متولى أمين حلوة
:: مشارك ::
- إنضم
- 31 مايو 2010
- المشاركات
- 248
- الجنس
- ذكر
- التخصص
- طب الأطفال
- الدولة
- saudia
- المدينة
- الأحساء - الهفوف
- المذهب الفقهي
- غير متمذهب
أحكام القرآن لابن العربي » سورة البقرة وفيها تسعون آية » الآية الخامسة والستون قوله تعالى للذين يؤلون من نسائهم » مسألة إيلاء النبي صلى الله عليه وسلم من نسائه
المسألة الخامسة عشرة : ثبت في الصحيح { أن النبي صلى الله عليه وسلم آلى من نسائه شهرا ، وصار في مشربة له ، فلما أكمل تسعا وعشرين نزل على أزواجه صبيحة تسع وعشرين ، فقالت له عائشة رضي الله عنها : إنك آليت شهرا . فقال : إن الشهر تسع وعشرون }
أخبرني محمد بن قاسم العثماني غير مرة : وصلت الفسطاط مرة ، فجئت مجلس الشيخ أبي الفضل الجوهري ، وحضرت كلامه على الناس ، فكان مما قال في أول مجلس جلست إليه : إن النبي صلى الله عليه وسلم طلق وظاهر وآلى ، فلما خرج تبعته حتى بلغت معه إلى منزله في جماعة ، فجلس معنا في الدهليز ، وعرفهم أمري ، فإنه رأى إشارة الغربة ولم يعرف الشخص قبل ذلك في الواردين عليه ، فلما انفض عنه أكثرهم قال لي : أراك غريبا ، هل لك من كلام ؟ قلت : نعم . قال لجلسائه : أفرجوا له عن كلامه . فقاموا وبقيت وحدي معه . فقلت له : حضرت المجلس اليوم متبركا بك ، وسمعتك تقول : آلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وصدقت ، وطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم وصدقت .
وقلت : وظاهر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا لم يكن ، ولا يصح أن يكون ; لأن الظهار منكر من القول وزور ; وذلك لا يجوز أن يقع من النبي صلى الله عليه وسلم . فضمني إلى نفسه وقبل رأسي ، وقال لي : أنا تائب من ذلك ، جزاك الله عني من معلم خيرا . ثم انقلبت عنه ، وبكرت إلى مجلسه في اليوم الثاني ، فألفيته قد سبقني إلى الجامع ، وجلس على المنبر ، فلما دخلت من باب الجامع ورآني نادى بأعلى صوته : مرحبا بمعلمي ; أفسحوا لمعلمي ، فتطاولت الأعناق إلي ، وحدقت الأبصار نحوي ، (وتعرفني : يا أبا بكر- يشير إلى عظيم حيائه -، فإنه كان إذا سلم عليه أحد أو فاجأه خجل لعظيم حيائه ، واحمر حتى كأن وجهه طلي بجلنار) قال : وتبادر الناس إلي يرفعونني على الأيدي ويتدافعوني حتى بلغت المنبر ، وأنا لعظم الحياء لا أعرف في أي بقعة أنا من الأرض ، والجامع غاص بأهله ، وأسال الحياء بدني عرقا ، وأقبل الشيخ على الخلق ، فقال لهم : أنا معلمكم ، وهذا معلمي ; لما كان بالأمس قلت لكم : آلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وطلق ، وظاهر ; فما كان أحد منكم فقه عني ولا رد علي ، فاتبعني إلى منزلي ، وقال لي كذا وكذا ; وأعاد ما جرى بيني وبينه ، وأنا تائب عن قولي بالأمس ، وراجع عنه إلى الحق ; فمن سمعه ممن حضر فلا يعول عليه . ومن غاب فليبلغه من حضر ; فجزاه الله خيرا ; وجعل يحفل في الدعاء ، والخلق يؤمنون .
فانظروا رحمكم الله إلى هذا الدين المتين ، والاعتراف بالعلم لأهله على رءوس الملإ من رجل ظهرت رياسته ، واشتهرت نفاسته ، لغريب مجهول العين لا يعرف مَن ولا مِن أين ، فاقتدوا به ترشدوا .
انتهـىالمسألة الخامسة عشرة : ثبت في الصحيح { أن النبي صلى الله عليه وسلم آلى من نسائه شهرا ، وصار في مشربة له ، فلما أكمل تسعا وعشرين نزل على أزواجه صبيحة تسع وعشرين ، فقالت له عائشة رضي الله عنها : إنك آليت شهرا . فقال : إن الشهر تسع وعشرون }
أخبرني محمد بن قاسم العثماني غير مرة : وصلت الفسطاط مرة ، فجئت مجلس الشيخ أبي الفضل الجوهري ، وحضرت كلامه على الناس ، فكان مما قال في أول مجلس جلست إليه : إن النبي صلى الله عليه وسلم طلق وظاهر وآلى ، فلما خرج تبعته حتى بلغت معه إلى منزله في جماعة ، فجلس معنا في الدهليز ، وعرفهم أمري ، فإنه رأى إشارة الغربة ولم يعرف الشخص قبل ذلك في الواردين عليه ، فلما انفض عنه أكثرهم قال لي : أراك غريبا ، هل لك من كلام ؟ قلت : نعم . قال لجلسائه : أفرجوا له عن كلامه . فقاموا وبقيت وحدي معه . فقلت له : حضرت المجلس اليوم متبركا بك ، وسمعتك تقول : آلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وصدقت ، وطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم وصدقت .
وقلت : وظاهر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا لم يكن ، ولا يصح أن يكون ; لأن الظهار منكر من القول وزور ; وذلك لا يجوز أن يقع من النبي صلى الله عليه وسلم . فضمني إلى نفسه وقبل رأسي ، وقال لي : أنا تائب من ذلك ، جزاك الله عني من معلم خيرا . ثم انقلبت عنه ، وبكرت إلى مجلسه في اليوم الثاني ، فألفيته قد سبقني إلى الجامع ، وجلس على المنبر ، فلما دخلت من باب الجامع ورآني نادى بأعلى صوته : مرحبا بمعلمي ; أفسحوا لمعلمي ، فتطاولت الأعناق إلي ، وحدقت الأبصار نحوي ، (وتعرفني : يا أبا بكر- يشير إلى عظيم حيائه -، فإنه كان إذا سلم عليه أحد أو فاجأه خجل لعظيم حيائه ، واحمر حتى كأن وجهه طلي بجلنار) قال : وتبادر الناس إلي يرفعونني على الأيدي ويتدافعوني حتى بلغت المنبر ، وأنا لعظم الحياء لا أعرف في أي بقعة أنا من الأرض ، والجامع غاص بأهله ، وأسال الحياء بدني عرقا ، وأقبل الشيخ على الخلق ، فقال لهم : أنا معلمكم ، وهذا معلمي ; لما كان بالأمس قلت لكم : آلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وطلق ، وظاهر ; فما كان أحد منكم فقه عني ولا رد علي ، فاتبعني إلى منزلي ، وقال لي كذا وكذا ; وأعاد ما جرى بيني وبينه ، وأنا تائب عن قولي بالأمس ، وراجع عنه إلى الحق ; فمن سمعه ممن حضر فلا يعول عليه . ومن غاب فليبلغه من حضر ; فجزاه الله خيرا ; وجعل يحفل في الدعاء ، والخلق يؤمنون .
فانظروا رحمكم الله إلى هذا الدين المتين ، والاعتراف بالعلم لأهله على رءوس الملإ من رجل ظهرت رياسته ، واشتهرت نفاسته ، لغريب مجهول العين لا يعرف مَن ولا مِن أين ، فاقتدوا به ترشدوا .
http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=46&ID=269
ما قال : (هذا اجتهادى و رأيي) (و الخلاف لا يفسد للود قضية) و لا سأله حتى :" من أنت ؟" ، بل سمى رجوعه توبةً ، و لم يتريث و يطرق النظر ، بل بادر و سارع و شكره بأسمى أنواع الشكر ، و ما اكتفى بشكره على الخاص حتى شكره على العام ، و ما هذا إلا من امتلاء قلبه بمحبة الحق و محبة الدين و محبة الرسول صلى الله عليه و سلم أن يُنسب إليه الخطأ ، و كأن المسألة عنده هدية لها حلاوة شعر بها هو أكثر من غيره ، كأنه شعر بالتصحيح و عِظمه و فائدته ألا يتوارث الناس الخطأ عنه ، رحمه الله من معلم و مربٍ و عالم عامل بدين الله..و بعض المشايخ عندهم علم جم و فقه عميق لكن ليسوا من المشاهير ، لحيائهم من البروز أمام الكاميرات أو في المجامع ، و يفضلون الاغتمار على الاشتهار ، يكتفي الواحد منهم بطالب أو اثنين ، لكن يؤسسه على الدين أيما تأسيس ، فيكون الطالب بمقام مئات المستمعين الحاضرين للاستماع فقط..و كم في تلك القصة من عبر و فوائد ، و الله المستعان..
اللهم ارحم الشيخ أبا الفضل الجوهري و ارفع قدره في الآخرة كما تواضع و رفع قدر العلم..آمين