رد: ما هي أهم القواعد الأصولية المتعلقة بأسباب النزول؟
قال ابن تيمية رحمه الله:
وقد يجيء كثيرا من هذا الباب قولهم: هذه الآية نزلت في كذا، لا سيما إن كان المذكور شخصا، كأسباب النزول المذكورة في التفسير، كقولهم إن آية الظهار نزلت في امرأة أوس بن الصامت، وان آية اللعان نزلت في عويمر العجلانى أو هلال بن أمية، وأن آية الكلالة نزلت في جابر بن عبد الله، وأن قوله (وأن احكم بينهم بما أنزل الله) نزلت في بني قريظة والنضير، وان قوله (ومن يولهم يومئذ دبره) نزلت في بدر وان قوله (شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت) نزلت في قضية تميم الداري وعدى بن بداء وقول أبى أيوب إن قوله (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة) نزلت فينا معشر الأنصار.. الحديث، ونظائر هذا كثير مما يذكرون أنه نزل في قوم من المشركين بمكة أو في قوم من أهل الكتاب اليهود والنصارى أو في قوم من المؤمنين .
فالذين قالوا ذلك لم يقصدوا أن حكم الآية مختص بأولئك الأعيان دون غيرهم، فان هذا لا يقوله مسلم ولا عاقل على الإطلاق.
والناس وان تنازعوا في اللفظ العام الوارد على سبب هل يختص بسببه أم لا ؟ فلم يقل أحد من علماء المسلمين إن عمومات الكتاب والسنة تختص بالشخص المعين، وانما غاية ما يقال أنها تختص بنوع ذلك الشخص فيعم ما يشبهه ولا يكون العموم فيها بحسب اللفظ.
والآية التي لها سبب معين إن كانت أمرا ونهيا فهي متناولة لذلك الشخص ولغيره ممن كان بمنزلته وان كانت خبرا بمدح أو ذم فهي متناولة لذلك الشخص وغيره ممن كان بمنزلته أيضا.
ومعرفة سبب النزول يعين على فهم الآية فإن العلم بالسبب يورث العلم بالمسبب ولهذا كان أصح قولي الفقهاء أنه إذا لم يعرف ما نواه الحالف رجع إلى سبب يمينه وما هيجها وأثارها.
وقولهم: نزلت هذه الآية في كذا يراد به:
-تارة أنه سبب النزول.
-ويراد به تارة أن ذلك داخل في الآية وان لم يكن السبب، كما تقول عنى بهذه الآية كذا.
وقد تنازع العلماء في قول الصاحب: (نزلت هذه الآية في كذا) هل يجري مجرى المسند كما يذكر السبب الذي أنزلت لأجله، أو يجرى مجرى التفسير منه الذي ليس بمسند؟
فالبخاري يدخله في المسند.
وغيره لا يدخله في المسند. وأكثر المساند على هذا الاصطلاح كمسند أحمد وغيره.
بخلاف ما إذا ذكر سببا نزلت عقبه فأنهم كلهم يدخلون مثل هذا في المسند.
وإذا عرف هذا فقول أحدهم: (نزلت في كذا) لا ينافى قول الآخر: (نزلت في كذا) إذا كان اللفظ يتناولهما كما ذكرناه في التفسير بالمثال.
وإذا ذكر أحدهم لها سببا نزلت لأجله، وذكر الآخر سببا:
- فقد يمكن صدقهما بأن تكون نزلت عقب تلك الأسباب.
- أو تكون نزلت مرتين مرة لهذا السبب ومرة لهذا السبب.
مجموع الفتاوى ج13/ص 338- 340.
*****
وما أشرتَ إليه أيها البحاثة في كلامك السابق بخصوص عموم اللفظ وخصوص السبب هو موافق لما ذكره ابن تيمية رحمه الله، وقد وضعتُ تحته خطاً.