العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

عبدالقادر عبدالقادر داودي

الإقامة
وهران .الجزائر
الجنس
ذكر
الكنية
أبو ياسر
التخصص
فقه وأصوله
الوظيفة
أستاذ التعليم العالي
الدولة
الجزائر
المدينة
وهران
المذهب الفقهي
مالكي
الإنتاج العلمي
الكتب المطبوعة:
1. أحكام الأسرة بين الفقه الإسلامي وقانون الأسرة الجزائري، دار البصائر للنشر والتوزيع. الجزائر ط3، 2014،
2. القواعد الفقهية والضوابط في الفقه الإسلامي، دار ابن حزم للنشر، لبنان، ط1 ،2010
3. مقاصد نظام الأسرة في التشريع الإسلامي: دار ابن حزم للنشر، لبنان، ط1، 2015.
4. فقه المعاملات المالية المقارن- مدعما بالقواعد الفقهية والقانون المدني الجزائري- . مؤسسة الأصالة. الجزائر. 2020
5. مرض الموت وأثره في تصرفات المكلفين في الشريعة والقانون. مؤسسة الأصالة. الجزائر. 2020

المقالات العلمية الوطنية والدولية المنشورة بالمجلات المحكمة:
1. حل مشكل الطلاق بين النظر الشرعي والقانوني، مجلة الحضارة الإسلامية، جامعة وهران
2. وقوع الطلاق من غير الزوج-أسبابه وحالات تطبيقه، مجلة المعيار، جامعة الأمير عبد القادر- قسنطينة
3. حقوق الإنسان في الإسلام بين المبدأ والممارسة، مجلة الحضارة الإسلامية. جامعة وهران
4. مراعاة البعد الجماعي لمقاصد الأحكام الشرعية، مجلة مخبر الدراسات الشرعية جامعة الأمير عبد القادر- قسنطينة
5. فلسفة التغيير والتعديل في قانون الأسرة الجزائري الجديد، مجلة الحضارة الإسلامية، جامعة وهران
6. حقوق بيت الزوجية والنزاع المتعلق به، مجلة الحضارة الإسلامية. جامعة وهران
7. دور القضاء في ترسيخ وتطوير الاجتهاد الفقهي. مجلة المعيار- جامعة الأمير عبد القادر .قسنطينة.
8. التعسف في الولاية على مال القاصر. مجلة الحضارة الإسلامية- جامعة وهران
9. العنف ضد المرأة- دراسة تحليلية للمواد المضافة في قانون العقوبات الجزائري- مجلة الحضارة الإسلامية. جامعة وهران،مجلد19 . أفريل 2018
10- المسائل التي خالف فيها قانون الأسرة المذهب المالكي. مجلة الحضارة الإسلامية. جامعة وهران،مجلد19 . أفريل 2018
المداخلات في الملتقيات الدولية:
1. أثر اعتبار المصالح العامة في تغيير الفتوى، المؤتمر الدولي حول (الفتوى بين الضوابط الشرعية وتحديات العولمة). وزارة الشؤون الدينية والأوقاف بالتعاون مع ولاية تلمسان وجامعة وهران.
2. النصيحة في حق النبي ودلالاتها التشريعية، المؤتمر الدولي حول النصيحة- الأبعاد والمنطلقات، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض- السعودية.
3. تفعيل الوقف بين مقاصد الشرع ومعوقات الواقع – النموذج الجزائري، نحو استراتيجية تكاملية للنهوض بالوقف الإسلامي، الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة- السعودية
4. الفتوى بين التيسير والاحتياط، المؤتمر الدولي حول الفتوى واستشراف المستقبل. كلية الشريعة- جامعة القصيم- المملكة العربية السعودية
5. مراعاة حال المستفتي وأثره في الفتوى، المؤتمر الدولي حول الفتوى بين التأثير والتأثر بالمتغيرات. الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة- السعودية.
6- أثر مراعاة مقاصد الشريعة في استثمار العمل الخيري وتوجيهه ، مؤتمر العمل الخيري – مقاصده وقواعده وتتطبيقاتها 2-3 صفر 1441/ 1-2 أكتوبر 2019 جامعة أمالقرى
مكة المكرمة.
المداخلات الوطنية
01 تفعيل نظرية المقاصد في استنباط الأحكام الشرعية، يوم دراسي لجمعية العلماء المسلمين-كلية العلوم الإنسانية والحضارة الإسلامية، جانفي 2008، كلية العلوم الإنسانية والحضارة الإسلامية
02 النزاع حول مسكن الزوجية قانونا وقضاء الملتقى الوطني حول حماية العلاقات الأسرية على ضوء المستحدث من تشريعات الأسرة، أفريل 2008 ،جامعة أبي بكر بلقايد بتلمسان- مخبر القانون الخاص
03 تنوع أصول المذهب المالكي الملتقى الوطني الأول لأصول المذهب المالكي جويلية 2008 كلية العلوم الإنسانية والحضارة الإسلامية
04 التنصير أسبابه ومخاطره -ظاهرة التنصير في الجزائر- أفريل 2008 كلية العلوم الإنسانية والحضارة الإسلامية
05 الفتاوى الشرعية بين الثبات والتغير يوم دراسي حول الفتاوى عبر وسائل الإعلام المعاصرة- الحقيقة والضوابط والتأثيرات 05/ ماي /2010 كلية العلوم الإنسانية والحضارة الإسلامية
06 ظاهرة تأخر سن الزواج- الأسباب والعلاج -الملتقى الوطني حول ظاهرة تأخر سن زواج الشباب الجزائري – عواملها، تأثيراتها، حلولها 10- 12 ماي 2010 كلية أصول الدين والشريعة الحضارة الإسلامية
07 المعاملات المالية المعاصرة بين قواعد التيسير الاحتياط الملتقى الوطني الأول حول: أحكام النوازل المعاصرة بين التقعيد والتنزيل 11-12/أفريل 2012 كلية العلوم الإنسانية والحضارة الإسلامية
08- قراءة في مميزات التقعيد الفقهي عند مالكية المغرب. الملتقى الوطني إسهامات مدرسة المالكية المغاربة في مجال التقعيد الفقهي .20 ربيع الآخر 1441/ 17/12/2019- كلية العلوم الإنسانية والعلوم الإسلامية- جامعةوهران 1
موضوع رسالة الماجستير
مرضُ الموتِ وأثرُه في التصرُّفات
عند المالكية
-دراسة مقارنة-
ملخص رسالة الماجستير
ظهر من خلال هذا البحث عدة نتائج نستعرض أهمها فيما يلي :
1- إن الحجر على المريض مرض الموت من المسائل الخلافية في الفقه الإسلامي, وإن كان القول بالحجر هو القول الراجح المبني على الأدلة الشرعية, والموافق لمقاصد الشريعة الإسلامية.
2- إنَّ كلَّ قولٍ من أقوال الأئمة مبني على دليلٍ يراه صاحبُه قويا وإن بدا لغيره ضعيفا لاختلاف الأفهام في النصوص والقواعد والأصول التي يبنى عليها كل مذهب.
3- إن أسبابَ الخلاف بينَ الفقهاء قائمةُ لا يمكن رفعها- ولا يدعي أحد عدم اعتبارها في أي وقت من الأوقات- إلا أن هذا لا يمنع النظر في أقوال العلماء والموازنة بينها وفق المنهج العلمي الذي يراعي قوة الدليل ووضوحه وموافقة المقاصد الشرعية الكلية.
4- إن كل مرض يؤدي إلى الموت عادة يعتبر مرض موت ويأخذ أحكامه بالحجر على صاحبه.
5- يكون الحجر على المريض مرضا مخوفا في الزائد عن ثلثه إذا تصرف على وجه التبرع ولا يمنع المريض من التبرع بثلث ماله على أنه وصية.
6- ليس كل مريض يحجر عليه فيما زاد عن ثلثه, بل لا بد من تحقق شروط معينة ككون المرض مخوفا والموت منه غير مستغرب, بل عادي, ومتصل به أيضا.
7- إنما شرع الحجر على المريض حفظا لحق الورثة والغرماء من الضياع لتعلقه بمال المريض وقت المرض, وحفظ المال من مقاصد الشريعة الإسلامية.
8- يلحق بمرض الموت المخوف ويأخذ أحكامه كلُّ الحالات التي يحصل فيها الخوف فعلا, بحيث يكون حصول الموت عندها كثيرا وتكون سلامة صاحبها قليلة, فتكون تصرفاته في حكم الوصايا إذا خرجت على وجه التبرع, كالحامل إذا ضربها المخاض, والمتواجد بين صفوف القتال إذا حدث تلاحم بين المتقاتلين, ومن قدُّم لساحة الإعدام أو القتل .
9- أما الحالات التي لا يحدث فيها الموت إلا نادرا والغالب فيها السلامة فإن أصحابها في حكم الأصحاء تنفذ تصرفاتهم جميعا من رأس المال- وإن عدَّها بعض الفقهاء مخوفة- لعدم حصول الخوف الذي هو سبب الحجر كالحمل وحضور صف القتال أو ركوب البحر وغيرها من الحالات التي تغلب عندها السلامة.
10- يصح بيع المريض وشراؤه وإجارته وسائر ما عاوض عليه إذا كان بثمن المثل سواء كان الطرف الثاني في العقد أجنبيا أم وارثا.
11- يجوز للمريض أن يَخصَّ أحدَ ورثته- أو شخصا أجنبيا- ببيع بعض خيار أملاكه إذا كان البيع بثمن المثل أو أكثر إذ لا محاباة في ذلك.
12- إذا حابى المريض في بيع أو شراء فإنَّ المحاباة تبرعٌ تكون من الثلث ولها حكم الوصية.
13- كلُّ تبرعٍ من المريض له حكم الوصايا سواء كان بالأعيان أم بالمنافع لأنَّ المنافعَ لها حكم الأموال كالأعيان.
14- يجوز رهن المريض ويكون من رأس ماله لأنه ليس تبرعا.
15- يصح شراء المريض من يَعتقُ عليه من ذوي رحمه ويكون من رأس المال, ويستحق المعتق الميراث على الصحيح من أقوال العلماء.
16- ضمان المريضِ غيرَه تبرعٌ يكون من الثلث للأجنبي ولا يصح للوارث لأنه وصية له على الراجح من أقوال العلماء.
17- يصح صلح المريض مع من ضربه عمدا إذا جرحه جرحا فيه قصاص, ويلزم صلحه ورثته بعد موته.
18- إذا وجب على المريض قصاص في النفس أو ما دون النفس جاز له أن يصالح المجني عليه ويدفع له مالاً ليُسقط عن نفسه القصاص, ويكون ذلك من رأس ماله ولا يحجر عليه في ذلك بحجة المحافظة على أموال غرمائه المتعلقة بماله, لأن حفظ النفس أولى من حفظ المال, كما أن الصلح لا يُسقط تعلقَ حقِّهم بماله أو بذمته.
19- ليس للمريض المدين إيثار بعض غرمائه بقضائهم ديونهم على آخرين إذا ضاقت أمواله عن استيفائهم حقوقهم لاستوائهم في سبب الاستحقاق الموجب استواءهم في القضاء.
20- ما وجب على المريض من حقوق مالية تخرج من رأس ماله لأنها ليست تبرعات.
21- جميع ما تبرع به المريض يأخذ حكم الوصية فيخرج من الثلث بعد الموت ولا يصح للوارث.
22- إذا مات المريض استحق من أعطاه عطية تلك العطية إذا خرجت من الثلث وبعد مؤن تجهيزه وإخراج ديونه من التركة, إلا إذا كان للمريض مال مأمون من الهلاك أو التلف فإن المعطى يستحقُّ العطية في حياة المريض.
23- الوقت المعتبر في شروط المعطى هو موت المعطي سواء تعلق الأمر بالعطية نفسها في خروجها من الثلث أو عدم خروجها أم بالشخص المعطى في كونه وارثا أو أجنبيا.
24- إذا لم يكن للمريض وارثٌ جازت هبتُه ولو زادت عن ثلث ماله, وكذا لو أجاز الورثةُ الزائدَ عن الثلث أو هبة للوارث مطلقا.
25- يجوز وقف المريض من الثلث على الوارث أو الأجنبي عند المالكية إلا أن الراجحَ اعتبارُه وصيةً تصحُّ للأجنبي من الثلث ولا تصحُّ للوارث إلا بإجازة بقية الورثة.
26- يكون العتق والتدبير في المرض من الثلث فإذا ضاق عنهم خرجوا بطريق القرعة كما دل عليه حديث عمران بن حصين.
27- المكاتبة أقرب إلى البيع منه إلى التبرع ولهذا فإنها من المريض تكون من رأس ماله, أما المحاباة فيها فتكون من الثلث لأنها تبرع.
28- يقدم بعض الوصايا على بعض في الإحراج إذا ضاق الثلث عنها.
29- يصحُّ نكاح المريض أو المريضة سواء أجاز الورثة أم لم يجيزوا, وتترتب عليه كلُّ آثاره كاستحقاق الصداق أو الميراث إن مات أحدهما.
30- من تزوج امرأة في مرضه استحقت الصداق المسمى كاملا إن كان في حدود مهر مثلها, وما زاد عنه اعتبر وصية لها تأخذها إن لم تكن وارثة إذا لم يزد عن الثلث, ولا تستحقه إن كانت وارثة إلا برضى بقية الورثة.
31- قد يلجأ المريض إلى الطلاق لمنع امرأته من الميراث وبالتالي يعامل بنقيض مقصوده وتورث المرأة.
32- ترث المرأة المطلَّقة طلاقا بائنا إذا اتهم زوجها المريض بإرادة منعها حقها في الميراث في العدة، أما إذا خرجت عدتها فهي أجنبية لا ترث.
33- إذا انتفت التهمة عن المطلِّق وقت مرضه لم تستحق المبتوتة من الميراث شيئا سواء خرجت عدتها أو لم تخرج كما لو سألته الطلاق أو علَّق طلاقَها في صحتِه على أمرٍ وقع وهو مريض أو خالعته.
34- تَمنعُ ردةُ أحد الزوجين التوارثَ بينهما سواء وقعت حالَ الصحة أو حال المرض.
35- تستحقُّ المطلَّقةُ قبل الدخول في المرض نصف الصداق ولا ميراث لها في الأصح, ولا عدَّةَ عليها.
36- يصح خلع المريض ولا ميراث بينهما على الصحيح من أقوال الأئمة.
37- يصح خلع المريضة من زوجها الصحيح أو المريض ولا ميراث بينهما, وتجوز محاباتها للرجل من الثلث لأنه غير وارث بعد الخلع.
38- يصح لعان المريض وتترتب عليه آثارُه ولا ميراث للمرأة إن لم يكن الزوج متهما, أما إن اتهم بقصد حرمانها فإنها تستحق الميراث.
39- يكون إقرار المريض صحيحا ويقبل إذا لم يتهم فيه سواء كان المقَرُّ له وارثا أم أجنبيا, ويرد إن كان متهما فيه, وهذا قول المالكية وبعض الشافعية.
40- متى صح الإقرار ترتب عليه أثره وهو الدين المقر به, فيستحق المقر له الدين ويتعلق حقُّه بماله دونما تفريق بين المقر له حال الصحة أو حال المرض, بل يتحاصُّون جميعا في المال إذا ضاق عن الديون.
41- إقرار المريض لغيره بعين له في يده يجعل المقر له أحق بتلك العين أقوى من تعلقه بالذمة.
42- يصح إقرار المريض باستيفاء دينه من الوارث أو الأجنبي إذا لم يتهم في إقراره ولا يصح إن اتهم.
43- يصح الإقرار بالنكاح في المرض إذا لم يظهر ما ينافي إقرارَه أو تُكذِّبه القرائن.
44- يصح إقرار المريض بالطلاق إذا لم يتهم الزوج بأن وجد عذر لتأخيره أو صدَّقته الزوجة.
45- يصح إقرار المريض بنسبِ شخصٍ منه وإن ورثه بسبب إقراره ما لم يوجد ما يُكذِّبه من أدلة وقرائن.
46- يصح إقرار المريض بكفالة سواء أسندها لزمن الصحة أو زمن المرض إذا انتفت التهمة أو عُلمَ صدقه.
47- يجوز عفو المريض عن دم العمد.
48- يجوز عفو المريض عن دم الخطأ ويكون في الثلث.
49- تجوز الوصية للقاتل عمدا أو خطأ إن طرأت الوصية على القتل, أما إذا سبقت الوصية القتل فإن الموصى له متهم باستعجال الوصية فيعاقب بحرمان ما استعجل..
50- عفو المريض عن بعض أو كل ماله يعتبر تبرعا يأخذ حكم الوصايا.
موضوع أطروحة الدكتوراه
مقاصدنظام الأسرةفي التشريع الإسلامي
ملخص أطروحة الدكتوراه
أهم مميزات التشريع الإسلامي في مجال الأس عن القوانين الوضعية، ثم النتائج المتوصل إليها والتوصيات التي يمكن تسجيلها مما يتعلق بموضوع البحث.
أ-مميزات التشريع الإسلامي في مجال الأسرة:
لما كان التشريع الذي أرساه الإسلام للأسرة مستمدا من الوحي المعصوم وقواعد الشريعة المستنبطة منه كان من الطبيعي أن يأخذ هذا النظام من صفات هذا التشريع ما يميزه عن سائر التشريعات الوضعية التي اجتهد البشر في سنها وتهذيبها من وقت إلى آخر ويختلف عنها في مواطن عديدة منها:
1-ارتباطه بالجانب الإيماني العقدي وبالتالي بمفهوم الجزاء الأخروي الذي يدفع المسلم إلى العمل الصالح والإحسان في المعاملة دونما حاجة إلى السلطة رادعة التي تعتمدها مختلف القوانين لفرض احترامها وحمل الناس على الانصياع والانقياد لها، ومن هنا تبرز أهمية التربية الإيمانية في المجتمع الإسلامي وأثرها في صلاح الأفراد ثم صلاح المجتمع واستقامة سلوكهم.
2- قيام نظام الأسرة في النظام الإسلامي على التعاون والمودة والرحمة والرقي بالعلاقات داخلها إلى مرتبة العبادة التي يؤجر المرء عليها، بدلا من المبالغة في سرد الواجبات والحقوق وتذكير كل فرد بها وإلزام الطرف الآخر بالوفاء بجميعها والمحاسبة الصارمة على كل خطأ أو تجاوز يصدر من هذا الطرف أو ذاك كما هو شأن القوانين وبالتالي تحويل البيوت إلى ثكنات عسكرية مصغرة تصدر فيها الأوامر الصارمة بتطبيق القوانين وأداء الحقوق...ما يعنت الأسر ويحولها إلى حلبات صراع أو قاعات محاكم.
3- التكامل الموضوعي بين مختلف مراحل البناء الأسري في النظام الإسلامي، فترى الخطبة ممهدة لعقد زواج يحقق الديمومة والاستقرار بما يصاحبه من توثيق وتقوية بالولي والشهود والصداق ثم ما شرعه من إصلاح وتنازل ووفاء بالشروط وأمر بالصبر على المكاره التي من شأنها أن تنغِّص الزوجية وتقي من وقوع الفراق وتحريم إيقاع الطلاق في أكثر الأوقات وتنظيمه لئلا يقع إلا عندما يكون حلا للعائلة ومخرجا لها من أزمة، في حين تركز القوانين على الجوانب المادية فقط في الموضوع كاسترجاع هدايا الخطبة عند العدول أو الخلاف على متاع البيت أو التعويض على الطلاق ...ولا تكترث بالجوانب الأخلاقية والتربوية التي تعد أساس استقرار الأسر.
4- التناسق الموضوعي بين نظام الأسرة ونظام المجتمع من الجانب الأخلاقي والاقتصادي والتربوي وعدم الفصل بينها باعتبارها تكون لحمة متجانسة يخدم بعضها بعضا، فلا يمكن أن تتحقق مقاصد الإسلام من تكوين الأسرة من دون أن يصاحبها منع الفواحش والمنكرات كالزنا وسائر صور المخادنة ولا يمكن المحافظة على قداسة الزوجية ثم نبيح التعري والاختلاء بين الجنسين وجعل ذلك ثقافة شائعة في المجتمع، ولا يتحقق العفاف والطهر المقصود بالزواج إذا كان الزنا عملا مشروعا في نظر القانون لا يجرم ولا يعاقب عليه.
5- إن نجاح أي قانون أو نجاعَته تقاس بمدى احترام الناس له وانقيادهم لنصوصه ظاهرا وباطنا سرا وعلانية، ولا يتأتى ذلك إلا باعتقاد الناس بعدالة تلك القوانين وانسجامها مع معتقداتهم وعدم مخالفتها لأحكام ما يتبعون من مذهب أو دين، ولا يكون سن القوانين كافيا لتربية المجتمعات وجعلهم يحترمون المبادئ والقيم التي تطرح عليهم ما لم يصدر ذلك بدافع الإيمان والعقيدة، فإذا لم تكن كذلك اخترعوا الحيل وتفننوا في ما يجعلهم يتملصون منها، وتلك هي طبيعة القوانين التي لا تراعي معتقدات الناس ومذاهبهم وإنما تستورد كما تستورد البضائع والسلع.
6-المرونة التي تطبع نظام الأسرة في التشريع الإسلامي تجعله يستجيب للتغيرات الحاصلة في المجتمع مع محافظته على المبادئ والأسس التي قام عليها وتحقيقه للمقاصد التي شرع لها تغني عن المراجعة المتتالية والمستمرة التي تخضع لها القوانين الوضعية التي تفرضها النقائص المسجلة في نصوصها وعجزها عن معالجة المشاكل الحادثة.
7- إن نظام الأسرة في التشريع الإسلامي يهدف إلى تربية المجتمع والسير به نحو الخيرية والصلاح والحياة الطيبة ماديا ومعنويا عاجلا وآجلا ولا يهدف فقط إلى حل مشاكل آنية أو معالجة قضايا عاجلة ولو كانت مقطوعة عن رسالة الأمة ودورها في الحياة.
ب- النتائج :
من خلال هذا العرض للمسائل المتعلقة بنظام الأسرة في التشريع الإسلامي ودراسة جزئيات موضوعها المربوطة بالحكم والمقاصد يمكننا تسجيل جملة من النتائج:
أ‌- وجود نظام إسلامي متكامل للأسرة يؤهلها للقيام بدورها الاجتماعي والتربوي في الأمة يجمع بين أصالة المبدأ والقابلية للتطور والاستجابة للظروف المستجدة.
ب‌- ارتباط أحكام الأسرة في نظام التشريع الإسلامي بحكم ومقاصد عامة وخاصة شرعت لتحقيقها.
ت‌- الاختلاف الجوهري بين منهج الإسلام في بناء الأسرة والمحافظة عليها وبين المناهج القانونية الأخرى التي عرفتها مختلف المجتمعات البشرية.
ث‌- ارتباط أحكام الأسرة في النظام الإسلامي بالجانب العقدي والأخلاقي الذي أسَّسَه الإسلام، وأي فصل بينها يفضي إلى تعطيلها تعطيلا جزئيا ومنعِ التطبيق الحسن لها وطمسِ المقاصد الشرعية للنظام الإسلامي.
ج‌- الحاجة المُلِحَّة إلى إثراء قضايا الأسرة في المجتمعات الإسلامية لمواكبة المستجدات الاجتماعية والعرفية الحاصلة في الأمة بما يتفق ونصوص الشرع ويحقق مقاصده الكلية أو الجزئية.
ح‌- وجوب التفريق في قضايا الأسرة بين الثابت بالشرع أو الوحي الذي لا تجوز مخالفته وبين الثابت بالاجتهاد الذي يحتمل المخالفة وتغير الحكم تبعا لتغير المصلحة أو العرف.
خ‌- ضرورة اجتهاد علماء الشريعة في استقراء نصوصها واكتشاف مقاصدها في كل مجالات الحياة واستثمارها في ترقية الحياة وبناء الحضارة الإسلامية التي تقوم على العدل والرحمة والتكافل.
د‌- إن سلامة المجتمع وصلاحه مرهون بمدى صلاح الأسرة ونجاحها في القيام بدوره الذي أناطه الشارع بها، وأي تقصير في هذا الدور يعود بالسلب والخسران على الأمة والمجتمع.
ذ‌- مراعاة المنهج الإسلامي الجانب الفطري والعاطفي للإنسان وبناء أحكامه عليها لتسهيل تنفيذها وتحقيق الانتفاع المقصود للإنسان.
ر‌- خطورة اللجوء إلى البدائل الغربية في قوانين الأسر في البلدان الإسلامية لارتباط النظام الأسري بكثير من أمور العقيدة ومسائل الحلال والحرام التي لا يجوز تجاوزها تحت أي ذريعة،لمصادمتها لصريح النصوص وقواعد الشرع وبالتالي عدم احترام جمهور الأمة لهذه الحلول واستهجانها وهو أمر ناتج عن جهل دعاة استيراد هذه القوانين فضلا عن الغربيين بحقيقة النظام الإسلامي الذي رسمه لإنشاء وتسيير الأسرة والمجتمع.
ز‌- وجوب انتقاء الأحكام والقوانين التي تنظم الأسرة بما يحقق مقاصد الشرع ويستجيب للتطورات التي عرفها المجتمع لتحقيق الأسرة المتماسكة والمتكافلة التي تنفع المجتمع وتخدم الأمة ورسالتها السامية.
س‌- وجوب التفريق بين الحكم الشرعي الثابت بالنقل وبين ما أثبته الفقهاء بناء على اجتهادات قد تكون راعت أعراف بلدانهم والتي قد لا ينطبق كثير منها على مجتمعاتنا المعاصرة فيكون في إلزامهم بمقتضاها حملا على ما لم يعهدوا من العادات وليس بحكم الشرع وفي ذلك إعنات وإحراج لهم.
ش‌- ضرورة تقبل الخلافات المذهبية وانتقاء ما يخدم الأمة ويحقق لها البدائل والحلول المناسبة لأوضاعها الراهنة مع وجوب تفعيل قواعد الشرع واستنطاق دلالات النصوص واستثمارها وفق أصول التشريع ومقاصد الشرع.
ص‌- إن تربية المجتمع الصالح لا يتحقق في الوجود إلا عبر الأسرة الناجحة في تكوين الأجيال وتعليمهم وتربيتهم بما يحقق للأمة أهدافها ومبادئها والدفاع عن كرامتها، وأي تفريط أو تقصير في دور الأسرة سينهعكس سلبا على المجتمع بأسره.
ت-التوصيات :
وأما يمكن تسجيله وتوجيهه من توصيات متعلقة بالبحث موجهة إلى الباحثين أو إلى فعاليات المجتمع من هيئات ومؤسسات فيمكن تلخيصها فيما يلي:
• ضرورة ربط أحكام الأسرة بالمنهج العام الذي رسمه الإسلام لتنظيم حياة الناس وعدم فصل قضايا الأسرة عن هذا المنهج العام حتى تكون الحلول ناجعة منسجمة مع قصد الشارع وللتكامل الوثيق بين أجزاء الجسد الواحد.
• ضرورة اجتهاد علماء الشريعة في استقراء نصوصها واكتشاف مقاصدها في كل مجالات الحياة واستثمارها في ترقية الحياة وبناء الحضارة الإسلامية التي تقوم على العدل والرحمة والتكافل.
• تفادي البدائل الغربية في قوانين الأسر في البلدان الإسلامية لعدم ملاءمتها للنظام الاجتماعي الذي رسمه الإسلام واختلاف الفلسفة التي يقوم عليها كل منهما مع ارتباط تنظيم الأسرة بكثير من أمور العقيدة ومسائل الحلال والحرام التي لا يجوز تجاوزها التي تمثل جوهر الإسلام.
• وجوب الاعتناء بالأجيال وإعدادها إعدادا متكاملا يراعي الجوانب الصحية والذهنية والنفسية والسلوكية والعاطفية وفق رسالة الأمة ودينها وحضارتها وما يراد منه تحقيقه من أهداف أو ينتظره من تحديات.
• على الهيئات التشريعية في كل بلد انتقاء الأحكام التي تنظم الأسرة وإعداده بدراسة دقيقة وفي حكمة وروية بعيدا عن كل ارتجال أو رد فعل لاجتناب السلبيات والمخاطر الناجمة عن سوء التقدير والخطأ في الاختيار التي تهدد أجيالا من الأمة.
• على المشرِّع أن يجتنب سن أي حكم يصادم المألوف من الأحكام أو ما فيه مخالفة للشريعة التي تؤمن الأمة بقدسيتها وأهليتها للتطبيق والانصياع لأن ذلك يفضي إلى عدم الاقتناع بالقانون نفسه وهذا يؤدي إلى التحايل على مخالفته والحيلولة دون احترامه وتحقيق أهدافه.
• وجوب الإثراء الدوري لمدونات الأحوال الشخصية المستمدة من التشريع الإسلامي ومراجعتها مراعاة لاختلاف الظروف وكثرة المستجدات والاجتهاد في جعلها موافقة للشريعة مواكبة للتطور الحاصل في المجتمع في الوقت نفسه.
• على الباحثين وطلبة العلم بذل مزيد من الجهود لإبراز المقاصد الشرعية في المجال الاجتماعي والنفسي والتربوي والسنن الكونية والتاريخية واستثمارها بما يخدم الأمة ورسالتها العالمية للإنسانية جميعا، وسد التخلف والقصور المسجل في هذه المجالات الحيوية للأمة بما يسهم في نهضة حضارية تناسب عظمة رسالة الإسلام.
• على كافة المعنيين بقضايا المرأة والأسرة والطفولة والشيخوخة وغيرها طرح النظر الشرعي الذي بيَّنه الإسلام وفلسفته في الحل الذي يطرحه -في مختلف المؤتمرات والتجمعات الدولية والإقليمية - لإنقاذ البشرية التي لم تهتد إلى كثير من القيم والمبادئ الإسلامية وغرقت في ظلمات الانحلال والتفكك والتيه ......بسبب تقصير كثير من المسلمين في التبليغ وانبهارهم بكل ما جاء من الغرب ولو كان في حالة حيرة من أمره! فبإمكان المسلمين القيام بدور المعلِّم الذي يمد غيره بما يحمل من مبادئ بدل الاكتفاء بمنزلة المتلقي دائما...
والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
أعلى