العرية : جاء في حدود ابن عرفة رحمه الله : " ما منح من ثمر ييبس "، وقال عياض منح ثمر النخل عاما، وقال ابن عبد البر في الكافي : " ومعنى العرية أن يهب الرجل رجلا ثمرة نخلة أو نخلات أو ثمرة شجرة أو شجرات من التين والزيتون أو حديقة من العنب فيقبضها المعطي ثم يريد المعطي شراء تلك الثمرة منه لأن له أصلها فجائز له شراؤها ذلك العام بخرصها تمرا إلى الجذاذ" ، وقال الباجي هي النخلة الموهوب ثمرها ، وقال ابن جزي : " هي أن يهب له تمر نخلة أو ثمر شجرة دون أصلها " ، وقال الزرقاني في شرح الموطأ : " عريت بإعراء مالكها أي إفراده لها من باقي النخل فهي عارية" ، وتجوز العرية في كل ما ييبس ويدخر نحو الزبيب والزيتون والجوز واللوز، والأصل فيها ما في الموطأعن زيد بن ثابت أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " أرخص لصاحب العرية أن يبيعها بخرصها" ، فهي استثناء من المزابنة المؤدية إلى الربا، لأنها بيع يابس برطب، وبيع طعام بطعام مع تأخير، وقد قال ابن عاصم رحمه الله في تبصرته:
البيع للطعام بالطعام *** دون تناجز من الحرام
ويبين ابن عبد البر سبب الترخيص فيها فيقول : " وأمر العرية عندنا رخصة مخصوصة بوجهين أحدهما أنها موقوفة على المعري بما يدخل من الضرر بدخول غيره عليه حائطه من أجلها والآخر انها موقوفة على المقدار في خمسة أوسق أو فيما دون خمسة أوسق فمتى تجاوزت هذين الوجهين صارت مزابنة وصار صاحب الأصل وغيره في شرائها سواء" ، وزكاتها وسقيها على المعري.
وشروطها :
1- أن تقع بلفظ العرية دون الهبة أو المنحة أو الصدقة لأنها إن وقعت بغير لفظها أخذت أحكام ما يطلق عليه اللفظ الآخر.
2- أن يشتريها المعري بعد بدو صلاح الثمرة لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الثمار قبل بدو صلاحعا .
3- أن يساوي التمر المشترى به ثمر الشجرة خرصا دون زيادة أو نقصان ومن نفس ثمر الشجرة الموصوف في الذمة لا من تمر شجرة بعينها دفعا للغرر، وذلك إبان الجذاذ لا قبله، كما يجوز شراؤها نقدا بشروط البيع المعروفة .
4- ألا يتعدى القدر المشترى به خمسة أوسق لأن النبي عليه السلام رخص في بيع العرايا في خمسة أوسق أو دونها.
5- أن يكون القصد من شراء العرية دفع الضرر عن المالك المعري أو رفقا بالمعرى له
وفي نكت عبد الحق الصقلي رحمه الله فوائد منها :
1- أن مالكا جوز شراء خمسة أوسق في العرايا وقد شك الراوي، وذلك لأن الراوي لما لم يحدد ما دونها لم يكن هناك يقين يرجع إليه، فوجب إذا حصل ذلك غير معلوم الاقتصار على خمسة أوسق التي هي الحد الصحيح في الزكاة .
2- ليس شراء المالك العرية من باب الرحجوع في الهبة أو الصدقة، لأن النهي محمول على ما تصدق به الإنسان من أصله أو وهبه، وأما منح من غلة فدليل جواز شرائها إباحة النبي عليه السلام لشراء العرية إذ هي غلة، فأخرجها عن باب الرجوع فيما وهب أصله .
أما أنواع الثمار التي تجوز في العرايا ، فالعلماء فيها على مذاهب ثلاثة:
1- مذهب الحنابلة : أن العرايا لا تجوز إلا في الرطب والتمر، لأن حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه لم يرخص في غير ذلك كما هو في الكبير لابن قدامة .
2- مذهب الشافعي أنه لا يجوز إلا في الرطب والتمر والعنب لشبه العنب بالتمرفي اليبس والاقتيات والادخار ويخرصان معا ولا يضبط خرص شيء غيرهما كما هو في الأم . .
3- مذهب مالك، وهو اختيار الأوزاعي وشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله حيث يجوز ذلك في الخوخ والمشمش واللوز والجوز وسائر ما يشبهها من الثمار مع مراعاة فاكهة وثمار كل بلد ،.
والله أعلم واعذر أُخي تقصير ذي بضاعة مزجاة،
