رد: أمهات المذهب المالكي
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وبعد:
لعلمائنا المالكيين أعمال كبيرة وعظيمة حول الكتب الأمهات في المذهب شرحًا، وتدريسًا، وإختصارًا، والناظر في الكتب التي اهتمت بتراجم العلماء والفقهاء، يجد كثيرًا من المصنفات والتآليف حولها، لعل الله عزّ وجلّ يُيسِّرُ فرصةً أخرى للكتابة حول هذا الأعمال الجليلةِ، هذا فيما يتعلق بالفقهاء المتقدمين والمتأخرين...
أمّا فيما يتعلق بالمعاصرين، فإنَّ للمغاربة اهتمامًا عظيمًا بالكتب الأمهات في المذهب المالكي- جزاهم الله خيرًا-:
من ذلك بحث حول المدونة السحنونية للدكتور فاروق حمادة نشره ضمن مجموعة من الأبحاث في كتاب تحت عنوان: أبحاث مالكية مغربية.
كذلك بلغني أنّ كتاب الموازية دُرس عن طريق إعادة جمع هذا الكتاب من خلال النقولات الكثيرة عنه في كتب المالكيين كالنوادر والزيادات لابن أبي زيد القيرواني (ت386ه)، وتوجد منه قطعة قديمة في 15 ورقة في المكتبة الخاصة للشيخ محمد الطاهر بن عاشور بتونس، قال الدكتور حميد لحمر في المرشد الوثيق(ص13) هامش: "كما توجد منه قطعة رقية -أي: مكتوبة على جلد الغزال- تتعلق بكتاب النكاح، ضمن خروم خزانة القرويين غير مفهرسة، لدينا نسخة منها سوف نعمل على نشرها مستقبلاً إن شاء الله".
وكذلك الواضحة، وهذا الأخير توجد منه قطعة بخزانة القرويين بفاس رقم: 809، وهي تتعلق بالطهارة وشيء من الصلاة، حققتها طالبة مستشرقة بجامعة بون بألمانيا سنة 1985م، وأعيد تحقيقها بدار الحديث الحسنية سنة 1994م من طرف الطالبة: عزيزة الإدريسي، نشر منه المستشرق ميكلوش موراني الأجزاء المتبقية منه ضمن كتابه: "رواية الحديث والفقه بشمال إفريقيا إلى حدود القرن الخامس الهجري" صدر سنة 1997م، وهي عبارة عن أربع قطع:
- الأولى: تتعلق بكتاب صلاة السفر، وهي تمثل الجزء الثامن من كتاب الصلاة بالصفحة 325-330.
- الثانية: تشتمل على الجزء الول من مناسك الحجِّ في الصفحة: 331-342.
- الثالثة: تشتمل على الجزء الرابع من مناسك الحجِّ في الصفحة: 343-345.
- الرابعة: تشتمل على كتاب الشهادات الأول في الصفحة: 348-355. أنظر المرشد الوثيق لحميد لحمر (ص11).
وقد طبعت دار ابن حزم جزء الطهارة منها والصلاة سنة 2010م.
أما المستخرجة من الأسمعة أو العتبية نسبة إلى محمد بن أحمد العتبي (ت225ه) فتوجد منها نسخة مبتورة في المكتبة الوطنية بباريس تحت رقم: 1055 وهي ضمن كتاب البيان والتحصيل، بيد أنِّي حاولت مرَّة تجميع نصوص العتبية، فنصحني بعض الأساتذة الأفاضل بالتخلي عن هذه الفكرة لأنّ الكتاب غير محقق تحقيقًا علميا، ولما اعتوره من كثير تصحيف وتحريف، وذكر لي بأنَّه وقف على بعضٍ منها عندما كان في المغرب فقابل بين مخطوطة الكتاب ومطبوعته فتوصل إلى هذه النتيجة...
وللمستشرق موراني دراسة وافية حول هذا السِفْر ضمن كتابه دارسات في مصادر الفقه المالكي....
وهنا سؤال أوَّد أن أطرحه: قد ذكر هذا المستشرق بأنّ ما تبقى من كتاب المستخرجة هو من رواية ابن أبي زيد، فهل حقيقة ما بقي هو المستخرجة، أم تهذيب المستخرجة لابن أبي زيد القيرواني؟ علمًا بأنّ هذا الأخير له تهذيبٌ عليها.
أمّا المدونة ففيه كتاب للدرديري اعتنى فيه صاحبه بتخريج الآثار والأحاديث الواردة فيها....
وحققت منها أجزاء في الجامعة الأسمرية بليبيا....
وهنا كتبٌ أخرى قد عُدَّت من الكتب الأمهات كالمجموعة لمحمد بن عبدوس (ت260ه) تلميذ الإمام سُحنون، وهذا الكتاب لا يُعلم له وجودٌ في مكتبات المخطوطات كما قال المستشرق موراني (نقلًا عن الأستاذ حميد لحمر في المرشد الوثيق)....
وقد حُفظت لنا نصوص كثيرة من هذا المصدر الفقهي، ضمن كتاب النوادر والزيادات...
أمَّا السؤال حول انتقادات العلماء المالكيين للعتبية ، فهنا بجامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية، رسالة جامعية أظنها بعنوان: "الروايات الشاذة في المستخرجة" لعلّ صاحبتها أن تفيدك بها، والله أعلم.
هذا ما منَّ به الرحمن، وما كان فيه من زلل، وطغيان قلم، وشرود قلب، وزيغ بصر، فأرجو من الإخوة الأفاضل أن يتجاوزوا عن كل عيب وجدوه بالإصلاح والتصحيح، وأن يعذروا كاتبه، إذ قد قيَّدت هذه المعلومات على عجل رجاء نفع إخواني طلبة العلم....
والله المستعان وعليه التكلان، ولا حول ولا قوة إلاّ بالله عظيم الشان