العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

موقف الدولة الموحدية من المذهب المالكي

شهاب الدين الإدريسي

:: عضو مؤسس ::
إنضم
20 سبتمبر 2008
المشاركات
376
التخصص
التفسير وعلوم القرآن
المدينة
مكناس
المذهب الفقهي
مالكي
يتسائل باحث من الجزائر وهو الأخ المفضال مصطفى الفضي عن موقف الدولة الموحدية من المذهب المالكي ؟ وطلب مني حفظه الله أن أطرح هذا الموضوع للنقاش حتى يدلي كل عضو بما فتح الله عليه ..
والسؤال فرع من رسالة دكتوراه للأخ موسومة بـ "التحولات المذهبية في الغرب الإسلامي خلال العصر الموحدي"

ونعلم بأن الدولة الموحدية فرضت المذهب الظاهري لسنوات عديدة محاولة تحويل المغاربة عن مذهب الإمام مالك، لكن ما أن انهارت الدولة حتى رجع الناس إلى مذهبهم الفقهي المرتضى..
والدولة الموحدية تأسست على يد المهدي ابن تومرت الذي ادعى أنه المهدي المنتظر، وأنه الإمام المعصوم المجتهد.. وبعيدا عن الانحرافات التي وقعت فيها هذه الدولة، فتظل من أقوى الدول التي شهدها العالم الإسلامي ...

لهذا أيها القارئ فلنرجع إلى السؤال الرئيسي الذي أريدك أن تجيب علبه كما شئت:
ما هو موقف الدولة الموحدية من المذهب المالكي ؟؟
وما هو النهج الذي انتهجته هذه الدولة لإزالة المذهب المالكي ؟؟
هل ترى بأن من حقها حمل الناس على مذهب فقهي واحد وتضيق الواسع ؟؟
هل نجحت الدولة في ترسيخ هذا التحول الفقهي ؟؟
من هم أبرز منتقدي السياسة الموحدية ؟؟ (علماء وفقهاء ومؤرخون...)

(لا يشترط الإجابة على كل الأسئلة)..

ننتظر تفاعلاتكم ...
 
إنضم
25 يونيو 2008
المشاركات
1,762
الإقامة
ألمانيا
الجنس
ذكر
التخصص
أصول الفقه
الدولة
ألمانيا
المدينة
مونستر
المذهب الفقهي
لا مذهب بعينه
أوائل الموحدين كانوا مناصرين للخط الظاهري : فمنهم من انتصر للمذهب الظاهري ومنهم من اقترب..
ولكن متأخريهم عادوا لتقريب المالكية.

ولعل من أسباب اندثار المذهب الظاهري بسرعة : شدة الإمام أبي يعقوب رضي الله عنه , مع أن الآراء لا تفرض بحد السيف ... مع التذكير بأن الخليفة الأموي كان قد فرض المذهب المالكي بحد السيف أيضا , لكن طول الزمن عامل في استقرار المذهب.
لكنني أزعم أن تلك الدولة المظفرة قد رسخت منهج الإستدلال والبعد عن التعصب.
 

مصطفى الفضي

:: مخالف لميثاق التسجيل ::
إنضم
25 أغسطس 2009
المشاركات
3
التخصص
تاريخ
المدينة
دبي
المذهب الفقهي
مالكي
إنضم
26 أغسطس 2009
المشاركات
130
التخصص
التاريخ والحضارة الإسلامية
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
الظاهرى
الأخوان الحبيبان الإدريسى ومصطفى الفضى بارك الله فيكما وأحسن إليكما وجمعنى الله وإياكما فى جنة ونهر عند مليك مقتدر .
الحبيب الفضى أذكر انه قد تبودلت الرسائل بيننا بشان هذا الموضوع ، وتعرف أن أطروحتى عن الدكتوراة كانت موسومة باسم " الظاهرية والمالكية واثرهما فى المغرب والأندلس فى عهد الموحدين" .
وكنت قد أخبرتك بأن موضوع أطروحتك جد خطير لأنه يعالج فترة خصيبة ومضببة فى آن واحد من تاريخ المغرب
خصيبة لأن مصادر المالكية ونوازلهم فضلا عن كتب مؤرخيهم لا زالت موجودة .
ومضببة لأن ظاهرية الموحدين صارت نسيا منسيا على يد من تصدى للكتابة عن تاريخ هذه الدولة سواء من القدامى والمحدثين باستثناء ابن الأحمر من القدامى ونتفا هنا وهناك عند الونشريسى والغبرينى وابن فرحون وابن مرزوق ، ومن المحدثين العلامة محمد المنونى رحمه الله ، والدكتور توفيق الغلبزورى الباحث النابه ، وما قدمناه بفضل الله فى أطروحتنا الآنفة الذكر .
أقول باستثناء ماذكرت فهناك خلط عجيب بين من تصدى للكتابة فى تاريخ هذه الدولة فمنهم من قال إنها مالكية؟
وهذا اعجب من العجاب؟
ومنهم من جعلها متبعة للكتاب والسنة ، وقالوا ولا يعنى هذا انها كانت ظاهرية؟
وكل طرف يلوى نصوصا ويوجها إلى غير وجهتها .
عموما يا اخى الحبيب اعدك ان أزودك بكل ما تحتاجه بالطريقة التى تروق لك ، من خلال المراسلة أو من خلال الطرح هنا ، كما تحب وترضى إن شاء الله .
وبخصوص الاسئلة التى طرحها الاخ الحبيب الإدريسى فأبدا باول سؤال وهو :
ما موقف الدولة الموحدية من المذهب المالكى أقول باختصار :
الموحدون سلكوا مسلكين تجاه المالكية وهما :
مسلك تجاه اهل التقليد واهل الفروع فهؤلاء لقوا من التنكيب وإحراق كتبهم ومصادرة أفكارهم ما تفوح بذكره المصادر ، ومن انتقد ابن حزم من هذا الصنف المالكى اعنى ( أهل التقليد) كان يعاقب وينكب ويسجن وتحرق كتبه .
المسلك الثانى : وهو مسلك اللين والتمكين لمن اقبل على منهجهم من المالكية وتعلم الأصول ومهر فيها ، ودعا إلى نبذ الفروع والتقليد ، والتعويل على استنباط الأحكام من الكتاب والسنة ، فهذا الصنف وجد من الإنعامات والإحسانات ما تحول حاله وقلب أمره راسا على عقب .
فمنهم من تولى القضاء ، ومنهم من صار مفتيا ، ومنهم من صار ملازما للخليفة فى مجلسه ، ومنهم من تولى رئاسة طلبة الحضرة وما شابه ذلك.
هذا عن السؤال الأول أخى الحبيب باختصار ، وقد اضربت صفحا عن ذكر امثلة حتى لا يطول بنا المقام ، ولعلى أكمل لاحقا .
والله المستعان لا رب سواه .

 
إنضم
3 نوفمبر 2008
المشاركات
195
التخصص
الفقه
المدينة
غزة
المذهب الفقهي
شافعي
ونعلم بأن الدولة الموحدية فرضت المذهب الظاهري لسنوات عديدة محاولة تحويل المغاربة عن مذهب الإمام مالك، لكن ما أن انهارت الدولة حتى رجع الناس إلى مذهبهم الفقهي المرتضى..
...


بارك الله فيكم
لم تفلح هذه الدولة في القضاء على مذهب البلد (المذهب المالكي) بل كان أكثر فقهاء ذلك العصر مالكية يدرسون المذهب ويسخطون على مذهب الحاكم ويردون عليه ووضعوا كتبا في ذلك
فلم تنفع سياسة العنف وإحراق كتب المذاهب وكتب الفروع في تحقيق مرادهم من فرض المذهب الظاهري أو التومرتي


ما هو موقف الدولة الموحدية من المذهب المالكي ؟؟
إحراق الكتب التي تمثله وملاحقة من يدرسه

وما هو النهج الذي انتهجته هذه الدولة لإزالة المذهب المالكي ؟؟
العنف والقوة من تحريق للكتب وملاحقة للفقهاء المالكيين
والدعوة إلى إقراء كتب الحديث وعقد مجالس الأمالي ونحو ذلك وهذا من مميزاتها لو اقترن بصحة الفهم

هل ترى بأن من حقها حمل الناس على مذهب فقهي واحد وتضيق الواسع ؟؟
سواء كان من حقها أم لا _وهو الحق_ هذا لا يمكن تطبيقه ولا يتصور وقوعه إلا من نبي معصوم
حتى بالقوة لا يقع

هل نجحت الدولة في ترسيخ هذا التحول الفقهي ؟؟
فشلت فشلا ذريعا
فلا هي للمذهب الظاهري أو التومرتي نشرت ولا للمذهب المالكي قتلت هذا في زمنها
ولما انهارت رجع الناس لما كانوا عليه

من هم أبرز منتقدي السياسة الموحدية ؟؟ (علماء وفقهاء ومؤرخون...)
الشاطبي صاحب الموافقات مثلا وغيره


ـــــــــــــــــــــــ
وينبغي تنبيه الباحث هنا _أي بما يخص دولة الموحدين_إلى ربط المذهب العقدي بالمذهب الفقهي
فكما هو معلوم أن دولة المرابطين كانت دولة سنية سلفية على عقيدة أهل السنة والجماعة وكان المنتصب للرد على أهل البدع من الشيعة والمعتزلة ونحوهم هم علماء المالكية
وكانت دولة الموحدين على خلاف ذلك من الدعوة إلى البدع والعصمة على يد ابن تومرت ومن معه وشابهه

وكان إمام المذهب المالكي شديدا على أهل البدع وينهى عن مناظرتهم ومخالطتهم وكذا أتباعه من تلامذته ومتقدمي المالكية كانوا على هذا السنن
ولا يتأتى لابن تومرت الدعوة لمذهبه من العصمة والمهدية والأشعرية وغير ذلك من الخزايا إلا بقطع الناس عن فهم أسلافهم (الإمام مالك وأتباعه) للمرجع الأساسي في العقائد (نصوص الكتاب والسنة)
فغلف دعوته بالدعوة إلى مذهب أهل الظاهر وابن حزم (وكان الإمام ابن حزم رحمه الله متأثرا بعلوم الفلسفة والمنطق التي أخذها في بداية طلبه فشابت عقيدته ما قال المحققون)= لأنها لا تحتكم إلى فهم سالف للنصوص
وبعضهم غلفها بالدعوة إلى الرجوع إلى الكتاب والسنة مباشرة من أجل نشر مذهبه العقدي
وقد يكون بعض أفراد من كان في ذلك الزمن صادقا في هذه الدعوة من أجل ما كان يرى من تعصب للمذهب المالكي
لكنه لم يدر ما وراء الأكمة
كما أنه أخطأ في هذه الطريقة من حرق كتب الفروع وعدم الرجوع إليها مطلقا في محاربة بعض التعصب الموجود في ذلك الزمن
 
إنضم
26 أغسطس 2009
المشاركات
130
التخصص
التاريخ والحضارة الإسلامية
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
الظاهرى
الأخ الحبيب امجد الفسطينى بارك الله فيك واحسن إليك
بداية ليتك تتروى وتتريث فى احكامك قبل التسرع الذى أوقعك فى الخطأ
لماذا جعلت موقف الموحدين من المذهب المالكى هو المصادرة والحرق؟
هل تعرف من الذى حرقت كتبهم؟
وفى عهد من؟
وكم تكرر الحرق فى عهد الدولة؟
لماذا لم تقف على ما كتبته وانا أحد المتخصصين فى تاريخ الدولة ومذهبها الفقهى والعقدى؟
هل يا ترى وقفت اخى الحبيب على ما لم نقف عليه فتزودنا به؟
هل وقفت على ما قام به ثلة من فقهاء المالكية من ردود على اصحابهم فى المذهب لأجل أنهم من اهل التقليد والفروع؟!!!!!!
وهل وقفت على الجمع الغفير من فقهاء المالكية الذين تولوا مناصب كالقضاء وغيره ؟
هل توليهم للمناصب فيه مصادرة ؟
وهل قلة من فقهاء سبتة كابن الملجوم وغيره الذين عارضوا المنصور فى وجهته تريد ان تجعلهم كل فقهاء المالكية؟
ثم يا أخى نحن والحمد لله نعرف مذهب الدولة ووقفنا عليه ، ونستطيع أن نفرق بين منهجها الفقهى ومنهجها العقدى.
ولكن.
السؤال يا الحبيب عن المذهب الفقهى أليس كذلك !!!!
ومن ثم تحدثنا عن ما يخص السؤال .
أما بخصوص المذهب العقدى فالحمد لله ناقشناه فى قرابة خمسين صفحة وأنكرنا على ابن تومرت بدعه واباطيله ، وأوضحنا الحق من كلامه.
ثم اعلم يا الحبيب ان الدولة قامت فيها انتفاضة فكرية فى عهد المنصور وفى عهد ابنه المأمون ووقعت معارضة قوية وشديدة على الأفكار البدعية التى نادى بها ابن تومرت .
فليتك تتريث اخى الحبيب فى أحكامك .
واعلم بان دولة المرابطين وإن كانت سلفية فى صدرها فى عهد يوسف بن تاشفين ، فقد تحولت على النقيض فى عهد ابنه وحفيده وصارت النساء صاحبت الكلمة العليا ، وكان النسوة يخرجن متبرجات ن وترك الناس الاصول وانحرفوا عنها إلى الفروع وغيرها .
واقرا إن شئت شهادة مؤرخ فذ كالمراكشى يتحفك بما يجعلك تتريث فى الاحكام .
يا سادة الإنصاف عزيز ، واسأل الله تعالى أن يرزقنى وإياكم الإنصاف .​
 
إنضم
3 نوفمبر 2008
المشاركات
195
التخصص
الفقه
المدينة
غزة
المذهب الفقهي
شافعي
بارك الله فيك

مضمون ما نقلته إنما هو عن أهل الاختصاص في هذا

وهل ممكن أن تضع لنا هنا ماكتبته حتى ننظر فيه

والغرض الوصول إلى الحق إن شاء الله
 
إنضم
26 أغسطس 2009
المشاركات
130
التخصص
التاريخ والحضارة الإسلامية
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
الظاهرى
وفيك بارك
من هم أهل الاختصاص ؟
وهل الأفكار التى طرحتها لك ليست كافية؟
أقول لك هناك من المالكية من تولى القضاء فى عهدهم وتقول لى أهل اختصاص ؟
من هم يارعاك الله؟
هل تعرف ان ابن القطان كان مالكيا صاحب نزعة ظاهرية وتتلمذ على يد المنصور حاكم الموحدين ، وولاه المنصور منصب قاضى القضاة؟
هذا نموذج من خمسين نموذجا أحصيناهم؟
أليس هذا بدليل على الحرية الفكرية التى كانت فى عهد الموحدين ، رغم قسوتها التى نعترف بها على أهل الفروع والتقليد؟
ليتك اخى الحبيب تخبرنى من اهل الاختصاص.
لاننى واحد من أهل الاختصاص ، واقول لك لايصح اصلا ما قلته ؟!!!!!
 
إنضم
2 يونيو 2009
المشاركات
77
الجنس
ذكر
التخصص
أصول الفقه - أعلام الغرب الإسلامي
الدولة
المملكة المغربية
المدينة
مراكش
المذهب الفقهي
مالكي
بارك الله في الدكتور عبد الباقي السيد على هذه الخلاصات الماتعة.
من خلال مطالعتي لمداخلتكم استوقفتني بعض التساؤلات:
ما هي أوجه تأثر ابن تومرت بابن حزم؟ بمعنى كيف انتقلت الضاهرية من الفكرة إلى الدولة؟
فكما تعلمون فابن تومرت كانت تحركه نوايا سياسية صرفة على العكس مما تبدو عليه من كون حركته حركة دينية تصحيحة.. فمشروعه السياسي الذي بناه على أنقاض الدولة المرابطية التي كانت تحتضر.. استطاع أن يلبسه صبغة دينية وقد تجلى هذا في أمور منها:
- اعتناقه للمذهب الأشعري الفلسفي الذي تأثر بالفلسفة وعلم الكلام مع الرازي ولم يكن ذلك منه اعتباطا، فهذا المذهب يقوم على مبدأ الإمامة العضمى الشيء الذي سيستغله ابن تومرت لتوطيد دعوته بالمهدوية. كما أن هذا المذهب الذي يجمع بين النقل والعقل أي بين سكوت مذهب السلف وتأويل المعتزلة هو أداة ناجعة لنقض لضرب المذهب العقدي لدولة أمير المؤمنين يوسف بن تاشفين الذي كان مذهبهم مذهب السلف فاتهموهم بالتجسيم.
- اعتناقه للمذهب الضاهري الحزمي الذي يختلف عن الضاهرية الأولى باعتماده على العقلانية النقدية التجاوزية. هادفا إلى تجاوز دولة الفقهاء الفروعيين الذي أغرقو في التقليد.
 
إنضم
26 أغسطس 2009
المشاركات
130
التخصص
التاريخ والحضارة الإسلامية
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
الظاهرى
وفيكم بارك الرحمن أخى الحبيب مصطفى
بداية معذرة على التأخير فلى فترة لم أتجول على هذا الموقع المبارك .
وبخصوص أوجه تأثر ابن تومرت بابن حزم فهذا من الأمور المعقدة فى شخصية ابن تومرت الذى جمع بين متناقضات فى فكره ، وإن حاول أن يهضمها جميعا ويقولبها فى قالب واحد لخدمة فكرته ، وتأسس دولته التى اتخذ لها مذهبا رسميا من البداية هو المذهب الظاهرى .
لقد كان المحرك الأساسى لثورة ابن تومرت ضد المرابطين هو الفقه الظاهرى الثورى الذى درسه على يد الطرطوشى المالكى( ت520هـ/1126م) - أحد المهتمين بالفقه الظاهرى وكتب ابن حزم ، حتى إنه كان يجتمع مع أبناء ابن حزم وجماعة من الظاهرية لتصنيفها ومعرفة محتوياتها- بقرطية ([1]) ، وقد استفاد ابن تومرت من الطرطوشى فى الثورة على التقليد والعودة إلى الكتاب والسنة والطعن على البدع والظلم ([2]) والخروج على الحاكم إذا وقع شىء من الجور وإن قل ([3]) وهى المسائل التى أصلها ابن حزم ودعا إليها فى كتبه.
لقد وجد ابن تومرت في المذهب الظاهرى أمورا تتوافق مع عقليته وتفكيره مثل الثورة على الحاكم الجائر ، ورفض القياس والظن في الأحكام فاعتمده في الفقه وفى بعض أمور العقيدة.

أما عن الأسباب التى دفعت ابن تومرت لركون إلى المذهب الظاهرى فتتمثل فى الآتى :
أولا : الإعجاب الذى كان يكنه المهدى محمد بن تومرت مؤسس الدولة. لابن حزم وتأثره به فى عدة مسائل تعتبر قوام مذهبه الدينى، مثل قوله بأن الشريعة لا تثبت بالعقل، وانحصار أصولها فى القرآن والسنة وغيرها([4]) .
ثانيا : ابن تومرت لم ينس ما تعرض له فى مراكش على يد فقهاء المالكية فى عهد على بن يوسف ، ووشايتهم به لديه حتى أمر بقتله ، لولا خروجه إلى تينملل ، كان هذا فى الوقت الذى لقى فيه ابن تومرت تأييد جماعة من الظاهرية وافقوه على دعوته ، خاصة ما كان من فقهاء فاس .
ثالثا : أن ابن تومرت أخذ على عاتقه نشر التوحيد الكلامى القائم على التأويل ، وهو ما وجد معارضة شديدة من فقهاء المالكية ، فى حين كان ابن حزم وهو أحد أقطاب الظاهرية ومجدد المذهب ، يدعو إلى التوحيد الكلامى ، وله أقوال حول الآيات المتشابهة بسطها فى كتابه الفصل ([5]) .
رابعا : عواطف المالكية الجياشة على انقراض الدول المرابطية صاحبة الانتصار الأكبر على النصارى فى معركة الزلاقة سنة 479هـ/1086م، والتى ضمنت بقاء المسلمين بالأندلس نحو أربعة قرون تالية، وكان ذلك أحد الأسباب التى دفعت مؤسس الدولة الموحدية إلى تغيير المذهب المالكي التى اعتنقته الدولة المرابطية إلى المذهب الظاهري أكثر المذاهب معارضة له([6])
ــــــــ
([1] ) الكنانى ، مؤلفات ابن حزم ورسائله بين أنصاره وخصومه ، ص86.
([2] ) عبدالمجيد النجار ، المهدى بن تومرت حياته وآرؤه وثورته الفكرية والاجتماعية وأثره بالمغرب ، دار الغرب الإسلامى ، بيروت ، ط1 ، 1403هـ/1983م ، ص105.
([3] ) أفتى ابن حزم بأنه إن وقع شىء من الجور وإن قل فمن الواجب أن يكلم الإمام فى ذلك ويمنع منه ، فإن امتنع وراجع الحق وأذعن للقود من البشرة أو من الأعضاء ، ولإقامة حد الزنا والقذف والخمر عليه ، فلا سبيل إلى خلعه وهو إمام كما كان لا يحل خلعه. فإن امتنع من إنفاذ شىء من هذه الواجبات ولم يراجع وجب خلعه وإقامة غيره ، ممن يقوم بالحق لقول الله تعالى ( وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) [سورة المائدة آية 2] . أنظر : الفصل ، 3/106.
([4] ) محمد بن تومرت، أعز ما يطلب، نشر جولد زيهر، الجزائر، 1903م، ص 163 ـ 173؛ وانظر:Goldziher, le Liver le MohammedI ibn Toumert Mahdies, Al ger, 1903, p50 - 70
([5] ) ابن حزم ، الفصل ، 2/3-12 ، وانظر : أحمد رمضان ، الخلافة ، ص116،115.
([6] ) أحمد بكير، المدرسة الظاهرية بالمشرق والمغرب ، دار قتيبة ، بيروت ـ دمشق ، ط1، 1411هـ/1990م ، ص 65، 66.

 
إنضم
26 أغسطس 2009
المشاركات
130
التخصص
التاريخ والحضارة الإسلامية
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
الظاهرى
أما عن السؤال الثانى الذى طرحه الأخ الإدريسى وهو " ما هو النهج الذي انتهجته هذه الدولة لإزالة المذهب المالكي ؟؟
أقول له إن الدولة الموحدية الظاهرية تبنت نهجا كان الغرض منه إزالة الفروع وليس المذهب المالكى ذاته .
إذ لو دققنا النظر لوجدنا من فقهاء المالكية من كانوا يحضرون مجالس الخليفة والوزراء والامراء ، ومنهم من تولى الفتيا والقضاء والخطابة وغيرها شريطة أن لا يدعوا إلى الفقه الفروعى.
ومن ثم وجدنا المنصور الموحدى كشر عن أنيابه وغير موقفه تجاه ابن رشد الحفيد لما وجده يدعو إلى الفقه الفروعى وإلى التمكين له من خلال التصنيف وخلافه .
لقد تغيرت نظرة المنصور لابن رشد فبعد انكان رجلال مكينا عنده ومتوليا منصب قاضى القضاة أوقع به ونكبه وأحرق كتبه عندما دعا إلى الفقه الفروعى وهذا سبب من جملة اسباب اخرى ليس هذا مجال تفصليها .
وابن مرزوق المالكى كان مكينا لدى الدولة المالكية حتى صرح بالضرورة الرجوع إلى الفقه الفروعى فنكب وأحرقت كتبه .
وهكذا جل حالات الإحراق كانت لأشخاص بعينهم ، ولكتب معينة .
وإلا لماذا اهتمت الدولة بكتب الإمام مالك وعلى راسها الموطأ ، وكتب ائمة المالكية فى الحديث والفقه التأصيلى القائم على الدليل ومن ذلك كتب ابن عبدالبر لا سيما التمهيد والاستذكار ، وغير ذلك كثير .
المهم كان نهج الدولة موجها لفئة بعينها من المالكية ولكتب محددة وليس للمذهب كله ولرجاله جميعا .
أما عن اسلوبها فى تحقيقذلك فتمثل فى الىتى :
أولا المناظرات : بين الظاهرية والمالكية وهذه بدات من لدن عبدالمؤمن بن على ، وكانت تتم فى حضرة الخليفة والأمراء وإن أراد الباحث نماذجا لهذه المناظرات أتحفناه بطرف منها إن شاء الله .
ثانيا : الدعوة لتأصيل دراسة الحديث وفقه وأحكامه ، وهذه الدعوة لقيت غقبالا شديدا من قطاع عريض من فقهاء المالكية الذين راحوا يعكفون على كتب الحديث دراسة وتاصيلا ، ومن ثم كان لذلك أثر كبير فى تحولهم من التعويل على كتب الفروع إلى التعويل على كتب الحديث .
ثالثا : تاصيل دراسة اصول الفقه ، وهذا النهج لقى غقبالا شديدا أيضا من فقهاء المالكية ليحظوا بالمناصب فى ظل هذه الدولة التى اشترطت دراسة الاصول والحديث والابتعاد عن الفروع .
رابعا : حمل القضاه والفقهاء على استخراج اأحكام من الكتاب والسنة ، والتعويل فى الأحكام على القرآن والسنة والإجماع فحسب ، وخرجت الرسال العديدة من قبل خلفاء الدولة الموحدية بخصوص هذا الامر .
خامسا : الردود على منتقدى الظاهرية وابن حزم ما لم تكن الردود فيها تجنى وتطاول ، بمعنى آخر إذا كان النقد بناء والهدف منه الوصول إلى الحق كانت تسمح به الدولة على ان
ينتحى للتبيين والتوضيح فقهاء الظاهرية .

سادسا : إحراق كتب الفروع التى دعا أصحابها إليها ، وذلك بعد التنبيه بعدم الدعوة إلى الفروع وهذا امر مشهور فى كتب التراجم لمن أراد الوقوف على حقيقته .
ولنا عودة إن شاء الله للتعليق على باقى الاسئلة .
 
أعلى