رد: شأن العلماء الأخذ بالتوسعة
تعليق رقم (5):
روى مالكٌ في الموطأ عن ابنِ شهابٍ، عن عروةَ بن الزُّبيرِ، عن عائشةَ، أنَّها قالت: ((ما خُيِّرَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم في أمرَينِ قَطُّ إلا أخَذ أيسرَهما ما لم يكنْ إثماً، فإن كان إثماً، كان أبعدَ الناسِ منه، وما انتقَم رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لنفسِه، إلا أن تُنتهَكَ حُرمةٌ لله فينتقِمَ للهِ بها)).
قال أبو عمر: ((في هذا الحديثِ دليلٌ على أن المرءَ ينبغي له تركُ ما عَسُرَ عليه مِن أمورِ الدنيا والآخرةِ، وتركُ الإلحاح فيه إذا لم يُضطَرَّ إليه، والميلُ إلى اليُسر أبداً فإن اليُسْرَ في الأُمورِ كلِّها أحبُّ إلى اللهِ وإلى رسوله قال تعالى {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة:185].
وفي معنى هذا الحديث الأخذُ برخص الله تعالى، ورُخَصِ رسولِه صلى الله عليه وسلم، والأخذُ برُخص العلماءِ ما لم يكنِ القولُ خطأً بيناً)).
ثم قال: ((رُوِّينا عن محمد بن يحيى بن سلاَّمٍ، عن أبيه، قال: ينبغي للعالِمِ أن يحملَ الناسَ على الرُّخصةِ والسَّعَةِ، ما لم يَخَفِ المأثَمَ.
وأخبرنا محمدُ بنُ إبراهيمَ، قال: حدثنا سعيد بن أحمد بن عبد ربِّه وأحمدُ بن مُطرِّفٍ، قالا: حدَّثنا سعيدُ بنُ عثمانَ، قال: حدثنا يونُس بنُ عبدِ الأعلى، قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن معمر قال: إنما العلم أن تسمع بالرخصة من ثقةٍ، فأما التشديد فيحسنه كل أحد)).
التمهيد لابن عبد البر (22/10،11)