العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

الدورة الخامسة في صناعة البحث العلمي: مرحلة كتابة الرسالة العلمية

د.محمود محمود النجيري

:: مشرف سابق ::
إنضم
19 مارس 2008
المشاركات
1,171
الكنية
أبو مازن
التخصص
الفقه الإسلامي
المدينة
مصر
المذهب الفقهي
الحنبلي
الدورة الخامسة


في صناعة البحث العلمي


مرحلة كتابة الرسالة العلمية


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.
الأخوة الكرام.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تشتمل هذه الدورة على عدة دروس متتالية: السبت والثلاثاء أسبوعيا.
ويرجى ممن سيشارك فيها، أن يضع اسمه، ويسجل حضوره بمتابعة هذه الدروس، والرد عليها بما يراه، وتنزيلها إلى جهازه لكي يدرسها.
ومطلوب أيضًا من المشارك، تسجيل أسئلته على هذه الدروس؛ وإجابة المشرف وغيره عليها أولا بأول.
 
التعديل الأخير:

د.محمود محمود النجيري

:: مشرف سابق ::
إنضم
19 مارس 2008
المشاركات
1,171
الكنية
أبو مازن
التخصص
الفقه الإسلامي
المدينة
مصر
المذهب الفقهي
الحنبلي
متابعون شيخنا الحبيب ... ولم أشعر بالرهبة إلا عندما رأيتك تتكلم عنها ..​

ذلك أمر نسبي أخي الكريم
ولا بأس على من أحس برهبة في موقف ما، أو أمام عمل ما، فقد قال الله تعالى عن نبيه الكريم موسى عليه السلام في موقف صعب: {فأوجس في نفسه خيفة موسى}. فقال له الله سبحانه: {لا تخف إنك أنت الأعلى}.
والباحث المبتدئ، يشعر برهبة تعقد يده عن الكتابة والبدء في صياغة أفكار بحثه. وهذه الرهبة شيء طبيعي، يشعر به كل باحث. وهي نابعة عن إحساسه بالمسئولية، وخطر الكلمة.
ولا ينبغي الخوف والتردد والإحجام. بل يجب الشجاعة والإقدام في ساحات الأقلام، لصيد شوارد الأفكار، وصياغتها منظمة في سلك واحد، له بداية وواسطة ونهاية. يبدأ بالتعريف، وتوضيح المفهوم، ويضع المقدمات؛ ليخرج بالنتائج، ويحلل المشكلات؛ ليضع الحلول، ويعرض الخلاف؛ ليحدد الراجح.
إن الخوف يجعل الباحث مترددًا، لا يدري من أين يبدأ، ينظر إلى المادة العلمية التي جمعها حائرًا متوجسًا. وهذا أشبه بمن يريد أن يتعلم السباحة، فيقف أمام شاطئ البحر خائفًا. ولا يمكن أن يتعلم السباحة إلا بأن يلقي بنفسه في اليم، ويعمل يديه ورجليه، ويحاول أن يطبق القواعد التي تعلمها، ويستفيد من الأخطاء التي يقع بها، وشيئًا فشيئًا، سوف يتمرس بالسباحة، ويستمتع بها.
 
التعديل الأخير:

د.محمود محمود النجيري

:: مشرف سابق ::
إنضم
19 مارس 2008
المشاركات
1,171
الكنية
أبو مازن
التخصص
الفقه الإسلامي
المدينة
مصر
المذهب الفقهي
الحنبلي
ما هي سبيل من ابتلاه الله بمشرف عالي قدره وواسع علمه.
لكن هو مشغول.هل رأيت يا شيخنا ما كتبت ..لا والله ليس بعد!!!
يمر يومان ونفس السأال ونفس الجواب!!
والطالب المغلوب على أمره بين شكاية الحال إلى الإخوان ومستجلبا لفيوض التصبر والاحتساب

وعزاءه في ذلك انه ليس وحده

ماذا تقول يا أخ صلاح؟!
إن لي مشرفا ظل يقرأ في الرسالة عاما كاملا. هذا غير زميله في الإشراف.
 

د.محمود محمود النجيري

:: مشرف سابق ::
إنضم
19 مارس 2008
المشاركات
1,171
الكنية
أبو مازن
التخصص
الفقه الإسلامي
المدينة
مصر
المذهب الفقهي
الحنبلي
مرحلة كتابة الرسالة العلمية- الدرس الثاني: استراتجيات الكتابة

مرحلة كتابة الرسالة العلمية- الدرس الثاني: استراتجيات الكتابة

الدورة الخامسة


في صناعة البحث العلمي


مرحلة كتابة الرسالة العلمية


الدرس الثاني


استراتجيات الكتابة


هناك طريقتان معروفتان للباحثين في كتابة الرسالة العلمية:
الطريقة الأولى:
الكتابة أولا بأول، وصياغة الباحث أفكاره كلما عرضت له، واغتنام ما يسنح من خاطر، يسجله ويضعه في مكانه من بحثه.
الطريقة الثانية:
تأخير كتابة الرسالة إلى ما بعد مرحلة جمع المادة العلمية كلها، ثم يشرع أخيرًا في الصياغة، من البداية وحتى النهاية.
وكل طريقة من هاتين الطريقتين لها ميزاتها، ولها عيوبها.
فالطريقة الأولى: ميزتها سرعة تقييد ما يسنح؛ حتى لا يتبخر ويزول، وقد لا يعود. والباحث العلمي إنسان، يرد عليه عارض النسيان.
ولكن قد يعيب هذه الطريقة، أن الأفكار التي تسجل لأول وهلة، كثيرًا ما تكون فجة، لم تنضج جيدًا، وقد تسرع بالكاتب إلى الخطأ في الحكم. كما يعيبها التكرار من موضع لآخر، وعدم تسلسل الأفكار. ولكن يمكن الرد على ذلك، بأن الباحث يقرا بحثه قراءة أخيرة، فيصلح من ذلك.
والطريقة الثانية: يميزها أن تأخير الكتابة، يأتي بعد إحاطة بالموضوع، فتأتي الصياغة ناضجة، مبنية على ما مضى، متسلسلة في أفكارها، لا تكرار فيها، ولا حشو. ولكن يعيبها أن الباحث يكون قد نسي بعض الأفكار التي عرضت له في أثناء مسيرة بحثه. ولم يعد من الممكن استعادتها.
ويفضل الباحث المتمرس ممارسة الكتابة في أثناء القراءة والبحث والاطلاع، لأن أفكاره تتوارد وتتفجر وتنساب، ويخشى عليها من الضياع والنسيان. كما أن له ملكة بحثية، ومخيِّلة علمية، يدرك بها مكان ما يكتب من بحثه، وأين يضعه، ووظيفته مع غيره من أجزاء البحث، ويدرك أن هذه الكتابة الأولية، سيتبعها تمحيص ما يكتب عند الصياغة النهائية للبحث.
أما الباحث المبتدئ، فإنه يرهب الكتابة، من ناحية، وينتظر نضوج أفكاره من ناحية أخرى، كما أنه لا يملك القدرة على التصور الصحيح لأجزاء بحثه، فلا يعرف أحيانًا هل تلزمه هذه المادة، أو تناسبه هذه الفكرة؟ وأين مكانها من البحث؟ فيفضل التريث حتى يقرأ المزيد، ويحكم أمره.
 
التعديل الأخير:

باسمة نور الدين

:: متابع ::
إنضم
29 ديسمبر 2009
المشاركات
3
التخصص
شريعة
المدينة
الرقة
المذهب الفقهي
الشافعي
السلام عليكم ورحمة الله

بارك الله بكم ونفعنا بعلمكم

من المتابعين إن شاء الله فما أحوجني لهذه الدروس

ولي رد إن شاء الله بعد القراءة بتمعن لكل سطر ورد في هذه الصفحة المباركة


جزاكم الله خيرا
 

العنود السبيعي

بانتظار تفعيل البريد الإلكتروني
إنضم
14 مايو 2009
المشاركات
23
الكنية
المهاجرة الى ربها نور التقى
التخصص
مستوى الأول إدارة أعمال
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
مذهب اهل السنه والجماعه
أووول المسجلين،،
مع أنني خفت لما قرأت عبارة "كتابة الرسالة" لا أدري مااعتراني!!
مع الاسف علاقتي "مش ولابد" مع الكتابة العلمية!!

أشارككم نفس الشعور ..
 

العنود السبيعي

بانتظار تفعيل البريد الإلكتروني
إنضم
14 مايو 2009
المشاركات
23
الكنية
المهاجرة الى ربها نور التقى
التخصص
مستوى الأول إدارة أعمال
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
مذهب اهل السنه والجماعه
أن يعرض الباحث ما يكتب على متخصصين، ويطلب رأيهم فيما يكتب، ويستمع إلى توجيهاتهم


عفوا استاذي الفاضل
أستوقفتني هذه النقطة !
البعيد عن الدراسة الاكاديمية ويرغب في كتابة أبحاث كما ذكرت قصيرة ومقالات ..
أين يجدهم هؤلاء المختصين وكيف يتواصل معهم ؟!
 

علي محمد نجم

:: مطـًـلع ::
إنضم
1 سبتمبر 2008
المشاركات
101
الكنية
ابو محمد
التخصص
طويليييب فقه
المدينة
سلا
المذهب الفقهي
فقه الدليل
متابع وان جئت متأخرا لكني قرأت الدرسين
 

د.محمود محمود النجيري

:: مشرف سابق ::
إنضم
19 مارس 2008
المشاركات
1,171
الكنية
أبو مازن
التخصص
الفقه الإسلامي
المدينة
مصر
المذهب الفقهي
الحنبلي
عفوا استاذي الفاضل
أستوقفتني هذه النقطة !
البعيد عن الدراسة الاكاديمية ويرغب في كتابة أبحاث كما ذكرت قصيرة ومقالات ..
أين يجدهم هؤلاء المختصين وكيف يتواصل معهم ؟!

الكتابات الرصينة ليست موجودة في الجامعات وحدها، والباحثون العلميون ليسوا دائما داخل أسوار الجامعة. فكم ممن هو خارج الجامعة، مكانه الحق داخلها! وكم ممن هو داخل الجامعة، مكانه الحق خارجها! وكثيرون خارج الجامعة صنعوا أنفسهم بالجد والاجتهاد، كما كان عباس محمود العقاد. وهؤلاء يجب البحث عنهم، والتلمذة عليهم، سواء كانوا في ميدان الإعلام، أو البحث الحر، أو المساجد وحلقات العلم، أو في مثل ملتقانا هذا.
 

د.محمود محمود النجيري

:: مشرف سابق ::
إنضم
19 مارس 2008
المشاركات
1,171
الكنية
أبو مازن
التخصص
الفقه الإسلامي
المدينة
مصر
المذهب الفقهي
الحنبلي
أرحب بجميع المشاركين معنا وخصوصا المستجدين:
باسمة نور الدين، وعلي محمد نجم
وعذرا للانقطاع المؤقت
وإليكم الدرس الثالث
 
التعديل الأخير:

د.محمود محمود النجيري

:: مشرف سابق ::
إنضم
19 مارس 2008
المشاركات
1,171
الكنية
أبو مازن
التخصص
الفقه الإسلامي
المدينة
مصر
المذهب الفقهي
الحنبلي
الدورة الخامسة- مرحلة كتابة الرسالة العلمية- الدرس الثالث: أقسام الرسالة

الدورة الخامسة- مرحلة كتابة الرسالة العلمية- الدرس الثالث: أقسام الرسالة

الدورة الخامسة
في صناعة البحث العلمي
مرحلة كتابة الرسالة العلمية
الدرس الثالث
أقسام الرسالة
كل بحث علمي ينقسم ثلاثة أقسام رئيسة: بداية، ووسط، ونهاية.
أولا- بداية البحث العلمي:
في البداية، يعرف الباحث بمشكلة البحث كما يتصورها. وأول خطوات البحث العلمي الإحساس بالمشكلة. وهذه المشكلة قد تكون في النواحي العلمية المحضة، أو في الواقع الاجتماعي، أو في الناحية التاريخية.
ثانيًا- وسط البحث العلمي:
وهنا، يعرض الباحث لجوانب المشكلة التي يدرسها، ويحلل العوامل الداخلة فيها، ويذكر أسبابها.
ثالثًا- نهاية البحث العلمي:
وفيها، يحاول الباحث وضع حلول لمشكلة البحث كما يراها، ويقدم اقتراحات وتوصيات.
ويحتاج الباحث إلى الفهم مع العلم.
فالفهم وحسن التقدير والحدس العلمي، صفات مطلوبة لإدراك أقسام بحثه، وترتبها ترتيبًا منطقيًا، والانتقال من المقدمات إلى النتائج، ووزن كل قسم منها بحسبه، وفرز ما ليس من بحثه وإقصائه، وتنظيم المادة العلمية وتبويبها، وتوزيعها على مظانها من البحث، وحسن الاستفادة منها. مع عدم التعسف أو الشطط.
وتنقسم الرسالة في أجزائها إلى: التمهيد (إن وجد)، والمقدمة، والأبواب والفصول (والمباحث والمطالب والفروع)، والخاتمة، والملاحق (المراجع وغيرها).

التمهيد متى نأتي به، وما فائدته؟
هناك أكثر من طريقة لتقسيم البحث العلمي. فإن كان البحث واسعًا، قسم إلى أبواب، يحوي كلُّ باب منها فصلين أو أكثر. فإن كان لدى الباحث قضية من قضايا بحثه، لا يجد لها مكانًا مناسبًا يدرجه فيه من هذه الفصول، فإنه يلجأ إلى وضع هذه القضية وحدها في تمهيد، يسبق الأبواب، ويلي المقدمة.
وعلى هذا، نقول: إن التمهيد يحوي معلومات ضرورية لإلقاء الضوء على موضوع البحث، وإن لم تكن من صلب البحث نفسه.
وأما إن كان البحث منقسمًا إلى فصول، فلا حاجة بنا إلى وضع التمهيد، لأن هذه القضية ستأخذ الفصل الأول من البحث، عقب المقدمة مباشرة.

المقدمة:
هي أول ما يرد من البحث، ولكنها آخر ما يكتبه الباحث، وتختلف عن مقدمات الكتب، فهي أوسع، ولها جوانب ينبغي أن تتناولها هي:
1. التعريف بموضوع البحث، ومشكلته التي يحاول علاجها، ومصطلحاته الأساسية، وتحديد جوانبه الرئيسية والفرعية، وتمييزها عمَّا هو بعيد عنها. وتحديد مصطلحاته الأساسية، وتعريف الجديد منها، وإزالة كل إبهام أو غموض في عنوان بحثه.
2. تحديد الأسباب التي دفعت الباحث لاختيار موضوع بحثه. وهي أسباب موضوعية، ترجع إلى العلم. وقد يكون هناك من الأسباب ما هو شخصي، ولكنه لا يتعارض مع المنهجية العلمية، كتفضيل الباحث لدراسة شخصية تاريخية يعجب بها، بشرط ألا يكون هذا الإعجاب سببًا للوقوع في أخطاء.
3. توضيح أهمية بحثه، والأضواء التي من المنتظر أن يلقيها على مشكلات علمية، والحلول المتوقع أن يقدمها.
4. ذكر الدراسات السابقة، ونقدها نقدًا منهجيًّا، وبيان ما فيها من قوة وضعف، وما أضافت إلى العلم، ومبررات بحث الموضوع، على الرغم من هذه الجهود السابقة، وما ينتظر من إضافة للعلم.
5. إطلالة على مصادر البحث الأساسية ومراجعه، تميز المصدر القريب من بحثه، ومدى قربه، وأهميته له، وأصالته. والباحث الذي لا يدرس مصادره جيدًا، ولا يعرف قيمتها، وإيجابياتها وسلبياتها، قمين بأن يقع في أخطاء خطيرة.
6. يلقى الباحث صعوبات في بحثه، بعضها يرجع إلى المصطلحات، وبعضها إلى المصادر والمراجع، وبعضها إلى طبيعة الموضوع. والهدف من ذكر هذه الصعوبات في المقدمة، إلقاء الضوء على جهود الباحث في تذليل هذه الصعوبات، ومدى نجاحه في ذلك، وتبرير ما لم يستطيع أن يصل إليه من مادة بحثه. وذلك لإرشاد والباحثين غيره، ممن سيبحثون مثل هذه الموضوعات لاحقًا، لتوفير الوقت والجهد عليهم، وفتح الطريق أمامهم.
7. تحديد منهج البحث، وقد يكون المنهج وصفيًا، أو تاريخيًا، أو تجريبيًا، أو ميدانيًا.


الأبواب والفصول:
تقسيم الرسالة إلى أبواب، أو فصول، هو عملية تنظيمية، تختلف من بحث لآخر، فمن الممكن أن يجمع الباحث عدة فصول متجانسة معًا؛ ليكون منها بابًا. والباب يحتوي على فصلين، أو ثلاثة فصول، أو أكثر. وأكثر ما يكون الأبواب في أطروحة الدكتوراه، لا الماجستير، لأن الدكتوراه أكبر في حجمها.
وليس لتقسيم من هذه التقاسيم مزية على تقسيم آخر. من الفصول أو الأبواب، وإنما يجب مراعاة التجانس بين الفصول، وحسن الترتيب، ومنطقية العرض، وصحة العلاقات بين الفصول أو الأبواب أو الأفكار داخل كل منها.
ويتكون الفصل من مبحثين أو أكثر. وإن اتسع المبحث، انقسم إلى فرعين أو أكثر. والفرع داخله عناوين جانبية، تحت كل عنوان منها موضوع واحد، يحوي أفكارًا مرتبة متجانسة، تدرس جزئية من أجزاء البحث دراسة علمية، لتخرج بنتيجة من نتائجه التي تشكل بناءه النهائي.
وهناك تقسيمات أخرى للبحوث، غير الأبواب والفصول، ولا مشاحة فيما اصطلح عليه أهل العلم من العلوم من تقسيمات.
وتقسيم الأبواب والفصول ينبغي أن يكون طبيعيًا، ونابعًا من موضوع البحث ومادته المتوافرة، لا تكلف فيه. والأفضل ألا يقل الفصل عن خمس وعشرين صفحة، ولا يزيد على مئة. والباب من مئة إلى مئة وخمسين صفحة.
صياغة عناوين الأبواب والفصول:
ينطبق عليها ما قلناه عن صياغة عنوان البحث الرئيسي، وذلك بأن تكون:
§ مطابقة لمحتوى البحث.
§ مركزة ومختصرة.
§ واضحة الدلالة.
§ محدودة ودقيقة.

الخاتمة:
هي آخر جزء من أجزاء البحث، يحوى خلاصة البحث، وأفكاره الأساسية، والجديد الذي أضافه، والمقترحات والتوصيات التي يراها الباحث. واستلهمها من أجزاء بحثه.
وتتأكد في الخاتمة المواضع التي يراها الباحث قوية في بحثه، فيعيد استخلاصها من الأبواب والفصول، ليبرزها ويبلورها، ويسلط عليها الأضواء الساطعة، إذ هي ثمرة بحثه، وعصارة جهده، والقيمة الحقيقية لبحثه، وقيمة كل بحث فيما يأتي به من جديد، وما يضيفه للعلم.
وأما المقترحات والتوصيات، فهي انطلاقات يرى الباحث من خلال عمله أنها جديرة بالاهتمام والبحث؛ لأنها مشكلات قائمة تحتاج إلى جهده، أو جهد غيره من الباحثين، لحل معضلها، وفتح مغلقها.
وليست هذه المقترحات والتوصيات من صلب بحثه، ولكنها قريبة منه، وبحثه هو الذي وقفه عليها، وأرشده إليها، لذا يكتفي باقتراحها والتوصية بها، وهي باب مفتوح لبحوث جديدة، وهكذا البحث العلمي الجاد، يجيب على سؤال، ويطرح أسئلة أخرى، يطلب الإجابة عليها، وهذا هو التراكم العلمي.

توازن أجزاء الرسالة

عرفنا أن هيكل الرسالة ينقسم إلى: المقدمة، والأبواب (أو الفصول)، والخاتمة، والمراجع، والفهرست. وأن لب الرسالة الجامعية هو: الأبواب، والفصول، والمباحث، والمطالب.
وهناك جوانب شكلية، على الباحث أن يقف عليها؛ لتحقيق توازن هيكل الرسالة؛ وسلامة لبها من العيوب. هي:
1. يجب على الباحث أن يراعي التناسب بين أجزاء الرسالة وأقسامها المذكورة. ويفضل التساوي بين هذه الأجزاء ما أمكن، وألا يطغى جزء أو قسم منها على آخر. وأن يفي كل منها بما وضع له، ولا يقصر عنه، ويتسق مع غيره. وعادة ما يطول أوائل الرسائل، ويقصر آخرها. وهذا من أخطاء الباحثين. وتعليل ذلك: أن الباحث يجهد في نهاية بحثه فيختصر، وينشط في بدايته فيتسع. والأولى به أن يوزع جهده بالتساوي على أجزاء رسالته.
2. مطلوب اتساق هيكل الرسالة، وتوازن المحتوى، وتكامل الشكل، وتسلسل الأجزاء، وترتب الأبواب والفصول على بعضها ترتبًا منطقيًا. فننتقل من العام إلى الخاص، ومن الكل إلى الجزء.
3. يراعى وحدة الموضوع داخل كل باب وفصل، وعدم التكرار، وتجنب الاضطراب، والبعد عن التناقض.
4. مطلوب جاذبية العرض: وأن يستعمل الباحث لغة معجمية راقية، وتراكيب قوية السبك، وعبارات واضحة، وصياغة سليمة.
5. مطلوب منطقية العرض دائمًا: فإن البحث العلمي كالكائن الحي، له أجزاؤه المتكاملة، ومقدماته التي تسبق نتائجه، فلا يصح تكلف عبارات، ولا نتائج، ولا فصول، ولا أبواب. وإن كل تقدم في البحث له ما يبرره، كالبناء يتعالى على أساس متين، إلى أن يكتمل بإضاءة جميع جوانب المشكلة، وتحليل العوامل المتداخلة فيها، وتقدير الفروض لحلها، واختبار هذه الفروض، وتثبيت الصحيح منها.
6. لا بأس بتفاوت عدد صفحات البحث- إن اقتضت طبيعته ذلك من فصل لآخر. أو من باب لآخر. ولكن حاول أن تكون كالمهندس الذي يبني بناءً متناسقًا. واعلم أن الجمال هو التناسق؛ فلا يكون الرأس كبيرًا، والجسد هزيلا. والعكس. ومن الشاذ ضخامة الأنف، وطول الأذنين. فإن كان فصل يقع في صفحات معدودات، فلا بأس بضمه إلى غيره، مما هو أقرب إليه.

 

طالبة علم

:: متخصص ::
إنضم
26 ديسمبر 2007
المشاركات
68
التخصص
فقه
المدينة
مدينة الورد
المذهب الفقهي
الحنبلي
متابعة،

بارك الله في علمكم وعملكم

 

عزة

:: فريق طالبات العلم ::
إنضم
18 يوليو 2009
المشاركات
540
التخصص
فقه
المدينة
...........
المذهب الفقهي
حنبلي
بارك الله فيكم ونفع بعلمكم
" تحديد منهج البحث، وقد يكون المنهج وصفيًا، أو تاريخيًا، أو تجريبيًا، أو ميدانيًا.
س/ما هو المنهج المتبع في البحوث الفقهية، وكيف يمكن تحديده؟
 

د.محمود محمود النجيري

:: مشرف سابق ::
إنضم
19 مارس 2008
المشاركات
1,171
الكنية
أبو مازن
التخصص
الفقه الإسلامي
المدينة
مصر
المذهب الفقهي
الحنبلي
الدورة الخامسة


في صناعة البحث العلمي


مرحلة كتابة الرسالة العلمية


الدرس الرابع


أصول الكتابة الأكاديمية


بعد جمع المادة العلمية، يأتي مرحلة كتابة الرسالة العلمية، لكن هذه الكتابة لا تبدأ فورًا، بل يسبقها قراءة إجمالية لمجموع البطاقات التي دونها الباحث، وتأمل لمحتواها، وإعادة وضع خطة مفصلة للبحث في ضوء ذلك، ثم تنظيم بطاقات البحث تبعًا لهذه الخطة التفصيلية إلى فصول، ثم البدء بالكتابة، وصياغة الأفكار، وذلك في الخطوات التالية:

أولا- القراءة الإجمالية لبطاقات البحث:
هدف هذه القراءة، وقوف الباحث على مجموع البطاقات التي حصلها، وما بها من موضوعات، والقراءة الواعية لعناوينها، وذلك بهدف توسيع آفاق بحثه، ومعرفة تفاصيله وجزئياته حتى يمكن تصنيف هذه المادة وتنظيمها في مجموعات متجانسة، كل مجموعة منها تمثل فصلا، أو مبحثًا في فصل.

ثانيًا- وضع مخطط مفصل للبحث:
من خلال رءوس الموضوعات، التي خرج بها الباحث من القراءة الإجمالية لمجموع بطاقاته، يمكن تنظيم خطة مفصلة لبحثه، إذ هو قد وضع خطة البحث الإجمالية، حين تقدم للتسجيل الرسالة، وهو الآن يشرع في تنفيذ بحثه، ويفصل أجزاءه، بعد البحث وجمع المادة العلمية، وقد يعيد تفصيل بحثه إلى أبواب، أو إلى فصول غير ما بدأ به خطته. وقد تزيد الفصول والأبواب عما بدأ به، أو تنقص تبعًا لما وصل إليه من نضج في البحث، فإن البحث العلمي دائم النمو والنضج، والتغيير للأفضل، كلما بذل الباحث جهدًا في فهم أبعاد موضوعه، والغوص في أعماقه.

ثالثًا- تصنيف بطاقات البحث تبعًا للمخطط التفصيلي:
يعمد الباحث هنا إلى توزيع بطاقاته على الأبواب أو الفصول، وعلى المباحث، والمطالب. كلٌّ في مكانه المعهود له. وقد تعمل البطاقة في أكثر من موضوع. وترتب هذه البطاقات ترتيبًا منطقيًا داخل كل مطلب أو فصل؛ لتخدم فكرة واحدة نامية، وهي المادة الخام التي سيستعين الباحث بها لبدء الكتابة.
وبعض هذه البطاقات له أهمية كبيرة، لا غنى عنه، وبعضها ضعيف القيمة، وقد يستغنى عنه الباحث ويستبعده، أو يتبين أنه لا صلة له بالبحث.
والنصيحة للباحث، هي أن يستغنى عن كل بطاقة ضعيفة، أو بعيدة عن موضوعه، وأن يكتفي بما لا مفر من الاعتماد عليه من البطاقات. فالباحث العلمي لا يجمع جمعًا لمًّا، ولا يسير كحاطب ليل، وإنما يستعين بالفهم والوعي ومخيلته العلمية؛ لإدراك حدود بحثه، وعدم تحميله بالزبد والغثاء، لأن الغثاء والزبد يذهب جفاء. وأما ما ينفع الناس، فيمكث في الأرض.

رابعًا- صياغة أفكار البحث صياغة علمية:
صياغة البحث العلمي يشبه عمل البناء، الذي يضع لبنة بجوار الأخرى، وثالثة فوقهما، ويضع بينهما "الملاط العلمي"- إن صحَّ التعبير... وهكذا، حتى ينمو البناء ويكتمل.
وللكتابة العلمية أسسها، التي يجب على الباحث مراعاتها. ومنها:
1. أن يتحلى الباحث بالحيدة والموضوعية والنزاهة فيما يأتي من أخبار، وما يصدر من أحكام، فلا يصح تكلف، ولا تعنت، ولا انفعال، ولا افتعال. ولابد أن يجرد نفسه من كل هوى شخصي، ولا ينطلق من أفكار مسبقة. ولا يصرُّ على مواقف دون دليل. بل هو كالقاضي، يستمع إلى أقوال الخصوم، وشهادة الشهود، وينقح ما يرده من ذلك، ويمحصه حتى يخرج بالحقيقة المجردة.
2. كل قول يورده الباحث في بحثه، فهو مسئول عنه، وما لم يدفع أدلته، فهو موافق عليها، فهو يحاسب على سكوته، ويحاسب على كلامه، فإذا أورد قولا لا يوافقه، يجب عليه بيان ذلك، ودفعه بأدلته الخاصة دفعًا علميًّا، وأن يكون مستعدًا للمناقشة في هذه الأدلة التي يوردها، والدفاع عنها.
3. الصياغة العلمية للبحث تختلف عن كتابة المقال الأدبي، والخاطرة، والشعر، والقصة. فهي مناقشة علمية لأقوال مختلفة، وآراء متضادة في قضية ما، للوقوف على وجه الحقيقة فيها، فلا مكان فيها لحشو الكلام، والزيادة والتكرار. بل يجب الاختصار، وإيجاز الأقوال بأدلتها. وتوثيق هذه الأقوال في نسبتها إلى أصحابها، وتمحيص الأدلة لبيان صحتها من ضعفها.
4. الكتابة العلمية هي كتابة تقف عند مصطلحات العلم الذي يُكتب فيه البحث، ولا تشوه هذه المصطلحات، ويجب على كل باحث أن يدرس المصطلحات الأساسية للعلم الذي يكتب فيه، حتى لا يبعد عما اصطلح عليه أهل هذا العلم، ولا يكون كلامه غامضًا، ينتج عنه سوء الفهم.
5. من الأفضل للباحث أن يبتعد عن عبارات القطع والجزم والقسم، فإن الجزم قد يوقعه في الخطأ، حين يكون هناك ما يخالف قوله، دون أن يقف عليه. والباحث يتسلح دائمًا بالشك العلمي، ويفترض أن يكون هناك ما لم يصل إليه علمه. فإذا عبر عن رأي، أو رجح قولا، استخدم عبارات الرجحان، وقد تردد كبار العلماء في مسائل، وتوقفوا عن الحكم فيها، أو رجحوا قولا دون قطع.
وأما القسَم، فإنه مدعاة للشك فيما يقسم عليه، فإن الإنسان يلجأ إلى القسم، حين لا يكون هناك حجة يبديها، تقنع بما يقول. وإن البحث العلمي لا يعرف إلا الدليل والحجة والبرهان.
6. تحري الدقة والأمانة فيما يكتب وما ينقل. والدقة والأمانة تظهر في تمييز الأقوال، ودقة نسبتها إلى أصحابها، وعدم الخلط في الأدلة، وصحة الاستنباط، والتفريق بين كلام الباحث وغيره. وألا تتداخل الأفكار، ولا تتكرر العبارات.
والدقة تكون في اللغة، فإن الباحث يستخدم اللغة المعجمية والاصطلاحية، ويتحرز من العامي والدارج.
والدقة تكون في الأفكار، والتعبير عنها، وصياغتها صياغة واضحة منظمة.
والدقة تكون في الاستنباط، وإصدار الأحكام، فلا يقع الباحث في سوء الفهم، ولا الخطأ في الحكم.



أفكار للكتابة (صياغة الأفكار)



1) يجب على الباحث تنظيم أفكار البحث والعناية بها، صغيرها وكبيرها، لتصل بالقارئ إلى فهم المعنى الإجمالي فهمًا واضحًا صحيحًا. وأصغر وحدة في البحث الجملة، يتلوها الفقرة، ثم الفكرة العامة، وقد تكون فرعًا، أو مبحثًا. وتندرج تحتها أفكار جزئية.
2) يفضل تمييز هذه الأفكار الجزئية، كل منها بعنوان جانبي، أو تمييزها بأرقام، يسهل عرضها، وييسر استيعابها.
3) لا داعي لتكرار الألفاظ، ولا العبارات، ولا الأفكار، فإن التكرار ممل، ومضيعة للجهد، ومخالف لإحكام البحث العلمي. فإن احتاج الباحث إلى إعادة ما قال للاستشهاد به، يكفيه أن يحيل إلى موضعه، دون تكراره.
4) التمييز بين ما يكون في صلب البحث، وما يكون في الهامش. والتمييز بين ما يجزم به، وما يرجح، وما يشك فيه، وما يُردّ. وكذلك التفرقة بين الحقائق، والاحتمالات، والنظريات.
5) الاستخدام الصحيح لعلامات الترقيم، لتحقيق الفهم الصحيح للكلام.
6) التقارب في الحجم بين الأبواب، وكذلك بين الفصول، وبين الفقرات. فإن كان هناك فصل صغير جدًا، أضيف إلى الأقرب لموضوعه.
 
التعديل الأخير:

طالبة علم

:: متخصص ::
إنضم
26 ديسمبر 2007
المشاركات
68
التخصص
فقه
المدينة
مدينة الورد
المذهب الفقهي
الحنبلي
جزاكم الله خيرا

س/ قد تكثر الردود على بعض الأقوال، فهل من الأمانة العلمية نقل كل الإيرادات عليها، أم يكتفى بأقواها؟ وما الضابط هنا؟

ثم بدا لي هذا السؤال:
س/ ما الأنسب في عرض المسألة الفقهية، عرض أدلة كل قول والرد عليها أم إفراد الردود بعد عرض الأقوال والأدلة؟ أم أن الأمر يرجع إلى عرف البيئة الأكاديمية فما كان سائرا فيها يُعمل به؟
( مع العلم بأن العرف في البيئة الأكاديمية ليس منضبط بل هو متروك للمشرف، وهذا ليس في هذه النقطة فقط بل في كثير من الأمور المتعلقة بالمنهجية البحثية)

ولكن سرعان ما أجبتُ عليه بــــ :

أظن أنه لا مشاحة ولا إشكال في هذا لأنه ـ كما أظن ـ خلاف شكلي لا يؤاخذ عليه الباحث

فهل ردي على هذا الإشكال يدفعه؟

شكر الله لكم.
 

السعيدة بالله

:: متابع ::
إنضم
2 نوفمبر 2008
المشاركات
31
التخصص
فقه
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
مقارن
جزاكم الله خيرا لطالما انتظرنا مثل هذا الموضوع لاننا نعاني من موضوع الكتابة والصياغة
 

أم عبد الله

:: متابع ::
إنضم
3 مايو 2009
المشاركات
43
التخصص
لغة
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
ـــــــــ
هل بدأ التطبيق لهذه الدورة أم أن الدورة نظرية؟
ولكم كل الشكر
 
إنضم
17 أبريل 2010
المشاركات
3
التخصص
دراسات اسلامية
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
شافعي
بارك الله لنا فيكم

وجزاكم الله خيرا علي هذا الجهد الطيب

جعله الله في ميزان حسناتكم
 
أعلى