العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

ما حكم التساؤل بالأرحام؟

بشرى عمر الغوراني

:: فريق طالبات العلم ::
إنضم
29 مارس 2010
المشاركات
2,121
الإقامة
لبنان
الجنس
أنثى
الكنية
أم أنس
التخصص
الفقه المقارن
الدولة
لبنان
المدينة
طرابلس
المذهب الفقهي
حنبلي
الآية الكريمة:" واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام" دلّتْ على أن التساؤل بالرحم جائز، عند بعض العلماء، لا سيما على قراءة حمزة الذي قرأها بالجرّ"والأرحامِ" ، وردّها آخرون لأنها من جنس الحلف بغير الله.

قال القشيري:"ومثل هذا الكلام مردود عند أئمة الدين، لأن القراءات التي قرأ بها الأئمة القراء ثبتت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإذا ثبت شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم، فمن ردّ ذلك فقد ردّ على النبي صلى الله عليه وسلم واستقبح ما قرأ به، وهذا مقام محذور ولا يقلد فيه أئمة اللغة والنحو، فإن العربية تتلقى من النبي صلى الله عليه وسلم ولا يشك أحد في فصاحته.. ثم النهي إنما جاء في الحلف بغير الله، وهذا توسل إلى الغير بحق الرحم فلا نهي فيه".الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (5\4).

فما الراجح في هذه المسألة يا أولي العلم؟
 

بشرى عمر الغوراني

:: فريق طالبات العلم ::
إنضم
29 مارس 2010
المشاركات
2,121
الإقامة
لبنان
الجنس
أنثى
الكنية
أم أنس
التخصص
الفقه المقارن
الدولة
لبنان
المدينة
طرابلس
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: ما حكم التساؤل بالأرحام؟

ألا تجيبون، تفضّلاً؟
 

منيب العباسي

:: متخصص ::
إنضم
17 يناير 2010
المشاركات
1,204
التخصص
----
المدينة
---
المذهب الفقهي
---
رد: ما حكم التساؤل بالأرحام؟

الحمدلله ..
"قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجدِ الحرام" مما يشهد لقراءة الإمام حمزة الكوفي المتواترة التي ردها جمهور البصريين مع الأسف وهو ضرب من الجهل بالقراءات المتواترة وأحكامها, حتى قال المبرد :لو سمعت الإمام يقرأ بها لأخذت نعلي ومضيت!,ولهذا أحسن أبو حيان الأندلسي حين شنع عليهم مع كونه من المدرسة البصرية ,ونص على صحة العطف على الضمير ابن مالك في ألفيته, وأما حكم التساؤل بالرحم فليس مجرد ذكر الله أن المخاطبين يتساءلون بها دليلا على الجواز كما ذهب إليه بعض العلماء لأن مطلع الآية"يا أيها الناس اتقوا ربكم" فالخطاب عام للناس يدخل فيه مؤمنهم وكافرهم وكان من عادة العرب التساؤل والمناشدة بالرحم .من ذلك ما أخرجه الطبري بسنده عن ابن عباس ، قال : جاء أبو سفيان إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا محمد أنشدك الله والرحم ، فقد أكلنا العلهز! يعني الوبر والدم فأنزل الله : ( ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم وما يتضرعون ) .وهذا قبل أن يسلم أبو سفيان
وقد يقال إن التساؤل بالرحم على ضربين فإن كان على سبيل الحلف فهو محرم وإن كان بمعنى الشفاعة كقول القائل لأجل خاطري أو لأجل قرابتي فجائز
والله أعلم
 
إنضم
4 فبراير 2010
المشاركات
785
التخصص
شريعة
المدينة
------
المذهب الفقهي
اهل الحديث
رد: ما حكم التساؤل بالأرحام؟

المعنى - والله اعلم - :
وبحق الارحام.
لان للرحم حقاً على المسلم.
وللمزيد من التفاصيل ينظر:
المجموع لابن تيمية رحمه الله (1/339-340).
علماً اني لست داخلاً ضمن خطابك اعلاه.
 

بشرى عمر الغوراني

:: فريق طالبات العلم ::
إنضم
29 مارس 2010
المشاركات
2,121
الإقامة
لبنان
الجنس
أنثى
الكنية
أم أنس
التخصص
الفقه المقارن
الدولة
لبنان
المدينة
طرابلس
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: ما حكم التساؤل بالأرحام؟

الأخوين الفاضلين منيباً وأبا عبد الله
جزاكما الله خيرا الجزاء.
 
إنضم
1 يناير 2011
المشاركات
8
الكنية
أبو عبدالله
التخصص
شريعة
المدينة
حائل-بقعاء
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: ما حكم التساؤل بالأرحام؟

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
لعلي وجدت لك ما يشفي صدرك وهو جواب الشيخ عبدالرحمن السحيم حفظه الله
هل يجوز أن نسأل الله بحق الرحم أو بالرحم لقوله تعالى : " واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام"

- ولو كان جائزاً فما هي الصيغة لشرعية للسؤال ؟؟

- ولو كان منهياً عنه فعلام تحمل الآية الكريمة ؟؟

وجزاكم الله خيراً
الجواب :

وجزاك الله خيرا ، ورعاك الله .

قال البغوي في تفسيره : (وَالأرْحَام) قراءة العامة بالنصب ، أي : واتقوا الأرحام أن تقطعوها ، وقرأ حمزة بالخفض ، أي : به وبالأرحام ، كما يُقال : سألتك بالله والأرحام . والقراءة الأولى أفصح ، لأن العرب لا تكاد تنسق بِظاهر على مَكني إلاَّ أن تُعيد الخافض فتقول : مَرَرْتُ به وبِزَيد ، إلاَّ أنه جائز مع قِلَّتِه . اهـ .

وقال القرطبي : (وَالأرْحَام) معطوف ، أي : اتقوا الله أن تَعْصُوه ، واتقوا الأرحام أن تقطعوها . اهـ .
وقال ابن كثير : قال الضحاك : واتقوا الله الذي به تَعَاقَدون وتَعَاهَدون ، واتقوا الأرحام أن تَقْطَعوها ، ولكن بِرّوها وصِلُوها ؛ قاله ابن عباس ، ومجاهد ، وعكرمة ، والحسن ، والضحاك ، والربيع وغير واحد . اهـ .

والذي يظهر أنه لا يجوز سؤال أحد بالرَّحِم ، وإنما قد يُسأل بِحِقِّها ، وحَقّها أن تُوصَل ولا تُقْطَع .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية : قَالَ تَعَالَى (وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ) ، فَعَلَى قِرَاءَةِ الْجُمْهُورِ بِالنَّصْبِ : إنَّمَا يَسْأَلُونَ بِاَللَّهِ وَحْدَهُ لا بِالرَّحِمِ . وَتَسَاؤُلُهُمْ بِاَللَّهِ تَعَالَى يَتَضَمَّنُ إقْسَامَ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ بِاَللَّهِ وَتَعَاهُدَهُمْ بِاَللَّهِ .
وَأَمَّا عَلَى قِرَاءَةِ الْخَفْضِ فَقَدْ قَالَ طَائِفَةٌ مِنْ السَّلَفِ : هُوَ قَوْلُهُمْ أَسْأَلُك بِاَللَّهِ وَبِالرَّحِمِ ، وَهَذَا إخْبَارٌ عَنْ سُؤَالِهِمْ ، وَقَدْ يُقَالُ : إنَّهُ لَيْسَ بِدَلِيلِ عَلَى جَوَازِهِ ، فَإِنْ كَانَ دَلِيلا عَلَى جَوَازِهِ فَمَعْنَى قَوْلِهِ : أَسْأَلُك بِالرَّحِمِ لَيْسَ إقْسَامًا بِالرَّحِمِ - وَالْقَسَمُ هُنَا لا يَسُوغُ - لَكِنْ بِسَبَبِ الرَّحِمِ ، أَي : لأَنَّ الرَّحِمَ تُوجِبُ لأَصْحَابِهَا بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ حُقُوقًا ، كَسُؤَالِ الثَّلاثَةِ لِلَّهِ تَعَالَى بِأَعْمَالِهِمْ الصَّالِحَةِ ، وَكَسُؤَالِنَا بِدُعَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَشَفَاعَتِهِ .
وَمِنْ هَذَا الْبَابِ مَا رُوِيَ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّ ابْنَ أَخِيهِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ كَانَ إذَا سَأَلَهُ بِحَقِّ جَعْفَرٍ أَعْطَاهُ ، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ بَابِ الإِقْسَامِ ؛ فَإِنَّ الإِقْسَامَ بِغَيْرِ جَعْفَرٍ أَعْظَمُ ، بَلْ مِنْ بَابِ حَقِّ الرَّحِمِ ، لأَنَّ حَقَّ اللَّهِ إنَّمَا وَجَبَ بِسَبَبِ جَعْفَرٍ ، وَجَعْفَرٌ حَقُّهُ عَلَى عَلِيٍّ .

وقال : فَإِنْ قِيلَ : فَقَدْ يَقُولُ الرَّجُلُ لِغَيْرِهِ : بِحَقِّ الرَّحِمِ ؟ قِيلَ : الرَّحِمُ تُوجِبُ عَلَى صَاحِبِهَا حَقًّا لِذِي الرَّحِمِ ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : (وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ) ، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : الرَّحِمُ شَجْنَةٌ مِنْ الرَّحْمَنِ ؛ مَنْ وَصَلَهَا وَصَلَهُ اللَّهُ ، وَمَنْ قَطَعَهَا قَطَعَهُ اللَّهُ . وَقَالَ : لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ الرَّحِمَ تَعَلَّقَتْ بِحَقْوَيْ الرَّحْمَنِ ، وَقَالَتْ : هَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ بِك مِنْ الْقَطِيعَةِ . فَقَالَ : أَلا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَك ، وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَك ؟ قَالَتْ : بَلَى قَدْ رَضِيت . وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى : أَنَا الرَّحْمَنُ خَلَقْت الرَّحِمَ وَشَقَقْت لَهَا اسْمًا مِنْ اسْمِي ، فَمَنْ وَصَلَهَا وَصَلْته ، وَمَنْ قَطَعَهَا بَتَتّهُ ...
وَاَلَّذِي قَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَغَيْرُهُمْ مِنْ الْعُلَمَاءِ - مِنْ أَنَّهُ لا يَجُوزُ أَنْ يُسْأَلَ اللَّهُ تَعَالَى بِمَخْلُوقِ : لا بِحَقِّ الأَنْبِيَاءِ وَلا غَيْرِ ذَلِكَ - يَتَضَمَّنُ شَيْئَيْنِ كَمَا تَقَدَّمَ :
أَحَدُهُمَا : الإِقْسَامُ عَلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِهِ ، وَهَذَا مَنْهِيٌّ عَنْهُ عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ ، كَمَا تَقَدَّمَ ، وكَمَا يُنْهَى أَنْ يُقْسَمَ عَلَى اللَّهِ بِالْكَعْبَةِ وَالْمَشَاعِرِ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ .
والثَّانِي : السُّؤَالُ بِهِ ، فَهَذَا يُجَوِّزُهُ طَائِفَةٌ مِنْ النَّاسِ ، وَنُقِلَ فِي ذَلِكَ آثَارٌ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ ، وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي دُعَاءِ كَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ ، لَكِنْ مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ كُلُّهُ ضَعِيفٌ بَلْ مَوْضُوعٌ . وَلَيْسَ عَنْهُ حَدِيثٌ ثَابِتٌ قَدْ يُظَنُّ أَنَّ لَهُمْ فِيهِ حُجَّةً إلاَّ حَدِيثَ الأَعْمَى الَّذِي عَلَّمَهُ أَنْ يَقُولَ : " أَسْأَلُك وَأَتَوَجَّهُ إلَيْك بِنَبِيِّك مُحَمَّدٍ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ" ، وَحَدِيثُ الأَعْمَى لا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ ، فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ إنَّمَا تَوَسَّلَ بِدُعَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَشَفَاعَتِهِ ، وَهُوَ طَلَب مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الدُّعَاءَ ، وَقَدْ أَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَقُولَ : اللَّهُمَّ شَفِّعْهُ فِيَّ . وَلِهَذَا رَدَّ اللَّهُ عَلَيْهِ بَصَرَهُ لَمَّا دَعَا لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَكَانَ ذَلِكَ مِمَّا يُعَدُّ مِنْ آيَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .


والله تعالى أعلم .
 

بشرى عمر الغوراني

:: فريق طالبات العلم ::
إنضم
29 مارس 2010
المشاركات
2,121
الإقامة
لبنان
الجنس
أنثى
الكنية
أم أنس
التخصص
الفقه المقارن
الدولة
لبنان
المدينة
طرابلس
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: ما حكم التساؤل بالأرحام؟

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
لعلي وجدت لك ما يشفي صدرك وهو جواب الشيخ عبدالرحمن السحيم حفظه الله
هل يجوز أن نسأل الله بحق الرحم أو بالرحم لقوله تعالى : " واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام"

- ولو كان جائزاً فما هي الصيغة لشرعية للسؤال ؟؟

- ولو كان منهياً عنه فعلام تحمل الآية الكريمة ؟؟

وجزاكم الله خيراً
الجواب :

وجزاك الله خيرا ، ورعاك الله .

قال البغوي في تفسيره : (وَالأرْحَام) قراءة العامة بالنصب ، أي : واتقوا الأرحام أن تقطعوها ، وقرأ حمزة بالخفض ، أي : به وبالأرحام ، كما يُقال : سألتك بالله والأرحام . والقراءة الأولى أفصح ، لأن العرب لا تكاد تنسق بِظاهر على مَكني إلاَّ أن تُعيد الخافض فتقول : مَرَرْتُ به وبِزَيد ، إلاَّ أنه جائز مع قِلَّتِه . اهـ .

وقال القرطبي : (وَالأرْحَام) معطوف ، أي : اتقوا الله أن تَعْصُوه ، واتقوا الأرحام أن تقطعوها . اهـ .
وقال ابن كثير : قال الضحاك : واتقوا الله الذي به تَعَاقَدون وتَعَاهَدون ، واتقوا الأرحام أن تَقْطَعوها ، ولكن بِرّوها وصِلُوها ؛ قاله ابن عباس ، ومجاهد ، وعكرمة ، والحسن ، والضحاك ، والربيع وغير واحد . اهـ .

والذي يظهر أنه لا يجوز سؤال أحد بالرَّحِم ، وإنما قد يُسأل بِحِقِّها ، وحَقّها أن تُوصَل ولا تُقْطَع .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية : قَالَ تَعَالَى (وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ) ، فَعَلَى قِرَاءَةِ الْجُمْهُورِ بِالنَّصْبِ : إنَّمَا يَسْأَلُونَ بِاَللَّهِ وَحْدَهُ لا بِالرَّحِمِ . وَتَسَاؤُلُهُمْ بِاَللَّهِ تَعَالَى يَتَضَمَّنُ إقْسَامَ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ بِاَللَّهِ وَتَعَاهُدَهُمْ بِاَللَّهِ .
وَأَمَّا عَلَى قِرَاءَةِ الْخَفْضِ فَقَدْ قَالَ طَائِفَةٌ مِنْ السَّلَفِ : هُوَ قَوْلُهُمْ أَسْأَلُك بِاَللَّهِ وَبِالرَّحِمِ ، وَهَذَا إخْبَارٌ عَنْ سُؤَالِهِمْ ، وَقَدْ يُقَالُ : إنَّهُ لَيْسَ بِدَلِيلِ عَلَى جَوَازِهِ ، فَإِنْ كَانَ دَلِيلا عَلَى جَوَازِهِ فَمَعْنَى قَوْلِهِ : أَسْأَلُك بِالرَّحِمِ لَيْسَ إقْسَامًا بِالرَّحِمِ - وَالْقَسَمُ هُنَا لا يَسُوغُ - لَكِنْ بِسَبَبِ الرَّحِمِ ، أَي : لأَنَّ الرَّحِمَ تُوجِبُ لأَصْحَابِهَا بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ حُقُوقًا ، كَسُؤَالِ الثَّلاثَةِ لِلَّهِ تَعَالَى بِأَعْمَالِهِمْ الصَّالِحَةِ ، وَكَسُؤَالِنَا بِدُعَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَشَفَاعَتِهِ .
وَمِنْ هَذَا الْبَابِ مَا رُوِيَ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّ ابْنَ أَخِيهِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ كَانَ إذَا سَأَلَهُ بِحَقِّ جَعْفَرٍ أَعْطَاهُ ، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ بَابِ الإِقْسَامِ ؛ فَإِنَّ الإِقْسَامَ بِغَيْرِ جَعْفَرٍ أَعْظَمُ ، بَلْ مِنْ بَابِ حَقِّ الرَّحِمِ ، لأَنَّ حَقَّ اللَّهِ إنَّمَا وَجَبَ بِسَبَبِ جَعْفَرٍ ، وَجَعْفَرٌ حَقُّهُ عَلَى عَلِيٍّ .

وقال : فَإِنْ قِيلَ : فَقَدْ يَقُولُ الرَّجُلُ لِغَيْرِهِ : بِحَقِّ الرَّحِمِ ؟ قِيلَ : الرَّحِمُ تُوجِبُ عَلَى صَاحِبِهَا حَقًّا لِذِي الرَّحِمِ ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : (وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ) ، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : الرَّحِمُ شَجْنَةٌ مِنْ الرَّحْمَنِ ؛ مَنْ وَصَلَهَا وَصَلَهُ اللَّهُ ، وَمَنْ قَطَعَهَا قَطَعَهُ اللَّهُ . وَقَالَ : لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ الرَّحِمَ تَعَلَّقَتْ بِحَقْوَيْ الرَّحْمَنِ ، وَقَالَتْ : هَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ بِك مِنْ الْقَطِيعَةِ . فَقَالَ : أَلا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَك ، وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَك ؟ قَالَتْ : بَلَى قَدْ رَضِيت . وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى : أَنَا الرَّحْمَنُ خَلَقْت الرَّحِمَ وَشَقَقْت لَهَا اسْمًا مِنْ اسْمِي ، فَمَنْ وَصَلَهَا وَصَلْته ، وَمَنْ قَطَعَهَا بَتَتّهُ ...
وَاَلَّذِي قَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَغَيْرُهُمْ مِنْ الْعُلَمَاءِ - مِنْ أَنَّهُ لا يَجُوزُ أَنْ يُسْأَلَ اللَّهُ تَعَالَى بِمَخْلُوقِ : لا بِحَقِّ الأَنْبِيَاءِ وَلا غَيْرِ ذَلِكَ - يَتَضَمَّنُ شَيْئَيْنِ كَمَا تَقَدَّمَ :
أَحَدُهُمَا : الإِقْسَامُ عَلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِهِ ، وَهَذَا مَنْهِيٌّ عَنْهُ عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ ، كَمَا تَقَدَّمَ ، وكَمَا يُنْهَى أَنْ يُقْسَمَ عَلَى اللَّهِ بِالْكَعْبَةِ وَالْمَشَاعِرِ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ .
والثَّانِي : السُّؤَالُ بِهِ ، فَهَذَا يُجَوِّزُهُ طَائِفَةٌ مِنْ النَّاسِ ، وَنُقِلَ فِي ذَلِكَ آثَارٌ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ ، وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي دُعَاءِ كَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ ، لَكِنْ مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ كُلُّهُ ضَعِيفٌ بَلْ مَوْضُوعٌ . وَلَيْسَ عَنْهُ حَدِيثٌ ثَابِتٌ قَدْ يُظَنُّ أَنَّ لَهُمْ فِيهِ حُجَّةً إلاَّ حَدِيثَ الأَعْمَى الَّذِي عَلَّمَهُ أَنْ يَقُولَ : " أَسْأَلُك وَأَتَوَجَّهُ إلَيْك بِنَبِيِّك مُحَمَّدٍ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ" ، وَحَدِيثُ الأَعْمَى لا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ ، فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ إنَّمَا تَوَسَّلَ بِدُعَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَشَفَاعَتِهِ ، وَهُوَ طَلَب مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الدُّعَاءَ ، وَقَدْ أَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَقُولَ : اللَّهُمَّ شَفِّعْهُ فِيَّ . وَلِهَذَا رَدَّ اللَّهُ عَلَيْهِ بَصَرَهُ لَمَّا دَعَا لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَكَانَ ذَلِكَ مِمَّا يُعَدُّ مِنْ آيَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .


والله تعالى أعلم .

الأخ الفاضل جزاكم الله خيراً على النقل المفيد.
 
أعلى