الرخصة الشرعية في الفقه المالكي نماذج مختارة من القرن التاسع و العاشر
ملخص رسالة الماجستير
حاصل القول أن الترخص في أحكام الشريعة أمر بالغ الأهمية وجليل الخطر وقبل كل شيء يجب الفهم السليم والاضطلاع العميق على صلب الموضوع حتى لا نقول على الله غير الحق بجهل منا، فنحلل ما حرم الله أو نحرم ما أحل الله لا سيما والأمر يتعلق بأحكام شرعية تضبط أفعال المكلف في حركاته وسكناته فلما كان الأمر بهذه الأهمية وجبه التثبت عند دراسة هذا الموضوع ومعرفة كل ما يروم تلك الأحكام الكلية المشروعة على وجه الابتداء والتي تكون عادة مطردة ومستوعبة لكل الوقائع والأحداث والأمكنة والأزمنة و جل الأشخاص، فإذا استوعبنا هذا علمنا أنه يطلق على العزيمة. وفي مقابلها تأتي الرخصة، وواقعها أنها تغير من حكم أصعد أو مساو إلى أسهل، ولا تأتي إلا لعذر قد يكون مرضا أو غيره من الأعذار و أنها تتميز عن النسخ بأنها تزول بزوال العذر عكس الحكم الناسخ الذي يستمر بقاؤه فتكون بذلك حكما مستثنيا من أصل كلي تكييفا مع الواقع و مراعاة للمصلحة من حفاظ على النفس وسوى ذلك، مما يدفع الضرر الذي يهدد المكلف .
وإزاء هذا الواقع والوضع المحرج تأتي الرخصة تيسيرا وتسهيلا على العباد وتماشيا مع روح الشريعة التي تبعث بالرحمة والتوسعة، وقفنا عند آيات قرآنية من مثل: "فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه ". "سيجعل الله بعد عسر يسرا"، ونصوص حديثية منها: أن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه "، و "إن الله لم يبعثني معنتا ولا متعنتا ولكن بعثني معلما ميسرا "، وذكرنا أن للرخصة تقسيمات عديدة.
وذكرت أن للرخصة تقسيمات عديدة لدى العلماء وذلك باعتبارات، فوقفت عند تقسيمها باعتبار حكمها وحسب التخفيف فيها ، فمزجت بين الاعتبارين من أجل أن يكون البحث مختصرا ومرتبا وذلك كما سبق معانا من باب اللف والنشر المرتب، وكان التقسيم في ذلك باعتبارين. ذكرت في تقسيم الأول أربعة أنواع ملحقة بأمثلة توضيحية، ومثلت في التقسيم الثاني بنماذج توضح وجه التخفيف في الرخص الشرعية بخاصة والشريعة الإسلامية السمحة عامة.
وفي بحثي هذا كانت الحاجة ماسة إلى طرح الضرورة كمفهوم ودراسته واستخلاص علاقته بالرخصة الشرعية، لئلا نقع في الأخطاء التي شاعت في صفوف مجتمعات أمتنا الإسلامية، حيث أصبح كثير من الناس يدعي الضرورة ليضع لنفسه طريقا نحو ما أراد تحقيقه دون ما مستند علمي. وقد علمنا أن هذه الضرورة لها إطلاقين اثنين، أحدهما أعم و الآخر أخص منه، فأما الأول يكون من قبيل المصلحة بل يتصف بأعلى درجات المصلحة و أقواها، والثاني يتمثل في كون مضطر وهذا الاضطرار يعد سببا للرخصة، فمن هنا ساغ لي أن أفتح مطلبا آخر، أتناول فيه علاقة الضرورة بالرخصة، وذكرت أوجه الاتفاق والاختلاف وتوصلت إلى أن كلا من الرخصة والضرورة له قيود يتقيد بها وضوابط تضبطه، فإذا استوعبنا هذا علمنا متى تكون الضرورة، وطبيعة عملها، وكيف نتعامل معها بقواعد فقهية حاكمة لحالتها ومستوعبة لها.
هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز ) للمساعدة في تخصيص المحتوى وتخصيص تجربتك والحفاظ على تسجيل دخولك إذا قمت بالتسجيل.
من خلال الاستمرار في استخدام هذا الموقع، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط.