العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

واقعات فقهية (1): جزية نصارى بني تغلب

إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
  • هذه سلسلة من الواقعات الفقهية التي تصدى لها الأئمة المجتهدون، المأمول التعليق المناسب، فهي ندوة خاصة في إطار محدد، وتشبه "صورة وتعليق"، والهدف منها تنمية الملكة الفقهية والأصولية، والدربة على التصدي للمسائل، والنظر في تصرفات الفقهاء الكبار إزاء هذه الواقعات، وملاحظة مدى إعمال القواعد، وزمن وكيفية الاستثناء منها، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
واقعات فقهية (1)
جزية نصارى بني تغلب
في السنن الكبرى للبيهقي (9 / 216):
عن عبادة بن النعمان التغلبى أنه قال لعمر بن الخطاب رضى الله عنه:
يا أمير المؤمنين إن بنى تغلب من قد علمت شوكتهم وإنهم بإزاء العدو فإن ظاهروا عليك العدو اشتدت مؤنتهم فإن رأيت أن تعطيهم شيئا قال فأفعل قال : فصالحهم على أن لا يغمسوا أحدا من أولادهم فى النصرانية وتضاعف عليهم الصدقة قال : وكان عبادة يقول : قد فعلوا فلا عهد لهم.

قال الشافعى عقيب هذا الحديث:
وهكذا حفظ أهل المغازى وساقوه أحسن من هذا السياق فقالوا : رامهم على الجزية فقالوا نحن عرب لا نؤدى ما يؤدى العجم ولكن خذ منا كما يأخذ بعضكم من بعض يعنون الصدقة فقال عمر رضى الله عنه : لا هذا فرض على المسلمين فقالوا : فزد ما شئت بهذا الاسم لا باسم الجزية ففعل فتراضى هو وهم على أن ضعف عليهم الصدقة.
وفي بعض طرقه: سموها ما شئتم([1]).

وقال الشافعي أيضاً:
وأما عمر بن الخطاب ومن بعده من الخلفاء إلى اليوم فقد أخذوا الجزية من بني تغلب ، وتنوخ ، وبهرا ، وخلط من أخلاط العرب ، وهم إلى الساعة مقيمون على النصرانية تضاعف عليهم الصدقة ، وليس ذلك جزية ، وإنما الجزية على الأديان لا على الأنساب ولولا أن نأثم بتمني باطل وددنا أن الذي قال أبو يوسف كما قال ، وأن لا يجري صغار على عربي ، ولكن الله أجل في أعيننا من أن نحب غير ما قضى به وقال في موضع آخر من هذا الكتاب : فنحن كنا على هذا أحرص لولا أن الحق في غير ما قال ، فلم يكن لنا أن نقول إلا بالحق([2]).

وروى أبو عبيد القاسم بن سلام في "كتاب الأموال:
عن زرعة بن النعمان، أو النعمان بن زرعة: أنه سأل عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وكلمه في نصارى بني تغلب، قال: وكان عمر رضي الله عنه قد هم أن يأخذ منهم الجزية، فتفرقوا في البلاد، فقال النعمان بن زرعة لعمر: يا أمير المؤمنين، إن بني تغلب قوم عرب يأنفون من الجزية، وليست لهم أموال، إنما هم أصحاب حروث ومواشي، ولهم نكاية في العدو، فلا تعن عدوك عليك بهم، قال: فصالحهم عمر رضي الله عنه على أن تضعف عليهم الصدقة، واشترط عليهم أن لا ينصروا أولادهم([3]).

قال ابن حزم في المحلى(6/113):
وأخذوا هاهنا بأسقط خبر وأشده اضطرابا، لأنه يقول رواية مرة: عن السفاح بن مطر ، ومرة: عن السفاح بن المثنى، ومرة عن داود بن كردوس أنه صالح عمر عن بني تغلب ومرة: عن داود بن كردوس عن عبادة بن النعمان، أو زرعة بن النعمان، أو النعمان بن زرعة أنه صالح عمر ومع شدة هذا الاضطراب المفرط فإن جميع هؤلاء لا يدري أحد من هم من خلق الله تعالى.

وقال الشيخ أحمد شاكر: روي من طرق كثيرة تطمئن النفس إلى أن له أصلاً صحيحًا.

وقال أبو عبيد في كتابه الأموال ص650- 652:
كان لعمر في بني تغلب حكمان.
أحدهما:
حقنه دماءهم لما أعطوه من أموالهم وهم عرب، وكان الحكم عليهم الإسلام أو القتل ، فكان قبوله ذلك منهم في ما نرى لأمرين:
أحدهما: انتحالهم النصرانية.
والآخر: حديث سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم ، فتأوله فيهم، يحدث بذلك الحديث عن سعيد بن عمر بن سعيد بن العاص عن أبيه عن جده أنه سمع عمر يقول: (لولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الله تبارك وتعالى سيمنع الدين بنصارى من ربيعة على شاطئ الفرات - ما تركت عربيا إلا قتلته أو يسلم) فلذلك رضي بأموالهم دون دمائهم.
فهذا أحد حكميه، وأما الآخر:
فإنه حين درأ عنهم القتل ، وقبل منهم الأموال ، لم يجعلها جزية كسائر ما على أهل الذمة ، ولكن جعلها صدقة مضاعفة ، وإنما استجازها فيما نرى وترك الجزية مما رأى من نفارهم وأنفهم منها ، فلم يأمن شقاقهم واللحاق بالروم ، فيكونوا ظهيرا لهم على أهل الإسلام ، وعلم أنه لا ضرر على المسلمين من إسقاط ذلك الاسم عنهم ، مع استبقاء ما يجب عليهم من الجزية ، فأسقطها عنهم ، واستوفاها منهم باسم الصدقة حين ضاعفها عليهم ، فكان في ذلك رتق ما خاف من فتقهم مع الاستبقاء لحقوق المسلمين في رقابهم . وكان مسددا.
كما روي في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله تبارك وتعالى ضرب بالحق على لسان عمر وقلبه).
وكقول عبد الله فيه: (ما رأيت عمر قط إلا وكأن ملكا بين عينيه يسدده).
ومثل قول علي: (ما كنا نبعد أن السكينة تنطق على لسان عمر).
وكقول عائشة فيه: (كان والله أحوزيا ، نسيج وحده ، وقد أعد للأمور أقرانها)
يقول أبو عبيد: فكانت فعلته هذه من تلك الأقران التي أعد في كثير من محاسنه لا تحصى.
ثم قال: فالذي يؤخذ من بني تغلب وإن كان يسمى صدقة فليس بصدقة ؛ لما أعلمتك ، ولا يوضع في الأصناف الثمانية التي في سورة براءة ، إنما موضعها موضع الجزية

http://www.mmf-4.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=3#_ftnref1([1]) نصب الراية (2 / 363).

http://www.mmf-4.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=3#_ftnref2([2]) معرفة السنن والآثار (13/363).

http://www.mmf-4.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=3#_ftnref3([3]) أخرجه أبو عبيد في الأموال ص650، وينظر: نصب الراية (2 / 363)
 

انبثاق

:: مخضرم ::
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,228
التخصص
الدراسات الإسلامية..
المدينة
بريدة
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: واقعات فقهية (1): جزية نصارى بني تغلب

شكرا لكم
 
أعلى