العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

حفيضة بوكراع

الميلاد
26 يناير 1964 (العمر: 61)
الكنية
بوكراع
التخصص
الفقه و الاصول
الوظيفة
منتدبة قضائية
المدينة
وجدة
المذهب الفقهي
المالكي
موضوع أطروحة الدكتوراه
النص والمصلحة بين التطابق والتعارض
ملخص أطروحة الدكتوراه
خطة البحث
لقد عرضت قضايا هذا البحث وبسطت مسائله عبر المراحل الآتية:
المقدمة: خصصتها بالتعريف بموضوع البحث وأهميته، والجهود السابقة للكتابة فيه، وبيان خطة العمل فيه.
التمهيد: ركزت فيه على شرح مفردات عنوان هذا البحث قصد توضيح معانيها ودلالاتها الاصطلاحية، ذلك بأن الكشف عن هذه الألفاظ وتحديد المراد منها، يعد مدخلا رئيسيا ومباشرا لفهم أبعاد هذا البحث ومضامينه.
الباب الأول: هذا الباب يتناول القائلين بتعارض النص والمصلحة في القديم والحديث. وقد قسمت هذا الباب إلى فصلين وخاتمة. خصصت الفصل الأول بالقائلين بتعارض النص والمصلحة قديما، وأرفقت هذه الدعوى بتطبيقاتهم في معارضة النصوص باسم المصلحة. أما الفصل الثاني فعرضت فيه دعوى القائلين بتعارض النص والمصلحة حديثا، ووقفت كثيرا عند هذا التيار، فأحلت على تعريفه للنصوص انطلاقا من عدة دراسات قام بها دعاة الحداثة لنصوص القرآن والسنة من أجل تأكيدهم معارضة النصوص لمصالح الناس وعزلها عن الحياة التشريعية. كما عرفت بمفهوم المصلحة التي يتبناها هذا التيار في دعواه معارضة النصوص للمصالح.
كما تطرقت لمعارضة الحداثيين للنصوص باسم المصالح انطلاقا من دعوتهم لإعادة صياغة قواعد جديدة في علم المقاصد بدعوى أن القواعد القديمة للمصالح صيغت في فترات الانحطاط الاجتماعي من التاريخ الإسلامي. كما كشفت عن معارضته للنصوص بدعوته الصريحة لتجديد مقاصد لغة النصوص وإعادة بنائها بلغة عصرية جديدة انطلاقا من مبادئ التأويل التي لا تحكمها سوى سلطة العقل والواقع.
ومثلت في خاتمة هذا الباب بأمثلة تطبيقية عارض فيها دعاة الحداثة النصوص باسم المصالح، سواء تعلق الأمر بمجال العقائد أم العبادات أم المعاملات في مسائل اقتصادية كنظام الزكاة ومسألة الربا أم في مجال نظام الحدود والعقوبات أم في المجال السياسي بفصل الدين عن الدولة أم في المجال العلمي بالفصل بين معطيات العلم وقواعد الإيمان، أم في قضايا الأسرة في مسائل الزواج وتعدد الزوجات والطلاق والإرث... إلى غيرها من القضايا التي وردت فيها نصوص قطعية عارضوها باسم المصالح.
الباب الثاني: درست فيه تطابق النصوص والمصالح على مستوى التشريع.
وقد قسمت هذا الباب أيضا إلى فصول، خصصت الفصل الأول برد دعوى معارضة النصوص للمصالح من جهة إقرارها تشريعات وأعراف عصور ماضية، كما في مسألة الحجاب ونظام العقوبات... وقد عرضت موقف علماء الأصول من شرع من قبلنا ومن الأعراف التي أقرتها نصوص التشريع، على أنها دليل من الأدلة الشرعية وليست تلفيقا لنصوص سابقة عليها فقدت صلاحيتها التشريعية كما يدعي تيار الحداثة.
الفصل الثاني: اهتممت فيه بالرد على دعوى معارضة النص للمصلحة من جهة العقل والواقع، لهذا بينت أن مجالات النصوص ليست على مستوى واحد من معقولية الحكم والاجتهاد، يمكن معه تعميم التبديل والتغيير على الأحكام ومعارضتها بمصالح موهومة كما يفعل دعاة الحداثة.
ولرد دعوى الحداثيين أن النصوص عاجزة عن مسايرة واقعنا المعقد بتغيراته وتطوراته السريعة، عرفت بعلم أسباب النزول وتدرج النصوص وعلم الناسخ والمنسوخ، فبينت أن هذه العلوم التي يستغلها دعاة الحداثة من أجل معارضة النصوص باسم المصالح، هي دليل قاطع على صلاحية التشريع.
الفصل الثالث: خصصته بالرد على ما ينسبه دعاة الحداثة لعمر بن الخطاب والإمام مالك و نجم الدين الطوفي من معارضة النص بالمصلحة، لإيجاد مسوغات لهم وسند في الخروج على النصوص.
الفصل الرابع: اعتنيت فيه ببحث أسباب توهم تعارض النص والمصلحة. لهذا درست مجموعة من الأسباب التي توهمنا بتعارض النصوص والمصالح منها اختلاط المصالح والمفاسد في ما بينها، ودعوى تغير الأحكام، والخروج على قواعد التأويل وتتبع الأهواء والتفسير الظاهري للنصوص والخلط بين نصوص السنة التشريعية وغير التشريعية.
الفصل الخامس: ومن أجل درء توهم تعارض النصوص والمصالح، بينت حفظ نصوص الشريعة لجميع المصالح بمختلف أنواعها ومراتبها. ووقفت على مجموعة من القواعد العلمية التي ضبطها علماء الأصول من أجل درء تعارض النصوص والمصالح، كقاعدة الجمع بين النصوص وقاعدة الترجيح وقاعدة التخصيص وقواعد الرخص والمستثنيات وقاعدة الاستحسان وقاعدة المصالح المرسلة وقاعدة تحقيق المناط. كما نبهت على ضرورة مراعاة ضوابط التأويل ووضع اللغة وعرف الاستعمال وعادة صاحب الشرع( ) لدرء توهم تعارض النصوص والمصالح.
وذيلت هذا البحث بخاتمة دونت فيها نتائجه العلمية التي توصلت إليها من خلال أبوابه وفصوله. وقد ركزت في ذلك على أهم النتائج وما هو أساسي فقط، وإلا فإن أي بحث لا يخلو من نتائج جزئية تتفرع عن نتائجه الكلية.
ومنهجي الذي اعتمده في هذه الدراسة، أنني تدخلت برأيي وانتقدت هذه الدعوى بقدر ما تدعو إليه ضرورة التحليل والترتيب، كما أنني تركت نصوص الحداثيين وما حوتها من مضامين ومواقف ناطقة بمفردها حتى تكون حجة وشاهدا قويا على آرائهم ومزاعمهم، وهذا لا يعني أنني تركت هذه النصوص دون تعليق أو رد من قبل علماء الأصول، وإنما خصصت هامشا ومجالا أيضا لأدرس فيه التصور الآخر ونظريته للنص والمصلحة، وذلك في الباب الثاني من هذا البحث. وقد ركزت في هذه الدراسة على بعض أقطاب التيار الحداثي، سواء كانوا من المشرق أم المغرب كالطيب التيزيني وحسن حنفي وعابد الجابري ومحمد أركون ونصر حامد أبو زيد، وحصرت مجال البحث ومادته في حدود مجموعة من الكتب حتى لا يدخل الموضوع في متاهات لا أستطيع الخروج منها، واختصارا للجهد والوقت، وحتى يكون التركيز والدراسة أكثر استيعابا.
وخلال هذا البحث كنت لا أخوض في قضية إلا إذا رأيتها على اتصال بموضوع البحث وخادمة له. كما كنت حريصة على مراعاة التدرج والتراتب في العمل والبناء والربط بين فصول الموضوع ومباحث حتى يتضح ذلك التناسق والتكامل بين أجزاء البحث، مع مراعاة الاختصار والإيجاز في بعض المباحث، وتعمدت الإسهاب في بعضها لما يقتضيه الموضوع من التحليل المفصل والشرح والبيان بقدر لا يخل بالمقصود. وقد جاء هذا البحث مثقلا بالنقول والاستشهادات دعت إليه ضرورة البحث وحتى يتبين للقارئ أن فكرة تعارض النصوص والمصلحة، فكرة غريبة تتناقض ومبدأ التشريع، إذا ما حصلنا مدلولها ودوافعها.
وأسجل في الأخير أن هذا العمل العلمي الأصولي، لا يقوم بإنجازه باحث واحد، ولا تكفي أطروحة واحدة أو مدة زمنية محددة لتحقيقه، بل هو مشروع عمل يحتاج لجهود علمية جماعية تواصل السير فيه باهتمام وعناية، تبحث فيه بتصور ومنهج علمي رصين.
هذه محاولة متواضعة لا أزعم أنني وفيتها كل حقها أو ألممت بجميع تفاصيلها وقضاياها، فهي لذلك تبقى محل نظر ونقد ومزيد بحث وإتمام. فإن أصبت فذلك الذي أرجوه، وإن أخطأت فحسبي أنني بذلت الجهد والوسع لتجنب المزالق والأخطاء، فهذا مبلغي من العلم، وأن جهدي جهد المقل. أسأل الله أن يقيل عثرتي ويتجاوز عن أخطائي وهفواتي ويبصرني بالخير والنفع ويسددني للصواب والتوفيق في الأمر كله، وهو حسبي ونعم الوكيل.
أعلى