العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

كل من أكره على قول ولم ينوه مختارا فإنه لا يلزمه , أو أكره على فعل تبيحه الضرورة فلا شئ عليه

إنضم
25 يونيو 2008
المشاركات
1,762
الإقامة
ألمانيا
الجنس
ذكر
التخصص
أصول الفقه
الدولة
ألمانيا
المدينة
مونستر
المذهب الفقهي
لا مذهب بعينه
قاعدة :
كل من أكره على قول ولم ينوه مختارا فإنه لا يلزمه , أو أكره على فعل تبيحه الضرورة فلا شئ عليه
.[1]
هذه قاعدة من القواعد الجليلة النافعة , تبرز سعة هذه الشريعة ومدى مراعاتها لحاجاتات الناس , ويمكن أن تمثل استدلالا جيدا-هي وأخواتها-, لمن يرى أن الله تعالى لم يحوجنا لأحد حتى ينظر في أمرنا ويخفف عنا برأي أو قياس !..
والإكراه كما يراه الإمام ابن حزم هو كل ما عرف في اللغة والحس إكراها...
وأصل هذه القاعدة عدة نصوص من بينها قوله تعالى :{فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه} وقوله تعالى : {وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه}..
وقد خصص الإمام ابن حزم فصلا رائعا للإكراه ترجم له ب"كتاب الإكراه"
قسم في مسألته الأولى الإكراه إلى قسمين : الإكراه على الكلام والإكراه على الفعل .[2]
أما الإكراه على الكلام فلا يجب به شئ أبدا والدليل قوله عليه السلام :"إنما الأعمال بالنيات" فصح أن كل من أكره على قول ولم ينوه مختارا له فإنه لا يلزمه[3].
ومثال الإكراه على الكلام : القذف والكفر وإكراه الذمي على الإيمان...
ومعنى قولنا لا شئ عليه : اي أن ذلك الفعل مباح له , وهذا ما يرفضه أهل القياس فالناظر لمجمل كتبهم –خاصة في الأصول- تجدهم ينصون على أن المكره غير مكلف ويبررون قولهم بأن التكليف هو امتثال الأمر اختيارا , والمكره غير مختار ...
وقولهم هذا غير صحيح بدلالة الكتاب , لقوله تعالى : :{فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه} وما لاإثم عليه فهو مباح .
ولقوله تعالى : {وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه} وقد علم بضرورة العقل أن كل فعل لا يخلو من جهة الحكم من أحد الحكمين : حرام أو حلال. فإذا كان المفصل المنصوص على تحريمه حراما , فما اضطررنا غليه فهو مستثنى بدلابة الآية وبالتالي فهو ليس حراما وبالتالي فهو مباح قال ابن حزم رحمه الله:" فمن أكره على شيء من هذا فلا شيء عليه ; لأنه أتى مباحا له إتيانه". فهذا هو حكم الله تعالى في المكره..
أما الإكراه على الفعل : ويتنوع إلى نوعين : قسم تبيحه الضرورة وهو المختص بذات المكره : كاكل الميتة , والسجود لصنم وسواهما..فهذه ضرورة ملجئة والله تعالى أباح الحرام حال الإكراه.
أما النوع الثاني : فهو القسم الذي لا تبيحه الضرورة وهو الذي يقع من المكره على ذوات أناس غيره : كالإكراه على القتل وإفساد المال وسواهما..
ووجه عدم إباحته للضرورة, أن الله تعالى أمرنا بعدم التعاون على الإثم والعدوان وأمرنا بعدم الإعتداء على الغير بغير وجه حق , وفرض علينا استعمال كل النصوص فيستثنى مما أباحته الضرورة ما أدى إلى التعاون على العدوان.. فهذا{النوع} لا يبيحه الإكراه، فمن أكره على شيء من ذلك لزمه القود والضمان ; لأنه أتى محرما عليه إتيانه[4].
ومن الصور المندرجة تحت هذه القاعدة والتي وقع فيها خلاف بين ابن حزم وغيره , مسألة السكران, فإنه عند جماهير أهل القياس مكلف ومنهم الشافعية,فقال السيوطي : "اختلف في تكليفه (السكران) على قولين , والأصح المنصوص في الأم : أنه مكلف . قال الرافعي : وفي محل القولين أربع طرق.."[5] وذكر الطرق.
أما ابن حزم رحمه الله فيرى أنه ليس على السكران إلا حد الشرب أما ما فعله أو قاله حال سكره فلا التفات إليه , لأنه مكره أي واقع تحت ضغط السكر,ومما استدل به أن الله تعالى شهد ان السكران لا يدري ما يقول في قوله (ولا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى)" وإذ لم يدر ما يقول فلا شيء عليه , ولم يختلف أحد من الأمة في أن امرأ لو نطق بلفظ لا يدري معناه - وكان معناه كفرا , أو قذفا , أو طلاقا - فإنه لا يؤاخذ بشيء من ذلك , فإذا كان السكران لا يدري ما يقول , فلا يجوز أن يؤاخذ بشيء مما يقول , قذفا كان أو غير قذف "[6]
--------------------------------------------------------------------------------
[1] - القواعد الفقهية عند ابن حزم ص 242
[2] - المحلى مسألة 1403
[3] - السابق.
[4] - السابق.
[5] - الأشباه والنظائر للسيوطي ص282
[6] - المحلى مسألة 2242
 
أعلى