العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

إذا قلنا إن ترتيب السور غير توقيفي سقط علم المناسبات

إنضم
14 نوفمبر 2009
المشاركات
350
التخصص
الفقه والأصول والبحث القرآني
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
الحنفي

كان هذا من أكثر ما عجبت منه فيما قيل في علوم القرآن؛ حيث قال أحد شراح علوم القرآن المعاصرين في شرح صوتي له: إذا قلنا إن ترتيب السور غير توقيفي سقط علم المناسبات بين السور. !
إننا يمكن أن نرجح ما ذكره مالك رحمه الله في الترتيب، فقنول على أقل تقدير إن الصحابة أعملوا ما تلقوه عن النبي صلى الله عليه وسلم من ترتيب قراءته.. أو إن لهم مقصدا من ترتيب السور على هذا النسق، مما أوقع الخلاف فيه أهو توقيفي أم اجتهادي.
فهل الاجتهاد في الترتيب يسقط علم المناسبات؟
ربما لم أفهم مراد المحاضر. فأطرح المسألة للنقاش. وفقكم الله
 
إنضم
28 ديسمبر 2007
المشاركات
677
التخصص
التفسير وعلوم القرآن
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
حنبلي
حوار لطيف، أحسن الله إليك على طرح هذه المسألة .

وأحب أن أشارك فيه على عدّة نقاط :


أولاً :

علم المناسبات القرآنية : علم يبحث فيه المفسر في وجوه ارتباط أجزاء القرآن بعضها ببعض .

وقولنا : "أجزاء القرآن"، يٌقصد به : كل من السور والآيات وأجزاء الآيات من الجمل، وكلمات القرآن وأسرار انتقائها، وأسرار الظواهر القرآنية السياقية، كأمثال : التقديم والتأخير، والتعريف والتنكير، والحذف والذكر، وما أشبه ذلك، وعلاقة ذلك كله بمناسباته مع السياق الواردة فيه .

وعليه؛ فليس علم المناسبات قاصراً على المناسبات بين السور بعضها مع بعض، ومن ثم فإن إطلاق سقوط علم المناسبات بإسقاط المناسبات بين السور مجازفة غير دقيقة .



ثانياً - وهو الأهم في نقطتنا هذه بالضبط - :

أن نقول : إن ترتيب السور لا يخلو من أحد حالين :

أحدهما : أن يكون توقيفياً، وهنا لا إشكال أبداً في تتبع المناسبات بين السور، إذ البحث ههنا هو بحث عن الأسرار الإلهية في ترتيب الكتاب العظيم .

ويُقال :
حاشا أن يكون ترتيب الله تعالى لكتابه عبثاً لا حكمة وراءه ولا فوائد، وإنْ منعنا أن يكون في كتاب الله تعالى نوع عبث وخلوٍّ من الحكم والأسرار؛ لزمنا إثبات أن يكون ترتيبها الرباني لأجل تلك الحكم والأسرار، ومن ثم فإن تتبّعها يدخل في قوله تعالى : (أفلا يتدبرون القرآن) وأمثال هذه الآية مما أمر فيه بالتدبر .



وثانيهما :

أن يكون ترتيبها اجتهادياً، ولا خلاف - بين أصحاب هذا القول - أن الذين رتّبوه هم أصحاب رسول صلى الله عليه وسلم .

وهنا - كذلك - لا يسقط هذا النوع من علم المناسبات القرآنية، وبيانه :

أننا في الحال الأولى تتبعنا المناسبات باعتبار ذلك بحثا عن السر الإلهي في الترتيب، وههنا نتتبعها باعتبار ذلك بحثا عن الأسرار التي لأجلها رتّب الأئمة الأعلام كتاب ربهم، واختاروا هذه السورة قبل تلك، وأتبعوا هذه بتلك، وهكذا .


ويقال كذلك :

إن عناية الصحابة بكتاب ربهم، وتبصرهم فيه ليمنع أن يختاروا له ترتيبا عبثيا خالياً من الفوائد والأسرار، بل إننا نجزم بأنهم قد اجتهدوا في اختيار هذا الترتيب دون غيره لما ذكر .

والعادة تأبى غير ذلك، فإن مصنف كتاب ما؛ يتحرى عند ترتيبه التناسب بين موضوعات كتابه؛ فإذا كان ذلك في كتب البشر، فكونه في كتاب الله تعالى أولى وأجدر .


وهؤلاء الذين يقولون هذا الكلام من منع المناسبات بين السور إذا قلنا باجتهادية الترتيب؛ لعلهم إذا وقفوا مع شرح البخاري أو غيره من كتب السنة او الفقه، طفقوا يعللون تتابع الكتب والأبواب، ويبيّنون المناسبات بينها .

فيا عجبا لمن فعل ذلك مع كتب البشر، ثم رفضه وردّه في كتاب الله تعالى !!

والحاصل :
أن علم المناسبات لا ضير فيه ولا في تتبعه؛ سواء كنا نرى الترتيب التوقيفي - وهو الصحيح إن شاء الله - أو كنا نرى الترتيب الاجتهادي للعلة التي ذكرناها .

والحمد لله رب العالمين .
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
استفدنا فوائد لا يعلم قدرها إلا الله كيف والمدارسة في تأمل كتابه الكريم
جزاكم الله خيرا ونفع بكم، آمل تغذية الملتقى بمثل هذه الموضوعات الثرية من باب تعليق الأعضاء بكتاب ربهم، فإن من الناس من يقاد إلى الجنة بالسلاسل.
 

د. عبدالحميد بن صالح الكراني

:: المشرف العام ::
طاقم الإدارة
إنضم
23 أكتوبر 2007
المشاركات
8,140
الجنس
ذكر
الكنية
أبو أسامة
التخصص
فقـــه
الدولة
السعودية
المدينة
مكة المكرمة
المذهب الفقهي
الدراسة: الحنبلي، الاشتغال: الفقه المقارن
وقولنا : "أجزاء القرآن"، يٌقصد به : كل من السور والآيات وأجزاء الآيات من الجمل، وكلمات القرآن وأسرار انتقائها،
أنا زائرٌ؛ وما قدومي بينكم إلا كبائع التمر لأهل هجر؛ ولكن وقعت على هذه اللفظة: (انتقائها)؛ فالمرجو تعديلها؛ فلا تليق بجلال ربنا سبحانه وتعالى.
أو أني لم أفهم المراد؛ والله المستعان.
 
إنضم
28 ديسمبر 2007
المشاركات
677
التخصص
التفسير وعلوم القرآن
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
حنبلي
جزاكما الله خيرا شيخينا الكريمين على مشاركتكما ..


بالنسبة إلى لفظة "الانتقاء"، فالذي أعرفه أن الانتقاء افتعال من النقاء، فهو اختيار الأنقى، كما أن الاختيار من الخير، انتقاء الأخير .

كما قال الله تعالى : (وربك يخلق ما يشاء ويختار) .

والمقصود : أن هذه اللفظة مختارة على غيرها، ومنتقاة دون غيرها في هذا الموضع لمناسبتها لسياق الكلام ومقصوده .

ورحم الله صاحب المحرّر الوجيز ابن عطية الأندلسيّ حين قال :"كتاب الله؛ لو نُزعت منه لفظة، ثم أُدير لسان العرب في أن يوجد أحسن منها لم يوجد، ونحن تبيّن لنا البراعةُ في أكثره، ويختفي علينا وجهها في مواضع لقصورنا عن مرتبة العرب يومئذٍ في سلامة الذوق، وجودة القريحة، ومَيزِ الكلام" .اهـ.


ولا بأس بوضع لفظة : "اختيارها" بدل لفظة : "انتقائها"، إن كان هذا أليق، والله أعلم .
 
التعديل الأخير:
إنضم
14 نوفمبر 2009
المشاركات
350
التخصص
الفقه والأصول والبحث القرآني
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
الحنفي
الشيخ الفاضل رأفت. جزاكم الله خيرا، وما استشكلتموه هو ما استشكلته؛ حيث ربط التوقيف وعدم بالمناسبة.

بل ربما أزيد فأقول: إنه لو سقط التوقيف وتقرر الاجتهاد كانت المناسبة في حقنا أظهر وأثبت. علمتم وجه ذلك؟

استفدنا فوائد لا يعلم قدرها إلا الله كيف والمدارسة في تأمل كتابه الكريم
جزاكم الله خيرا ونفع بكم، آمل تغذية الملتقى بمثل هذه الموضوعات الثرية من باب تعليق الأعضاء بكتاب ربهم، فإن من الناس من يقاد إلى الجنة بالسلاسل.



جزاكم الله خيرا
فلنقدهم إذا بالمذاكرة

أنا زائرٌ؛ وما قدومي بينكم إلا كبائع التمر لأهل هجر؛ ولكن وقعت على هذه اللفظة: (انتقائها)؛ فالمرجو تعديلها؛ فلا تليق بجلال ربنا سبحانه وتعالى.
أو أني لم أفهم المراد؛ والله المستعان.



الشيخ الفاضل الكراني. إضافة إلى ما ذكره الشيخ رأفت أقول: بل حتى على ما استشكلته من معنى لنتقاء وهو ا أحدث تلك الوقفة؛ هو على معناه، فالله تعالى انتفى القرآن من كلامه العربي - نسبة خلق وإيجاد - فكان قرآنا عربيا، منتقا بصورته المعجزة..

تأمل معي ..

القرآن من العربية قطعا

والإعجاز ليس في اللغة ذاتها قطعا؛ وإلا صارت كل اللغة معجزة

إذا كان التركيب الواقع بالانتقاء هو محل الإعجاز.
 

د. عبدالحميد بن صالح الكراني

:: المشرف العام ::
طاقم الإدارة
إنضم
23 أكتوبر 2007
المشاركات
8,140
الجنس
ذكر
الكنية
أبو أسامة
التخصص
فقـــه
الدولة
السعودية
المدينة
مكة المكرمة
المذهب الفقهي
الدراسة: الحنبلي، الاشتغال: الفقه المقارن
جزاكما الله خيرا شيخينا الكريمين على مشاركتكما ...
كما قال الله تعالى : (وربك يخلق ما يشاء ويختار) .
ولا بأس بوضع لفظة : "اختيارها" بدل لفظة : "انتقائها"، إن كان هذا أليق، والله أعلم .
جزاكما الله خيرا شيخينا الكريمين على مداخلتكما ...
ولعل الربط بمفردات القرآن أولى وأليق كما ذكرتم يا شيخ رأفت؛ نفع الله بكم.
وأنار بالقرآن قلوبنا؛ وشرح صدورنا ...
وكم يعتصرني الألم حين نطوف بكتب ومتون الفقه بين المذاهب؛ ونقصر في مطالعة كتب التفسير إلا عند بحثٍ أو مهمَّة إلا ما شاء الله ...
 
إنضم
26 سبتمبر 2009
المشاركات
224
التخصص
******
المدينة
قدح
المذهب الفقهي
******
وكم يعتصرني الألم حين نطوف بكتب ومتون الفقه بين المذاهب؛ ونقصر في مطالعة كتب التفسير إلا عند بحثٍ أو مهمَّة إلا ما شاء الله ...

قال الله تعالى (كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا ءاياته وليتذكر أولوا الألباب) وقال تعالى (أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها)

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(والقرآن حجة لك أو عليك) رواه مسلم

قال الإمام الشاطبي رحمه الله في قصيدته حرز الأماني ووجه التهاني

وإن كتاب الله أوثق شافع * وأغنى غناء واهبا متفضلا
وخير جليس لا يمل حديثه * وترداده يزداد فيه تجملا

اللهم اجعل القرآن حجة لنا لا علينا
آمين

وجزاكم الله خيرا وبارك فيكم
 
إنضم
14 نوفمبر 2009
المشاركات
350
التخصص
الفقه والأصول والبحث القرآني
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
الحنفي
وكم يعتصرني الألم حين نطوف بكتب ومتون الفقه بين المذاهب؛ ونقصر في مطالعة كتب التفسير إلا عند بحثٍ أو مهمَّة إلا ما شاء الله ...


قال الله تعالى (كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا ءاياته وليتذكر أولوا الألباب) وقال تعالى (أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها)

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(والقرآن حجة لك أو عليك) رواه مسلم

قال الإمام الشاطبي رحمه الله في قصيدته حرز الأماني ووجه التهاني


وإن كتاب الله أوثق شافع * وأغنى غناء واهبا متفضلا
وخير جليس لا يمل حديثه * وترداده يزداد فيه تجملا

اللهم اجعل القرآن حجة لنا لا علينا
آمين



أبشروا عن قرب إن شاء الله

المهم أن تصدق نوايانا وأن تشتد عزائمنا
 
أعلى