رد: سلسلة الشبكة الفقهية (4): اختلاف الغزالي بين المستصفى والمنخول
أثارني عنوان الكتاب: "اختلاف الغزالي..."،
أو ليس كتاب المنخول مختصر رواية الغزالي عن شيخه الجويني رحمهما الله تعالى - كما أشار في نهاية الكتاب -،
و "المستصفى" فله؛ ضم فيه آراءه، بينما الأول هي آراء شيخه؛
وبهذا: فالأصح أن يسمى الكتاب: "اختلاف الغزالي والجويني: بين المنخول والمستصفى"....
كلام وجيه جدًا.
وهو ما كنتُ أميل إليه منذ زمن (مع استصحاب أن "المنخول" مأخوذٌ عن الجويني كما هو مشهور).
ففي أثناء بحوثي؛ كنتُ أستغربُ من التوافق بين "المنخول" و"البرهان" -حتى في بعض الأوهام أو الإطلاقات أحيانًا-!
حتى وقفتُ على عبارة الغزالي الصريحة في ذلك؛ فزال استغرابي.
وأرى من الضروري نقلها لأهمِّيتها؛ حيث قال في خاتمة "المنخول":
((هذا تمام القول في الكتاب.
وهو تمام "المنخول من تعليق الأصول"،
بعد حذف الفضول، وتحقيق كل مسألة بماهية العقول، مع الإقلاع عن التطويل، والتزام ما فيه شفاء الغليل،
والاقتصار على ما ذَكره إمامُ الحرمين -رحمه الله- في تعاليقه من غير تبديل وتزييد في المعنى وتعليل،
سوى تكلُّف في تهذيب كلِّ كتاب: بتقسيم فصول، وتبويب أبواب؛
روما لتسهيل المطالعة، عند مسيس الحاجة إلى المراجعة. والله أعلم بالصواب)) اهـ.
فقوله: ((
والاقتصار على ما ذَكره إمام الحرمين -رحمه الله- في تعاليقه من غير تبديل وتزييد في المعنى وتعليل...)):
صريحٌ في: أن مضمون الكتاب ومحتواه: يُمثِّل آراء شيخه الجويني واختياراته.
وأن ليس له فيه سوى الصياغة والتعبير.
وليس هذا غضًا من شأنِه، وإنما هو ((
روما لتسهيل المطالعة، عند مسيس الحاجة إلى المراجعة))، بالإضافة إلى ((
تهذيب كلِّ كتاب: بتقسيم فصول، وتبويب أبواب))، وكُلُّها من أغراض التأليف المُعتبرة عند أهل العلم، وهي مِن نَصِّه هو؛ فلم يدع مجالًا لاجتهاد أحدٍ بعدَه.
وهذا نظير ما حصل لشيخه الجويني مع أبي بكر الباقلاني، في كتابه "التلخيص" الذي اختصر فيه الجوينيُّ "التقريب والإرشاد" للباقلاني. وإن كان الجويني أكثر مخالفَةً من الغزالي في "تلخيصه" لأصله، مع التصريح بذلك أحيانًا.
وبناءً على ما سبق:
لو دَخل في المقارَنة السابقة: كتاب "البرهان" للجويني، بالإضافة لـ"المنخول" و"المستصفى"؛ لاكتملتْ الفائدة -والكمال لله-.
ولذا لو كان عنوان الرسالة: "اختلاف المستصفى والمنخول"؛ لكان أدق، وهو موضوع مفيد ولا شك (وليت الباحثة سَبرتْ المسائل التي وافق فيها الجوينيَّ أيضًا، وقارنتها بعدد ما خالفه فيه؛ لتَبرُز مدى استقلالية الغزالي عن الجويني).
وهذا يُفتِّق الذهن عن عناوين بحوث أخرى: كـ((اختلاف الجويني: بين "البرهان" و"المنخول")).
وآخر: ((اختلاف الجويني: بين "البرهان و"التلخيص"))..... مع ضرورة استبعاد المسائل التي وافق فيها الجوينيُّ الباقلانيَّ: فما هو فيها إلا مختصِر، وبحثُها لا يكاد يُضيف للعلم شيئًا. وإنما يُركَّز على "المسائل التي خالف فيها الجوينيُّ في "التلخيص" الباقلانيَّ في "التقريب والإرشاد" مقارنَة بـ"البرهان" للجويني).
وإن سَمَتْ الهمَّة؛ فلْيُجمع بين اختلافات آراء الجويني في سائر كُتبِه الأصولية في بحثٍ واحدٍ.
ولا أدري هل بُحِثَتْ هذه الموضوعات أو لا؟
وجزى الله صاحبة البحث الأصلي والمشرف العام خيرًا.