أبوبكر بن سالم باجنيد
:: مشرف سابق ::
- إنضم
- 13 يوليو 2009
- المشاركات
- 2,540
- التخصص
- علوم
- المدينة
- جدة
- المذهب الفقهي
- الحنبلي
اختلف العلماء في حكم فضل طهور المرأة على أقوال.. أشهرها قولان اثنان:
الأول: أن ذلك لا يرفع حدث رجل وخنثى، إذا كان ماءً قليلاً وخَلَتْ به لطهارة كاملة عن حدث، وهو من مفردات الحنابلة، واستدلوا على ذلك بأدلّة:
1- ما رواه أحمد، أبو داود، والترمذي وحسنه، والنسائي، وابن ماجه، وغيرهم عن الحكم بن عمرو الغفاري أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى أن يتوضأ الرجل بفضل طهور المرأة.
2- ما رواه أبو داود، والنسائي، وأبو يعلى، والبيهقي، والدارقطني، وغيرهم عن عبد الله بن سرجس قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يغتسل الرجل بفضل المرأة، والمرأة بفضل الرجل، ولكن يشرعان جميعاً.
3- قول جمع الصحابة، حتى قال الإمام أحمد: أكثر أصحاب رسول الله يقولون ذلك.
عن كلثوم بن عامر بن الحارث قال: توضأتْ جويريةُ بنت الحارث فأردتُ أن أتوضأ بفضل وضوئها، فجذبت الإناء ونهتني وأمرتني أن أهريقه، قال: فأهرقتُه.
وعن مهاجر بن الصائغ عن ابنٍ لعبد الرحمن بن عوف أنه دخل على أم سلمة ففعلت مثل ذلك.
الثاني: أن ذلك جائز، وهو مذهب الجمهور، واختاره من الحنابلة ابن عقيل، وشيخ الإسلام ابن تيمية، وإليه مال جده المجد في المنتقى، وقال الشارح: (وهو أقيس).
أدلة جواز الوضوء بفضل المرأة:
1- جاء في صحيح مسلم من حديث ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يغتسل بفضل ميمونة.
2- أعل الإمام أحمد رحمه الله تعالى أحاديث المنع من التطهر بفضلها وأحاديث إباحته بالاضطراب، وإنما أخذ بآثار عن بعض الصحابة. (الفتح1/300)).
أما حديث الحكم بن عمرو فقد قال عنه البخاري: ليس بصحيح، وأعله الدارقطني بالوقف.
وأما حديث ابن سرجس فقد قال عنه البخاري: الصحيح أنه موقوف، ومن رفعه فهو خطأ. وكذا قال الدارقطني (سنن البيهقي(1/192)).
قلت: هذه الموقوفات على الصحابة -رضي الله عنهم- جياد، إلا أنه ثبت عن آخرين من الصحابة مخالفتهم في ذلك، كابن عباس وابن عمر، وانظر تهذيب السنن لابن القيم (1/81)، فلا يكون قول بعضهم حجة على الآخر.
3- وما جاء في المسند والسنن من مجيء رسول الله صلى الله عليه وسلم للغُسل بعد أن خلت به أم المؤمنين.
بل اغتسالهما معاً يقتضي أن يغترف بعد اغترافها، ويسمى ما بقي فضلاً.
4- قد جاء النهي عن الاغتسال بفضل الرجل أيضاً كما في قول ابن سرجس، وهذا يُضعِف قول من يمنع العكس وينهى عنه، من القائلين بصحة هذا الحديث.
وانظر كلام الحافظ ابن عبدالبر -رحمه الله تعالى- في التمهيد(14/165) إذ صرح بعدم صحة الآثار والأقوال المخالفة لمذهب جمهور العلماء.
=وجاء في الصحيحين عن أم المؤمنين عائشة قالت: كنت أغتسل أنا ورسول الله من إناء بيني وبينه واحد، فيبادرني حتى أقول: دع لي، دع لي. قالت: وهما جُنُبان.
=وفي البخاري قال: حدثنا أبو نعيم، قال: حدثنا ابن عيينة، عن عمرو، عن جابر بن زيد، عن ابن عباس أن النبي وميمونة كانا يغتسلان من إناء واحد.
وقال في عون المعبود(1/100): -
( [ 77 ] باب الوضوء بفضل المرأة )
وفي بعض النسخ الوضوء بفضل وضوء المرأة
والفضل: هو بقية الشيء أي استعمال ما يبقى في الإناء من الماء بعد ما شرعت المرأة في وضوئها أو غسلها، سواء كان استعماله من ذلك الماء معها أو بعد فراغ من تطهيرها فيه صورتان، وأحاديث الباب تدل على الصورة الأولى وهي استعماله معها صريحة، وعلى الثانية استنباطاً أو بانضمام أحاديث أخرى..
( كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم ) يحتمل أن يكون مفعولاً معه، ويحتمل أن يكون عطفاً على الضمير. ( ونحن جنبان ) هذا بناء على إحدى اللغتين في الجنب أنه يثنى ويجمع، فيقال: جنب وجنبان وجنبيون وأجناب، واللغة الأخرى: رجل جنب، ورجلان جنب، ورجال جنب، ونساء جنب، بلفظ واحد.
وأصل الجنابة في اللغة: البُعد، ويطلق الجنب على الذي وجب عليه الغسل بجماع أو خروج مني لأنه يجتنب الصلاة والقراءة والمسجد ويتباعد عنها. قاله النووي
وفيه دليل على طهارة فضل المرأة؛ لأن عائشة رضي الله عنها لما اغترفت بيدها من القدح وأخذت الماء منه المرة الأولى صار الماء بعدها من فضلها وما كان أخذه صلى الله عليه وسلم بعدها من ذلك الماء إلا من فضلها. وأما مطابقة الحديث للباب فمن حيث أنه كان الغسل مشتملاً على الوضوء
قال المنذري: وأخرجه النسائي مختصراً، وأخرج مسلم من حديث أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة قالت: كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء واحد من جنابة).
أما قول ابن حزم رحمه الله: (وكلّ ماء توضأتْ منه امرأةٌ - حائضٌ أو غيرُ حائض- أو اغتسلتْ فأفضلتْ منه فضلا، لم يحلّ لرجل الوضوءُ من ذلك الفضل ولا الغسل منه، سواء وجدوا ماء آخرَ أو لم يجدوا غيرَه، وفرضهم التيمّمُ حينئذ، وحلال شربُه للرجال والنساء، وجائز الوضوء به والغسلُ للنساء على كلّ حال، ولا يكون فضلا إلا أن يكون أقلّ مما استعملتْهُ منه، فإن كان مثلَه أو أكثرَ فليس فضلاً، والوضوء والغسل به جائز للرجال والنساء).انتهى كلامه.
فلا يسلَّم إنكاره تسمية ما كان أكثر مما استعملته فضلاً.
وبهذا يتبين رجحان القول الثاني بإباحة التطهر مما أفضلت المرأة، وبلا كراهة ذلك أيضاً، والله تعالى أعلم
الأول: أن ذلك لا يرفع حدث رجل وخنثى، إذا كان ماءً قليلاً وخَلَتْ به لطهارة كاملة عن حدث، وهو من مفردات الحنابلة، واستدلوا على ذلك بأدلّة:
1- ما رواه أحمد، أبو داود، والترمذي وحسنه، والنسائي، وابن ماجه، وغيرهم عن الحكم بن عمرو الغفاري أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى أن يتوضأ الرجل بفضل طهور المرأة.
2- ما رواه أبو داود، والنسائي، وأبو يعلى، والبيهقي، والدارقطني، وغيرهم عن عبد الله بن سرجس قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يغتسل الرجل بفضل المرأة، والمرأة بفضل الرجل، ولكن يشرعان جميعاً.
3- قول جمع الصحابة، حتى قال الإمام أحمد: أكثر أصحاب رسول الله يقولون ذلك.
عن كلثوم بن عامر بن الحارث قال: توضأتْ جويريةُ بنت الحارث فأردتُ أن أتوضأ بفضل وضوئها، فجذبت الإناء ونهتني وأمرتني أن أهريقه، قال: فأهرقتُه.
وعن مهاجر بن الصائغ عن ابنٍ لعبد الرحمن بن عوف أنه دخل على أم سلمة ففعلت مثل ذلك.
الثاني: أن ذلك جائز، وهو مذهب الجمهور، واختاره من الحنابلة ابن عقيل، وشيخ الإسلام ابن تيمية، وإليه مال جده المجد في المنتقى، وقال الشارح: (وهو أقيس).
أدلة جواز الوضوء بفضل المرأة:
1- جاء في صحيح مسلم من حديث ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يغتسل بفضل ميمونة.
2- أعل الإمام أحمد رحمه الله تعالى أحاديث المنع من التطهر بفضلها وأحاديث إباحته بالاضطراب، وإنما أخذ بآثار عن بعض الصحابة. (الفتح1/300)).
أما حديث الحكم بن عمرو فقد قال عنه البخاري: ليس بصحيح، وأعله الدارقطني بالوقف.
وأما حديث ابن سرجس فقد قال عنه البخاري: الصحيح أنه موقوف، ومن رفعه فهو خطأ. وكذا قال الدارقطني (سنن البيهقي(1/192)).
قلت: هذه الموقوفات على الصحابة -رضي الله عنهم- جياد، إلا أنه ثبت عن آخرين من الصحابة مخالفتهم في ذلك، كابن عباس وابن عمر، وانظر تهذيب السنن لابن القيم (1/81)، فلا يكون قول بعضهم حجة على الآخر.
3- وما جاء في المسند والسنن من مجيء رسول الله صلى الله عليه وسلم للغُسل بعد أن خلت به أم المؤمنين.
بل اغتسالهما معاً يقتضي أن يغترف بعد اغترافها، ويسمى ما بقي فضلاً.
4- قد جاء النهي عن الاغتسال بفضل الرجل أيضاً كما في قول ابن سرجس، وهذا يُضعِف قول من يمنع العكس وينهى عنه، من القائلين بصحة هذا الحديث.
وانظر كلام الحافظ ابن عبدالبر -رحمه الله تعالى- في التمهيد(14/165) إذ صرح بعدم صحة الآثار والأقوال المخالفة لمذهب جمهور العلماء.
=وجاء في الصحيحين عن أم المؤمنين عائشة قالت: كنت أغتسل أنا ورسول الله من إناء بيني وبينه واحد، فيبادرني حتى أقول: دع لي، دع لي. قالت: وهما جُنُبان.
=وفي البخاري قال: حدثنا أبو نعيم، قال: حدثنا ابن عيينة، عن عمرو، عن جابر بن زيد، عن ابن عباس أن النبي وميمونة كانا يغتسلان من إناء واحد.
وقال في عون المعبود(1/100): -
( [ 77 ] باب الوضوء بفضل المرأة )
وفي بعض النسخ الوضوء بفضل وضوء المرأة
والفضل: هو بقية الشيء أي استعمال ما يبقى في الإناء من الماء بعد ما شرعت المرأة في وضوئها أو غسلها، سواء كان استعماله من ذلك الماء معها أو بعد فراغ من تطهيرها فيه صورتان، وأحاديث الباب تدل على الصورة الأولى وهي استعماله معها صريحة، وعلى الثانية استنباطاً أو بانضمام أحاديث أخرى..
( كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم ) يحتمل أن يكون مفعولاً معه، ويحتمل أن يكون عطفاً على الضمير. ( ونحن جنبان ) هذا بناء على إحدى اللغتين في الجنب أنه يثنى ويجمع، فيقال: جنب وجنبان وجنبيون وأجناب، واللغة الأخرى: رجل جنب، ورجلان جنب، ورجال جنب، ونساء جنب، بلفظ واحد.
وأصل الجنابة في اللغة: البُعد، ويطلق الجنب على الذي وجب عليه الغسل بجماع أو خروج مني لأنه يجتنب الصلاة والقراءة والمسجد ويتباعد عنها. قاله النووي
وفيه دليل على طهارة فضل المرأة؛ لأن عائشة رضي الله عنها لما اغترفت بيدها من القدح وأخذت الماء منه المرة الأولى صار الماء بعدها من فضلها وما كان أخذه صلى الله عليه وسلم بعدها من ذلك الماء إلا من فضلها. وأما مطابقة الحديث للباب فمن حيث أنه كان الغسل مشتملاً على الوضوء
قال المنذري: وأخرجه النسائي مختصراً، وأخرج مسلم من حديث أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة قالت: كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء واحد من جنابة).
أما قول ابن حزم رحمه الله: (وكلّ ماء توضأتْ منه امرأةٌ - حائضٌ أو غيرُ حائض- أو اغتسلتْ فأفضلتْ منه فضلا، لم يحلّ لرجل الوضوءُ من ذلك الفضل ولا الغسل منه، سواء وجدوا ماء آخرَ أو لم يجدوا غيرَه، وفرضهم التيمّمُ حينئذ، وحلال شربُه للرجال والنساء، وجائز الوضوء به والغسلُ للنساء على كلّ حال، ولا يكون فضلا إلا أن يكون أقلّ مما استعملتْهُ منه، فإن كان مثلَه أو أكثرَ فليس فضلاً، والوضوء والغسل به جائز للرجال والنساء).انتهى كلامه.
فلا يسلَّم إنكاره تسمية ما كان أكثر مما استعملته فضلاً.
وبهذا يتبين رجحان القول الثاني بإباحة التطهر مما أفضلت المرأة، وبلا كراهة ذلك أيضاً، والله تعالى أعلم
التعديل الأخير: