العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

حكم الأكل من الأضحية

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه. أما بعد:

فقد اختلف العلماء في الأكل من الأضحية على أقوال:

1- فالجمهور على سنيته ..

2- قال الشوكاني في نيل الأوطار: ( وهو عند جماعة للإباحة ) ..

3- ومال قوم إلى وجوبه..

مع القائلين بالوجوب:
ومن أدلتهم: قوله تعالى: { فكلوا منها وأطعِموا القانع والمعتر } ، وقوله تعالى: { فكلوا منها وأطعِموا البائس الفقير }، والأمر للوجوب.

ويُستدَل للموجبين -أيضاً- بما في الصحيحين من أن النبي
sallah.gif
أكل من كل بدنة من البُدن (المائة) التي أهداها بمنى، وشرب من مرقها. والأضحية في الحكم تُلحَق بذلك.

قال الشنقيطي: ( وهذا يدل على أن الأمر في قوله: ((فكلوا منها)) ليس لمجرد الاستحباب والتخيير، إذ لو كان كذلك لاكتفى بالأكل من بعضها وشرب مرقه دون بعض، وكذلك الإطعام فالأظهر فيه الوجوب ).
وانظر "أضواء البيان" للعلامة محمد الأمين الشنقيطي ج3- سورة الحج.

وقد يستأنَس له -أيضاً- بأن فيه مخالفة أهل الجاهلية.

قال ابن العربي المالكي -رحمه الله- في "أحكام القرآن" (3/1291):
( اختلف الناس في حكم قوله تعالى: ((فكلوا))، ((وأطعِموا)) على ثلاثة أقوال:
الأول: أنهما واجبان، قاله أبو الطيب ابن أبي ثعلبة.
الثاني: أنهما مستحبان، قاله ابن شريح.
الثالث: أن الأكل مستحب والإطعام واجب، قاله الشافعي، وهو صريح قول مالك ) ثم نقد القول الثاني، وعده من غريب التفقه، ثم قال: ( والأصح عندي أن الأكل واجب ).

قال النووي: ( وأوجبه بعض السلف، وهو وجه لنا )، أي: للشافعية، وهذا الوجه حكاه الماوردي عن أبي الطيب ابن سلمة أنه لا يجوز التصدق بجميع الأضحية، بل يجب أكل شيء منها؛ لظاهر الآية.

مع القائلين بعدم الوجوب:
قال ابن عطية في تفسيره: ( ((فكُلُوا)) ندب، وكل العلماء يستحب أن يأكل الإنسان من هديه، وفيه أجر وامتثال إذ كان أهل الجاهلية لا يأكلون من هديهم. وقال مجاهد وإبراهيم والطبري: هي إباحة ).

قلت: انظر تفسير الطبري(16/561) فقد نص على أنه ليس بأمر إيجاب، وأن معناه الإباحة والإطلاق، وانظر أثر إبراهيم النخعي وأثر مجاهد هناك.
إلا أن ابن كثير صرح بأن القول بالاستحباب هو اختيار الطبري في تفسيره، فلعله حمل عدم قوله بالوجوب على أنه مستحب عنده، أو أن القول بالإباحة في كلامهم على هذه المسألة يؤول إلى الاستحباب.

قال الحافظ ابن كثير في تفسيره: ( إن القول بوجوب الأكل غريب ).
وقال القرطبي في تفسيره: ( وشذَّت طائفة فأوجبت الأكل والإطعام بظاهر الآية، ولقوله صلى الله عليه وسلم: "فكلوا وادخروا وتصدقوا" ).

وعدَّ الجمهور من صوارف الوجوب: ما ذكروه من أن المشركين كانوا لا يأكلون من هداياهم وأضاحيهم فرخص للمسلمين في ذلك؛ فهو أمر بعد حظر فلا يكون للوجوب.

قال الإمام النووي في شرحه على صحيح مسلم عند قوله صلى الله عليه وسلم: ( فكلوا وادخروا وتصدقوا ): هذا تصريح بزوال النهي عن ادخارها فوق ثلاث، وفيه الأمر بالصدقة منها والأمر بالأكل، فأما الصدقة منها إذا كانت أضحية تطوع، فواجبة على الصحيح عند أصحابنا بما يقع عليه الاسم منها، ويستحب أن تكون بمعظمها، قالوا: وأدنى الكمال أن يأكل الثلث ويتصدق بالثلث ويهدي الثلث...

قال في "المغني": ( والأمر في هذا واسع؛ فلو تصدق بها كلها أو بأكثرها جاز، وإن أكلها كلها إلا أوقية تصدق بها أجزأ؛ لأن الله تعالى أمر بالأكل والإطعام منها ولم يقيده بشيء، فمتى أكل وأطعم فقد أتى بما أمر.

وقال أصحاب الشافعي: يجوز أكلها كلها.
ولنا: أن الله تعالى قال:
start.gif
فكلوا منها وأطعِموا البائس الفقير
end.gif
وظاهر الأمر الوجوب،

وقال بعض أهل العلم: يجب الأكل منها ولا تجوز الصدقة بجميعها؛ للأمر بالأكل..

ولنا: أن النبي صلى الله عليه وسلم نحر خمس بدنات وقال: " من شاء فليقتطع " ولم يأكل منهن شيئاً، ولأنها ذبيحة يتقرب بها إلى الله تعالى فلم يجب الأكل منها كالعقيقة فيكون الأمر للاستحباب أو للإباحة، كالأمر بالأكل من الثمار والزروع والنظر إليها).

وأحب أن أعقب على ما نقله هنا الموفقُ ابن قدامة -رحمه الله- عن أصحاب الشافعي، وسأنقل قول النووي في "المجموع شرح المهذب": ( وهل يشترط التصدق منها بشيء أم يجوز أكلها جميعاً، فيه وجهان مشهوران ذكرهما المصنف بدليلهما،
أحدهما: يجوز أكل الجميع، قاله ابن سريج وابن القاص والإصطخري وابن الوكيل، وحكاه ابن القاص عن نص الشافعي، قالوا: وإذا أكل الجميع ففائدة الأضحية حصول الثواب بإراقة الدم بنية القربة.
والقول الثاني وهو قول جمهور أصحابنا المتقدمين وهو الأصح عند جماهير المصنفين، ومنهم المصنف في التنبيه يجب التصدق بشيء يطلق عليه الاسم، لأن المقصود إرفاق المساكين، فعلى هذا إن أكل الجميع لزمه الضمان، وفي الضمان خلاف (المذهب) منه أن يضمن ما ينطلق عليه الاسم).


تنبيه: إذا وجبت الأضحية -على طريقة الجمهور- بالنذر أوالتعيين فإنهم يختلفون في حكم أكلها، فمنهم من يرى تحريم الأكل منها عندئذ، كما هو مذهب الشافعية وجماعة، ومنهم من يرى الجواز. وبالله التوفيق
 
التعديل الأخير:
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
الثالث: أن الأكل مستحب والإطعام واجب، قاله الشافعي، وهو صريح قول مالك ) ثم نقد القول الثاني، وعده من غريب التفقه، ثم قال: ( والأصح عندي أن الأكل واجب ).


العبارة مشكلة عليَّ، كيف يقول الشافعي بالاستحباب والأصح عنده الوجوب!
 

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
العبارة مشكلة عليَّ، كيف يقول الشافعي بالاستحباب والأصح عنده الوجوب!
أخي المفضال الشيخ/ فؤاد

هذا قول ابن العربي والأصح عنده، لا عند الشافعي.

قال ابن العربي المالكي -رحمه الله- في "أحكام القرآن" (3/1291):
( اختلف الناس في حكم قوله تعالى: ((فكلوا))، ((وأطعِموا)) على ثلاثة أقوال:
الأول: أنهما واجبان، قاله أبو الطيب ابن أبي ثعلبة.
الثاني: أنهما مستحبان، قاله ابن شريح.
الثالث: أن الأكل مستحب والإطعام واجب، قاله الشافعي، وهو صريح قول مالك ) ثم نقد القول الثاني، وعده من غريب التفقه، ثم قال: ( والأصح عندي أن الأكل واجب ).
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
جزاك الله خيرا، وفتح عليك، الآن العبارة واضحة بحمد الله.
 
إنضم
9 أكتوبر 2009
المشاركات
9
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
إربد
المذهب الفقهي
حنبلي
جزاكم الله خيرا شيخنا ولا فض فوك ولا كسر الله قلمك....
 

أبو الهيثم السيناري

:: مخالف لميثاق التسجيل ::
إنضم
9 نوفمبر 2009
المشاركات
7
التخصص
الحديث
المدينة
جالا
المذهب الفقهي
الشافعي
وما القول الفيصل في مسألة إطعام الكافر بلحم الأضحية يا شيخنا الكريم ؟
 

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
لا بأس بإعطاء الكافر منها، إلا أن بعض أهل العلم خص ذلك بالكافر الذي لا يقاتل المسلمين ولا يظاهر أحداً عليهم؛ لقول الله تعالى : ((لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين* إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون)).
 

أبو الحسام اليمني

بانتظار تفعيل البريد الإلكتروني
إنضم
2 نوفمبر 2009
المشاركات
15
التخصص
الفقه المقارن
المدينة
المدينة
المذهب الفقهي
حنبلي
جزاكم الله خيرا وفتح عليكم ...
 

ابوعبدالله زياد

:: مخالف لميثاق التسجيل ::
إنضم
21 نوفمبر 2009
المشاركات
1
التخصص
تجاري
المدينة
الكويت
المذهب الفقهي
حنبلي
وما القول الفيصل في مسألة إطعام الكافر بلحم الأضحية يا شيخنا الكريم ؟​
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تقبل الله طاعتكم .. عيدكم مبارك

عن عبد الله بن عمرو أنه ذبح شاة فقال : أهديتم لجاري اليهودي فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم – يقول : ( ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه ) .
الراوي: عبدالله بن عمرو بن العاص المحدث: الوادعي - المصدر: الصحيح المسند - الصفحة أو الرقم: 797
خلاصة الدرجة: صحيح
 

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
أخانا الكريم أبا الحسام .. وإيـاك، بوركـت

أخانا أبا عبد الله.. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وتقبل منكم، وأعاده علينا أجمعين في خير حال

أثابكمـا الله.
 

أبوبكر الأغواطي محمد

بانتظار تفعيل البريد الإلكتروني
إنضم
25 أبريل 2009
المشاركات
34
التخصص
دراسات لغوية وقرآنية
المدينة
الوسط
المذهب الفقهي
مالكي
بارك الله فيكم ونفعنا الله بما علمكم
 

أبوبكر الأغواطي محمد

بانتظار تفعيل البريد الإلكتروني
إنضم
25 أبريل 2009
المشاركات
34
التخصص
دراسات لغوية وقرآنية
المدينة
الوسط
المذهب الفقهي
مالكي
السر في تنوع الحكم هنا واختلاف العلماء بين الوجوب والاستحباب والاستنان
مرده الى الأمر ، وهل يقتضي الوجوب أم يخرج الى أغراض أخرى ؟
فالأصل في الأمر أن يقتضي الوجوب ولا يخرج إلا بوجود قرينة تصرفه الى غير ذلك ...
والقرينة التي تصرفه هنا في قوله : كلوا
تعلق الحق بالنفس وهو مما يملك الانسان التنازل عنه
أما بقاؤه على الوجوب في قوله : أطعموا
فلأن الحق هنا حق الفقراء ولا يملك الانسان أن يتنازل لهم في حقهم
والله أعلم
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
أعلى