د. فؤاد بن يحيى الهاشمي
:: مشرف سابق ::
- إنضم
- 29 أكتوبر 2007
- المشاركات
- 9,059
- الكنية
- أبو فراس
- التخصص
- فقه
- المدينة
- جدة
- المذهب الفقهي
- مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
ظاهرة العصر الفقهية: خطان متوازيان لا يلتقيان!!!
في كل عصر ظاهرة متميزة، فعصر النبوة: الوحي المنزل، والنبي صلى الله عليه وسلم معصوماً بين أظهر أصحابه، ثم الخلافة الراشدة، ثم فقهاء الصحابة، ثم فقهاء الأمصار في عصر التابعين، ثم بروز الاتجاه الفقهي والاتجاه الحديثي، حتى اكتملت مدرسة الكوفة بإزاء مدرسة المدينة، ثم فقهاء الحديث، ثم "أهل الظاهر"، ثم المذاهب الفقهية، ثم استمر "الاجتهاد" و"التقليد" في حلقة مستمرة متجددة.
اليوم هناك ظاهرة متميزة جداً، وهي بحق من مفردات العصر، فكل "أصول المذاهب"، و"تقعيدات الفقهاء"، و"مدارس العلم"، قد تراجعت في الصفوف الخلفية بإزاء هذه الظاهرة المتصدرة للمشهد العلمي.
في كل عصر ظاهرة متميزة، فعصر النبوة: الوحي المنزل، والنبي صلى الله عليه وسلم معصوماً بين أظهر أصحابه، ثم الخلافة الراشدة، ثم فقهاء الصحابة، ثم فقهاء الأمصار في عصر التابعين، ثم بروز الاتجاه الفقهي والاتجاه الحديثي، حتى اكتملت مدرسة الكوفة بإزاء مدرسة المدينة، ثم فقهاء الحديث، ثم "أهل الظاهر"، ثم المذاهب الفقهية، ثم استمر "الاجتهاد" و"التقليد" في حلقة مستمرة متجددة.
اليوم هناك ظاهرة متميزة جداً، وهي بحق من مفردات العصر، فكل "أصول المذاهب"، و"تقعيدات الفقهاء"، و"مدارس العلم"، قد تراجعت في الصفوف الخلفية بإزاء هذه الظاهرة المتصدرة للمشهد العلمي.
إنها ظاهرة العصر الفقهية: الخطان المتوازيان اللذان لا يلتقيان!!!
الخط الأول: العزيمة، والأحوط، والأشد، والأسلم، وظاهر النص، وقول الفقهاء، والجمهور والجماهير، وربما الإجماع.
الخط الثاني: التيسير، والسعة، والمعنى، والمقصد، وما وراء النص، وفقه الواقع، والتجديد، وهناك رواية! وعثرنا على "قول"، واكتشفنا "دليلا"!! وحطمنا "التقليدَ!!
وكل خط قد احتمل في جعبته: ما ينسف الآخر، ويرميه خارج دائرة الفقه إلى حيث "الجمود"، أو "الانمياع"، وأكثر بما يملأ الفم.
تستطيع بكل يسر أن تعرف رأي "فلان" في كل حادثة واقعة أو ستقع، فهو مستمر في طريقته، ماضٍ في سبيله.
أزعم أن هذه الظاهرة بكلا خطيها المتوازيين لم تكن في العصور الماضية، سواء تلك الأعصر الموصوفة بالاجتهاد والتجديد، أو تلك التي انكفأت إلى الانحطاط والتقليد.
كان الفقهاء السابقون، عن بكرة أبيهم، تمضي بهم قواعدهم، فلكل منهم مسائله وأقواله منها العزيمة والرخصة، قد تجد أحدهم يميل إلى "السعة" أو "الأسلم"، لكن لا تجد من يمضي في ذلك جملة وتفصيلا.
إن المذاهب الفقهية كلها قد استوعبت "الرخص" و"العزائم"، و إعمال "اللفظ"، و"المعنى"، فتجد المذهب الشافعي قد توسع في هذا الباب وضيق في ذاك، بينما تجد الحنفية تمسكوا بالقياس والأصول هنا، وأعملوا الآثار هناك، وأجروا "الاستحسان" فيهما، وأهل المدينة "أهل العمل" أخذوا بالعمليات في باب كذا، وأناطوا بالمصلحة باب كذا وكذا، ويقع للحنابلة التسهيل في هذا الباب، لأنه لم يرد في الباب نصٌ من وجهٍ يثبت، بينما قيدوا مسائل أخرى بآثار الصحابة، فقد اجتمع منها ما يصعب مجاوزة قولهم.
إن أهل الظاهر الذين اكتفوا بالنص، وعولوا على لفظه، واستغرقوا الصور كلها في "حروفه" تجد لهم الرخص والعزائم، وهذا معروف، لاسيما ابن حزم الظاهري، فتسهيلاته، وعزائمه، كلها في النهاية القصوى!!
إن الأئمة المجددين الذين تصدى لهم "المقلدة" بكل ما أوتوا من قوة: وقعت لهم الرخص والعزائم، ولا تجدا أحدا منهم استوطن كفة الرخصة أو العزيمة.
أما اليوم، فتجد شريحة واسعة من "الناس" قد ساروا على أحد الدربين في طريق مستقيم لا يلتقي مع الطريق الآخر، لكنه يملك مجموعة من "الرخص" أو "العزائم" يستشهد بها على توسطه، أو أنه أقعد "غالياً" بعيدا عنه حتى يكون حجة له وبرهانا ساطعاً على توسطه بينه وبين مخالفيه.
الفقه المتين برئ من الطريقتين، براءة الذئب من دم يوسف!
فمتى كان الفقه ساذجاَ إلى هذه الدرجة؟ رحم الله إبراهيم النخعي الذي كان والقياس خطان متوازيان، ورحم الله أبا حنيفة الذي كان يقيس فينازعه أصحابه، فإذا قال: أستحسن، لم يلحق به أحد.
وأحسن الله عزاءنا في المنجز العصري: [خطان متوازيان لا يلتقيان!! ].
كان من علامة الفقه "انكسار القياس بالاستحسان"، ووقوع "الرخصة من الثقة"؛ فهل يكون دواء العصر: "الرخصة والعزيمة تتعالجان".
ملاحظة: تهمني تعقباتكم، فربما كتبت في الليل ما يمحيه ضوء النهار!
التعديل الأخير بواسطة المشرف: