العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

توافر المعانى حول السُـنة تجاه الحاكم الجانى

متولى أمين حلوة

:: مشارك ::
إنضم
31 مايو 2010
المشاركات
248
الجنس
ذكر
التخصص
طب الأطفال
الدولة
saudia
المدينة
الأحساء - الهفوف
المذهب الفقهي
غير متمذهب
نيل الأوطار » كتاب الحدود » باب الصبر على جور الأئمة وترك قتالهم والكف عن إقامة السيف

[align=justify]3195 - ( وعن عوف بن مالك الأشجعي قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم ، وتصلون عليهم ويصلون عليكم ، وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم ، وتلعنونهم ويلعنونكم ، قال : قلنا : يا رسول الله أفلا ننابذهم عند ذلك ؟ قال : لا ، ما أقاموا فيكم الصلاة إلا من ولي عليه وال فرآه يأتي شيئا من معصية الله فليكره ما يأتي من معصية الله ولا ينزعن يدا من طاعة } ) .

3196 - وعن حذيفة بن اليمان : { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يكون بعدي أئمة لا يهتدون بهديي ، ولا يستنون بسنتي ، وسيقوم فيكم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إنس ، قال : قلت : كيف أصنع يا رسول الله إن أدركت ذلك ؟ قال : تسمع وتطيع ، وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك فاسمع وأطع } .

3197 - ( وعن عرفجة الأشجعي قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد يريد أن يشق عصاكم ، أو يفرق جماعتكم فاقتلوه } . رواهن أحمد ومسلم ) . [ ص: 205 ]

3198 - ( وعن عبادة بن الصامت قال { : بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا ، وعسرنا ويسرنا وأثرة علينا ، وأن لا ننازع الأمر أهله إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم فيه من الله برهان } . متفق عليه ) .

3199 - ( وعن أبي ذر { : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يا أبا ذر كيف بك عند ولاة يستأثرون عليك بهذا الفيء ؟ ، قال : والذي بعثك بالحق أضع سيفي على عاتقي وأضرب حتى ألحقك ، قال : أولا أدلك على ما هو خير لك من ذلك ؟ تصبر حتى تلحقني } . رواه أحمد ) .

قال الشوكانى:-

وفي الباب أحاديث غير هذه بعضها تقدم في باب براءة رب المال بالدفع إلى السلطان الجائر في كتاب الزكاة وبعضها مذكور في غير هذا الكتاب
من ذلك

حديث ابن عمر عند الحاكم بلفظ : { من خرج من الجماعة فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه حتى يراجعه ، ومن مات وليس عليه إمام جماعة فإن ميتته ميتة جاهلية } . وقد قدمنا نحوه قريبا عن الحارث بن الحارث الأشعري ، ورواه الحاكم من حديث معاوية أيضا والبزار من حديث ابن عباس .
وأخرج مسلم من حديث أبي هريرة بلفظ : { من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فميتته جاهلية } وأخرج أيضا مسلم نحوه عن ابن عمر وفيه قصة .
وأخرج الشيخان من حديث أبي موسى الأشعري بلفظ : { من حمل علينا السلاح فليس منا } وأخرجاه أيضا من حديث ابن عمر ، وأخرجه مسلم من حديث أبي هريرة وسلمة بن الأكوع .
وأخرج أحمد وأبو داود والحاكم من حديث أبي ذر : { من فارق الجماعة قدر شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه }
وأخرج البخاري من حديث أنس : { اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل عبد حبشي رأسه زبيبة ما أقام فيكم كتاب الله تعالى }
وأخرج الشيخان من حديث أبي هريرة : { من أطاعني فقد أطاع الله ، ومن عصاني فقد عصى الله ، ومن يطع الأمير فقد أطاعني ، ومن يعص الأمير فقد عصاني }
وأخرج الشيخان وغيرهما من حديث ابن عمر : { على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره إلا أن يؤمر بمعصية ، فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة }
وأخرج الترمذي من حديث ابن عمر : { ألا أخبركم بخير أمرائكم وشرارهم ؟ خيارهم الذين تحبونهم ويحبونكم وتدعون لهم ويدعون لكم ، وشرار أمرائكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم وتلعنونهم ويلعنونكم }
وأخرج الترمذي من حديث أبي بكرة { من أهان سلطان الله في الأرض أهانه الله تعالى }


والأحاديث في هذا الباب كثيرة وهذا طرف منها . قوله : ( خيار أئمتكم . . . إلخ )
فيه دليل على مشروعية محبة الأئمة والدعاء لهم ، وأن من كان من الأئمة محبا للرعية ومحبوبا لديهم وداعيا لهم ومدعوا له منهم فهو من خيار الأئمة ،
ومن كان باغضا لرعيته مبغوضا عندهم يسبهم ويسبونه فهو من شرارهم ، وذلك لأنه إذا عدل فيهم وأحسن القول لهم أطاعوه وانقادوا له وأثنوا عليه ، فلما كان هو الذي يتسبب بالعدل وحسن القول إلى المحبة والطاعة والثناء منهم كان من خيار الأئمة ، ولما كان هو الذي يتسبب أيضا بالجور والشتم للرعية إلى معصيتهم له وسوء القالة منهم فيه كان من شرار الأئمة .

قوله : ( لا ، ما أقاموا فيكم الصلاة ) فيه دليل على أنه لا تجوز منابذة الأئمة بالسيف ما كانوا مقيمين للصلاة ، ويدل ذلك بمفهومه على جواز المنابذة عند تركهم للصلاة . وحديث عبادة بن الصامت المذكور فيه دليل على أنها لا تجوز المنابذة إلا عند ظهور الكفر البواح وهو بموحدة فمهملة . قال الخطابي : معنى قوله : " بواحا " يريد ظاهرا باديا من قولهم : باح الشيء يبوح به بوحا وبواحا : إذا ادعاه وأظهره . قال : ويجوز بوحا بسكون الواو ، ويجوز بضم أوله ثم همزة ممدودة . قال : ومن رواه بالراء فهو قريب من هذا المعنى . وأصل البراح : الأرض القفر التي لا أنيس فيها ولا بناء ، وقيل : البراح : البيان يقال برح الخفاء : إذا ظهر . قال النووي : هي في معظم النسخ من مسلم بالواو وفي بعضها بالراء . قال الحافظ : ووقع عند الطبراني " كفرا صراحا " بصاد مهملة مضمومة ثم راء ، ووقع في رواية " إلا أن تكون معصية لله بواحا " .

وفي رواية لأحمد : " ما لم يأمرك بإثم بواحا " وفي رواية له وللطبراني عن عبادة : { سيلي أموركم من بعدي رجال يعرفونكم ما تنكرون ، وينكرون عليكم ما تعرفون ، فلا طاعة لمن عصى الله } . وعند ابن أبي شيبة من حديث عبادة : { سيكون عليكم أمراء يأمرونكم بما لا تعرفون ، ويفعلون ما تنكرون ، فليس لأولئك عليكم طاعة } . قوله : ( فليكره ما يأتي من معصية الله ، ولا ينزعن يدا من طاعة ) فيه دليل على أن من كره بقلبه ما يفعله السلطان من المعاصي كفاه ذلك ولا يجب عليه زيادة عليه . وفي الصحيح : { فمن رأى منكم منكرا فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبقلبه ، فإن لم يستطع فبلسانه } ويمكن حمل حديث الباب وما ورد في معناه على عدم القدرة على التغيير باليد واللسان ، ويمكن أن يجعل مختصا بالأمراء إذا فعلوا منكرا لما في الأحاديث الصحيحة من تحريم معصيتهم ومنابذتهم ، فكفى في الإنكار عليهم مجرد الكراهة بالقلب ،
[mark=#FFF3E6] لأن في إنكار المنكر عليه باليد واللسان تظهرا بالعصيان [/mark]، وربما كان ذلك وسيلة إلى المنابذة بالسيف . قوله : ( في جثمان إنس ) بضم الجيم وسكون المثلثة : أي لهم قلوب كقلوب الشياطين وأجسام كأجسام الإنس .

قوله : ( وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك فاسمع وأطع ) فيه دليل على وجوب طاعة الأمراء وإن بلغوا في العسف والجور إلى ضرب الرعية وأخذ أموالهم فيكون هذا مخصصا لعموم قوله تعالى: { فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم } وقوله : { وجزاء سيئة سيئة مثلها } . قوله : ( وعن عرفجة ) بفتح العين المهملة وسكون الراء وفتح الفاء بعدها جيم : هو ابن شريح بضم المعجمة وفتح الراء وسكون التحتية بعدها حاء ، وقيل : ابن ضريح بضم الضاد المعجمة وقيل : ذريح بفتح الذال المعجمة وكسر الراء ، وقيل : صريح بضم الصاد المهملة ، وقيل : شراحيل ، وقيل : سريج بضم السين المهملة وآخره جيم ، ويقال له : الأشجعي ، ويقال : الكندي ، ويقال : الأسلمي . قوله : ( بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ) بفتح العين ورسول فاعله . قوله : ( في منشطنا ) بفتح الميم والمعجمة وسكون النون التي بينهما : أي في حال نشاطنا وحال كراهتنا وعجزنا عن العمل بما نؤمر به ، ونقل ابن التين عن الداودي أن المراد الأشياء التي يكرهونها .

قال ابن التين : والظاهر أنه أراد في وقت الكسل والمشقة في الخروج ليطابق معنى منشطنا . ويؤيده ما عند أحمد في حديث عبادة بلفظ { في النشاط والكسل } . قوله : ( وأثرة علينا ) بفتح الهمزة والمثلثة ، والمراد أن طاعتهم لمن يتولى عليهم لا تتوقف على إيصالهم حقوقهم ، بل عليهم الطاعة ولو منعهم حقهم . قوله : ( وأن لا ننازع الأمر أهله ) أي الملك والإمارة ، زاد أحمد في رواية { وإن رأيت أن لك في الأمر حقا فلا تعمل بذلك الظن ، بل اسمع وأطع إلى أن يصل إليكم بغير خروج عن الطاعة } . قوله : ( إلا أن تروا كفرا بواحا ) قد تقدم ضبطه وتفسيره .

قوله : ( عندكم فيه من الله برهان ) أي نص آية أو خبر صريح لا يحتمل التأويل ، ومقتضاه أنه لا يجوز الخروج عليهم ما دام فعلهم يحتمل التأويل . قال النووي : المراد بالكفر هنا المعصية ، ومعنى الحديث : لا تنازعوا ولاة الأمور في ولايتهم ولا تعترضوا عليهم إلا أن تروا منهم منكرا محققا تعلمونه من قواعد الإسلام ، فإذا رأيتم ذلك فأنكروا عليهم وقولوا بالحق حيثما كنتم . ا هـ .

قال في الفتح وقال غيره : إذا كانت المنازعة في الولاية فلا ينازعه بما يقدح في الولاية إلا إذا ارتكب الكفر ، وحمل رواية المعصية على ما إذا كانت المنازعة فيما عدا الولاية ، فإذا لم يقدح في الولاية نازعه في المعصية بأن ينكر عليه برفق ويتوصل إلى تثبيت الحق له بغير عنف ، ومحل ذلك إذا كان قادرا ، ونقل ابن التين عن الداودي قال : الذي عليه العلماء في أمراء الجور أنه إن قدر على خلعه بغير فتنة ولا ظلم وجب وإلا فالواجب الصبر ، وعن بعضهم لا يجوز عقد الولاية لفاسق ابتداء ، فإن أحدث جورا بعد أن كان عدلا فاختلفوا في جواز الخروج ، عليه والصحيح المنع إلا أن يكفر فيجب الخروج عليه ، قال ابن بطال : إن حديث ابن عباس المذكور في أول الباب حجة في ترك الخروج على السلطان ، ولو جار ،
قال في الفتح :
[mark=#21B5FF]وقد أجمع الفقهاء على [/mark]
وجوب طاعة السلطان المتغلب والجهاد معه ،
وأن طاعته خير من الخروج عليه لما في ذلك من حقن الدماء وتسكين الدهماء ،
[mark=#6E9EFF]و لم يستثنوا من ذلك إلا [/mark]
إذا وقع من السلطان الكفر الصريح فلا تجوز طاعته في ذلك بل تجب مجاهدته لمن قدر عليها كما في الحديث ا هـ .

وقد استدل القائلون بوجوب الخروج على الظلمة ومنابذتهم السيف ومكافحتهم بالقتال بعمومات من الكتاب والسنة في وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ،
[mark=#75B1FF]ولا شك ولا ريب أن الأحاديث التي ذكرها المصنف في هذا الباب و ذكرناها أخص من تلك العمومات مطلقا ، وهي متوافرة المعنى كما يعرف ذلك من له أنسة بعلم السنة...[/mark]
المصدر:
نيل الأوطار » كتاب الحدود » باب الصبر على جور الأئمة وترك قتالهم والكف عن إقامة السيف
------------------------
انتهى كلامه رحمه الله تعالى و فيه حكاية الإجماع الصريح و تقرير استفاضة السنة بذلك و فيه تأصيل و ضبط المسألة و فيه أصول فقه و سنة و علم غزير ممتد إلى يومنا هذا كما علمت من استمرار فتاوى العلماء المعاصرين على نفس هذا النسق ..

و قد علمتَ أن الدفع بكون ذلك يمني و ذلك شامي و ذلك قديم و ذلك ليس في مكانى ، و أن الدفع بكونها سلمية!!! "رغم سفك دماء المئات على مستوى العالم العربي" ، و غير ذلك من اعتراضات ،، كل هذه دفوعات و اعتراضات غير رائجة..
[/align]

و للتذكير و التأكيد:-

قال الشوكانى:
وقد استدل القائلون بوجوب الخروج على الظلمة ومنابذتهم السيف ومكافحتهم بالقتال بعمومات من الكتاب والسنة في وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ،
ولا شك ولا ريب أن الأحاديث التي ذكرها المصنف في هذا الباب و ذكرناها أخص من تلك العمومات مطلقا ، وهي متوافرة المعنى كما يعرف ذلك من له أنسة بعلم السنة...اهـ

و الإجماع حكاه كذلك النووى و نقله الحافظ عن ابن بطال في الفتح فليراجعه من شاء ، و فرق الإجماع بين لفظ الخروج و بين القتال ، لا كما اعترض بعض الواعظين فدمج اللفظين في بعضهما..

و حتى مع اعتقاد المعترض بأن الحكم بغير ما أنزل الله خاص بالحكام فقط!! و في قضايا الحدود فقط!! و أن الحكام هم الرؤساء فقط!! و أن العلماء جميعاً و أهل البدع خارجون عن هذا المقتضى!! و أنها قضية لا يشترط فيها الاستحلال القلبي المكنون في القلوب "و الذي يعلمه المعترض بغير قيام الحجة الرسالية على الحاكم!!" ، و بغير إقرار من الحاكم بنطق أو كتابة مقطوعة النسبة إليه!!..
مع كل هذا التحكم الشديد بغير دليل من المعترض!! ،
فلا أقل من عدم الحكم بكفر أعيان الحكام جرياً على قاعدة الفعل غير الفاعل المتفق عليها بين العقلاء في تلك المسائل..و حينئذ لا مجال لمخالفة أهل السنة حيث لم يتم إقامة الحجة على أحد منهم و كثير منهم قضى بجنون القذافي و خروجه عن حد التكليف أصلاً كما ينطق بهذا الوصف أكثر الخلق شرقاً و غرباً مسلمين و غير مسلمين أطباء و غير أطباء ، أن الرجل منفلت العقل متسيب التصورات..و أعلم وجود من كفره من العلماء السنيين لكن هذا الخلاف على العين لا الأصل..

اللهم اجعلنى و كل قارئ ممن له أنسة بعلم السنة..و هذه هبة من الله غالية..أن يكون للإنسان أنسة بعلم السنة
و الأنسة تكون بالنشأة عليها و التلقي من أهلها و نشرها لا سترها ،
[mark=#DEE8FF]و السُنة تُنشر لا تُستَر..[/mark]
 

متولى أمين حلوة

:: مشارك ::
إنضم
31 مايو 2010
المشاركات
248
الجنس
ذكر
التخصص
طب الأطفال
الدولة
saudia
المدينة
الأحساء - الهفوف
المذهب الفقهي
غير متمذهب
رد: توافر المعانى حول السُـنة تجاه الحاكم الجانى

أصل مهم = القتالُ غيرُ مطلَـقِ الخروج

*******
قال الإمام المبجل أحمد بن حنبل في أصول السنة :-

ولا يحل قتال السلطان و لا الخروج عليه لأحد من الناس. فمن فعل ذلك فهو مبتدع على غير السنة والطريق.


قال ابن تيمية في منهاج السنة النبوية
فصل
وأما قوله عنهم كل من بايع قرشياً انعقدت إمامته ووجبت طاعته على جميع الخلق إذا كان مستور الحال وإن كان على غاية من الفسق والكفر والنفاق فحوابه من وجوه
أحدها أن هذا ليس قول أهل السنة والجماعة وليس مذهبهم أنه بمجرد مبايعة واحد قرشي تنعقد بيعته ويجب على جميع الناس طاعته وهذا وإن كان قد قاله بعض أهل الكلام فليس هو قول أئمة أهل السنة والجماعة بل قد قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه من بايع رجلا بغير مشورة من المسلمين فلا يبايع هو ولا الذي بايعه تغرة أن يقتلا الحديث رواه البخاري وسيأتي بكماله إن شاء الله تعالى الوجه الثاني أنهم لا يوجبون طاعة الإمام في كل ما يأمر به بل لا يوجبون طاعته إلا فيما تسوغ طاعته فيه في الشريعة فلا يجوزون طاعته في معصية الله وإن كان إماماً عادلاً وإذا أمرهم بطاعة الله فأطاعوه مثل أن يأمرهم بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والصدق والعدل والحج والجهاد في سبيل الله فهم في الحقيقة إنما أطاعوا الله والكافر والفاسق إذا أمر بما هو طاعة لله لم تحرم طاعة الله ولا يسقط وجوبها لأجل أمر ذلك الفاسق بها كما أنه إذا تكلم بحق لم يجز تكذيبه ولا يسقط وجوب اتباع الحق لكونه قد قاله فاسق فأهل السنة لا يطيعون ولاة الأمور مطلقا إنما يطيعونهم في ضمن طاعة الرسول صلى الله عليه و سلم
كما قال تعالى أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم سورة النساء 59 فأمر بطاعة الله مطلقا وأمر بطاعة الرسول لأنه لا يأمر إلا بطاعة الله ومن يطع الرسول فقد أطاع الله وجعل طاعة أولي الأمر داخلة في ذلك فقال وأولي الأمر منكم ولم يذكر لهم طاعة ثالثة لأن ولي الأمر لا يطاع طاعة مطلقة إنما يطاع في المعروف كما قال النبي صلى الله عليه و سلم إنما الطاعة في المعروف وقال لا طاعة في معصية الله ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق وقال ومن أمركم بمعصية الله فلا تطيعوه وقول هؤلاء الرافضة المنسوبين إلى شيعة علي رضي الله عنه أنه تجب طاعة غير الرسول صلى الله عليه و سلم مطلقا في كل ما أمر به أفسد من قول من كان منسوبا إلى شيعة عثمان رضي الله عنه من أهل الشام أنه يجب طاعة ولي الأمر مطلقا فإن أولئك كانوا يطيعون ذا السلطان وهو موجود وهؤلاء يوجبون طاعة معصوم مفقود
وأيضا فأولئك لم يكونوا يدعون في أئمتهم العصمة التي تدعيها الرافضة بل كانوا يجعلونهم كالخلفاء الراشدين وأئمة العدل الذين يقلدون فيما لم تعرف حقيقة أمره أو يقولون إن الله يقبل منهم الحسنات ويتجاوز لهم عن السيئات وهذا أهون ممن يقول إنهم معصومون لا يخطئون
فتبين أن هؤلاء المنسوبين إلى النصب من شيعة عثمان وإن كان فيهم خروج عن بعض الحق والعدل فخروج الإمامية عن الحق والعدل أكثر وأشد فكيف بقول أئمة السنة الموافق للكتاب والسنة وهو الأمر بطاعة ولي الأمر فيما يأمر به من طاعة الله دون ما يأمر به من معصية الله
الوجه الثالث أن يقال إن الناس قد تنازعوا في ولي الأمر الفاسق والجاهل هل يطاع فيما يأمر به من طاعة الله وينفذ حكمه وقسمه إذا وافق العدل أو لا يطاع في شيء ولا ينفذ شيء من حكمه وقسمه أو يفرق في ذلك بين الإمام الأعظم وبين القاضي ونحوه من الفروع على ثلاثة أقوال أضعفها عند أهل السنة هو رد جميع أمره وحكمه وقسمه وأصحها عند أهل الحديث وأئمة الفقهاء هو القول الأول وهو أن يطاع في طاعة الله مطلقا وينفذ حكمه وقسمه إذا كان فعله عدلا مطلقا حتى أن القاضي الجاهل والظالم ينفذ حكمه بالعدل وقسمه بالعدل على هذا القول كما هو قول أكثر الفقهاء
والقول الثالث هو الفرق بين الإمام الأعظم وبين غيره لأن ذلك لا يمكن عزله إذا فسق إلا بقتال وفتنة بخلاف الحاكم ونحوه فإنه يمكن عزله بدون ذلك وهو فرق ضعيف فإن الحاكم إذا ولاه ذو الشوكة لا يمكن عزله إلا بفتنة ومتى كان السعي في عزله مفسدة أعظم من مفسدة بقائه لم يجز الإتيان بأعظم الفسادين لدفع أدناهما وكذلك الإمام الأعظم
((ولهذا كان المشهور من مذهب أهل السنة أنهم لا يرون
[mark=#FFF1F0]الخروج[/mark]
على الأئمة [mark=#FFF1EB]وقتالهم[/mark] بالسيف وإن كان فيهم ظلم كما دلت على ذلك الأحاديث الصحيحة المستفيضة عن النبي صلى الله عليه و سلم لأن الفساد في القتال والفتنة أعظم من الفساد الحاصل بظلمهم بدون قتال ولا فتنة فلا يدفع أعظم الفسادين بالتزام أدناهما ولعله لا يكاد يعرف طائفة خرجت على ذي سلطان إلا وكان في خروجها من الفساد ما هو أعظم من الفساد الذي أزالته
والله تعالى لم يأمر بقتال كل ظالم وكل باغ كيفما كان ولا أمر بقتال الباغين ابتداء بل قال و إن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغى حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل سورة الحجرات 9 فلم يأمر بقتال الباغية ابتداء فكيف يأمر بقتال ولاة الأمر ابتداء؟))

_____________
و قال في مجموع الفتاوى 35
فصل طاعة ولاة الأمور ومناصحتهم واجب على الإنسان
وما أمر الله به ورسوله من طاعة ولاة الأمور ومناصحتهم واجب على الإنسان وإن لم يعاهدهم عليه وإن لم يحلف لهم الأيمان المؤكدة كما يجب عليه الصلوات الخمس والزكاة والصيام وحج البيت. وغير ذلك مما أمر الله به ورسوله من الطاعة، فإذا حلف على ذلك كان ذلك توكيدا وتثبيتا لما أمر الله به ورسوله من طاعة ولاة الأمور ومناصحتهم. فالحالف على هذه الأمور لا يحل له أن يفعل خلاف المحلوف عليه سواء حلف بالله أو غير ذلك من الأيمان التي يحلف بها المسلمون، فإن ما أوجبه الله من طاعة ولاة الأمور ومناصحتهم واجب وإن لم يحلف عليه، فكيف إذا حلف عليه وما نهى الله ورسوله عن معصيتهم وغشهم محرم وإن لم يحلف على ذلك. وهذا كما أنه إذا حلف ليصلين الخمس وليصومن شهر رمضان أو ليقضين الحق الذي عليه ويشهدن بالحق: فإن هذا واجب عليه وإن لم يحلف عليه فكيف إذا حلف عليه وما نهى الله عنه ورسوله من الشرك والكذب وشرب الخمر والظلم والفواحش وغش ولاة الأمور والخروج عما أمر الله به من طاعتهم: هو محرم، وإن لم يحلف عليه فكيف إذا حلف عليه ولهذا من كان حالفا على ما أمر الله به ورسوله من طاعة ولاة الأمور ومناصحتهم أو الصلاة أو الزكاة أو صوم رمضان أو أداء الأمانة والعدل ونحو ذلك: لا يجوز لأحد أن يفتيه بمخالفة ما حلف عليه والحنث في يمينه، ولا يجوز له أن يستفتي في ذلك. ومن أفتى مثل هؤلاء بمخالفة ما حلفوا عليه والحنث في أيمانهم: فهو مفتر على الله الكذب مفت بغير دين الإسلام، بل لو أفتى آحاد العامة بأن يفعل خلاف ما حلف عليه من الوفاء في عقد بيع أو نكاح أو إجارة أو غير ذلك مما يجب عليه الوفاء به من العقود التي يجب الوفاء بها وإن لم يحلف عليها فإذا حلف كان أوكد فمن أفتى مثل هذا بجواز نقض هذه العقود. والحنث في يمينه: كان مفتريا على الله الكذب مفتيا بغير دين الإسلام فكيف إذا كان ذلك في معاقدة ولاة الأمور التي هي أعظم العقود التي أمر الله بالوفاء بها. وهذا كما أن جمهور العلماء يقولون: يمين المكره بغير حق لا ينعقد سواء كان بالله أو النذر أو الطلاق أو العتاق، وهذا مذهب مالك والشافعي وأحمد. ثم إذا أكره ولي الأمر الناس على ما يجب عليهم من طاعته ومناصحته وحلفهم على ذلك: لم يجز لأحد أن يأذن لهم في ترك ما أمر الله به ورسوله من ذلك ويرخص لهم في الحنث في هذه الأيمان، لأن ما كان واجبا بدون اليمين فاليمين تقويه، لا تضعفه، ولو قدر أن صاحبها أكره عليها. ومن أراد أن يقول بلزوم المحلوف مطلقا في بعض الأيمان، لأجل تحليف ولاة الأمور أحيانا. قيل له: وهذا يرد عليك فيما تعتقده في يمين المكره، فإنك تقول: لا يلزم وإن حلف بها ولاة الأمور. ويرد عليك في أمور كثيرة تفتي بها في الحيل، مع ما فيه من معصية الله تعالى ورسوله وولاة الأمور. وأما أهل العلم والدين والفضل فلا يرخصون لأحد فيما نهى الله عنه من معصية ولاة الأمور وغشهم والخروج عليهم ، بوجه من الوجوه كما قد عرف من عادات أهل السنة والدين قديما وحديثا ومن سيرة غيرهم. وقد ثبت في الصحيح عن ابن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال: (ينصب لكل غادر لواء يوم القيامة عند استه بقدر غدره) قال: وإن من أعظم الغدر. يعني بإمام المسلمين. وهذا حدث به عبد الله بن عمر لما قام قوم من أهل المدينة يخرجون عن طاعة ولي أمرهم، ينقضون بيعته. وفي صحيح مسلم عن نافع قال جاء عبد الله بن عمر إلى عبد الله بن مطيع حين كان من أمر الحرة ما كان، زمن يزيد بن معاوية، فقال: اطرحوا لأبي عبد الرحمن وسادة. فقال: إني لم آتك لأجلس أتيتك لأحدثك حديثا، سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول: (من خلع يدا لقي الله يوم القيامة ولا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية) وفي الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: (من رأى من أميره شيئا يكرهه فليصبر عليه، فإنه ليس أحد من الناس يخرج من السلطان شبرا فمات عليه إلا مات ميتة جاهلية) وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال: (من خرج من الطاعة وفارق الجماعة، فمات مات ميتة جاهلية، ومن قاتل تحت راية عمية، يغضب لعصبة أو يدعو إلى عصبة، أو ينصر عصبة فقتل فقتلة جاهلية) وفي لفظ (ليس من أمتي من خرج على أمتي يضرب برها وفاجرها ولا يتحاشى من مؤمنها ولا يوفي لذي عهدها، فليس مني ولست منه).
فالأول هو الذي يخرج عن طاعة ولي الأمر، ويفارق الجماعة.
والثاني هو الذي يقاتل لأجل العصبية، والرياسة، لا في سبيل الله كأهل الأهواء: مثل قيس ويمن.
والثالث مثل الذي يقطع الطريق فيقتل من لقيه من مسلم وذمي، ليأخذ ماله وكالحرورية المارقين الذين قاتلهم علي بن أبي طالب الذي قال فيهم النبي صلى الله عليه و سلم: (يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم وقراءته مع قراءتهم يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية أينما لقيتموهم فاقتلوهم، فإن في قتلهم أجرا عند الله لمن قتلهم يوم القيامة). وقد أمر النبي صلى الله عليه و سلم بطاعة ولي الأمر، وإن كان عبدا حبشيا كما في صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه و سلم قال: (اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة)، وعن أبي ذر قال: (أوصاني خليلي أن اسمعوا وأطيعوا، ولو كان حبشيا مجدع الأطراف) وعن البخاري: (ولو لحبشي كأن رأسه زبيبة) وفي صحيح مسلم عن أم الحصين رضي الله عنها أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم بحجة الوداع وهو يقول: (ولو استعمل عبدا يقودكم بكتاب الله اسمعوا وأطيعوا) وفي رواية: (عبد حبشي مجدع) وفي صحيح مسلم عن عوف بن مالك رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: (خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم وتصلون عليهم ويصلون عليكم وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم وتلعنونهم ويلعنونكم قلنا يا رسول الله أفلا ننابذهم بالسيف عند ذلك؟ قال: لا، ما أقاموا فيكم الصلاة لا، ما أقاموا فيكم الصلاة ألا من ولي عليه وال فرآه يأتي شيئا من معصية فليكره ما يأتي من معصية الله ولا ينزعن يدا من طاعة) انتهى

 

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
رد: توافر المعانى حول السُـنة تجاه الحاكم الجانى

أخي الفاضل أمين حلوة جزاك الله خيرا
من باب الإنصاف أرجو منك نقل أدلة المخالفين في هذه المسألة ثم الترجيح فهكذا يكون البحث وإلا فلا
 

متولى أمين حلوة

:: مشارك ::
إنضم
31 مايو 2010
المشاركات
248
الجنس
ذكر
التخصص
طب الأطفال
الدولة
saudia
المدينة
الأحساء - الهفوف
المذهب الفقهي
غير متمذهب
رد: توافر المعانى حول السُـنة تجاه الحاكم الجانى...(و كلام نفيس للشوكانى)

رد: توافر المعانى حول السُـنة تجاه الحاكم الجانى...(و كلام نفيس للشوكانى)

أخي الفاضل أمين حلوة جزاك الله خيرا
من باب الإنصاف أرجو منك نقل أدلة المخالفين في هذه المسألة ثم الترجيح فهكذا يكون البحث وإلا فلا

هذا مذكور في نفس الموضوع بارك الله فيك ، فلعلك تراجعه فضلاً أخى الفاضل..
كما هو منقول عن الشوكانى:-

وقد استدل القائلون بوجوب الخروج على الظلمة ومنابذتهم السيف ومكافحتهم بالقتال بعمومات من الكتاب والسنة في وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

و هذا هو الأصل الكبير الذي يرجع إليه المبيحون للمظاهرات ، و ضموا إليه قاعدة الأصل في الأشياء الإباحة
و سوق القاعدة هكذا هو سوق منقوص عند المحققين

قال العلامة القاري في المرقاة:-
((الأصل في الأشياء الإباحة ما لم يصرف عنها دليل من الكتاب والسنة وإجماع الأمة ، أو القياس على وجه الصحة )) اهـ..

و هذه قاعدة لا تصلح إذا عورضت بقاعدة سد الذرائع ، و الواقع الحاصل المعايَن من كل أحد هو أكبر ناقض لاستعمال تلك القاعدة هنا ، ما يحتاج أحد للنقاش حول مفاسد المظاهرات ..

يقول العلامة ابن باز:-

سادساً: ذكرتم في كتابكم: (فصول من السياسة الشرعية) ص31،32: أن من أساليب النبي صلى الله عليه وسلم في الدعوة التظاهرات (المظاهرة).
ولا أعلم نصاً في هذا المعنى، فأرجو الإفادة عمن ذكر ذلك؟ وبأي كتاب وجدتم ذلك؟ فإن لم يكن لكم في ذلك مستند، فالواجب الرجوع عن ذلك؛ لأني لا أعلم في شيء من النصوص ما يدل على ذلك، ولما قد علم من المفاسد الكثيرة في استعمال المظاهرات، فإن صح فيها نص فلابد من إيضاح ما جاء به النص إيضاحاً كاملاً حتى لا يتعلق به المفسدون بمظاهراتهم الباطلة. والله المسئول أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، وأن يصلح قلوبنا وأعمالنا جميعاً، وأن يجعلنا من الهداة المهتدين، إنه جواد كريم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
http://ibnbaz.org/mat/8677
----------
و المبيحون للمظاهرات المعاصرة مضطربون مختلفون اختلافاً عظيماً ، و ليس قول واحد منهم هو قول جميعهم ، و لهم مسالك شتى متناقضة و متعارضة ، أما المحققون من علماء السنة فقولهم فيها واحد منتظم متسق و متفق مؤتلف لا مختلف ، و إن تباعدت بهم البلدان ، و هذا من علامات توفيقهم ، والله هو الموفق
 

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
رد: توافر المعانى حول السُـنة تجاه الحاكم الجانى

جزاكم الله خيرا أخي أمين أحسن الله إليكم
عندي ملاحظتان لو يتسع صدرك:
أولا: عندما ننقل أدلة المخالفين وردودهم على الأدلة ننقلها باستيفاء لا بانتقاء ومن كتبهم ما دامت متوافرة، لا من كتب خصومهم.
قال عبد الفتاح اليافعي في "الطريق إلى الألفة الإسلامية"، ص68، بعد أن نقل نماذج من الأخطاء في نقل المذاهب وما انبنى على ذلك من سوء فهم بين أهل العلم:
"ما سبق يحتم علينا أن نأخذ من عين مصادر الآخر لا الوسائط لأن الوسائط قد تعتمد على وسائط أخرى أو على فهمها أو يكون بين الواسطة وبين المتكلَّم فيه عداوة أو حسد أو خلاف في المذهب... إلخ.
قال الصنعاني في إيقاظ الفكرة ص٤٦ :
"الناس تبع لما ألفوه من اتباع الآباء بمجرد تقليد وهوى، ومن نظر من العلماء فهو:
إما من راكدي الهمة فيقصر نظره على ما دَوَّنَه أسلافه من الكتب، الحاكمين فيها لمقالتهم بعنوان: (أهل الحق – الفرقة الناجية – أهل العدل والتوحيد – أهل السنة والجماعة) إلى غير ذلك من العبارات المرونقة، ولمقالات غيرهم بعنوان: (المشبهة – القدرية – الجبرية –الرافضة) وغير ذلك من أسماء سموها.
ثم يجيء المتلقون بعد ذلك فينقلون أقوال خصومهم من تلك الكتب التي قد حكيت فيها أقوال خصومهم على خلاف ما قالوه وينسبون ذلك إليهم وهم منه براء، ويحكون أدلتهم بعنوان: (حجتنا– برهاننا – دليلنا) وحجة من قابلهم بـ ( الشبهة – المتمسك) وقد يحذفون منها ما هو مغزى الاستدال لئلا تَنْفُقَ في سوق المناظرة ثم يجيء المؤلف بعد ذلك فينقل أقوال خصومهم من تلك الكتب التي قد حُكيت فيها مذاهبهم على خلاف ما قالوه، ونسبةُ ذلك إليهم وهم واضح، ويبني الرد عليهم على تلك العبارات فيزداد الشر وينمو، ويربو الباطل ويعلو.
فإذا نظر ذلك القصير الهمة الجامد الذهن في تلك الأساطير جعلها عنوان الاعتقاد وأنزلها في أشرف منازل الفؤاد، فلو يؤتى بالله والملائكة قبيلا على أن ينصف في النظر ويأخذ كلام الناس من معادنه أو يترك تقليد أشياخه وآبائه ويكتفي بالبراءة الأصلية وبالنظر إلى الكتاب والسنة مازاده ذلك إلا تشددا فيما هو فيه.
وإما أن يكون الناظر من ذوي الهمة والذكاء فيطلع على مآخذ الناس من الكتاب والسنة ويظهر على الحق مع من كان، فيطرح ما ظهر له من الحق ويعود إلى الآباء إلا القليل بل الأقل من القليل، ورجع يدندن حول تلك الأساطير وينفقها في سوق التدريس، فإذا صك ذهنه آية أوحديث يناديان على خلاف ما قرره الأسلاف استروح لتأويلها ولو بتأويل يردُّه اللفظ ويأباه السياق" انتهى كلام الصنعاني بتصرف يسير.
ولاحظ أن كلام الصنعاني هو في الخلاف بين المذاهب العقدية.
وقَبْلَه كان المقبلي من دعاة الرجوع إلى المصادر الأصلية. قال أحمد المليكي في كتابه (المقبلي: حياته وفكره ) ص ٢٠٠ : "ودعا المقبلي إلى التعرُّف على المذاهب –سواء كانت عقدية أو فقهية– من أهلها بالرجوع إلى كتب هذه المذاهب نفسها فإن ما تضمنته مقدم على نقل الأجنبي) (المنار ٣٩٠/٢)
وحث المقبلي على عدم قبول شهادة المخالفين في العقائد فإنها من شهادة ذوي الإحن المردودة شرعا وقد عُلم من حالهم اتباع الهوى وقبول المثالب من دون تثبت ( العلم الشامخ ٥٠٤)
وصار كل منهم يحكى الشر عن مخالفه ويكتم الخير بل يروى الكذب والبهت أحيانا ( العلم الشامخ ٤١٤)
وكرر تحذيره من قبول كلام أهل المذاهب بعضهم في بعض وحث على النظر فيه ليؤخذ منه ويترك لا سيما في موضع التهمة فإن الشريعة قد ردت شهادة العدل المرضي في محل التهمة والاقتداء بها لازم وهو هنا من قياس الأولى ( العلم الشامخ ٣٨٥)
وذكر أن أصل عدم إنصاف المتمذهبين بعضهم بعضا هو عدم مبالاتهم بأقوال من عزموا على خصومتهم فيجهلون أقوالهم فيجهلون عليهم ( العلم الشامخ ص ٢٢٩)
وحض المقبلي على التحري في نقل أدلة المذاهب وحكايتها كاملة فإن كثيرا من المصنفين يتصرفون بانتخاب أدلة المذاهب المحكية على حسب آراء الحاكين لا على ما وقع للمحكي عنهم فقط ( المنار ١/١٢٨)
وكثيرا ما ينمقون حججهم ويذكرون أضعف حجج خصومهم ويجرونها على الوجه الذي يضعفها ليكون دفعها واضحَ الصحة ويتركون ما لا يندفع من أدلة الخصوم (المنار١/٣٦٨ و١٢٥)"
انتهى من كتاب الطريق إلى الألفة الإسلامية لليافعي ص68.

والملاحظة الأخرى: لا يجوز أن نسقط وننزل كلام العلماء الماضين في أحوالهم والوقائع التي عاشوها على واقعنا المعاصر حرفيا، ثم نزعم أن هذا هو رأيهم في هذا الواقع، إذا قد يتفق عالمان على تأصيل حكم ما، ولكنهما، مع هذا، يختلفان في تنزيل هذا الحكم على واقعة بعينها، فالاشتراك في التأصيل لا يخوِّلنا إسقاط الحكم المؤصَّل على واقع ما مع نسبة الحكم في هذا الواقع لمن أَصَّل الحُكم.
مثلا ابن كثير ممن شدد في عدم الخروج على الولي الجائر، (موافقة في التأصيل) ولكنه مع هذا ممن كفَّر من استبدل شرع الله بالياسق (قوانين وضعية) وأوجب قتله لا طاعته. (مخالفة في التنزيل).
النووي ممن نقل الإجماع على عدم الخروج على الجائر (موافقة في التأصيل) ولكنه جعل الحجاج ـ وهو دينيا خير من كثير من حكام عصرنا ـ ممن وجدت في عصره مظاهر الشرك والكفر التي تبرر خروج السلف عليه (مخالفة في التنزيل). وليت شعري هل مظاهر الشرك والكفر التي بدت من الحجاج في حكمه أكثر منها من كثير من حكام المسلمين هذه الأيام؟،
والشوكاني الذي أكثرت من النقل عنه قال في شأن خروج الحسين وغيره من السلف، نيل الأوطار(7: 362): "لا ينبغي لمسلم أن يحط على من خرج من السلف الصالح من العترة وغيرهم على أئمة الجور، فإنهم فعلوا ذلك باجتهاد منهم، وهم أتقى لله وأطوع لسنة رسول الله من جماعة ممن جاء بعدهم من أهل العلم، ولقد أفرط بعض أهل العلم كالكرامية ومن وافقهم في الجمود على أحاديث الباب حتى حكموا بأن الحسين السبط رضي الله عنه وأرضاه باغ على الخمير السكير الهاتك لحرم الشريعة المطهرة يزيد بن معاوية، فيالله العجب من مقالات تقشعر منها الجلود ويتصدع من سماعها كل جلمود"

 

متولى أمين حلوة

:: مشارك ::
إنضم
31 مايو 2010
المشاركات
248
الجنس
ذكر
التخصص
طب الأطفال
الدولة
saudia
المدينة
الأحساء - الهفوف
المذهب الفقهي
غير متمذهب
رد: توافر المعانى حول السُـنة تجاه الحاكم الجانى

جزاكم الله خيرا أخي أمين أحسن الله إليكم
عندي ملاحظتان لو يتسع صدرك
و جزاك الله عنا كل خير شيخنا و أستاذنا المبارك ، و كيف لا يتسع صدر المتعلم لكلام المعلم ؟ هذا واجب متحتم..
أولا: عندما ننقل أدلة المخالفين وردودهم على الأدلة ننقلها باستيفاء لا بانتقاء ومن كتبهم ما دامت متوافرة، لا من كتب خصومهم.
أحسن الله إليكم شيخنا المبارك ، لم يكن من شرط الموضوع الرد على المخالف المبيح للتظاهر ، و لم يكن غرضه استقصاء كل قول بأدلته ، بل كان القصد نقل أقوال المحققين من علماء السنة الكبار و أئمتها ، و الإشارة للأصول التى اعتمد عليها المبيحون..
و الكلام المنقول عن الصنعانى في إطار التقليد الأعمى و سوء النقل عن المخالف و تنميق القول الموالف و توهين القول المضاد ، لا يتجه هنا ، لأنى نقلت عن العلماء المتفق على إمامتهم ، عن العلماء المحققين و هؤلاء لا يقع عليهم هذا النسق و المنوال في الطرح ، هؤلاء محققون و أئمة كبار ، و العلم فيه كبار و صغار ، و فيه مسائل خطيرة ، و فيه نوازل ، و فيه أمور قد يصح فيها اجتماع أمثال أهل بدر في مقام العلم ..
و البركة مع الأكابر ، و من علامات الفتن أن يؤخذ العلم عن الأصاغر..
و كان دوري هو إبانة و تجلية قول هؤلاء العلماء ، و مخاطبة المبيحين للمظاهرات بروح المباحثة و المدارسة و الاستفادة و تلقي التوجيه من العلماء لا المواجهة..
و مع هذا فقد حصل من المبيحين ما أخذوه علينا من عدم الرد على أدلة الأئمة و العلماء ، و عدم استيفاء أطراف المسألة

كما حصل هنا في مشاركة شيخنا الفاضل الكريم عند نقله عن ابن كثير ، فابن كثير له في المسألة التى ألمحتم إليها عدة مواطن من التأصيل و التحرير..
قال ابن كثير " و كل كلمة من كلامه لابد من اعتبارها لا إلغائها ":-
في قوله تعالى( سماعون للكذب أكالون للسحت فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم وإن تعرض عنهم فلن يضروك شيئا وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط إن الله يحب المقسطين وكيف يحكمونك وعندهم التوراة فيها حكم الله ثم يتولون من بعد ذلك وما أولئك بالمؤمنين إنا ( 42 ) إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء فلا تخشوا الناس واخشون ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ( 44 ) )

نزلت هذه الآيات الكريمات في المسارعين في الكفر ، الخارجين عن طاعة الله ورسوله ، المقدمين
آراءهم
و أهواءهم
على شرائع الله ، عز وجل ( من الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم ) أي : أظهروا الإيمان بألسنتهم ، وقلوبهم خراب خاوية منه ، وهؤلاء هم المنافقون . ( ومن الذين هادوا ) أعداء الإسلام وأهله . وهؤلاء كلهم ( سماعون للكذب ) أي : يستجيبون له ، منفعلون عنه ( سماعون لقوم آخرين لم يأتوك ) أي : يستجيبون لأقوام آخرين لا يأتون مجلسك يا محمد . وقيل : المراد أنهم يتسمعون الكلام ، وينهونه إلى أقوام آخرين ممن لا يحضر عندك ، من أعدائك ( يحرفون الكلم من بعد مواضعه ) أي : يتأولونه على غير تأويله ، ويبدلونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون ( يقولون إن أوتيتم هذا فخذوه وإن لم تؤتوه فاحذروا )

و قال كذلك:-
وقوله تعالى : ( وإن أطعتموهم إنكم لمشركون ) أي : حيث عدلتم عن أمر الله لكم وشرعه إلى قول غيره ، فقدمتم عليه غيره فهذا هو الشرك ، كما قال تعالى : ( اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون ) [ التوبة : 31 ] . [ ص: 330 ] وقد روى الترمذي في تفسيرها ، عن عدي بن حاتم أنه قال : يا رسول الله ، ما عبدوهم ، فقال : " بل إنهم أحلوا لهم الحرام وحرموا عليهم الحلال ، فاتبعوهم ، فذلك عبادتهم إياهم "

و قال :-
وقوله : ( أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون ) ينكر تعالى على من خرج عن حكم الله المحكم المشتمل على كل خير ، الناهي عن كل شر وعدل إلى ما سواه من الآراء والأهواء والاصطلاحات ، التي وضعها الرجال بلا مستند من شريعة الله ، كما كان أهل الجاهلية يحكمون به من الضلالات والجهالات ، مما يضعونها بآرائهم وأهوائهم ، وكما يحكم به التتار من السياسات الملكية المأخوذة عن ملكهم جنكزخان الذي وضع لهم اليساق وهو عبارة عن كتاب مجموع من أحكام قد اقتبسها عن شرائع شتى ، من اليهودية والنصرانية والملة الإسلامية ، وفيها كثير من الأحكام أخذها من مجرد نظره وهواه ، فصارت في بنيه شرعا متبعا ، يقدمونها على الحكم بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم . ومن فعل ذلك منهم فهو كافر يجب قتاله ، حتى يرجع إلى حكم الله ورسوله [ صلى الله عليه وسلم ] فلا يحكم سواه في قليل ولا كثير ، قال الله تعالى : ( أفحكم الجاهلية يبغون ) أي : يبتغون ويريدون ، وعن حكم الله يعدلون . ( ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون ) أي : ومن أعدل من الله في حكمه لمن عقل عن الله شرعه ، وآمن به وأيقن وعلم أنه تعالى أحكم الحاكمين ، وأرحم بخلقه من الوالدة بولدها ، فإنه تعالى هو العالم بكل شيء ، القادر على كل شيء ، العادل في كل شيء .
ثم قال
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا هلال بن فياض حدثنا أبو عبيدة الناجي قال : سمعت الحسن يقول : من حكم بغير حكم الله ، فحكم الجاهلية [ هو ]

و قال في البداية و النهاية:-
فمن ترك الشرع المحكم المنزل على محمد بن عبد الله خاتم الأنبياء وتحاكم إلى غيره من الشرائع المنسوخة كفر، فكيف بمن تحاكم إلى الياسا وقدمها عليه؟ من فعل ذلك كفر بإجماع المسلمين قال الله تعالى "أفحكم الجاهلية يبغون و من أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون "و قال تعالى "فلا و ربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا حرجاً فيما قضيت و يسلموا تسليما"

و قال ابن كثير أيضاً في نفس المسألة من تفسير أول سورة الأعراف
ثم قال تعالى مخاطبا للعالم : ( اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ) أي : اقتفوا آثار النبي الأمي الذي جاءكم بكتاب أنزل إليكم من رب كل شيء ومليكه ، ( ولا تتبعوا من دونه أولياء ) أي : لا تخرجوا عما جاءكم به الرسول إلى غيره ، فتكونوا قد عدلتم عن حكم الله إلى حكم غيره .
( قليلا ما تذكرون ) كقوله : ( وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين ) [ يوسف : 103 ] . وقوله : ( وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله ) [ الأنعام : 116 ] وقوله : ( وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون ) [ يوسف : 106 ] .

و قال كذلك في آيات سورة المائدة:-
( ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون ) أي : ومن أعدل من الله في حكمه لمن عقل عن الله شرعه ، وآمن به وأيقن وعلم أنه تعالى أحكم الحاكمين ، وأرحم بخلقه من الوالدة بولدها ، فإنه تعالى هو العالم بكل شيء ، القادر على كل شيء ، العادل في كل شيء .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا هلال بن فياض حدثنا أبو عبيدة الناجي قال : سمعت الحسن يقول : من حكم بغير حكم الله ، فحكم الجاهلية [ هو ]
وأخبرنا يونس بن عبد الأعلى قراءة ، حدثنا سفيان بن عيينة عن ابن أبي نجيح قال : كان طاوس إذا سأله رجل : أفضل بين ولدي في النحل؟ قرأ : ( أفحكم الجاهلية يبغون [ ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون ] )
وقال الحافظ أبو القاسم الطبراني : حدثنا أحمد بن عبد الوهاب بن نجدة الخوطي حدثنا أبو اليمان الحكم بن نافع أخبرنا شعيب بن أبي حمزة عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين عن نافع بن جبير عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أبغض الناس إلى الله عز وجل ومبتغ في الإسلام سنة الجاهلية ، وطالب دم امرئ بغير حق ليريق دمه " . وروى البخاري عن أبي اليمان بإسناده نحوه .

و الفائدة من الاستيفاء هنا "و هو عين ما طالب به المبيحون و لم يتحقق منهم" ، الآتي:-
اعتبار التقديم و التفضيل
و اعتبار العموم
-----
أما اعتبار التقديم فلا أوضح منه و سيأتى تأكيده من شيخ الإسلام
و أما اعتبار العموم فلا أدل عليه من العمومات الواردة في الآيات و العمومات الواردة في كلام الأئمة ، و العمومات تتعلق بكل المكلفين و كل الأحكام ، و حتى الآن لم يجب المكفرون بإطلاق عن تلك العمومات بأجوبة مستقيمة و منتظمة من كلام السلف ، أجوبة مؤصلة لا توقعهم في إلزامات مضطربة متناقضة ، و أنى لهم أن يجيبوا ؟! أنى لهم أن يجيبوا و قد يعلمون تكاثر الأدلة و النقولات التى عند الأئمة ضد أجوبتهم؟!
و تجلية للعمومين الواردين في آيات المائدة ، أقول كما سبق ، هناك عمومان ، عموم (من) و عموم (ما) في قوله تعالى ( و من لم يحكم بما أنزل الله ) ، و قد علم الأصولي الفقيه و علم معه المفسر العالم بألفاظ القرآن ، أن العلماء داخلون في الآية دخولاً أولياً ، و عموم فتواهم أوسع دائرةً من عموم غيرهم ، و دوائر العموم مهمة ، لابد من استيعابها حتى لا نخلط بين العموم من جهة و بين ما يقع العموم عليه من جهة أخرى ، و حتى ندرك أى دائرة أفرادها أشمل و أعم من عموم الدائرة الأخرى؟
مثلاً ، و حتى لا أطيل في تلك الجزئية ، فتوى شيخ الأزهر - أى شيخ - عمومها أعم ؟ أم عموم حكم قاضي المحكمة الدستورية في تونس "مثلا" ؟ أم عموم مدرس القانون الوضعي في كلية الحقوق و القانون ؟ الذي يؤسس و يؤصل الحكم بغير ما أنزل الله ..
و مع هذا فإنى مختصرٌ المسألةَ غاية الاختصار ، و لا أحب الإجابة هنا إلا بقدر الحاجة ، حتى لا تضيع الفائدة و تتشعب المسائل..
و السؤال : يا للعجب منكم أيها المكفرون بإطلاق كيف سهوتم بالكلية عن مفردات العمومات الواردة في الآيات ؟ و بأى نص محكم خصصتم العمومات ؟ و لأى إمام رجعتم في ذلكم التخصيص ؟
و لينتبه المجيب ، ألا يوقع نفسه في تأصيل مخالف للنصوص و ليس عليه أمارة من الأثر و لا اتباع لأهل الأثر ، فليعد المخالف لهذه الأسئلة أجوبة محررة ، حتى لا نضيع الأوقات في الرد على أجوبة غير متينة تذهبنا بعيداً عن أصل الموضوع..
____________
قال شيخ الإسلام:-
لما
سئـل ـ رحمه الله تعالى ـ عن رجل تولي حكومة على جماعة من رماة البندق، ويقول: هذا شرع البندق، وهو ناظر على مدرسة وفقهاء: فهل إذا تحدث في هذا الحكم والشرع الذي يذكره تسقط عدالته من النظر، أم لا؟ وهل يجب على حاكم المسلمين الذي يثبت عدالته عنده إذا سمع أنه يتحدث في شرع البندق الذي لم يشرعه الله ولا رسوله أن يعزله من النظر، أم لا؟
فأجاب:
الحمد لله، ليس لأحد أن يحكم بين أحد من خلق الله، لا بين المسلمين، ولا الكفار، ولا الفتيان، ولا رماة البندق، ولا الجيش ولا الفقراء، ولا غير ذلك إلا بحكم الله ورسوله. ومن ابتغي غير ذلك تناوله قوله تعالى: { أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ الله حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ } [331]، وقوله تعالى: { فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّي يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا } [332]، فيجب على المسلمين أن يحكموا الله ورسوله في كل ما شجر بينهم، ومن حكم بحكم البندق وشرع البندق، أو غيره مما يخالف شرع الله ورسوله، وحكم الله ورسوله، وهو يعلم ذلك، فهو من جنس التتار الذين يقدمون حكم الياساق على حكم الله ورسوله، ومن تعمد ذلك فقد قدح في عدالته ودينه، ووجب أن يمنع من النظر في الوقف، والله أعلم.
المجموع /35

و قال كذلك
فكيف إذا كان ما قاله لم يقله أحد من أئمة المسلمين، لا الأربعة ولا من قبلهم من الصحابة والتابعين، وإنما يقوله مثله وأمثاله ممن لا علم لهم بالكتاب والسنة وأقوال السلف والأئمة، وإنما يحكمون بالعادات التي تربوا عليها، كالذين قالوا: { إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا على أُمَّةٍ وَإِنَّا على آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ } ، وكما تحكم الأعراب بالسوالف التي كانت لهم وهي عادات، كما يحكم التتر بالياساق الذي جرت به عاداتهم، وأما أهل الإيمان والإسلام والعلم والدين فإنما يحكمون بكتاب الله وسنة رسوله، كما قال تعالى: { فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّي يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا } ، وقال تعالى: { أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ الله حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ }
والله ـ سبحانه ـ لم يرض بحكم واحد بين الزوجين إذا خيف الشقاق بينهما فإنه لا يعلم أيهما الظالم، وليس بينهما بينة، بل أمر بحكمين، وألا يكونا متهمين، بل حكمًا من أهل الرجل وحكمًا من أهل المرأة، كما قال تعالى: { وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاَحًا } ، أي الحكمين ـ { يُوَفِّقِ الله بَيْنَهُمَا } أي: بين الزوجين. فإن رأيا المصلحة أن يجمعا بين الزوجين جمعا، وإن رأيا المصلحة أن يفرقا بينهما فرقا: إما بعوض تبذله المرأة فتكون الفرقة خلعًا إن كانت هي الظالمة، وإن كان الزوج هو الظالم فرق بينهما بغير اختياره. وأكثر العلماء على أن هذين حكمان، كما سماهما الله حكمين، يحكمان بغير توكيل الزوجين، وهذا قول مالك والشافعي والإمام أحمد في أحد قوليهما، وقيل: هما وكيلان كقول أبي حنيفة والقول الآخر في المذهبين.
فهنا لما اشتبه الحق لم يجعل الله الحكم لواحد، وهو في قضية معينة بين زوجين، ولو حكم حاكم واحد بين الزوجين في أمر ظاهر لم ينفذ حكمه باتفاق المسلمين، فيكف بأمور الدين والعبادات التي يشترك فيها جميع المسلمين، وقد اشتبهت على كثير من الناس. هذا بإجماع المسلمين لا يحكم فيه إلا الله ورسوله، فمن كان عنده علم مما جاء به الرسول ، بينه وأوضحه للمسلمين، والمسلمون إذا عرفوا شرع نبيهم لم يعدلوا عنه.
وإن كان كل قوم يقولون: عندنا علم من الرسول ولم يكن هناك أمر ظاهر يجمعون فيما تنازعوا فيه كان أحد الحزبين لهم أجران، والآخرون لهم أجر واحد، كما قال تعالى: { وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَفَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا }
وولي الأمر إن عرف ماجاء به الكتاب والسنة حكم بين الناس به، وإن لم يعرفه وأمكنه أن يعلم ما يقول هذا وما يقول هذا حتي يعرف الحق حكم به. وإن لم يمكنه لا هذا ولا هذا ترك المسلمين على ما هم عليه كل يعبد الله على حسب اجتهاده، وليس له أن يلزم أحدًا بقبول قول غيره وإن كان حاكمًا.
وإذا خرج ولاة الأمور عن هذا فقد حكموا بغير ما أنزل الله، ووقع بأسهم بينهم قال النبي : (ما حكم قوم بغير ما أنزل الله إلا وقع بأسهم بينهم)، وهذا من أعظم أسباب تغيير الدول كما قد جري مثل هذا مرة بعد مرة في زماننا وغير زماننا، ومن أراد الله سعادته جعله يعتبر بما أصاب غيره فيسلك مسلك من أيده الله ونصره، ويجتنب مسلك من خذله الله وأهانه، فإن الله يقول في كتابه: { وَلَيَنصُرَنَّ الله مَن يَنصُرُهُ إِنَّ الله لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلله عَاقِبَةُ الْأُمُورِ }، فقد وعد الله بنصر من ينصره، ونصره هو نصر كتابه ودينه ورسوله، لا نصر من يحكم بغير ما أنزل الله، ويتكلم بما لا يعلم، فإن الحاكم إذا كان دَيِّنا لكنه حكم بغير علم كان من أهل النار، وإن كان عالمًا لكنه حكم بخلاف الحق الذي يعلمه كان من أهل النار، وإذا حكم بلا عدل ولا علم كان أولي أن يكون من أهل النار، وهذا إذا حكم في قضية معينة لشخص. وأما إذا حكم حكمًا عامًا في دين المسلمين فجعل الحق باطلا والباطل حقًا، والسنة بدعة والبدعة سنة، والمعروف منكرًا والمنكر معروفًا، ونهي عما أمر الله به ورسوله، وأمر بما نهي الله عنه ورسوله، فهذا لون آخر يحكم فيه رب العالمين، وإله المرسلين مالك يوم الدين، الذي { لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَي وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَاليه تُرْجَعُونَ } ، { هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَي وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ على الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَي بِالله شَهِيدًا } ، والحمد لله رب العالمين. وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
و كل قارئ يعلم أن ولاة الأمور هم العلماء و الأمراء ، و اتضح من كلام العلماء أن العادات و السوالف و الأعراف كلها مما يدخل في المسألة ، و أن أهل البدع داخلون في القضية ، و أن كل من حكم بنوع عموم فهذا لون آخر غير القضية المعينة..فما أصناف الذين يحكمون بنوع عموم ؟
هذا موضع إشكال ، و الحمد لله على تجلية هذا الإشكال بفضله وحده عز و جل..و المنتظر إجابة المكفرين بإطلاق عما سبق من أسئلة..

و قال شيخ الإسلام :-
فهذا ذم من الأئمة لكل من يتكلم في صفات الرب بغير ما أخبر به الرسول. فكيف بالذين يجعلون الكتاب والسنة لا يفيد علمًا، ويقدمون رأيهم على ذلك، مع فساده من وجوه كثيرة؟
المجموع/16

و قال :-
وأصل ضلال من ضل، هو بتقديم قياسه على النص المنزل من عند الله، واختياره الهوي على اتباع أمر الله، فإن الذوق والوجد ونحو ذلك، هو بحسب ما يحبه العبد، فكل محب له ذوق، ووجد بحسب محبته. فأهل الإيمان لهم من الذوق والوجد مثل ما بينه النبي بقوله في الحديث الصحيح: «ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: من كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، ومن كان يحب المرء لا يحبه إلا لله، ومن كان يكره أن يرجع في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه، كما يكره أن يلقى في النار». وقال في الحديث الصحيح: «ذاق طعم الإيمان من رضى بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد نبيا».
وأما أهل الكفر والبدع والشهوات، فكل بحسبه، قيل لسفيان بن عيينة: ما بال أهل الأهواء لهم محبة شديدة لأهوائهم؟ فقال: أنسيت قوله تعالى: { وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمْ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ } [71]؟، أو نحو هذا من الكلام. فعباد الأصنام يحبون آلهتهم، كما قال تعالى: { وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ } [72]، وقال: { فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنْ اللهِ } [73]، وقال: { إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمْ الْهُدَى } [74] ؛ ولهذا يميل هؤلاء إلى سماع الشعر والأصوات التي تهيج المحبة المطلقة، التي لا تختص بأهل الإيمان، بل يشترك فيها محب الرحمن، ومحب الأوثان، ومحب الصلبان، ومحب الأوطان، ومحب الإخوان، ومحب المردان، ومحب النسوان. وهؤلاء الذين يتبعون أذواقهم، ومواجيدهم من غير اعتبار لذلك بالكتاب والسنة، وما كان عليه سلف الأمة.
فالمخالف لما بعث به رسوله من عبادته وطاعته، وطاعة رسوله لا يكون متبعا لدين، شرعه الله، كما قال تعالى: { ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنْ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ. إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنكَ مِنْ اللهِ شَيْئًا } إلى قوله: { وَاللهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ } ، بل يكون متبعا لهواه بغير هدى من الله، قال تعالى: { أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنْ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللهُ } ، وهم في ذلك تارة يكونون على بدعة يسمونها حقيقة يقدمونها على ما شرعه الله، وتارة يحتجون بالقدر الكوني على الشريعة، كما أخبر الله به عن المشركين، كما تقدم.
المجموع/10
و من ظن أن العلماء و أن أهل البدع خارجون عن مقتضى آيات الحكم بما أنزل الله فهو مخطئ غاية الخطأ..
و من ظن أن التقليد الأعمى و التعصب المقيت للآراء خارج عن مقتضى تلك الآيات فهو مخطئ..

قال القاسمي في تفسيره عند قوله تعالى "فلا و ربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم"
الخامس : أعلم أن كل حديث صح عن رسول الله صَلّى اللهُ عليّه وسلّم ، بأن رواه جامعو الصحاح ، أو صححه من يرجع إليه في التصحيح من أئمة الحديث ، فهو مما تشمله هذه الآية ، أعني قوله تعالى : { مّمّا قَضَيْتَ } فحينئذ يتعين على كل مؤمن بالله ورسوله الأخذ به وقبوله ظاهراً وباطناً ، وإلا بأن التمس مخارج لرده أو تأويله ، بخلاف ظاهره ، لتمذهب تقلَّده وعصبية رُبِيَ عليها ، كما هو شأن المقلدة أعداء الحديث وأهله - فيدخل في هذا الوعيد الشديد المذكور في هذه الآية ، الذي تقشعر له الجلود وترجف منه الأفئدة .
فمن جعل تلك الآيات و مثيلاتها مما يخص بعض المكلفين في بعض الأحكام فهو منشئ حكماً جديداً ، ليس له فيه برهان..و لو انجلى عند المخالف موضع الإشكال هذا لقطعنا شوطاً كبيراً في حسم مادة الخلاف..

و للقاسمي كلام مهم عند قوله تعالى "اليوم أكملت لكم دينكم" ، كلام مهم يتعلق بطرفين من أطراف المسألة ، ألا و هما :-
العموم ،
و دخول أفراد المقلدة المتعصبة تحت عموم الآيات محل البحث الذي سيق لأجله كلام ابن كثير

قال رحمه الله :-
قال صاحب " فتح البيان " : لا معنى للإكمال في الآية إلا وفاء النصوص بما يحتاج إليه الشرع . إمَّا بالنص على كل فرد ، أو باندراج ما يحتاج إليه تحت العمومات الشاملة . ومما يؤيد ذلك قوله تعالى : { مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ } [ الأنعام : 38 ] وقوله : { وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ } [ الأنعام : 59 ] وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : < تركتكم على الواضحة ، ليلها كنهارها > . وجاءت نصوص الكتاب العزيز بإكمال الدين . وبما يفيد هذا المعنى ، ويصحح دلالته ، ويؤيد برهانه ، ويكفي في دفع الرأي ، وأنه ليس من الدين -قول الله تعالى هذا . فإنه إذا كان الله قد أكمل دينه قبل أن يقبض إليه نبيَّه صلى الله عليه وسلم ، فما هذا الرأي الذي أحدثه أهله بعد أن أكمل الله دينه لأنه إن كان من الدين -في اعتقادهم -فهو لم يكمل عندهم إلا برأيهم ، وهذا فيه ردَّ للقرآن . وإن لم يكن من الدين ، فأيّ فائدة في الاشتغال بما ليس منه ؟ وما ليس منه فهو ردّ بنص السنة المطهرة . كما ثبت في " الصحيح " -وهذه حجة قاهرة ودليل باهر لا يمكن أهل الرأي أن يدفعوه بدافع أبداً . فاجعل هذه الآية الشريفة أول ما تصكّ به وجوه أهل الرأي ، وترغم به آنافهم ، وتدحض به حجتهم . فقد أخبرنا الله في محكم كتابه أنه أكمل دينه . ولم يمت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بعد أن أخبرنا بهذا الخبر عن الله عز وجل . فمن جاء بشيء من عند نفسه وزعم أنه من ديننا قلنا له : إنّ الله أصدق منك : { وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلاً } [ النساء : 122 ] . اذهب لا حاجة لنا في رأيك . وليت المقلدة فهموا هذه الآية حق الفهم حتى يستريحوا ويريحوا . وقد أخبرنا الله في محكم كتابه أن القرآن أحاط بكل شيء فقال : { مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْء } [ الأنعام : 38 ] . وقال : { تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً } [ النحل : 89 ] . ثم أمر عباده بالحكم بكتابه فقال : { وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ } [ المائدة : 49 ] . وقال : { لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ } [ النساء : 105 ] . وقال : { إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ } [ الأنعام : 57 ] . وقال : { وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ } [ المائدة : 44 ] . وفي آية . . { هُمُ الظَّالِمُون } [ المائدة : 45 ] . وفي أخرى . . { هُمُ الْفَاسِقُونَ } [ المائدة : 47 ] . وأمر عباده أيضاً في محكم كتابه باتباع ما جاء به رسوله صلى الله عليه وسلم فقال : { وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا } [ الحشر : 7 ] . وهذه أعمّ آية في القرآن ، وأبْيَنُها في الأخذ بالسنة المطهرة ، وقال : { أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ } [ النساء : 59 ] . وقد تكرر هذا في مواضع من الكتاب العزيز . وقال : { إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا } [ النور : 51 ] . وقال : { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ }
[ الأحزاب : 21 ] . والاستكثار من الاستدلال على وجوب طاعة الله وطاعة رسوله لا يأتي بعائدة . ولا فائدة زائدة ، فليس أحد من المسلمين يخالف في ذلك . ومن أنكره فهو خارج عن حزب المسلمين . وإنما أوردنا هذه الآيات الكريمة ، والبينات العظيمة تلييناً لقب الملّقد الذي قد جمد ، وصار كالجلمد . فإنه إذا سمع مثل هذه الأوامر القرآنية ، ربما امتثلها وأخذ دينه من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، طاعة لأوامره . فإن هذه الطاعة ، وان كانت معلومة لكل مسلم ، لكن الإنسان قد يذهل عن القوارع الفرقانية والزواجر المحمدية ، فإذا ذُكِّرَ بها ذَكرَ . ولا سيما من نشأ على التقليد وأدرك سلفه ثابتين عليه غير متزحزحين عنه . فإنه يقع في قلبه ، أن دين الإسلام هو هذا الذي هو عليه . وما كان مخالفاً له فليس من الإسلام في شيء . فإذا راجع نفسه رجع .
و تفسير القاسمي من أنفع التفاسير في تبيان تلك المسألة ، و ما أكثر تجليته لنقولات شيخى الإسلام ، ابن تيمية و ابن القيم ، رحم الله الجميع..

و من استقرأ كلام الأئمة وجد أنهم يستدلون بالآيات محل النظر على غير طريقة المكفرين بإطلاق ، الآيات عامة و كذلك استدلال العلماء و الأئمة

قال شيخ الإسلام :-
ومن نسب إلى رسول الله الباطل خطأ فإنه يعرف فإن لم ينته عوقب ولا يحل لأحد أن يتكلم في الدين بلا علم ولا يعين من تكلم في الدين بلا علم أو أدخل في الدين ما ليس منه
وأما قول القائل: كل يعمل في دينه الذي يشتهي فهي كلمة عظيمة يجب أن يستتاب منها وإلا عوقب بل الإصرار على مثل هذه الكلمة يوجب القتل فليس لأحد أن يعمل في الدين إلا ما شرعه الله ورسوله دون ما يشتهيه ويهواه قال الله تعالى: { ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله } وقال تعالى: { وإن كثيرا ليضلون بأهوائهم بغير علم } { ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله } وقال: { ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل } وقال تعالى: { أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا * أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا } وقال تعالى: { فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما }
وقد روي عنه أنه قال: [ والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به ] قال تعالي: { ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا * وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا } وقال تعالى: { أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله } وقال تعالى: { المص * كتاب أنزل إليك فلا يكن في صدرك حرج منه لتنذر به وذكرى للمؤمنين * اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلا ما تذكرون } وقال تعالى: { ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السماوات والأرض ومن فيهن } وأمثال هذا في القرآن كثير
فتبين أن على العبد أن يتبع الحق الذي بعث الله به رسوله ولا يجعل دينه تبعا لهواه والله أعلم
فما أكثر العجب من حصر المكفرين بإطلاق تلك الآيات لأحكام مخصوصة و لمكلفين محدودين ، فمن أين أتاهم التخصيص؟

قال الشافعي في الرسالة
باب: ما أمر الله من طاعة رسوله
قال الله - جل ثناؤه -: { إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ. يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ، وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا } .
وقال: { مَنْ يُطِعْ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ } .
فأعْلَمَهم أنَّ بَيْعَتهم رسولَه بيعتُه، وكذلك أعْلمهم أنَّ طاعتَهم طاعتُه.
وقال: { فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ، ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ، وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } .
نزلت هذه الآية فيما بلغنا - والله أعلم - في رجل خاصَمَ الزُّبَيْر في أرضٍ، فقضى النبي بها للزبير.
وهذا القضاء سنة من رسول الله، لا حُكْمٌ منصوص في القُرَآن.
والقُرَآن يدل - والله أعلم - على ما وصفْتُ، لأنه لو كان قضاءً بالقُرَآن كان حُكما منصوصا بكتاب الله، وأشبَهَ أن يكونوا إذا لم يُسَلِّموا لحكم كتاب الله نصًّا غيرَ مُشْكِل الأمر، أنَّهم ليسوا بِمُؤمنين، إذا رَدُّوا حكمَ التنزيل، إذا لم يسلموا له.
وقال تبارك وتعالى: { لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا. قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا، فَلْيَحْذَرْ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }
وقال: { وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ(48). وَإِنْ يَكُنْ لَهُمْ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ(49). أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمْ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ؟ بَلْ أُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ(50) إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا: سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا، وَ أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ(51). وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقِيهِ، فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَائِزُونَ(52) }
فأعلم اللهُ الناسَ في هذه الآية، أنَّ دعاءهم إلى رسول الله ليحكم بينهم: دعاء إلى حكم الله، لأن الحاكم بيْنهم رسولُ الله، وإذا سلَّموا لحكم رسول الله، فإنما سلموا لحكمه بفرض الله.
وأنَّه أعْلَمَهم أن حكمَه: حكمُه، على معنى افتراضه حكمَه، وما سبق في علمه - جل ثناؤه - مِن إسْعاده بعِصْمته وتوفيقه، وما شَهِد له به من هِدايتِه واتباعِه أمْرَه.
فأَحْكَمَ فرضَه بإلزام خَلْقِه طاعةَ رسوله، وإعْلامِهم أنها طاعتُه.
فَجَمَعَ لهم أنْ أعْلمَهم أنَّ الفرض عليهم اتباعُ أمره، وأمرِ رسوله، وأن طاعة رسوله: طاعتُه، ثم أعلمهم أنه فَرَضَ على رسوله اتباعَ أمرِه - جل ثناؤه -.

قال تعالى {فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله وإلى الرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر} (النساء)
وقال تعالى {وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله} (الشورى).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (فمسائل النزاع في الأصول والفروع إذا لم ترد إلى الله ورسوله لم يتبين فيها الحق بل يصير المتنازعون فيها على غير بينة من أمرهم فإن رحمهم الله أقر بعضهم بعضا ولم يبغ بعضهم على بعض ...)
وقال الإمام ابن القيم في الآية الأولى: (وهذا يعم دقيق ما تنازع فيه المسلمون وجليله ولا يخص شيئا دون شيء فمن ظن أن هذا في شرائع الإسلام دون حقائق الإيمان وفي أعمال الجوارح دون أعمال القلوب وأذواقها ومواجيدها أو في فروع الدين دون أصوله وباب الأسماء والصفات والتوحيد فقد خرج عن موجب الآية علما وعملا وإيمانا بل كما أن رسالته عامة إلى كل مكلف في كل وقت فهي عامة في كل حكم من أحكام الدين أصوله وفروعه حقائقه وشرائعه فمن أخرج حكما من أحكام الدين عن عموم رسالته فهو كمن أخرج محكوما عليه من المكلفين عن عموم رسالته فهذا في البطلان كهذا) فهاهنا عمومان كما سبق تقريره
وقال أيضا: (وهذا دليل قاطع على أنه يجب رد موارد النزاع في كل ما تنازع فيه الناس من الدين كله إلى الله ورسوله لا إلى أحد غير الله ورسوله فمن أحال الرد على غيرهما فقد ضاد أمر الله ومن دعا عند النزاع إلى حكم غير الله ورسوله فقد دعا بدعوى الجاهلية فلا يدخل العبد في الإيمان حتى يرد كلما تنازع فيه المتنازعون إلى الله ورسوله ولهذا قال الله تعالى {إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر...) وحسبك بهذه الآية العاصمة القاصمة بيانا وشفاء فإنها قاصمة لظهور المخالفين لها عاصمة للمتمسكين بها الممتثلين ما أمرت به قال الله تعالى{ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة وإن الله لسميع عليم} (الأنفال) . وقال تعالى {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما} (النساء ).
قال الإمام ابن القيم عند هذه الآية: (أقسم سبحانه بنفسه المقدسة قسما مؤكدا بالنفي قبله على عدم إيمان الخلق حتى يحكموا رسوله في كل ما شجر بينهم من الأصول والفروع وأحكام الشرع وأحكام المعاد وسائر الصفات وغيرها ولم يثبت لهم الإيمان بمجرد هذا التحكيم حتى ينتفي عنهم الحرج وهو ضيق الصدر وتنشرح صدورهم لحكمه كل الانشراح ، وتنقسم له كل الإنقسام وتقبله كل القبول ولم يثبت لهم الإيمان بذلك أيضا حتى ينظاف إليه مقابلة حكمه بالرضى والتسليم وعدم المنازعة وانتفاء المعارضة والاعتراض... وعند الامتحان تعلم هل هذه الأمور الثلاثة موجودة في قلب أكثر من يدعي الإسلام أم لا)
و عن دخول أهل البدع في مقتضى الحكم بغير ما أنزل الله ، يقول شيخ الإسلام
يجب أن يعرف أن المرجع في القرب والطاعات والديانات والمستحبات إلى الشريعة ليس لأحد أن يبتدع دينا لم يأذن الله به ويقول هذا يحبه الله بل بهذه الطريق بدل دين الله وشرائعه وابتدع الشرك وما لم ينزل الله به سلطانا
وكل ما في الكتاب والسنة وكلام سلف الأمة وأئمة الدين ومشايخه من الحض على اتباع ما أنزل إلينا من ربنا واتباع صراطه المستقيم واتباع الكتاب واتباع الشريعة والنهي عن ضد ذلك فكله نهى عن هذا وهو ابتداع دين لم يأذن الله به سواء كان الدين فيه عبادة غير الله وعبادة الله بما لم يأمر به بل دين الحق أن نعبد الله وحده لا شريك له بما أمرنا به على ألسنة رسله كما قال الفضيل بن عياض في قوله ليبلوكم أيكم أحسن عملا سورة الملك 2 قال أخلصه وأصوبه قيل يا أبا علي ما أخلصه وأصوبه فقال إن العمل إذا كان خالصا ولم يكن صوابا لم يقبل وإذا كان صوابا ولم يكن خالصا لم يقبل حتى يكون خالصا صوابا والخالص أن يكون لله والصواب أن يكون على ألسنة
من الاستقامة..
و لو قُصِد استيفاء كل طرف من أطراف المسألة ، فلا ريب أن طبيعة المهنة تحول دون ذلك ، مع ما تقتضيه الوحدة و الغربة من الانشغال بأعمال لم يكن لى منها نصيب قبل ذلك ، و لكن فيما سبق إيماءات و تلميحات مختصرة ، و مواطن من كلام العلماء ، ينبغي للقارئ التمعن و التدقيق فيها و الاستفادة منها راجياً إصابة الحق لا مجرد الرد ، و الله المستعان..
______________________
و أختم مباحثتى مع الملاحظة الأولى لشيخنا الكريم ، بِدُرة أثرية لإمام من أئمة المالكية
قال الإمام ابن عبد البر : (و إلى منازعة الظالم الجائر ذهبت طوائف من المعتزلة وعامة الخوارج) التمهيد ( 23/271)
و إلى الشروع في التعقيب على الملاحظة الثانية بحول الله و قوته..
 

متولى أمين حلوة

:: مشارك ::
إنضم
31 مايو 2010
المشاركات
248
الجنس
ذكر
التخصص
طب الأطفال
الدولة
saudia
المدينة
الأحساء - الهفوف
المذهب الفقهي
غير متمذهب
رد: توافر المعانى حول السُـنة تجاه الحاكم الجانى

لا يجوز أن نسقط وننزل كلام العلماء الماضين في أحوالهم والوقائع التي عاشوها على واقعنا المعاصر حرفيا، ثم نزعم أن هذا هو رأيهم في هذا الواقع، إذا قد يتفق عالمان على تأصيل حكم ما، ولكنهما، مع هذا، يختلفان في تنزيل هذا الحكم على واقعة بعينها، فالاشتراك في التأصيل لا يخوِّلنا إسقاط الحكم المؤصَّل على واقع ما مع نسبة الحكم في هذا الواقع لمن أَصَّل الحُكم.
هذا موطن اضطرب فيه كلام شيخنا أحسن الله إليه ، فرغم تقعيدكم لقاعدة أنه لا يجوز أن نسقط وننزل كلام العلماء الماضين في أحوالهم والوقائع التي عاشوها على واقعنا المعاصر حرفيا ،و ها هنا محل تعجب كبير!!
رأيناكم تستدلون بكلام لابن تيمية بخصوص سد الذرائع ،"و هذه القاعدة في الأساس من أصول الإمام أحمد" ، المهم أنكم تستدلون بكلام الأقدمين على وقائع ظننتم أنها غير مسبوقة ، مع أن كتب التاريخ بمثيلاتها و أشد منها مشحونة ، في بلاد المسلمين الأندلس و غيرها..
فإذا ما احتججنا على كلامكم هذا جاءت قاعدتكم الأخرى : أنه يجوز الموافقة في التأصيل و المخالفة في التنزيل..
و ملاحظتكم تدور بين هاتين الدائرتين المتناقضتين..
فأرجو رفع الاضطراب أولاً ثم بعد ذلك أكمل مناقشتى..
و لمزيد تجلية موطن الاضطراب أقول:-
العلماء يستدلون بكلام الأئمة على منع المظاهرات..
يرد عليهم المبيحون فيقولون لا ، الواقع مخالف لواقع الأئمة ، فلا نستدل بكلامهم
ثم يأتى المبيحون فيقعون في عين ما يحتجون به على المانعين فيذكرون قواعد و كلام للأئمة كيما يستدلون به على إباحة التظاهرات..
فإذا ما ذكرهم المانعون بقاعدتهم أنه لا يجوز الاستدلال بكلام الأقدمين على وقائع لم يعاصروها !!"هكذا" ، أجابوهم ، بجواز المخالفة في التنزيل..
فعلى أى قاعدة يرتكز المبيحون حتى نستطيع النقاش ؟ إن أتيناهم من باب الأقدمين قالوا لنا اتركوهم ، و إن أخذوا بكلام الأقدمين قالوا يجوز لنا الموافقة في التأصيل و المخالفة في التنزيل..
قلنا لهم : كيف يتم هذا مع المشابهة بين الوقائع ، بل واقعة مثل واقعة القول بخلق القرآن أشد خروجا عن الدين ، و مع ذلك لم يقم الإمام أحمد حتى بتزيين الخروج ، و الناس كانوا ينتظرون كلمة..
فيا للعجب من هذا التناقض ، إذا ذكرنا لهم كلام الأئمة الصريح للمنع قالوا : لا اتركوا كلامهم
و إذا ذكروا هم بأنفسهم كلام الأئمة للإباحة "بطريقة بعيدة جداً و فيها نوع انتزاع غير متين " ،
قلنا لهم : ارجعوا لقاعدتكم في ترك كلام الأئمة ، قالوا لا ، يجوز لنا مخالفتهم تنزيلاً لا تأصيلاً..
---------
و موطن الإشكال فيما يبدو لي أنهم يجعلون ابتداء المظاهرات و إنشاءها ليس من الخروج..و المظاهرات لها أول و لها آخر و ليس حكم أولها بأولى من حكم آخرها ، العاقل المنصف يعلم ذلك ، مع علمه أن ضبط مسيرات المظاهرات أمر خيالى..
فإذا تكلم متكلم في المظاهرات لا ينبغي له أن يعقد كل كلامه على ابتدائها ، فالمظاهرات لها تكوين متكامل ، لها هيئة و صفة ، لها أحوال ، و يجب حين الكلام على المظاهرات ، أن نعتبر بسلامتها لا سلميتها..
لأن العارف بشرع الله نظره أشمل و رعايته للمقاصد الشرعية أكمل ، فالرجل العامى يتكلم عن المسالمة في التظاهر ، أما الفقيه فيتكلم عن السلامة ، سلامة المظاهرات من المفاسد الشرعية و الدنيوية كلتيهما معاً ، و هذا فرق مهم بين المتكلم العامى و بين المتكلم العارف بالفقه و الواقع..
العامى يقول : هى سلمية ((في البداية فقط))
و الفقيه يسأل : هل هى سالمة من المخالفات ؟؟
و الفقيه لابد له من معرفة الواقع الذي أهدرت فيه دماء و استغله دهماء و روافض و ملاحدة و علمانيون.
و حين تأتى الشريعة بضد ما تنزع إليه النفس ، ينبغى أن نعلم أن هذا له حكمة و له مصلحة راجحة ، النفس تنزع إلى رفض الظلم و الجور و إلى رد الاعتداء و إلى دفع المنتهب الذي يستلب المال ، فحين يأتى الحديث الصريح بضد هذا ، و يقول "تسمع و تطيع للأمير و إن ضرب ظهرك و أخذ مالك" فهذا لابد من رعايته لمقصد أعظم في الدين ، و هو مما لا يصح الغفلة عنه..

و حينئذ لا ينبغي تكرار ذكر أن هؤلاء الأمراء ظلمة و جورة و فسقة ، لأن الحديث نص في محل العلة ذاتها التى يكرر ذكرها المبيح للتظاهر..
هذا أمر..
و الأمر الثانى أن المبيحين ضيقوا كلامهم في معنى الخروج على ولي الأمر ، و الخروج أشمل من التظاهر و القتال
و الصحيح أن : تزيين الخروج من جنس الخروج
و الخروج قد يكون بالقول حتماً كما قد يكون بالفعل ، لأن الخروج بالفعل مقدمته عند من يخرج بالقول..
و الخروج بالفعل لا يشترط فيه حمل السلاح ، قد يقع بغير سلاح
و أعلى درجات و صور الخروج هى الخروج بالمقاتلة بالسلاح ، فلماذا نترك الكلام على الموضوع بغير استيفاء ؟ و نحصر الكلام على النهايات دون البدايات..
الخروج بالسلاح نهاية و بدايته لها حكم ، مقدمات الخروج لها حكم ، أسباب الخروج لها حكم..
الخروج الفعلى مقدمته عند الخروج الاعتقادى و نقض البيعة التى تساوى الميتة الجاهلية بنص حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم..
فلنستوفِ - كما أردتم - مقام البحث في كل نقاطه..
 

متولى أمين حلوة

:: مشارك ::
إنضم
31 مايو 2010
المشاركات
248
الجنس
ذكر
التخصص
طب الأطفال
الدولة
saudia
المدينة
الأحساء - الهفوف
المذهب الفقهي
غير متمذهب
رد: توافر المعانى حول السُـنة تجاه الحاكم الجانى

و ها هنا رابط فيه مختصر - نعم مختصر - للمسألة

مَلَفٌّ خَاصٌّ بِحُكْمِ الْمُظَاهَرَاتِ
(مُتَجَدِّدٌ)

-------------
أما شأن استيفاء الخلاف و كل مواطنه و جميع تفاصيله و ما بين المحققين من أهل السنة و بين من خالفهم ، فذلك الذي لا يمكن تسطيره إلا في كتاب ، أسأل المعونة من العلي الوهاب فهو الميسر للأسباب و هو الذي يفتح على الأذهان ما ينغلق من أبوب ، و المحققون من أهل السنة أعلم من غيرهم بما قيل من خلاف في تلك المسألة ، فخلصوا إلى ما استقروا عليه من عدم تجويز الخروج على ولي الأمر المسلم ، كما نقل هنا بإسهاب....
قال الألوسي في نهج السلامة :-
فصل [ طاعة الإمام ]
نقل المازري عن ابن عرفة ما حاصله من ثبتت إمامته، وجبت طاعته فيما ليس بمعصية، لقوله عليه الصلاة والسلام: « لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق »، فإن تغيرت حالته بكفر واضح خلع، وببدعة كالاعتزال فان دعا إليها كالمأمون الداعي إلى القول بخلق القران، لم يطع فإن قاتل قوتل، وإن لم يدع إليها، فإن كانت مكفرّة يخلع، وإن كانت مفسقة ففي خلعه إن أمكن بلا إراقة دم أو هتك حرم مذهبان أرجحهما الخلع، وإن تغيرت بفسق كالزنا وشرب الخمر، فإن قدر على خلعه بدون ما سمعت، ففي وجوب الخلع قولان، وكثير من أهل السنة على عدم الوجوب، وهو مقتضى قول ابن عمر رضي الله تعالى عنهما بعدم الخروج من ولاية يزيد الطريد في جيش الحرّة حسبما ذكره مسلم في صحيحه.
ومنهم من ذهب إلى الوجوب، وهو مقتضى قول عبد الله بن الزبير رضي الله تعالى عنهما في قصة الحرة المشار إليها على ما ذكره المؤرخون، انتهى.

والتمثيل مبني على القول بانعقاد بيعة يزيد، وهو القول المشهور، وفي ( شرح المقاصد ): « ينحل عقد الإمامة بما يزول به مقصود الإمامة كالردة، والعياذ بالله تعالى، والجنون المطبق، وصيرورة الإمام أسيرا لا يرجى خلاصه، وكذا بالمرض الذي ينسيه المعلوم، وبالعمى والصمم والخرس، وكذا بخلعه نفسه لعجزه عن مصالح المسلمين، وإن لم يكن ظاهرا بل استشعره من نفسه، وعليه يحمل خلع الحسن رضي الله تعالى عنه نفسه، وأما خلعه نفسه بلا سبب ففيه كلام، وكذا في انعزاله بالفسق، والأكثرون على انه لا ينعزل، وهو المختار من مذهب أبي حنيفة والشافعي رضي الله تعالى عنهما، وعن محمد روايتان وإسحاق العزل بالاتفاق »، انتهى.

وفي ( الإكمال ): « جمهور أهل السنة من أهل الحديث و الفقه و الكلام إنه لا يخلع السلطان بالظلم والفسق وتعطيل الحقوق ولا يجب الخروج عليه، بل يجب وعظه وتخويفه »، وزاد أبو حامد في ( إحيائه ): وتضييق صدره. انتهى.
قال الراجى عفو ربه : لاحظ ضمه أهل الكلام لأهل السنة في حكاية الخلاف ، و هذا غير مستقيم
ويعارض قوله: جمهور... الخ قول القرطبي إذا نصّب الإمام غدرا ثم فسق بعد انبرام العقد، فقال: « الجمهور انه تنفسخ إمامته وينخلع بالفسق الظاهر المعلوم لأنه قد ثبت أن الإمام إنما يقام لإقامة الحدود، واستيفاء الحقوق وحفظ أموال الأيتام والمجانين والنظر في أمورهم إلى غير ذلك، وما فيه من الفسق يقعده عن القيام بتلك الأمور والنهوض فيها، فلو جوزنا أن يكون فاسقا أدّى إلى إبطال ما أقيم له، وقال آخرون لا ينخلع إلا بالكفر أو بترك إقامة الصلاة أو ترك الدعاء إليها، أو ترك شيء من أركان الشريعة لعدة أحاديث تدل على ذلك وما نقل عن شرح المقاصد في أمر خلع الإمام نفسه إذا وجد في نفسه نقصا يؤثر في الإمامة.

فأما إذا لم يجد ذلك فهل له أن يعزل نفسه ويقلدها غيره؟ اختلف فيه الناس فمنهم من قال ليس له ان يفعل ذلك وان فعل لم ينخلع عن إمامته، ومنهم من قال له أن يفعل ذلك، واستدل بقول الصديق رضي الله تعالى عنه: « اقيلوني اقيلوني، وقول الصحابة رضي الله تعالى عنهم لا نقيلك [ أبدا ] دون ليس لك ذلك »، وبأنه ناظر للغير فحكمه حكم الوكيل بل هو معنىً وكيل الأمة » انتهى باختصار، وظاهره اختيار القول الأخير.

وذكر اللقاني المالكي: أن المذهب إنه ليس له خلع نفسه لغير عذر وبه أقول، ثم إنه ينبغي أن يعلم أنه على القول بعدم جواز الخلع بالفسق لو خلع لم تنعقد إمامة غيره كما نص على ذلك في ( شرح المقاصد )، وإنه إذا خرج على الإمام الفاسق خارج مظهر العدل لا ينبغي للناس أن يسرعوا إلى نصرة الخارج حتى يتبين أمره فيما يظهره من العدل، أو تتفق كلمة الجماعة على خلع الأول، وذلك لأن كل من طلب هذا الأمر أظهر من نفسه الصلاح، حتى تمكن رجع إلى عادته التي كان عليها من قبل، ولله تعالى در القائل:

فلا تحكم بأول ما تراه ** فأول طالع فجر كذوب

وإذا أمر الإمام بأمر من الأمور فإن جائزا وجبت طاعته فيه، وإن [ كان ] قد زجر الشارع عنه زجر تحريم حرمت طاعته فيه، وإن زجر عنه زجر تنزيه فإن متفقا عليه، فاستظهر القرطبي جواز المخالفة تمسكا بحديث: « إنما الطاعة في المعروف »، وهذا ليس بمعروف إلا أن يخاف على نفسه منه، فله أن يمتثل وإن مختلفا فيه، فالعبرة بمذهب الإمام قياسا على الحكم، قاله اللقاني.
وقال أيضا لو أجبر الإمام أحدا على ما لا يحل مما أجمع على حرمته أو كراهة، ففعله لا يوصف بشيء من الأحكام الخمسة، ومتى كانت مفسدة ما أكره عليه دون مفسدة القيام والخروج امتنع الخروج.
ومذهب طائفة من المعتزلة جواز منازعة الجائر، والكثير على أن الصبر على الطاعة أولى من المنازعة والخلاف، فشجرة الخلاف لا تثمر، وربما تفضي المنازعة إلى ما هو أدهى وأمر، نعم يجب نهي الجائر ونصحه وإرشاده إلى الحسن بلطف على من تمكن من ذلك عند ظن أو توهم افادته لكن أين الناصحون، وقد ملأ العالم المنافقون، فإنا لله وإنا إليه راجعون.

ثم اعلم إنه لا يجوز الدعاء على الأمراء، وكذا العمال جهرا لما يجلب من الفتن ويجوز سرا لكن الأولى الدعاء لهم بالصلاح، والتوفيق للفلاح، وعن الإمام الشافعي: « لو أعْلِمتُ أن لي دعوة مستجابة لجعلتها في ولي الأمر »، لما أن في صلاحه نفع العامة، نسأل الله تعالى أن يوفق الأمراء للعمل بأحكام الشريعة الغراء، فقد كادت تطوى على عزها، ولا يسأل أحد عن نهيها وأمرها، ولا أرى الأمر إلا يتدرج بالنقصان، حتى يأتي صاحب الزمان، وأظن ذلك قريبا يكون على رغم أنف ابن خلدون، والله تعالى أعلم.انتهى...
---------
قال الراجى عفو ربه :-
أما مسألة نقض ولاية المتغلب فهى تنادى على صاحبها بتجويزه التسلسل في النقض ، و هو مما يرفضه جميع المتكلمين في المسألة فليُفهم هذا جيداً و ليتصوره المتكلم بتأنٍ..
و لا أحتاج لذكر إجماعات العلماء في طاعة المتغلب المسلم كما هو منصوص عليه من ابن حجر و غيره ، و كما هو في أصول السنة للإمام أحمد..

و ها هنا كتاب - من ضمن كتب أخرى كثيرة - أرشحها للراغب
20110303003030_m.jpg

للدكتور عبد الرحمن الخميس
http://www.mahaja.com/library/downloads/books/379
--------
و ها هنا مقال فضيلة الأستاذ الدكتور:سعود بن عبد العزيز الخلف
رئيس قسم العقيدة بالجامعة الإسلامية
رئيس الجمعية العلمية السعودية لعلوم العقيدة والأديان والمذاهب
http://aqeeda.org/index.php?page=article&action=article&article=76
و هذا الشيخ سعد الشثري
http://www.youtube.com/watch?v=KRPOlx9NXuA
----------
و ها هنا تأييد - من العلامة العثيمين- لبعض ما قيل ..حول اعتبار المقدمات
http://www.youtube.com/watch?v=RpxzUkrizRk
-----------
و هذا مفتى المملكة يتحدث عن مظاهرات أرض الكنانة و غيرها من دول الإسلام
http://www.alsalafway.com/media/sound/Abdelaziz-al-Alshikh/mawra2-mozhrat.mp3
---------
و هذا الشيخ صالح الفوزان في آخر خطبة له:-
http://www.alfawzan.ws/node/13246
--------
و ليس ما فات بأكثر مما بقي من استدلالات و نقولات ، و الحمد لله على نعمه الظاهرة و الباطنة..
و بارك الله فيكم جميعاً
و أسأل الله لي و لك شيخنا المبارك دكتور أيمن أن يجعلك و ذريتك من سعداء الدارين و أن ييمنكم و إياى شطر الحق و السداد في الأقوال و الأفعال و سائر الأحوال..آمين
 

متولى أمين حلوة

:: مشارك ::
إنضم
31 مايو 2010
المشاركات
248
الجنس
ذكر
التخصص
طب الأطفال
الدولة
saudia
المدينة
الأحساء - الهفوف
المذهب الفقهي
غير متمذهب
رد: توافر المعانى حول السُـنة تجاه الحاكم الجانى

و ها هنا تبسيط على صورة سؤال و جواب:-

1-من هو السلطان الواجب طاعته:-
قال صديق حسن خان في الروضة الندية
فالسلطان الذي أوجب الله طاعته في كتابه العزيز وتوافرت الأحاديث الصحيحة بذلك هو من كان مسلماً لم يفعل ما يوجب كفراً بواحاً وكان مقيماً لأعظم أركان الاسلام وأجل شعائره .
 

متولى أمين حلوة

:: مشارك ::
إنضم
31 مايو 2010
المشاركات
248
الجنس
ذكر
التخصص
طب الأطفال
الدولة
saudia
المدينة
الأحساء - الهفوف
المذهب الفقهي
غير متمذهب
رد: توافر المعانى حول السُـنة تجاه الحاكم الجانى

2- كيف تثبت الإمامة ؟ طرق ثبوت الإمامة ؟

قال الدسوقي في حاشيته على الشرح الكبير
اعلم أن الإمامة العظمى تثبت بأحد أمور ثلاثة إما بإيصاء الخليفة الأول لمتأهل لها ، وإما بالتغلب على الناس ; لأن من اشتدت وطأته بالتغلب وجبت طاعته ولا يراعى في هذا شروط الإمامة ; إذ المدار على درء المفاسد وارتكاب أخف الضررين .
وأما بيعة أهل الحل ، والعقد ، وهم من اجتمع فيهم ثلاثة أمور العلم بشروط الإمام ، والعدالة ، والرأي وشروط الإمام الحرية ، والعدالة ، والفطانة وكونه قريشيا وكونه ذا نجدة وكفاية في المعضلات
 

متولى أمين حلوة

:: مشارك ::
إنضم
31 مايو 2010
المشاركات
248
الجنس
ذكر
التخصص
طب الأطفال
الدولة
saudia
المدينة
الأحساء - الهفوف
المذهب الفقهي
غير متمذهب
رد: توافر المعانى حول السُـنة تجاه الحاكم الجانى

3-هل من مزيد نقولات بخصوص تلك الجزئية ..فقدان أهلية الإمامة مع انعقادها ؟
من تفسير المنار
. وإذا كان فقهاؤنا يقولون : بأن الإمام لا ينبذ عهده إلا بالكفر الصريح دون الظلم والفسق ، فإنما يقولون ذلك خوفا من وقوع الفتنة ؛ لا لأن الظالم أهل للإمامة ، ألم تر أنهم يشترطون في اختياره وبيعته العدالة ، ومن قواعدهم أنه يغتفر في البقاء والاستمرار ما لا يغتفر في الابتداء ، وليس هذا في كل شيء أيضا ..
 

متولى أمين حلوة

:: مشارك ::
إنضم
31 مايو 2010
المشاركات
248
الجنس
ذكر
التخصص
طب الأطفال
الدولة
saudia
المدينة
الأحساء - الهفوف
المذهب الفقهي
غير متمذهب
رد: توافر المعانى حول السُـنة تجاه الحاكم الجانى

4-هل لك أن توضح أكثر طرق نصب الإمامة؟
قال الشنقيطى في الأضواء:-
تنبيه
قال القرطبي في تفسير هذه الآية الكريمة : هذه الآية أصل في نصب إمام وخليفة ; يسمع له ويطاع ; لتجتمع به الكلمة وتنفذ به أحكام الخليفة ، ولا خلاف في وجوب ذلك بين الأمة ، ولا بين الأئمة إلا ما روي عن الأصم ؛ حيث كان عن الشريعة أصم . إلى أن قال : ودليلنا قول الله تعالى : ( إني جاعل في الأرض خليفة ) [ 2 \ 30 ] .
وقوله تعالى : ( ياداود إنا جعلناك خليفة في الأرض ) [ 38 \ 26 ] . وقال : ( وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض ) [ 24 \ 55 ] أي : يجعل منهم خلفاء إلى غير ذلك من الآي .
وأجمعت الصحابة على تقديم الصديق بعد اختلاف وقع بين المهاجرين والأنصار في سقيفة بني ساعدة في التعيين حتى قالت الأنصار : منا أمير ومنكم أمير ، فدفعهم أبو بكر وعمر والمهاجرون عن ذلك ، وقالوا لهم : إن العرب لا تدين إلا لهذا الحي من قريش ، ورووا لهم الخبر في ذلك فرجعوا وأطاعوا لقريش . فلو كان فرض الإمامة غير واجب لا في قريش ولا في غيرهم ، لما ساغت هذه المناظرة والمحاورة عليها . ولقال قائل : إنها غير واجبة لا في قريش ولا في غيرهم . فما لتنازعكم وجه ولا فائدة في أمر ليس بواجب ، ثم إن الصديق - رضي الله عنه - لما حضرته الوفاة عهد إلىعمر في الإمامة ، ولم يقل له أحد : هذا أمر غير واجب علينا ولا عليك . فدل على وجوبها ، وأنها ركن من أركان الدين الذي به قوام المسلمين والحمد لله رب العالمين . انتهى من القرطبي .
قال مقيده عفا الله عنه : من الواضح المعلوم من ضرورة الدين أن المسلمين يجب عليهم نصب إمام تجتمع به الكلمة ، وتنفذ به أحكام الله في أرضه ، ولم يخالف في هذا إلا من لا يعتد به كأبي بكر الأصم المعتزلي ، الذي تقدم في كلام القرطبي ، وكضرار وهشام الفوطي ونحوهم .

وأكثر العلماء على أن وجوب الإمامة الكبرى بطريق الشرع كما دلت عليه الآية المتقدمة وأشباهها وإجماع الصحابة - رضي الله عنهم - ولأن الله تعالى قد يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن ، كما قال تعالى : ( لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس ) ، لأن قوله : ( وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ) فيه إشارة إلى إعمال السيف عند الإباء بعد إقامة الحجة .
وقالت الإمامية : إن الإمامة واجبة بالعقل لا بالشرع .
وعن الحسن البصري والجاحظ والبلخي : أنها تجب بالعقل والشرع معا ، واعلم أنما تتقوله الإمامية من المفتريات على أبي بكر وعمر وأمثالهم من الصحابة ، وما تتقوله في الاثني عشر إماما ، وفي الإمام المنتظر المعصوم ، ونحو ذلك من خرافاتهم ، وأكاذيبهم الباطلة كله باطل لا أصل له .

وإذا أردت الوقوف على تحقيق ذلك : فعليك بكتاب " منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية " للعلامة الشيخ تقي الدين أبي العباس بن تيمية ، فإنه جاء فيه بما لا مزيد عليه من الأدلة القاطعة ، والبراهين الساطعة على إبطال جميع تلك الخرافات المختلقة ، فإذا حققت وجوب نصب الإمام الأعظم على المسلمين ،
فاعلم أن الإمامة تنعقد له بأحد أمور :
الأول : ما لو نص صلى الله عليه وسلم على أن فلانا هو الإمام فإنها تنعقد له بذلك .
وقال بعض العلماء : إن إمامة أبي بكر - رضي الله عنه - من هذا القبيل ; لأن تقديم النبي - صلى الله عليه وسلم - في إمامة الصلاة وهي أهم شيء ،فيه الإشارة إلى التقديم للإمامة الكبرى وهو ظاهر .

الثاني : هو اتفاق أهل الحل والعقد على بيعته .
وقال بعض العلماء : إن إمامة أبي بكر منه ; لإجماع أهل الحل والعقد من المهاجرين والأنصار عليها بعد الخلاف ، ولا عبرة بعدم رضى بعضهم ، كما وقع من سعد بن عبادة - رضي الله عنه - من عدم قبوله بيعة أبي بكر رضي الله عنه .

الثالث : أن يعهد إليه الخليفة الذي قبله ، كما وقع من أبي بكر لعمر رضي الله عنهما .

ومن هذا القبيل جعل عمر - رضي الله عنه - الخلافة شورى بين ستة من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مات وهو عنهم راض .

الرابع : أن يتغلب على الناس بسيفه ، وينزع الخلافة بالقوة حتى يستتب له الأمر ، وتدين له الناس لما في الخروج عليه حينئذ من شق عصا المسلمين ، وإراقة دمائهم .

قال بعض العلماء : ومن هذا القبيل قيام عبد الملك بن مروان على عبد الله بن الزبير ، وقتله إياه في مكة على يد الحجاج بن يوسف ، فاستتب الأمر له . كما قاله ابن قدامة في " المغني " .

ومن العلماء من يقول : تنعقد له الإمامة ببيعة واحد ، وجعلوا منه مبايعة عمر لأبي بكر في سقيفة بني ساعدة ، ومال إليه القرطبي . وحكى عليه إمام الحرمين الإجماع وقيل : ببيعة أربعة ، وقيل غير ذلك .

هذا ملخص كلام العلماء فيما تنعقد به الإمامة الكبرى . ومقتضى كلام الشيخ تقي الدين أبي العباس بن تيمية في " المنهاج " أنها إنما تنعقد بمبايعة من تقوى به شوكته ، ويقدر به على تنفيذ أحكام الإمامة ; لأن من لا قدرة له على ذلك كآحاد الناس ليس بإمام .
 

متولى أمين حلوة

:: مشارك ::
إنضم
31 مايو 2010
المشاركات
248
الجنس
ذكر
التخصص
طب الأطفال
الدولة
saudia
المدينة
الأحساء - الهفوف
المذهب الفقهي
غير متمذهب
رد: توافر المعانى حول السُـنة تجاه الحاكم الجانى

5-انعقاد الإمامة لفاسق هل تجوز ؟ و ماذا عن الضرورة ؟
قال ابن عاشور في التحرير و التنوير
في قوله تعالى :-
(وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين )
وفي الآية تنبيه على أن أهل الكتاب والمشركين يومئذ ليسوا جديرين بالإمامة لاتصافهم بأنواع من الظلم كالشرك وتحريف الكتاب وتأويله على حسب شهواتهم والانهماك في المعاصي حتى إذا عرضوا أنفسهم على هذا الوصف علموا انطباقه عليهم . وإناطة الحكم بوصف الظالمين إيماء إلى علة نفي أن ينالهم عهد الله فيفهم من العلة أنه إذا زال وصف الظلم نالهم العهد .
وفي الآية أن المتصف بالكبيرة ليس مستحقا لإسناد الإمامة إليه أعنى سائر ولايات المسلمين : الخلافة والإمارة والقضاء والفتوى ورواية العلم وإمامة الصلاة ونحو ذلك . قال فخر الدين : قال الجمهور من الفقهاء والمتكلمين الفاسق حال فسقه لا يجوز عقد الإمامة له . وفي تفسير ابن عرفة تسليم ذلك ونقل ابن عرفة عن المازري والقرطبي عن الجمهور إذا عقد للإمام على وجه صحيح ثم فسق وجار فإن كان فسقه بكفر وجب خلعه وأما بغيره من المعاصي فقال الخوارج والمعتزلة وبعض أهل السنة يخلع وقال جمهور أهل السنة لا يخلع بالفسق والظلم وتعطيل الحدود ويجب وعظه وترك طاعته فيما لا تجب فيه طاعة وهذا مع القدرة على خلعه فإن لم يقدر عليه إلا بفتنة وحرب فاتفقوا على منع القيام عليه وأن الصبر على جوره أولى من استبدال الأمن بالخوف وإراقة الدماء وانطلاق أيدي السفهاء والفساق في الأرض وهذا حكم كل ولاية في قول علماء السنة وما نقل عن أبي حنيفة من جواز كون الفاسق خليفة وعدم جواز كونه قاضيا قال أبو بكر الرازي الجصاص هو خطأ في النقل .
------------
6- و أنى لنا بهذا الولي المنشود في عصرنا هذا ؟
قال في روضة الطالبين و عمدة المفتين
ولا تبطل ولاية الإمام الأعظم بالفسق ، لتعلق المصالح الكلية بولايته ؛ بل تجوز ولاية الفاسق ابتداء ، إذا دعت إليها ضرورة ، لكن لو أمكن الاستبدال به إذا فسق من غير فتنة ، استبدل . وفيه وجه ، أنها تبطل أيضا ، وبه قطع الماوردي في الأحكام السلطانية ، والصحيح الأول .
-------------
و قال أيضاً عن طرق الإمامة
الفصل الثاني : في وجوب الإمامة وبيان طرقها ، لا بد للأمة من إمام يقيم الدين ، وينصر السنة ، وينتصف للمظلومين ، ويستوفي الحقوق ويضعها مواضعها .

قلت : تولي الإمامة فرض كفاية ، فإن لم يكن من يصلح إلا واحدا ، تعين عليه ولزمه طلبها إن لم يبتدئوه . والله أعلم .
وتنعقد الإمامة بثلاثة طرق ،
أحدها : البيعة ، كما بايعت الصحابة أبا بكر رضي الله عنهم ، وفي العدد الذي تنعقد الإمامة ببيعتهم ستة أوجه ، أحدها : أربعون ، والثاني : أربعة ، والثالث : ثلاثة ، والرابع : اثنان ، والخامس : واحد ، فعلى هذا يشترط كون الواحد مجتهدا .

وعلى الأوجه الأربعة يشترط أن يكون في العدد المعتبر مجتهد لينظر في الشروط المعتبرة ، ولا يشترط أن يكون الجميع مجتهدين ، والسادس وهو الأصح : أن المعتبر بيعة أهل الحل والعقد من العلماء والرؤساء وسائر وجوه الناس الذين يتيسر حضورهم ، ولا يشترط اتفاق أهل الحل والعقد في سائر البلاد والأصقاع ، بل إذا وصلهم خبر أهل البلاد البعيدة ، لزمهم الموافقة والمتابعة ، وعلى هذا لا يتعين للاعتبار عدد ، بل لا يعتبر العدد ، حتى لو تعلق الحل والعقد بواحد مطاع ، كفت بيعته ; لانعقاد الإمامة ، ويشترط أن يكون الذين يبايعون بصفة الشهود ، وذكر في " البيان " في اشتراط حضور شاهدين البيعة ، وجهين .
ثم قال :-
وأما الطريق الثالث ، فهو القهر والاستيلاء ، فإذا مات الإمام ، فتصدى للإمامة من جمع شرائطها من غير استخلاف ولا بيعة ، وقهر الناس بشوكته وجنوده ، انعقدت خلافته لينتظم شمل المسلمين ، فإن لم يكن جامعا للشرائط بأن كان فاسقا ، أو جاهلا ، فوجهان ، أصحهما : انعقادها لما ذكرناه ، وإن كان عاصيا بفعله .

------------
ثم قال:-
المسألة الثالثة : إذا ثبتت الإمامة بالقهر والغلبة ، فجاء آخر ، فقهره ، انعزل الأول ، وصار القاهر الثاني إماما .

الرابعة : لا يجوز خلع الإمام بلا سبب ، فلو خلعوه ، لم ينخلع ، ولو خلع الإمام نفسه ، نظر ، إن خلع لعجزه عن القيام بأمور المسلمين لهرم أومرض ونحوهما ، انعزل ، ثم إن ولى غيره قبل عزل نفسه ، انعقدت ولايته ، وإلا فيبايع الناس غيره ، وإنعزل نفسه بلا عذر ، ففيه أوجه : أصحها : لا ينعزل ، وبه قطع صاحب " البيان " وغيره ، والثاني : ينعزل ; لأن إلزامه الاستمرار قد يضر به في آخرته ودنياه ، والثالث وبه قطع البغوي : إن لم يظهر عذر ، فعزل نفسه ولم يول غيره ، أو ولى من هو دونه ، لم ينعزل ، وإن ولى مثله ، أو أفضل ، ففي الانعزال وجهان ، وهل للإمام عزل ولي العهد ؟ قال المتولي : نعم ، والماوردي : لا ; لأنه ليس نائبا له بل للمسلمين .

قلت : قول الماوردي أصح ، قال الماوردي : فلو عزله الإمام ، وعهد إلى ثان ، ثم عزل المعهود إليه أولا نفسه ، فعهد الثاني باطل ، ولا بد من استئنافه . والله أعلم .
 

متولى أمين حلوة

:: مشارك ::
إنضم
31 مايو 2010
المشاركات
248
الجنس
ذكر
التخصص
طب الأطفال
الدولة
saudia
المدينة
الأحساء - الهفوف
المذهب الفقهي
غير متمذهب
رد: توافر المعانى حول السُـنة تجاه الحاكم الجانى

7-حتى لو كان جائراً فاجراً متغلباً هل تنعقد إمامته ؟
قال في : منح الجليل شرح مختصر خليل
من ولي المسلمين عن رضا أو عن غلبة واشتدت وطأته من بر أو فاجر فلا يخرج عليه عدلَ أو جار ، ويغزى معه العدو ويحج البيت وتدفع إليه الصدقة وتجزئ إذا طلبها وتصلى الجمعة خلفه .."الجزء الثامن - باب في بيان شروط وأحكام القضاء وما يتعلق به"
 

متولى أمين حلوة

:: مشارك ::
إنضم
31 مايو 2010
المشاركات
248
الجنس
ذكر
التخصص
طب الأطفال
الدولة
saudia
المدينة
الأحساء - الهفوف
المذهب الفقهي
غير متمذهب
رد: توافر المعانى حول السُـنة تجاه الحاكم الجانى

8-هل يجوز الخروج على المتغلب ؟
قال في التفسير الكبير المسمى بالبحر المحيط:-
وقد ذكر بعض المفسرين هنا أحكام الإمامة الكبرى ، وإن كان موضوعها أصول الدين ، فهناك ذكرها ، لكني لا أخلي كتابي عن شيء ملخص فيها دون الاستدلال . فنقول : الذي عليه أصحاب الحديث والسنة ، أن نصب الإمام فرض ، خلافا لفرقة من الخوارج وهم أصحاب نجدة الحروري . زعموا أن الإمامة ليست بفرض ، وإنما على الناس إقامة كتاب الله وسنة رسوله ، ولا يحتاجون إلى إمام ، ولفرقة من الإباضية زعمت أن ذلك تطوع . واستناد فرضية نصب الإمام للشرع لا للعقل ، خلافا للرافضة ، إذ أوجبت ذلك عقلا ، ويكون الإمام من صميم قريش ، خلافا لفرقة من المعتزلة ، إذ قالوا : إذا وجد من يصلح لها قرشي ونبطي ، وجب نصب النبطي دون القرشي ، وسواء في ذلك بطون قريش كلها ، خلافا لمن خص ذلك بنسل علي ، أو العباس ، إما منصوصا عليه ، وإما باجتهاد ، ويكون أفضل القوم ، فلا ينعقد للمفضول مع وجود الفاضل ، خلافا لأبي العباس القلانسي ، فإنه يقول : ينعقد للمفضول ، إذا كان بصفة الإمامة ، مع وجود الفاضل ( وشروطه ) : أن يكون عدلا مجتهدا في أحكام الشريعة ، شجاعا ، والشجاعة في القلب بحيث يمكنه ضبط الأمر وحفظ بيضة الإسلام ، ولا يجوز نصب ساقط العدالة ابتداء ، فإن عقد لشخص كامل الشروط ثم طرأ منه فسق ، فقال أبو الحسن : يجوز الخروج عليه إذا أمن الناس . وإلى هذا ذهب كثير من أهل العلم . وقال أبو الحسن أيضا ، والقاضي أبو بكر بن الطيب : لا يجوز الخروج عليه ، وإن أمن الناس ذلك ، إلا أن يكفر أو يدعو إلى ضلالة وبدعة ، والمرجوع في نصبه إلى اختيار أهل الاجتهاد في الدين ، والعامة في ذلك تبع لهم ولا اعتبار بهم في ذلك ، وليس من شرطه اجتماع كل المجتهدين ، ولا اعتبار في ذلك بعدد ، بل إذا عقد واحد من أهل الحل والعقد ، وجبت المبايعة على كلهم ، خلافا لمن خص أهل البيعة بأربعة . وقال : لا ينعقد بأقل من ذلك ، أو لمن قال : لا ينعقد إلا بأربعين ، أو لمن قال : لا ينعقد إلا بسبعين ، ثم من خالف كان باغيا أو ناظرا أو غالطا ، ولكل واحد منهم حكم يذكر في علم الفقه . ولا ينعقد لإمامين في عصر واحد ، خلافا للكرامية ، إذ أجازوا ذلك ، وزعموا أن عليا ومعاوية كانا إمامين في وقت واحد ، والقول بالتقية باطل ، خلافا للإمامية ، ومعناها : أنه يكون الشخص الجامع لشروط الإمامة إماما مستورا ، لكنه يخفي نفسه مخافة من غلب على الملك ممن لا يصلح للإمامة . وليس من شرط الإمام العصمة ، خلافا للرافضة ، فإنهم يقولون بوجوب العصمة للإمام سرا وعلنا . وليس من شرطه الإحاطة بالمعلومات كلها ، خلافا للإمامية ،
والإمام مفترض الطاعة فيما يؤدي إليه اجتهاده .
وليس لأحد الخروج عليه بالسيف ، وكذلك لا يجوز الخروج على السلطان الغالب ، خلافا لمن رأى ذلك من المعتزلة والخوارج والرافضة وغيرهم .
وقد تكلم بعض الناس هنا في الإمامة الصغرى وهي : الإمامة في الصلاة ، وموضوعها علم الفقه .
 

متولى أمين حلوة

:: مشارك ::
إنضم
31 مايو 2010
المشاركات
248
الجنس
ذكر
التخصص
طب الأطفال
الدولة
saudia
المدينة
الأحساء - الهفوف
المذهب الفقهي
غير متمذهب
رد: توافر المعانى حول السُـنة تجاه الحاكم الجانى

9-ماذا لو طرأ على ولي الأمر فسق ؟
قال في أضواء البيان
مسائل :
الأولى : إذا طرأ على الإمام الأعظم فسق ، أو دعوة إلى بدعة . هل يكون ذلك سببا لعزله والقيام عليه أو لا ؟ قال بعض العلماء : إذا صار فاسقا ، أو داعيا إلى بدعة جاز القيام عليه لخلعه . والتحقيق الذي لا شك فيه أنه لا يجوز القيام عليه لخلعه إلا إذا ارتكب كفرا بواحا عليه من الله برهان .

فقد أخرج الشيخان في " صحيحيهما " عن عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - قال : بايعنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا ، وعسرنا ويسرنا ، وأثرة علينا ، وأن لا ننازع الأمر أهله ، قال : " إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم فيه من الله برهان " .

وفي " صحيح مسلم " من حديث عوف بن مالك الأشجعي - رضي الله عنه - قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم ، وتصلون عليهم ويصلون عليكم ، وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم ، وتلعنونهم ويلعنونكم " قالوا : قلنا يا رسول الله أفلا ننابذهم عند ذلك ؟ قال : " لا ما أقاموا فيكم الصلاة ، لا ما أقاموا فيكم الصلاة ، إلا من ولي عليه وال فرآه يأتي شيئا من معصية الله فليكره ما يأتي من معصية الله ، ولا ينزعن يدا من طاعة " .

وفي " صحيح مسلم " أيضا : من حديث أم سلمة - رضي الله عنها - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " ستكون أمراء فتعرفون وتنكرون ، فمن عرف برئ ، ومن أنكر سلم ، ولكن من رضي وتابع " . قالوا : يا رسول الله أفلا نقاتلهم ؟ قال : " لا ما صلوا " .

وأخرج الشيخان في " صحيحيهما " من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من رأى من أميره شيئا فكرهه فليصبر ; فإنه ليس أحد يفارق الجماعة شبرا فيموت ، إلا مات ميتة جاهلية " .

وأخرج مسلم في " صحيحه " من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " من خلع يدا من طاعة لقي الله يوم القيامة لا حجة له ، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية " والأحاديث في هذا كثيرة .

فهذه النصوص تدل على منع القيام عليه ، ولو كان مرتكبا لما لا يجوز ، إلا إذا ارتكب الكفر الصريح الذي قام البرهان الشرعي من كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - أنه كفر بواح ؛ أي : ظاهر باد لا لبس فيه .
وقد دعا المأمون والمعتصم والواثق إلى بدعة القول : بخلق القرآن ، وعاقبوا العلماء من أجلها بالقتل ، والضرب ، والحبس ، وأنواع الإهانة ، ولم يقل أحد بوجوب الخروج عليهم بسبب ذلك . ودام الأمر بضع عشرة سنة حتى ولي المتوكل الخلافة ، فأبطل المحنة ، وأمر بإظهار السنة .

واعلم أنه أجمع جميع المسلمين على أنه لا طاعة لإمام ولا غيره في معصية الله تعالى . وقد جاءت بذلك الأحاديث الصحيحة الصريحة التي لا لبس فيها ، ولا مطعن كحديث ابن عمر - رضي الله عنهما - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " السمع والطاعة على المرء المسلم فيما أحب وكره ، ما لم يؤمر بمعصية ، فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة " أخرجه الشيخان ، وأبو داود .

وعن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال في السرية الذين أمرهم أميرهم أن يدخلوا في النار : " لو دخلوها ما خرجوا منها أبدا ; إنما الطاعة في المعروف " وفي الكتاب العزيز : ( ولا يعصينك في معروف ) [ 60 \ 12 ] .
 

متولى أمين حلوة

:: مشارك ::
إنضم
31 مايو 2010
المشاركات
248
الجنس
ذكر
التخصص
طب الأطفال
الدولة
saudia
المدينة
الأحساء - الهفوف
المذهب الفقهي
غير متمذهب
رد: توافر المعانى حول السُـنة تجاه الحاكم الجانى

10-هل اختلفوا في شرط كونه قرشياً ؟و هل لابد من اجتماع الشروط ؟
قال ابن جزي في القوانين الفقهية:-
( المسألة الثانية ) في شروط الإمامة وهي ثمانية الإسلام والبلوغ والعقل والذكورة والعدول والعلم والكفاءة وأن يكون نسبه من قريش وفي هذا خلاف
فإن اجتمع الناس على من لم تجتمع الشروط فيه جاز خوفا من إيقاع الفتنة
ولا يجوز الخروج على الولاة وإن جاروا حتى يظهر منهم الكفر الصراح وتجب طاعتهم فيما أحب الإنسان وكره إلا أن أمروا بمعصية فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق
 

متولى أمين حلوة

:: مشارك ::
إنضم
31 مايو 2010
المشاركات
248
الجنس
ذكر
التخصص
طب الأطفال
الدولة
saudia
المدينة
الأحساء - الهفوف
المذهب الفقهي
غير متمذهب
رد: توافر المعانى حول السُـنة تجاه الحاكم الجانى

10-فقدان الأهلية للولاية مع تمكن الولى المتغلب أو الظالم أو الفاسق منها ، على أى قاعدة ترتكز ؟ و هل لها صلة بالمقاصد الشرعية ؟

من الذخيرة للقرافي:-
فرع
قال ابن يونس وأن يعتقد أن خير القرون الصحابة رضي الله عنهم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم كما أخبر عليه السلام وأن أفضلهم أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي وقيل ثم عثمان وعلي ولا يفضل بينهما وروي عن مالك القولان وأن المهاجرين أفضل عصره عليه السلام وأن أفضلهم العشرة وأفضل العشرة الأيمة الأربعة ثم أهل بدر من المهاجرين والمهاجرون على قدر الهجرة والسبق أن من رآه ساعة أو مرة أفضل من التابعين تنبه ليس هذه التفضيلات مما أوجب الله تعالى على المكلف اكتسابه أو اعتقاده بل لو غفل عن هذه المسألة مطلقا لم يقدح ذلك في الدين نعم متى خطرت بالبال أو تحدث فيها باللسان وجب الإنصاف وتوفية كل ذي حق حقه ويجب الكف عن ذكرهم إلا بخير وأن الإمامة خاصة في قريش دون غيرهم من العرب والعجم وأن نصب الإمام للأمة واجب مع القدرة وأنه موكول إلى أهل الحل والعقد دون النص وأنه من فروض الكفاية ويجب طاعة الأيمة وإجلالهم وكذلك نوابهم
فإن عصوا بظلم أو تعطيل حد وجب الوعظ وحرمت طاعته في المعصية وإعانته عليها
لقوله لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق
ولا يجوز الخروج على من ولي وإن جار
ويغزى معه العدو ويحج البيت وتدفع له الزكوات إذا طلبها وتصلى خلفه الجمعة والعيدان قال مالك لا يصلي خلف المبتدع منهم إلا أن يخافه فيصلي واختلف في الإعادة قاعدة ضبط المصالح العامة واجب ولا تنضبط إلا بعظمة الأيمة في نفس الرعية
ومتى اختلف عليهم أو أهينوا تعذرت المصلحة
ولذلك قلنا لا يتقدم في إمامة صلاة الجنازة ولا غيرها لأن ذلك مخل بأبهتهم
فرع
قال ومذهب أهل السنة لا يعذر من أداه اجتهاده لبدعه لأن الخوارج اجتهدوا في التأويل فلم يعذروا وسماهم رسول الله مارقين من الدين وجعل المجتهد في الأحكام مأجورا وإن أخطأ
 

متولى أمين حلوة

:: مشارك ::
إنضم
31 مايو 2010
المشاركات
248
الجنس
ذكر
التخصص
طب الأطفال
الدولة
saudia
المدينة
الأحساء - الهفوف
المذهب الفقهي
غير متمذهب
رد: توافر المعانى حول السُـنة تجاه الحاكم الجانى

11-هل صح استقرار رأي أهل السنة على عدم جواز الخروج على ولي الأمر المتغلب الجائر الفاجر ؟

قال الحافظ ابن حجر فِي الفتح (13/7): وقد أجمع الفقهاء عَلَى وجوب طاعة السلطان المتغلب والجهاد معه، وأن طاعته خير من الخروج عليه لِما فِي ذَلِكَ من حقن الدماء وتسكين الدهماء.

وقال ابن قُدامة فِي المغني (9/5): وجُملة الأمر أن من اتفق المسلمون عَلَى إمامته، وبيعته، ثبتت إمامته ووجبت معونته لِمَا ذكرنا من الحديث والإجماع، وفي معناه من ثبتت إمامته بعهد النَّبِي د أو بعده إمام قبله إليه فإن أبا بكر ثبتت إمامته بإجماع الصحابة عَلَى بيعته، وعمر ثبتت إمامته بعهد أبي بكر إليه، وأجمعَ الصحابة عَلَى قبوله، ولو خرج رجل عَلَى الإمام فقهره وغلب الناس بسيفه حتَّى أقروا له وأذعنوا بطاعته وتابعوه صار إمامًا يَحرم قتاله، والخروج عليه، فإن عبد الملك بن مروان خرج عَلَى ابن الزبير، فقتله واستولى عَلَى البلاد وأهلها حتَّى بايعوه طوعًا وكرهًا، فصار إمامًا يَحرم الخروج عليه، وذلك لِمَا فِي الخروج عليه من شق عصا المسلمين وإراقة دمائهم وذهاب أموالِهم... فمن خرج عَلَى من ثبتت إمامته بأحد هذه الوجوه باغيًا وجب قتاله.

وقال أبو الحسن الأشعري فِي رسالة إلى أهل الثغر (ص296): وأجمعوا عَلَى السمع والطاعة لأئمة المسلمين، وعلى أن كل من ولي شيئًا من أمورهم عن رضىً أو غلبة وامتدت طاعته من بَرٍّ وفاجر لا يلزم الخروج عليهم بالسيف جار أو عدل، وعلى أن يغزوا معهم العدو، ويُحج معهم البيت، وتدفع إليهم الصدقات إذا طلبوها ويصلى خلفهم الجمع والأعياد
 

متولى أمين حلوة

:: مشارك ::
إنضم
31 مايو 2010
المشاركات
248
الجنس
ذكر
التخصص
طب الأطفال
الدولة
saudia
المدينة
الأحساء - الهفوف
المذهب الفقهي
غير متمذهب
رد: توافر المعانى حول السُـنة تجاه الحاكم الجانى

12- كيف نرفع التعارض المظنون بين أحاديث الأمر بالمعروف و النهى عن المنكر من جهة ، و بين أحاديث الصبر على جور و فساد الأئمة من جهة أخرى؟

قال في الروضة الندية
فصل وطاعة الأئمة واجبة إلا في معصية الله
باتفاق السلف الصالح لقوله تعالي: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} وللأحاديث المتواترة في وجوب طاعة الأئمة منها: ما أخرجه البخاري من حديث أنس مرفوعا "اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة ما أقام فيكم كتاب الله" وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة عنه "من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله ومن يطع الأمير فقد أطاعني ومن يعص الأمير فقد عصاني" وفي الصحيحين أيضا من حديث ابن عمر عنه "على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب أو كره إلا أن يؤمر بمعصية فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة"
والأحاديث في هذا الباب كثيرة جدا "ولا يجوز الخروج" بعد ما حصل الإتفاق عليهم ما أقام الصلاة ولم يظهروا كفرا بواحا لحديث عوف بن مالك عند مسلم وغيره قال: سمعت رسول الله يقول: "خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم وتصلون عليهم ويصلون عليكم وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم وتلعنوهم ويلعنونكم قال قلنا يا رسول الله: أفلا ننابذهم عند ذلك قال: لا ما أقاموا فيكم الصلاة إلا من ولي عليه وال فرآه يأتي شيئا من معصية الله فليكره ما يأتي من معصية ولا ينزعن يدا عن طاعة"
وأخرج مسلم أيضا وغيره من حديث حذيفة بن اليمان أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: "يكون بعدي أئمة لا يهتدون بهديي ولا يستنون بسنتي وسيقوم فيكم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إنسان" قال قلت: كيف أصنع يا رسول الله إن أدركت ذلك قال: "تسمع وتطيع وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك فاسمع وأطع"
وأخرج مسلم أيضا وغيرهم من حديث عرفجة الأشجعي قال: سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم يقول "من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد يريد أن يشق عصاكم أو يفرق جماعتكم فاقتلوه" وفي الصحيحين من حديث عبادة بن الصامت قال: "بايعنا رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأثرة علينا وأن لا ننازع الأمر أهله إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم فيه من الله برهان" والبواح بالموحدة والمهملة قال الخطابي: معنى قوله بواحا يريد ظاهرا
وأخرج مسلم من حديث أبي هريرة عنه "من خرج عن الطاعة وفارق الجماعة فميتته جاهلية" وأخرج نحوه أيضا عن ابن عمر وفي الصحيحين من حديث ابن عمر "من حمل علينا السلاح فليس منا" وأخرجاه أيضا من حديث أبي موسى وأخرجه مسلم من حديث أبي هريرة وسلمة بن الأكوع والأحاديث في هذا الباب لا يتسع المقام لبسطها وقد ذهب إلى ما ذكرناه جمهور أهل العلم

وذهب بعض أهل العلم إلى جواز الخروج على الظلمة أو وجوبه تمسكا بأحاديث الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهي أعم مطلقا من أحاديث الباب ولا تعارض بين عام وخاص ويحمل ما وقع من جماعة أفاضل السلف على اجتهاد منهم وهو أتقى لله وأطوع لسنة رسوله ممن جاء بعدهم من أهل العلم.

قال في الحجة البالغة: ثم إن استولى من لم يجمع الشروط لا ينبغي أن يبادر إلى المخالفة لأن خلعه لا يتصور غالبا إلا بحروب ومضايقات وفيها من المفسدة أشد مما يرجى من المصلحة وبالجملة فإذا كفر الخليفة بإنكار ضروري من ضروريات الدين حل قتاله بل وجب وإلا لا وذلك حينئذ فاتت مصلحة نصبه بل يخاف مفسدته على القوم فكان قتاله من الجهاد في سبيل الله انتهى "ويجب الصبر على جورهم" لما تقدم من الأحاديث
وفي الصحيحين من حديث ابن عباس قال: قال رسول الله : "من رأى من أميره شيئا يكرهه فليصبر فإنه من فارق الجماعة شبرا فمات فميتته جاهلية" وفيها من حديث أبي هريرة مرفوعا "أعطوهم حقهم فإن الله سائلهم عما استرعاهم" وأخرج أحمد من حديث أبي ذر أن رسول الله قال: "يا أبا ذر كيف بك عند ولاة يستأثرون عليكم بهذا الفيء قال والذي بعثك بالحق أضع سيفي على عاتقي وأضرب حتى ألحقك قال: أولا أدلك على ما هو خير لك من ذلك تصبر حتى تلحقني" وفي الباب أحاديث كثيرة "وبذل النصحية لهم" لما ثبت في الصحيح من أن "الدين النصيحة لله ولرسوله ولأئمة المسلمين" من حديث تميم الداري بهذا اللفظ
 
أعلى