العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

من تراث المدرسة الصديقية الغمارية..

إنضم
9 فبراير 2010
المشاركات
166
التخصص
الهندسة المدنية-منهج الظاهرية في كافة العلوم
المدينة
طنطا
المذهب الفقهي
أهل الحديث (ظاهري)
هل يجب البحث عن المعارض قبل العمل بالسنة الصحيحة ... ؟؟
للشيخ عبد الحي بن الصدّيق الغماري الحسني رحمه الله ..
من الأعذار التي يتعلل بها المقلدون لرد السنن الصحيحة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، أن العمل بالحديث يحتاج إلى البحث عن المعارض إذ ربما يكون الحديث دالا على الوجوب أوالحرمة أو الندب مع وجود معارض له يدل على خلاف مادل عليه أو على نسخه..
ولايوجد من له أهلية التحقق من وجوده أو عدم وجوده سوى الأئمة..أما من جاء بعدهم من العلماء فلا سبيل لهم إلى معرفته..
هذا أحد الأعذار التي يجعلها المقلدون وسيلة لرميهم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وراء ظهورهم وتقديمهم أقوال أئمتهم عليها ولو كانت نصا صريحا لايحتمل التأويل بحال من الأحوال...
وعذرهم هذا عذر باطل ، وعن الدليل عاطل ، وإنما هو من هوس المقلدين وترهاتهم الناشئة عن جهلهم وجمودهم وتعصبهم كما تدل عليه الأدلة الآتية :
– الدليل الأول على بطلانه وفساده ما قاله الإمام تقي الدين السبكي في رسالته التي أفردها للكلام على قول الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه : إذا صح الحديث فهو مذهبي : إن الأحاديث الصحيحة ليس فيها شيء معارض متفق عليه ، والذي يقوله الأصوليون من أن خبر الواحد إذا عارضه خبر متواتر أو قرآن أو إجماع أو عقل إنما هو فرض ، وليس شيء من ذلك واقعا ، ومن ادعى فليبينه حتى نرد عليه..
وكذلك لايوجد خبران صحيحان من أخبار الآحاد متعارضان بحيث لايمكن الجمع بينهما. والشافعي قد استقرأ الأحاديث وعرف أن الأمر كذلك وصرح به في غير موضع من كلامه فلم يكن عنده ما يتوقف عليه العمل إلا صحته، فمتى صح وجب العمل به لأنه لامعارض له ، فهذا بيان للواقع. والذي يقوله الأصوليون مفروض وليس بواقع ، وهذه فائدة عظيمة وإليها الإشارة بقوله : إذا صح الحديث ..حيث أطلقه ولم يجعل معه شرطا آخر. انتهى كلامه ص 84 من المثنوني والبتار ، لشقيقنا الحافظ أبي الفيض رحمه الله تعالى ، طبعة الأنوار.
فبيَّن تقي الدين السبكي أنه لايوجد حديثان صحيحان متعارضان ، بحيث لايمكن الجمع بينهما ، وأن الشافعي صرح بهذا في غير موضع من كلامه . فلهذا علَّق العمل بالحديث على صحته لأنه لامعارض له وأن هذا بيان للواقع ، والذي يقوله الأصوليون مفروض وليس بواقع..
وهذا وحده كاف في الدلالة على بطلان عذرهم وفساده ، لأنه صادر من إمامين عظيمين لهما المكانة العظيمة في علوم الشريعة . ويؤيد ما قاله هذان الإمامان ،
2 – الدليل الثاني وهو أن انتفاء المعارض هو الأصل لأن الله تعالى لم ينزل شريعته متناقضة ولاجعلها متعارضة بل أنزل القرآن والوحي يصدق بعضه بعضا .
والسنة مثل القرآن إجماعا بل هي داخلة في مسمى كتاب الله كما بينه الحافظ في الفتح عند الكلام على قوله صلى الله عليه وسلم في حديث العسيف : لأقضين بينكما بكتاب الله ، وإنما قضى بينهما بسنته. إذ الكل من عند الله تعالى ، إن هو إلا وحي يوحى . فدل هذا على أن الأصل عدم المعارض وانتفاؤه فيجب استصحابه والتمسك به ، كما يجب التمسك بالنفي الأصلي واستصحابه عند عدم ورود النص على ماهو مقرر في أصول الفقه.
3 – الدليل الثالث أن الحديث متيقن ، ومعارضه محتمل مشكوك في وجوده . ومن قواعد وأصول الشريعة أنه لايترك متيقن لموهوم محتمل.
4 – الدليل الرابع أن عمل الصحابة رضي الله تعالى عنهم كان على خلاف هذا الشرط فإنهم كانوا يعملون بالأحاديث بدون توقف ولابحث عن معارض. فإذا وصلهم الحديث أخذوا به وعملوا بمقتضاه ، وقضاياهم في ذلك كثيرة لو تُتُبعت لجاء منها مجلد كما قال ابن القيم في اعلام الموقعين.
5 – الدليل الخامس وعلى تسليم دعواهم وجوب البحث عن المعارض قبل العمل بالحديث فإن العلم بانتفائه في وقتنا أيسر كثيرا جدا من العلم به في زمن الأئمة لما هو موجود في وقتنا من كتب السنة التي لايحصى نوعها وعددها بسبب المطابع الحديثة ، بحيث يمكن للباحث أن يجزم بوجود المعارض أو انتفائه وهو مطمئن بذلك الحكم غير شاك ولامتردد فيه. وهذا شيء لايمكن في زمن الأئمة لما هو معلوم أن السنة لم تكن وصلت حينئذ طور الكمال في الجمع والتدوين بل كانت محفوظة في الصدور مفرقة بتفرق رواتها وحفاظها في البلدان والأقطار.
وقد كان هذا هو عذر الإمام مالك لما دعاه المنصور إلى الموافقة على حمل الناس أن يعملوا بكتبه ولايتعدَّوها إلى غيرها ، فاعتذر الإمام عن قبول هذه الفكرة بأن الصحابة سمعوا أحاديث ورووا روايات وتفرقوا في البلدان ، ودعاه الرشيد إلى مثل هذا فاعتذر بالعذر نفسه، يؤيد هذا ويزيده ظهورا
6 – الدليل السادس وهو أن الأئمة أصحاب المذاهب المتبوعة قد تمسكوا في كثير مما ذهبوا إليه من أحكام بعمومات أو مطلقات من القرآن أوالسنة مع وجود مخصصات أو مقيدات لها. وهذا شيء موجود بكثرة في أقوال الأئمة خصوصا أبا حنيفة ومالكا كما يعلمه من كانت له خبرة بأحاديث الأحكام ، وربما نبهت على شيء من ذلك في بحث خاص.
وغير خاف أن وجود هذا في أقوالهم دليل واضح على أنهم كانوا لايرون البحث عن المعارض ولا العلم بانتفائه شرطا في العمل بالحديث.
ولهذا كان يتغير اجتهادهم وتَرد عنهم أقوال متعارضة بحسب ما وقفوا عليه من المعارض بعد الاجتهاد الأول. وقد لاينفون على المعارض فيستمرون على القول بما دل عليه العام أو المطلق مع وجود مخصصه أو مقيده !!
ومن رجع إلى المغني لابن قدامة والمجموع للنووي والفتح للحافظ ، ونيل الأوطار للشوكاني وسبل السلام للأمير الصنعاني وغيرها من الكتب التي تذكر أقوال الأئمة وأدلتها تحقق هذا وعلمه علما يقينا.
وقد كان هذا من الأسباب التي دعت الشافعي إلى الرجوع عن مذهبه الذي وضعه بالعراق إلى مذهبه الجديد الذي وضعه بمصر !! يؤيد هذا
7 – الدليل السابع وهو أن العلم بانتفاء المعارض يستلزم الإحاطة بالسنة ومدارك الأحكام إذ لايمكن العلم بانتفائه والقطع بعدم وجوده إلا لمن هذا وصفه ، والإحاطة متعسرة بل ممنوعة كما بينه الأئمة أنفسهم ، كما أوضحته في كتابي : إقامة الحجة.. على عدم إحاطة أحد من الأئمة الأربعة بالسنة.
وهذا يستلزم ضرورة أنه لم يوجد في الأمة مجتهد صحيح الاجتهاد مقبوله!! واللازم باطل ، فالملزوم مثله..
8 – الدليل الثامن أن هذا العذر البارد الذي يتعللون به لترك السنة والإعراض عنها لازم لهم في أقوال الإمام فإنها تتعارض كثيرا ، فيروى عنه في المسألة الواحدة قول بالحرمة وقول بالجواز ، وآخر بالكراهة وغيرها كما يعلمه الخبير بكتب الفقه وهذا شيء كثير جدا في المذاهب كلها ، وحيث ثبت عنه هذا التعارض في كثير من أقواله ، فجائز جدا أن يكون موجودا في جميعها..!!
فيلزمهم أن لايعملوا بشيء منها إلا بعد البحث عن معارضه !! وهم غير أهل للبحث عنه كما أقروا به هم أنفسهم في البحث عن معارض الحديث. فقالوا إنهم غير أهل للبحث عنه وإن المؤَهَّل له هو الإمام!!
وهكذا يتبين لمن له مسكة من العقل أن عذرهم هذا يستلزم تركهم العمل بشريعة الله كلها فلا يؤخذ حكم لما ينزل بالناس من الحوادث ولا العبادات والمعاملات لا من السنة ولا من أقوال الإمام لاحتمال وجود المعارض للسنة أو لقول الإمام!!
وهذا كلام يغني سماعه عن بيان ما يتضمن من ضلال وخذلان!!
9 – الدليل التاسع : إن من عجيب أمرهم وغريب تصرفهم أنهم يغفلون أو يتغافلون عما يستلزمه عذرهم هذا من ترك العمل بأقوال الإمام لاحتمال وجود المعارض على ما سبق بيانه ، فيذكرون في كتبهم الأقوال المتعارضة المتناقضة في المسألة الواحدة عن الإمام أو بعض أصحاب التخريج على أصوله ويرون أن العمل بها كلها على تعارضها جائز بل واجب!! خصوصا إذا كان القولان المرويان عن الإمام أو بعض أئمة مذهبه مشهورين فلا ضرر حينئذ في العمل بالقولين الوجوب والحرمة ، أو الجواز والحرمة في المسألة الواحدة في الوقت الواحد وبالنسبة للشخص الواحد !!
فالعمل بالأقوال المتناقضة إذا كانت مشهورة في المذهب جائز بل واجب !! و إن كانت الضرورة العقلية تقضي باستحالة اجتماع النقيضين أو الضدين، لأنهم لايفكرون بعقولهم وإنما يفكرون بعقول غيرهم!!
هذا عملهم و تصرفهم في الأقوال المتعارضة المروية عن إمامهم!!
فإذا رأوا الحديث الصحيح مخالفا للمذهب زعموا أن العمل به غير جائز لاحتمال وجود معارض له!!
فاعجب من عقول هؤلاء المعاندين للحق الجامدين على الباطل كيف عكسوا الأمر وقلبوا الوضع فحكموا بعقولهم التي عشش فيها الجهل بأن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي لاينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى يجب ترك العمل به لاحتمال معارض موهوم قد لايكون موجودا كما هو الواقع في كثير من الأحاديث التي ردوها وأعرضوا عن العمل بها معتذرين عن تصرفهم بهذا الهراء الذي علمت من الأدلة السابقة أنه أبطل من كل باطل!!
أما أقوال الإمام أو بعض علماء مذهبه المتعارضة المتناقضة فلا يكون تعارضها موجبا لترك العمل بها !! مع أن هذا تعارض واقع مشاهد مقرر في كتب المذهب وذاك تعارض محتمل موهوم متخيل.
فمن العجب الذي لا يدرى له السبب أن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ترد ويترك العمل بها باحتمال المعارض الموهوم!!
أما أقوال الإمام وعلماء مذهبه فهي مقبولة واجب العمل بها على تعارضها وتناقضها!!
إن في عملهم الآثم لدليلا على أنهم يرون أن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها التعارض والتناقض فلهذا لايجوز العمل بها إلا بعد البحث عن المعارض والجمع بينه وبين معارضه أو العلم بانتفائه .
وأقوال أئمتهم سالمة من التعارض والتناقض فلهذا كان العمل بها لايتوقف عن البحث عن المعارض!!
لو قيل لإنسان اجتهد ثم إيت بسخافة وضلالة لما أمكنه أن يأتي بأعظم من هذا سخافة وضلالة!!
فهذه الأدلة تدل دلالة قطعية على بطلان ما اشترطوه في العمل بالسنة من وجوب البحث عن المعارض. وأن من بلغه الحديث ممن له علم بدلالة الألفاظ يستطيع أن يفهم بواسطتها ما يدل عليه من الأحكام بمنطوقه أو مفهومه أو إشاراته فواجب عليه المبادرة إلى العمل بذلك بدون توقف على البحث عن المعارض ، فإذا تبين بعد عمله به معارض له عمل بمقتضاه وسلك الطرق المقررة في أصول الفقه عند تعارض الدليلين.
هذا هو ما كان عليه عمل الصحابة والتابعين فقد كانوا يبادرون إلى العمل بما سمعوه من الحديث بدون أن يبحثوا عن المعارض ثم إذا ظهر المعارض عملوا بمقتضاه. وقضاياهم في ذلك كثيرة لو تتبعت لجاء منها مجلد كما قال ابن القيم في اعلام الموقعين.
فهذا الشرط الذي اشترطه أتباع المذاهب للعمل بالسنة والذي لم يسبقهم إلى اشتراطه أحد من الصحابة والتابعين الذين هم خير القرون وأعلم الأمة بالقرآن والسنة، إنما هو في الحقيقة وسيلة مكشوفة جدا وسعي مفضوح ودعوة خسيسة للإعراض عن السنة وإلقائها ظهريا وتقديم العمل بمذهبهم عليها!!
وإلا فلماذا لم يشترطوا البحث عن المعارض عند العمل بأقوال إمامهم التي فيها التعارض والتناقض حقيقة وواقعا لامجازا وظاهرا ؟!
وأقطع دليل على ذلك ما هو مقرر في كتب الفقه في كثير من المسائل التي يروى فيها كل مسألة منها قول الجواز وقول الحرمة وآخر بالكراهة ، أليس هذا دليلا واضحا على ما قلته من أن قصدهم بذلك الشرط هو نصر مذهبهم وتقديمه على العمل بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلذلك اختلقوا للعمل بها هذا الشرط الواهن ، ولم يشترطوه في العمل بأقوال الإمام المتعارضة.!!
فهل يرون أن العمل بالمتعارض الواقع في نفس الأمر من أقوال الإمام واجب، والعمل بالسنة محرم حتى يبحث عن المتعارض المحتمل الموهوم ؟!
فإن كان هذا رأيهم ـــ وهو الواقع كما يدل عليه عملهم ـــ فقد بلغوا في الضلال والخذلان شأوا بعيدا جدا....
 
إنضم
9 فبراير 2010
المشاركات
166
التخصص
الهندسة المدنية-منهج الظاهرية في كافة العلوم
المدينة
طنطا
المذهب الفقهي
أهل الحديث (ظاهري)
قال الشيخ أحمد بن الصديق الغمارى عن العلة من كتاب ((در الغمام الرقيق برسائل الشيخ السيد أحمد بن الصديق لتلميذه عبد الله التليدي)) :
يقول الشيخ رحمه الله وعفا عنه عن التعليل فى الشريعة ناصحاً أحد تلاميذه فى رسالة (( إنى أحبك أن لا تتبع المغفلين من خلق الله تعالى من الأولين والآخرين فى طلب علة التحريم والإباحة فإنه من الفضول والجهل بالدين .. فالعلة هى أمر الله فقط ، فإن بينها لك فذاك ، وإلا فكل من زعم أنها كذا ... فهو كاذب على الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ... فآمن بها بما أمرك به مولاك ، ولا دخل لك فى العلة))
ويقول فى رسالة أخرى من نفس الكتاب (( ...فإن البحث عن علل التشريع من الفضول والبحث الضائع ، بل قد يكون من الكذب على الله تعالى حيث قال (إنه تعالى أوجب كذا لأجل كذا ولحكمة كذا ) ....))

ويقول الشيخ رحمه الله وعفا عنه فى كتاب ((در الغمام الرقيق برسائل الشيخ السيد أحمد بن الصديق لتلميذه عبد الله التليدي)) : فى رسالة له إلى أحد تلاميذه :
(( حول القياس : وبعد :
فالحق ما قاله ابن حزم وقد أطال فى تقريره أيضاً ابن العربي الحاتمى فى الفتوحات المكية ويكفى من ذلك كله قوله صلى الله عليه وسلم " إن الله افترض فرائض فلا تضيعوها وحد حدوداً فلا تعتدوها وسكت عن أشياء رحمة بكم غير نسيان فلا تسألوا عنها " .. والقياس ما هو إلا البحث عما سُكِتَ عنه بطرق مخزية مضحكة مؤدية إلى تحريم الحلال وتحليل الحرام وتشريع ما لم يأذن الله بتشريعه والغلو فى الدين وتخطئة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وإظهار تقصيرهما بالفعل..كأن أهل القياس يقولون : يا الله ويا رسول الله إنكما ما أحسنتما التشريع فى هذه المسألة وبقى عليكما كذا وكذا ، وهكذا هو القياس فى الحقيقة محاربة لله ورسوله وجرأة عليهما وكفر بهما .. ومع هذا فإنهم يعدون نفاة القياس مبتدعة غير معتبرين من أهل الحق ولا من أهل العلم !! حتى إنهم لا يعتبرونهم فى الإجماع لا وفاقاً ولا خلافاً !!)) أ.هـ
 
إنضم
9 فبراير 2010
المشاركات
166
التخصص
الهندسة المدنية-منهج الظاهرية في كافة العلوم
المدينة
طنطا
المذهب الفقهي
أهل الحديث (ظاهري)
رخص الصيام وتشديدات الفقهاء المقلدين
للشيخ عبد العزيز بن الصدّيق الغماري رحمه الله
إذا ابتعد المسلم عن منهاج السنة المحمدية السمحة؛ واتبع آراء الفقهاء وأقوالهم غرق معهم في البحر المظلم المتلاطم الأمواج بالخلافات والظنون التي لا يقوم عليها دليل ولا يؤيدها برهان، ولا تسندها حجة، كما ذكر ابن عبد البر في جامع بيان العلم و فضله 2/33 عن مالك رحمه الله تعالى أنه كان يقول: إن نظن إلا ظنا وما نحن بمستيقنين. فهذه الآراء العارية عن الدليل، إنما هي مجرد فهم صدر عن خطأ من فرد ثم تسلسل الأخذ به حتى صار دينا عند جهلة الفقهاء البلداء، يرون الخروج عنه خروجا عن الجماعة، وبعدا عن شريعة الإسلام؛ وسلوكا لغير سبيل المؤمنين !! مع أنهم وأيم الله- هم أحق الناس بهذا الوصف؛ وألصق به من غيرهم !! . وإمامهم مالك رحمه الله تعالى الذي يزعمون تقليده، والتزام مذهبه كذبا وزورا، يتبرأ منهم ومن عملهم، وقولهم هذه برآة الذئب من دم يوسف.
… (قال مالك رحمه الله تعالى إنما أنا بشر أخطئ وأصيب فانظروا في رأيي فكل ما وافق الكتاب والسنة فخذوه، وكل ما لم يوافق الكتاب والسنة فاتركوه) رواه ابن عبد البر في جامع العلم 2/32.. فترك السنة الثابتة الصحيحة لقول المذهب خروج عن قول مالك، ونهيه عن ذلك؛ وقال أيضا (ليس أحد بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلا يؤخذ من قوله ويترك إلا النبي صلى الله عليه وآله وسلم). وقال ابن عبد البر في (جامع العلم) 2/82/ وفي سماع اشهب سئل مالك عمن أخذ بحديث حدثه الثقة عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم أتراه في ذلك في سعة ؟ فقال لا والله يصيب الحق، وما الحق إلا واحد، قولان مختلفان يكونان صوابين جميعا ما الحق والصواب إلا واحد. فها هو اشهب وهو من أفقه أصحاب مالك وأوثقهم ينقل عن إمامه أنه إذا صح الحديث فلا يسع أحدا أن يخالفه لأن الحق واحد وهو ما ثبت عن الرسول صلى الله عليه وأله وسلم، وما سواه خطأ غير صواب…
وكل هذا رماه المقلدة المتأخرون وراءهم ظهريا، وتمسكوا بالمذهب رغم مخالفته للحديث؛ جهلا منهم بنهي إمامهم عن ذلك، وتعصبا بالهوى للباطل ومعاندة السنة وتركها بغير دليل ولا كتاب منير !! وبذلك – والعياذ بالله تعالى- وقعوا و أوقعوا من أتبعهم في الضلال والخسران؛ ومعصية الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم؛ ومخالفة إمامهم الذي يزعمون تقليده؛ واتباعه. قال الشيخ الأكبر في الفتوحات 1/499/ فأبت المقلدة من الفقهاء في زماننا أن توفى حقيقة تقليدها لإمامها باتباعها الحديث الذي أمرها بها إمامها، وقلدته في الحكم مع وجود المعارض فعصت الله تعالى في قوله ( وما آتاكم الرسول فخذوه) وعصت الرسول في قوله فاتبعوني، فإنه ما قالها إلا عن أمر ربه سبحانه؛ وعصت إمامها في قوله خذوا بالحديث إذا بلغكم، واضربوا بكلامي الحانط فهؤلاء في كسوف دائم مسرمد عليهم إلى يوم القيامة، فلا هم مع الله تعالى ولا رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، ولا مع إمامهم فلا حجة لهم عند الله تعالى فانظروا مع من يحشروا هؤلاء. انتهى كلام الشيخ الأكبر. وهو في غاية الإفادة، والتحذير لمن بلغه الحديث الصحيح، ورده لقول إمامه؛ ومبينا لجهل المقلدة في هذا الصنيع المخزي بالمسلم في رد حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لقول غيره، وماذا عسى أن يكون مقام هذا الغير؟ في العلم والدين، والرتبة العظيمة في الإمامة ؟ أظنه لو بلغ ما بلغ في كل ذلك فإنه لن يبلغ مقام كليم الله موسى عليه الصلاة والسلام؛ ومع ذلك لما أتى عمر بأوراق من التوراة ليتذكر بما فيها غضب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقال له: أمتهوك أنت يا عمر؟ ! لو كان موسى حيا ما وسعه إلا اتباعي !!
فمن يقدم بعد هذا على تقديم قول إمام ـ مالك أو غيره ـ على سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم؛ ولهذا احتاط الأئمة في هذا الأمر وأوصوا كلهم من أخذ عنهم أن يأخذ بالحديث إذا خالف قولهم؛ كما تجد ذلك عنهم بأسانيدهم في جامع بيان العلم لابن عبد البر وإيقاظ همم أولي الأبصار للفلاني والأحكام لابن حزم، وغيرها من الكتب التي ألفت في موضوع مخالفة المقلدة للسنة لأجل المذهب؛ بل بلغ الأمر بالإمام مالك في هذا الموضوع أن أبا جعفر المنصور أراد أن يحمل الناس على رأي مالك، ويلزمهم باتباع ما في المرطأ من فقه فقال: لا تفعل هذا فإن الناس قد سبقت إليهم أقاويل، وسمعوا أحاديث وروايات، وأخذ كل قوم منهم بما سبق إليهم وعملوا به ودانوا به من اختلاف الناس وغيرهم، وإن ردهم عما اعتقدوه شديد، فدع الناس وما هم عليه. وقال ابن كثير في مختصر علوم الحديث لابن الصلاح: وقد طلب المنصور الإمام مالك أن يجمع الناس على كتابه، فلم يجبه إلى ذلك، وذلك من تمام علمه واتصافه بالإنصاف، وقال: إن الناس قد جمعوا واطلعوا على أشياء لم نطلع عليها. ولما ذكر الشعراني هذه القصة في الميزان 1/35/ قال عقبها: فانظر يا أخي إن كنت مالكيا إلى قول إمامك فكيف يجوز بعد هذا القول من مالك أن يلزم المقلدة الناس باتباع قوله، والتزام مذهبه. وقد قال ابن عبد البر لم يبلغنا عن أحد من الأئمة أنه أمر أصحابه بالتزام مذهب معين لا يرى صحة خلافه بل المنقول عنهم تقريرهم الناس على العمل بفتوى بعضهم بعضا لأنهم كلهم على هدى من ربهم؛ وقال أيضا: لم يبلغنا في حديث صحيح ولا ضعيف أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أمر أحدا من الأئمة بالتزام مذهب معين لا يرى خلافه؛ انظر الميزان للشعراني1/33/ .
فالتزام مذهب معين وإلزام الناس بالتدين به في جميع مسائله وفروعه، سواء صح دليلها أو لم يصح؛ من أقبح البدع التي ظهرت في الإسلام؛ وشر ما حدث في الأمة من المنكرات، لأن ذلك يدعو أولا إلى ترك السنة وإماتتها عمدا كما حصل من المقلدة، وذلك كفر صراح بواح يوجب اللعنة كما ورد في الحديث " ستة لعنتهم وكل نبي مجاب.. فذكر منهم: التارك لسنتي" ويدعو ذلك ثانيا إلى إبطال فرض من الفروض الواجبة في كل عصر وهو الاجتهاد فيما ينزل بالناس من النوازل التي تحتاج إلى ما يتعلق بها من حكم الشرع فيها؛ فما بلد الأفهام وصرف العقول عن الغوص في الكتاب والسنة لاستخراج أحكام ما يجدّ من أحداث وحواديث إلا التقليد الأعمى الذي اعتنقه المقلدة وجعلوه دينا لجهلهم؛ ونكوصهم عن الهمم العالية؛ والأمر لله تعالى. ولم يخترع القول بإلزام الناس بمذهب معين، ودعا إليه بعض حكام عصره إلا عبد الله بن المقفع المجوسي الأصل الذي قال فيه ابن مهدي ما رأيت كتابا في الزندقة إلا وأصله من ابن المقفع؛ انظر البدايةوالنهاية 10/96. ولعله وضع هذا القول ليصد الناس عن اتباع الإسلام الذي جاءت السنة بأحكامه وبيان أصوله وفروعه، ـ لا كان الله له ـ وقد قتل شر قتلة، والعياذ بالله جزاء له من الله تعالى على ما اخترع وافترى من حمل الناس على مذهب معين، سواء كان قول ذلك المذهب موافقا للحق والصواب أو مخالفا له.
ومنذ ظهر هذا القول الباطل، والعلماء يصنفون الكتب في رده وإبطاله وبيان فساده، وإن العمل به يؤدي إلى ترك الكتاب والسنة، ويسد باب الاجتهاد الواجب في كل عصر وزمان، وقد ألف الحافظ السيوطي في هذا كتابا قيما سماه: ( الرد على من أخلد إلى الأرض وجهل أن الاجتهاد في كل عصر فرض) وقد طبع مرتين. كما تناول الرد على الالتزام بمذهب معين ابن عبد البر وهو من أئمة المالكية في كتابه ( جامع بيان العلم)، وابن القيم الجوزية في ( أعلام الموقعين) وأبو شامة في كتابه ( المؤمل في الرد إلى الأمر الأول) وهو في غاية الإفادة، يجب على المسلم المتحرر من ربقة الجمود أن يكون ملازما لقراءته مجتهدا في حفظه.
وبعد هذه المقدمة المختصرة الصغيرة التي نرجو أن تكون مرشدة هادية لمن أراد الله تعالى له سلوك سبيل الحق والرشاد، نقول إن الفقهاء أتوا بأحكام تتعلق بصيام رمضان فيها حرج، وضيق بعيد عن روح سماحة الشريعة المحمدية، وما ذلك إلا لبعدها عن السنة. من ذلك أنهم يُلزمون من أكل وشرب ناسيا في رمضان فعليه قضاء ذلك اليوم، وهذا مخالف للحديث الصحيح الذي رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي عن أبي هريرة مرفوعا " من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه. فإنما أطعمه الله وسقاه " وفي لفظ " إذا أكل الصائم ناسيا أو شرب ناسيا فإنما هو رزقه ساقه الله تعالى إليه ولا قضاء عليه " رواه الدارقطني وصححه. وفي لفظ عند الدارقطني " من أفطر يوما من رمضان ناسيا فلا قضاء عليه ولا كفارة ". فإيجاب القضاء على من أكل أوشرب ناسيا مخالف لحكم من أرسله الله تعالى ليبين للناس دينهم؛ فهو تقدم بين يدي الله ورسوله، والحديث موافق لقول الله تعالى < ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم >. فالنسيان ليس من كسب القلوب، قال الحافظ: وموافق للقياس في إبطال الصلاة بعمد الأكل لا بنسيانه. ومن العجب أن المالكية يخالفون في إيجاب القضاء على الناسي العقل، وحكم الطبيعة، فيقولون أن الناسي معه ضرب من التفريط فهذا القول في الناسي لا يقول به من له معرفة وعلم كما لا يخفى، والحديث يشير إلى رد قولهم هذا فإن قوله: " فإنما أطعمه الله وسقاه " يستدل به على صحة صوم الذي أكل ناسيا أو شرب، لإشعاره بأن الفعل الصادر منه مسلوب الإضافة إليه، فلو كان أفطر لأضيف الحكم إليه، ولأجل هذا قال الحسن ومجاهد أن من جامع ناسيا فلا شيء عليه، قال الحسن هو بمنزلة من أكل وشرب ناسيا. والجماع وإن كان يخالف الأكل والشرب لأن نسيان المجامع نادر بالنسبة للأكل والشرب لكن في بعض طرق الحديث " من أفطر في شهر رمضان" لأن الفطر أعم من أن يكون بأكل أو شرب أو جماع، وإنما خص الأكل والشرب بالذكر في الطريق الأخرى لكونهما أغلب وقوعا ولعدم الإستغناء عنهما غالبا؛ وللمالكية في رد العمل بهذا الحديث تمحلات لا طائل تحتها ولا تحتوي على علم.
ومما يكرهه الفقهاء للصائم: الغسل ودخول الحمام واستعمال الماء. وكل هذا مخالف لمنهاج السنة، ففي سنن أبي داود عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وآله و سلم قال: رأيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالعرج يصب الماء على رأسه وهو صائم من العطش أو من الحر. وفي البخاري: بلّ عمر ثوبا فألقى عليه وهو صائم. ودخل الشعبي الحمام وهو صائم. وقالت عائشة: كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يدركه الفجر جنبا في رمضان من غير حلم فيغتسل ويصوم.وقال الحسن لا بأس بالمضمضة، والتبرد للصائم. وقال أنس: إن لي ( ابزن) وهو حجر منقوش شبه الحوض. وهو ما نسميه اليوم ( باالبانيو) قال أنس: أتقحم فيه وأنا صائم. قال عيسى بن طهمان: سمعت أنس بن مالك يقول: إن لي ابزن إذا وجدت الحر تقحمت فيه وأنا صائم.
ويكره الفقهاء للصائم الاكتحال والتعطر ودهن الرأس، والقطرة في الأذن والأنف، والحقنة بجميع أنواعها في العرق وغيره، وفي الدبر، ووضع الدواء على الجرح، وكل هذا لا دليل على قولهم فيه إلا مجرد الرأي. والمحرم على الصائم هو الأكل والشرب متعمدا، وكذلك الجماع، وإلحاق شيء آخر بغير هذا فلا دليل عليه، ولهذا ورد عن جماعة من السلف استعماله والفتوى به بدون كراهة مطلقا. وقد أشار البخاري في صحيحه إلى بطلان هذه المكروهات بما يعلم بمراجعته، ويجوز للصائم أن يقبل امرأته سواء كان شابا أو شيخا؛ والمنع من ذلك مخالفة للسنة الصحيحة في ذلك. كما يجوز له أن يذوق شيئا من الطعام الذي يطبخ لأجل الملح أو غيره من غير أن يدخل شيء من ذلك إلى حلقه، وإنما يذوقه ثم يمجه. وإذا أصبح الصائم جنبا فلا شيء عليه ولا كراهة فيه، ولكن يجب عليه أن يبادر بالصلاة قبل طلوع الشمس ولا بد.. ومما ينبغي للصائم أن يعلمه أنه إذا كان يشرب ماء أو لبنا وسمع آذان الفجر فلا يترك شرابه حتى يستوفيه. وكذلك إذا ظن أن الغروب وجب فأفطر ثم ظهر خلاف ذلك. فلا شيء عليه. والمرضع التي تخاف على ولدها قلة اللبن في ثديها إذا صامت وهو لا يقبل غير ثديها ولا يشرب اللبن الاصطناعي في (الببرون) يجب عليها الفطر ولا قضاء عليها ولا فدية لأنها أفطرت لإنقاذ ولدها لا لمرض بها، والله تعالى أوجب القضاء على الصائم الذي يفطر لمرض به كما قال تعالى < فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر>
وأما الفدية فلا معنى لها هنا، وكذلك الحامل إذا قال لها الطبيب الثقة أن الصيام يضر بحملها فيجب عليها أن تفطر ولا قضاء عليها، نعم إن أفطرت لأجل ضعف يصيبها بسبب الحمل فيجب غليها القضاء حينئذ، لأنهاأفطرت بسبب المرض، والشيخ الكبير الهرم الذي لا يستطيع الصوم يفطر، ولا فدية عليه.
وإن كان بعض الفقهاء يقولون بوجوب الفدية عليه وذلك غير صواب. لان الفدية كانت واجبة عندما كان الأمر في صيام رمضان على التخيير من شاء صامه، ومن شاء أفطره، وأعطى الفدية عن كل يوم. كما قال تعالى:< وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مساكين > ثم رفع الله تعالى هذا الحكم بقوله :< فمن شهد منكم الشهر فليصمه > إذا كان مطيقا لصيامه بدون أن يلحقه جهد أو ضرر في الصيام، ثم بين تعالى حكم المريض والمسافر بقوله: < فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر> ولم يزد تعالى أمرا آخر على القضاء، فالذين أوجبوا الفدية على الشيخ الهرم الكبير الذي لا يستطيع الصيام، لا دليل لهم فيما أوجبوه.
فهذه أحكام تتعلق بالصيام يكثر السؤال عنها في رمضان، ويقع الكثير في حيرة من امرها لأجل ما أحاطه بها الفقهاء من آراء وأقوال، وفهوم ما انزل الله تعالى بها من سلطان. فيجب على المسلم والمسلمة أن يكونا على بينة منها وعلم بها، ليخرجا بسببها من تضييق الفقهاء المقلدة إلى سعة فقه السنة السمحة. والله تعالى الموفق
 
إنضم
9 فبراير 2010
المشاركات
166
التخصص
الهندسة المدنية-منهج الظاهرية في كافة العلوم
المدينة
طنطا
المذهب الفقهي
أهل الحديث (ظاهري)
كشف أنواع الجهل فيما قيل في نصرة السدل...
نضع بين يدي القراء الكرام ملخصا لكتاب: كشف أنواع الجهل فيما قيل في نصرة السدل، للشيخ عبد الله بن محمد بن الصديق الذي ردَّ فيه على بعض المغاربة المتأخرين كالسيد محمد القادري، والسيد المهدي الوزاني، والشيخ محمد الخضر الشنقيطي. حيث تعصب هؤلاء للسدل في الصلاة، وأفرطوا في تعصبهم حتى قال بعضهم: إن القبض (وهو وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة) قيل بحرمته، بينما لم يقل أحد بحرمة السدل. فتبعهم كثير من الجهلة، فبدؤوا يطلبون من الأئمة أن يسدلوا في صلاتهم، وإلا أبعدوهم عن الإمامة. وليس لتعصبهم أي دليل أو حتى شبهة يستندون عليه،وإنما دعاوى ليس لها ما يسندها. فأبانوا عن جهل عريض بعلم الأصول وقواعد الاستدلال.. وقد ذكر المؤلف رحمه الله تعالى دعاواهم واحدة واحدة، وأتبع كل دعوى بما يبطلها من قواعد علم الأصول والحديث.
بدأ رحمه الله تعالى بذكر حديث في السدل، لم يذكروه. وهذا الحديث موضوع. وهو: روى الطبراني عن معاذ رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا كبر في صلاته رفع يديه قبال أذنيه، فإذا كبر أرسلهما ثم سكت، وربما رأيته يمينه على يساره.
في سند هذا الحديث: الخصيب بن جحدر، كذّبه شعبة والقطان وابن معين والبخاري والساجي وابن الجارود وغيرهم. فعلى هذا فالحديث موضوع لا يجوز العمل به.
الدعوى الأولى والثانية: حديث أبي حميد الساعدي في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم لم يذكر القبض، فهو دليل على السدل. وكل حديث لم يذكر القبض في صفة صلاة النبي يدل على السدل. قال المؤلف رحمه الله تعالى: وهاتان الدعويان باطلاتان جدا. لأمور:
الأول: عدم ذكر القبض لا يدل على عدم وجوده في الصلاة. لما تقرر أن عدم ذكر الشيء لا يدل على عدم وجوده.
الثاني: أن السدل لم يذكر في الحديث أيضا. فكيف يكون الحديث دليلا عليه، وهو لم يذكره.
الثالث: يتجلى من الأول والثاني تناقض واضح، لأن عدم ذكر القبض دليل عندهم على عدم مشروعيته، وعدم ذكر السدل دليل على مشروعيته.. هذا تهافت.
الرابع: عند المالكية يستحب السدل، قال ابن عاشر في مستحبات الصلاة: سدل يد تكبيره مع الشروع. ولم يذكر السدل في أحاديث صفة الصلاة، مع أن المستحب هو ما طلبه الشارع طلبا غير جازم، وليس في الأحاديث طلب السدل، وإنما فيها سكوت عنهما. فأخذوا من عدم ذكره استحبابه أي أخذوا من العدم أمرا وجوديا، وهو باطل. لأن العدم لا يكون علة لأمر وجودي.
قالوا: الأصل هو السدل. وهذا باطل أيضا، لأن الأصل لا يدل على الاستحباب لأنه ليس بأمر ولا طلب فيه.
الخامس: القاعدة المقررة في الأصول: إن المطلق يحمل على المقيد فيقيد به. فأحاديث صفة الصلاة التي لم تذكر القبض، هي مطلقة، فتقيد بالأحاديث التي ذكر فيها القبض. فتكون الأحاديث منسجمة بعضها مع بعض، لا تعارض بينها ولا دلالة فيها على السدل إطلاقا. وهذا هو الاستدلال المبني على القواعد الأصولية لا قولهم المبني على قواعد سطحية.
الدعوى الثالثة: السدل ناسخ للقبض، وهي باطلة من وجوه :
الأول: إن القبض سنة وفضيلة. والفضائل لا تنسخ كما قال ابن عبد البر وغيره. والذي ينسخ من الأحكام: الواجب والحرام والمباح، وأما المندوب فلا ينسخ لأنه فضيلة والمكروه تابع له. وهذا مما يجهله كثير ممن لم يتقن علم الأصول.
الثاني: النسخ هو رفع الحكم بعد ثبوته، والذي يرفع الحكم هو الشارع. ولايثبت النسخ باجتهاد صحابي، فضلا عمن دونه. كما هو مقرر في علم الأصول. قال الصيرفي: لا يقع النسخ إلا بدليل توقيفي.اهـ. أي عن الشارع.
الدعوى الرابعة: السدل عمل أهل المدينة. وهي باطلة أيضا من وجوه:
الأول: إن هذا العمل لم ينقله أحد ممن تخصص في نقل مذاهب الأئمة، مثل الترمذي وابن المنذر وابن جرير الطبري وابن حزم وابن قدامة والنووي. وإنما نقله الصاوي في حاشية أقرب المسالك عن مجهول ولم يعتمده لأنه حكاه بصيغة التضعيف، وهي: وقيل.
الثاني: المنقول عن الخلفاء الأربعة فمن بعدهم من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين بالمدينة إلى عهد مالك، هو القبض. ما عدا سعيد بن المسيب.
الثالث: المسائل التي عمل فيها مالك بعمل أهل المدينة عددها تسعون مسألة، ليس فيها مسألة السدل... وقد ذكرها صديقنا العلامة السيد محمد علوي المالكي في كتابه فضل الموطا.
الرابع: قال العلامة السنوسي في إيقاظ الوسنان: وقد لهج المتأخرون من المالكية بترجيح القول والرواية بمجرد وجودهما في المدونة، ولو خالف الكتاب والسنة الصحيحة...كما في مسألة سدل اليدين في الصلاة، وردّوا الأحاديث السالمة من المعارضة والنسخ وتركوها لأجل رواية ابن القاسم في المدونة عن مالك. مع أن رواية القبض ثابتة عن مالك وأصحابه برواية ثقات أصحابه وغيرهم.اهـ.
الخامس: ترجيح متأخري المالكية لرواية ابن القاسم في السدل، على رواية أصحاب مالك عنه سنية القبض. مخالف لما تقرر في علم الأصول والحديث. فالقاعدة المقررة: إن الثقة إذا روى ما يخالف رواية أوثق منه أو أكثر عددا، كانت روايته شاذة ضعيفة. وهكذا رواية ابن القاسم هذه. قال ابن عبد البر: وروى أشهب عن مالك: لا بأس بالقبض في النافلة والفريضة، وكذا قال أصحاب مالك المدنيون، وروى مطرف وابن الماجشون أن مالكا استحسنه، وقال أيضا: لم يأت فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم خلاف، وهو قول جمهور الصحابة والتابعين، وهو الذي ذكره مالك في الموطأ، ولم يحك ابن المنذر وغيره عن مالك غيره.اهـ. فأيـــــن عمل أهل المديـــنة ؟؟؟
الدعوى الخامسة: تضعيف حديث الصحيحين في القبض. وهي دعوى باطلة جدا، وردّها كالتالي:
أولا : الطعن في حديث الصحيحين خرق للإجماع، وهو حرام وفاعله عاص، كما قال الإمام النووي في شرح مسلم، ومثله في اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم لابن تيمية، وعمدة القاري في شرح البخاري للعيني، وإرشاد الساري في شرح البخاري للقسطلاني.
ثانيا: تضعيف حديث القبض في البخاري هو تضعيف للموطأ. لأن البخاري رواه من طريق مالك، وهو في الموطأ. وكتاب الموطأ تلقته الأمة بالقبول. فتضعيف حديث رواه البخاري ومالك وقاحة كبيرة وخرق للإجماع.
ثالثا: لفظ حديث سهل بن سعد في البخاري والموطأ: كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل اليد اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة. قال أبو حازم: لا أعلمه إلا ينمى ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم.اهـ. قال الحافظ: هذا حكمه الرفع، لأنه محمول على أن الآمر هو النبي صلى الله عليه وسلم.
رابعا: في صحيح مسلم عن وائل بن حجر: أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم حين دخل في الصلاة كبّر ثم التحف بثوبه، ثم وضع يده اليمنى على اليسرى.. الحديث. وقد ضعفه الخضر الشنقيطي وهو أشد المتعصبين للسدل تعنتا.
الدعوى السادسة: ذكر صاحب الرحلة المراكشية حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم قال فيه: كأني أنظر إلى أحبار بني إسرائيل واضعي أيمانهم على شمائلهم في الصلاة.. فادعى أنه ذم للقبض لأنه من فعل بني إسرائيل.
قلت: هذا حديث ضعيف رواه ابن شيبة في مصنفه مرسلا عن الحسن.. وهو يدل على أن القبض من شرائع الأنبياء، روى ابن أبي شيبة عن أبي الدرداء قال: من أخلاق النبيين وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة.. وذكر القرطبي وغيره أنه إذا بلغنا شرع من قبلنا على لسان الرسول صلى الله عليه وسلم أو لسان من أسلم كعبد الله بن سلام، ولم يكن منسوخا ولا مخصوصا، فهو شرع لنا، وهو المقرر عند المالكية.
الدعوى السابعة: إن السادل يشبه الميت وهو أقوى في تحقيق الخشوع.
وهذه حكمة ميتة لا رواج لها في الميدان العلمي، وإليكم حكمة مشروعية القبض على لسان العلماء، قال القاضي أبو بكر بن العربي في شرح الترمذي: والحكمة فيه أي القبض عند علماء المعاني: الوقوف بهيئة الذلة والاستكانة بين يدي رب العزة ذي الجلال والإكرام كأنه إذا جمع يديه يقول: لا دفع ولا منع ولا حول أدعى ولا قوة، وها أنا في موقف الذلة فأسبغ علي فائض الرحمة.اهـ. وقال الإمام الرازي في تفسير قوله تعالى: [ فصل لربك وانحر ] روي عن علي بن أبي طالب أنه فسر هذا النحر بوضع اليدين على النحر في الصلاة.
قلت: روى ابن أبي شيبة والبخاري في التاريخ والحاكم والبيهقي في السنن عن علي بن أبي طالب في قوله تعالى: [ فصل لربك وانحر ] قال: وضع يده اليمنى على وسط ساعده اليسرى ثم وضعهما على صدره في الصلاة.
وقال الزرقاني في شرح الموطأ: قال العلماء: الحكمة في هذه الهيئة أنها صفة السائل الذليل، وهو أمنع من العبث وأقرب إلى الخشوع. ومن اللطائف ما ذكره الحافظ في الفتح نقلا عن بعضهم: القلب موضع النية والعادة أن من حرص على حفظ شيء جعل يديه عليه..
فهذا بعض مما في هذا الكتاب القيم من مسائل ردّ بها المؤلف على من يدعي جهلا وتعصبا سنية سدل اليدين في الصلاة.. والغرض هو بيان موضوع الكتاب لا غير، حيث أن الكتاب يضم غير ما ذُكر هنا مسائل أخرى مهمة كمسألة تواتر أحاديث القبض في الصلاة، والردّ على القادري الذي قال بحرمة القبض تعصبا.. وغيرها من المسائل والفوائد الحديثية والأصولية التي يتحفنا بها المؤلف رحمه الله تعالى على عادته في كتبه، أجزاء ورسائل كانت أو كتبا كبيرة.
 
إنضم
9 فبراير 2010
المشاركات
166
التخصص
الهندسة المدنية-منهج الظاهرية في كافة العلوم
المدينة
طنطا
المذهب الفقهي
أهل الحديث (ظاهري)
اغتنام الأجر من حديث الإسفار بالفجر...
للشيخ أحمد بن محمد بن الصديق الغماري رحمه الله
الحمد لله كما ينبغي لجلاله وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله.
هذا جزء سميته: اغتنام الأجر من حديث الإسفار بالفجر. دعاني إليه أن الحافظ السيوطي عدّه من الأحاديث المتواترة، وأورده في كتابه: الأزهار المتناثرة، [رقم الحديث 24 ص 14]
وقال: (( أخرجه الأربعة: عن رافع بن خديج؛ وأحمد: عن محمود بن لبيد؛ والطبراني: عن بلال، وابن مسعود، وأبي هريرة، وحواء؛ والبزار: عن أنس وقتادة؛ والعدني في مسنده عن رجل من الصحابة )).
وتبعه على ذلك شيخنا أبو عبد الله محمد بن جعفر الكتاني في نظم المتناثر [ص 55 و 56]، وهو وهم ناشىء من التهور والتقليد، أما التهور فمن الحافظ السيوطي، وأما التقليد فمن شيخنا الذي يعتمد عزو المتقدمين وكلامهم، ولا يبحث في الأسانيد. وذلك أن أكثر هذه الطرق راجع إلى طريق واحد.
** ** ** ** ** ** **
فحديث رافع بن خديج، ومحمود بن لبيد، وحواء، وأنس، ورجل من الصحابة، حديث واحد تعدد صحابيوه من اضطراب زيد بن أسلم، وعاصم بن عمر، أو من الرواة عنهما.
** ** ** ** ** ** **
وحديث أبي هريرة غلط أيضا من أبي زيد الأنصاري، فلم يبق إلا حديث رافع بن خديج، وابن مسعود، وبلال، والأخيران ضعيفان. خصوصا حديث ابن مسعود، فليس في الباب إلا حديث واحد يعتمد عليه؛ على أن فيه مقالا أيضا. فالحديث لا يمكن أن يصحح إلا بعد اللَّتيا والّتي، بل غايته أنه حسن، فكيف يدعى فيه التواتر ؟؟
** ** ** ** ** ** **
وبيان ذلك أن هذا الحديث رواه زيد بن أسلم واختلف عليه فيه على أقوال:
القول الأول : عنه، عن محمود بن لبيد، عن رافع بن خديج، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( نوّروا بالفجر فإنه أعظم للأجر )).
هكذا رواه آدم بن أبي إياس، عن شعبة، عن أبي داود، عن زيد بن اسلم.
قال الطحاوي في معاني الآثار [شرح معاني الآثار ج1 ص179]: ثنا بكر بن إدريس بن الحجاج، ثنا آدم بن أبي إياس.
(ح) وقال القضاعي في (مسند الشهاب) : أخبرنا عبد الرحمن بن عمر الصفار، أنا أحمد بن محمد بن زياد، قال: قرأنا على علي ـــ هو ابن داود القنطري ـــ ثنا آدم بن أبي إياس، ثنا شعبة، عن أبي داود، عن زيد بن أسلم، به.
ورواه الخطيب في (( التاريخ)) [13: 45] من طريق موسى بن عبد الله بن موسى القراطيسي أبو عمران البغدادي، ثنا آدم بن أبي إياس، به؛ لكنه قال: حدثنا شعبة عن داود بدون أداة الكنية. وقال الخطيب: إنما يحفظ هذا من رواية بقية بن الوليد، عن شعبة، عن داود. وأما آدم فيرويه عن شعبة عن أبي داود، عن زيد بن أسلم.
** ** ** ** ** ** ** ** **
القول الثاني: عن زيد بن أسلم، عن عاصم، عن محمود، عن رجال من قومه، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال النسائي [1: 272] أخبرني إبراهيم بن يعقوب، ثنا ابن أبي مريم، أخبرنا أبو غسان، قال: حدثني زيد بن أسلم، عن عاصم بن عمر بن قتادة، عن محمود بن لبيد، عن رجال من قومه من الأنصار أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (( ما اسفرتم بالفجر فإنه أعظم للأجر )).
** ** ** ** ** ** ** ** **
القول الثالث: عنه، عن عاصم، عن رجال من قومه بدون واسطة محمود، كذا رواه عنه حفص بن ميسرة، وهشام بن سعد.
فرواية حفص أخرجها الطحاوي في ((معاني الآثار))[1: 179] : حدثنا روح بن الفرج، ثنا زهير بن عباد، ثنا حفص بن ميسرة، عن زيد بن أسلم، عن عاصم بن عمر بن قتادة، عن رجال من قومه من الأنصار من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قالوا: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (( أصبحوا بصلاة الصبح فما أصبحتم بها فهو أعظم للأجر)).
ورواية هشام بن سعد أخرجها الطحاوي أيضا عن محمد بن حميد، ثنا عبد الله بن صالح، ثنا الليث، قال: حدثني هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، به مثله [ شرح معاني الآثار1: 179].
** ** ** ** ** ** ** **
القول الرابع: عنه، عن محمود بن لبيد، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بدون ذكر رافع بن خديج ولا عاصم أيضا.
قال الإمام أحمد [المسند 5: 429]: ثنا إسحاق بن عيسى، ثنا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن محمود بن لبيد، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((أسفروا بالفجر فإنه أعظم للأجر)). إلا أن عبد الرحمن بن زيد ضعيف.
** ** ** ** ** ** ** **
القول الخامس: عنه، عن أنس.
قال أبو نعيم في ((تاريخ أصبهان)) [1: 95]: حدثنا أبي، حدثنا سعيد بن يعقوب، ثنا أحمد بن مهران، ثنا خالد بن مخلد، ثنا يزيد بن عبد الملك بن المغيرة بن نوفل: سمعت زيد بن أسلم يحدث عن أنس عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (( أسفروا بصلاة الغداة يغفر الله لكم)).
وقال البزار في مسنده [كشف الأستار 1: 194، ومجمع الزوائد 1: 315 ]: حدثنا محمد بن يحيى بن عبد الكريم الأزدي، حدثنا خالد بن مخلد، ثنا يزيد بن عبد الملك، به.
وقال ...في فوائده تخريج الدارقطني: حدثنا عبد الله بن محمد بن أبي سعيد، ثنا محمد بن إشكاب، ثنا خالد بن مخلد، به.
ثم قال: هكذا قال: عن زيد بن أسلم، عن أنس. وهو وهم، وإنما هو: عن زيد بن أسلم، عن محمود بن لبيد، عن رافع بن خديج.
ورواه الديلمي في ((مسند الفردوس)) قال: أخبرنا أبو العلاء أحمد بن نصر، عن عبد الرحمن بن غزوان، عن ابن زرقويه، عن إسحاق بن صدقة، عن خالد بن مخلد، به. لكنه قال: عن سليمان بن بلال، عن يزيد بن عبد الملك ، به. ويزيد ضعفه احمد، والبخاري، والنسائي، وابن معين في رواية ووثّـقه في أخرى.
** ** ** ** ** ** **
القول السادس: عنه، عن ابن بجيد، عن جدته حواء.
قال ابن عبد البر في ((الاستيعاب)) [4: 272]: حدثنا يعيش بن سعيد، ثنا قاسم بن أصبغ، ثنا أبو الأحوص محمد بن الهيثم، ثنا أبو يعقوب الحنيني، عن هشام بن سعد، عن زيد بن اسلم، عن ابن بجيد، عن جدّته حواء ـــ وكانت من المبايعات ـــ قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: أسفروا بالصبح فإنه كلما أسفرتم كان أعظم للأجر.
وقال الطبراني في ((الكبير)) [مجمع الزوائد 1: 316]: حدثنا أحمد بن محمد بن محمد الجمحي، ثنا إسحاق بن إبراهيم الحنيني هو أبو يعقوب، به بلفظ: أسفروا بالفجر فإنه أعظم للأجر. والحنيني ضعفه النسائي وغيره، وذكره ابن حبان في الثقات.
** ** ** ** ** ** **
فهذه خمسة طرق كلها رجعت إلى طريق واحد، وقد ورد حديث رافع بن خديج من غير طريق زيد بن أسلم، لكنه اختلف فيه أيضا على رواية عاصم بن عمر بن قتادة على قولين:
(( القول الأول)): عنه، عن محمود بن لبيد عن رافع بن خديج، هكذا قال محمد بن عجلان ومحمد بن إسحاق عنه.
فرواية محمد بن عجلان: قال أحمد [المسند3: 465]: حدثنا يزيد، أخبرنا محمد بن إسحاق أنبأنا ابن عجلان، عن عاصم بن عمر، عن محمود بن لبيد، عن رافع بن خديج عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: أصبحوا بالصبح فإنه أعظم للأجر.
وقال الدارمي[ السنن1: 277]: اخبرنا محمد بن يوسف، ثنا سفيان، عن ابن عجلان، به بلفظ: نوروا بصلاة الفجر فإنه أعظم للأجر.
ورواه أبو داود [السنن1:294]: حدثنا إسحاق بن إسماعيل، ثنا سفيان، عن ابن عجلان، به بلفظ: أصبحوا بالصبح فإنه أعظم للأجر.
وقال النسائي[السنن1: 272]: أخبرنا عبيد الله بن سعيد ثنا يحيى، عن ابن عجلان، به بلفظ: أسفروا بالفجر. ولم يزد.
وقال ابن ماجة[السنن رقم 672] ثنا محمد بن الصباح، أنبأنا سفيان بن عيينة، به بلفظ: أصبحوا بالصبح فإنه أعظم للأجر أو لأجوركم.
ومن هذا الوجه رواه الطحاوي في ((معاني الآثار))[1: 178].
وقال ابن ثرثال في جزئه: حدثنا يوسف، حدثنا الفضل بن دكين، وعبيد الله بن موسى، قالا: حدثنا سفيان، عن محمد بن عجلان، به بلفظ: أسفروا بالفجر فكلما أسفرتم كان أعظم للأجر أو أجركم.
ورواية محمد بن إسحاق أخرجها أيضا الطيالسي في مسنده، قال: حدثنا شعبة، عن محمد بن إسحاق، عن عاصم بن عمر بن قتادة، عن محمود بن لبيد، عن رافع بن خديج أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: أسفروا بصلاة الصبح فإنه أعظم للأجر.
ورواه الدارمي [السنن1: 277] عن حجاج بن منهال، عن شعبة، به مثله.
وقال الترمذي: حدثنا هناد، حدثنا عبدة، عن محمد بن إسحاق به . ثم قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وقال البيهقي في السنن: أخبرنا علي بن محمد بن عبد الله بن بشران، أنا أبو جعفر محمد بن عمرو بن البختري الرزاز، ثنا أحمد بن الوليد الفحام، ثنا يزيد بن هارون، أنا محمد بن إسحاق، به.
وقال أبو نعيم في ((الحلية)) [7: 94]: حدثنا القاضي أبو أحمد، ثنا محمد بن إبراهيم بن شبيب. (ح) وحدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر، وسليمان بن أحمد الطبراني، قالا: حدثنا إبراهيم بن محمد بن الحارث، ثنا محمد بن المغيرة، ثنا النعمان بن عبد السلام، ثنا سفيان، عن محمد بن إسحاق، به بلفظ: أسفروا بصلاة الفجر فإنه أعظم للأجر. وقال ابن شبيب: بصلاة الصبح. ثم قال: تفرد به النعمان عن سفيان.
ورواه أبو نعيم أيضا في ((تاريخ إصبهان)) [2: 329] من هذا الوجه أيضا.
** ** ** ** ** ** ** **
((القول الثاني)): لعاصم عن أبيه عن جده قتادة بن النعمان.
رواه البزار والطبراني كلاهما من رواية فليح بن سليمان، عنه بهذا السند. وقال البزار: لا نعلم أحدا تابع فليح بن سليمان على روايته. وإنما يرويه محمد بن إسحاق، ومحمد بن عجلان عن عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد، عن رافع بن خديج.
قال الطيالسي في مسنده: حدثنا أبو إبراهيم، عن هرير بن عبد الرحمن بن رافع بن خديج، عن رافع بن خديج، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لبلال: أسفر بصلاة الصبح حتى يرى القوم مواضع نَبلهم.
ورواه الدولابي في ((الكنى والأسماء)) لكنه لم يجاوز به هرير بن عبد الرحمن، فقال: أخبرني بعض أصحابنا عن أحمد بن يحيى الحلواني، قال: ثنا محمد بن الصباح الدولابي، ثنا إبراهيم بن سليمان بن رزين بن إسماعيل المؤدب، ثنا هرير بن عبد الرحمن به مرسلا.
** ** ** ** ** ** ** **
وحديث بلال أخرجه الطحاوي في معاني الآثار قال: حدثنا علي بن معبد، قال: حدثنا شَبابة بن سَوّار، ثنا أيوب بن سيار، عن محمد بن المنكدر، عن جابر، عن أبي بكر الصديق، عن بلال.
وقال البزار في مسنده[كشف الأستار1: 194]: ثنا محمد بن عبد الرحيم، ثنا شبابة بن سوار به إلى بلال، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أسفروا بالفجر فإنه أعظم للأجر. ثم قال البزار: أيوب بن سيار ليس بالقوي، وفيه ضعف.
** ** ** ** ** ** ** **
وحديث أبي هريرة قال ابن حبان في ((الضعفاء))[1: 324] أخبرنا الحسين بن إسحاق بالكرخ، ثنا القاسم بن عيسى الحضرمي، ثنا سعيد بن أوس، عن ابن عون، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يا بلال أسفر بالصبح فإنه أعظم للأجر. أخرجه بترجمة سعيد بن أوس أبو زيد الأنصاري النحوي اللغوي، ثم قال: لا يجوز الاحتجاج بما انفرد به من الأخبار، ولا الاعتبار إلا بما وافق الثقات، وليس هذا من حديث ابن عون ولا ابن سيرين ولا أبي هريرة، وإنما هو من حديث رافع بن خديج فقط، وهذا الإسناد إما مقلوب أو معمول.
لكن قال الذهبي[ ميزان الاعتدال 2: 126] وثقه جزرة وغيره، وقال أبو حاتم: صدوق، وليّنه ابن حبان لأنه وهم في سند حديث: أسفروا بالفجر.
** ** ** ** ** ** ** **
وحديث ابن مسعود رواه الطبراني في الكبير: حدثنا أحمد بن يحيى الحضرمي، ثنا أحمد بن سهل بن عبد الرحمن الواسطي، ثنا المعلى بن عبد الرحمن، ثنا سفيان الثوري، وشعبة عن معاوية بن قرة، عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أسفروا بصلاة الصبح فإنه أعظم للأجر. والمعلى بن عبد الرحمن ضعيف، بل قال الدارقطني إنه كذاب.
** ** ** ** ** ** ** **
فلم يبق للحديث إلا طريق رافع بن خديج و بلال وأبي هريرة وابن مسعود على ما فيها من مقال، وهذا العدد لا يحصل به التواتر. والله تعالى أعلم.
كتبه الفقير أحمد بن محمد بن الصديق صبيحة يوم السبت رابع ربيع النبوي سنة اثنتين وسبعين وثلاثمائة وألف.
 
إنضم
9 فبراير 2010
المشاركات
166
التخصص
الهندسة المدنية-منهج الظاهرية في كافة العلوم
المدينة
طنطا
المذهب الفقهي
أهل الحديث (ظاهري)
أرجو ألا يتشنج متشنج ويقول إن الغماريين لهم أخطاء عقيدية في كذا وكذا فهذا الملتقى للمدارس الفقهية ولا يتوقف نشر الأقوال الفقهية على عقائد قائليها وإلا نبذنا أقوال جمهور المذاهب الأربعة لأن لجمهورهم عقائد تخالف متأخرى الحنابلة التيميين .
 
أعلى