العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

مباحثــــات في الاستقــــراء

إنضم
4 فبراير 2010
المشاركات
785
التخصص
شريعة
المدينة
------
المذهب الفقهي
اهل الحديث
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى اله وصحبه ومن اهتدى بهداه، وبعد:
هذه المشاركة كما يتضح من العنوان مخصصة لموضوع الاستقراء.
وهي عبارة عن منقاشات ومباحثات ونظرات في الاستقراء مع المشايخ الفضلاء اعضاء ملتقى المذاهب الفقهية الكرام.
والله اسال ان ينفعنا بما علمنا وان يعلمنا ما ينفعنا.
===
الاستقراء نوعان:
تام، وناقص.
التام: هو تصفح جميع الجزئيات....الخ
س:
هل من الممكن ان يقوم عالم من العلماء بهكذا عملية بحيث يتصفح جميع الجزئيات؟
هل تحقق ذلك في الواقع ؟
هل للاستقراء التام وجود ؟
 
إنضم
4 فبراير 2010
المشاركات
785
التخصص
شريعة
المدينة
------
المذهب الفقهي
اهل الحديث
والعالم لو اراد تصفح الاحاديث النبوية لاحتاج الى ما لايقل عن ستة اشهر ان لم يكن اكثر
وكل عملية استقراء تحتاج الى هذا الوقت
ولو عددنا دعاوى الاستقراء التي ذكرها الامام الشاطبي رحمه الله لراينا انها تحتاج الى عمر طويل !!
فكيف وهو لم ينقل عن مسند الامام احمد !
 
إنضم
4 فبراير 2010
المشاركات
785
التخصص
شريعة
المدينة
------
المذهب الفقهي
اهل الحديث
وليس الاستقراء ان يجلس العالم مع نفسه ساعة او ساعتين متاملا في بعض الادلة ثم يخرج علينا قائلا:
تتبعت اكثر موارد الشريعة ومصادرها فتوصلت الى القطع في هذه المسالة...
فلسنا بالشيعة الذين يصدقون بما في السرداب !
 
إنضم
4 فبراير 2010
المشاركات
785
التخصص
شريعة
المدينة
------
المذهب الفقهي
اهل الحديث
القطع الناتج عن الاستقراء مقصور على صاحبه:
العالم الذي يقوم بعملية الاستقراء ثم يتوصل الى القطع ، فوصوله الى القطع ناتج عن نظره هو في الجزئيات حتى ارتفع ادراكه من الشك الى الظن الى الظن الراجح الى القطع، فالقطع حاصل عنده بسبب نظره هو.
اما من جاء بعده ويقرا في الكتب المسطورة ان العالم الفلاني قام بالاستقراء في هذه المسالة وتوصل الى القطع، فهل يحق لهذا القارئ ان يدعي القطع في هذه المسالة وهو لم يقم بعملية الاستقراء ؟
الجواب: بالتاكيد لايجوز له ذلك فهو لم ينظر الى الادلة لكي يحصل له القطع، لان القطع ناتج عن النظر والتصفح والتتبع، وهو لم يقم بهذه العملية بل وجدها مكتوبة فقط.
وهذا مثل شخص يذوق طعم العسل ، فجاء شخص اخر وقرأ ان فلانا ذاق العسل فلا يحق للقارئ ان يقول انا ذقت العسل!
وكذا امور الادراك فهل مثل امور الاحساس.
وعليه: فالقطع الحاصل من عمليات الاستقراء مقصور على العلماء الذين قاموا بالاستقراء، ولان طرق الكتب التي نقلت لنا ذلك مردا الى خبر الاحاد، فكيف تكون الاستقراءات المنقولة لدينا بطرق الاحاد تفيد القطع؟
هذا على قول من يقول ان الاحاد لايفيد القطع وهو عمدة المقاصديين في انطلاقهم للبرهنة على قطعية المقاصد.
فاذا جاءني اليوم باحث وقال لي:
هذه المسالة قطعية.
فقلت له: ما الدليل؟
قال: ثبتت بالاستقراء.
قلت له: قام به العالم الفلاني ام انت قمت بالاستقراء؟
قال: بل قام به العالم الفلاني.
قلت: هو توصل الى القطع نتيجة نظره فما علاقتك انت بالامر؟
قال: نقل الينا ذلك الاستقراء.
قلت: بطريق الاحاد ام التواتر.
قال: بطريق الاحاد.
قلت: رجعت الى الظن. ولايستطيع ان يقول عن طريق التواتر فلم ينقل الينا الموافقات بالتواتر بل بالاحاد وان كنا نقطع بانه للشاطبي لكن لانستطيع القطع بان كل صفحة منه للشاطبي فضلا عن دعاوى الاستقراء فضلا عن مواطن ادعاء القطع والظن فيه فكل هذه الامور اخبار احاد فلا مفر من الظن في طريق الاستقراء الواصل الينا.
اذن: من اراد ان يحتج على قطعية شيء بالاستقراء فعليه ان يقوم هو بعملية الاستقراء بنفسه لا ان ينقل عن غيره انه توصل للقطع فالمسالة قطعية.
 
إنضم
2 يوليو 2008
المشاركات
2,237
الكنية
أبو حازم الكاتب
التخصص
أصول فقه
المدينة
القصيم
المذهب الفقهي
حنبلي
هل قال عالم قبل الشاطبي ان الاستقراء الاغلبي يفيد القطع ؟
ان قلت ابن تيمية او القرافي ففي اي موضع ؟
الشيخ الكريم ابو عبد الله وفقه الله
أولاً : أحب التنبيه على أمور :
الأول :
أن المراد بالقطع هنا القطع العادي كما يقول الشاطبي وليس القطع المنطقي .
الثاني :
العلماء كثيرا ما يستعملون ألفاظا مرادفة لمعنى الاستقراء كعادة الشرع أو عادة الشارع أو عهدنا الشارع أو شأن الشارع وشأن الشريعة أو الموارد والمصادر أو التتبع ونحو ذلك .
الثالث :
الاستقراء التام ليس مستحيلاً بل هو واقع وإن كان قليلاً فاستقراء نصوص القرآن ممكن لأن نصوص القرآن محصورة ومحدودة ومعلومة ولا يمتنع عقلا استقراء نصوص السنة للعلماء الكبار وقد حفظ أحمد ألف الف حديث وكتب ابن معين بيده ألف الف حديث وكثيرا ما ينص أمثال هؤلاء الكبار بقولهم : لم يصح في الباب شيء .
الرابع :
الاستقراء مراتب بحسب ما يستند إليه فقد يكون من قبيل المتلازمات القطعية أي امتناع الانفكاك بينها وهنا يكون الاستقراء قطعياً والتلازم قد يكون عقلياً وقد يكون شرعيا وقد يكون عادياً ثم يليه في القوة العلية ثم الطرد ثم التماثل .
الخامس :
ينبغي أن يعلم أن القطع في الاستقراء لا ينحصر في كثرة الجزئيات وإنما يحصل أيضاً بقوة الجزئيات من حيث اليقين والظن .
يقول ابن تيمية : " إفادة الدليل لليقين أو الظن ليس لكونه على صورة احدهما دون الآخر بل باعتبار تضمن احدهما لما يفيد اليقين فان كان احدهما اشتمل على أمر مستلزم للحكم يقينا حصل به اليقين وان لم يشتمل الا على ما يفيد الحكم ظنا لم يفد إلا الظن " الرد على المنطقيين ( ص 211 )


والآن هذه بعض النصوص التي تفيد أن الاستقراء المحتج في علوم الشريعة يفيد القطع وأنه هو الاستقراء الأغلبي :
1 - يقول الأبياري :
" مسائل الأصول قطعية ، ولا يكفي فيها الظن ، ومدركها قطعي ، ولكنه ليس المسطور في الكتب ، بل معنى قول العلماء إنها قطعية أن من كثر استقراؤه واطلاعه على أقضية الصحابة ومناظراتهم وفتاويهم ، وموارد النصوص الشرعية ومصادرها حصل له القطع بقواعد الأصول ومن قصر عن ذلك لا يحصل له إلا الظن " ينظر نفائس الأصول ( 2 / 143 )
2 – يقول القرافي :
" القطع لا يحصل بمجرد الاستدلال ببعض الظواهر بل بكثرة الاستقراء لموارد الأدلة ومن كثرت مطالعته لأقضية الصحابة رضوان الله عليهم واستقراؤه لنصوص الكتاب والسنة حصل له القطع " نفائس الأصول ( 1 / 147 ) .
ويقول : " من أراد القطع بقواعد أصول الفقه من الإجماع والقياس وغيرهما فليتوجه إلى الاستقراء التام في أقضية الصحابة ومناظراتهم وأجوبتهم وفتاويهم ، ويكثر من الاطلاع على نصوص الكتاب والسنة فيحصل له من جميع ذلك ومن القرائن الحالية والسياقات اللفظية القطع بهذه القواعد ، والغفلة عن هذا المدرك هو الموجب لقول من قال : الإجماع ظني لأنه لم يطلع إلا على نصوص يسيرة في بعض الكتب فهو كمن لم ير لحاتم غير حكايات يسيرة في بعض الكتب فلا يجد في نفسه غير الظن فيقول : سخاء حاتم مظنون مع أنه في نفس الأمر مقطوع به عند غيره ممن كمل استقراؤه " نفائس الأصول ( 1 / 147 – 148 )
ويقول عن مسلك المناسبة : " واستقراء أحوال الفقهاء في مسلك النظر وتحرير الفروع يقتضي الجزم بذلك أيضا " الفروق ( 3 / 22 )
3 – ويقول ابن تيمية :
" قياس التمثيل وقياس الشمول متلازمان وأن ما حصل بأحدهما من علم أو ظن حصل بالآخر مثله إذا كانت المادة واحدة والاعتبار بمادة العلم لا بصورة القضية بل إذا كانت المادة يقينية سواء كانت صورتها في صورة قياس التمثيل أو صورة قياس الشمول فهي واحدة وسواء كانت صورة القياس اقترانيا اواستثنائيا بعبارتهم أو بأي عبارة شئت لا سيما في العبارات التي هي خير من عباراتهم وأبين في العقل وأوجز في اللفظ والمعنى واحد " الرد على المنطقيين ( ص 200 )

ويقول بعد أن تكلم عن التحليل : " وهذا يوجب اليقين التام بعد استقراء الآثار وتأملها " الفتاوى الكبرى ( 6 / 239 )
وابن تيمية يكرر كثيرا أن حصول اليقين والقطع يعتمد على ما تضمنه الدليل من جزئيات فإن كانت يقينية أفادت اليقين .
واعتماد ابن تيمية على الاستقراء للتقعيد كثير وينظر : مقاصد الشريعة عند ابن تيمية مبحث الاستقراء ( ص 205 – 213 ) وكذلك موقف ابن تيمية من الاستقراء في كتاب الاستقراء واثره في القواعد الأصولية والفقهية للطيب السنوسي ( ص 377 – 392 )
4 - ويقول العز بن عبد السلام :
" وقد علمنا من موارد الشرع ومصادره أن مطلوب الشرع إنما هو مصالح العباد في دينهم ودنياهم " قواعد الأحكام ( 1 / 32 )
ويقول : " ومن تتبع مقاصد الشرع في جلب المصالح ودرء المفاسد، حصل له من مجموع ذلك اعتقاد أو عرفان بأن هذه المصلحة لا يجوز إهمالها، وأن هذه المفسدة لا يجوز قربانها، وإن لم يكن فيها إجماع ولا نص ولا قياس خاص، فإن فهم نفس الشرع يوجب ذلك " قواعد الأحكام ( 2 / 160 )
5 - يقول ابن رشد :
" الكثير من المعاني الكلية الموضوعة في هذه الصناعة – أي أصول الفقه – إنما صحت بالاستقراء من فتاويهم مسألة مسألة " الضروري في أصول الفقه ( ص 35 )
 
التعديل الأخير:
إنضم
2 يوليو 2008
المشاركات
2,237
الكنية
أبو حازم الكاتب
التخصص
أصول فقه
المدينة
القصيم
المذهب الفقهي
حنبلي
حسناً أنا عندي أسئلة وهي :
1 - من أين لك أن أركان الإيمان ست وأركان الإسلام خمس يحتمل وجود نصوص تزيد أركاناً اخرى ؟
2 - من اين لك أن اقسام التوحيد ثلاثة يحتمل وجود قسم رابع وخامس في نصوص لم يطلع عليها العلماء إلى الآن ؟
3 - شروط الصلاة وفروض الوضوء يحتمل أن هناك عليها زيادة لم تصلنا بعد ؟
4 - مقادير الزكاة والأموال التي تجب فيها الزكاة يحتمل أن هناك أموالاً أخرى تجب فيها الزكاة في أحاديث أخرى ؟
5 - مفطرات الصوم يجوز ان يكون هناك مفطرات لم نطلع عليها وردت في بعض الأحاديث ؟
6 - أركان الحج وواجباته ربما هناك زيادة فيها لم يطلع عليها العلماء ؟
7 - الكفارات كذلك مقاديرها وأوقاتها .
.............الخ

وأيضا على مبدأ التشكيك بكتاب الموافقات صحيح البخاري يحتمل أنه ليس كله للبخاري وربما زاد بعضهم فيه بعض الأحاديث لاسيما وأن صحيح البخاري لم يتصل سماعه إلا من طريق محمد بن يوسف الفربري تلميذ البخاري فهو من طريق آحاد .
وكذلك كتب الأئمة الأربعة وكتب ابن حزم وابن عبد البر وتفسير ابن جرير وبقية الكتب الستة وكتب ابن تيمية وابن القيم وابن كثير .........الخ
 
التعديل الأخير:
إنضم
4 فبراير 2010
المشاركات
785
التخصص
شريعة
المدينة
------
المذهب الفقهي
اهل الحديث
الادلة نوعان: ادلة عقلية، وادلة نقلية.
هل الاستقراء من الادلة النقلية او الادلة العقلية ؟
 
إنضم
2 يوليو 2008
المشاركات
2,237
الكنية
أبو حازم الكاتب
التخصص
أصول فقه
المدينة
القصيم
المذهب الفقهي
حنبلي
الادلة نوعان: ادلة عقلية، وادلة نقلية.
هل الاستقراء من الادلة النقلية او الادلة العقلية ؟

الاستقراء الذي هو دليل من ادلة الشرع دليل عقلي نقلي لأن أدلة الشرع العقلية لا تستقل بالاستدلال بل هي مركبة من العقل والنقل أو معينة في طريقها أو محققة لمناطها فالاستقراء هو تتبع الجزئيات وهذه الجزئيات نصوص إما لفظاً أو معنى .
 

د. سعيد بن متعب القحطاني

أستاذ أصول الفقه بجامعة الملك خالد
إنضم
7 يوليو 2008
المشاركات
32
التخصص
أصول الفقه
المدينة
أبها
المذهب الفقهي
الحنبلي
لعلي اسمح لنفسي بالتداخل مع الأستاذين الفاضلين أبي حازم وأبي عبدالله من خلال المسائل التالية :
الأولى : أن الاستقراء اصطلاح كسائر اصطلاحات الناس وقد تواضع أهل علوم الشرع على إطلاقه بإزاء عملية استطلاعية على ما أمكن الاطلاع عليه من المسائل المستقرأة التي تورث عند القائم بها اطمئناناً لنتيجة معينة لم يحددها سلفاً وإنما برزت نتيجة تكاثر الأفراد أو الأجزاء التي تشكل الكل ، أو توافر الجزئيات التي يحصل بمجموعها كلي محكوم فيه على جميع أفراده ، وأنا هنا لا استبعد أن تكون النتيجة قد تشكلت مسبقاً في نفس المستقرئ نتيجة عوامل مختلفة منها الموروث الثقافي والمحددات المجتمعية والقدرة العقلية ، والتحصيل العلمي وغير ذلك ، ومن هنا فلا يحق لنا أن نحاكم أهل هذه العلوم إلى غير ما تواضعوا عليه ؛ فإذا اعتبروا الاستقراء التام المفضي للقطع هو تصفح أغلب الجزئيات - أو الأجزاء - فلا تثريب عليهم ولكن على من نازعهم في أمر سائغ لهم شهد له الواقع عبر القرون فصار واقعاً لا يمكن رفعه0
الثانية : أن الاستقراء التام ليس بعسر الحصول كما فهمت من بعض ما كتبه أخي أبو عبدالله بل هو مثل السبر والتقسيم يمكن أن يكون حاصراً ويمكن أن يكون منتشراً بحسب الطريق المستعمل له ؛ فإذا رددنا أقسامه - أنواعه ، أو أجزاءه أو جزئياته 000- عن طريق التقسيم العقلي المسمى نمط التعاند حصل لنا الحصر العقلي للجزئيات ، ومن ثم فإن من نازع في الحصر يلزمه النقض وإيراد قسم مخل بالقسمة والحصر ، وهذا يكفي الناظر في مقام النظر ويلزم المخالف إثبات الخلل في الحصر ؛
مثال توضيح :
قول المستدل : إننا قسمنا الفقه المتعلق بأفعال المكلفين فوجدناه : أربعة أقسام : عبادات ومعاملات وأحوال شخصية وعقوبات ، ووجه القسمة - بنمط التعاند - أن يقال : إن مسائل التكليف المتعلقة بالعبد لا تخلو : إما أن يحكمها علاقة خاصة بين العبد وربه ، أو علاقة بين العبد وصنوه ، فالأول هو العبادات ، والثاني لا يخلو إما أن تكون العلاقة يحكمها العوض المالي أو لا ، فإن كان الأول فهو المعاملات ، وإن كان الثاني ؛ فلا يخلو إما أن تكون تلك العلاقة أساسها الموادة وما يؤدي إليها ، أو المشاحنة ، فالأول : الأحوال الشخصية والثاني العقوبات ، وهذا لمجرد التمثيل وليس الحصر والوصول للنتيجة ، فإذا خالف أحدهم في القسمة لزمه إبداء القسم الذي يراه ولم يذكره المستدل ؛ فإن وجد المستدل سبيلاً لإبطال ذلك القسم فعل وإلا سلم وحصل الحصر بذلك القسم0
هذا ما يتعلق بالاستقراء الحاصر التام ويمكن أنت يضاف له الحصر عن طريق الإجماع لمن يراه دليلاً يحصل به الحصر التام ومثله خبر الواحد وقول الصحابي- لمن يرى حجيته- ، فإذا ورد خبر واحد يحصر الأقسام مثل : حق المسلم على المسلم ست 000 وبني الإسلام على خمس 000 ، وثلاث من كن فيه 000 ، وهكذا ، عملنا بالحصر الوارد فيه ، ولو ورد في حديث آخر قسم جديد أضيف لذلك التقسيم ويبين وجه الإخلال بالحصر في كل من الخبرين ، ومن نازع في الحصر لزمه إثبات ما ادعاه0
الثالثة : أن الإجماع القطعي مبني على الاستقراء التام ؛ فمن نازع في الاستقراء التام نازع في انعقاد الإجماع 000
الرابعة : أن ادعاء عدم تناهي جزئيات الاستقراء محل نظر ؛ بل ذلك يسير ، وذلك لأن القائم بالاستقراء ينظر للقدر المشترك-العلة- بين الجزئيات ولا يقصد لحصر الأفراد ، والقدر المشترك يمكن أن يتوفر بعد عدد يختلف من قضية لأخرى من قضايا الشرع باعتبار أهميتها ؛ فمثلاً : دعوى أن حفظ النفس مقصد شرعي يمكن أن نعرفها من خلال أمثلة قليلة من النصوص والأقضية ونصل لنتيجة حاسمة ، ولا يلزم تتبع جميع الجزئيات في هذه المسألة ، بينما ضبط الغرر والضرر والفاحش والقليل والنادر والشاذ ونحو ذلك يحتاج ذلك كله لماصدقات كثيرة حتى يحصل الاطمئنان0
الخامسة : أنه يمكن حصول الاستقراء في مسائل الشرع بيسر أكثر من غيرها وذلك عن طريق استقراء القواعد العامة للشرع والمقاصد والغايات ليعرف من خلالها الاتجاه العام للشارع ؛ فنعرف أن كل ما شرع للتعبد أو غلبت عليه شائبته افتقر للنية وكل ما كان للمعقولية أو غلبت عليها شائبتها لم يفتقر للنية ، ونعرف أن الأصل في المعاملات الحل والأبضاع التحريم ونحوه وكل ذلك من قواعد الشرع ومقاصده ولكن يرد على ذلك كيفية معرفة تلك القواعد وأثر الاستقراء في تكوينها ، فنقول إن النصوص الجزئية تساعد على ضبط قواعد ومقاصد وغايات الشرع العامة ، أو لنقل تسامحاً : مسارات الشريعة واتجاهاتها وروحها وخطوطها العامة0
السادسة : - وهي كالذيل على ما سبق - أن الاستقراء مفيد في الشأن الإنساني والدراسات التجريبية وقد ترتبت عليها نتائج عمل بها الناس وبنوا عليها أمور حياتهم كالانتخابات واستطلاعات وقياس الرأي العام وما تؤدي إليه من نتائج والنتائج المخبرية التي توفرت نتيجة التجربة مرة بعد أخرى ، وقد اعتبر كل ذلك بمنزلة القاطع ولمس أثره ونفعه ؛ فاعتباره في الشرع وخاصة مجاري العادات التي عول عليها الشرع وحكَّمها جدير بالتأمل0
والله أعلم ونسأله العفو عن تقصير أو خطأ لم أقصده0
 
إنضم
2 يوليو 2008
المشاركات
2,237
الكنية
أبو حازم الكاتب
التخصص
أصول فقه
المدينة
القصيم
المذهب الفقهي
حنبلي
الشيخ الدكتور سعيد
بارك الله فيكم كلام دقيق ومفيد ومتين

اذن صارت القسمة ثلاثية:
ادلة نقلية
ادلة عقلية
ادلة نقلية عقلية
هلاّ ذكرت من قال بذلك من اهل العلم ؟

الدليل العقلي المحتج به شرعاً لإثبات الأحكام لا يكون دليلا عقلياً صرفاً لأن العقل وحده لا يثبت به الشرع وهذه نصوص العلماء في بيان ذلك :

1 - قال الجويني : " ثم أعلم أن الدلالة تنقسم إلى عقلي وسمعي . فاما العقلي فينقسم إلى ما يقتضي القطع وإلى ما لا يقتضيه .... وكذلك السمعي ينقسم إلى ما يقتضي القطع وهو يتضمن العلم ، وإلى ما لا يقتضيه كأخبار الآحاد والمقاييس السمعية " التلخيص ( 1 / 132 - 133 )
2 - قال أبو حامد الغزالي : " أما العلوم الدينية فهي المأخوذة بطريق التقليد من الأنبياء صلوات الله عليهم وسلامه وذلك يحصل بالتعلم لكتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه و سلم وفهم معانيهما بعد السماع وبه كمال صفة القلب وسلامته عن الأدواء والأمراض فالعلوم العقلية غير كافية في سلامة القلب وإن كان محتاجا إليها كما أن العقل غير كاف في استدامة صحة أسباب البدن بل يحتاج إلى معرفة خواص الأدوية والعقاقير بطريق التعلم من الأطباء إذ مجرد العقل لا يهتدي إليه ولكن لا يمكن فهمه بعد سماعه إلا بالعقل فلا غنى بالعقل عن السماع ولا غنى بالسماع عن العقل فالداعي إلى محض التقليد مع عزل العقل بالكلية جاهل والمكتفي بمجرد العقل عن أنوار القرآن والسنة مغرور " ( 3 / 17 )

3 - وقال الآمدي : " نقول كما بينا في القاعدة الأولى حد الدليل وانقسامه إلى عقلي وشرعي
وليس من غرضنا ها هنا تعريف الدليل العقلي بل الشرعي .
والمسمى بالدليل الشرعي منقسم إلى ما هو صحيح في نفسه ويجب العمل به وإلى ما ظن أنه دليل صحيح وليس هو كذلك
أما القسم الأول فهو خمسة أنواع :
وذلك أنه إما أن يكون واردا من جهة الرسول أو لا من جهته فإن كان الأول فلا يخلو إما أن يكون من قبيل ما يتلى أو لا من قبيل ما يتلى
فإن كان من قبيل ما يتلى فهو الكتاب
وإن كان من قبيل ما لا يتلى فهو السنة
وإن لم يكن واردا من جهة الرسول فلا يخلو إما أن يشترط فيه عصمة من صدر عنه أو لا يشترط ذلك فإن كان الأول فهو الإجماع وإن كان الثاني فلا يخلو إما أن تكون صورته بحمل معلوم على معلوم في حكم بناء على جامع أو لا يكون كذلك فإن كان الأول فهو القياس وإن كان الثاني فهو الاستدلال " الإحكام في أصول الأحكام ( 1 / 206 - 207 )


وقال أيضاً : " والطرق الظنية منقسمة إلى شرعية وعقلية وليس من غرضنا بيان العقلية بل الشرعية
وهي إما أن تكون موصلة إلى الظن بأمر مفرد وهي الحدود أو الظن بأمر مركب وهي الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة والإجماع والقياس والاستدلال " الإحكام في اصول الأحكام ( 4 / 249 ) .

4 - وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : " ليست العلوم النبوية مقصورة على مجرد الخبر كما يظن ذلك من يظنه من أهل الكلام ويجعلون ما يعلم بالعقل قسيما للعلوم النبوية بل الرسل صلوات الله عليهم بينت العلوم العقلية التي بها يتم دين الناس علما وعملا وضربت الأمثال .." الرد على المنطقيين ( ص 382 )
وقال أيضاً : " فالآيات التي يريها الناس حتى يعلموا أن القرآن حق هي آيات عقلية يستدل بها العقل على أن القرآن حق وهي شرعية دل الشرع عليها وأمر بها والقرآن مملوء من ذكر الآيات العقلية التي يستدل بها العقل وهي شرعية لان الشرع دل عليها وأرشد اليها ولكن كثيرا من الناس لا يسمي دليلا شرعيا إلا ما دل بمجرد خبر الرسول وهو اصطلاح قاصر ولهذا يجعلون أصول الفقه هو لبيان الأدلة الشرعية الكتاب والسنة والاجماع والكتاب يريدون به أن يعلم مراد الرسول فقط والمقصود من أصول الفقه هو معرفة الأحكام الشرعية العملية فيجعلون الادلة الشرعية ما دلت على الاحكام العملية فقط ويخرجون ما دل باخبار الرسول عن أن يكون شرعيا فضلا عما دل بارشاده وتعليمه ولكن قد يسمون هذا دليلا سمعيا ولا يسمونه شرعيا وهو اصطلاح قاصر والأحكام العملية أكثر الناس يقولون إنها تعلم بالعقل أيضا وأن العقل قد يعرف الحسن والقبح فتكون الادلة العقلية دالة على الأحكام العملية أيضا ويجوز أن تسمى شرعية لأن الشرع قررها أو وافقها أو دل عليها وأرشد اليها كما قيل مثل ذلك في المطالب الخبرية كاثبات الرب ووحدانيته وصدق رسله وقدرته على المعاد ان الشرع دل عليها وأرشد اليها ..." النبوات ( ص 52 - 53 )

5 - وقال الشاطبي : " الأدلة العقلية إذا استعملت في هذا العلم فإنما تستعمل مركبة على الأدلة السمعية أو مُعِينة في طريقها أو محققة لمناطها أو ما أشبه ذلك، لا مستقلة بالدلالة ؛ لأن النظر فيها نظر في أمر شرعي، والعقل ليس بشارع " الموافقات ( 1 / 27 ) .

ما هو الدليل العقلي الصرف ؟
عرف الدليل العقلي بأنه : " ما دل على المطلوب به بوصف هو في نفسه عليه من غير مفتقر إلى واضع واصطلاح " التلخيص للجويني ( 1 / 120 ) البحر المحيط ( 1 / 36 )
وقيل : " هو الذي يستخرجه العقل بواسطة النظر في المقدمات العقلية " حاشية العطار على جمع الجوامع ( 1 / 33 )
 
التعديل الأخير:
إنضم
4 فبراير 2010
المشاركات
785
التخصص
شريعة
المدينة
------
المذهب الفقهي
اهل الحديث
معلوم، فان قسمة الادلة الى ادلة شرعية وادلة عقلية لايستقيم
لان الدليل العقلي اذا كان صوابا ينظر من وراء الشرع فهو شرعي ايضا
هذا معلوم
لم اسال عن هذا
بل سالت عن الادلة النفلية والادلة العقلية
وكلام العلماء اعلاه ليس له علاقة بهذا
فاعيد السؤال بصيغة اخرى لتفهم المقصود اكثر:
هل الاستقراء من الادلة العقلية الشرعية
او من الادلة النقلية الشرعية ؟
 
إنضم
4 فبراير 2010
المشاركات
785
التخصص
شريعة
المدينة
------
المذهب الفقهي
اهل الحديث
مع التنبيه الى ان سؤالي السابق كان في محله
فقلت : الادلة النقلية
او الادلة العقلية
ولم اذكر الادلة الشرعية ولم اقابل الشرعية بالعقلية بل قابلت العقلية بالنقلية وهذا لاينفي صفة الشرعية عنهما معا
فالسؤال دقيق
والاجابة اعلاه كانت عن سؤال اخر هو:
هل الاستقراء من الادلة العقلية او الشرعية
وانا لم اسال هذا السؤال.
 
إنضم
2 يوليو 2008
المشاركات
2,237
الكنية
أبو حازم الكاتب
التخصص
أصول فقه
المدينة
القصيم
المذهب الفقهي
حنبلي
يبدو أنك لا تقرأ وتتأمل جيدا ولذا لا حاجة إلى أن أجهد نفسي في مثل هذا الحوار الذي لا يفيد فمن الصعب ان تناقش شخصا متمسكاً بفكرة ومقتنعاً بها ويؤول ويلوي كل دليل ونقل ليتوافق مع مراده فرق بين من يعتمد على نصوص وكلام أهل العلم ونقول وبين من يتكيء ويأتي بكلام من فكره .
 
إنضم
16 أغسطس 2011
المشاركات
25
الكنية
أبو علاء
التخصص
الفقه والاصول
المدينة
مصر
المذهب الفقهي
مذهب السلف
رد: مباحثــــات في الاستقــــراء

لابد من نقطة التقاء في الحوار ولا حاجة للخلاف فكل يطرح وجهة نظره وتصوره وادلته
ولا شك ان النوايا طيبة في الحوار
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى
 
أعلى