رد: إشكالية الأمثلة الأصولية
الاستشهاد على قاعدة أنه "لا يجوز أن يستنبط من النص معنى يعود عليه بالإبطال" بقول الحنفية في إجزاء إخراج القيمة في الزكاة عوضا عن الواجب من جنس النصاب.
يقول الجمهور: في هذا إهمال للنص الذي اشترط في المال المخرَج أن يكون من جنس النصاب.
لكن يقول السبكي وهو "جمهوري هاهنا": أنا متوقف في صحة التمثيل به، وأقول لمن أجاز القيمة أن يقول: أنا مستنبط معنى معمم لا يبطل، لأني لا أمنع إجزاء الشاة.
الأشباه والنظائر 1/152
قد يقال : تجويز القيمة إلغاء للشرطية المشار إليها ، إذ ما كان شرطاً لا يسقط بحصول العوض ، والمدعى أن النص دال على هذه الشرطية ، فحينئذٍ تأويله بما يفيد جواز القيمة .. تأويل يعود على دلالة النص على الشرطية بالبطلان.
ولكن يناقش الجمهور في دلالة النص على الشرطية ، فإن سلمناه .. صح التمثيل ، وإلا .. لم يصح.
8- القياس على خمر العنب! مثال عجيب عند الأصوليين، مع أن في المسألة نصاً خاصا: «كل مسكر خمر»، فبات القياس الذي أعادوا فيه وأبدوا مشمولاً بالنص فما أقل فائدته إذن؟.
ما رأيكم؟
لعل المراد قياسه عليه في في الحكم الشرعي وإيجاب الحد خاصة ، فإن من يمثل به يجعل معنى الحديث أن كل مسكر فحكمه حكم الخمر أو المراد التشبيه أي كل مسكر فهو كالخمر أي إما على حذف مضاف أو بالتشبيه. وعلى هذا يبقى إشكال ، وهو هل كل مسكر حكمه حكم الخمر مطلقاً أو هل هو يشبه الخمر مطلقاً ؟ أي سواءً شربنا منه ما أسكر أو شربنا مقداراً لا يسكر، أم أن ذلك مختص بمقدار ما يسكر منه؟
فمنهم من ادعى أن الحديث المذكور ليس نصاً في أحدهما، واعتمد القياس في التسوية في الجميع، وهو قول جماعة من فقهاء الجمهور.
ومنهم من قاس المقدار المسكر فقط على الخمر ، بناءً على أن قوله صلى الله عليه وسلم (كل مسكر) حقيقة في القدر الذي يحصل به الإسكار فقط .
وأما الحد فالحديث لم يتطرق له ، أو ليس ظاهراً فيه أو معترض بدرأ الحدود بالشبهات أو غير ذلك ، فمن أوجب الحدود بالقياس اعتمد القياس فأوجبه في كل مسكر على وزان الخمر ، أي سواءً أسكر أو لم يسكر ، ومن لم يعتمد القياس في إثبات الكفارات أسقطه في مقدار ما لم يسكر.
فبان أن الحديث لوحده لا يدل على جميع هذه الأحكام وأن الحاجة إلى قياسه على الخمر ظاهرة.
طبعاً هذا عند من لا يجعل الخمر حقيقة في كل مسكر ، أو لم ينظر في جميع الروايات الناصة على حكم المسكرات كما هو شأن كثير من المتكلمين الذين تعانوا النظر في الفقه وأصوله ، فإن رصيدهم في المعرفة بالحديث والروايات ضعيف.
والله أعلم