العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

مهارات القراءة الإبداعية‏ ...

إنضم
30 أبريل 2008
المشاركات
246
التخصص
الدراسات الإسلامية
المدينة
الشارقة
المذهب الفقهي
اتبع الدليل
هل للقراءة الإبداعية مهارات ؟

للقراءة الإبداعية مهارات عديدة لا يستغنى عنها من رغب في القراءة بطريقة
إبداعية متميزة حتى يستفيد من قراءته، ومن هذه المهارات ما سوف أذكره على
النحو التالي :

1- مهارة وضع الأهداف وضبطها ووضعها في جدول زمني ، ووجود هدف يطمح
القارئ المبدع الوصول إليه وتحقيقه من خلال القراءة يعتبر أهم دافع لتحرك
الإنسان، ولن يتحرك الإنسان في قراءة جادة مبدعة في حالة عدم وجود هدف من
هذه القراءة في حياته ، وإذا بدأ الفرد في القراءة وبدون هدف فإنه في
الغالب يقرأ لفترة قصيرة من الزمن ثم يتوقف . من يريد الإبداع والتميز
وجب عليه وضع الهدف أولاً ، وفي مجالنا وجب عليه وضع الهدف الذي يريد
الوصول إليه من خلال قرءاته.

2-مهارة تقويم المادة المقروءة قبل شرائها،ومدى فائدتها للقارئ المبدع،
ومدى حاجة القارئ المبدع للكتاب نفسه،فالكتب الجيدة والمتميزة المعروضة
يعتبر كثيراً،ولو قرأنا في كل شئ لم نخرج بشئ ، وفي هذا الإطار يمكن أن
يساعد كثيراً قيام القارئ بقراءة الخلاصات التي تكون عادة في نهاية بعض
الكتب أو على الغلاف الخارجي الخلفي للكتاب ، ويفيد كثيراً كذلك قراءة
فهرس المحتويات حيث أنه يبين المواضيع التي يتناولها الكتاب. وتوجد بعض
المعينات على اختيار الكتاب الجيد وتقويمه قبل شرائه، هذه المعينات يمكن
أن تكون على شكل تساؤلات يطرحها الفرد على نفسه منها :

أ- ماذا يبحث الكتاب بمجمله ؟ فيجب عليك أن تكتشف ما هو موضوع الكتاب
الأساسي ، وكيف طور الكاتب موضوعه من خلال ترتيبه له وتقسيمه إلى موضوعات
أساسية وجزئية .

ب – ماذا يريد أن يقوله المؤلف أو الكاتب بشكل مفصل وكيف يقوله؟ ويمكن
هنا محاولة استعراض بعض الأفكار الرئيسية في أحد المواضيع وقراءتها
لمعرفة كيفية معالجة الموضوع من قبل المؤلف.

ج- هل ما يطرحه الكتاب من حقائق هي حقيقة كلية مائة بالمائة أم هي حقائق
جزئية ؟ فبعض المؤلفين يعطي حقيقة جزئية ثم يبني عليها آراء وتصورات
فاسدة،حيث يقوم بحجب جزء من الحقيقة لتحقيق غرض أو هدف معين فلينتبه
لهذا.

د- ماذا عن الكتاب ؟ وماذا يعطي الكتاب من معلومات؟ وهل هناك حاجة لهذه
المعلومات لديك أو لا ؟ ومدى أهميتها بالنسبة لك ؟ وهل يرفع الكتاب من
مستوى الفهم أم لا ؟

3- مهارة التركيز والتفكير الناقد أثناء القراءة مهارة لا مفر للقارئ
المبدع عنها ، فالقراءة الواعية المثمرة والتفكير متلازمان ، وإلا وقع
القارئ في مصيدة التأثر بفكر الكاتب من دون أن يشعر بذلك،ومن خلال مهارة
التركيز والتفكير ينطلق القارئ في أسلوب قراءة حواري مستمر مع الكاتب،
يوافقه مرة، ويعارضه أخرى، ويقف موقف المتشكك من صحة المعلومة التي ساقها
الكاتب أو المؤلف حتى يتأكد منها سواء عن طريق بحثه بالرجوع إلى مصادر
أخرى للتأكد من المعلومة التي ساقها المؤلف،أو بسؤال أهل العلم
والمعرفة.

4- مهارة التفريق بين الحقيقة والرأي مهارة يجب أن يمتلكها القارئ
المبدع ، فالحذر ثم الحذر ثم الحذر، فهناك عدد من المؤلفين يعرضون آراءهم
ووجهات نظرهم على أنها حقائق لا تقبل الشك ولا الجدل،وللتفريق بين الرأي
والحقيقة يمكن النظر إلى مدى استشهاد الكاتب بالقرآن الكريم والسنة
النبوية ،ومدى تقديمها في سياقها الصحيح ،ونرى من المؤلفين من يقوم بلي
أعناق النصوص لخدمة هدف وتوجه معين فأنتبه،حيث يقوم المؤلف أو الكاتب
باستخدام القرآن الكريم أو السنة النبوية في غير مكانها وموضعها
الصحيح.لذا فالقراءة الدينية والشرعية بالذات يجب الرجوع فيها لأهل العلم
والدعاة لاستشارتهم ممن لا يملك العلم الكافي للحكم، أو بمعرفة الثقات من
أهل العلم والعقيدة السليمة للقراءة لهم. أما بالنسبة للكتب والدراسات
العلمية التي تعتمد على الدراسات والتجارب والبحوث فالأمر نوعا ما
أسهل،حيث يعمد المؤلف أو الكاتب إلى وضع الدراسة أو البحث الذي اعتمد
عليه في نهاية حديثه ، ويشير إلى المصدر الذي تم أخذ المعلومة منه،على ما
في ذلك من علة تقادم المعلومات وخروج دراسات علمية وبيانات حديثه تنقض
الآراء والمعلومات السابقة.

5- يورد الدكتور محمد حبيب الله في كتابه أسس القراءة وفهم المقروء مهارة
مهمة لا يمكن أن يستغني عنها القارئ المبدع، وهذه المهارة هي مهارة تمييز
مدى الدقة العلمية، فعند قراءة نص معين، خاصة في مواضيع علمية أو تاريخية
أو جغرافية فاحتمال الوقوع في الخطأ وارد،واحتمال التحيز أيضاً وارد ،
وتطوير هذه المهارة عند القارئ مهم، وعلى القارئ أن يفحص دقة المعلومات
بمقارنة النص مع مراجع أخرى أو فحص الزمن الذي كتب فيه.

6-مهارة الاستنتاج،حيث لا يقف القارئ المبدع عند النص المكتوب فقط بل
يتعدى ذلك إلى الاستنتاج ووضع أفكاره وآراؤه الخاصة في الموضوع،حيث أن
القارئ قد يكون لديه معلومات في بعض أجزاء الموضوع أكثر من المؤلف.

7- مهارة القدرة على التواصل مع المؤلف أو الكاتب من خلال ما كتبه، وذلك
من خلال تحليل وتفسير الكلمات الرئيسية في الموضوع مدار البحث أو
المناقشة أو الدراسة.وهذا التواصل يمكن أن يندمج تحت عملية النقد، وهنا
يجدر الانتباه إلى أن النقد ليس بالضرورة أن ينحى المنحى السلبي ، ولكن
النقد الفعال هو نقد إيجابي في المقام الأول وسلبي في المقام الثاني.

8- مهارة القدرة على اقتناص الأفكار الهامة والحساسة والبناءة من بين
ثنايا الموضوع مدار الطرح ، ويرتبط بهذه المهارة معرفة تسلسل أفكار
المؤلف بواسطة إيجادها أو بناءها من خلال تسلسل الجمل.

9- مهارة معرفة الأفكار والمواضيع التي أستطاع المؤلف أن يوفيها حقها من
البحث والتحليل والتفسير وما أرتبط بها من حلول إذا كان هناك مشكلة تدرس،
وذلك عن غيرها التي لم تستوف هذه العناصر ولم تعط حقها في البحث
والتحليل، حيث يمكن أن يكون هذا النقص لدى المؤلف بداية لبحث جديد
متميز.

10- مهارة عدم الوقوع في مصيدة العاطفة، فبعض الكتاب يعرض معلوماته
بطريقة عاطفية ، يحاول من خلال ذلك التأثير في أفكار القارئ أو تشويهها
بما يخدم أهدافه من الكتابة .

11- مهارة التساؤل، وهي تحتاج للتركيز العالي، وتستخدم الأسئلة لمناقشة
الكاتب للوصول إلى معارف جديدة بقصد الإضافة للمعرفة وليس فقط الوقوف
عندها. وفيها تستخدم الأسئلة على نمط لماذا؟ وكيف؟ وهل؟ ومتى؟ وأين ؟
وماذا ؟ وكم ؟ وما الدليل؟ وماذا لو ؟ .وهذه المهارة في نظري من أهم
المهارات على الإطلاق لأنها تغنيك عن معرفة نماذج التفكير المختلفة .
فمهارة طرح أسئلة مثيرة للتفكير، هي المهارة والمفتاح للوصول إلى علوم
ومعارف جديدة ، ومفتاح للتفكير السليم، وبها يستطيع القارئ المبدع أن
تكون له وجهات نظر جديدة أو رؤى جديدة حول القضية مثار النقاش أو البحث،
وبها يتجاوز القارئ مرحلة الجمود الذهني إلى مرحلة الحراك الذهني والفكري
والذي بدوره يقود إذا استحسن استثماره إلى مزيد من المعرفة البشرية
المنهجية المنظمة.في الحقيقة أن من يستطيع طرح الأسئلة الجيدة يستطيع أن
يفتح مشاهد وآفاق جديدة غير مسبوقة وغير مطروقة من قبل، من يطرح تلك
الأسئلة ويحاول الإجابة عليها هو كمن يمشي في منطقة بكر لم يسبقه إليها
أحد ، وكم تكون المتعة في اكتشاف المناطق البكر! إنها في حقيقة الأمر
متعة فريدة لا يمكن وصفها، ولا يشعر بها إلا من جربها ، إنها متعة
كلمة ” وجدتها ” .

12- مهارة التنبؤ بما سوف يحدث، وهذه تعتمد على الرصد للقضية أو المشكلة
موضع القراءة، ودراستها ،ومتابعتها زمنياً إذا كان لها امتداد زمني
وتاريخي،وقراءة الواقع ورصده من خلال الملاحظة والمتابعة، ثم محاولة
معرفة الاتجاه الذي سوف تنحوه تلك المشكلة أو القضية، وكل هذه يجب أن
تكون مرتبطة بالمنطق،مع أهمية وضرورة استبعاد عنصري العاطفة والخيال عند
محاولة تطبيق هذه المهارة، ويرتبط بها بعد ذلك المهارة التي نوردها في
الفقرة التالية.

13- قدرة القارئ الفهم العميق والرغبة في حل المشكلات. ويعتبر الدكتور
سمير يونس بأن استراتيجية حل المشكلات هي أحدى المهارات المهمة لتنمية
مهارة القراءة الإبداعية، بحيث تسير هذه الاستراتيجية في خطوات مرتبة
هي : الإحساس بالمشكلة، ثم تحديدها، ثم فرض الحلول المتوقعة، ثم اختبار
صحة هذه الحلول ، وأخيراً اعتماد الفرض الذي ثبتت صحته كحل للمشكلة. هذه
بعض أهم مهارات القراءة الإبداعية ، والتي تعين الفرد بإذن الله على
القراءة الواعية المبدعة المثمرة ، ولا يفتني أن أذكر أن معظم تلك
المهارات تأتي عن طريق الخبرة والممارسة ، والمهارات التي ذكرتها هي
إضاءات ومعينات على الطريق ليس إلا ، ولا يتصور أن يخرج قارئاً مبدعاً
بمجرد معرفة هذه المهارات ، هي مهارة مثل معظم المهارات، تحتاج إلى
الممارسة والتدريب واستخدام عامل الوقت لإتقانها ، وكما نعلم لا يمكن أن
يتقن فرد ” ما ” السباحة من خلال معرفة خطوات السباحة نظرياً دون التطبيق
العملي والتمرين والاستمرار عليها فترة من الزمن حتى يتقنها ، فمثلها
تماماً القراءة الإبداعية.

مجموعة مــــداد البريدية
 
أعلى