د. فؤاد بن يحيى الهاشمي
:: مشرف سابق ::
- إنضم
- 29 أكتوبر 2007
- المشاركات
- 9,059
- الكنية
- أبو فراس
- التخصص
- فقه
- المدينة
- جدة
- المذهب الفقهي
- مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
العلمانيون: إبراز الشاطبي وتصفية الشافعي!!!؟؟؟
اطلعت في المكتبة على مجلد ضخم عنوانه "العلمانيون والقرآن الكريم تاريخية النص" لـ د. أحمد إدريس الطعان
فترددت في شرائه فسعره مرتفع بيد أن العنوان مثير
تصفحت الكتاب فوقعت بالمصادفة على مبحث بعنوان "إبراز الشاطبي وتصفية الشافعي"
وهذه شِنشنة أعرفها من أخزم
فاتخذت قراري واقتنيت الكتاب وشعرت بأن وراء الكتاب جهدا مبذولا فعنوان هذا المبحث أشعرني بذلك.
وبعد عدة أسابيع عدت إلى قراءة الكتاب وبدأت بقراءة مبحث "إبراز الشاطبي وتصفية الشافعي" لكن هذه المرة عمدا.
وكان العنوان الكبير لهذا المبحث:
القضية المقاصدية كما يتداولها الخطاب العلماني
وبدأ بـ
1- كلمات حق يراد بها باطل:
وذكر أن العلمانيين يتداولون في خطابهم مفاهيم متعددة مثل المقاصد والمصالح والمغزى والجوهر والروح والضمير الحديث والمنهج والرحمة
وهي كلمات حق يراد بها باطل لأن بينها مفاهيم إسلامية يراد بها ذر الرماد في العيون مثل الكلمات التبجلية التي يتداولها العلمانيون أثناء الحديث عن القرآن الكريم تمهيدا لإقصائه عن الحياة والتشريع وموقع القيادة كقولهم:
القرآن كتاب هداية وبشرى يقول كل شيء ولا يقول شيئا
القرآن كتابه هداية وبشرى ورحمة وليس كتاب قانوني تعليمي
القرآن كتاب دين عظيم وليس كتابا في الجغرافيا والجيلوجيا والتاريخ والذرة
2- إبراز الشاطبي وتصفية الشافعي والدوافع الفكرية":
لقد رأينا كيف أخذ الجابري على الأصوليين اهتمامهم الشديد بالمباحث اللغوية والمسائل النحوية واعتبرهم غفلوا عن المقاصد الشرعية وصنع من ذلك إشكالية جعلها محور دراسته هي إشكالية اللفظ والمعنى فقال:
إن أول ما يلفت الانتباه في الدراسات والأبحاث البيانية سواء في اللغة أو النحو أو الفقه ...هو ميلها العام الواضح إلى النظر إلى اللفظ والمعنى ككيانين منفصلين أو على الأقل كطرفين يتمتع كل منهما بنسبة واسعة من الاستقلال عن الآخر.
وحكم الجابري على علم الأصول منذ الشافعي إلى الغزالي بأنه كان يطلب المعاني من الألفاظ "فجعلوا من الاجتهاد اجتهادا في اللغة التي نزل بها القرآن فكانت النتيجة أن شغلتهم المسائل اللغوية عن المقاصد الشرعية فعمقوا في العقل البياني وفي النظام المعرفي الذي يؤسسه خاصيتين لازمتاه منذ البداية:
الأولى: هي الانطلاق من الألفاظ إلى المعاني..
والثانية: هي الاهتمام بالجزئيات على حساب الكليات..الاهتمام باللفظ على وأصنافه على حساب مقاصد الشريعة...
وهو ما سبب مشاكل من التأويلات المتعارضة والمتناقضة التي وظفت حسب المذاهب المختلفة.
والبديل كما قلنا سابقا لديه هو مقاصد الشريعة كما مهد لها ابن حزم ثم ابن رشد ثم ابن خلدون ثم الشاطبي الذي دشن نقلة إيبستمولوجية "معرفية" في علم المقاصد
وهكذا حظي الشاطبي بكثير من الإطراء والثناء على حساب الشافعي وغيره من الأصوليين واعتبر مؤسس علم المقاصد وقواعده الكلية
واعتبرت نظريته في المقاصد جديدة كل الجدة وقيل بأن الجديد فيها أنها تجعل المقاصد حاكمة على الوسائل وأن العبرة على ذلك ليست بخصوص السبب ولا بعموم اللفظ وإنما بالمقاصد بل وصل الأمر إلى حد القول بأن مقاصد الشريعة الشاطبية تقدم المصلحة على النص.
وكانت هذه الإشادة بالشاطبي تتوازى مع هجمة شرسة على الإمام الشافعي الذي وصم بأنه مكرس "الإيدلوجية العربية" "إن الشافعي وهو يؤسس عروبة الكتاب...كان يفعل ذلك من منظور إيديولوجي ضمني في سياق الصراع الشعوبي الفكري والثقافي...لقد انحاز إلى العروبة فقط بل إلى القرشية تحديدا.ولأن الشافعي رفض الاستحسان اعتبر يناضل "للقضاء على التعددية الفكرية والثقافية وهو نضال لا يخلو من مغزى اجتماعي فكري سياسي واضح"
واستطاع الشافعي عن طريق هذا الأسلوب البسيط في تركيب الحقائق أن يعمم الصيغ والقوالب التيولوجية الشعبوية العنيدة والرازحة ويجعلها فاعلة ومؤثرة حتى يومنا هذا
هو الذي ابتدأ في احتكار الوظيفة القانونية والتشريعية ومن بعده أجيال العلماء التقليديين
وأصّل بذلك لهيمنة الدين والعقيدة على كل مجالات الحياة لأنه بمنهجه الأصولي كان محكوما بهاجس "توسيع مجال النصوص لتضييق مجال الاجتهاد العقلي" وهو ما أدى إلى "إغلاق باب العقل والرأي والاجتهاد بذرائع شرعية ومقولات إسلامية وبهذا يكون العقل الإسلامي فيما يتعلق بالفقه والتشريع قد ضرب تماما وأغلق بصورة شبه نهائية فشروط الشافعي أغلقت باب الاجتهاد فعليا منذ عهده" وليست رسالته إلا "الحيلة الكبرى التي أتاحت شيوع ذلك الوهم الكبير بأن الشريعة ذات أصل إلهي فكان منظر المنهجية التقليلدية بقوله "جهة العلم الخبر"..."كان هو المشرع الأكبر للعقل العربي" لأنه "جعل النص هو السلطة المرجعية الأساسية للعقل العربي وفاعلياته وواضح أن عقلا في مثل هذه الحالة لا يمكن أن ينتج إلا من خلال إنتاج آخر.
ولذلك فمن غير المقبول اليوم أن نتمسك بمنج الشافعي الأصولي إذا فهم الكتاب والسنة على نحو فهم الشافعي وتأويله لا يؤديان إلا إلى مأزق منهجي لا عهد للأسلاف به.
اطلعت في المكتبة على مجلد ضخم عنوانه "العلمانيون والقرآن الكريم تاريخية النص" لـ د. أحمد إدريس الطعان
فترددت في شرائه فسعره مرتفع بيد أن العنوان مثير
تصفحت الكتاب فوقعت بالمصادفة على مبحث بعنوان "إبراز الشاطبي وتصفية الشافعي"
وهذه شِنشنة أعرفها من أخزم
فاتخذت قراري واقتنيت الكتاب وشعرت بأن وراء الكتاب جهدا مبذولا فعنوان هذا المبحث أشعرني بذلك.
وبعد عدة أسابيع عدت إلى قراءة الكتاب وبدأت بقراءة مبحث "إبراز الشاطبي وتصفية الشافعي" لكن هذه المرة عمدا.
وكان العنوان الكبير لهذا المبحث:
القضية المقاصدية كما يتداولها الخطاب العلماني
وبدأ بـ
1- كلمات حق يراد بها باطل:
وذكر أن العلمانيين يتداولون في خطابهم مفاهيم متعددة مثل المقاصد والمصالح والمغزى والجوهر والروح والضمير الحديث والمنهج والرحمة
وهي كلمات حق يراد بها باطل لأن بينها مفاهيم إسلامية يراد بها ذر الرماد في العيون مثل الكلمات التبجلية التي يتداولها العلمانيون أثناء الحديث عن القرآن الكريم تمهيدا لإقصائه عن الحياة والتشريع وموقع القيادة كقولهم:
القرآن كتاب هداية وبشرى يقول كل شيء ولا يقول شيئا
القرآن كتابه هداية وبشرى ورحمة وليس كتاب قانوني تعليمي
القرآن كتاب دين عظيم وليس كتابا في الجغرافيا والجيلوجيا والتاريخ والذرة
2- إبراز الشاطبي وتصفية الشافعي والدوافع الفكرية":
لقد رأينا كيف أخذ الجابري على الأصوليين اهتمامهم الشديد بالمباحث اللغوية والمسائل النحوية واعتبرهم غفلوا عن المقاصد الشرعية وصنع من ذلك إشكالية جعلها محور دراسته هي إشكالية اللفظ والمعنى فقال:
إن أول ما يلفت الانتباه في الدراسات والأبحاث البيانية سواء في اللغة أو النحو أو الفقه ...هو ميلها العام الواضح إلى النظر إلى اللفظ والمعنى ككيانين منفصلين أو على الأقل كطرفين يتمتع كل منهما بنسبة واسعة من الاستقلال عن الآخر.
وحكم الجابري على علم الأصول منذ الشافعي إلى الغزالي بأنه كان يطلب المعاني من الألفاظ "فجعلوا من الاجتهاد اجتهادا في اللغة التي نزل بها القرآن فكانت النتيجة أن شغلتهم المسائل اللغوية عن المقاصد الشرعية فعمقوا في العقل البياني وفي النظام المعرفي الذي يؤسسه خاصيتين لازمتاه منذ البداية:
الأولى: هي الانطلاق من الألفاظ إلى المعاني..
والثانية: هي الاهتمام بالجزئيات على حساب الكليات..الاهتمام باللفظ على وأصنافه على حساب مقاصد الشريعة...
وهو ما سبب مشاكل من التأويلات المتعارضة والمتناقضة التي وظفت حسب المذاهب المختلفة.
والبديل كما قلنا سابقا لديه هو مقاصد الشريعة كما مهد لها ابن حزم ثم ابن رشد ثم ابن خلدون ثم الشاطبي الذي دشن نقلة إيبستمولوجية "معرفية" في علم المقاصد
وهكذا حظي الشاطبي بكثير من الإطراء والثناء على حساب الشافعي وغيره من الأصوليين واعتبر مؤسس علم المقاصد وقواعده الكلية
واعتبرت نظريته في المقاصد جديدة كل الجدة وقيل بأن الجديد فيها أنها تجعل المقاصد حاكمة على الوسائل وأن العبرة على ذلك ليست بخصوص السبب ولا بعموم اللفظ وإنما بالمقاصد بل وصل الأمر إلى حد القول بأن مقاصد الشريعة الشاطبية تقدم المصلحة على النص.
وكانت هذه الإشادة بالشاطبي تتوازى مع هجمة شرسة على الإمام الشافعي الذي وصم بأنه مكرس "الإيدلوجية العربية" "إن الشافعي وهو يؤسس عروبة الكتاب...كان يفعل ذلك من منظور إيديولوجي ضمني في سياق الصراع الشعوبي الفكري والثقافي...لقد انحاز إلى العروبة فقط بل إلى القرشية تحديدا.ولأن الشافعي رفض الاستحسان اعتبر يناضل "للقضاء على التعددية الفكرية والثقافية وهو نضال لا يخلو من مغزى اجتماعي فكري سياسي واضح"
واستطاع الشافعي عن طريق هذا الأسلوب البسيط في تركيب الحقائق أن يعمم الصيغ والقوالب التيولوجية الشعبوية العنيدة والرازحة ويجعلها فاعلة ومؤثرة حتى يومنا هذا
هو الذي ابتدأ في احتكار الوظيفة القانونية والتشريعية ومن بعده أجيال العلماء التقليديين
وأصّل بذلك لهيمنة الدين والعقيدة على كل مجالات الحياة لأنه بمنهجه الأصولي كان محكوما بهاجس "توسيع مجال النصوص لتضييق مجال الاجتهاد العقلي" وهو ما أدى إلى "إغلاق باب العقل والرأي والاجتهاد بذرائع شرعية ومقولات إسلامية وبهذا يكون العقل الإسلامي فيما يتعلق بالفقه والتشريع قد ضرب تماما وأغلق بصورة شبه نهائية فشروط الشافعي أغلقت باب الاجتهاد فعليا منذ عهده" وليست رسالته إلا "الحيلة الكبرى التي أتاحت شيوع ذلك الوهم الكبير بأن الشريعة ذات أصل إلهي فكان منظر المنهجية التقليلدية بقوله "جهة العلم الخبر"..."كان هو المشرع الأكبر للعقل العربي" لأنه "جعل النص هو السلطة المرجعية الأساسية للعقل العربي وفاعلياته وواضح أن عقلا في مثل هذه الحالة لا يمكن أن ينتج إلا من خلال إنتاج آخر.
ولذلك فمن غير المقبول اليوم أن نتمسك بمنج الشافعي الأصولي إذا فهم الكتاب والسنة على نحو فهم الشافعي وتأويله لا يؤديان إلا إلى مأزق منهجي لا عهد للأسلاف به.
التعديل الأخير: