أبوبكر بن سالم باجنيد
:: مشرف سابق ::
- إنضم
- 13 يوليو 2009
- المشاركات
- 2,540
- التخصص
- علوم
- المدينة
- جدة
- المذهب الفقهي
- الحنبلي
جملة الأدلة القاضية بأن من أنزل بمباشرة متعمداً فقد أفطر
الأول
قال الله تعالى: ((أُحِلَّ لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم)) فدل على تحريمه زمن الصيام.وقال تعالى: ((فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر)) وقال في نفس الآية: ((ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد))
قال بعض أهل العلم: لما كانت المباشرة تطلق على ما دون الجماع الذي يكون من مثله الولد، نص على إباحة ما يكون منه الولد: ((وابتغوا ما كتب الله لكم))
الثاني
قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الصوم جنة، فإذا كان يومُ صوم أحدكم فلا يرفث ولا يجهل)الحديث. متفق عليه.
قال السيوطي في حاشيته على سنن النسائي: والمراد بالرفث الكلامُ الفاحش، وهو يطلق على هذا، وعلى الجماع وعلى مقدماته، وذكره مع النساء أو مطلقاً، ويحتمل أن يكون النهي لما هو أعم منها. أهـ
وانظر فتح الباري للحافظ وعمدة القاري للعيني ففيهما مثل ما نقلنا عن السيوطي.
الثالث
أن الإنزال المتولد عن المباشرة منافٍ لمعنى الصوم ومقصوده، فمن فعل ذلك لا يسمى صائماً شرعاً؛ إذ الصوم إمساك عن شهوتي البطن والفرج. ومن باشر فأنزل ليس ممسكاً عن شهوة فرجه
وقد جاء في الحديث القدسي: ( يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي ) وكذلك: ( يَدَع الطعام من أجلي، ويدعالشراب من أجلي، ويدع لذته من أجلي، ويدع زوجته من أجلي)
فأي لذة وشهوة بعد هذه؟!
الرابع
قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقبِّل وهو صائم، ويباشر وهو صائم، (وكان أملككم لإربه) وفي لفظ:(وأيكم أملك لإربه من رسول الله؟!).
*المباشرة: اللمس باليد، وهو من التقاء البشرتين. قال في كشف المشكِل: (المباشرة إلصاق البشرةبالبشرة)، وقال السندي: (قوله (يباشر) أي يمس بشرة المرأة ببشرته، كوضع الخد على الخد ونحوه).
*أملككم لإربه: قال الخطابي:(معنى ذلك: حاجة النفس ووطرها)
قلت: أليس من باشر فأنزل قد قضى وطره وحاجته؟!
قال الإمام النووي: (معنى كلام عائشة رضي الله عنها أنه ينبغي لكم الاحتراز عن القبلة، ولا تتوهموا من أنفسكم أنكم مثل النبي -صلى الله عليه وسلم- في استباحتها لأنه يملك نفسه ويأمن الوقوع في قبلة يتولد منها إنزال أو شهوة أو هيجان نفس ونحو ذلك، وأنتم لا تأمنون فطريقكم الانكفاف عنها)
قال المهلب: (وكل من رخص في المباشرة للصائم فإنما ذلك بشرط السلامة مما يخاف عليه من دواعي اللذة والشهوة، ألا ترى إلى قول عائشة عن النبي عليه السلام: "وكان أملككم لإربه).
الخامس
القياس الصحيح:
إذ أن من أولج في فرج فلم ينزل ولم يقضِ شهوته يعَد مفطراً، وحكي إجماعاً.. ولا أظن أحداً يخالف في هذا
فما بالكم بمن قضـــى شهوته وأنــزل بمباشرة فيما دون الفرج؟!!!
قال ابن بطال في شرحه على البخاري مستدلاً لمن أوجب القضاءوالكفارة على من باشر دون الفرج فأنزل: (وحجة هذا القول أنه إذا باشر أو جامع دون الفرج فأنزل فقد حصل المعنى المقصود من الجماع؛ لأن الإنزال أقصى ما يُطلَب من الالتذاذ، وهو من جنس الجماع التام في إفساد الصوم، فقد وجبت فيه الكفارة)،
وقال صاحب الشرح الكبير: (الحال الثاني: أن يمني فيفطر بغير خلاف نعلمه؛ لِما ذكرنا من إيماء الخبرين، ولأنه أنزل بمباشرة أشبه الإنزال بجماع دون الفرج).
السادس
حُكِي الإجماع على هذا القول:
قال النووي في المجموع شرح المهذب (6/349) :" إذَا قَبَّلَ أَوْ بَاشَرَ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ بِذَكَرِهِ أَوْ لَمَسَ بَشَرَةَ امْرَأَةٍ بِيَدِهِ أَوْ غَيْرِهَا , فَإِنْ أَنْزَلَ الْمَنِيَّ بَطَلَ صَوْمُهُ وَإِلا فَلا , وَنَقَلَ صَاحِبُ الْحَاوِي وَغَيْرُهُ الإِجْمَاعَ عَلَى بُطْلانِ صَوْمِ مَنْ قَبَّلَ أَوْبَاشَرَ دُونَ الْفَرْجِ فَأَنْزَلَ" .
وقال ابن قدامة في المغني :(4/361) إذَا قَبَّلَ فَأَمْنَى فَيُفْطِرَبِغَيْرِ خِلافٍ نَعْلَمُهُ.
وقال ابن عبد البر في "الاستذكار" (3/296):لا أعلم أحداً أرخص في القبلة للصائم إلا وهو يشترط السلامة ممايتولد منها ، وأن من يعلم أنه يتولد عليه منها ما يفسد صومه وجب عليه اجتنابها .
وقال صاحب "بداية المجتهد" (1/382):كلهم يقولون أن من قبَّل فأمنى فقد أفطر .
السابع
أن خروج المني بالاستمناء ونحوه منهك للبدن مضعف له،فكان في حكم القيء والحجامة عند من قال بالفطر بهما.
وأما الإنزال بغير مباشرة فمنها ما لا يفطر بلا خلاف كالاحتلام، ومنها ما هو محل خلاف كالإنزال بتكرار نظر
وبالله التوفيق
يتبع إن شاء الله
التعديل الأخير: