنده من العلم، وإنما يحكم القاضي في أمور معينة."
والشاهد :
أن محال طاعة الإمام ليست مطلقة بل مقيدة بما ولاه الله عليهم من القيام بأمورهم والنظر في مصالحهم، فبعض من يتصدى للفتوى في هذه المسائل يقع منهم إطلاق القول بوجوب طاعة الإمام على الإطلاق في سائر المحال إلا ما كان معصية، بل يزيدون بأن الاستثناء الموجود في النصوص في عدم طاعة الإمام في المعصية هو معيار للعموم في وجوب طاعته في سائر المحال, وهذا تجاوز واضح، فطاعة الإمام واجبة في ما ولاه الله عليه ، لكن إن تعدى الإمام فزاد في الأمر في غير ما ولاه الله من أمور المسلمين فالإثم عليه.
والشاهد من الاستطراد السابق:
هو أن أمر الإمام بإلقاء الناس في التهلكة غلط لأنه معصية أولاً ، ولأنه ليس من محال طاعته التي أوجب الله على الناس طاعته فيها وإنما يطاع الإمام فيما يجب عليه القيام به من مصالح الناس.
وإن من مقاصد طاعة الإمام :
هو حفظ الضروريات الخمس ومنها حفظ النفس، فكيف يصح أن يطاعوا - كما في قصة الحديث - في إهلاكها وذلك بإلقائها في النار.
ولهذه الأسباب والله أعلم:
لم يقبل النبي صلى الله عليه وسلم تأويلهم ، وقضى بأنهم لو دخلوا في النار لم يخرجوا منها.
هذا والله أعلم ، فما كان من صواب فمن الله ، وما كان من خطأ فمن نفسي ومن الشيطان.
وإن الإنسان ليقدم قدما ويؤخر أخرى إذا جاء يتعقب - ولو بالزيادة من غير استدراك - على مثل هؤلاء النفر من الأئمة الذين أنار الله بصائرهم بالعلم والإيمان.
وقد يعتري المرء شيء من الخوف إذا ما جاء يستدرك عليهم لولا أنا نتعلمنا منهم وتلقَّنَّا عنهم أن الناس ما منهم أحد إلا وهو راد أو مردود عليه إلا من عصمه الله من الأنبياء والمرسلين.
 
التعديل الأخير:
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
لمحات في تفسير قوله تعالى:
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (59) [النساء/59]

المسألة الأولى:
الاستدلال بهذه الآية على وجوب طاعة ولاة الأمر معروف ومفروغ منه لكن ينبغي تقييده بما كان إذا كانت طاعته في طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم كما هو في ظاهر في سياق الآية، ولهذا لم تأت استقلالا وإنما جاءت تبعا لطاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم فهم إنما يطاعون في طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وهو يشمل ما كان من أمور الدين الذي جاء الأمر بها إما على جهة الإيجاب وإما على جهة الاستحباب، ويشمل كذلك طاعتهم في ما أمروا به من مصالح الناس.
وذلكم أيضاً: هو التقييد بـ "المعروف " الذي جاء في النصوص النبوية في سبب نزول الآية أعني قوله عليه الصلاة والسلام: "إنما الطاعة في المعروف"
المسألة الثانية:
إليك ملخصا ما ذكره ابن جرير الطبري في الخلاف في تفسير الآية:
اختلف أهل التأويل في"أولي الأمر" الذين أمر الله عبادَه بطاعتهم في هذه الآية.
فقال بعضهم: هم الأمراء.
وقال آخرون: هم أهل العلم والفقه.
عن أبي العالية قال: هم أهل العلم، ألا ترى أنه يقول: ( وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ ) [سورة النساء: 83]؟
وقال آخرون: هم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم.
كان مجاهد يقول: أصحاب محمد.
وربما قال: أولي العقل والفقه ودين الله.
وقال آخرون: هم أبو بكر وعمر رحمهما الله.
عن عكرمة، قال: أبو بكر وعمر. "

قلت: وقد تعقب ابن عطية في المحرر الوجيز هذين القولين فقال:
" وحكى الطبري عن مجاهد أنه قال :
الإشارة هنا ب { أولي الأمر } إلى أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم خاصة ، وحكي عن عكرمة:
أنها إشارة إلى أبي بكر وعمر خاصة.
وفي هذا التخصيص بعد."

نرجع إلى كلام الطبري:
قال أبو جعفر:
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب، قول من قال: هم الأمراء والولاة لصحة الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأمر بطاعة الأئمة والولاة فيما كان:
1) [لله] طاعةً.
2) وللمسلمين مصلحة.
فإذ كان معلومًا أنه لا طاعة واجبة لأحد غير:
1- الله.
2- أو رسوله.
3- أو إمام عادل.
وكان الله قد أمر بقوله:"أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم" بطاعة ذَوِي أمرنا.
كان معلومًا أن الذين أمرَ بطاعتهم تعالى ذكره مِنْ ذوي أمرنا: هم الأئمة ومَنْ ولَّوْه المسلمين، دون غيرهم مِن الناس.
وإن كان فرضًا: القبول مِنْ كل مَنْ أمر بترك معصية الله ودعا إلى طاعة الله.
وأنه لا طاعة تجب لأحد فيما أمر ونهى فيما لم تقم حجة وجوبه: إلا للأئمة الذين ألزم الله عباده طاعتهم فيما أمروا به رعيتهم مما هو مصلحة لعامة الرعيّة، فإن على مَنْ أمروه بذلك طاعتهم، وكذلك في كل ما لم يكن لله معصية.
وإذ كان ذلك كذلك، كان معلومًا بذلك صحة ما اخترنا من التأويل دون غيره.
 
التعديل الأخير:
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
قال أبو جعفر رحمه الله:
القول في تأويل قوله : { فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ }
قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: فإن اختلفتم، أيها المؤمنون، في شيء من أمر دينكم: أنتم فيما بينكم، أو أنتم وولاة أمركم، فاشتجرتم فيه "فردوه إلى الله".
يعني بذلك: فارتادوا معرفة حكم ذلك الذي اشتجرتم = أنتم بينكم، أو أنتم وأولو أمركم = فيه من عند الله
يعني بذلك: من كتاب الله، فاتبعوا ما وجدتم."([1])
وفي نفس هذا المعنى ما نقله د. عبد العزيز العبد اللطيف من فتح الباري:
قال الحافظ ابن حجر: "ومن بديع الجواب قول بعض التابعين لبعض الأمراء من بني أمية لما قال له: أليس الله أمركم أن تطيعونا فيقول: {وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ} فقال له: أليس قد نزعت عنكم ـ يعني الطاعة ـإذا خالفتم الحق بقوله : {فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ}
قلت:
إذن هذا قيد آخر في المسألة هو أن الطاعة إنما تجب عند عدم النزاع والتشاجر، فإن وقع النزاع وجب الرد إلى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.
يقول ابن كثير في تفسيره:
"نزلت في عبد الله بن حذافة بن قيس بن عدي؛ إذ بعثه رسول النبي صلى الله عليه وسلم في سرية...."([2])
قلت: وتمام القصة:
"وأمرهم أن يطيعوه فغضب عليهم وقال: أليس قد أمر النبي صلى الله عليه و سلم أن تطيعوني ؟ قالوا: بلى قال: قد عزمت عليكم لما جمعتم حطبا وأوقدتم نارا ثم دخلتم فيها .
فجمعوا حطبا فأوقدوا فلما هموا بالدخول فقام ينظر بعضهم إلى بعض قال بعضهم: إنما تبعنا النبي صلى الله عليه و سلم فرارا من النار أفندخلها ؟
فبينما هم كذلك إذ خمدت النار وسكن غضبه فذكر للنبي صلى الله عليه و سلم فقال: ( لو دخلوها ما خرجوا منها أبدا إنما الطاعة في المعروف )..."
قال أبو فراس:
إذن سبب نزول هو هذه الآية حسب هذه القصة الصحيحة هو تقرير عدم جواز طاعة أولي الأمر في معصية الله وأنها إنما تكون في المعروف.
مع أن الشائع في استعمال الناس اليوم هو استعمال هذه الآية في وجوب طاعة ولاة الأمر وهو استعمال صحيح، ولكن الغريب أنك لا تجدهم يستدلون تهذه الآية على عدم جواز طاعة ولاة الأمر في ما كان محرما مع أن سبب نزول هذه الآية كما سبق هو في تقرير هذا المعنى بالأساس.

([1]) تفسير الطبري.

([2]) تفسير ابن كثير - (ج 2 / ص 342)
 
التعديل الأخير:
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
فؤاد يحيى هاشم;4151 قال:
وهاهنا سؤال:
أين محل نقض أمر الحاكم أو القاضي؟
أتمنى التفاعل في الجواب عن السؤال فالمسألة معروفة في كتب الفقهاء

يقول ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى 26/302:
"الحاكم متى خالف نصا أو إجماعا نقض حكمه باتفاق الأئمة، وحكم هؤلاء خالف النص والإجماع من وجوه كثيرة فهو مستحق للنقض بالإجماع."
ويقول أيضاً 31/39:
"ولهذا اتفق العلماء أن حكم الحاكم العادل إذا خالف نصا أو إجماعا لم يعلمه فهو منقوض، فكيف بتصرف من ليس يعلم هذا الباب من واقف لا يعلم حكم الشرعية
ومن يتولى ذلك من وكلائه.
وإن قدر أن حاكما حكم بصورة ذلك ولزومه فغايته أن يكون عالما عادلا فلا ينفذ ما خالف فيه نصا أو إجماعا باتقاق المسلمين."
 
التعديل الأخير:
إنضم
28 ديسمبر 2007
المشاركات
677
التخصص
التفسير وعلوم القرآن
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
حنبلي
استفدت من موضوعاتكم هذه استفادات عظيمة ، فجزاكم الله خيرا ..وجعلكم يا شيخ فؤاد من المحققين الراسخين ..

وأزيد الشعر بيتا ..فقد قرأت في تفسير الكشاف للزمخشري عليه الرحمة ، عند تفسير قول الحق تبارك وتعالى ما نصه :

" يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا "
قال :

" لما أمر الولاة بأداء الأمانات إلى أهلها وأن يحكموا بالعدل أمر الناس بأن يطيعوهم وينزلوا على قضاياهم . والمراد بأولي الأمر منكم : أمراء الحق ؛ لأن - أمراء الجور - الله ورسوله بريئان منهم فلا يعطفون على الله ورسوله في وجوب الطاعة لهم وإنما يجمع بين الله ورسوله والأمراء الموافقين لهما في إيثار العدل واختيار الحق والأمر بهما والنهي عن أضدادهما كالخلفاء الراشدين ومن تبعهم بإحسان . وكان الخلفاء يقولون : أطيعوني ما عدلت فيكم فإن خالفت فلا طاعة لي عليكم" .
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
رأفت المصري;4509 قال:
استفدت من موضوعاتكم هذه استفادات عظيمة ، فجزاكم الله خيرا ..وجعلكم يا شيخ فؤاد من المحققين الراسخين ..

وأزيد الشعر بيتا ..فقد قرأت في تفسير الكشاف للزمخشري عليه الرحمة ، عند تفسير قول الحق تبارك وتعالى ما نصه :

" يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا "
قال :

" لما أمر الولاة بأداء الأمانات إلى أهلها وأن يحكموا بالعدل أمر الناس بأن يطيعوهم وينزلوا على قضاياهم . والمراد بأولي الأمر منكم : أمراء الحق ؛ لأن - أمراء الجور - الله ورسوله بريئان منهم فلا يعطفون على الله ورسوله في وجوب الطاعة لهم وإنما يجمع بين الله ورسوله والأمراء الموافقين لهما في إيثار العدل واختيار الحق والأمر بهما والنهي عن أضدادهما كالخلفاء الراشدين ومن تبعهم بإحسان . وكان الخلفاء يقولون : أطيعوني ما عدلت فيكم فإن خالفت فلا طاعة لي عليكم" .

وأنت أخي وشيخي رأفت: بارك الله فيك وكثر من أمثالك وأنار طريقك
وما ذكرته عن الزمخشري يشكل إضافة جديدة في الموضوع، وهو النكتة في عدم إعادة الفعل في "أولى الأمر" بخلاف طاعة الرسول فإنه أعاد الفعل.
ويبقى ما ذكره الزمخشري ملتئما مع عقيدته الاعتزالية في قصر الإمارة على أئمة العدل دون أئمة الجور.
وأن أئمة الجور لا إمامة لهم فضلا عن طاعتهم.
وهذا مندرج في أحد أصول المعتزلة الخمسة الكبار وهي: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والمقصود منه بالأساس الخروج على الإمام الجائر.
كما أنه ملتئم مع أصل آخر للمعتزلة وهو المنزلة بين المنزلتين، فإن الإمام الجائز هو في الدنيا في منزلة بين منزلتين وفي الآخرة مخلد في النار مع الكافرين، كما هو حكمهم في أصحاب الكبائر، والجور منه.
وهنا يعايا أهل الأهواء من المعاصرين الذين ينزعون إلى مذهب الاعتزال بسبب انفتاحه العقلي
فنقول لهم:
بل هم في أقصى درجات التشدد، فهم يحكمون بالتخليد في النار بمجرد ارتكاب الكبيرة وإن كانوا يعتبرونه في الدنيا في منزلة بين منزلتين.
 
التعديل الأخير:
إنضم
28 ديسمبر 2007
المشاركات
677
التخصص
التفسير وعلوم القرآن
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
حنبلي
فوائدكم الطيبة لا يملّ منها .

ولكن للكلام موارد ومصادر الوقوف معها يثير الموضوع ، ويشبع الفكرة ..ولي عود إن شاء الله تعالى .
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
طاعة الإمام إنما تكون تبعا لطاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم:
يقول ابن تيمية رحمه الله بعد أن ذكر الآية:
"فأبطل الرد إلى إمام مقلد أو قياس عقلي فاضل......فليس عالم من المسلمين يشك في أن الواجب على الخلق طاعة الله ورسوله، وأن ما سواه إنما تجب طاعته حيث أوجبها الله ورسوله.
وفى الحقيقة:
فالواجب في الأصل إنما هو طاعة الله.
لكن:
لا سبيل إلى العلم بمأموره وبخبره كله إلا من جهة الرسل.
والمبلغ عنه:
إما مبلغ:
1- أمره.
2- وكلماته.
فتجب طاعته وتصديقه في جميع ما أمر وأخبر
وأما ما سوى ذلك:
فإنما يطاع في حال دون حال:
أ*- كالأمراء الذين تجب طاعتهم في محل ولايتهم ما لم يأمروا بمعصية الله.
ب*- والعلماء الذين تجب طاعتهم على:
1- المستفتى.
2- والمأمور فيما أوجبوه عليه مبلغين عن الله أو مجتهدين اجتهادا تجب طاعتهم فيه على المقلد.
ج- ويدخل في ذلك مشايخ الدين ورؤساء الدنيا حيث أمر بطاعتهم:
كاتباع أئمة الصلاة فيها
وأتباع أئمة الحج فيه
واتباع أمراء الغزو فيه
واتباع الحكام في أحكامهم
واتباع المشايخ المهتدين في هديهم ونحو ذلك
والمقصود بهذا الأصل:
أن من نصب إماما فأوجب طاعته مطلقا اعتقادا أو حالا فقد ضل في ذلك كأئمة الضلال الرافضة الإمامية حيث جعلوا في كل وقت إماما معصوما تجب طاعته فإنه لا معصوم بعد الرسول ولا تجب طاعة أحد بعده في كل شيء ." (1)
------------------------------------------------------
1) مجموع الفتاوى - (ج 19 / ص 69)
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
نقولات أخرى عن ابن تيمية رحمه الله:

قال ابن تيمية رحمه الله 29/196:
"والإمام العدل تجب طاعته فيما لم يعلم أنه معصية، وغير العدل تجب طاعته فيما علم أنه طاعة كالجهاد."

ويقول رحمه الله:
من رأى أن هذا القتال مفسدته أكثر من مصلحته علم أنه قتال فتنة فلا تجب طاعة الإمام فيه اذ طاعته إنما تجب فى ما لم يعلم المأمور أنه معصية بالنص فمن علم أن هذا هو قتال الفتنة الذى تركه خير من فعله لم يجب عليه أن يعدل عن نص معين خاص الى نص عام مطلق فى طاعة أولى الأمر ولا سيما وقد أمر الله تعالى عند التنازع بالرد إلى الله والرسول (1)

ويقول رحمه الله في رسالته " قاعدة في توحد الملة وتعدد الشرائع (2)
وولاة الأمور فينا هم خلفاء الرسول:
1- قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (إن بني إسرائيل كانت تسوسهم الأنبياء كلما هلك نبي قام نبي و إنه لا نبي بعدى وسيكون خلفاء ويكثرون. قالوا: فما تأمرنا يا رسول الله قال: اوفوا بيعة الأول فالأول وأدوا لهم الذي لهم فإن الله سائلهم عما استرعاهم.)
2- وقال أيضا: ( العلماء ورثة الأنبياء )
3- وروى عنه أنه قال: ( وددت أنى قد رأيت خلفائى قالوا: ومن خلفاؤك قال: الذين يحيون سنتي يعلمونها الناس)
فهؤلاء هم ولاة الأمر بعده وهم الأمراء والعلماء وبذلك فسرها السلف ومن تبعهم من الأئمة كالإمام احمد وغيره وهو ظاهر قد قررناه في غير هذا الموضع.


ويقول رحمه الله:
( فالرسول وجبت طاعته لأنه من يطع الرسول فقد أطاع الله فالحلال ما حلله والحرام ما حرمه والدين ما شرعه ومن سوى الرسول من العلماء والمشايخ والأمراء والملوك إنما تجب طاعتهم اذا كانت طاعتهم طاعة الله وهم إذا أمر الله ورسوله بطاعتهم فطاعتهم داخلة في طاعة الرسول قال تعالى: { يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم }
فلم يقل: وأطيعوا الرسول وأطيعوا أولي الأمر منكم بل جعل طاعة أولى الأمر داخلة في طاعة الرسول وطاعة الرسول طاعة لله وأعاد الفعل في طاعة الرسول دون طاعة أولى الأمر فإنه من يطع الرسول فقد أطاع الله فليس لأحد إذا أمره الرسول بأمر أن ينظر هل أمر الله به أم لا بخلاف أولى الأمر فإنهم قد يأمرون بمعصية الله فليس كل من أطاعهم مطيعا لله بل لابد فيما يأمرون به أن يعلم أنه ليس معصية لله وينظر هل أمر الله به أم لا سواء كان أولى الأمر من العلماء أو الأمراء ويدخل في هذا تقليد العلماء وطاعة أمراء السرايا وغير ذلك وبهذا يكون الدين كله الله قال تعالى: {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله }
فمن جعل غير الرسول تجب طاعته في كل ما يأمر به وينهى عنه وإن خالف أمر الله ورسوله فقد جعله ندا
وربما صنع به كما تصنع النصارى بالمسيح ويدعوه ويستغيث به ويوالي اولياءه ويعادى اعداءه مع إيجابه طاعته في كل ما يأمر به وينهى عنه ويحلله ويحرمه ويقيمه مقام الله ورسوله
فهذا من الشرك الذي يدخل أصحابه في قوله تعالى: { ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا اشد حبا لله }(3)


ويقول رحمه الله:
فالكتاب يهدى والسيف ينصر {وكفى بربك هاديا ونصيرا }
ولهذا كان قوام الناس بأهل الكتاب وأهل الحديد كما قال من قال من السلف: (صنفان إذا صلحوا صلح الناس الأمراء والعلماء)
وقالوا في قوله تعالى: { أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم} أقوالا تجمع العلماء والأمراء ولهذا نص الإمام أحمد وغيره على دخول الصنفين في هذه الآية إذ كل منهما تجب طاعته فيما يقوم به من طاعة الله وكان نواب رسول الله في حياته كعلي ومعاذ وأبى موسى وعتاب بن أسيد وعثمان بن أبى العاص وأمثالهم يجمعون الصنفين وكذلك خلفاؤه من بعده كأبي بكر وعمر وعثمان وعلى و نوابهم
ولهذا كانت السنة أن الذي يصلى بالناس صاحب الكتاب والذي يقوم بالجهاد صاحب الحديد
إلى أن تفرق الأمر بعد ذلك.
فإذا تفرق صار كل من قام بأمر الحرب من جهاد الكفار وعقوبات الفجار يجب أن يطاع فيما يأمر به من طاعة الله في ذلك.
وكذلك من قام بجمع الأموال وقسمها يجب أن يطاع فيما يأمر به من طاعة الله في ذلك.
وكذلك من قام بالكتاب بتبليغ أخباره وأوامره وبيانها يجب أن يصدق ويطاع فيما أخبر به من الصدق في ذلك فيما يأمر به من طاعة الله في ذلك. (4)
-------------------------------------------------------------------------
1- مجموع الفتاوى - (ج 4 / ص 443)

2- مجموع الفتاوى - (ج 19 / ص 117)
3 - مجموع الفتاوى - (ج 10 / ص 266)

4 - مجموع الفتاوى - (ج 18 / ص 158)
 
التعديل الأخير:
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
وإذا كان الطبري الإمام قد رجح أن أولي الأمر هم الأمراء فإن ابن كثير الدمشقي كان له رأي آخر في المسألة فقد رجح أن "أولي الأمر" يشمل الأمراء والعلماء معا فقد قال رحمه الله في تفسيره:
"الظاهر -والله أعلم-: أن الآية في جميع أولي الأمر من الأمراء والعلماء، كما تقدم
وقد قال تعالى: { لَوْلا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الإثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ} [المائدة:63]
وقال تعالى: { فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ } [النحل:43]
وفي الحديث الصحيح المتفق عليه، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصا الله، ومن أطاع أميري فقد أطاعني، ومن عصا أميري فقد عصاني" .
فهذه أوامر بطاعة العلماء والأمراء
ولهذا قال تعالى: { أَطِيعُوا اللَّهَ } أي: اتبعوا كتابه.
{ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ } أي: خذوا بسنته.
{ وَأُولِي الأمْرِ مِنْكُمْ } أي: فيما أمروكم به من طاعة الله لا في معصية الله، فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الله، كما تقدم في الحديث الصحيح: "إنما الطاعة في المعروف". (1)
ولعل ما سبق أن أوردناه عن ابن تيمية رحمه الله في النقولات السابقة يجمع بوجه ما بين القولين اللذين تقاسم اختيارهما: الطبري وابن كثير.
فقد ذكر ابن تيمية رحمه الله:
أن أولي الأمر في أول الأمر كانوا هم الأمراء ، وكانوا هم العلماء أيضاً، سواء كان ذلك في الولاة الذين ولاهم النبي صلى الله عليه وسلم في أيامه من مثل أبي بكر وعلي وعتاب بن أسيد وغيرهم كثير، أو كان ذلك في الخلفاء الراشدين من بعده.
فكانت وقتئذ الطاعة منتظمة لولاة الأمر لأنهم هم الأمراء وهم العلماء.
فلما تفرق الناس من بعد ذلك احتاج الناس إلى هذه المسألة ثم السؤال عن الطاعة المذكورة في الآية هل هي طاعة الأمراء أو طاعة العلماء؟
ثم ذكر ابن تيمية رحمه الله أن الطاعة تتوقف عليهما معاً: العلماء والأمراء، وذلكم أنه يجب طاعة الأمراء فيما أخبر العلماء أنه من طاعة الله.
وقد يقال :
بل إن ابن تيمية رحمه الله يتفق مع تلميذه ابن كثير المفسر ، فكلاهما يذهب إلى أن المقصود بولاة الأمر هم العلماء والأمراء.
والجواب:
نعم، والأمر كذلك، ولكن ما أفادنا ابن تيمية رحمه الله من أن ولاة الأمر في أول الأمر كانوا هم العلماء و الأمراء، وما قيد ابن جرير الطبري كلامه في طاعة الأمراء بأن لا يكون في معصية، وهذا إنما يعرف عن طريق أهل العلم، لاسيما ما كان في النوازل والمسائل الشائكة.
وإذا تظافر ما سبق فإنه يصلح أن يدفعنا إلى القول بأن الخلاف في ذلك قريب وليس ببعيد، والله أعلم.

1) تفسير ابن كثير - (ج 2 / ص 345)
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
سياق الآية:

يقول ابن عاشور في التحرير والتنوير:
" لمّا أمر الله الأمّة بالحكم بالعدل [يعني في قوله تعالى: {إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ}]
عقّب ذلك بخطابهم بالأمر بطاعة الحكّام ولاة أمورهم:
لأنّ الطاعة لهم هي مظهر نفوذ العدل الذي يحكم به حكّامهم
فطاعة الرسول: تشتمل على احترام العدل المشرّع لهم وعلى تنفيذه.
وطاعة ولاة الأمور: تنفيذ للعدل.
وأشار بهذا التعقيب: إلى أنّ الطاعة المأمور بها هي الطاعة في المعروف."
قال أبو فراس:
إذا طاعة ولاة الأمر إنما تجب تنفيذا للعدل الذي أقام الله عليه السموات والأرض، وهذا وجه آخر يضاف إلى قوة التفصيل الذي نزع إليه ابن تيمية رحمه الله في التفريق بين أئمة العدل وأئمة الجور ومن قبله العز ابن عبد السلام والقرطبي المفسر.
وقال أيضاًً لطاهر بن عاشور:
وقوله : { وأولي الأمر } يعني ذويه وهم أصحاب الأمر والمتولّون له .
والأمر: هو الشأن ، أي ما يهتمّ به من الأحوال والشؤون.
فأولو الأمر من الأمّة ومن القوم: هم الذين يسند الناس إليهم تدبير شؤونهم ويعتمدون في ذلك عليهم ، فيصير الأمر كأنّه من خصائصهم ، فلذلك يقال لهم: ذَوو الأمر وأولو الأمر ، ويقال في ضدّ ذلك : ليس له من الأمر شيء .
ولمّا أمر الله بطاعة أولي الأمر: علمنا أنّ أولي الأمر في نظر الشريعة طائفة معيّنة ، وهم قدوة الأمّة وأمناؤها ، فعلمنا أنّ تلك الصفة تثبت لهم بطرق شرعية إذ أمور الإسلام لا تخرج عن الدائرة الشرعية.
وطريق ثبوت هذه الصفة لهم:
1- إمّا الولاية المسندة إليهم من الخليفة ونحوه.
2- أو من جماعات المسلمين إذا لم يكن لهم سلطان.
3- وإمّا صفات الكمال التي تجعلهم محلّ اقتداء الأمّة بهم وهي الإسلام والعلم والعدالة.
فأهل العلم العدولُ : من أولي الأمر بذاتهم لأنّ صفة العلم لا تحتاج إلى ولاية ، بل هي صفة قائمة بأربابها الذين اشتهروا بين الأمّة بها ، لما جرب من علمهم وإتقانهم في الفتوى والتعليم .
قال مالك : «أولو الأمر : أهل القرآن والعلم»
يعني:
أهل العلم بالقرآن والاجتهاد.
فأولو الأمر هنا:
هم من عدا الرسول من الخليفة إلى والي الحسبة ، ومن قواد الجيوش ومن فقهاء الصحابة والمجتهدين إلى أهل العلم في الأزمنة المتأخّرة ، وأولو الأمر هم الذين يطلق عليهم أيضاً أهل الحلّ والعقد .
وإنّما أمر بذلك بعد الأمر بالعدل وأداء الأمانة:
لأنّ هذين الأمرين قوام نظام الأمّة وهو تناصح الأمراء والرعية وانبثاث الثقة بينهم .
ولمّا كانت الحوادث لا تخلو من حدوث الخلاف بين الرعيّة ، وبينهم وبين ولاة أمورهم:
أرشدهم الله إلى طريقة فصل الخلاف بالردّ إلى الله وإلى الرسول ."
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
يقول الزمخشري في "الكشاف":
وكيف تلزم طاعة أمراء الجور وقد جنح الله الأمر بطاعة أولي الأمر بما لا يبقى معه شك ، وهو أن أمرهم أولاً بأداء الأمانات وبالعدل في الحكم وأمرهم آخراً بالرجوع إلى الكتاب والسنة فيما أشكل ، وأمراء الجور لا يؤدّون أمانة ولا يحكمون بعدل ، ولا يردون شيئاً إلى كتاب ولا إلى سنة ، إنما يتبعون شهواتهم حيث ذهبت بهم ، فهم منسلخون عن صفات الذين هم أولو الأمر عند الله ورسوله ، وأحق أسمائهم : اللصوص المتغلبة"
قال أبو فراس:
ولعل هذا الموطن من كلام الزمخشري في الكشاف هو الذي استفاد منه الطاهر بن عاشور كلامه السابق في الحديث عن سياق الآية، و قد يقال إنما هذا من توارد الأفكار، لكن الأول أظهر.
ويبدوكذلك:
أن ابن عاشور تفطن إلى المزلق الاعتزالي في كلام الزمخشري فهذب كلامه ، وأخذ منه صفوه، وهو أن الطاعة الواجبة إنما هي لأئمة العدل، ثم ترك منه ما عضد به الزمخشري أصلهم الاعتزالي في عدم صحة ولاية أئمة الجور من حيث الأصل.
وأن الصواب أنها تصح وتنعقد وإن لم تكن واجبة الطاعة فيما إذ أمروا في غير طاعة الله.
 
التعديل الأخير:
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
نقولات عن ابن القيم رحمه الله:

يقول ابن القيم رحمه الله في "الرسالة التبوكية زاد المهاجر إلى ربه" ":
أما أولو الأمر فلا تجب طاعة احدهم إلا إذا اندرجت تحت طاعة الرسول لا طاعة مفردة مستقلة كما صح عن النبي صلى الله عليه و سلم انه قال: ( على المرء السمع والطاعة فيما احب وكره مالم يؤمر بمعصية الله تعالى فإذا أمر بمعصية الله تعالى فلا سمع ولا طاعة.
وقال أيضاً:
من هم أولو الأمر؟
وقد اختلفت الرواية عن الإمام احمد رحمه الله تعالى في أولي الأمر.
وعنه فيهم رحمه الله تعالى روايتان :
احداهما : أنهم العلماء .
والثانية : أنهم الأمراء.
والقولان ثابتان عن الصحابة في تفسير الآية.
والصحيح:
أنها متناولة للصنفين جميعا فإن العلماء والأمراء ولاة الأمر الذي بعث الله به رسوله:
فإن العلماء ولاته: حفظا وبيانا وذبا عنه وردا على من الحد فيه وزاغ عنه وقد وكلهم الله بذلك فقال تعالى: { فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين}
فيالها من وكالة أوجبت طاعتهم والانتهاء إلى أمرهم وكون الناس تبعا لهم.
والأمراء ولاته: قياما وعناية وجهادا وإلزاما للناس به وأخذهم على يد من خرج عنه.
وهذان الصنفان هما الناس وسائر النوع الانساني تبع لهما ورعية.

ويقول ابن القيم رحمه الله في كتابه "مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة" وهو يشير إلى المعنى المعنوي في طاعة العلماء:
والمقصود:
أن قوله العلم يكسب العالم الطاعة في حياته أي يجعله مطاعا لأن الحاجة إلى العلم عامة لكل احد للملوك فمن دونهم فكل احد محتاج إلى طاعة العالم فإنه يأمر بطاعة الله ورسوله فيجب على الخلق طاعته قال تعالى: { يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم }
وفُسِّر أولى الأمر بالعلماء:
قال ابن عباس: هم الفقهاء والعلماء أهل الدين الذين يعلمون الناس دينهم أوجب الله تعالى طاعتهم.
وهذا قول مجاهد والحسن والضحاك وإحدى الروايتين عن الإمام احمد.
وفسروا بالأمراء:
وهو قول ابن زيد وإحدى الروايتين عن ابن عباس وأحمد.
والآية تتناولها جميعا:
فطاعة ولاة الأمر واجبة إذا أمروا بطاعة الله ورسوله وطاعة العلماء كذلك فالعالم بما جاء به الرسول العامل به أطوع في أهل الأرض من كل احد فإذا مات أحيا الله ذكره ونشر له في العالمين أحسن الثناء فالعالم بعد وفاته ميت وهو حي بين الناس والجاهل في حياته حي وهو ميت بين الناس كما قيل:
وفي الجهل قبل الموت موت لأهله ... وأجسامهم قبل القبور قبور
وأرواحهم في وحشة من جسومهم ... وليس لهم حتى النشور نشور
وقال الآخر:
قد مات قوم وما ماتت مكارمهم ... وعاش قوم وهم في الناس أموات
وقال آخر :
وما دام ذكر العبد بالفضل باقيا ... فذلك حي وهو في الترب هالك
ومن تأمل أحوال أئمة الإسلام كأئمة الحديث والفقه كيف هم تحت التراب وهم في العالمين كأنهم أحياء بينهم لم يفقدوا منهم إلا صورهم وإلا فذكرهم وحديثهم والثناء عليهم غير منقطع وهذه هي الحياة حقا حتى عد ذلك حياة ثانية كما قال المتنبي:
ذكر الفتى عيشه الثاني وحاجته ... ما فاته وفضول العيش أشغال
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
نقولات أخرى عن ابن تيمية رحمه الله:

يقول ابن تيمية رحمه الله في كتابه الاستقامة:
وأولوا الأمر: أصحاب الأمر وذووه وهم الذين يأمرون الناس وينهونهم وذلك يشترك فيه أهل اليد والقدرة وأهل العلم والكلام فلهذا كان أولو الأمر صنفين العلماء والأمراء فإذا صلحوا صلح الناس وإذا فسدوا فسد الناس.
كما قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه للأحمسية لما سألته:
ما بقاؤنا على هذا الأمر الصالح؟
قال: ما استقامت لكم أئمتكم.
ويدخل فيهم:
1) الملوك.
2) والمشايخ.
3) وأهل الديوان.
4) وكل من كان متبوعا فإنه من أولى الأمر.
وعلى كل واحد من هؤلاء:
أن يأمر بما أمر الله به وينهى عن ما نهى الله عنه.
وعلى كل واحد ممن عليه طاعته:
أن يطيعه في طاعة الله ولا يطيعه في معصية الله.
كما قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه حين تولى أمر المسلمين وخطبهم فقال في خطبته:
( أيها الناس القوي فيكم الضعيف عندي حتى آخذ منه الحق، والضعيف فيكم القوي عندي حتى آخذ له الحق أطيعوني ما أطعت الله ورسوله فإذا عصيت الله فلا طاعة لي عليكم)
فمن أوجب طاعة أحد غير رسول الله صلى الله عليه و سلم في كل ما يأمر به وأوجب تصديقه في كل ما يخبر به وأثبت عصمته أو حفظه في كل ما يأمر به ويخبر من الدين:
فقد جعل فيه من المكافأة لرسول الله والمضاهأة له في خصائص الرسالة بحسب ذلك سواء جعل ذلك المضاهي لرسول الله صلى الله عليه و سلم بعض الصحابة أو بعض القرابة أو بعض الأئمة والمشايخ أو الأمراء من الملوك وغيرهم
وقد قال الله في كتابه {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول والأولى الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا }
فغاية المطاع بإذن الله أن يكون من أولى الأمر الذين أمر الله بطاعتهم من العلماء والأمراء ومن يدخل في ذلك من المشايخ والملوك وكل متبوع فإن الله تعالى أمر بطاعتهم مع طاعة رسوله كما قال : {أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم}
فلم يقل: وأطيعوا أولي الأمر
ليبين: أن طاعتهم فيما كان طاعة للرسول أيضا إذا اندراج الرسول في طاعة الله أمر معلوم فلم يكن تكرير لفظ الطاعة فيه مؤذنا بالفرق.
بخلاف ما لو قيل: أطيعوا الرسول وأطيعوا أولى الأمر منكم
فإنه قد يوهم: طاعة كل منهما على حياله.
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه و سلم في الصحيح أنه قال: ( إنما الطاعة في المعروف) وقال: ( لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق )
وقال: ( على المرء المسلم الطاعة فيما أحب وكره ما لم يؤمر بمعصية فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة )
ولهذا قال سبحانه بعد ذلك: { فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا }
فلم يأمر عند التنازع إلا بالرد إلى الله والرسول دون الرد إلى أولى الأمر.
ولهذا :
كان أولو الأمر إذا اجتمعوا لا يجتمعون على ضلالة.
فإذا تنازعوا:
فالرد إلى كتاب الله وسنة رسوله لا إلى غير ذلك من عالم أو أمير ومن يدخل في ذلك من المشايخ والملوك وغيرهم.
ولو كان:
غير الرسول معصوما أو محفوظا فيما يأمر به ويخبر به.
لكان:
ممن يرد إليه مواقع النزاع كما يرده القائلون بإمام معصوم إليه وكما جرت عادة كثير من الأتباع أن يردوا ما تنازعوا فيه إلى الإمام والقدوة الذي يقلدونه.
ومعلوم:
أن علماء الطوائف ومقتصديهم لا يرون هذا الرد واجبا على الإطلاق.
لكن قد يفعلون ذلك:
لأنه لا طريق لهم إلى معرفة الحق واتباعه إلا ذلك لعجزهم عما سوى ذلك فيكونون معذورين .
وقد يفعلون ذلك:
اتباعا لهواهم في محبتهم لذلك الشخص وبغضهم لنظرائه فيكونون غير معذورين.
ولكن :
من اعتقد من هؤلاء في متبوعه أنه معصوم أو أنه محفوظ عن الذنوب والخطأ في الاجتهاد فذلك مردود عليه بلا نزاع بين أهل العلم والإيمان
ولهذا إنما يقول ذلك:
غلاة الطوائف الذين يغلب عليهم اتباع الظن وما تهوى الأنفس وقد غلب على أحدهم جهله وظلمه.
وكما أن الغلو في غير الرسول صلى الله عليه وسلم:
فيه قدح في منصب الرسول وما خصه الله به وهو أحد أصلي الإسلام.
فكذلك الغلو في غير الله :
فيه قدح فيما يجب لله من الألوهية وفيما يستحقه من صفاته.
فمن غلا في البشر أو غيرهم فجعلهم شركاء في الألوهية أو الربوبية فقد عدل بربه وأشرك به وجعل له ندا ومن زعم أن الله ذم أحدا من البشر أو عاقبه على ما فعله ولم يكن ذلك ذنبا فقد قدح فيما أخبر الله به وما وجب له من حكمته وعدله.

----------------------------------
ويقول ابن تيمية رحمه الله في جواب ورقة أرسلت اليه وهو في السجن:
"ولكن عليَّ أن أطيع الله ورسوله وأطيع أولي الأمر إذا أمروني بطاعة الله فإذا أمروني بمعصية الله فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
هكذا دل عليه الكتاب والسنة واتفق عليه أئمة الأمة قال الله تعالى: { يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا }
وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( لا طاعة لمخلوق في معصية الله إنما الطاعة في المعروف )
وأن أصبر على جور الأئمة وأن لا أخرج عليهم في فتنة لما في الصحيح عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (من رأى من أميره شيئا يكرهه فليصبر عليه فإنه من فارق الجماعة قيد شبر فمات فميتته جاهلية )
ومأمور أيضا مع ذلك أن أقول أو أقوم بالحق حيث ما كنت لا أخاف في الله لومة لائم كما أخرجا في الصحيحين عن عبادة بن الصامت قال: ( بايعنا رسول الله على السمع والطاعة في يسرنا وعسرنا ومنشطنا ومكرهنا وأثرة علينا وأن لا ننازع الأمر أهله وأن
نقول أو نقوم بالحق حيث ما كنا لا نخاف في الله لومة لائم)
فبايعهم على هذه الأصول الثلاثة الجامعة وهي:
1- الطاعة في طاعة الله وإن كان الآمر ظالما.
2- وترك منازعة الأمر أهله.
3- والقيام بالحق بلا مخافة من الخلق.
والله سبحانه قد أمر في كتابه عند تنازع الأمة بالرد إلى الله ورسوله لم يأمر عند التنازع إلى شيء معين أصلا وقد قال الأئمة إن أولي الأمر صنفان العلماء والأمراء وهذا يدخل فيه مشائخ الدين وملوك المسلمين.
كل منهم يطاع فيما إليه من الأمر:
1- كما يطاع هؤلاء بما يؤمرون به من العبادات ويرجع إليهم في معاني القرآن والحديث والإخبار عن الله.
2- وكما يطاع هؤلاء في الجهاد وإقامة الحد وغير ذلك مما يباشرونه من الأفعال التي أمرهم الله بها
وإذا اتفق هؤلاء على أمر فإجماعهم حجة قاطعة فإن أمة محمد لا تجتمع على ضلالة.
وإن تنازعوا فالمرد إلى الكتاب والسنة."

----------------------------------

ويقول ابن تيمية رحمه الله كما في مجموع الفتاوى 10/266:
فالرسول وجبت طاعته
لأنه من يطع الرسول فقد أطاع الله
فالحلال ما حلله
والحرام ما حرمه
والدين ما شرعه
ومن سوى الرسول من العلماء والمشايخ والأمراء والملوك إنما تجب طاعتهم إذا كانت طاعتهم طاعة الله وهم إذا أمر الله ورسوله بطاعتهم فطاعتهم داخلة في طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم......
وبهذا يكون الدين كله الله قال تعالى: { وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله } وقال النبي صلى الله عليه وسلم: لما قيل له يا رسول الله الرجل يقاتل شجاعة ويقاتل حمية ويقاتل رياء فأي ذلك في سبيل الله فقال: ( من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله )
ثم إن كثيرا من الناس يحب خليفة أو عالما أو شيخا أو أميرا فيجعله ندا لله وان كان قد يقول انه يحبه لله فمن جعل غير الرسول تجب طاعته في كل ما يأمر به وينهى عنه وان خالف أمر الله ورسوله فقد جعله ندا وربما صنع به كما تصنع النصارى بالمسيح ويدعوه ويستغيث به ويوالي اولياءه ويعادى اعداءه مع إيجابه طاعته في كل ما يأمر به وينهى عنه ويحلله ويحرمه ويقيمه مقام الله ورسوله
فهذا من الشرك الذي يدخل أصحابه في قوله تعالى: { ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا اشد حبا لله}

----------------------------------




ويقول رحمه الله كما في مجموع الفتاوى - (ج 22 / ص 227) :
" والاستحباب والتحليل والكراهية والتحريم لا يؤخذ إلا عن رسول الله فلا واجب إلا ما أوجبه الله ورسوله ولا حلال إلا ما أحله الله ورسوله
فمن ذلك:
ما اتفق عليه أئمة الدين ومنه ما تنازعوا فيه فردوه إلى الله ورسوله كما قال تعالى: { يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا }
فمن تكلم بجهل وبما يخالف الأئمة فإنه ينهى عن ذلك ويؤدب على الإصرار كما يفعل بأمثاله من الجهال
ولا يقتدى في خلاف الشريعة بأحد أئمة الضلالة وإن كان مشهورا عنه العلم كما قال بعض السلف: ( لا تنظر إلى عمل الفقيه ولكن سله يصدقك ) والله أعلم. "


----------------------------------

ويقول رحمه الله كما في مجموع الفتاوى (ج 22 / ص 323):
فمن خصائصه ما كان من خصائص نبوته ورسالته فهذا ليس لأحد أن يقتدي به فيه فإنه لا نبي بعده.
وهذا مثل:
كونه يطاع في كل ما يؤمر به وينهى عنه وإن لم يعلم جهة أمره حتى يقتل كل من أمر بقتله
وليس هذا لأحد بعده
فولاة الأمور من العلماء والأمراء يطاعون إذا لم يأمروا بخلاف أمره
ولهذا:
جعل الله طاعتهم في ضمن طاعته قال الله تعالى: { أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم}
فقال: { وأطيعوا الرسول وأولى الأمر }
لأن أولي الأمر يطاعون طاعة تابعة لطاعته فلا يطاعون استقلالا ولا طاعة مطلقة
وأما الرسول فيطاع طاعة مطلقة مستقلة فإنه من يطع الرسول فقد أطاع الله فقال تعالى: { أطيعوا الله وأطيعوا الرسول }
فإذا أمرنا الرسول كان علينا أن نطيعه وإن لم نعلم جهة أمره
وطاعته طاعة الله لا تكون طاعته بمعصية الله قط بخلاف غيره."


----------------------------------


ويقول رحمه الله كما في مجموع الفتاوى (28/ 170):
أولو الأمر أصحاب الأمر وذووه وهم الذين يأمرون الناس
وذلك يشترك فيه :
1- أهل اليد والقدرة.
2- وأهل العلم والكلام.
فلهذا كان أولوا الأمر صنفين:
1- العلماء.
2- والأمراء.
فإذا صلحوا صلح الناس واذا فسدوا فسد الناس ...."


----------------------------------


ويقول رحمه الله كما في مجموع الفتاوى (35/120):
"بل كان من سوى الأنبياء يؤخذ من قوله ويترك
ولا تجب طاعة من سوى الأنبياء والرسل في كل ما يقول ولا يجب على الخلق اتباعه والإيمان به في كل ما يأمر به ويخبر به ولا تكون مخالفته في ذلك كفرا
بخلاف الأنبياء
بل إذا خالفه غيره من نظرائه وجب على المجتهد النظر في قوليهما وأيهما كان أشبه بالكتاب والسنة تابعه ....
ومن علم أنه قال الحق في موارد النزاع وجب اتباعه كما لو ذكر آية من كتاب الله تعالى أو حديثا ثابتا عن رسول الله صلى الله عليه و سلم يقصد به قطع النزاع
أما وجوب اتباع القائل في كل ما يقوله من غير ذكر دليل يدل على صحة ما يقول فليس بصحيح بل هذه المرتبة هي مرتبة الرسول التي لا تصلح إلا له كما قال تعالى: {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما }
وقال تعالى : {وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما }
وقال تعالى: { قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله }
وقال تعالى: { وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم }"
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
نقل عن ابن رجب رحمه الله في إشارات من الفقه في التعامل مع الأئمة إذا ما خالفوا الحق:

يقول ابن رجب رحمه الله في رسالته في "رؤية هلال ذي الحجة":
فإن قيل:
أليس قد أمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه عند وجود الأئمة الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها أن يصلوا الصلاة لوقتها وأن يجعلوا صلاتهم معهم نافلة مع أن في ذلك افتياتا على الأئمة واختلافا عليهم ؟ ولهذا كان بنو أمية يشددون في ذلك ويستحلفون الناس عند مجيئهم للصلاة أنهم ما صلوا قبل ذلك .
ومع هذا فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالصلاة في الوقت سرا وبالصلاة معهم نافلة لدفع شرهم وكف أذاهم.
وهذا يدل:
على أنه لا يجوز لأحد ترك ما يعرفه من الحق لموافقة الأئمة وعموم الناس.
بل يجب عليه العمل بما يعرفه من الحق في نفسه وإن كان فيه مخالفة للأئمة وعموم الناس المتبعين لهم
وحينئذ فلا يجوز أن يؤمر من رأى الهلال أو من أخبره برؤيته من يثق به أن يتبع الإمام والجماعة معه ويترك ما قد عرفه من الحق.
فالجواب:
أن ما نحن فيه ليس من هذا القبيل
وذلك أن الصلاة لها وقت محدود في الشرع معلوم أوله وآخره علما ظاهرا فمن غيره من الأئمة لم تجب متابعته في ذلك
لأن فيه موافقة على تغيير الشريعة وذلك لا يجوز
فنظير هذا من مسألتنا:
أن يشهد شهود عدول عند حاكم برؤية هلال ذي الحجة أو رمضان فيقول: هم عندي عدول ولا أقبل شهادتهم أو نحو ذلك مما يظهر فيه أنه تعمد ترك الواجب بغير عذر فهنا لا يلتفت إليه ويعمل بمقتضى الحق وإن كان يظهر له التقية إذا خيف من شره كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالصلاة مع أولئك الأمراء نافلة.
وهذا بخلاف الأمور الاجتهادية التي تخفى ويسوغ في مثلها الاجتهاد كقبول الشهود وردهم فإن هذا مما تخفى أسبابه.
وقد يكون الحاكم معذورا في نفس الأمر ففي مثل هذا لا يجوز الافتئات على الأئمة ونوابهم ولا إظهار مخالفتهم ولو كانوا مفرطين في نفس الأمر فإن تفريطهم عليهم لا على من لم يفرط كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الأئمة : (يصلون لكم فإن أصابوا فلكم ولهم وإن أخطئوا فلكم وعليهم. ) خرجه البخاري والله أعلم.(1)
--------------------------------------------------------------------------------
1) رسائل ابن رجب: 2/607 رسالة في رؤية هلال ذي الحجة.
 
إنضم
30 نوفمبر 2008
المشاركات
14
التخصص
لا يوجد
المدينة
مصر - محافظة الشرقية - مدينة الإبراهيمية
المذهب الفقهي
الدليل مذهبي
نقد

نقد

الطاعة لأصحاب الولايات الشرعية، وهذا أمر بدهي دلت عليه الآية الكريمة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً}النساء59.
قال الشوكاني: "وأولو الأمر: هم الأئمة والسلاطين والقضاة وكل من كان له ولاية شرعية لا ولاية طاغوتية"

لي هنا وقفة مع قول الشوكاني «ولاية طاغوتية»!!.
ثم مع مراد الكاتب بسوق هذا الكلام!.

فكما هو معلوم:
أن الطاغوت كل ما جاوز الحد.
فيدخل في ذلك كل من الظالم والفاسق والكافر.

فإذا فُسِّرَ قولُ الشوكاني: «ولاية طاغوتية» = بمعنى = «ولاية كفرية» = يعني أن الحاكم كافر! (عينًا ونوعًا)؛ فلا إشكال، وعليه تنزل الآية السابقة: {أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ}، و كلمة «منكم» تعني من المسلمين؛ لأن الخطاب للمسلمين بداهة!.

أما إذا فُسِّرَ قولُ الشوكاني: «ولاية طاغوتية» = بالمعنى الذي يقصده كثير من المعاصرين! = وهو وصف من يحكمون بالقوانين بأنهم طواغيت!؛ فثم الإشكال!!.

لأننا وإن اتفقنا -جدلاً!!- على كفر من يحكم بالقوانين تكفيرًا ((نوعيًّا))؛ فلا شك أننا نتفق عدم تكفير هؤلاء ((عينيًّا))؛ بمعنى أن اسم الإسلام باق على أعيان هؤلاء!؛ وإن حكموا بالقوانين!!؛ وذلك لعدم توفر الشروط وانتفاء الموانع في تكفير أعيان هؤلاء.

فهم ((مسلمون)) -اسمًا وحكمًا- إلى حين إقامة الحجة عليهم -بتطبيق الشروط وانتفاء الموانع-.

وعليه؛ فإننا لا نستطيع اعتبار ولايتهم طاغوتية!! من هذه الحيثية؛ لدخولهم في نص الآية السابقة؛ التي تقضي بطاعة الأئمة ((المسلمين)).

فولايتهم شرعية إلى أن تكفر أعيانهم؛ هذا مع التسليم أنهم وقعوا في مُكَفِّرٍ أصلاً!!.

تنبيه:
معنى كون الولاية شرعية: أنها ولاية تستحق السمع والطاعة -في المعروف-، وألا يُخْرَجَ عليها باللسان والبنان. وليس معنى ذلك أن حكم الحاكم بالقوانين حكم شرعي!!. فوصف «الشرعية» عائد على الحاكم وولايته وليس على حكمه؛ فتنبه!!.
 
إنضم
30 مايو 2012
المشاركات
20
التخصص
الهندسة
المدينة
Gothenburg
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: نقد

رد: نقد

[/right]
لي هنا وقفة مع قول الشوكاني «ولاية طاغوتية»!!.
ثم مع مراد الكاتب بسوق هذا الكلام!.

فكما هو معلوم:
أن الطاغوت كل ما جاوز الحد.
فيدخل في ذلك كل من الظالم والفاسق والكافر.

فإذا فُسِّرَ قولُ الشوكاني: «ولاية طاغوتية» = بمعنى = «ولاية كفرية» = يعني أن الحاكم كافر! (عينًا ونوعًا)؛ فلا إشكال، وعليه تنزل الآية السابقة: {أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ}، و كلمة «منكم» تعني من المسلمين؛ لأن الخطاب للمسلمين بداهة!.

أما إذا فُسِّرَ قولُ الشوكاني: «ولاية طاغوتية» = بالمعنى الذي يقصده كثير من المعاصرين! = وهو وصف من يحكمون بالقوانين بأنهم طواغيت!؛ فثم الإشكال!!.

لأننا وإن اتفقنا -جدلاً!!- على كفر من يحكم بالقوانين تكفيرًا ((نوعيًّا))؛ فلا شك أننا نتفق عدم تكفير هؤلاء ((عينيًّا))؛ بمعنى أن اسم الإسلام باق على أعيان هؤلاء!؛ وإن حكموا بالقوانين!!؛ وذلك لعدم توفر الشروط وانتفاء الموانع في تكفير أعيان هؤلاء.

فهم ((مسلمون)) -اسمًا وحكمًا- إلى حين إقامة الحجة عليهم -بتطبيق الشروط وانتفاء الموانع-.

وعليه؛ فإننا لا نستطيع اعتبار ولايتهم طاغوتية!! من هذه الحيثية؛ لدخولهم في نص الآية السابقة؛ التي تقضي بطاعة الأئمة ((المسلمين)).

فولايتهم شرعية إلى أن تكفر أعيانهم؛ هذا مع التسليم أنهم وقعوا في مُكَفِّرٍ أصلاً!!.

تنبيه:
معنى كون الولاية شرعية: أنها ولاية تستحق السمع والطاعة -في المعروف-، وألا يُخْرَجَ عليها باللسان والبنان. وليس معنى ذلك أن حكم الحاكم بالقوانين حكم شرعي!!. فوصف «الشرعية» عائد على الحاكم وولايته وليس على حكمه؛ فتنبه!!.

هذا تحريف لقول الشوكاني فيما يبدو لي فإنه لم يصف ولي الأمر بذلك الوصف لا عينا ولا نوعا وإنما وصف الولاية وفرق بين ولاية شرعية وولاية غير شرعية وهل نَصِف الولاية التي تبنت على القواعد الكفرية المخالفة للشرع الإسلامي بأنها ولاية شرعية؟أ وهل يشك عاقل في أن النظام الذي يحارب الشريعة هو نظام طاغوتي وأنّ ولايته طاغوتية؟
 
إنضم
30 مايو 2012
المشاركات
20
التخصص
الهندسة
المدينة
Gothenburg
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: ضوابط ومسائل في الطاعة د. عبد العزيز العبد اللطيف

ابن هبيرة:

"الحديث السابع عشر:[عن علي قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية، واستعمل عليهم رجلا من الأنصار، وأمرهم أن يسمعوا له ويطيعوا، فأغضبوه في شيء. فقال: أجمعا لي حطبًا، فجمعوا له، ثم قال: أوقدوا نارًا، فأوقدوا، ثم قال: ألم يأمركم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تسمعوا وتطيعوا؟ قالوا: بلى؛ قال: فأدخلوها، فنظر بعضهم إلى بعض وقالا: إنما فررنا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من النار، فكانوا كذلك حتى سكن غضبه، وطفئت النار، فلما رجعوا ذكروا ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: (لو دخلوها ما خرجوا منها أبدًا)، وقال: (لا طاعة في معصية الله، إنما الطاعة في المعروف)]
* في هذا الحديث من الفقه أنه تجوز طاعة الأمير إلى الحد الذي لا ينتهي إلى معصية الله عز وجل، فإذا انتهى إليها فحينئذ لا طاعة له ولا لغيره.
* وفيه أيضًا أن المأمورين إذا رأوا أميرهم قد أمرهم بما يتحققون أنه معصيه لله عز وجل (83/ ب) فواجب عليهم أن لا يطيعوه، ألا تسمع إلى قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لو دخلوها لم يخرجوا منها أبدًا)؟
* وفيه أن طاعة الأمير إنما هي فرع على طاعة الله عز وجل التي هي الأصل، فإذا انتهت المراعاة لحفظ فرع من الفروع إلى أن ينتقض ذلك الأصل الذي بنيت الفروع عليه نبا في الحكم فبطل من أصله."
 
أعلى