عبدالاله عبدالرحمن العمير
:: مطـًـلع ::
- إنضم
- 30 أبريل 2010
- المشاركات
- 138
- التخصص
- علوم طبيعة
- المدينة
- ........
- المذهب الفقهي
- الشافعي
تاريخ المذهب الشافعي في الاحساءالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله, سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه, أما بعد
فقد تميزت مدينة الأحساء الواقعة شرق المملكة العربية السعودية منذ قرون بوجود المذاهب الأربعة الفقهية السنية بها, وهذه المذاهب الأربعة هي مذهب الإمام أبي حنيفة النعمان (80-150) ومذهب الإمام مالك بن أنس (93-179) ومذهب الإمام محمد بن إدريس الشافعي (150-204) ومذهب الإمام أحمد بن حنبل (164-241) رحمهم الله جميعا, وقد تلقت الأمة الإسلامية مذاهب أولئك العلماء بالقبول: علما وعملا, وقد تمذهب علماء الأحساء بهذه المذاهب الأربعة, ورأوا أن الخير فيها, وأثبتوا لكل مجتهد مصيبا من الأجر, وغرسوا محبة المذاهب الأربعة واتباعها في طلابهم وتلاميذهم, ولذلك فإن العلماء وطلبة العلم من هذه المذاهب الأربعة حرصوا ولا زالوا يحرصون على نشر العلم بين أهل الأحساء, وإشاعة روح الأحوة الإسلامية فيما بينهم, ونبذ التعصب المذهبي على حساب أخوة المسلمين.
ولعل المقام لا بتسع لعرض تاريخ المذاهب الأربعة في الأحساء, ولذلك فإنني سأخص المذهب الشافعي بالبحث والدراسة, إذ من التتبع التاريخي فإنه يمكن القول بأن أقدم تواجد للشافعية في الأحساء يعود إلى بدايات القرن الرابع الهجري, وذلك عندما قدم إلى الأحساء الإمام اللغوي الفقيه الشافعي أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (282-370), صاحب معجم "تهذيب اللغة", وقد وصفه الإمام تاج الدين السبكي بأنه "كان إماما في اللغة, بصيرا بالفقه, عارفا بالمذهب, عالي الإسناد, ثخين الورع, كثير العبادة والمراقبة, شديد الانتصار لألفاظ الشافعي, متحريا في دينه", وقد وقع هذا الإمام في أسر القرامطة - وهم فرقة من غلاة الباطنية - سنة 312 هجري عندما اعترضوا الحجيج بالهبير, وأقام في الأسر 20 سنة, ثم تخلص من محنته ودخل بغداد, قال في محنته: "وكنا نتشتى الدهناء, ونتربع الصمان, ونتيقظ الستارين", والستارين واديان في ديار بني ربيعة, "وفيهما عيون فوارة تسقي نخيلا كثيرة, ... , وهي من الأحساء على ثلاثة أميال, وفي نسخة: ثلاث ليال".
ومن علماء الشافعية الذين قدموا الأحساء منذ قرون الشيخ شهاب الدين أحمد بن محمد بن سلمان بن حمائل الجعفري الشافعي ( 651-737), تلميذ الإمام النووي, سكن الأحساء وأقام مدة فيها, ومنهم الشيخ خليل بن محمد بن محمد الإقفهسي المصري الشافعي, المعروف بالإشقر, (763-820), شيخ الإمام ابن حجر العسقلاني, فإنه لما حج سنة 811 هجري توجه مع قافلة عقيل إلى الأحساء والقطيف لإلزام أصحابه له بذلك.
وفي إمارة الأمير أجود بن زامل الجبري المالكي (821-910) قدمت الأحساء من المدينة المنورة عام 878 هجري لنشر الفقه الشافعي فيها أسرتان, وهما: أسرة الشيخ نصر الله بن عبدالله الطيار الجعفري من ذرية جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه, واستقرت في محلة الكوت من مدينة الهفوف, وأسرة الشيخ عبدالقادر بن محمد العبدالقادر من ذرية أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه, واستقرت في مدينة المبرز.
ومن علماء الشافعية الذين احتضنتهم دولة الجبرين في الأحساء معلمين أو مفتين أو قصاة: الشيخ أحمد بن عبدالرحمن الإيجي الحسيني الشافعي (824-895), أقام عند بني جبر, وقدم الحج معهم سنة 893 هجري, ومنهم الشيخ شمس الدين محمد بن علي بن عمر البناء الشافعي (-), دخل بلاد بني جبر, فولي بها القضاء, ثم عاد إلى المدينة قبل سنة 898 هجري, كما أنه في أواخر القرن التاسع هاجر بعض أهل السنة من فارس إلى الأحساء وبقية مناطق الخليج, نظرا للاضطهاد الديني الذي كابدوه من الدولة الصفوية في إيران.
وفي بداية القرن العاشر قدم الأحساء الشيخ محمد بن عبدالعزيز البصري أصلا المكي مولدا الأحسائي إقامة الشافعي مذهبا (874-...), وقد قدم الأحساء قبل سنة 900 هجري, وأقام عند بني جبر, وترقى عند سلاطينها, حتى ولي القضاء بها, وفي أواخر القرن العاشر وبداية القرن الحادي عشر قدمت أسر شافعية أخرى من العراق والشام والخليج ونجد, وأخذ المذهب الشافعي في الأنتشار, وأصبح أكثر علماء الأحساء في القرون الثلاثة المتأخرة من الشافعية, ومن أدلة هذا الانتشار للمذهب الشافعي في الأحساء ما ذكره الشيخ القاضي محمد بن أحمد العمري الموصلي (...-1212) في مدح الأحساء وعلمائها في القرن الثاني عشر – منوها بالصدارة العلمية المرموقة التي وصلت إليها الأحساء- إذ يقول:
جبت الفيافي والقفار جميعا برا وبحرا كي أنال منائي
وشرعت في السفر الحميد ببلدتي دار الأفاضل موصل الحدباء
وبقيت منتقلا إلى أن جئت في بلد الكرام معادن الإسداء
أعني بها الأحساء أحسن كل ما في الأرض من بلد بغير مراء
فأقمت فيها مدة أجني جنى ثمرات روضة لذتي وصفاء
ووجدت أهليها مشايخ سادة صافين من حسد ومن بغضاء
ورأيتهم أهل اعتقاد صادق وبها اجتمعت بغالب العلماء
منهم أناس شافعية مذهب وهم الكثير بها بدون خفاء
وقد كان لعلماء الشافعية في الأحساء-خصوصا في القرون الثلاثة الأخيرة- دور كبير في نشر علوم الشريعة من عقيدة وفقه وأصولها وعلوم قرآن وسنة وسيرة وتزكية, وآلاتها من نحو وبيان, وذلك من خلال التدريس والإفتاء والقضاء والتأليف, وقد طبع جزء صغير من مؤلفاتهم, أما حبيس المكتبات فهو الأكثر, هذا غير ما تلف وأتلف على مر الأيام وتصرم الأعوام.
ملاحظة مهمة : الموضوع منقول . منقول من كتاب نبذة مختصرة عن المذهب الشافعي بالاحساء للشيخ عبدالاله بن حسين العرفج .
فقد تميزت مدينة الأحساء الواقعة شرق المملكة العربية السعودية منذ قرون بوجود المذاهب الأربعة الفقهية السنية بها, وهذه المذاهب الأربعة هي مذهب الإمام أبي حنيفة النعمان (80-150) ومذهب الإمام مالك بن أنس (93-179) ومذهب الإمام محمد بن إدريس الشافعي (150-204) ومذهب الإمام أحمد بن حنبل (164-241) رحمهم الله جميعا, وقد تلقت الأمة الإسلامية مذاهب أولئك العلماء بالقبول: علما وعملا, وقد تمذهب علماء الأحساء بهذه المذاهب الأربعة, ورأوا أن الخير فيها, وأثبتوا لكل مجتهد مصيبا من الأجر, وغرسوا محبة المذاهب الأربعة واتباعها في طلابهم وتلاميذهم, ولذلك فإن العلماء وطلبة العلم من هذه المذاهب الأربعة حرصوا ولا زالوا يحرصون على نشر العلم بين أهل الأحساء, وإشاعة روح الأحوة الإسلامية فيما بينهم, ونبذ التعصب المذهبي على حساب أخوة المسلمين.
ولعل المقام لا بتسع لعرض تاريخ المذاهب الأربعة في الأحساء, ولذلك فإنني سأخص المذهب الشافعي بالبحث والدراسة, إذ من التتبع التاريخي فإنه يمكن القول بأن أقدم تواجد للشافعية في الأحساء يعود إلى بدايات القرن الرابع الهجري, وذلك عندما قدم إلى الأحساء الإمام اللغوي الفقيه الشافعي أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (282-370), صاحب معجم "تهذيب اللغة", وقد وصفه الإمام تاج الدين السبكي بأنه "كان إماما في اللغة, بصيرا بالفقه, عارفا بالمذهب, عالي الإسناد, ثخين الورع, كثير العبادة والمراقبة, شديد الانتصار لألفاظ الشافعي, متحريا في دينه", وقد وقع هذا الإمام في أسر القرامطة - وهم فرقة من غلاة الباطنية - سنة 312 هجري عندما اعترضوا الحجيج بالهبير, وأقام في الأسر 20 سنة, ثم تخلص من محنته ودخل بغداد, قال في محنته: "وكنا نتشتى الدهناء, ونتربع الصمان, ونتيقظ الستارين", والستارين واديان في ديار بني ربيعة, "وفيهما عيون فوارة تسقي نخيلا كثيرة, ... , وهي من الأحساء على ثلاثة أميال, وفي نسخة: ثلاث ليال".
ومن علماء الشافعية الذين قدموا الأحساء منذ قرون الشيخ شهاب الدين أحمد بن محمد بن سلمان بن حمائل الجعفري الشافعي ( 651-737), تلميذ الإمام النووي, سكن الأحساء وأقام مدة فيها, ومنهم الشيخ خليل بن محمد بن محمد الإقفهسي المصري الشافعي, المعروف بالإشقر, (763-820), شيخ الإمام ابن حجر العسقلاني, فإنه لما حج سنة 811 هجري توجه مع قافلة عقيل إلى الأحساء والقطيف لإلزام أصحابه له بذلك.
وفي إمارة الأمير أجود بن زامل الجبري المالكي (821-910) قدمت الأحساء من المدينة المنورة عام 878 هجري لنشر الفقه الشافعي فيها أسرتان, وهما: أسرة الشيخ نصر الله بن عبدالله الطيار الجعفري من ذرية جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه, واستقرت في محلة الكوت من مدينة الهفوف, وأسرة الشيخ عبدالقادر بن محمد العبدالقادر من ذرية أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه, واستقرت في مدينة المبرز.
ومن علماء الشافعية الذين احتضنتهم دولة الجبرين في الأحساء معلمين أو مفتين أو قصاة: الشيخ أحمد بن عبدالرحمن الإيجي الحسيني الشافعي (824-895), أقام عند بني جبر, وقدم الحج معهم سنة 893 هجري, ومنهم الشيخ شمس الدين محمد بن علي بن عمر البناء الشافعي (-), دخل بلاد بني جبر, فولي بها القضاء, ثم عاد إلى المدينة قبل سنة 898 هجري, كما أنه في أواخر القرن التاسع هاجر بعض أهل السنة من فارس إلى الأحساء وبقية مناطق الخليج, نظرا للاضطهاد الديني الذي كابدوه من الدولة الصفوية في إيران.
وفي بداية القرن العاشر قدم الأحساء الشيخ محمد بن عبدالعزيز البصري أصلا المكي مولدا الأحسائي إقامة الشافعي مذهبا (874-...), وقد قدم الأحساء قبل سنة 900 هجري, وأقام عند بني جبر, وترقى عند سلاطينها, حتى ولي القضاء بها, وفي أواخر القرن العاشر وبداية القرن الحادي عشر قدمت أسر شافعية أخرى من العراق والشام والخليج ونجد, وأخذ المذهب الشافعي في الأنتشار, وأصبح أكثر علماء الأحساء في القرون الثلاثة المتأخرة من الشافعية, ومن أدلة هذا الانتشار للمذهب الشافعي في الأحساء ما ذكره الشيخ القاضي محمد بن أحمد العمري الموصلي (...-1212) في مدح الأحساء وعلمائها في القرن الثاني عشر – منوها بالصدارة العلمية المرموقة التي وصلت إليها الأحساء- إذ يقول:
جبت الفيافي والقفار جميعا برا وبحرا كي أنال منائي
وشرعت في السفر الحميد ببلدتي دار الأفاضل موصل الحدباء
وبقيت منتقلا إلى أن جئت في بلد الكرام معادن الإسداء
أعني بها الأحساء أحسن كل ما في الأرض من بلد بغير مراء
فأقمت فيها مدة أجني جنى ثمرات روضة لذتي وصفاء
ووجدت أهليها مشايخ سادة صافين من حسد ومن بغضاء
ورأيتهم أهل اعتقاد صادق وبها اجتمعت بغالب العلماء
منهم أناس شافعية مذهب وهم الكثير بها بدون خفاء
وقد كان لعلماء الشافعية في الأحساء-خصوصا في القرون الثلاثة الأخيرة- دور كبير في نشر علوم الشريعة من عقيدة وفقه وأصولها وعلوم قرآن وسنة وسيرة وتزكية, وآلاتها من نحو وبيان, وذلك من خلال التدريس والإفتاء والقضاء والتأليف, وقد طبع جزء صغير من مؤلفاتهم, أما حبيس المكتبات فهو الأكثر, هذا غير ما تلف وأتلف على مر الأيام وتصرم الأعوام.
ملاحظة مهمة : الموضوع منقول . منقول من كتاب نبذة مختصرة عن المذهب الشافعي بالاحساء للشيخ عبدالاله بن حسين العرفج .