د. يوسف بن عبد الله حميتو
:: متخصص ::
- إنضم
- 21 فبراير 2010
- المشاركات
- 456
- الإقامة
- الإمارات العربية المتحدة
- الجنس
- ذكر
- الكنية
- أبو حاتم
- التخصص
- أصول الفقه ومقاصد الشريعة
- الدولة
- الإمارات العربية المتحدة
- المدينة
- أبوظبي
- المذهب الفقهي
- المذهب المالكي
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين. صدر عن مركز نماء للدراسات والبحوث ضمن سلسلة الدراسات الشرعية كتاب جديد بعنوان:"مبدأ اعتبار المآل في البحث الفقهي من النظرية إلى التطبيق – فتاوى المعاملات في المذهب المالكي – دراسة حالة-، لمؤلفه الدكتور يوسف بن عبد الله حميتو، وأصل هذا الكتاب أطروحة تقدم بها المؤلف لنيل شهادة الدكتوراه من جامعة ابن طفيل بالقنيطرة المغربية، والتي حصل عليها بتقدير: مشرف جدا مع التوصية بالطبع. جاء هذا العنوان الجديد لينضاف إلى الجهود المبذولة في حقل الدراسات الفقهية عموما، والدراسات المقصدية في المذهب المالكي على وجه الخصوص، وعالج فيه المؤلف موضوعا حساسا وخطيرا في عملية الاجتهاد الفقهي، وهو موضوع:"اعتبار المآل" الذي يعد من أعمدة النظر الفقهي، ومن أهم آليات إنتاج الأحكام الشرعية لما يقوم به من ربط بين أحكام الشارع وواقع المكلفين وتصرفاتهم وأفعالهم، ولدوره في الحرص على حصول التلازم الطردي بين أحكام الشريعة ومقاصدها، وبين موافقة أفعال المكلفين لها أفرادا وجماعات، ولتأثيره في عملية تنزيل الأحكام. قسم المؤلف كتابه إلى مقدمة ومدخل وبابين: نظري وتطبيقي وخاتمة. في المقدمة تناول المؤلف إشكالية البحث التي تمثلت في مدى حضور مبدأ اعتبار المآل نظريا وخصوصية هذا الحضور تطبيقيا في فتاوى المعاملات عند المالكية، ومدى التزام المفتين به إجمالا وتفصيلا، ولتتبع هذا المبدأ اعتمد المؤلف مجموعة من كتب الفتوى المالكية في بلاد المغرب والأندلس كجامع البرزلي ومعيار الونشريسي والفتاوى الكبرى للمهدي الوزاني. ثم تطرق المؤلف إلى أهمية موضوع الكتاب ودوافع اختياره والتي تمثلت بالأساس في كون اعتبار المآل هو معيار تطابق مقصد الشارع ومقصد المكلف، وميزان تحقق مقاصد الشريعة في واقع المكلفين، وهو الموجه للمفتي إلى ما ينبغي تجويزه أو تركه خاصة فيما هو معقول المعنى، والمقصود بذلك المعاملات المالية التي هي المادة التي اشتغل المؤلف على فتاواها عند المالكية وصفا وتحليلا، باعتبار أن المذهب المالكي تميز بطابعه الأصولي المقصدي الصرف مقارنة مع المذاهب الأخرى، التي وإن كان فيها هذا المبدأ حاضرا بقوة إلا أن درجات حضوره تختلف فيما بينها. وقد عرج المؤلف على عدد كبير من الدراسات التي وقعت تحت يده ولها صلة باعتبار المآل بشكل مباشر أو غير مباشر، وبين أهمية هذه الدراسات مؤكدا في الوقت نفسه على أن هذا الكتاب جاء استكمالا لهذه الدراسات في بعض الجوانب التي لم يبرز فيها تطبيق مبدأ اعتبار المآل إلا من الناحية النظرية، وإن تضمنت بعض التطبيقات لكنها لم تعن كبير عناية بكتب النوازل الفقهية التي هي التجسيد العملي للأحكام الشرعية ومجال عمل الفقه التنزيلي. وفي المدخل حدد المؤلف موقع مبدأ اعتبار المآل في العملية الاجتهادية وأهميته في النظرية المقاصدية، ولماذا كان له هذا الدور الخطير في عمل المفتي وفي واقع المكلفين ، مبرزا خصوصية مبدأ اعتبار المآل في الجمع بين ثلاثة أنواع من الفقه التي لا غنى لأي فقيه عنها وهي: فقه المقاصد، وفقه الواقع، وفقه الموازنات، وهي أنواع ترتبط أفقيا وعموديا بحيث هي المؤطر لعملية الاجتهاد. ثم ينتقل المؤلف إلى القسم الأول، وهو القسم النظري الذي حاول فيه أن يبرز الملامح النظرية لمبدأ اعتبار المآل، وقد جعل على ثلاثة فصول، الأول منها للتعريف باعتبار المآل: المفهوم والمشروعية حيث تناول فيه مفهوم اعتبار المآل والعمل به وبعض شواهده الشرعية من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وفقه الصحابة، وفي الفصل الثاني يتطرق المؤلف إلى الحديث عن الصبغة المقصدية والتوصيف الأصولي لاعتبار المآل حيث أبرز العلاقة بين المبدأ ومقاصد الشريعة من خلال بعض مظاهر امتداده فيها والمتمثلة في النظرة الموضوعية والارتكاز على مقصدي العدل والمصلحة اللذين هما المقصدان الجوهريان لأحكام الشريعة جملة وتفصيلا، ومن خلال بعض القواعد المقصدية الواردة في كتاب الموافقات للإمام الشاطبي رحمه الله الذي كان له فضل السبق في لم شتات هذا المبدأ والتقعيد له. وبالنسبة للتوصيف الأصولي لمبدأ اعتبار المآل فقد حاول المؤلف أن يضعه ضمن إطاره الأصولي من خلال إبراز علاقته بالاجتهاد عموما، وبأهم أدواته خصوصا والمقصود بذلك تحقيق المناط بنوعيه: العام والخاص، ثم من خلال بيان العلاقة بين مبدأ اعتبار المآل وبين بعض الآليات الأصولية التي لا يمكن أن تتم عملية الاجتهاد وتنزيل الأحكام بدونها، وهي سد الذرائع والحيل والاستحسان. وفي نقطة ثالثة ضمن هذا الفصل، حاول المؤلف أن يستخرج العناصر التي يتكون منها مبدأ اعتبار المآل، وقد خلص إلى ثلاثة مكونات، أولها: الفعل، أي فعل المكلف الذي إما أن يكون موافقا لقصد الشارع أو مخالفا له، وهما أمران نسبيان بحيث عن الحكم على فعل المكلف أو واقعه هو باعتبار ما يترتب عليه من نتائج. وثانيها: الواقع الذي يوجد فيه المكلف، والذي يوجب على المفتي أو المجتهد فهما دقيقا وصحيحا له حتى يحكم فيه وعليه اعتبارا للنتائج، وطبعا يكون اعتبار المآل هو معيار المفسدة التي يراد درءها أو المصلحة التي يراد جلبها حسب مرتبتها في سلم الأولويات وتبعا لنتيجة فقه الموازنات. أما ثالثها: فهو النتيجة، أي: ما ينتج عن فعل المكلف من أثر، أو ما ينتج عن عن الحكم الذي يصدره المفتي أو المجتهد تجويزا أو منعا على إنسان ما في واقع ما اعتبارا للظروف والملابسات المحيطة به وللعوارض التي توجب أحيانا العدول عن المقتضى الأصلي إلى المقتضى التبعي للحكم . أما الفصل الثالث، فموضوعه الحديث عن النظريات الفقهية الأكثر صلة باعتبار المآل والتي يلتزمها المفتون والمجتهدون أثناء عملهم، وهي ثلاث نظريات، أولاها: نظرية الباعث والتي تقوم على مراعاة النية والقصد، أي قصد المكلف إلى أثر فعله أو عدم قصده إليه، وهي النظرية التي تلزم المفتي بإعمال قاعدتي سد الذرائع أو الحيل بحسب الأثر المترتب مع اعتبار الفرق بين الذرائع والحيل، وهو فرق دقيق يرتبط بالقصد إلى هذا الأثر أو عدم القصد إليه، مع محاولة رصد مواقف المذاهب الفقهية المعتبرة من العمل ببعض جزيات اعتبار المآل خاصة فيما يتعلق بالمآل المظنون الذي هو أحد أقسام المآلات كما بين الكتاب. وثاني النظريات: نظرية التعسف في استعمال الحق التي توجب مقتضياتها منع المكلف من عمل مشروع لكونه يؤدي إلى نتيجة فيها ضرر على المكلف نفسه أو على غيره، وهو ما يوجب سد الذريعة بناء على آثار واقعة ظاهرة، أو متوقعة مظنونة لكنها راجحة. والثالثة: نظرية الاحتياط، وهي نظرية تتردد بين الإباحة والمنع، أي إباحة الممنوع أو منع المباح بحسب ما يقتضيه النظر المصلحي في المكلف وفعله وواقعه، وبحسب مدى تحقق الضرر أو انعدامه على المكلف نفسه أو على غيره، أو بحسب ظهور الحكم أو خفائه، أو بحسب تجاذب محل الحكم من قِبل عوارض كثيرة بعضها يستدعي التجويز والبعض الآخر يستدعي المنع، وهذا ما يوجب على المفتي إما العمل بالذرائع درءا للمفاسد وإن تحققت بعض المصالح، أو الحكم بالاستحسان بإباحة الفعل للمكلف لمصلحة تستجلب رغم تحقق بعض المفاسد تبعا لميزان الأولويات ومعيار الموازنات. وفي القسم التطبيقي الذي هو صميم الموضوع يتناول المؤلف فيه تطبيقات اعتبار المآل في المعاملات من خلال مصادر الفتوى المالكية، وجعله على ثلاثة فصول، الأول: منها عالج فيه العمل بسد الذرائع في المعاملات في فتاوى المالكية، وقد قدم لهذا الفصل بمقدمة بين فيها أهمية سد الذرائع في العملية الاجتهادية، ثم تطرق إلى مفهومها وتقسيماتها عند العلماء وعلاقتها بمبدأ اعتبار المآل، ثم بعد ذلك تناول مظاهر إعمال المالكية لسد الذريعة اعتبارا للمآل وموجبات ذلك بشكل تطبيقي من خلال فتاوى المالكية في المعاملات، وقد وضع لكل موجب عنوانا يوحي بمضمون ما أوجب العمل بالذريعة. أما الفصل الثاني فخصصه للحديث عن الحيل، وقدم لذلك بمقدمة نظرية، وبين مفهومها وتقسيماتها وعلاقتها بمبدأ اعتبار المآل، ثم انتقل إلى الجانب التطبيقي لإعمال الحيل في فتاوى المالكية مركزا على عنصر واحد وهو الأساس الذي تقوم عليه قاعدة الحيل وهو عنصر القصد إلى التوسل بالمشروع إلى الممنوع، وقد أورد مجموعة من الفتاوى والعمل بها في فتاوى المالكية في المعاملات المالية. أما الفصل الثالث، فكان للحديث عن الاستحسان وإعماله اعتبارا للمآل في فتاوى المالكية في المعاملات، حيث تطرق المؤلف إلى مفهوم الاستحسان خاصة عند المالكية، وتناول علاقته باعتبار المآل وطرح بعض الاستشكالات المرتبطة بمفهومه عندهم، وعند الإمام الشاطبي خصوصا باعتباره أدق من تكلم فيه من المالكية، ثم عالج أنواعه وعلاقتها باعتبار المآل، وبعد ذلك انتقل إلى الجانب التطبيقي من خلال كل نوع من أنواع الاستحسان التي أوردها الإمام الشاطبي في موافقاته، مبرزا في الجانب التطبيقي مقتضيات عدول المفتين عن الأدلة العامة تيسيرا على الناس أو مراعاة للعرف أو مراعاة للخلاف. ثم ختم المؤلف البحث بخاتمة بين فيها أهم النتائج التي توصل إليها، ومنها: 1- اعتبار المآل يعني الاعتداد بآثار الأفعال الصادرة من المكلفين، وبنتائج تنزيل المجتهد للأحكام على الواقع. 2 - اعتبار المآل أصل مقصدي يستمد مشروعيته من الكتاب والسنة وعمل الصحابة، وله أثره الخطير في العملية الاجتهادية، ما دام هو معيار الحكم على مدى تحقق المقاصد الشرعية. 3 - نظرية اعتبار المآل وإن كانت نظرية مقصدية ممتدة ضمن النظرية العامة للمقاصد، وكل المذاهب الفقهية عملت بها، إلا أنه يمكن القول أنها نظرية مالكية، لما لعلماء المالكية من أثر في صياغتها من خلال جهودهم الأصولية. 4 - يهدف اعتبار المآل إلى تحقيق مقاصد الشرع، ومقاصد الشرع قد تكون معللة أحيانا، وأحيانا لا تكون خاصة فيما يتعلق بالعبادات، لكنها في أبواب المعاملات تكون أظهر وابين، بالنظر إلى طبيعة المعاملات المالية من كونها معقولة المعنى. 5- يتكون النظر في المآل من ثلاثة عناصر: أولها الفعل، أي ما يتعلق بالمكلف، وثانيها: الواقع وهو الأحوال المحيطة بالمكلف والمؤثرة في تصرفه، وفي تنزيل أحكام الشرع عليه، وثالثها: النتيجة التي على أساسها يراعى المآل. 6- لاعتبار المآل علاقة بتحقيق المناط الذي هو لب العملية الاجتهادية، فلتحقيق المناط سلطان على عمل المجتهدين، وتظهر العلاقة بين المآل وتحقيق المناط من خلال العلاقة بين تحقيق المناط والقواعد الأصولية المكونة لمبدأ اعتبار المآل، والمتمثلة في الذرائع والاستحسان والحيل. 7- عملت المذاهب الفقهية الأربعة عموما بمبدأ اعتبار المآل، لكن بدرجات متفاوتة حسب موقف كل مذهب من بعض القواعد المندرجة تحته كالاستحسان مثلا، ومن خلال الاختلاف حول بعض آليات النظر في أفعال المكلفين. لكن يبقى المالكية والحنابلة أكثر المذاهب الفقهية عملا به واعتبار للمقاصد، ولا يعني هذا نفي الأمر عن المذهب الحنفي والشافعي، فالحديث عن درجة العمل بمبدأ المآلات لا عن العمل به في حد ذاته. 8- اعتبار المآل قاسم مشترك بين عدد من النظريات الفقهية التي يطبقها المجتهد، وأهمها: نظرية الباعث، ونظرية التعسف في استعمال الحق، ونظرية الاحتياط الفقهي. 9- مثلت كتب النوازل المالكية مجالا خصبا لدراسة اعتبار المآل بشكل عملي، وقد أثبت البحث أن كتب النوازل المالكية تجسد عظمة المقاصد الشرعية، ومدى التزام المذهب المالكي بها من خلال خصوصياته الأصولية بها . 10- مثل العمل بسد الذرائع في فتاوى المالكية أصلا مقصديا عظيما، خاصة من خلال تنوع مظاهر العمل به في فتاوى مالكية الغرب الإسلامي . 11- مقدمة الواجب أو ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، لا يتعلق فقط بفتح الذرائع، إنما يرتبط كذلك بسدها، وعلى هذا فليست هذه القاعدة أولى بالتطبيق في الفتح منها في السد . 12- منهج المفتي من مالكية في العمل بالذرائع العمل بمبدأ الاحتياط، إما جلبا للمصلحة وإما درءا للمفسدة، وهذا الاحتياط هو تطبيق لمبدأ مآلات الأفعال ومراعاة نتائج التصرفات . 13ـ سد الذريعة في المذهب المالكي عموما قاعدة فاعلة، وفي عمل المفتين من المالكية نلمس توسعا في العمل بها، خاصة إذا نظرنا في الزمن الذي عاش فيه بعض المفتين حيث غلب الفساد وقلة أمانة ودين، وهو ما ظهر من خلال تعليقات المفتين أنفسهم، وبالرجوع إلى تاريخ الغرب الإسلامي في فترات معينة نجد ما يفيد أسباب التوسع في العمل بالذرائع خاصة في المعاملات المالية. 14- مثل مبدأ الحيل صورة مجسدة لمعقولية المعنى في المعاملات المالية خاصة لانبناء العمل بالحيل على المعاملة بنقيض القصد . 15- الاستحسان، قاعدة ترجيحية بين المصالح نفسها، والمفاسد نفسها وبين المصالح والمفاسد، ومن ثم فهو قاعدة يلجأ إليها المفتي لتجنب غلو القياس ، وليس له صورة واحدة، بل تتعدد صوره وتشترك في أمر واحد هو أن الشرع ما كان ليكون عنتا وضيقا، بل سعة ورحمة ولا أدل على ذلك مراعاة الخلاف رعيا لمصلحة المكلفين، أو من اعتبار العرف ومقاصد المكلفين في تعاملاتهم المالية تيسيرا عليهم . 16- يبقى الاختلاف بين المالكية حول الاستحسان مجرد خلاف حول صورته الأصولية، أما عمله المقصدي فلا خلاف بينهم في ذلك. 17- عمل المفتي من المالكية بالاستحسان يجسد الخصوصية المصلحية والمقصدية التي تميز بها المذهب المالكي، مما يعني أن المالكية حازوا قصب السبق في مسايرة واقع الناس، وخاصة ما يتعلق بجانب المعاملات المالية التي تظهر فيها هذه الخصوصية بدرجة كبيرة، ولذلك لم يكن قول من قال بجودة أصول مالك في البيوعات إلقاء للكلام على عواهنه بل هو قول متبصر عليم. 18- إن كان البعض يعد العرف أصلا من أصول المذهب المالكي، فهذا صحيح إلى حد بعيد في بعده الأصولي، أما في البعد المقصدي يبقى العرف مسلكا من مسالك الكشف عن مآلات الأحكام، يعين المفتي على التبصر بعواقب فتواه، بالنظر إلى الزمان والمكان وأحوال المكلفين، ولهذا تبقى خصوصية فقه المآلات أنه يجمع ما تفرق من أصول في صعيد واحد، يتمثل في الحفاظ على مقصود الشرع وتجنب التطبيق التجريدي للأحكام . 19- المفتون من المالكية لا يراعون صورة الخلاف بقدر ما يراعون دليل المخالف تجنيبا للمكلف نتائج فعله، أو الدفع به إلى مصلحة متيقنة قد تضيع بالتزام دليل المذهب، فيحتاط له بذلك. 20- يعسر في حالات كثيرة أن يفهم الباحث أو القارئ أن المفتي راعى الخلاف في نازلة ما لم يصرح المفتي بذلك أو يشر إليه، ومع ذلك حين يظهر تطبيقه في الفتوى تتضح خصوصية المذهب في أبعد صوره. 21- اعتبار المآلات أخطر وأعظم ما يعترض عمل المفتي، فلا يحسنه إلا من كان ريان من الشريعة كما قال الشاطبي، ويكفي أن يكون الشاطبي أصل له في موافقاته، ويخصص له حيزا كبيرا منه، ورغم دقة موضوعه، يبقى فهمه يسيرا على من يسره الله عليه. أما عن آفاق البحث، فإن الباحث يأمل أن يكون جهده مجالا للنقد والتمحيص، وأن يقوم من يأتي بعده من الباحثين بتتبع حيثيات إعمال المفتي لقاعدة من القواعد المندرجة تحت أصل اعتبار المآل، ومحاولة دراسة هذه النوازل دراسة أصولية مقصدية أولا، مشفوعة بدراسة تاريخية للنوازل المعروضة، واستقراء ما فيها من مراعاة للمآل واعتبار للواقع، واستخلاص تصور محدد للإطار الذي يمكن أن يقع التجديد فيه ومن خلاله، وخاصة ما يتعلق بقضية تحقيق المناط.
| مبدأ اعتبار المآل في البحث الفقهي |
|
المؤلف: | د.يوسف حميتو |