العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

إخضاع الفتوى للسلوك

إنضم
2 يوليو 2008
المشاركات
2,237
الكنية
أبو حازم الكاتب
التخصص
أصول فقه
المدينة
القصيم
المذهب الفقهي
حنبلي
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
كثيراً ما نشاهد ونقرأ تأثير السلوك الشخصي على الاختيارات العلمية وهذا الأمر يظهر أن عادة بشرية مطردة غالباً عند البشر فالإنسان دوماً يبحث عن المبررات العقلية والعلمية التي تظهر صحة سلوكياته وتصرفاته في أمور دينه ودنياه .
لكن الإشكال إنما يحصل أكثر عندما يكون الشخص متبوعاً ويؤخذ بقوله من عالم أو طالب علم متبع ، وهنا ينبغي أن يكون العالم صادقاً مع الله شجاعاً مع نفسه في اختيار الصواب من المسائل حتى وإن خالفه في خاصة نفسه ، فكون العالم ابتلي بالوقوع في خطأ هو يقر بقرارة نفسه أنه القول المرجوح لا يعني أن يوقع الخلق بذلك لهوى في نفسه أو إظهاراً لنفسه بالمظهر الذي لا يخالف الشريعة وقد قال الله تعالى : " فلا تخشوهم واخشوني " فينبغي تقديم خشية الله واستحضار مراقبته وإطلاعه على الباطن والظاهر فما خفي عن الخلق علمه الله ، ولربما عاقب الله ذلك الشخص بنقيض قصده فوضعه عند الخلق وأسقطه فالله عز وجل إنما يرفع من يصدق معه فيطيعه وإن ابتلي بمعصية استغفر ربه وأصبح خائفاً من شر ذنبه .
إن من يظهر خلاف ما يعتقد من الراجح في الأقوال يقع في عدة أخطاء :
1 - القول على الله بلا علم وقد علم عظم ذلك عند الله .
2 - التعاون على الإثم والعدوان إذ أنه بذلك يوقع الخلق في معصية الله التي يعتقد في قلبه أنها معصية .
3 - النفاق وذلك بغظهار خلاف ما يبطن .
4 - خشية الناس وتقديم خشيتهم على خشية الله .
5 - السمعة والرياء .
وليس المجال يكفي لذكر أمثلة من هذه الاختيارات إذ أمثلتها كثيرة لكن نذكر منها :
مسألة الحجاب وسماع الغناء والتصوير وحلق اللحية والاختلاط والاسبال وشرب الدخان ..
وينبغي أن يعلم أن الكلام هنا هو فيمن يعتقد خلاف ما يظهر لا من يرى رجحان ذلك القول بقرارة نفسه بعد نظره الصادق في الأدلة والأقوال فذلك إن كان من أهل البحث والنظر فلا حرج عليه لحديث : " إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر واحد " متفق عليه من حديث عمرو بن العاص رضي الله عنه
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
بارك الله فيكم ونفع بكم
أقترح توسيع دائرة الموضوع فالعنوان يحتمل ذلك وقد وفقتم إلى اختياره

ألا يمكن توسيع دائرة الموضوع ليستوعب إخضاع الفتوى لطبع الإنسان وميله
وأن التجرد في الفتوى ينبغي أن يكون مستحضرا لدى المفتي.
إذا صح ما ذكرت فيمكن أن يكون الموضوع على عدة حلقات بعنوان "إخضاع الفتوى"
1- إخضاع الفتوى للسلوك.
2- إخضاع الفتوى للطبع.
3- إخضاع الفتوى بحسب رغبة المستفتي سواء كان أميراً أو مأموراً.
 
إنضم
2 يوليو 2008
المشاركات
2,237
الكنية
أبو حازم الكاتب
التخصص
أصول فقه
المدينة
القصيم
المذهب الفقهي
حنبلي
الشيخ فؤاد بارك الله فيكم
نعم هو كما ذكرتم وهذا موضوع دقيق حقيقة يحتاج لطرح أوسع من هذا الطرح المختصر وذلك بأن تذكر النصوص والضوابط والقواعد التي ذكرها أهل العلم .
وإنما حملني على ذكر السلوك خاصة لأنه كثر في عصرنا لقلة الدين بخلاف تأثير الطبع أو السلطة فهو موجود منذ القدم وله شواهد كثيرة ونماذج من العلماء الكبار الذين كان لطبعهم الشخصي حدة وسهولة تأثيرا في اختياراتهم .
المشكلة الحادثة هي أنا وجدنا عدة مؤلفات وردود تنتصر لبعض الأقوال يغلب على الظن أنه إنما جر إلى ذلك ما يعايشه المؤلف من سلوكيات بل إن البعض يبحث جاهداً عن الأدلة والنصوص التي توافق سلوكه وعن الأجوبة عن أدلة القول المخالف لسلوكه ويبحث بالمنقاش عن الفتاوى التي توافق قوله والأوجه الضعيفة والشاذة في المذاهب ، وهذا بلا شك نوع من الهوى البعيد عن التجرد والموضوعية والصدق مع الله ، فهو قد رجح القول مسبقاً لما ابتلي به .
وربما بعضهم وقع في زلة ومحذور شرعي فإذا استدرك عليه أخذته العزة بالإثم ليتنصر لخطئه بالبحث عن النصوص والأقوال والأدلة التي تؤيد ما وقع فيه ، ولو كان المرء صادقاً مع الله وشجاعاً مع نفسه لاعترف بخطئه وتاب إلى ربه واستحضر الوقوف بين يديه .
وربما يندرج في ذلك تأثير المال على الفتوى فبعض الهيئات الشرعية التي تُغدَق عليها الأموال من قبل الشركات أو البنوك أصبحت تتساهل في التخريجات الفقهية لبعض المعاملات المالية والتي هي في الحقيقة من الحيل الشرعية الممنوعة ، ومن ينكر تأثير ذلك فلا شك أنه بعيد كل البعد عن الواقع و لا يدرك مدى بعد بعض التخريجات عن أدلة الشريعة ومقاصدها .
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
يعني بالمختصر كأنك تقول: (إذا ابتلتيم فاستتروا) حديث في صحيح الجامع.
وما أكدتَ عليه ظاهرة واضحة لكثرة أفرادها لكن يبقى أن تنزيلها على الأفراد مرتقىً صعب ينبغي لطالب العلم ألا يلجه، لعلك توافقني على هذا وإنما أشرت إليه لما شاع من المحاكمات المعاصرة، وإنما ينبه إليها لخاصة الطلبة كما في هذا الموضوع الحيوي.
نقطة أخرى تسهم في الموضوع هو أنه سبحانه كرر الثناء على أهل العلم والإيمان، فالإيمان له دور رئيس في تكوين العالم وإنتاجه، وليست بمعزل عن "العلم الشرعي"، وكلام الأصوليين والفقهاء معروف في فتوى "المجتهد الفاسق" حتى قيل إن فتواه تنفعه لنفسه لا لغيره.
 
التعديل الأخير:
إنضم
2 يوليو 2008
المشاركات
2,237
الكنية
أبو حازم الكاتب
التخصص
أصول فقه
المدينة
القصيم
المذهب الفقهي
حنبلي
يعني بالمختصر كأنك تقول: (إذا ابتلتيم فاستتروا) حديث في صحيح الجامع.
وما أكدتَ عليه ظاهرة واضحة لكثرة أفرادها لكن يبقى أن تنزيلها على الأفراد مرتقىً صعب ينبغي لطالب العلم ألا يلجه، لعلك توافقني على هذا وإنما أشرت إليه لما شاع من المحاكمات المعاصرة، وإنما ينبه إليها لخاصة الطلبة كما في هذا الموضوع الحيوي.
نقطة أخرى تسهم في الموضوع هو أنه سبحانه كرر الثناء على أهل العلم والإيمان، فالإيمان له دور رئيس في تكوين العالم وإنتاجه، وليست بمعزل عن "العلم الشرعي"، وكلام الأصوليين والفقهاء معروف في فتوى "المجتهد الفاسق" حتى قيل إن فتواه تنفعه لنفسه لا لغيره.
نعم بارك الله فيكم هذا بلا شك لا ينبغي أن يقع لأن المسألة خفية باطنية وليس لأحد أن يحكم على الباطن فالكلام هنا تذكير وموعظة لنفسي ولغيري من طلبة العلم لنعمل بذلك ديانة ، وليس المراد الحكم على الأشخاص فهذا بلا شك مفسدة ظاهرة لا يحق لأحد أن يتهم أحداً بسوء القصد والأصل إجراء ذلك على الظاهر .
 
إنضم
25 أكتوبر 2010
المشاركات
28
الكنية
ابو سلطان
التخصص
فقه السنة
المدينة
المدينة النبوية
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: إخضاع الفتوى للسلوك

بارك الله فيك
 
إنضم
16 نوفمبر 2009
المشاركات
59
التخصص
شريعة إسلامية
المدينة
سرت
المذهب الفقهي
مالكي
رد: إخضاع الفتوى للسلوك

أود أن أشكر الدكتور بدر على عرض هذا الموضوع المهم، فتأثير السلوك في الاختيارات العلمية، ومن بينها الفتوى، هو من الأهمية بمكان، لأنه من جهة يعالج قضية لا تزال قابلة للتطوير وهي قضية ضوابط الفتوى، ومن جهة أخرى أنه يمس منطقة قلما يفطن لها أحد، وهي مسألة تأثر الرأي بالهوى، وربما بالمزاج، خاصة إذا عرفنا أن سلوك الشخص غالبًا ما ينطلق من قناعة تكونت بعد صراع بين كل من العقل والضمير والعلم، فإذا كانت القناعة لدى عالم من علماء الشريعة فإنها ستكون بمثابة فتوى هي الأخرى، أخضعها أولا إلى ما أخضع له باقي فتاواه آخرًا. وعليه فنقد الفتوى الأولى التي عددناها سلوكًا أثر في فتوى أخرى، ينبغي أن يكون بذات الوسائل التي يعترض بها على الآراء الفقهية، وهنا لابد من توافر حسن الظن، وحسن القصد. والله أعلم.
 
أعلى