رد: س: مَنْ مِنَ الأئمة -رحمة الله عليه- كان يرى أن صلاة التراويح في البيت أفضل من أدائها جماعة في المسجد؟
قال ابن عبدالبر في الاستذكار 2/70
واختلفوا في الأفضل من القيام مع الناس والانفراد في شهر رمضان فقال مالك والشافعي صلاة المنفرد في بيته في رمضان أفضل , قال مالك وكان ربيعة وغير واحد من علمائنا ينصرفون ولا يقومون مع الناس , قال مالك وأنا أفعل ذلك وما قام رسول الله صلى الله عليه و سلم إلا في بيته , واحتج الشافعي بحديث زيد بن ثابت أن النبي عليه السلام قال في قيام رمضان أيها الناس صلوا في بيوتكم فإن أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة , قال الشافعي ولا سيما مع رسول الله صلى الله عليه و سلم في مسجده على ما في ذلك من الفضل , وقد ذكرنا حديث زيد بن ثابت بإسناده هذا في التمهيد , وروينا عن بن عمر وسالم والقاسم وإبراهيم ونافع أنهم كانوا ينصرفون ولا يقومون مع الناس , وجاء عن عمر وعلي أنهما كانا يأمران من يقوم للناس في المسجد ولم يجئ عنهما أنهما كانا يقومان معهم , وأما الليث بن سعد فقال لو أن الناس كلهم قاموا في رمضان لأنفسهم وأهليهم حتى يترك المسجد لا يقوم فيه لكان ينبغي أن يخرجوا إلى المسجد حتى يقوموا فيه في رمضان لأن قيام رمضان من الأمر الذي لا ينبغي للناس تركه وهو مما سن عمر للمسلمين وجمعهم عليه , قال الليث وأما إذا كانت الجماعة قد قامت في المسجد فلا بأس أن يقوم الرجل لنفسه في بيته وأهل بيته , قال أبو عمر وحجة الليث ومن قال بقوله قول رسول الله عليه السلام عليكم بسنتى وسنة الخلفاء الراشدين المهديين بعدي رواه العرباض بن سارية عن النبي عليه السلام , وقال عليه السلام اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر رواه حذيفة عن النبي عليه السلام , وقال يقول الليث في هذه المسألة جماعة من المتأخرين من أصحاب أبي حنيفة والشافعي , فمن أصحاب أبي حنيفة عيسى بن أبان وبكار بن قتيبة وأحمد بن أبي عمران والطحاوي , ومن أصحاب الشافعي إسماعيل بن يحيى المزني وبن عبد الحكم كلهم قال الجماعة في المسجد في قيام رمضان أحب إلينا وأفضل عندنا من صلاة المرء في بيته , واحتجوا بحديث أبي ذر عن النبي عليه السلام إن الرجل إذا قام مع الإمام حتى ينصرف حسب له قيام ليلة , وقد ذكرنا هذا الحديث بإسناده في التمهيد , وإلى هذا ذهب بن حنبل , قال الأثرم كان بن حنبل يصلي مع الناس التراويح كلها يعني الأشفاع عندنا إلى آخرها ويوتر معهم ويحتج بحديث أبي ذر , قال أحمد بن حنبل كان جابر يصليها في جماعة وروي عن علي وبن مسعود مثل ذلك , وقد احتج أهل الظاهر في ذلك بقول رسول الله صلى الله عليه و سلم صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بخمس وعشرين درجة ويروى سبع وعشرين درجة , وهذا عند أكثر أهل العلم في الفريضة والحجة لهم قوله عليه السلام في حديث زيد بن ثابت صلاة المرء في بيته أفضل من صلاته في مسجدي هذا إلا المكتوبة , وهذا الحديث وإن كان موقوفا في الموطأ على زيد فإنه قد رفعه جماعة ثقات وقد ذكرنا ذلك في موضعه وبالله التوفيق . ا.هـ