العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

الحجامة للصائم

إنضم
2 يوليو 2008
المشاركات
2,237
الكنية
أبو حازم الكاتب
التخصص
أصول فقه
المدينة
القصيم
المذهب الفقهي
حنبلي
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه بعض الفوائد والزيادات حول مسألة الفطر بالحجامة كنت كتبتها في ملتقى أهل الحديث ضمن موضوع لأخي الشيخ الفاضل أبي بكر باجنيد ( أبي يوسف التواب ) وهي تحت هذا الرابط :
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=93487
فأحببت أن أضعها هنا للفائدة ومن باب المذاكرة والمدارسة لا أكثر .
وبعد :
فإن هذه المسألة من المسائل التي وقع فيها خلاف قوي بين أهل العلم نظراً لقوة الأدلة النقلية والعقلية وتعارضها واختلاف الفهوم تجاهها ، وهي كنظائرها من المسائل التي يقع فيها الخلاف القوي بين أهل العلم كقراءة الفاتحة في الجهرية للمأموم وزكاة الحلي وبيان أفضل الأنساك في الحج ونحوها من المسائل الشائكة وبعد فهذا ما يتعلق بالمسألة :
الأقوال في المسألة :
اختلف في هذه المسألة على قولين مشهورين :
القول الأول : أن الحجامة لا تفطر .
وهو قول ابن مسعود وابن عباس وابن عمر وأنس وسعد بن أبي وقاص والحسين بن علي وأبي سعيد الخدري وزيد بن أرقم رضي الله عنهم ، و الرواية الثانية عن أبي هريرة وعائشة رضي الله عنهما ، والرواية الثانية عن عطاء وابن سيرين ، وبه قال سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير والقاسم بن محمد وسالم بن عبد الله وسعيد بن جبير والشعبي وطاووس وعكرمة وإبراهيم النخعي وسفيان الثوري وأبو حنيفة ومالك والشافعي وأتباعهم وهو قول ابن حزم وظاهر صنيع البخاري في صحيحه واختاره الشوكاني والصنعاني .

أدلة هذا القول :
الدليل الأول : حديث ابن عباس رضي الله عنهما : " احتجم النبي
sallah.gif
وهو صائم "
رواه عن ابن عباس : عكرمة وسعيد بن جبير وعطاء وطاووس وميمون بن مهران ومقسم والشعبي .
ورواه عن عكرمة ( أيوب السختياني وخالد الحذاء وهشام بن حسان وعبد الأعلى بن عبد الأعلى وجعفر بن ربيعة وعباد بن منصور والنضر والحسن بن زيد وعاصم الأحول )
ورواه عن أيوب ( وهيب بن خالد وعبد الوارث بن سعيد وإسماعيل بن علية ومعمر بن راشد وحماد بن زيد )
ورواه عن هشام بن حسان ( ابن أبي عدي وابن جريج ومحمد بن سواء ومحمد بن عبد الله الأنصاري ويزيد بن هارون ومحمد بن جعفر وروح بن عبادة ويحيى القطان )
وروي عنه على أربعة أوجه :
الأول : بلفظ ( احتجم النبي
sallah.gif
وهو محرم
) رواه بهذا اللفظ :
- هشام بن حسان عن عكرمة به عند أحمد ( 1 /236 ، 246 ، 249 ، 260 ، 372 ) والبخاري ( 2 / 13 ) برقم ( 1835 ) وأبي داود ( 2 / 167 – 168 ) برقم ( 1836 ) وابن حبان ( 9 / 266 ) وغيرهم .
- خالد الحذاء عند أحمد ( 1 / 351 ) وعبد الأعلى بن عبد الأعلى عند الطبراني في الكبير ( 11 / 348 ) كلاهما عن عكرمة به .
- وعمرو بن دينار عن طاووس وعطاء عن ابن عباس به عند أحمد ( 1 / 211 ، 221 ) ومسلم ( 8 / 373 نووي ) برقم ( 1202 ) وأبي داود ( 3 / 309 ) برقم ( 2373 ) والترمذي ( 3 / 189 – 190 ) برقم ( 839 ) والنسائي ( 5 / 193 ) والدارمي ( 2 / 57 ) برقم ( 1821 ) وابن حبان ( 9 / 266 ) وغيرهم .
- عاصم الأحول عن عكرمة به عند الطبراني في الكبير ( 11 / 332 )
الثاني : بلفظ ( احتجم النبي
sallah.gif
وهو صائم
) رواه بهذا اللفظ :
- أبو معمر عبد الله بن عمرو المنقري عن عبد الوارث بن سعيد عن أيوب عن عكرمة عند البخاري ( 2 / 42 ) برقم ( 1939 ) وأبي داود ( 3 / 309 ) برقم ( 2372 ) وابن حبان ( 8 / 300 ) والحاكم في المستدرك ( 1 / 593 ) .
- الحسن بن زيد عند النسائي في الكبرى ( 2 / 233 ) والطبراني في الكبير ( 11 / 234 ) وابن عدي في الكامل ( 2 / 325 ) والطحاوي ( 2 / 101 ) والنضر عند الطبراني في الكبير ( 11 / 257 ) كلاهما عن عكرمة به .
- وأبو سلمة الخزاعي عن الليث عن أبي الزبير عن عطاء به عند أحمد ( 1 / 292 )
- وسعيد بن جبير عند الطبراني في الكبير ( 12 / 35 ) .
- وأبوموسى عن محمد بن عبد الله الأنصاري عن حبيب بن الشهيد عن ميمون بن مهران به عند الترمذي ( 3 / 138 ) برقم ( 776 ) .
- وشعبة عند ابن أبي شيبة في المصنف البخاري في التاريخ الصغير ( 1 /292 ) وحجاج عند ابن أبي شيبة في المصنف ( 2 / 307 ) برقم ( 9313 )كلاهما عن الحكم عن مقسم به .
- إسماعيل بن علية عند النسائي في الكبرى ( 2 / 234 ) وابن أبي شيبة في المصنف ( 2 / 308 ) برقم ( 9315 ) ومعمر بن راشد عند النسائي في الكبرى ( 2 / 234 ) وعبد الرزاق في المصنف ( 4 / 212 ) برقم ( 7536 ) كلاهما عن أيوب عن عكرمة مرسلاً .
- القواريري عن حماد بن زيد عن أيوب عن عكرمة مرسلاً عند النسائي في الكبرى ( 2 / 234 )
- الليث بن سعد وابن لهيعة عن جعفر بن ربيعة عن عكرمة به عند الطبراني في الكبير ( 11 / 363 ) والطحاوي في شرح معاني الآثار ( 2 / 101 ) ورواه يحيى بن أيوب عن جعفر بن ربيعة عن عكرمة مرسلاً عند النسائي في الكبرى ( 2 / 234 )

الثالث : بلفظ ( احتجم النبي
sallah.gif
وهو صائم واحتجم وهو محرم
) رواه بهذا اللفظ :
-وهيب بن خالد عن أيوب عن عكرمة به عند البخاري ( 2 / 42 ) برقم ( 1938 ) والنسائي في الكبرى ( 2 / 233 ) والطبراني في الكبير ( 11 / 317 )
- الحسين بن الوليد عن حماد بن زيد عن أيوب عن عكرمة به عند النسائي في الكبرى ( 2 / 233 )
الرابع : بلفظ ( احتجم النبي
sallah.gif
وهو صائم محرم
) ورواه بهذا اللفظ :
- بشر بن هلال عن عبد الوارث بن سعيد عن أيوب عن عكرمة به عند الترمذي ( 3 / 137 ) برقم ( 775 ) .
- والنضر عن عكرمة به عند الطبراني في الكبير ( 11 / 257 ) .
- ومحمد بن المثنى عند النسائي في الكبرى ( 2 / 235 ) وأبو مسلم عند الطبراني في الأوسط ( 3 / 48 ) وأبي نعيم في الحلية ( 4 / 95 ) ومحمد بن إسحاق الصغاني وعبد الله بن محمد بن محاضر عبدوس الرازي عند الخطيب في تاريخ بغداد ( 5 / 409 – 410 ) أربعتهم عن محمد بن عبد الله الأنصاري عن حبيب بن الشهيد عن ميمون بن مهران به .
- يزيد بن أبي زياد عن مقسم به عند أحمد ( 1 / 215 ) وأبي داود ( 3 / 309 ) برقم ( 2373 ) وابن ماجه ( 1 / 537 ) برقم ( 1682 ) ( 2 / 1029 ) برقم ( 3081 ) والطبراني في الكبير ( 11 / 402 ) وأبي يعلى في مسنده ( 4 / 355 ) والطحاوي في شرح معاني الآثار ( 2 / 101 ) وأبي نعيم في الحلية ( 8 / 214 ) والبخاري في التاريخ الصغير ( 1 / 292- 293 ) وابن عبد البر في التمهيد ( 23 / 163 )
- وابن أبي ليلى عن الحكم عن مقسم به عند الطحاوي في شرح معاني الآثار ( 2 / 101 ) .
- الشعبي عند الطبراني في الكبير ( 12 / 91 ) ومجاهد عند الطبراني في الكبير ( 11 / 79 ) وابن عدي في الكامل ( 4 / 208 ) كلاهما عن ابن عباس به .

التعليق على هذه الروايات :
أما رواية ( احتجم وهو محرم ) فمتفق عليها ولا يحتج بها هنا .
وأما رواية " احتجم وهو صائم " فهي اختصار لرواية " احتجم وهو محرم واحتجم وهو صائم " وقد اختلف في صحة هذه الرواية فالبخاري والترمذي يصححان رواية الصوم وخالفهما يحي بن سعيد القطان وأحمد وابن المديني فضعفوا رواية الحجامة في الصوم وهو ما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية _ رحمه الله _ :
( قال مهنا : سألت أحمد عن حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو محرم صائم فقال : ليس فيه صائم إنما هو محرم ذكره سفيان عن عمرو بن دينار عن طاووس عن ابن عباس احتجم النبي على رأسه وهو محرم وعن طاووس وعطاء مثله عن ابن عباس وعن عبد الرزاق عن معمر عن ابن خثيم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس مثله وهؤلاء أصحاب ابن عباس لا يذكرون صائما .
قلت : وهذا الذي ذكره الإمام أحمد هو الذي اتفق عليه الشيخان البخاري ومسلم ولهذا اعرض مسلم عن الحديث الذي ذكر حجامة الصائم ولم يثبت إلا حجامة المحرم ) مجموع الفتاوى ( 25 / 253 )
ولو صحت فلا حجة فيها هنا كما سيأتي .
وأما رواية ( احتجم وهو صائم محرم ) فهي التي احتج بها من يرى الحجامة لا تفطر ووجهه :
أن سماع ابن عباس رضي الله عنهما من النبي صلى الله عليه وسلم عام الفتح ولم يكن يومئذ محرما ولم يصحبه محرما قبل حجة الإسلام فذكر ابن عباس حجامة النبي عام حجة الإسلام سنة عشر وحديث أفطر الحاجم والمحجوم سنة ثمان فإن كانا ثابتين فحديث ابن عباس ناسخ كذا قال الشافعي وابن عبد البر وغيرهما .
لكن يجاب عن هذا بأجوبة :
الجواب الأول :
الطعن في صحة الرواية وذلك أنها كما سبق وردت من رواية بشر بن هلال عن عبد الوارث بن سعيد عن أيوب عن عكرمة به ، والنضر عن عكرمة به ، ومحمد بن المثنى وأبي مسلم ومحمد بن إسحاق الصغاني وعبد الله بن محمد بن محاضر عبدوس الرازي أربعتهم عن محمد بن عبد الله الأنصاري عن حبيب بن الشهيد عن ميمون بن مهران به ، ويزيد بن أبي زياد عن مقسم به ، وابن أبي ليلى عن الحكم عن مقسم به ، والشعبي عن ابن عباس به .
- أما بشر بن هلال فقال ابن حبان في الثقات ( 8 / 144 ) عنه :
( يغرب ) وهو وإن كان محله الصدق ومن رجال مسلم إلا أنه خالف هنا رواية الثقات ، وقد رواه النسائي في الكبرى عنه بلفظ " احتجم وهو صائم " بدون ذكر الإحرام .
- أما رواية النضر فالنضر هو ابن عبد الرحمن أبو عمر الخزاز ضعفه أحمد وابن معين وأبو زرعة وأبو حاتم وأبو داود وغيرهم .
- وأما رواية محمد بن عبد الله الأنصاري فهي التي تكلم عليها يحي القطان ومعاذ بن معاذ والإمام أحمد وابن المديني .
قال أبو خيثمة : أنكر معاذ بن معاذ ويحيى بن سعيد حديث الأنصاري عن حبيب بن الشهيد عن ميمون بن مهران عن بن عباس احتجم النبي صلى الله عليه وسلم وهو محرم صائم .
وقال أبو بكر الأثرم : سمعت أبا عبد الله يعني أحمد بن حنبل يقول : ما كان يضع الأنصاري عند أصحاب الحديث إلا النظر في الرأي وإما السماع فقد سمع قال : وسمعت أبا عبد الله ذكر الحديث الذي رواه الأنصاري عن حبيب بن الشهيد عن ميمون عن بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو صائم فضعفه وقال : كانت ذهبت للأنصاري كتب فكان بعد يحدث من كتب غلامه أبي حكيم أراه قال وكان هذا من ذلك .
وسئل علي بن المديني عن حديث الأنصاري عن حبيب بن الشهيد عن ميمون بن مهران عن بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو صائم فقال : ليس من ذلك شيء إنما أراد حديث حبيب عن ميمون عن يزيد بن الأصم تزوج النبي
sallah.gif
ميمونة محرماً .
ينظر : تاريخ بغداد ( 5 / 410 ) الكامل لابن عدي والضعفاء للعقيلي ( 4 / 91 ) تهذيب الكمال ( 25 / 545 )
وقال الحافظ في الفتح ( 1 / 440 ) : ( أنكر عليه يحيى القطان وغيره حديثه عن حبيب بن الشهيد عن ميمون بن مهران عن بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو صائم قال بن المديني : صوابه عن ميمون عن يزيد بن الأصم أن النبي
sallah.gif
تزوج ميمونة وهو محرم وقال أبو داود : كان قد تغير تغيرا شديدا وقال أحمد : ذهبت له كتب فكان يحدث من كتاب غلامه يعني فكأنه دخل عليه حديث في حديث )
وقال ابن القيم في زاد المعاد ( 2 / 56 ) : ( ولا يصح عنه أنه احتجم وهو صائم قال الإمام أحمد : وقد رواه البخاري في صحيحه قال أحمد : حدثنا يحيى بن سعيد قال : لم يسمع الحكم حديث مقسم في الحجامة في الصيام يعني حديث سعيد عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس أن النبي
sallah.gif
احتجم وهو صائم محرم "
قال مهنا : وسألت أحمد عن حديث حبيب بن الشهيد عن ميمون بن مهران عن ابن عباس أن النبي
sallah.gif
احتجم وهو صائم محرم فقال : ليس بصحيح قد أنكره يحيى بن سعيد الأنصاري إنما كانت أحاديث ميمون بن مهران عن ابن عباس نحو خمسة عشر حديثا
وقال الأثرم : سمعت أبا عبد الله ذكر هذا الحديث فضعفه .
وقال مهنا : سألت أحمد عن حديث قبيصة عن سفيان عن حماد عن سعيد بن جبير عن ابن عباس : احتجم رسول الله
sallah.gif
صائما محرما فقال : هو خطأ من قبل قبيصة وسألت يحيى عن قبيصة بن عقبة فقال : رجل صدق والحديث الذي يحدث به عن سفيان عن سعيد بن جبير خطأ من قبله قال أحمد : في كتاب الأشجعي عن سعيد بن جبير مرسلا أن النبي
sallah.gif
احتجم وهو محرم ولا يذكر فيه صائما .
قال مهنا : وسألت أحمد عن حديث ابن عباس أن النبي
sallah.gif
احتجم وهو صائم محرم ؟ فقال : ليس فيه " صائم " إنما هو محرم ذكره سفيان عن عمرو بن دينار عن طاووس عن ابن عباس احتجم رسول الله
sallah.gif
على رأسه وهو محرم ورواه عبد الرزاق عن معمر عن ابن خثيم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس احتجم النبي صل
sallah.gif
وهو محرم وروح عن زكريا بن إسحاق عن عمرو بن دينار عن عطاء وطاووس عن ابن عباس أن النبي
sallah.gif
احتجم وهو محرم وهؤلاء أصحاب ابن عباس لا يذكرون صائما )
- وأما رواية يزيد بن أبي زياد عن مقسم فيزيد ضعفه أحمد وابن معين وأبو زرعة وأبو حاتم وغيرهم .
- وأما رواية ابن أبي ليلى عن الحكم عن مقسم فهي التي أعلها أحمد بالانقطاع إذ الحكم لم يسمع من مقسم كذا قال يحيى بن سعيد وشعبة والبخاري في الضعفاء وغيرهم .
( قال الميموني عن أحمد قال شعبة لم يسمع الحكم من مقسم حديث الحجامة وفي موضع آخر عن أحمد لم يسمع الحكم من مقسم إلا أربعة أحاديث وأما غير ذلك فأخذها من كتاب ) تهذيب التهذيب ( 2 / 372 )
قال العلائي : ( وعدها يحيى القطان حديث الوتر وحديث القنوت وحديث عزمه الطلاق وجزاء ما قتل من النعم والرجل يأتي امرأته وهي حائض قالا وما عدا ذلك كتاب وفي رواية عد حديث الحجامة للصائم منها وإن حديث الرجل يأتي امرأته وهي حائض يتصدق بدينار ليس بصحيح وشعبة يقول لم يسمع الحكم من مقسم حديث الحجامة في الصيام ) جامع التحصيل ( ص 167 )
قال الحافظ في التهذيب ( 2 / 372 ) : ( وقال أحمد وغيره : لم يسمع الحكم حديث مقسم كتاب إلا خمسة أحاديث وعدها يحيى القطان : حديث الوتر والقنوت وعزمة الطلاق وجزاء الصيد والرجل يأتي امرأته وهي حائض رواه بن أبي خيثمة في تاريخه عن علي بن المديني عن يحيى )
على أن مقسما نفسه قد تُكلم فيه :
قال الحافظ في مقدمة الفتح ( ص 445 ) : ( قال ابن سعد : كان ضعيفا وقال الساجي : تكلم الناس في بعض روايته ، قلت : لم يخرج له البخاري في صحيحه إلا حديثا واحدا ذكره في المغازي من طريق هشام بن يوسف وفي التفسير من طريق عبد الرزاق كلاهما عن بن جريج عن عبد الكريم الجزري عنه عن بن عباس لا يستوي القاعدون من المؤمنين عن بدر والخارجون إلى بدر كذا أورده مختصرا وأخرجه الترمذي من طريق حجاج عن بن جريج بتمامه وهو من غرائب الصحيح )

- وأما رواية الشعبي عن ابن عباس فهي من رواية شريك عن عاصم الأحول عن الشعبي عن ابن عباس به وشريك هو ابن عبد الله النخعي تغير حفظه لما تولى القضاء وقد بين أبو حاتم الرازي _ رحمه الله _ الخطأ في الرواية :
قال ابن أبي حاتم في العلل ( 1 / 230 ) برقم ( 668 ) : ( سألت أبي عن حديث رواه شريك عن عاصم الأحول عن الشعبي عن ابن عباس أن النبي
sallah.gif
احتجم وهو صائم محرم فقال : خطأ أخطأ فيه شريك وروى جماعة هذا الحديث ولم يذكروا صائماً محرماً إنما قالوا : " احتجم وأعطى الحجام أجرة " فحدث شريك هذا الحديث من حفظه بآخرة وقد كان ساء حفظه فغلط فيه )
وأما رواية مجاهد فهي من طريق عبد الله بن خراش عن العوام بن حوشب عن مجاهد به وعبد الله بن خراش ضعيف :
قال أبو زرعة : ليس بشيء ضعيف .
وقال أبو حاتم : منكر الحديث ذاهب الحديث ضعيف الحديث .
وقال البخاري : منكر الحديث .
وقال أبو أحمد بن عدي : عامة ما يرويه غير محفوظ .
وقال النسائي : ليس بثقة .
ينظر : تهذيب التهذيب ( 5 / 173 ) الكامل لابن عدي ( 4 / 208 ) الضعفاء للعقيلي ( 2 / 243 ) الضعفاء والمتروكين للنسائي ( ص 61 )

الجواب الثاني :
لو صحت الرواية فلا دلالة فيها على النسخ لأنه لا يعلم تاريخه ودعوى النسخ لا تثبت بمجرد الاحتمال ولا دليل على أن ذلك كان بعد قوله " أفطر الحاجم والمحجوم " فإن حديث " أفطر الحاجم والمحجوم " كان في رمضان سنة ثمان من الهجرة عام الفتح كما جاء في حديث شداد والنبي
sallah.gif
أحرم بعمرة الحديبية سنة ست وأحرم من العام القابل بعمرة القضية وكلا العمرتين قبل ذلك ثم دخل مكة عام الفتح ولم يكن محرماً ثم حج حجة الوداع فاحتجامه وهو صائم محرم لم يبين في أي إحراماته كان وإنما تمكن دعوى النسخ إذا كان ذلك قد وقع في حجة الوداع أو في عمرة الجعرانة حتى يتأخر ذلك عن عام الفتح الذي قال فيه " أفطر الحاجم والمحجوم " ولا سبيل إلى بيان ذلك .
فإن قيل : رواية ابن عباس رضي الله عنهما للحديث وهو ممن صحب النبي بعد الفتح ولم يصحب ابن عباس النبي
sallah.gif
محرما والفتح لم يحرم فيه النبي
sallah.gif
فلم يبق إلا حجة الوداع وهذا يدل على التأخر ذكر هذا الشافعي وابن عبد البر وغيرهما.
أجيب عن هذا أن ابن عباس رضي الله عنهما لم يقل شهدت رسول الله ولا رأيته فعل ذلك وإنما روى ذلك رواية مطلقة ومن المعلوم أن أكثر روايات ابن عباس إنما أخذها من الصحابة والذي فيه سماعه من النبي لا يبلغ عشرين قصة كما قاله غير واحد من الحفاظ فمن أين لكم أن ابن عباس لم يرو هذا عن صحابي آخر كأكثر رواياته ، وقد روى ابن عباس أحاديث كثيرة مقطوع بأنه لم يسمعها من النبي صلى الله عليه وسلم ولا شهدها ونحن نقول إنها حجة لكن لا نثبت بذلك تأخرها ونسخها لغيرها ما لم يعلم التاريخ .
قال الحافظ في تهذيب التهذيب ( 5 / 243 ) :
( فائدة : روى عن غندر أن ابن عباس لم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم إلا تسعة أحاديث وعن يحيى القطان عشرة وقال الغزالي في المستصفى أربعة وفيه نظر ففي الصحيحين عن ابن عباس مما صرح فيه بسماعه من النبي
sallah.gif
أكثر من عشرة وفيهما مما يشهد فعله نحو ذلك وفيهما مما له حكم الصريح نحو ذلك فضلا عما ليس في الصحيحين )
الجواب الثالث :
أنه ليس فيه أن الصوم كان فرضاً ولعله كان صوم نفل خرج منه ذكره ابن حزم وابن القيم .
الجواب الرابع :
حتى لو ثبت أنه صوم فرض فالظاهر أن الحجامة إنما تكون للعذر ويجوز الخروج من صوم الفرض بعذر المرض والواقعة حكاية فعل لا عموم لها .
الجواب الخامس :
أن هذه القصة لم تكن في رمضان فإنه
sallah.gif
لم يحرم في رمضان فإن عمره كلها كانت في ذي القعدة وفتح مكة كان في رمضان ولم يكن محرماً فغايتها في صوم تطوع في السفر وقد كان آخر الأمرين من رسول الله الفطر في السفر ولما خرج من المدينة عام الفتح صام حتى بلغ الكديد ثم أفطر والناس ينظرون إليه ثم لم يحفظ عنه أنه صام بعد هذا في سفر قط ولما شك الصحابة في صيامه يوم عرفة أرسلوا أم الفضل إليه بقدح فشربه فعلموا أنه لم يكن صائماً .
الجواب السادس :
أن النبي إنما احتجم و هو صائم في سفر لا في حضر لأنه لم يكن قط محرماً مقيماً ببلده إنما كان محرماً و هو مسافر و المسافر يحق له الفطر بأي نوعٍ من المفطرات أكل أو شرب أو حجامة . ذكره ابن خزيمة في صحيحه ( 3 / 227 ) والحاكم في المستدرك ( 1 / 593 ) وابن حزم في المحلى ( 6 / 204 )

ينظر في بعض هذه الأجوبة : تهذيب السنن لابن القيم ( 6 / 351 مع عون المعبود )

الدليل الثاني :
ما رواه عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري
radia.gif
أن رسول الله
sallah.gif
قال : " ثلاث لا يفطرن الصائم القيء والحجامة والاحتلام "
أخرجه الترمذي ( 3 / 88 ) برقم ( 719 ) وابن خزيمة ( 3 / 235 ) برقم ( 1978 ) وابن حبان في المجروحين ( 2 / 58 ) والبيهقي ( 4 /220 ، 264 ) وابن عدي في الكامل ( 4 / 271 ) وعبد بن حميد في مسنده ( ص 297 ) وأبو نعيم في الحلية ( 8 / 357 )
وقد أُعل هذا الحديث بعلتين :
العلة الأولى : عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ضعيف ضعفه أحمد كما في رواية عبد الله وأبي حاتم وأبي طالب ، وضعفه ابن المديني جداً كما ذكر البخاري وأبو حاتم عنه .
وقال الدوري عن ابن معين : ليس حديثه بشيء .
قال أبو زرعة والنسائي : ضعيف .
وقال أبو حاتم : ليس بقوي في الحديث كان في نفسه صالحاً وفي الحديث واهياً .
وقال البخاري : لا أروي عنه شيئاً نقله عنه الترمذي .
وقال أبو داود : أولاد زيد بن أسلم كلهم ضعيف وأمثلهم عبد الله وقال أيضا أنا لا أحدث عن عبد الرحمن وعبد الله أمثل منه .
وقال ابن خزيمة : عبد الرحمن بن زيد ليس هو ممن يحتج أهل التثبيت بحديثه لسوء حفظه للأسانيد و هو رجل صناعته العبادة و التقشف و الموعظة و الزهد ليس من أحلاس الحديث الذي يحفظ الأسانيد .
وقال البيهقي : ليس بالقوي .
وقال الطحاوي : حديثه عند أهل العلم بالحديث في النهاية من الضعف
وقال الحاكم وأبو نعيم : روى عن أبيه أحاديث موضوعة.
وقال ابن الجوزي : أجمعوا على ضعفه .
ينظر : تهذيب التهذيب ( 6 / 161 ) التحقيق في أحاديث الخلاف ( 2 / 94 )

العلة الثانية : أنه غير محفوظ والصواب فيه :
-عن زيد بن أسلم مرسلا كما في رواية عبد الله بن زيد بن اسلم وعبد العزيز بن محمد وغير واحد عن زيد مرسلا .
-ورواية سفيان الثوري عن زيد بن أسلم عن رجل عن آخر عن النبي صلى الله عليه وسلم به .
قال أبو عيسى الترمذي : ( حديث أبي سعيد الخدري حديث غير محفوظ وقد روى عبد الله بن زيد بن أسلم و عبد العزيز بن محمد وغير واحد هذا الحديث عن زيد بن أسلم مرسلا ولم يذكروا فيه ( عن أبي سعيد ) و عبد الرحمن بن زيد بن أسلم يضعف في الحديث قال سمعت أبا داود السجزي يقول سألت أحمد بن حنبل عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ؟ فقال أخوه عبد الله بن زيد لا بأس به قال وسمعت محمدا يذكر عن علي بن عبد الله المديني قال عبد الله بن زيد بن أسلم ثقة و عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ضعيف قال محمد : ولا أروي عنه شيئاً ) جامع الترمذي ( 3 / 97 )
وقال ابن خزيمة ( 3 / 235 ) : ( سمعت محمد بن يحيى يقول : هذا الخبر غير محفوظ عن أبي سعيد و لا عن عطاء بن يسار و المحفوظ عندنا حديث سفيان و معمر )
وقال أيضا ( 3 / 230 ) : ( و هذا الإسناد غلط ليس فيه عطاء بن يسار و لا أبو سعيد و عبد الرحمن بن زيد ليس هو ممن يحتج أهل التثبيت بحديثه لسوء حفظه للأسانيد و هو رجل صناعته العبادة و التقشف و الموعظة و الزهد ليس من أحلاس الحديث الذي يحفظ الأسانيد )
وقال البيهقي ( 4 / 264 ) : (قال : هكذا رواه عبد الرحمن بن زيد بن أسلم وليس بالقوي )
وذكر أبو حاتم وأبو زرعة والدارقطني والبيهقي _ وابن خزيمة كما سبق _ أن الصحيح ما رواه سفيان الثوري عن زيد بن أسلم عن رجل عن آخر عن النبي صلى الله عليه وسلم .
العلل لابن أبي حاتم ( 1 / 239 – 240 ) برقم ( 698 ) العلل للدارقطني ( 11 / 267 ) السنن الكبرى للبيهقي ( 4 / 220 )
وقال ابن حبان في المجروحين ( 2 / 57 ) : ( عبد الرحمن كان يقلب الأخبار وهو لا يعلم حتى كثر في روايته من رفع الموقوفات وإسناد المرسلات فاستحق الترك ) ثم ذكر الحديث المذكور من منكراته .

تنبيه
:
تُوبع عبد الرحمن بن زيد على رواية الوصل :
1 - تابعه أخوه أسامة بن زيد بن أسلم عن أبيه به مسنداً رواه البزار في مسنده
لكن قال البزار : ( وهذا الحديث إنما يعرف عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه وعبد الرحمن ضعيف جدا فذكرناه عن أخيه أسامة لأنه أحد الإخوة وهم : عبد الله وعبد الرحمن وأسامة ولم يسمع هذا الحديث من رواية أسامة إلا من الحسن بن عرفة عن حماد بن خالد عن أسامة ابن زيد )
2 – وتابعه هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن عطاء به
أخرجه الدارقطني في سننه ( 2 / 183 ) من طريق شعيب بن حرب والطبراني في الأوسط ( 5 / 105 ) من طريق يحيى بن ثابت الجزري كلاهما عن هشام بن سعد به
لكن هشام بن سعد ضعفه أحمد وابن معين والنسائي وابن عدي وذكره العقيلي في الضعفاء
وقال ابن حبان في المجروحين ( 3 / 89 ) : (كان ممن يقلب الأسانيد وهو لا يفهم ويسند الموقوفات من حيث لا يعلم فلما كثر مخالفته الأثبات فيما يروي عن الثقات بطل الاحتجاج به وان اعتبر بما وافق الثقات من حديثه فلا ضير )
وقال الدارقطني في العلل ( 11 / 268 ) : لا يصح عن هشام .
ثم إنه اختلف فيه عليه فرواه يحيى بن ثابت الجزري وشعيب بن حرب عنه من حديث أبي سعيد كما سبق ، ورواه سليمان بن حبان عنه عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن ابن عباس به أخرجه ابن عدي في الكامل ( 3 / 282 ) والبزار في مسنده
3 – وتابعه مالك : رواه الدارقطني في غرائب مالك وابن عدي في الكامل ( 4 / 267 ) من طريق عبد الله بن عيسى بن محمد المديني وراق أبي مصعب عن مطرف عن مالك عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد به
ثم قال الدارقطني : ( لا يصح عن مالك وعبد الله بن عيسى ضعيف )
و أورد الدارقطني في غرائب مالك أيضاً _ كما ذكر الحافظ في لسان الميزان _ وفي العلل ( 11 / 268 ) من طريق عبد الله بن محمد بن عبد العزيز ثنا كامل بن طلحة حدثنا مالك به فذكره ثم قال : قال لنا دعلج _ شيخ الدارقطني _ : قال لنا أبو القاسم _ يعنى عبد الله بن محمد المذكور _ أخبرني موسى بن هارون أن كاملاً رجع عنه .
قال الحافظ ابن حجر في لسان الميزان ( 3 / 339 ) : ( وإذا رجع كامل عنه فالذي يظهر أن عبد الله أيضاً رجع عنه فلذلك لم يسمعه منه الدارقطني وهو شيخه وقد أكثر عنه )
وقد رواه ابن الجوزي في العلل المتناهية ( 2 / 541 ) من طريق البغوي عن كامل بن طلحة عن عبد الرحمن بن زيد به فقال : ( أنا محمد بن ناصر قال نا محمد بن احمد قال انا أبو بكر بن الاخضر قال اخبرنا عمر بن شاهين قال نا البغوي قال نا كامل بن طلحة قال نا عبد الرحمن بن زيد بن اسلم عن ابيه عن عطاء بن يسار عن ابي سعيد الخدري ان رسول صلى الله عليه وسلم قال : " ثلاث لا يفطرن الصائم القيء والإحتلام والحجامة" )
وينظر : العلل للدارقطني ( 11 / 268 ) الكامل لابن عدي ( 4 / 267 )

تنبيه ثان :
ورد الحديث السابق ( ثلاث لا يفطرن الصائم القيء والحجامة والاحتلام ) من رواية :
أ – ابن عباس رضي الله عنهما وهو عند البزار وابن عدي في الكامل ( 3 / 282 ) ( 7 / 109 ) من طريق سليمان بن حيان ( أبي خالد الأحمر ) عن هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن ابن عباس به وقد سبق
وقد رواه ابن عدي ( 3 / 282 ) من طريق خالد بن مرشد عن سليمان بن حيان به بلفظ : " لا يفطر الصائم القيء والرعاف والاحتلام "
قال الحافظ ابن حجر في التلخيص ( 2 / 194 ) : ( وفي الباب عن ابن عباس عند البزار وهو معلول )
ب – ومن رواية ثوبان رواه الطبراني في معجمه الأوسط ( 6 / 380 ) برقم ( 6673 ) قال : حدثنا محمد بن الحسن بن قتيبة حدثنا يزيد بن موهب حدثنا ابن وهب أخبرني يزيد بن عياض عن أبي عدي التركي عن القاسم أبي عبد الرحمن عن ثوبان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ثلاث لا يفطرن الصائم : الحجامة والقيء والاحتلام "
وقال : ( لا يروى هذا الحديث عن ثوبان إلا بهذا الإسناد تفرد به ابن وهب )
ويزيد بن عياض هو الليثي ضعفه ابن المديني وأبو حاتم وأبو زرعة والدارقطني ، وكذبه مالك .
قال ابن القاسم : سألت مالكا عن ابن سمعان فقال : كذاب قلت فيزيد بن عياض قال : أكذب وأكذب .
قال يزيد بن الهيثم عن ابن معين : كان يكذب .
وقال الدوري عن ابن معين : ليس بشيء .
وقال أحمد بن صالح المصري : أظنه كان يضع للناس .
وقال ابن أبي حاتم عن أبيه : ضعيف الحديث منكر الحديث .
قال حسين بن حبان : قلت لابن معين : كيف قصته ؟ قال أفسدوه جعلوا يدخلون له الأحاديث فيقراها وإذا كان لا يعقل ما سمع مما لم يسمع فكيف يكتب عنه .
تهذيب التهذيب ( 11 / 308 )
قال الحافظ ابن حجر في التلخيص ( 2 / 194 ) : ( أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط بسند ضعيف )

الدليل الثالث :
حديث أبي سعيد الخدري
radia.gif
قال : " رخص رسول الله
sallah.gif
في القبلة وفي الحجامة للصائم "
أخرجه النسائي في السنن الكبرى ( 2 / 237 ) وابن خزيمة في صحيحه ( 3 / 231 – 232 ) برقم ( 1967 ، 1968 ، 1969 ) والبيهقي في السنن الكبرى ( 4 / 264 ) والطبراني في الأوسط ( 3 / 138 ) ( 8 / 10 ) وابن شاهين في ناسخ الحديث ومنسوخه ( ص 335 ) برقم ( 404 ) من طرق عن أبي المتوكل الناجي عن أبي سعيد الخدري
radia.gif
به وقد اختلف في وقفه ورفعه والصواب في ذلك الوقف فقد روى هذا الحديث عن أبي سعيد الخدري
radia.gif
أبو المتوكل الناجي ورواه عن أبي المتوكل :
1 – خالد الحذاء ورواه عنه سفيان الثوري واختلف فيه على سفيان :
فرواه إسحق بن يوسف الأزرق والأشجعي عنه به مرفوعاً ورواه البقية كابن المبارك وغيره موقوفاً على أبي سعيد الخدري
radia.gif
.
2 – حميد الطويل ورواه عنه المعتمر بن سليمان وأبو شهاب به مرفوعاً ورواه البقية كابن المبارك وشعبة وحماد بن سلمة وإسماعيل بن جعفر وبشر وابن أبي عدي وأبو بحر البكراوي عنه موقوفاً .
3 – قتادة ورواه عنه شعبة ورواه عن شعبة أسود بن عامر به مرفوعا ورواه البقية كابن المبارك ومحمد بن جعفر ويحيى بن عباد عن شعبة به موقوفاً .
4 – الضحاك بن عثمان وقد رواه عنه موقوفاً .
وبعد فإن أكثر المحدثين _ كالبخاري والترمذي وأبي حاتم وأبي زرعة والبزار _ رجحوا رواية الوقف وحكموا بخطأ من رفعه :
قال الترمذي في العلل الكبير ( ص 126 ) : ( سألت محمداً عن هذا الحديث _ أي حديث أبي سعيد الخدري _ فقال : حديث إسحق الأزرق عن سفيان هو خطأ )
ثم قال الترمذي : ( وحديث أبي المتوكل عن أبي سعيد موقوفاً أصح هكذا روى قتادة وغير واحد عن أبي المتوكل عن أبي سعيد قوله .
حدثنا إبراهيم بن سعيد حدثنا ابن علية عن حميد وهو الطويل عن أبي المتوكل عن أبي سعيد مثله ولم يرفعه ، هذا موضع الإسناد والله أعلم ) أ .هـ
ونقل ابن أبي حاتم في العلل ( 1 / 232 ) عن أبيه وعن أبي زرعة أنهما رجحا الوقف وحكما بالوهم والخطأ على رواية إسحق الأزرق عن سفيان عن خالد الحذاء ورواية معتمر عن حميد الطويل .
وقال البزار : ( لا نعلم أحداً رفعه إلا إسحق عن الثوري ) ورجح رواية الوقف .
ينظر : كشف الأستار ( 1 / 476 – 477 ) برقم ( 1013 )
وقال ابن خزيمة ( 3 / 231 ) : ( وهذه اللفظة و الحجامة للصائم إنما هو من قول أبي سعيد الخدري لا عن النبي
sallah.gif
أدرج في الخبر لعل المعتمر حدث بهذا حفظا فاندرج هذه الكلمة في خبر النبي
sallah.gif
أو قال قال أبو سعيد : و رخص في الحجامة للصائم فلم يضبط عنه قال أبو سعيد فأدرج هذا القول في الخبر )
وذهب بعض الأئمة إلى تصحيح رواية الرفع :
قال الدارقطني في العلل ( 11 / 347 ) : ( والذين رفعوه ثقات وقد زادوا وزيادة الثقة مقبولة )
وقال ابن حزم في المحلى ( 6 / 204 ) : ( والمسندان له عن خالد وحميد ثقتان فقامت به الحجة )
وجواب آخر :
وهو أنه لو صح الحديث فلا دلالة فيه على النسخ ؛ لأنه ليس فيه بيان للتاريخ ولا يدل على أن هذا الترخيص كان بعد الفتح وقولكم إن الرخصة لا تكون إلا بعد النهي باطل بنفس الحديث فإن فيه رخص رسول الله في القبلة للصائم ولم يتقدم منه نهي عنها ولا قال أحد إن هذا الترخيص فيها ناسخ لمنع تقدم .
وفي الحديث " إن الماء من الماء كانت رخصة في أول الإسلام " فسمى الحكم المنسوخ رخصة مع أنه لم يتقدم حظره بل المنع منه متأخر .

وله شاهد من حديث أنس أخرجه الدارقطني ( 2 / 182 ) والبيهقي في السنن الكبرى ( 4 / 268 ) من طريق أبي القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز ثنا عثمان بن أبي شيبة ثنا خالد بن مخلد ثنا عبد الله بن المثنى عن ثابت البناني عن أنس بن مالك
radia.gif
قال : " أول ما كرهت الحجامة للصائم أن جعفر بن أبي طالب احتجم وهو صائم فمر به رسول الله
sallah.gif
فقال أفطر هذان ثم رخص النبي صلى الله عليه وسلم بعد في الحجامة للصائم " وكان أنس يحتجم وهو صائم
قال الدارقطني : كلهم ثقات ولا أعلم له علة .
قال الزيلعي في نصب الراية ( 2 / 341 ) : ( قال صاحب التنقيح _ ابن عبد الهادي _ : هذا حديث منكر لا يصح الاحتجاج به لأنه شاذ الإسناد والمتن وكيف يكون هذا الحديث صحيحا سالما من الشذوذ والعلة ولم يخرجه أحد من أصحاب الكتب الستة ولا هو في المصنفات المشهورة ولا في السنن المأثورة ولا في المسانيد المعروفة وهم يحتاجون إليه أشد احتياج ولا نعرف أحدا رواه في الدنيا إلا الدارقطني رواه عن البغوي عن عثمان بن أبي شيبة حدثنا خالد بن مخلد به وكل من رواه بعد الدارقطني إنما رواه من طريقه ولو كان معروفا لرواه الناس في " كتبهم " وخصوصا الأمهات " كمسند " أحمد و " مصنف " ابن أبي شيبة و " معجم " الطبراني وغيرهما ثم إن خالد بن مخلد القطواني وعبد الله بن المثنى وإن كانا من رجال الصحيح فقد تكلم فيهما غير واحد من الأئمة .
قال أحمد بن حنبل في خالد : له أحاديث مناكير وقال ابن سعد : منكر الحديث مفرط التشيع وقال السعدي : كان معلنا بسوء مذهبه ومشاه ابن عدي فقال : هو عندي إن شاء الله لا بأس به .
وأما ابن المثنى فقال أبو عبيد الآجري : سألت أبا داود عن عبد الله بن المثنى الأنصاري فقال : لا أخرج حديثه وقال النسائي : ليس بالقوي وذكره ابن حبان في " الثقات " وقال : ربما أخطأ وقال الساجي : فيه ضعف لم يكن صاحب حديث وقال الموصلي : روى مناكير وذكره العقيلي في الضعفاء وقال : لا يتابع على أكثر حديثه ثم قال : حدثنا الحسين الدارع حدثنا أبو داود سمعت أبا سلمة يقول : حدثنا عبد الله بن المثنى وكان ضعيفا منكر الحديث وأصحاب الصحيح إذا رووا لمن تكلم فيه فإنهم يدعون من حديثه ما تفرد به وينتقون ما وافق فيه الثقات وقامت شواهده عندهم وأيضا فقد خالف عبد الله بن المثنى في رواية هذا الحديث عن ثابت أمير المؤمنين في الحديث شعبة بن الحجاج فرواه بخلافه كما هو في صحيح البخاري ثم لو سلم صحة هذا الحديث لم يكن فيه حجة لأن جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه قتل في غزوة مؤتة وهي قبل الفتح وحديث : " أفطر الحاجم والمحجوم " كان عام الفتح بعد قتل جعفر بن أبي طالب )
قال الحافظ في الفتح ( 4 / 176 ) : ( ورواته كلهم من رجال البخاري إلا أن في المتن ما ينكر لأن فيه أن ذلك كان في الفتح وجعفر كان قتل قبل ذلك )
قال ابن القيم في تهذيب السنن ( 6 / 363 مع عون المعبود ) : ( مما يدل على أن هذا الحديث من مناكيره أنه لم يروه أحد من أهل الكتب المعتمدة لا أصحاب الصحيح ولا أحد من أهل السنن مع شهرة إسناده وكونه في الظاهر على شرط البخاري ولا احتج به الشافعي مع حاجته إلى إثبات النسخ حتى سلك ذلك المسلك في حديث ابن عباس فلو كان هذا صحيحا لكان أظهر دلالة وأبين في حصول النسخ )
ثم قال : ( وأيضا فالذي يبين أن هذا لا يصح عن أنس ما رواه البخاري في صحيحه عن ثابت قال سئل أنس أكنتم تكرهون الجحامة للصائم قال لا إلا من أجل الضعف وفي رواية على عهد النبي فهذا يدل على أن أنسا لم تكن عنده رواية عن النبي أنه فطر بها ولا أنه رخص فيها بل الذي عنده كراهتها من أجل الضعف ولو علم أن النبي رخص فيها بعد الفطر بها لم يحتج أن يجيب بهذا من رأيه ولم يكره شيئا رخص فيه رسول الله )
ثم قال : ( وأيضا فمن المعلوم أن أهل البصرة أشد الناس في التفطير بها وذكر الإمام أحمد وغيره أن أهل البصرة كانوا إذا دخل شهر رمضان يغلقون حوانيت الحجامين وقد تقدم مذهب الحسن وابن سيرين إمامي البصرة أنهما كانا يفطران بالحجامة مع أن فتاوى أنس نصب أعينهم وأنس آخر من مات بالبصرة من الصحابة فيكف يكون عند أنس أن النبي رخص في الحجامة للصائم بعد نهيه عنهما والبصريون يأخذون عنه وهم على خلاف ذلك
وعلى القول بالفطر بها لا سيما وحديث أنس فيه أن ثابتاً سمعه منه ، وثابت من أكبر مشايخ أهل البصرة ، ومن أخص أصحاب الحسن فكيف تشتهر بين أهل البصرة السنة المنسوخة ولا يعلمون الناسخة ولا يعملون بها ،ولا تعرف بينهم ولا يتناقلونها بل هم على خلافها هذا محال .
قالوا : وأيضا فأبو قلابة من أخص أصحاب أنس وهو الذي يروي قوله أفطر الحاجم والمحجوم من طريق أبي أسماء عن ثوبان ومن طريق أبي الأشعث عن شداد وعلى حديثه اعتمده أئمة الحديث وصححوه وشهدوا أنه أصح أحاديث الباب .
فلو كان عند أنس عن النبي سنة تنسخ ذلك لكان أصحابه أعلم بها وأحرص على روايتها من أحاديث الفطر بها )

الدليل الرابع :
ما رواه أحمد في المسند ( 4 / 314 ) ( 5 / 363 ، 364 ) وعبد الرزاق في المصنف ( 4 / 212 ) برقم ( 7535 ) وأبو داود ( 2374 ) والبيهقي في السنن الكبرى ( 4 / 263 ) من طريق عبد الرحمن بن عابس عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن رجل من أصحاب رسول الله
sallah.gif
قال نهى النبي عن الحجامة للصائم وعن المواصلة ولم يحرمهما إبقاء على أصحابه "
قال الحافظ في الفتح ( 4 / 178 ، 203 ) : ( إسناده صحيح والجهالة بالصحابى لا تضر )
وقال النووي في المجموع ( 6 / 349 ) : ( إسناده على شرط البخاري ومسلم )
وقوله " إبقاء على أصحابه " يتعلق بقوله ( نهى ) وقد رواه بن أبي شيبة عن وكيع عن الثوري بإسناده هذا ولفظه عن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم قالوا إنما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الحجامة للصائم وكرهها للضعيف أي لئلا يضعف .

الدليل الخامس : آثار الصحابة رضي الله عنهم :
ورد القول بجواز الحجامة وعدم الفطر بها عن بعض الصحابة كسعد بن ابي وقاص وزيد بن أرقم وأم سلمة وعائشة وابن عمر وعلي بن أبي طالب والحسن والحسين ومعاذ وابن عباس وابن مسعود وأنس وأبي هريرة وأبي سعيد الخدري رضي الله عنهم وهذا بيان لهذه الآثار :
1 / أثر سعد بن أبي وقاص
radia.gif
رواه البخاري معلقاً ( 2 / 42 ) ووصله مالك في الموطأ ( 1 / 298 ) عن ابن شهاب : " أن سعد بن أبي وقاص وعبد الله بن عمر كانا يحتجمان وهما صائمان " قال ابن عبد البر والحافظ ابن حجر : منقطع عن سعد ، لكن ذكره ابن عبد البر في الاستذكار ( 3 / 322 ) من طريق عفان عن عبد الواحد بن زياد عن عثمان بن حكيم عن عامر بن سعد قال : كان أبي يحتجم وهو صائم ، ثم قال ابن عبد البر : ( هذا الخبر عن سعد يضعف حديث سعد المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " أفطر الحاجم والمحجوم " )
ورواه عبد الرزاق في المصنف ( 4 / 213 ) برقم ( 7540 ) عن معمر عن الزهري أن سعد بن أبي وقاص وعائشة كانا لا يريان به بأسا وكانا يحتجمان وهما صائمان "
2 / أثر زيد بن أرقم
radia.gif
أخرجه البخاري تعليقاً ( 2 / 42 )ووصله عبد الرزاق في المصنف ( 4 / 214 ) برقم ( 7543 ) وابن أبي شيبة في المصنف ( 2 / 308 ) برقم ( 9324 ) عن يونس بن عبد الله الجرمي عن دينار قال : " حجمت زيد بن أرقم وهو صائم " قال البخاري في التاريخ ( 3 / 245 ) : ( دينار الحجام مولى جرم حجمت زيد بن أرقم في غير رمضان قاله ابن محبوب عن عبد الواحد عن يونس بن عبد الله )
وقال الحافظ في لسان الميزان ( 2 / 435 ) : (دينار الحجام كوفي مولى جرم عن زيد مولى جرم عن زيد بن أرقم رضي الله عنه وعنه يونس بن عبد الله الجرمي كذا ذكره بن أبي حاتم ولم يزد ، وقال صاحب الحافل : قال دينار الحجام : " حجمت زيد بن أرقم " لا يصح قاله الموصلي ) وقال في الفتح ( 4 / 176 ) : ( ودينار هو الحجام مولى جرم بفتح الجيم لا يعرف الا في هذا الأثر وقال أبو الفتح الأزدي : لا يصح حديثه )
3 / أثر أم سلمة رضي الله عنها أخرجه البخاري تعليقاً ( 2 / 42 ) ووصله ابن أبي شيبة ( 2 / 309 ) برقم ( 9335 ) من طريق الثوري عن فرات عن مولى أم سلمة أنه رأى أم سلمة تحتجم وهي صائمة "
قال الحافظ في الفتح ( 4 / 176 ) : ( وفرات هو ابن عبد الرحمن ثقة لكن مولى أم سلمة مجهول الحال ) .
4 / أثر عائشة رضي الله عنها رواه البخاري في صحيحه معلقاً ( 2 / 42 ) ووصله في تاريخه ( 2 / 180 ) فقال : ( حدثني يحيى بن سليمان قال ثنا بن وهب أخبرنا مخرمة عن أبيه عن أم علقمة قالت : " كنا نحتجم عند عائشة ونحن صيام وبنو أخي عائشة فلا تنهاهم "
5 / أثر ابن عمر رضي الله عنهما :
عن نافع عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما : " أنه كان يحتجم وهو صائم قال ثم ترك ذلك بعد فكان إذا صام لم يحتجم حتى يفطر " رواه مالك في الموطأ ( 1 / 298 ) ورواه من طريقه الشافعي في مسنده ( ص 104 ) برقم ( 471 ) وعبد الرزاق في المصنف ( 4 / 211 ) برقم ( 7531 ) من طريق معمر عن الزهري عن سالم به ، وبرقم ( 7532 ) من طريق معمر عن أيوب عن نافع به . ورواه ابن ابي شيبة في المصنف ( 2 / 308 ) من طرق عن نافع به ، ورواه البيهقي في السنن الكبرى ( 4 / 269 )
6 / أثر أنس بن مالك
radia.gif
:

عن المعتمر قال : سمعت حميدًا قال : سئل أنس عن الصائم يحتجم فقال : ما كنا نرى أن ذلك يكره إلا لجهده " وقال : قد احتجم النبي صلى الله عليه وسلم و هو محرم و من وجع وجده في رأسه " أخرجه ابن خزيمة في صحيحه ( 4 / 187 ) برقم ( 2658 )
وروى البيهقي في السنن الكبرى ( 4 / 268 ) عن ثابت البناني عن أنس بن مالك
radia.gif
قال : " أول ما كرهت الحجامة للصائم أن جعفر بن أبي طالب
radia.gif
احتجم وهو صائم فمر به النبي صلى الله عليه وسلم فقال أفطر هذان ثم رخص النبي
sallah.gif
بعد في الحجامة للصائم وكان أنس يحتجم وهو صائم .
7 / أثر أبي هريرة
radia.gif
:
عن معمر عن خلاد بن عبد الرحمن عن شقيق بن ثور - أحسبه - عن أبيه قال سألت أبا هريرة عن الصائم يحتجم قال يقولون أفطر الحاجم والمحجوم ولو احتجمت ما باليت أبو هريرة القائل " أخرجه عبد الرزاق في المصنف ( 4 / 211 ) رقم ( 7527 ) ثم روى من طريق معمر عن عاصم بن سليمان قال سألت أبا هريرة عن الرجل يحتجم وهو صائم قال ارأيت إن غشي عليه ؟ "
وروى أيضا ( 4 / 210 ) برقم ( 7526 ) عن ابن جريج عن عطاء عن أبي هريرة قال : " أفطر الحاجم والمستحجم "
8 / أثر أبي سعيد الخدري
radia.gif
:

عن حميد عن أبي المتوكل : أنه سأل أبا سعيد عن الصائم يحتجم فقال لا بأس به " أخرجه النسائي في الكبرى ( 2 / 237 )
ورواه النسائي في الكبرى ايضا ( 2 / 237 ) وابن خزيمة في صحيحه ( 3 / 235 ) وابن أبي شيبة في المصنف ( 2 / 308 ) بلفظ : " لا بأس بالحجامة للصائم "
9 / أثر علي
radia.gif
:

عن قتادة عن الحسن عن علي قال : أفطر الحاجم والمحجوم " أخرجه النسائي في الكبرى ( 2 / 217 ) وعبد الرزاق في المصنف ( 4 / 211 ) برقم ( 7524 ) وهو منقطع الحسن لم يسمع علياً رضي الله عنه كما ذكر قتادة وأيوب وأبو زرعة والبزار ، وقال الترمذي : ( لا نعرف للحسن سماعاً من علي رضي الله عنه وقد روى عنه حديث رفع القلم عن ثلاثة وقد أدركه ولكنا لا نعلم له سماعا منه )
تهذيب التهذيب ( 2 / 231 ) جامع التحصيل ( ص 162 )
10 / أثر ابن مسعود
radia.gif
:

قال ابن أبي شيبة في المصنف ( 2 / 308 ) برقم ( 9317 ) : ( حدثنا ابن إدريس عن الشيباني عن أبان بن صالح عن مسلم بن سعيد قال : سئل ابن مسعود عن الحجامة للصائم فقال : " لا بأس بها "
وعن عبد الله بن مسعود
radia.gif
قال: " إنما الصيام مما دخل وليس مما خرج والوضوء مما خرج وليس مما دخل " أخرجه عبد الرزاق في المصنف ( 4 / 201 ) برقم ( 7518 ) من طريق الثوري أخبرني وائل بن داود عن عبدالله بن مسعود به .
ورواهأيضاً في ( 1 / 170 ) برقم ( 658 ) ومن طريقه الطبراني في الكبير ( 9 / 251 ) عن الثوري عن وائل بن داود عن إبراهيم عن عبد الله بن مسعود به
11 / أثر الحسن بن علي رضي الله عنهما :
أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار ( 2 / 101 ) قال : ( حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا حجاج قال ثنا حماد قال أنا داود عن الشعبي أن الحسن بن علي احتجم وهو صائم )
وهذا إسناد صحيح .
12 / أثر الحسين بن علي رضي الله عنهما :
أخرجه عبد الرزاق في المصنف ( 4 / 214 ) برقم ( 7544 ) وابن أبي شيبة في المصنف ( 2 / 308 ) من طرق عن الشعبي قال : " احتجم حسين بن علي بن أبي طالب وهو صائم "
13 / أثر معاذ
radia.gif
:

روى ابن أبي شيبة في المصنف ( 2 / 309 ) برقم ( 9330 ) عن جبير بن نفير أن معاذاً احتجم وهو صائم "
14 / أثر ابن عباس رضي الله عنهما :
أخرجه النسائي في السنن الكبرى ( 2 / 230 ) عن الضحاك عن ابن عباس أنه لم يكن يرى بالحجامة للصائم بأسا .
وروى البيهقي في السنن الكبرى ( 1 / 116 ) ( 4 / 260 ) من طريق الأعمش عن أبي ظبيان عن ابن عباس رضي الله عنهما : أنه ذكر عنده الوضوء من الطعام _ قال الأعمش مرة " والحجامة للصائم " _ فقال : " إنما الوضوء مما خرج وليس مما دخل وإنما الفطر مما دخل وليس مما خرج " وذكر البخاري الجزء الأخير منه تعليقاً .
وروى الطبراني في الكبير ( 11 / 269 ) قال : حدثنا عبدان بن أحمد ثنا زيد بن الحريش عن ابن عيينة عن حصين عن عكرمة عن ابن عباس قال : " لا بأس بالحجامة للصائم إنما كره من أجل الضعف "

الدليل السادس : القياس والنظر وهو من وجوه :
1 / أن الأصل أن الصائم لا يقضى بأنه مفطر إذا سلم من الأكل والشرب والجماع إلا بسنة لا معارض لها . الاستذكار ( 3 / 324 )
والجواب أنه قد ثبتت السنة بحديث " أفطر الحاجم والمحجوم "
2 / قالوا : أجمعوا على ألا يقال للخارجة من جميع البدن - نجاسة كانت أو غيرها - أنها لا تفطر الصائم لخروجها من بدنه فكذلك الدم في الحجامة وغيرها. الاستذكار ( 3 / 324 ) بدائع الصنائع ( 2 / 266 )
وأجيب عنه بجوابين :
الأول : هذا قياس في مقابلة النص وهو حديث " أفطر الحاجم والمحجوم " فهو قياس فاسد الاعتبار .
الثاني : أنه قياس مع الفارق فالخارج من النجاسة كالأخبثين لا يمكن الاحتراز منه ولا يضر البدن ولا يضعفه خروجه منه بل بالعكس خروجه ينفع البدن ويقويه .
مجموع الفتاوى ( 25 / 250 ) .
3 / أن الفطر مما دخل لا ما خرج كما قال ابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهم . الاستذكار ( 3 / 324 )
وأجيب عنه بأنه منقوض بالقيء عمداً والإنزال فهم يجعلونهما من المفطرات وهما مما يخرجان لا مما يدخلان ، ثم إنه قول صحابي والمرفوع هو المقدم .
4 / أن الأحاديث لو قدر تعارضها لكان الأخذ بأحاديث الرخصة أولى لموافقتها القياس .
وأجيب بأن الأولى الأخذ بالناقل عن الأصل والموجب للحكم لا المبقي على الأصل والرافع للحكم .
5 / القياس على الفصاد ونحوه فكما انها لا تفطر فكذا الحجامة .
وأجيب عنه بجوابين :
الأول : أنه قياس في مقابلة النص فهو قياس فاسد الاعتبار .
الثاني : أنه لا يسلم أن الفصاد والشرط لا تفطر بل حكمها حكم الحجامة ؛ لأن المعنى الموجود في الحجامة موجود في الفصاد طبعاً وشرعاً في أحد الأقوال عند الحنابلة وهو اختيار ابن هبيرة وابن تيمية وابن القيم _ رحمهم الله _ خلافاً لابن عقيل والقاضي أبي يعلى حيث اقتصرا على الحجامة .
ينظر : مجموع الفتاوى ( 25 / 256 ) شرح العمدة ( 1 / 452-453 ) تهذيب السنن ( 6 / 367 مع عون المعبود )

القول الثاني في المسألة :
أن الحجامة تفطر يروى عن علي بن أبي طالب
radia.gif
وهو رواية عن : أبي هريرة وعائشة وعطاء و ابن سيرين ، و به قال الحسن ومسروق ، وبه قال أحمد وإسحاق وعبد الرحمن بن مهدي والأوزاعي و ابن المنذر و وابن خزيمة والحاكم وكان جماعة من الصحابة يحتجمون ليلاً في الصوم منهم : ( ابن عمر وابن عباس وأبو موسى وأنس ) .

أدلة القول الثاني :

الدليل الأول : حديث : " أفطر الحاجم والمحجوم "
نص بعض العلماء على أنه حديث متواتر ومنهم السيوطي في الجامع وفي الأزهار المتناثرة والزبيدي في لقط اللآليء والكتاني في نظم المتناثر .
وقال ابن كثير : ( فأما حديث " افطر الحاجم والمحجوم " فقد رواه جماعة من الصحابة نحو بضعة عشر صحابياً من طرق متعددة يشدُّ بعضها بعضاً ، بل هي مفيدةٌ للقطع عند جماعةٍ من المحدِّثين ومتواترة عند آخرين ، وإن كان قد تكلم في بعض تلك الطرق ) إرشاد الفقيه إلى معرفة أدلة التنبيه ( 1 / 286 )
وقد روي من حديث ثوبان وشداد بن أوس ورافع بن خديج وأبي موسى الأشعري وأسامة بن زيد والحسن بن علي وعائشة وأبي هريرة وابن عباس ومعقل بن سنان وسمرة وجابر وابن عمر وسعد بن مالك وأبي زيد الأنصاري رضي الله عنهم:

1 / حديث ثوبان
radia.gif
:

أخرجه أحمد في المسند ( 5 / 277 ، 280 ، 282 ، 283 ) وأبو داود ( 2 / 308 ) برقم ( 2367 ) وابن ماجه ( 1 / 515 ) برقم ( 1680 ) والنسائي في الكبرى ( 2 / 217 ) وعبد الرزاق في المصنف ( 4 / 209 ) برقم ( 7522 ) والدارمي ( 2 / 25 ) برقم ( 1738 ) والطيالسي ( 1 / 133 ) برقم ( 989 ) وابن الجارود ( 2 / 36 – 37 مع الغوث ) برقم ( 386 ) وابن خزيمة ( 3 / 226 ) برقم ( 1962 ، 1963 ، 1983 ) وابن حبان برقم ( 899 ) والحاكم ( 1 / 590 ) والبيهقي في السنن الكبرى ( 4 / 265 ) والطحاوي ( 2 / 98 – 99 ) من طريق يحيى بن أبي كثير عن أبي قلابة عن أبي أسماء الرحبي عن ثوبان مرفوعاً .
قال أحمد _ كما في مسائل عبد الله ( ص311 ) ومستدرك الحاكم ( 1 / 590 ) - : ( حديث ثوبان أصح ما روي في هذا الباب )
وقال الترمذي في العلل الكبير ( ص 121 – 122 ) : ( قال البخاري : ليس في هذا الباب أصح من حديث ثوبان وشداد بن أوس فذكرت له الاضطراب فقال : كلاهما عندي صحيح فإن أبا قلابة روى الحديثين جميعا : رواه عن أبي أسماء عن ثوبان . ورواه عن أبي الأشعث عن شداد قال الترمذي : وكذلك ذكروا عن ابن المديني أنه قال : حديث ثوبان وحديث شداد صحيحان )
وما أشار إليه الترمذي من الاضطراب هو ما ذكره ابن معين بقوله : ( إنه حديث مضطرب ليس فيه حديث يثبت ) نصب الراية ( 2 / 482 )
وقد اختلف الرواة فيه على أبي قلابة :
فرواه يحي بن أبي كثير عن أبي قلابة عن أبي أسماء عن ثوبان .
ورواه البقية عنه من حديث شداد واختلفوا كما سيأتي .
وحديث ثوبان صححه أيضاً الدارمي_ كما سيأتي _ والحاكم على شرط الشيخين ووافقه الذهبي لكن قال النووي في المجموع ( 6 / 350 ) : ( إسناد أبي داود صحيح على شرط مسلم ) وذلك أن أبا أسماء لم يخرج له البخاري في صحيحه .

2 / حديث شداد بن أوس
radia.gif
:

أخرجه أحمد في المسند ( 4 / 123 ، 124 ) وأبو داود ( 2 / 308 ) برقم ( 2369 ) والنسائي في السنن الكبرى( 2 / 217 ) وابن ماجه ( 1 / 537 ) برقم ( 1681 ) والدارمي ( 2 / 25 ) برقم ( 1730 ) وعبد الرزاق في المصنف ( 4 / 209 ) برقم ( 7519 ) وابن أبي شيبة في المصنف ( 2 / 306 ) برقم ( 9298 ) والطيالسي في مسنده ( 1 / 152 ) برقم ( 1118 ) وابن حبان ( 8 / 302 ) برقم ( 3533 ) والحاكم ( 1 / 592 ) والبيهقي في السنن الكبرى ( 4 / 265 ) والطحاوي في شرح معاني الآثار ( 2 / 99 ) والطبراني في الكبير ( 7 / 276 ) والبغوي في شرح السنة ( 6 / 302 ) والحازمي في الاعتبار ( ص 264 ) من طرق عن شداد بن أوس
radia.gif
: أنه مر مع رسول الله
sallah.gif
زمن الفتح على رجل يحتجم لثمان عشرة خلت من رمضان فقال : " أفطر الحاجم والمحجوم " واختلف فيه على أبي قلابة :
فرواه عنه يحي بن أبي كثير كما سبق من حديث ثوبان .
أ - ورواه عاصم الأحول وخالد الحذاء وأيوب وداود بن أبي هند والمثنى بن سعيد عن أبي قلابة عن أبي الأشعث عن أبي أسماء الرحبي عن شداد به .
ب - ورواه داود بن أبي هند عن أبي قلابة عن أبي أسماء عن شداد به فسقط منه أبو الأشعث .
ج - ورواه عاصم الأحول وخالد الحذاء وأيوب ومنصور عن أبي قلابة عن أبي الأشعث عن شداد به فسقط منه أبو أسماء .
د - ورواه يحي بن أبي كثير وعمرو بن عبيد عن أبي قلابة عن شداد به فسقط أبو أسماء وأبو الأشعث .
هـ - ورواه أيوب عن أبي قلابة عمن حدثه عن شداد به .
وهذا الاختلاف الشديد جعل ابن معين _ رحمه الله _ يحكم عليه الاضطراب كما سبق .
لكن الحديث صححه ابن المديني والبخاري _كما سبق _
قال عثمان بن سعيد الدارمي : ( قد صح عندي حديث أفطر الحاجم و المحجوم لحديث ثوبان و شداد بن أوس و أقول به و سمعت أحمد بن حنبل يقول به و يذكر أنه صح عنده حديث ثوبان و شداد ) ذكره الحاكم في المستدرك ( 1 / 594 )
وقال العقيلي في الضعفاء ( 2 / 139 ) : ( أصلح الأحاديث في هذا الباب حديث شداد بن أوس ) وقال أيضاً ( 4 / 356 ) : ( حديث شداد بن أوس صحيح في هذا الباب )
وقال إسحق بن راهويه : ( هذا إسناد صحيح تقوم به الحجة ) ذكره الحاكم في المستدرك ( 1 / 592 ) والبيهقي في السنن الكبرى ( 4 / 267 )
ونقل في الفتح ( تصحيحه عن أحمد وابن خزيمة ، وصححه ابن حبان أيضا وقال النووي في المجموع ( 6 / 350 ) : ( إسناده صحيح )

3 / حديث رافع بن خديج
radia.gif
:

أخرجه أحمد في المسند ( 3 / 465 ) الترمذي ( 3 / 135 ) برقم ( 774 ) وابن خزيمة ( 3 / 227 ) وابن حبان ( 902 ) والحاكم ( 1 / 591 ) والبيهقي في السنن الكبرى ( 4 / 265 ) من طريق يحيى بن أبي كثير عن إبراهيم بن عبد الله بن قارظ عن السائب بن يزيد عن رافع بن خديج
radia.gif
عن النبي
sallah.gif
قال : " أفطر الحاجم والمحجوم "
ونقل عن أحمد أنه قال : هو أصح شيء في الباب . ذكره الترمذي في جامعه ( 3 / 136 ) والحافظ في فتح الباري ( 4 / 176 )
وقال ابن المديني : ( لا أعلم في الباب أصح منه ) . ذكره ابن خزيمة ( 3 / 227 ) والبيهقي في السنن الكبرى ( 4 / 267 ) وابن عبد البر في الاستذكار ( 3 / 324 )
قال الإمام أحمد في هذا الحديث : ( تفرد به معمر )
قال صاحب التنقيح _ كما في نصب الراية _ : ( قال الإمام أحمد في هذا الحديث : تفرد به معمر وفيه نظر فإن الحاكم رواه من حديث معاوية بن سلام عن يحيى بن أبي كثير بإسناد صحيح فلم يتفرد به معمر إذاً )
والمتابعة المذكورة عند ابن خزيمة ( 3 / 227 ) والحاكم ( 1 / 591 ) والبيهقي في السنن الكبرى ( 4 / 265 )
وقال الترمذي في العلل الكبير ( ص 122 ) : ( سألت إسحاق بن منصور عنه فأبى أن يحدثني به عن عبد الرزاق وقال : هو غلط قلت : ما علته ؟ قال : روى عنه هشام الدستوائي عن يحيى بن أبي كثير عن إبراهيم بن عبد الله بن قارظ عن السائب بن يزيد عن رافع بن خديج عن النبي
sallah.gif
قال : " كسب الحجام خبيث ومهر البغي خبيث وثمن الكلب خبيث " )
قال ابن أبي حاتم : ( سمعت أبي يقول روى عبد الرزاق عن معمر عن يحيى بن أبي كثير عن إبراهيم بن عبد الله بن قارظ عن السائب بن يزيد عن رافع بن خديج عن النبي
sallah.gif
" أفطر الحاجم والمحجوم " قال أبي : إنما يروى هذا الحديث عن يحيى بن أبي كثير عن أبي قلابة عن أبي أسماء الرحبي عن ثوبان ، واغتر أحمد بن حنبل بأن قال الحديثين عنده ، وإنما يروى بذلك الإسناد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن كسب الحجام ومهر البغي " وهذا الحديث في يفطر الحاجم والمحجوم عندي باطل )
علل الحديث ( 1 / 249 ) برقم ( 732 )
وقال البخاري : ( هو غير محفوظ ) نقله عنه الترمذي في العلل الكبير (ص 121 – 122 )
فكلام أحمد وإسحق وأبي حاتم والبخاري _ رحمهم الله _ متوافق و هو بمعنى واحد فلا تعارض بين أقوالهم .
وقال يحيى بن معين عن حديث رافع : هو أضعفها .
- وقال الترمذي عن حديث رافع بن خديج : ( حسن صحيح )

4 / حديث أبي موسى الأشعري
radia.gif
:
أخرجه النسائي في الكبرى ( 2 / 231 ) والحاكم في المستدرك ( 1 / 594 ) والبيهقي في السنن الكبرى ( 4 / 266 ) من طريق روح بن عبادة قال حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن مطر عن بكر بن عبد الله المزني عن أبي رافع قال : دخلت على أبي موسى ليلا وهو يحتجم فقلت ألا كان هذا نهارا قال أهريق دمي وأنا صائم وقد سمعت رسول الله
sallah.gif
يقول : " أفطر الحاجم والمحجوم " .
وقد رجح أحمد وأبو حاتم وأبو زرعة والنسائي والدارقطني وغيرهم وقفه على أبي موسى رضي الله عنه .
ينظر : العلل لابن أبي حاتم ( 1 / 234 – 235 ) برقم ( 682 ) سنن النسائي الكبرى ( 2 / 231 ) العلل للدارقطني ( 7 / 246 ) فتح الباري ( 4 / 176 )
وصححه الحاكم ونقل تصحيحه عن ابن المديني ( 1 / 430 ) وكذا نقله البيهقي في السنن الكبرى ( 4 / 267 )
قال أحمد بن حنبل _ رحمه الله _ : ( أحاديث أفطر الحاجم والمحجوم ولا نكاح إلا بولي أحاديث يشد بعضها بعضا وأنا أذهب إليها ) الكامل لابن عدي ( 3 / 266 )
وينظر بقية أحاديث الباب (حديث أسامة بن زيد والحسن بن علي وعائشة وأبي هريرة وابن عباس ومعقل بن سنان وسمرة وجابر وابن عمر وسعد بن مالك وأبي زيد الأنصاري رضي الله عنهم ) في :
سنن النسائي الكبرى ( 2 / 222 – 235 ) السنن الكبرى للبيهقي ( 4 / 264 ) شرح معاني الآثار ( 2 / 98 – 102 ) مصنف ابن أبي شيبة ( 2 / 306 )ناسخ الحديث ومنسوخه لابن شاهين ( ص 336 ) الكامل لابن عدي ( 1 / 229 ، 354 ) ( 2 / 306 ) ( 3 / 97 ، 171 ، 303 ) ( 4 / 245 ، 268 ) ( 5 / 364 ) ( 6 / 299 ، 382 ) ( 7 / 70 ، 298 ) نصب الراية للزيلعي ( 2 / 340 )

وقد أجاب أصحاب القول الأول عن هذه الأحاديث بأجوبة :

الجواب الأول : الحكم بضعف هذه الأحاديث جميعها أو أكثرها .
قال ابن معين رحمه الله : لا يثبت فيه شيء
قال الزيلعي في نصب الراية ( 2 / 341 ) : ( وبالجملة فهذا الحديث - أعني حديث : أفطر الحاجم - روى من طرق كثيرة وبأسانيد مختلفة كثيرة الاضطراب وهي إلى الضعف أقرب منه إلى الصحة مع عدم سلامته من معارض أصح منه أو ناسخ له والإمام أحمد الذي يذهب إليه ويقول به لم يلتزم صحته وإنما الذي نقل عنه كما رواه ابن عدي في " الكامل - في ترجمة سليمان الأشدق " بإسناده إلى أحمد بن حنبل أنه قال : أحاديث : أفطر الحاجم والمحجوم يشد بعضها بعضا وأنا أذهب إليها فلو كان عنده منها شيء صحيح لوقف عنده وقال صاحب " التنقيح " : وقد ضعف يحيى بن معين هذا الحديث وقال : إنه حديث مضطرب ليس فيه حديث يثبت قال : ولما بلغ أحمد بن حنبل هذا الكلام قال : إن هذا مجازفة ..)

وهذا الجواب ضعيف ؛ إذ تبين مما سبق أنه حديث ثابت من رواية ثوبان وشداد بن أوس ورافع بن خديج رضي الله عنهم وقد صححه أحمد وابن المديني والبخاري وإسحاق بن راهويه وإبراهيم الحربي والترمذي والدارمي وابن خزيمة وابن حبان والحاكم وابن الجارود والعقيلي وابن المنذر وابن حزم وتبعهم النووي وابن تيمية وابن القيم والذهبي وابن حجر وغيرهم .

الجواب الثاني : أنه منسوخ وقد قال بالنسخ :
1 / الشافعي كما في اختلاف الحديث ( ص 530 ) وعلى هامش الأم ( 2 / 92 ) وينظر : جامع الترمذي ( 3 / 487 ) المجموع للنووي ( 6 / 319 ) فتح الباري ( 4/ 178 )
2 / ا بن حزم في المحلى ( 6 / 204 – 205 )
3 / والبيهقي في السنن الكبرى ( 4 / 266 )
4 / والخطابي في معالم السنن ( 2 / 770 )
5 / وابن عبد البر في الاستذكار ( 4 / 324 )
6 / ابن دقيق العيد . نقله عنه الحافظ في الفتح ( 4 / 178 )
7 / وابن شاهين في ناسخ الحديث ومنسوخة ( ص 339 )
8 / والحازمي في الاعتبار برقم ( 179 )
9 / الجعبري في رسوخ الأخبار ( ص 358 )
10 / المنذري كما في عمدة القاري ( 11 / 40 )
11 / العيني في عمدة القاري ( 11 / 40 )


ثم اختلفوا في الناسخ :
- فقال بعضهم نسخه حديث ابن عباس رضي الله عنهما احتجم النبي
sallah.gif
وهو صائم محرم " وقد سبقت الإجابة على هذا .
- وقال بعضهم _ كابن حزم _ نسخه حديث أبي سعيد الخدري
radia.gif
وقد سبق ترجيح رواية الوقف وأنه لا يثبت مرفوعاً ، وأنه لو ثبت مرفوعاً فلفظة ( رخص ) لا تدل على النسخ .
ينظر : المحلى ( 6 / 204-205 )
الجواب الثالث : تأويل الحديث وقد ذكروا لذلك تأويلات منها :
1 – أن الفطر فيها لم يكن لأجل الحجامة بل لأجل الغيبة وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم مر عليهما وهما يغتابان وذكر الحاجم والمحجوم للتعريف لا للتعليل .
2 – أن المعنى أنه قد تعرض لأن يفطر لما يلحقه من الضعف .
3 - أنهما قد أفطرا حقيقة وذلك لمرور النبي بهما كان مساء في وقت الفطر فأخبر أنهما قد افطرا ودخلا في وقت الفطر .
4 - أن هذا تغليظ ودعاء عليهما لا أنه خبر عن حكم شرعي بفطرهما
5 - أن إفطارهما بمعنى إبطال ثواب صومهما كما جاء : " خمس يفطرون الصائم الكذب والغيبة والنميمة والنظرة السوء واليمين الكاذبة "

وهذه التأويلات ضعيفة كما قال ابن تيمية وابن القيم _ رحمهما الله _ بل قال ابن العربي في القبس (2 / 505 ) : ( إنها لا تقوم على ساق ) وهذا جواب هذه التأويلات :
الجواب عن التأويل الأول وهو حمله على الغيبة فيجاب عنه بما يلي :
الجواب الأول : أن هذا لم يثبت وهذا بيان حال الأحاديث في الباب :
1 - عن عبدالله بن مسعود قال : مر عليه السلام على رجلين يحجم أحدهما الآخر فاغتاب أحدهما ولم ينكر عليه الآخر فقال : " أفطر الحاجم والمحجوم " قال عبد الله : لا للحجامة ولكن للغيبة " فهذا حديث ضعيف رواه العقيلي في الضعفاء ( 4 / 184 ) من طريق معاوية بن عطاء قال حدثنا سفيان الثوري عن منصور عن إبراهيم عن الأسود عن ابن مسعود به .
قال العقيلي : (معاوية بن عطاء بصري كان يرى القدر عن الثوري وغيره في حديثه مناكير وما لا يتابع على أكثره ) ثم ذكر الحديث السابق من منكراته
وذكره ابن عدي في الكامل ( 6 / 407 ) وينظر لسان الميزان ( 6 / 58 )

2 - وروى ابن حبان في المجروحين ( 2 / 17 ) من طريق عبد الله بن زياد بن سليم القرشي عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : مر رسول الله
sallah.gif
برجل يحجم رجلا وهما يغتابان فقال
sallah.gif
: " أفطر الحاجم والمحجوم "
قال ابن حبان : ( عبد الله بن زياد بن سليم شيخ مجهول يروي عن عكرمة روى عنه بقية بن الوليد لست أحفظ له راويا غير بقية وبقية قد ذكرنا سببه في الأخبار في أول الكتاب فلا يتهيأ لي القدح فيه على أن ما رواه يجب تركه على الأحوال ) ثم ذكر الحديث السابق من منكراته . وينظر : لسان الميزان ( 3 / 287 )
3 - وروى البيهقي في السنن الكبرى ( 4 / 268 ) من طريق يزيد بن ربيعة ثنا أبو الأشعث عن ثوبان
radia.gif
قال : مر رسول الله
sallah.gif
برجل وهو يحتجم عند الحجام وهو يقرض رجلا فقال رسول الله
sallah.gif
: " أفطر الحاجم والمحجوم "
ورواه الطحاوي (2 / 99 ) عن يزيد بن ربيعة الدمشقي عن أبى الأشعث الصنعاني قال إنما قال النبي
sallah.gif
: أفطر الحاجم والمحجوم لأنهما كانا يغتابان .
قال البيهقي : ( قوله وهو يقرض رجلا لم أكتبه إلا في هذا الحديث وغير يزيد رواه عن أبي الأشعث عن شداد بن أوس دون هذه اللفظة وأبو أسماء الرحبي رواه عن ثوبان دون هذه اللفظة )
وقال ابن المديني : ( حديث باطل ) ذكره الحافظ في الفتح ( 4 / 178 )
ويزيد المذكور قال فيه النسائي والدارقطني والعقيلي : متروك
وقال البخاري : أحاديثه مناكير
وقال أبو حاتم : ضعيف لسان الميزان ( 6 / 286 )
4 - وروى البيهقي في شعب الإيمان ( 5 / 307 ) برقم ( 6743 ) من طريق غياث بن كلوب الكوفي حدثنا مطرف بن سمرة بن جندب عن أبيه قال : مر النبي عليه السلام على رجلين بين يدي حجام وذلك في رمضان وهما يغتابان رجلا فقال : " أفطر الحاجم والمحجوم "
قال البيهقي : غياث هذا مجهول
وضعفه الدارقطني وقال : له نسخة عن مطرف بن سمرة بن جندب لا يعرف إلا به
الضعفاء والمتروكين للدارقطني ( ص 201 ) برقم ( 429 ) لسان الميزان ( 4 / 423 )
الجواب الثاني : أنه لو ثبت لكان الأخذ لعموم اللفظ الذي علق به الحكم دون الغيبة التي لم يعلق بها الحكم .
الجواب الثالث : أنه لو كان ما ذكروه صحيحا لكان موجب البيان أن يقول : " افطر المغتابان " على عادته وعرفه من ذكر الأوصاف المؤثرة دون غيرها فكيف يعدل عن الغيبة المؤثرة إلى الحجامة المهدرة .
الجواب الرابع : أن هذا يتضمن حمل الحديث على خلاف الإجماع وتعطيله فإن المنازع لا يقول بأن الغيبة تفطر فكيف نحمل الحديث على ما نعتقد بطلانه
قال ابن خزيمة في صحيحه ( 3 / 228 ) : ( و جاء بعض أهل الجهل بأعجوبة في هذه المسألة فزعم أن النبي صلى الله عليه و سلم إنما قال : أفطر الحاجم و المحجوم لأنهما كانا يغتابان فإذا قيل له : فالغيبة تفطر الصائم ؟ زعم أنها لا تفطر الصائم فيقال له : فإن كان النبي صلى الله عليه و سلم عندك إنما قال : أفطر الحاجم و المحجوم لأنهما كانا يغتابان و الغيبة عندك لا تفطر الصائم فهل يقول هذا القول من يؤمن بالله يزعم أن النبي صلى الله عليه و سلم أعلم أمته أن المغتابين مفطران و يقول هو : بل هما صائمان غير مفطرين فخالف النبي صلى الله عليه و سلم الذي أوجب الله على العباد طاعته و اتباعه ...)
الجواب الخامس : أن سياق الأحاديث يبطل هذا التأويل .
الجواب السادس : أنه كيف ينفق بضعة عشر صحابيا على رواية أحاديث كلها متفقة بلفظ واحد وهو " أفطر الحاجم والمحجوم " ويكون النبي قد ذكر الحجامة فيها ولا تأثير لها في الفطر.
الجواب السابع : أنه كيف يجوز للصحابة أن يفتوا بذلك ويقولوا أفطر الحاجم والمحجوم والحكم معلق بالغيبة ؟
الجواب الثامن : أن صاحب القصة التي جرت له قال مر على النبي وأنا أحتجم فقال : " أفطر الحاجم والمحجوم " فلو كان فطره بغير ذلك لبينه له الشارع لحاجته إليه ولم يخف على الصحابي ذلك ولم يكن لذكره الحجامة معنى ، وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز فكيف يترك الشارع بيان الوصف المفطر فلا يبينه للمكلف ويذكر له وصفا لا يفطر بحال وهو الغيبة .
الجواب التاسع : أن هذا يبطل عامة أحكام الشرع التي رتبها على الأوصاف إذا تطرق إليها هذا الخيال والوهم الفاسد كقوله تعالى : ( الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما ) وقوله تعالى : ( والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما ) وقوله تعالى : ( واللاتي يأتين الفاحشة ) ومعلوم أنه ليس بأيدينا إلا أوصاف رتبت عليها الأحكام .
الجواب العاشر : أن هذا قدح في أفهام الصحابة الذين هم أعرف الناس وأفهم الناس بمراد نبيهم وبمقصود من كلامه وقد قال أبو موسى الأشعري _ لرجل قال له : ألا تحتجم نهارا _ : " أتأمرني أن أهريق دمي وأنا صائم وقد سمعت رسول الله يقول : " أفطر الحاجم والمحجوم " والذين فطروا بذلك من الصحابة كعلي وأبي موسى وغيرهم إنما يحتجون بالحديث وكان جماعة من الصحابة لا يحتجمون في الصيام إلا ليلا منهم عبد الله بن عمرو وابن عباس وأبو موسى وأنس ويحتجون بالحديث .

الجواب عن التأويل الثاني وهو قولهم : ( أن المعنى أنه قد تعرض لأن يفطر لما يلحقه من الضعف ) فيجاب عنه بما يلي :
الجواب الأول : أنه يتضمن الإيهام بخلاف المراد وهو فاسد .
الجواب الثاني : أن الصحابة فهموا خلاف ذلك كما دلت على ذلك الآثار .
الجواب الثالث : أنه ذكر الحاجم مع المحجوم فلو تعرض المحجوم للفطر بالضعف فأي ضعف لحق الحاجم .
فإن قيل : كون الحاجم متعرض لابتلاع الدم والمحجوم متعرض للضعف .
أجيب: هذا التعليل لا يبطل الفطر بالحجامة بل هو مقرر للفطر بها وإلا فلا يجوز استنباط وصف من النص يعود عليه بالإبطال بل هذا الوصف إن كان له تأثير في الفطر وإلا فالتعليل به باطل .

الجواب عن التأويل الثالث وهو قولهم : (أنهما قد أفطرا حقيقة وذلك لمرور النبي بهما كان مساء في وقت الفطر فأخبر أنهما قد افطرا ودخلا في وقت الفطر ) فيجاب عنه بما يلي :
الجواب الأول : لو كان المراد ما ذكرتم فما الفائدة من ذكر الحجامة إذا لم يكن لها تأثير ، فالكل حينئذ يفطر .
الجواب الثاني : أن هذا خلاف ما فهمه الصحابة في فتاويهم في المسألة
الجواب الثالث : أنه ليس في الحديث ما يدل على هذا التأويل .
الجواب عن التأويل الرابع وهو قولهم : ( أن هذا تغليظ ودعاء عليهما لا أنه خبر عن حكم شرعي بفطرهما ) ويجاب عنه بما يلي :
الجواب الأول : أن هذا يرجع عليكم إذ يقال : أنتم لا ترون الحجامة محرمة للصائم ولا تفطره فكيف إذاً يستحق الدعاء عليه ولم يعهد في الشرع الدعاء على المكلفين بالفطر وفساد العبادة إذا فعلوا مباحاً .
الجواب الثاني : أن هذا خلاف ما فهمه الصحابة في فتاويهم في المسألة
الجواب الثالث : أنه ليس في الحديث ما يدل على هذا التأويل فهو خلاف الظاهر .
الجواب عن التأويل الخامس وهو قولهم : ( إفطارهما بمعنى إبطال ثواب صومهما كما جاء : " خمس يفطرون الصائم الكذب والغيبة والنميمة والنظرة السوء واليمين الكاذبة " )
ويجاب عنه بما يلي :
الجواب الأول : أنكم لا تبطلون أجرهما بذلك ولا تحرمون الحجامة .
الجواب الثاني : أنه لو كان المراد إبطال الأجر لكان ذلك مقرراً لفساد الصوم لا لصحته فإنه قد أخبر عن أمر يتضمن بطلان أجرهما لزوماً واستنباطاً فالأجر من ثمرات الصحة ، وبطلان صومهما صريحاً ونصاً بقوله : ( أفطر ) : أي بطل الصوم فكيف يعطل ما دل عليه صريحه ويعتبر ما استنبطه منه مع أنه لا منافاة بينه وبين الصريح بل المعنيان حق قد بطل صومهما وأجرهما إذا كانت الحجامة لغير مرض .
الجواب الثالث : الحديث المذكور لا يصح :
رواه ابن الجوزي في الموضوعات ( 2 / 195 – 196 ) من طريق سعيد بن عنبسة حدثنا بقية حدثنا محمد بن الحجاج عن جابان عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " خمس يفطرن الصائم وينقضن الوضوء : الكذب والنميمة والغيبة والنظر بشهوة واليمين الكاذب "
ثم قال : هذا حديث موضوع ومن سعيد إلى أنس كلهم مطعون فيهم ، وقال ابن معين : سعيد كذاب )
وقال أبو حاتم : كان لا يصدق .
وقال ابن الجنيد : كذاب . لسان الميزان ( 3 / 39 )
ومحمد بن حجاج وبقية بن الوليد ضعيفان .
وجابان : قال الأزدي متروك الحديث . لسان الميزان ( 2 / 86 )
وقال ابن أبي حاتم في كتاب العلل ( 1 / 258 – 259 ) برقم ( 766 ) :
( سألت أبي عن حديث رواه بقية عن محمد بن الحجاج عن ميسرة بن عبد ربه عن جابان عن أنس أن النبي عليه السلام قال : " خمس يفطرن الصائم وينقضن الوضوء الغيبة والنميمة والكذب والنظر بالشهوة واليمين الكاذبة ورأيت رسول الله  يعدها كما يعد النسا فسمعت أبي يقول : هذا حديث كذب وميسرة بن عبد ربه كان يفتعل الحديث )


الدليل الثاني : آثار الصحابة رضي الله عنهم :
1 / عن نافع عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما : " أنه كان يحتجم وهو صائم قال ثم ترك ذلك بعد فكان إذا صام لم يحتجم حتى يفطر " رواه مالك في الموطأ ( 1 / 298 ) ورواه من طريقه الشافعي في مسنده ( ص 104 ) برقم ( 471 ) وعبد الرزاق في المصنف ( 4 / 211 ) برقم ( 7531 ) من طريق معمر عن الزهري عن سالم به ، وبرقم ( 7532 ) من طريق معمر عن أيوب عن نافع به . ورواه ابن ابي شيبة في المصنف ( 2 / 308 ) من طرق عن نافع به ، ورواه البيهقي في السنن الكبرى ( 4 / 269 )

2 / أثر أبي موسى الأشعري
radia.gif
:

أخرجه النسائي في الكبرى ( 2 / 231 ) والحاكم في المستدرك ( 1 / 594 ) والبيهقي في السنن الكبرى ( 4 / 266 ) من طريق روح بن عبادة قال حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن مطر عن بكر بن عبد الله المزني عن أبي رافع قال : دخلت على أبي موسى ليلا وهو يحتجم فقلت ألا كان هذا نهارا قال أهريق دمي وأنا صائم وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " أفطر الحاجم والمحجوم " .
وقد رجح أحمد وأبو حاتم وأبو زرعة والنسائي والدارقطني وغيرهم وقفه على أبي موسى رضي الله عنه .
ينظر : الكلام على الحديث فيما سبق .

3 / ذكر البخاري في التاريخ الكبير ( 8 / 340 ) من طريق منصور بن زاذان عن يزيد بن شعيب مولى صفية أنه سمع صفية بنت حيي تقول : " أفطر الحاجم والمحجوم " ووصله مسدد في مسنده _ كما في المطالب العالية _ من طريق هشيم عن منصور به .
وخولف مسدد فرواه إسحاق بن إدريس عن هشيم به مرفوعاً لكن قال الدارقطني في العلل : ( قول مسدد أشبه بالصواب )
4 / عن علي
radia.gif
قال : " لا تحتجم وأنت صائم "

أخرجه الدارقطني في العلل ( 3 / 175 ) والبيهقي في السنن الكبرى ( 4 / 285 ) من طريق أبي إسحاق السبيعي واختلف فيه عليه فروي موقوفا ومرفوعا
قال الدارقطني في العلل ( 3 / 175 ) : (هو حديث يرويه أبو إسحاق السبيعي واختلف عنه فرواه إسرائيل بن يونس عن أبي إسحاق عن عبد الله بن مرة عن الحارث عن علي عن النبي
sallah.gif
من رواية مؤمل عن إسرائيل ووقفه غيره عن إسرائيل ورواه الثوري وشعبة عن أبي إسحاق عن عبد الله بن مرة عن الحارث عن علي موقوفا ورواه خالد بن ميمون عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي موقوفا ولم يذكر عبد الله بن مرة والموقوف أصح وروى محمد بن إسحاق من رواية عبد الوارث عنه عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي عن النبي
sallah.gif
وكذلك رواه محمد بن كثير عن أجلح عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي مرفوعا أيضا حدثنا يعقوب بن إبراهيم وأحمد بن عبد الله الوكيل قالا ثنا عمر بن شبة ثنا يحيى عن سفيان عن أبي إسحاق عن عبد الله بن مرة عن الحارث عن علي قال لا تحتجم وأنت صائم ولا تصم يوم الجمعة ولا تدخل الحمام وأنت صائم ولا تقض رمضان في ذي الحجة )
وبعد فإنه مع كون الموقوف أصح إلا أن فيه الحارث الأعور متهم ، وضعفه أبو حاتم وأبو زرعة والنسائي في رواية والدارقطني وابن حبان وغيرهم . تهذيب التهذيب ( 2 / 126 )
وروى عبد الرزاق في المصنف ( 4 / 210 ) برقم ( 7524 ) من طريق معمر والنسائي في السنن الكبرى ( 2 / 222 – 223 ) من طريق أبي العلاء وسعيد بن أبي عروبة ثلاثتهم عن قتادة عن الحسن عن علي
radia.gif
قال : " أفطر الحاجم والمحجوم "
ورواه عمر بن إبراهيم عن قتادة به مرفوعا أخرجه النسائي في السنن الكبرى ( 2 / 222 )
وتابعه سعيد بن ابي عروبة عن مطر عن الحسن به مرفوعا عند النسائي في الكبرى ( 2 / 223 )
وإسناده منقطع الحسن لم يسمع من علي رضي الله عنه .
قال البزار : ( جميع ما يرويه الحسن عن علي مرسل وإنما يروى عن قيس بن عباد وغيره عن علي )
5 / عن الحسن عن غير واحد من أصحاب النبي
sallah.gif
: " أفطر الحاجم والمحجوم " قيل له : عن النبي
sallah.gif
؟ قال : نعم ، ثم قال : الله أعلم " رواه البخاري تعليقاً بصيغة التمريض ( 2 / 42 ) ووصله ابن المديني في العلل ( ص 56 – 57 ) والنسائي في السنن الكبرى ( 2 / 224 ) والبيهقي ( 4 / 264 ، 265 ) من طرق عنه به .
ثم قال علي بن المديني : ( رواه بعضهم عن عطاء بن السائب عن الحسن عن معقل بن سنان الأشجعي ، ورواه بعضهم عن عطاء عن الحسن عن معقل بن يسار ، ورواه بعضهم عن الحسن عن أسامة ، ورواه بعضهم عن الحسن عن علي ورواه بعضهم عن الحسن عن أبي هريرة ورواه التيمي فأثبت روايتهم جميعاً ، والحسن لم يسمع من عامة هؤلاء ولا لقيه - عندنا - منهم ثوبان ومعقل بن سنان وأسامة وعلي وأبو هريرة )
وقال الترمذي في العلل الكبير ( ص 123 – 124 ) : ( سألت محمداً عن أحاديث الحسن في هذا الباب فقال : يروى عن الحسن قال : حدثني غير واحد من أصحاب رسول الله  عن النبي  .
قال محمد : ويحتمل أن يكون سمع من غير واحد )
وقال الدارقطني في العلل ( 3 / 192 ) : ( اختلف فيه على الحسن فرواه قتادة ومطر الوراق ويونس بن عبيد من رواية إسماعيل بن إبراهيم القوهي عن أبيه عن شعبة عن يونس عن الحسن عن علي ورواه عبيد الله بن تمام عن يونس عن الحسن عن أسامة بن زيد ورواه عبد الوهاب الثقفي ومحمد بن راشد الضرير عن يونس عن الحسن عن أبي هريرة ورواه عطاء بن السائب وعاصم الأحول عن الحسن عن معقل بن يسار وقال بعضهم عن عطاء بن السائب فيه معقل بن سنان ورواه قتادة عن الحسن عن ثوبان ورواه أبو حرة عن الحسن قال حدثني غير واحد من أصحاب النبي
sallah.gif
فإن كان هذا القول محفوظا عن الحسن فيشبه أن تكون الأقاويل كلها يصح عنه والله أعلم )
وقال البيهقي في السنن الكبرى ( 4 / 265 ) : ( رواه يونس عن الحسن عن أبي هريرة ورواه قتادة عن الحسن عن ثوبان ورواه عطاء بن السائب عن الحسن عن معقل بن يسار ورواه مطر عن الحسن عن علي عن النبي
sallah.gif
قال الإمام أحمد ورواه أشعث عن الحسن عن أسامة بن زيد عن النبي
sallah.gif
وذكره أيضا علي بن المديني )
قال الحافظ في الفتح ( 1 / 278 ) : ( قوله _ أي البخاري _ يروى عن الحسن عن غير واحد مرفوعا أفطر الحاجم والمحجوم هكذا أبهم شيوخ الحسن سليمان التيمي كما بينته في التعليق وبينت أنه روي عنه عن شداد بن أوس وهذه رواية حميد عنه وعن أسامة بن زيد وهذه رواية أشعث عنه وعن أبي هريرة وهذه رواية يونس عنه وعن ثوبان وهذه رواية قتادة عنه وعن معقل بن يسار وهذه رواية عطاء بن السائب عنه ، ويحتمل أن يكون سمعه منهم كلهم )
وكونه سمعه منهم كلهم فيه نظر :
فالحسن لم يسمع من علي كما قال ابن المديني وأبو زرعة والترمذي والبزار وابن حبان وغيرهم .
ولم يسمع من أسامة بن زيد ولا ثوبان كما قال ابن المديني والبزار .
ولم يسمع من معقل بن يسار كما قال ابن المديني وابن معين وأبو حاتم .
وأما سماعه من أبي هريرة فالأكثر على أنه لم يسمع منه وهو قول ابن المديني وأبي حاتم وأبي زرعة والبزار

الدليل الثالث : القياس والنظر وهو من وجوه :
1 / أن الصائم قد نهى عن أخذ ما يقويه ويغذيه من الطعام والشراب فينهى عن إخراج ما يضعفه ويخرج مادته التي بها يتغذى ، ومن ذلك القيء عمداً والجماع والإنزال ، و إلا فإذا مكن من هذا ضرَّه وكان متعدياً في عبادته لا عادلاً ، والعدل في العبادات من أكبر مقاصد الشارع .
2 / أن القول بالفطر ناقل عن الأصل وموجب للحكم ، والقول الآخر مبقٍ عليه ورافع للحكم ، والناقل الموجب للحكم أولى من الرافع المبقي له.
3 / أن القول بالفطر هو الأحوط والأبرأ للذمة وهذا ما أشار إليه الشافعي _ رحمه الله _ في مختلف الحديث .
4 / أن أحاديث الفطر بالحجامة للصائم أشهر وأكثر وأقوى من الترخيص بها .
5 / أن أحاديث الفطر بالحجامة قولية وحديث احتجام النبي
sallah.gif
فعل والقول مقدم على الفعل .

الترجيح :
الذي يظهر والله أعلم هو رجحان القول الثاني لصحة الأحاديث في المسألة وصراحتها ولأن ما ستدل به أصحاب القول إما أحاديث صحيحة غير صريحة أو أحاديث ضعيفة وهي لا تقوى على دفع الأحاديث الصريحة في ذلك فالراجح والله أعلم أن الحجامة تفطر وهو إختيار الشيخ محمد العثيمين رحمه الله .

تنبيه :
أوجب عطاء رحمه الله الكفارة مع القضاء فيمن احتجم وهو صائم وهو أحد الروايتين عند الحنابلة إذا علم الحكم وجعلوا الكفارة كفارة يمين ( ذكره القاضي أبو يعلى في الروايتين ) والرواية الثانية القضاء فقط .

و المذهب عند الحنابلة والذي عليه جماهير الأصحاب ونص عليه أحمد أنه يفطر الحاجم والمحجوم مطلقا
وعنه إن علما النهى أفطرا وإلا فلا .
واختار الشيخ تقي الدين : إن مص الحاجم أفطر وإلا فلا ويفطر المحجوم عنده إن خرج الدم وإلا فلا
وظاهر كلام الخرقي أن الحاجم لا يفطر
ولا نعلم أحدا من الأصحاب فرق في الفطر وعدمه بين الحاجم والمحجوم
و اختار ابن تيمية : أن الحاجم يفطر إذا مص القارورة



ينظر في كتب المذاهب إضافة إلى كتب السنة المذكورة في المسألة :
بدائع الصنائع ( 2 / 266 )المبسوط ( 3 / 57 ) عمدة القاري ( 11 / 37 ) الاستذكار ( 3 / 322 ) بداية المجتهد ( 1 / 437 ) الشرح الكبير ( 1 / 170 ) الأم ( 2 / 127 ) إختلاف الحديث ( ص 529 ) الإقناع لابن المنذر ( 1 / 194 ) المجموع ( 6 / 317 ) مغني المحتاج ( 1 / 428 ) فتح الباري ( 4 / 175 ) مسائل عبد الله ( 2 / 622 - 630 ) الروايتين والوجهين ( 1 / 258 - 259 ) شرح الزركشي على الخرقي ( 2 / 570 ) المغني ( 3 / 36 ) شرح العمدة لابن تيمية ( كتاب الصيام ) ( 1 / 406 ) مجموع فتاوى ابن تيمية ( تهذيب السنن لابن القيم ( 6 / 356 ) زاد المعاد ( 2 / 56 ) المبدع ( 3 / 16 ) الفروع ( 3 / 47 ) المحرر ( 1 / 229 ) كشاف القناع ( 2 / 319 ) الإنصاف ( 3 / 302 ) الممتع ( 6 / 391 - 397 ) المحلى ( 6 / 204 ) سبل السلام ( 2 / 322 - 325 )
 
إنضم
31 أكتوبر 2009
المشاركات
475
التخصص
الثقافه الاسلاميه
المدينة
القرين
المذهب الفقهي
الحنبلي

المرفقات

  • imagesCAY5R4TA.jpg
    imagesCAY5R4TA.jpg
    4.9 KB · المشاهدات: 0
  • 13278539396.jpg
    13278539396.jpg
    14.2 KB · المشاهدات: 0

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: الحجامة للصائم

الشيخ الفاضل بدر .. جزاكم الله خيراً وبارك فيكم، ونفع بعلمكم
أستأذن في طرح بعض السؤالات على القول بالفطر بالحجامة رجاء أن ننتفع بهذه المناقشة:

1- مما يقوي قول الجمهور رواية الحديث التي جاءت بلفظ: (احتجم وهو محرم، واحتجم وهو صائم) .. فهل ترون أن تعليلها راجح؟

2- حديث: (أفطر الحاجم والمحجوم) يشكل عليه:
أ. ما الوجه الذي يمكن من خلاله القول بأن الحاجم يفطر؟ فإن قلتم: مصه القارورة. قيل: مص القارورة مفضٍ إلى الفطر وليس مفطراً في حد ذاته.
ب. ظاهر الحديث أنه في حق جاهلين بالحكم، فهل القول بفطر من ارتكب مفسداً للصوم عن جهل منه وارد عندكم في الباب؟

3- ظاهر جداً أن القول بعدم الفطر بالحجامة مذهب جمهور الصحابة، وجل ما جاء عن بعضهم بخلافه غير صريح. فما توجيه ذلك؟
 
التعديل الأخير:
إنضم
2 يوليو 2008
المشاركات
2,237
الكنية
أبو حازم الكاتب
التخصص
أصول فقه
المدينة
القصيم
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: الحجامة للصائم

الشيخ الفاضل أبو بكر وفقه الله

1- مما يقوي قول الجمهور رواية الحديث التي جاءت بلفظ: (احتجم وهو محرم، واحتجم وهو صائم) .. فهل ترون أن تعليلها راجح؟
هذه الرواية إما أن نرجح إعلالها وفقا لقول أحمد وابن المديني وقبلهما يحيى القطان وبعدهما إعراض مسلم عن إخراجها والاكتفاء برواية احتجم وهو محرم دون ذكر الصوم .
وإما ان نقول الرواية صحيحة لكن كان هذا قبل الحكم بالفطر بالحجامة لأن الحكم بذلك كان عام الفتح وعمر النبي صلى الله عليه وسلم كانت قبل الفتح ولم يعتمر في رمضان .
ولا يصح ان نقول إنه احتجم محرما صائما في وقت واحد عندئذ إلا أن يكون الصوم نفلا.


2- حديث: (أفطر الحاجم والمحجوم) يشكل عليه:
أ. ما الوجه الذي يمكن من خلاله القول بأن الحاجم يفطر؟ فإن قلتم: مصه القارورة. قيل: مص القارورة مفضٍ إلى الفطر وليس مفطراً في حد ذاته.
هذا الكلام لا إشكال فيه لأن مظنة الشيء تقوم مقامه كالنوم مظنة الحدث فأصبح ناقضا للوضوء ومس الذكر ومس المرأة مظنة الشهوة وسكوت البكر مظنة الرضا وعلامات البلوغ مظنة الرشد والوطء مظنة شغل الرحم والتقاء الختانين مظنة الإنزال .
وهذا كله على القول بان العلة هي خشية دخول شيء من الدم في حق الحاجم .

ب. ظاهر الحديث أنه في حق جاهلين بالحكم، فهل القول بفطر من ارتكب مفسداً للصوم عن جهل منه وارد عندكم في الباب؟
لا إشكال هنا فالعبرة بعموم اللفظ لا خصوص السبب ولا يلزم من الإخبار بالفطر أنه أمرهما بالقضاء على أن الحديث ورد من طرق متعددة ومختلفة .

3- ظاهر جداً أن القول بعدم الفطر بالحجامة مذهب جمهور الصحابة، وجل ما جاء عن بعضهم بخلافه غير صريح. فما توجيه ذلك؟
القول بأنه قول جمهور الصحابة لا يسلم به فضيلة الشيخ لأن بعض هذه الآثار ضعيف كأثر زيد بن أرقم وسعد وأم سلمة وعلي رضي الله عنهم وبعضها رجع عنها أصحابها كأثر ابن عمر وأبي هريرة رضي الله عنهم والبقية معارضة بآثار أخرى عن الصحابة رضي الله عنهم وعند الإختلاف يكون الفيصل في ذلك المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم نعم لو لم يكن هناك خلاف بين الصحابة لكان فعل الصحابة اقوى في فهم وتفسير كلام النبي صلى الله عليه وسلم لكن حيث وقع الخلاف فالحجة عندئذ بالمرفوع .
 

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: الحجامة للصائم

فضيلة الشيخ المبارك بدر.. شكر الله لكم وجزاكم خيراً

1- أراكم تجعلون هذا اللفظ "احتجم وهو محرم، واحتجم وهو صائم" يفيد أنه احتجم وهو محرم صائم في آن واحد..
والذي يظهر لي أن كل حادثة مستقلة عن الأخرى؛ فقد احتجم -صلى الله عليه وسلم- مرة وهو محرم، واحتجم مرة وهو صائم. وأما اللفظ الذي فيه "احتجم وهو محرم صائم" فهو الذي أرى الخطأ فيه، والله أعلم.

وعليه: فدعوى أن هذا الاحتجام حال الصيام كان قبل الحكم بالفطر ليُقْرَن بحال إحرامه بالعمرة محل نظر عندي؛ بل قد سبق أن القول بالنسخ غير ظاهر، فيزيد ضعفه. فما الجواب عن هذا بارك الله فيكم؟
 
التعديل الأخير:
إنضم
2 يوليو 2008
المشاركات
2,237
الكنية
أبو حازم الكاتب
التخصص
أصول فقه
المدينة
القصيم
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: الحجامة للصائم

فضيلة الشيخ المبارك بدر.. شكر الله لكم وجزاكم خيراً

1- أراكم تجعلون هذا اللفظ "احتجم وهو محرم، واحتجم وهو صائم" يفيد أنه احتجم وهو محرم صائم في آن واحد..
والذي يظهر لي أن كل حادثة مستقلة عن الأخرى؛ فقد احتجم -صلى الله عليه وسلم- مرة وهو محرم، واحتجم مرة وهو صائم. وأما اللفظ الذي فيه "احتجم وهو محرم صائم" فهو الذي أرى الخطأ فيه، والله أعلم.

وعليه: فدعوى أن هذا الاحتجام حال الصيام كان قبل الحكم بالفطر ليُقْرَن بحال إحرامه بالعمرة محل نظر عندي؛ بل قد سبق أن القول بالنسخ غير ظاهر، فيزيد ضعفه. فما الجواب عن هذا بارك الله فيكم؟

الشيخ الفاضل أبو بكر وفقه الله لكل خير
بالنسبة لإعلال الحديث فأحمد وابن المديني والقطان يرون أن ذكر الصوم خطأ سواء في رواية ( احتجم وهو صائم واحتجم وهو محرم ) أو رواية ( احتجم وهو صائم محرم ) فهم يرون ان الصحيح احتجامه حال الإحرام فقط ولم يحتجم حال الصوم سواء كان مفردا أو حال كونه محرما هذا من حيث صحة الرواية وهو الجواب الأول عنها .

وأما أجوبة العلماء على التسليم بالصحة فسبقت وخلاصتها تفيد :
1 - أن الصوم لا يلزم أن يكون في رمضان فربما كان في غيره من صوم النفل .
2 - أو أنه في رمضان لكنه في أول الأمر ثم نسخ لتأخر حديث ( أفطر الحاجم والمحجوم ) لأنه عام الفتح كما تعلمون .
3 - أو أنه في حال سفر أو مرض استدعى الحجامة وعندئذ يسوغ له الفطر للعذر ولا يلزم منه عدم القضاء فهو حكاية فعل ( الحجامة ) لا أكثر .
 

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: الحجامة للصائم

الشيخ الفاضل أبو بكر وفقه الله لكل خير
بالنسبة لإعلال الحديث فأحمد وابن المديني والقطان يرون أن ذكر الصوم خطأ سواء في رواية ( احتجم وهو صائم واحتجم وهو محرم ) أو رواية ( احتجم وهو صائم محرم ) فهم يرون ان الصحيح احتجامه حال الإحرام فقط ولم يحتجم حال الصوم سواء كان مفردا أو حال كونه محرما هذا من حيث صحة الرواية وهو الجواب الأول عنها .

وأما أجوبة العلماء على التسليم بالصحة فسبقت وخلاصتها تفيد :
1 - أن الصوم لا يلزم أن يكون في رمضان فربما كان في غيره من صوم النفل .
2 - أو أنه في رمضان لكنه في أول الأمر ثم نسخ لتأخر حديث ( أفطر الحاجم والمحجوم ) لأنه عام الفتح كما تعلمون .
3 - أو أنه في حال سفر أو مرض استدعى الحجامة وعندئذ يسوغ له الفطر للعذر ولا يلزم منه عدم القضاء فهو حكاية فعل ( الحجامة ) لا أكثر .
الشيخ المبارك أبو حازم حفظه الله
قد ذكرتُ هناك الجواب عن الإعلال وأنه مقابَل بإخراج البخاري له في صحيحه، وكذلك بيان ضعف القول بالنسخ، وذكر بعض أجوبة أهل العلم عمن قال: احتجم فأفطر..

قال ابن خزيمة رحمه الله : ( إنما احتجم وهو محرم صائم في السفر؛ لأنه لم يكن قط محرماً مقيماً ببلده، والمسافر إذا نوى الصوم له الفطر بالأكل والشرب والحجامة وغيرها ، فلا يلزم من حجامته إنها لا تفطر ، فاحتجم وصار مفطراً ، وذلك جائز ) .
وأجاب الخطابي في " معالم السنن " : ( وهذا تأويل باطل ، لأنه قال : "احتجم وهو صائم"؛ فأثبت له الصيام مع الحجامة ، ولو بطل صومه بها لقال أفطر بالحجامة ).
قال النووي في شرح المهذب : ( ولأن السابق إلى الفهم من قول ابن عباس t: ( احتجم وهو صائم ) الإخبار بأن الحجامة لا تبطل الصوم ، ويؤيده باقي الأحاديث المذكورة. والله أعلم ) .
 
إنضم
2 يوليو 2008
المشاركات
2,237
الكنية
أبو حازم الكاتب
التخصص
أصول فقه
المدينة
القصيم
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: الحجامة للصائم

الشيخ الفاضل أبو بكر وفقه الله
الشيخ المبارك أبو حازم حفظه الله
قد ذكرتُ هناك الجواب عن الإعلال وأنه مقابَل بإخراج البخاري له في صحيحه،
إخراج البخاري رحمه الله للحديث لا يعني ترجيح الصحة على الإعلال لأن التصحيح أمر اجتهادي ولا شك أن أحمد وابن المديني شيخا البخاري وهما أجل وأعلم منه بلا شك كما لا يخفاك أن في الصحيحين بعض الألفاظ التي انتقدها العلماء كما أن مسلما أعرض عن هذا اللفظ واكتفى بذكر الحجامة حال الإحرام مما يقوي ما ذهب إليه احمد وابن المديني .

وكذلك بيان ضعف القول بالنسخ .
القول بالنسخ هنا أقوى من القول بنسخ الفطر في الحجامة لأن حديث أفطر الحاجم والمحجوم في السنة الثامنة وهو حكم خلاف الأصل لأن الأصل عدم الفطر بالحجامة فكونه لا يفطر بالحجامة على وفق الأصل والفطر بها حكم زائد .
وذكر بعض أجوبة أهل العلم عمن قال: احتجم فأفطر..

قال ابن خزيمة رحمه الله : ( إنما احتجم وهو محرم صائم في السفر؛ لأنه لم يكن قط محرماً مقيماً ببلده، والمسافر إذا نوى الصوم له الفطر بالأكل والشرب والحجامة وغيرها ، فلا يلزم من حجامته إنها لا تفطر ، فاحتجم وصار مفطراً ، وذلك جائز ) .
وأجاب الخطابي في " معالم السنن " : ( وهذا تأويل باطل ، لأنه قال : "احتجم وهو صائم"؛ فأثبت له الصيام مع الحجامة ، ولو بطل صومه بها لقال أفطر بالحجامة ).
قال النووي في شرح المهذب : ( ولأن السابق إلى الفهم من قول ابن عباس t: ( احتجم وهو صائم ) الإخبار بأن الحجامة لا تبطل الصوم ، ويؤيده باقي الأحاديث المذكورة. والله أعلم ) .
لا يلزم ان يذكر أنه افطر بصومه ذلك وهل ذكر الأعرابي الذي جامع اهله في نهار رمضان انه افطر بفعله ؟
وقد جاء في بعض الروايات مايفيد ان احتجام النبي صلى الله عليه وسلم كان لمرض ألم به .

والمقصود أن الحكم بأن الحجامة لا تفطر استدلالا بحديث ابن عباس ينبني على ما يلي :
1 - إثبات أنه متأخر عن حديث أفطر الحاجم والمحجوم .
2 - إثبات أنه في صوم فرض .
3 - إثبات أنه مقيم غير مسافر .
4 - إثبات أنه لم يحتجم لعذر كالمرض .
وفوق هذا كله يبقى هذا فعل محتمل ويقابله القول الصريح .
 

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: الحجامة للصائم

الشيخ المبارك أبو حازم سدده الله
أولاً: القول بفطر الحاجم بمص القارورة أجنبي عن قاعدة الشرع في الباب؛ فهو كأن يقال بفطر من بالغ في المضمضة ولو لم يصل الماء إلى الحلق، وهذا تنكبه عامة أهل العلم. وعليه؛ فالمظنة لا تقام مقام المئنة إلا إذا كانت قوية غالبة، والسلامة من ابتلاع الدم والتحفظ منه ممكنة.. كما أن المظنة إنما تفيد غلبة الظن إذا لم يقم دليل قاطع على فسادها، وقاعدةُ الشرع في الباب وعملُ المسلمين تقطع بفساد كون المذكور مظنة للفطر، فوجب تأويل الرواية.

ثانياً: إخراج البخاري للرواية في صحيحه دليل على ثبوتها عنده هو، وهو الذي عنيتُه، وهو ما تطمئن نفسي إليه.

ثالثاً: قول الأعرابي: "وقعت على امرأتي وأنا صائم" مسوق لغير ما سيق له حديث ابن عباس؛ فظاهر سياق مروي ابن عباس لبيان كون الحجامة مشروعة غير ممنوعة حال الصيام وحال الإحرام، وهذا السياق من أقوى أوجه الرد على المطالبة بإثبات كون الواقعة في غير سفر ولا مرض؛ لأن هذه الاحتمالات خلاف ظاهر السياق والمتبادر إلى الفهم من كلام ابن عباس رضي الله عنهما.

رابعاً: ظهور القول بعدم الفطر بالحجامة بين الصحابة لا مرية عندي فيه؛ فيكفي في ذلك:
1- قول أنس،
2- قول أبي سعيد،
3- قول الصحابي: "ولم يحرِّمهما إبقاء على أصحابه"، ولا يبعد أن يحمل محمل الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
4- ما صح عن عدد من الصحابة: "الفطر مما دخل وليس مما خرج".


وعامة ما ينسبه الحنابلة في الباب عن الصحابة يرجع إلى أمرين:
الأول: كون الصحابي قد روى حديث الفطر بالحجامة.
الثاني: كونه أخر الحجامة إلى الليل.

وليس في هذين تصريح بالقول بالفطر بالحجامة، فلا يقاوم ما سبق.

ومن ذلك قول أبي داود في سؤالاته: سمعت أحمد، ناظره رجل في الحجامة للصائم، فقال الرجل لأحمد: ثابت عن أنس: كره الحجامة للصائم مخافة الضعف؟ قال أحمد، روي عن أنس أنه احتجم في السراج، وابن عمر احتجم بالليل وأبو موسى يعني: الأشعري، احتج بهذا في ترك الحجامة، ولم يحتج فيه بشيء يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم. والله تعالى أعلم.
 
التعديل الأخير:

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: الحجامة للصائم

أشُغِلَ عنا الشيخ المفضال؟.. ووالله إن المذاكرة مع مثله لمغنم، ومن نعيم الدنيا الذي لا يعادله من نعيمها شيء. عسى أن يكون بخير
 
إنضم
2 يوليو 2008
المشاركات
2,237
الكنية
أبو حازم الكاتب
التخصص
أصول فقه
المدينة
القصيم
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: الحجامة للصائم

أشُغِلَ عنا الشيخ المفضال؟.. ووالله إن المذاكرة مع مثله لمغنم، ومن نعيم الدنيا الذي لا يعادله من نعيمها شيء. عسى أن يكون بخير

غفر الله لك أيها الشيخ الكريم هذا من حسن ظنك بأخيك فالوقت في رمضان فعلا يمر سريعا وتقل المشاركات وفي تعليقات فضيلتكم وما ذكرتموه في المسألة خير كثير لعله يشفع لقصور أخيك .
 
إنضم
2 يوليو 2008
المشاركات
2,237
الكنية
أبو حازم الكاتب
التخصص
أصول فقه
المدينة
القصيم
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: الحجامة للصائم

الشيخ الفاضل والحبيب إلى القلب أبو بكر بارك الله فيكم

الشيخ المبارك أبو حازم سدده الله
أولاً: القول بفطر الحاجم بمص القارورة أجنبي عن قاعدة الشرع في الباب؛ فهو كأن يقال بفطر من بالغ في المضمضة ولو لم يصل الماء إلى الحلق، وهذا تنكبه عامة أهل العلم.
هذا قياس في مقابلة النص ( أفطر الحاجم والمحجوم ) فهو قياس فاسد الاعتبار .

وعليه؛ فالمظنة لا تقام مقام المئنة إلا إذا كانت قوية غالبة، والسلامة من ابتلاع الدم والتحفظ منه ممكنة.. كما أن المظنة إنما تفيد غلبة الظن إذا لم يقم دليل قاطع على فسادها، وقاعدةُ الشرع في الباب وعملُ المسلمين تقطع بفساد كون المذكور مظنة للفطر، فوجب تأويل الرواية.
النص يحتمل التعليل بأن الحاجم لا يأمن دخول شيء من الدم إلى جوفه هكذا ذكر اكثر الشراح والفقهاء .
ويحتمل التعبد كما هو قول بعض الفقهاء كابن عقيل الحنبلي.
وعلى الاحتمالين فهذا كلام النبي صلى الله عليه وسلم بالحكم بفطر الحاجم والمحجوم .


ثانياً: إخراج البخاري للرواية في صحيحه دليل على ثبوتها عنده هو، وهو الذي عنيتُه، وهو ما تطمئن نفسي إليه.
قد أحلتم على مليء وجبل في هذا الفن فالبخاري إمام كبير في الحديث ولا نكير على من استند على مثله لكني أميل إلى قول شيخيه وهما اجل منه بلا شك في هذا العلم أحمد وابن المديني .

ثالثاً: قول الأعرابي: "وقعت على امرأتي وأنا صائم" مسوق لغير ما سيق له حديث ابن عباس؛ فظاهر سياق مروي ابن عباس لبيان كون الحجامة مشروعة غير ممنوعة حال الصيام وحال الإحرام، وهذا السياق من أقوى أوجه الرد على المطالبة بإثبات كون الواقعة في غير سفر ولا مرض؛ لأن هذه الاحتمالات خلاف ظاهر السياق والمتبادر إلى الفهم من كلام ابن عباس رضي الله عنهما.

رابعاً: ظهور القول بعدم الفطر بالحجامة بين الصحابة لا مرية عندي فيه؛ فيكفي في ذلك:
1- قول أنس،
2- قول أبي سعيد،
3- قول الصحابي: "ولم يحرِّمهما إبقاء على أصحابه"، ولا يبعد أن يحمل محمل الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
4- ما صح عن عدد من الصحابة: "الفطر مما دخل وليس مما خرج".


وعامة ما ينسبه الحنابلة في الباب عن الصحابة يرجع إلى أمرين:
الأول: كون الصحابي قد روى حديث الفطر بالحجامة.
الثاني: كونه أخر الحجامة إلى الليل.

وليس في هذين تصريح بالقول بالفطر بالحجامة، فلا يقاوم ما سبق.

ومن ذلك قول أبي داود في سؤالاته: سمعت أحمد، ناظره رجل في الحجامة للصائم، فقال الرجل لأحمد: ثابت عن أنس: كره الحجامة للصائم مخافة الضعف؟ قال أحمد، روي عن أنس أنه احتجم في السراج، وابن عمر احتجم بالليل وأبو موسى يعني: الأشعري، احتج بهذا في ترك الحجامة، ولم يحتج فيه بشيء يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم. والله تعالى أعلم.
حينما يتعمد الصحابي ترك الحجامة في النهار ويؤخرها إلى الليل فما معنى ذلك وبعضهم يحتج بالحديث لفعله كأبي موسى الأشعري رضي الله عنه وبعضهم من صريح قوله أفطر الحاجم والمحجوم كصفية رضي الله عنها .

والسؤال فضيلة الشيخ :
عندنا حديث (
أفطر الحاجم والمحجوم ) ما الجواب عنه ؟
أمامكم أربعة أجوبة حسب علمي :
1 - إما القول بالنسخ ،
وعليه فما الدليل على النسخ ؟ .
2 - أو الطعن في صحة الحديث .
وعليه فما وجه الطعن في صحته وقد روي عن عدد من الصحابة حتى حكم بعضهم عليه بالتواتر وصححه الأئمة الكبار كأحمد وابن المديني والبخاري وغيرهم .
3 - أو ترجيح حديث ( احتجم وهو صائم ) عليه ،
وعليه فما هي المرجحات المعتبرة في ذلك ؟.
4 - أو تأويل الحديث ،
وعليه فما هو الدليل على صحة التأويل المذكور ؟.
 

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: الحجامة للصائم

الشيخ الفاضل والحبيب إلى القلب أبو بكر بارك الله فيكم


حينما يتعمد الصحابي ترك الحجامة في النهار ويؤخرها إلى الليل فما معنى ذلك وبعضهم يحتج بالحديث لفعله كأبي موسى الأشعري رضي الله عنه وبعضهم من صريح قوله أفطر الحاجم والمحجوم كصفية رضي الله عنها .

والسؤال فضيلة الشيخ :
عندنا حديث (
أفطر الحاجم والمحجوم ) ما الجواب عنه ؟
أمامكم أربعة أجوبة حسب علمي :
1 - إما القول بالنسخ ،
وعليه فما الدليل على النسخ ؟ .
2 - أو الطعن في صحة الحديث .
وعليه فما وجه الطعن في صحته وقد روي عن عدد من الصحابة حتى حكم بعضهم عليه بالتواتر وصححه الأئمة الكبار كأحمد وابن المديني والبخاري وغيرهم .
3 - أو ترجيح حديث ( احتجم وهو صائم ) عليه ،
وعليه فما هي المرجحات المعتبرة في ذلك ؟.
4 - أو تأويل الحديث ،
وعليه فما هو الدليل على صحة التأويل المذكور ؟.

أهلاً ومرحباً بفضيلة الشيخ بدر، وأحبك الذي أحببتني له.


أما تأخير بعض الصحابةِ الحجامةَ إلى الليل فليس صريحاً في كونهم يرون الفطر من ذلك، فهو يحتمل:
1- أنهم فعلوا ذلك خشية الضعف الذي قد يضطر أحدهم للفطر، ولذا كرهوها. ويسنده قول أنس رضي الله عنه.
2- أنهم فعلوا ذلك احتياطاً.


وأما الجواب عن حديث: (أفطر الحاجم والمحجوم) فهو تأويله.. ووجه ترجيح تأويله قد سبق بيانه
ويقابله:

1- حديث ابن عباس رضي الله عنهما: احتجم وهو صائم.
2- قول الصحابي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في شأن الحجامة والمواصلة: "ولم يحرِّمهما إبقاء على أصحابه".

3- صريح قول جمهرة من الصحابة.. ومن ذلك:
- قول أنس رضي الله عنه حين سئل: أكنتم تكرهون الحجامة للصائم؟ قال: لا، إلا من أجل الضعف.
- ما صح عن عدد من الصحابة: "الفطر مما دخل وليس مما خرج".
- قول أبي سعيد رضي الله عنه.
وفهمهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مقدَّم.
4- أن هذا الوارد كله أقيس، وموافق لقاعدة الشريعة في الباب أكثر. والله تعالى أعلم
 
التعديل الأخير:
إنضم
2 يوليو 2008
المشاركات
2,237
الكنية
أبو حازم الكاتب
التخصص
أصول فقه
المدينة
القصيم
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: الحجامة للصائم

فضيلة الشيخ بارك الله فيكم


أهلاً ومرحباً بفضيلة الشيخ بدر، وأحبك الذي أحببتني له.


أما تأخير بعض الصحابةِ الحجامةَ إلى الليل فليس صريحاً في كونهم يرون الفطر من ذلك، فهو يحتمل:
1- أنهم فعلوا ذلك خشية الضعف الذي قد يضطر أحدهم للفطر، ولذا كرهوها. ويسنده قول أنس رضي الله عنه.
2- أنهم فعلوا ذلك احتياطاً.

نعم بارك الله فيكم هو ليس صريحا في حق من ترك تركا مجردا لكن من احتج بالحديث مع الترك فلا وكذلك عدم صراحة ذلك مؤيدة بالحديث ( أفطر الحاجم والمحجوم ) الذي يبين المقصود .

وأما الجواب عن حديث: (أفطر الحاجم والمحجوم) فهو تأويله.. ووجه ترجيح تأويله قد سبق بيانه
لا أدري بارك الله فيكم ما تأويله بالضبط عندكم فلم أجد ما أحلتم إليه .

ويقابله:

1- حديث ابن عباس رضي الله عنهما: احتجم وهو صائم.
هذا سبق الجواب عنه إما بالطعن في لفظ الصوم أو بتقدمه أو بكونه فعلا محتملا قابله النص الصريح .

2- قول الصحابي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في شأن الحجامة والمواصلة: "ولم يحرِّمهما إبقاء على أصحابه".
هذا يجاب عنه بأجوبة :
الأول : أن صدر الحديث المرفوع انه ( نهى ) وأما تفسيره فمن الصحابي رضي الله عنه وقد خالفه غيره فلا يكون حجة في فهمه لا سيما هو لم يذكر باسمه هنا .
الثاني : أن الحديث بين أنه لم يحرمهما على الصحابة إبقاء لهم ولم يتعرض الحديث للفطر من عدمه ولا شك أن الحجامة تجوز عند الحاجة حال الصوم لكنه يفطر ويقضي كالمريض .
الثالث : أن الجمهور القائلين بعدم الفطر في الحجامة منعوا من الوصال على سبيل التحريم ورأوا أن غروب الشمس يفطر الصائم ولا ينفعه وصاله .

3- صريح قول جمهرة من الصحابة.. ومن ذلك:
- قول أنس رضي الله عنه حين سئل: أكنتم تكرهون الحجامة للصائم؟ قال: لا، إلا من أجل الضعف.
- ما صح عن عدد من الصحابة: "الفطر مما دخل وليس مما خرج".
- قول أبي سعيد رضي الله عنه.
وفهمهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مقدَّم.
لكن لا يخفاكم أن فهم من ذكر يعارضه فهم غيرهم من الصحابة رضي الله عنه وأنس رضي الله عنه يرى كراهة الحجامة وفتاوى كبار تلاميذه من اهل البصرة كابن سيرين والحسن البصري بالفطر بالحجامة وكذلك ما روي ان أهل البصرة كانوا يغلقون الحوانيت إذا دخل رمضان كل هذا يدل على أن هذا هو مذهب أنس رضي الله عنه .
والقول بأن الفطر مما دخل لا ما خرج منقوض بالقيء والحيض والنفاس والإنزال .

4- أن هذا الوارد كله أقيس، وموافق لقاعدة الشريعة في الباب أكثر. والله تعالى أعلم

قولكم إنه أقيس يجاب عنه بجوابين :
الأول : لا قياس في مقابلة النص .
الثاني : أن القياس يقتضي الفطر لكونه يضعف البدن عن الصوم فأشبه المريض .
وبعد :
فإن حديث ( أفطر الحاجم والمحجوم ) :
1 - أكثر رواية فقد رواه جمع من الصحابة يزيدون عن خمسة عشر راويا بطرق متعددة .
2 - وأكثر تصحيحا من قبل العلماء فقد صححه أحمد وابن المديني وإسحاق وإبراهيم الحربي وأبو زرعة والبخاري والترمذي والدارمي وابن خزيمة والحاكم والعقيلي وابن حزم وابن تيمية وابن القيم والذهبي وغيرهم .
3 - وأصرح في بيان الحكم مما يقابله مما يحتمل تأويله .
أي أنه أقوى في الثبوت والدلالة من حديث( احتجم وهو صائم )

وجوابا عن سؤالكم المتقدم (
ظاهر الحديث أنه في حق جاهلين بالحكم، فهل القول بفطر من ارتكب مفسداً للصوم عن جهل منه وارد عندكم في الباب؟ ) أقول :
قد قرر شيخ الإسلام ابن تيمية قاعدة جيدة في الباب نقلها عنه ابن القيم حيث يقول : ( قلت له - أي ابن تيمية - فالنبي صلى الله عليه وسلم مر على رجل يحتجم فقال : " أفطر الحاجم والمحجوم " ولم يكونا عالمين بأن الحجامة تفطر ولم يبلغهما قبل ذلك قوله أفطر الحاجم والمحجوم ولعل الحكم إنما شرع ذلك اليوم .
فأجابني بما مضمونه :
أن الحديث اقتضى أن ذلك الفعل مفطر وهذا كما لو رأى إنسانا يأكل أو يشرب فقال أفطر الآكل والشارب فهذا فيه بيان السبب المقتضي للفطر ولا تعرض فيه للمانع .. ) إعلام الموقعين ( 2 / 52 - 53 )
 

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: الحجامة للصائم

بارك الله فيكم فضيلة الشيخ بدر.. ونفع بعلمكم

قولكم: " نعم بارك الله فيكم هو ليس صريحا في حق من ترك تركا مجردا لكن من احتج بالحديث مع الترك فلا وكذلك عدم صراحة ذلك مؤيدة بالحديث ( أفطر الحاجم والمحجوم ) الذي يبين المقصود".
أقول: وفيكم بارك الله.. ولكن: من الذين ثبت عنهم أنهم احتجوا بالحديث مع التأخير لليل؟ واحد أو اثنان؟!

قولكم: "
هذا سبق الجواب عنه إما بالطعن في لفظ الصوم أو بتقدمه أو بكونه فعلا محتملا قابله النص الصريح".
جوابه: أن الطعن في لفظ الصوم يحتاج إلى برهان أقوى، ودعوى النسخ غير قائمة على ساق، وأما الاحتمالات المورَدة فقد ذكرتُ أنه يظهر وهاؤها أمام صراحة الرواية.

قولكم: "
هذا يجاب عنه بأجوبة :
الأول : أن صدر الحديث المرفوع انه ( نهى ) وأما تفسيره فمن الصحابي رضي الله عنه وقد خالفه غيره فلا يكون حجة في فهمه لا سيما هو لم يذكر باسمه هنا .
الثاني : أن الحديث بين أنه لم يحرمهما على الصحابة إبقاء لهم ولم يتعرض الحديث للفطر من عدمه ولا شك أن الحجامة تجوز عند الحاجة حال الصوم لكنه يفطر ويقضي كالمريض .
الثالث : أن الجمهور القائلين بعدم الفطر في الحجامة منعوا من الوصال على سبيل التحريم ورأوا أن غروب الشمس يفطر الصائم ولا ينفعه وصاله"
جواب الأول: كونه تفسيراً من الصحابي محتمل، ويحتمل أن يكون كالمرفوع.. وقد رأيتُ لشيخ الإسلام ابن تيمية تقريره بأنه اجتهادُ الصحابي.
وأما الاعتراض الثاني؛ فمعنى الرواية أنه أراد الإبقاء على أصحابه بنهيه عن الحجامة والمواصلة، لا أنه أراد الإبقاء عليهم بأنه لم يحرمهما. وعليه فيكون معناه: إنما كرهها لأجل الضعف.
وأما الثالث؛
فلا يلزم من قول جمهورهم في تلك بقولٍ أن ذلك لازمٌ لكل واحد منهم، ولا لكل من قال بقولهم في مسألتنا كما لا يخفاكم، بل منهم من فسر الحديث: "إذا أقبل الليل من هنا وأدبر النهار من هنا وغابت الشمس من ههنا فقد أفطر الصائم" بأن مغيب الشمس يحل به الإفطار ولا يحصل به، وعليه فلا يرد اعتراض.

وقولكم حفظكم الله: "
لكن لا يخفاكم أن فهم من ذكر يعارضه فهم غيرهم من الصحابة رضي الله عنه وأنس رضي الله عنه يرى كراهة الحجامة وفتاوى كبار تلاميذه من اهل البصرة كابن سيرين والحسن البصري بالفطر بالحجامة وكذلك ما روي ان أهل البصرة كانوا يغلقون الحوانيت إذا دخل رمضان كل هذا يدل على أن هذا هو مذهب أنس رضي الله عنه"
جوابه: أن المذكور عن أنس ثابتٌ عنه لا ريب فيه، فهو صحيح صريح، بل جاء عنه من قوله وفعله؛ حيث كان يحتجم وهو صائم، ولا يمكن دفع ذلك بفتوى كبار تلاميذه ولا بفعل أهل البصرة؛ لاحتمال أن يكون ذلك منهم لأجل خشية الضعف، ولتغليب جانب الحفاظ على صوم العامة من أن يُضطَروا للفطر ويقعوا في الحرج.


قولكم سددكم الله: "والقول بأن الفطر مما دخل لا ما خرج منقوض بالقيء والحيض والنفاس والإنزال"، مع الاحتجاج بكونه في معنى ذلك بحيث يضعِف البدن.
أقول: أما القيء فمحل خلاف ونزاع، ولستم تفطرونه بكل قيء؛ فالمريض إذا قاء مراراً صححتم صومه، وقد حصل أن ذلك مضعف له.
وأما الإنزال؛ فالشأن فيه ليس مجرد الخروج، بل قضاء الشهوة المنافية لركن الصوم.
وأما الحيض والنفاس؛ فإن كان يقال بأنه مضعف للبدن، فكذلك دم الاستحاضة في هذا.. فدل على أنه اختص بحكم لا يتعداه لغيره.

وأما قولكم:
"لا قياس في مقابلة النص"
فالجواب عنه: إن المراد بقولي إنه أقيس.. أنه قد اجتمع عندنا نصوص ظاهرها التعارض، فكان ترجيح ما كان أقرب للقياس وقاعدة الشرع في الباب أولى.

ثم :
1- مسلك المفطّرين بالحجامة ترجيحي، ومسلك الجمهور جمعي.. حيث يضطر المفطّرون لإهمال حديث ابن عباس.
2- مسلك المفطّرين بالحجامة في إثبات أن مصححي حديث الفطر بها من أهل العلم أكثر.. أراه ضعيفاً في هذا المقام
ففي اعتقادي أن المصححين لحديث ابن عباس أكثر، وإن لم ينَص على أسمائهم؛ إذ وجوده بين دفتي الصحيح يجعله مقدماً عند جماهير أهل العلم، بخلاف حديث لم يروه الشيخان، وإن كنت أجزم بصحته ولا أخالفكم في هذا.. ويزيد هذا جلاء أن جماهير أهل العلم قد أخذوا بحديث ابن عباس، وهذا تقديم له في الصحة كما ذكر الحازمي في "الاعتبار" أن أكثر أهل العلم من أهل الحجاز والكوفة والبصرة والشام قد خالفوا عطاء والأوزاعي وأحمد وإسحاق في ذلك.
بل ذكر البيهقي في سننه قول الإمام الشافعي: "وحديث ابن عباس أمثلهما إسناداً". والله تعالى أعلم

 
التعديل الأخير:
إنضم
2 يوليو 2008
المشاركات
2,237
الكنية
أبو حازم الكاتب
التخصص
أصول فقه
المدينة
القصيم
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: الحجامة للصائم

فضيلة الشيخ أبو بكر وفقه الله

بارك الله فيكم فضيلة الشيخ بدر.. ونفع بعلمكم

قولكم: " نعم بارك الله فيكم هو ليس صريحا في حق من ترك تركا مجردا لكن من احتج بالحديث مع الترك فلا وكذلك عدم صراحة ذلك مؤيدة بالحديث ( أفطر الحاجم والمحجوم ) الذي يبين المقصود".
أقول: وفيكم بارك الله.. ولكن: من الذين ثبت عنهم أنهم احتجوا بالحديث مع التأخير لليل؟ واحد أو اثنان؟!
وكم الذين أفتوا بعدم الفطر صراحة وبسند صحيح ولم يرجعوا عن قولهم ؟

قولكم: "
هذا سبق الجواب عنه إما بالطعن في لفظ الصوم أو بتقدمه أو بكونه فعلا محتملا قابله النص الصريح".
جوابه: أن الطعن في لفظ الصوم يحتاج إلى برهان أقوى
لا يخفى فضيلتكم أن التصحيح والتضعيف لا سيما في أبواب العلل الخفية يرجع فيهما إلى أهل الشأن من أهل الاستقراء التام وسبر الروايات وهم كبار أهل العلم كيحيى القطان وابن مهدي وأحمد وابن المديني وابن معين وأبي حاتم وأبي زرعة الرازيين والبخاري ومسلم وأمثالهم وليس ذلك كالمسائل الفقهية التي تعتمد الأدلة في الترجيح فقد يتبين للواحد منهم خطأ الرواية لقرائن معينة او لخبرته بالراوي ومروياته ولذلك نجد تعبيرهم بقولهم : هذا خطأ وهذا أشبه بالصواب وربما ذكروا السبب وربما اكتفوا بالحكم ، وأمثالنا عالة عليهم في هذا الباب خصوصا .

ودعوى النسخ غير قائمة على ساق، وأما الاحتمالات المورَدة فقد ذكرتُ أنه يظهر وهاؤها أمام صراحة الرواية.
صراحة الرواية من أي جهة ؟
أليس مجرد الفعل محتملا ولا يقابل القول الصريح كما هو معروف عند أهل العلم في باب الترجيح بين الأدلة النقلية .

قولكم: "
هذا يجاب عنه بأجوبة :
الأول : أن صدر الحديث المرفوع انه ( نهى ) وأما تفسيره فمن الصحابي رضي الله عنه وقد خالفه غيره فلا يكون حجة في فهمه لا سيما هو لم يذكر باسمه هنا .
الثاني : أن الحديث بين أنه لم يحرمهما على الصحابة إبقاء لهم ولم يتعرض الحديث للفطر من عدمه ولا شك أن الحجامة تجوز عند الحاجة حال الصوم لكنه يفطر ويقضي كالمريض .
الثالث : أن الجمهور القائلين بعدم الفطر في الحجامة منعوا من الوصال على سبيل التحريم ورأوا أن غروب الشمس يفطر الصائم ولا ينفعه وصاله"
جواب الأول: كونه تفسيراً من الصحابي محتمل، ويحتمل أن يكون كالمرفوع.. وقد رأيتُ لشيخ الإسلام ابن تيمية تقريره بأنه اجتهادُ الصحابي.
وأما الاعتراض الثاني؛ فمعنى الرواية أنه أراد الإبقاء على أصحابه بنهيه عن الحجامة والمواصلة، لا أنه أراد الإبقاء عليهم بأنه لم يحرمهما. وعليه فيكون معناه: إنما كرهها لأجل الضعف.
وأما الثالث؛
فلا يلزم من قول جمهورهم في تلك بقولٍ أن ذلك لازمٌ لكل واحد منهم، ولا لكل من قال بقولهم في مسألتنا كما لا يخفاكم، بل منهم من فسر الحديث: "إذا أقبل الليل من هنا وأدبر النهار من هنا وغابت الشمس من ههنا فقد أفطر الصائم" بأن مغيب الشمس يحل به الإفطار ولا يحصل به، وعليه فلا يرد اعتراض.
الجواب فضيلة الشيخ أن هذا من باب لازم القول فمن يستدل بهذا على أن الحجامة لا تفطر يلزمه ذلك في الوصال فالنص فيهما واحد وإن خرج الوصال بما ذكرتم عند بعضهم فما المانع أن تخرج الحجامة بحديث " أفطر الحاجم والمحجوم "

قولكم
: المذكور عن أنس ثابتٌ عنه لا ريب فيه، فهو صحيح صريح، بل جاء عنه من قوله وفعله؛ حيث كان يحتجم وهو صائم، ولا يمكن دفع ذلك بفتوى كبار تلاميذه ولا بفعل أهل البصرة؛ لاحتمال أن يكون ذلك منهم لأجل خشية الضعف، ولتغليب جانب الحفاظ على صوم العامة من أن يُضطَروا للفطر ويقعوا في الحرج.
القصد من هذا فضيلة الشيخ أن أنس بن مالك رضي الله عنه حيث حصل الاختلاف في مذهبه فالفاصل في هذا قول تلاميذه إذ يبعد عادة أن يكون تلاميذ الصحابي الكبار كابن سيرين والحسن البصري وأبي قلابة بل وأهل البصرة عامة الذين هم أشد الناس في التفطير بالحجامة - مع كون أنس إمام اهل البصرة وآخر الصحابة موتا بها بعد عمر طويل جعله إمام أهل البصرة ومرجعهم في العلم - أقول كيف يقع ذلك وهم يرون إمامهم يرى عدم الفطر بالحجامة ؟.

قولكم سددكم الله: "والقول بأن الفطر مما دخل لا ما خرج منقوض بالقيء والحيض والنفاس والإنزال"، مع الاحتجاج بكونه في معنى ذلك بحيث يضعِف البدن.
أقول: أما القيء فمحل خلاف ونزاع، ولستم تفطرونه بكل قيء؛ فالمريض إذا قاء مراراً صححتم صومه، وقد حصل أن ذلك مضعف له.
القيء المتعمد أليس إخراجاً ؟ ألا تفطرون به ؟
وأما الإنزال؛ فالشأن فيه ليس مجرد الخروج، بل قضاء الشهوة المنافية لركن الصوم.
وأما الحيض والنفاس؛ فإن كان يقال بأنه مضعف للبدن، فكذلك دم الاستحاضة في هذا.. فدل على أنه اختص بحكم لا يتعداه لغيره.
ليس الأمر في سبب الفطر بالخارج وإنما الكلام في كون الخارج مفطر او لا بناء على تلك القاعدة فأنا أقول هي منقوضة بما ذكر من القيء والحيض والنفاس والإنزال وإلا فالحجامة الفطر سببه الضعف .

وأما قولكم:
"لا قياس في مقابلة النص"
فالجواب عنه: إن المراد بقولي إنه أقيس.. أنه قد اجتمع عندنا نصوص ظاهرها التعارض، فكان ترجيح ما كان أقرب للقياس وقاعدة الشرع في الباب أولى.
ل
م قلتم عدم التفطير هو القيس مع ان نظائر الحجامة من القيء والحيض والمرض عموما هي سبب الفطر وذلك لضعف البدن .

ثم :
1- مسلك المفطّرين بالحجامة ترجيحي، ومسلك الجمهور جمعي.. حيث يضطر المفطّرون لإهمال حديث ابن عباس.
المفطرون منهم من لا يرى ثبوت الحديث أصلا فهو ليس إهمالا له بعد صحته بل هم يعتبرونه في حكم العدم .
ومنهم من يرى ذلك الحكم في حديث ابن عباس رضي الله عنهما مبني على البراءة الأصلية ثم جاء الحكم بالتفطير بها .
ثم إن من لا يفطر بالحجامة يرجح حديث ابن عباس أو ينسخ حديث أفطر الحاجم والمحجوم به وليس ذلك جمعا وأما التأويلات الضعيفة للحديث والتي يمكن ان تكون جمعا عندهم فهي في الحقيقة إبطال للحديث وليس جمعا فمن يحمله على أنه للغيبة أو قارب الفطر لغروب الشمس أو نحوها مما قال فيه ابن العربي إنها تأويلات لا تقوم على ساق كل تلك تعود على النص بالإبطال

2- مسلك المفطّرين بالحجامة في إثبات أن مصححي حديث الفطر بها من أهل العلم أكثر.. أراه ضعيفاً في هذا المقام
ففي اعتقادي أن المصححين لحديث ابن عباس أكثر، وإن لم ينَص على أسمائهم؛ إذ وجوده بين دفتي الصحيح يجعله مقدماً عند جماهير أهل العلم، بخلاف حديث لم يروه الشيخان، وإن كنت أجزم بصحته ولا أخالفكم في هذا.. ويزيد هذا جلاء أن جماهير أهل العلم قد أخذوا بحديث ابن عباس، وهذا تقديم له في الصحة كما ذكر الحازمي في "الاعتبار" أن أكثر أهل العلم من أهل الحجاز والكوفة والبصرة والشام قد خالفوا عطاء والأوزاعي وأحمد وإسحاق في ذلك.
بل ذكر البيهقي في سننه قول الإمام الشافعي: "وحديث ابن عباس أمثلهما إسناداً". والله تعالى أعلم

لا يخفى فضيلتكم أن الاتفاق على ما في الصحيحين لا يلزم منه الاتفاق على جميع الألفاظ الواردة فيهما بدليل أن كثيرا من العلماء تعرضوا لنقد بعض ألفاظ أحاديث في الصحيحين لا سيما ما انفرد به أحدهما وهذا لا يعارض الاتفاق على صحتهما .
وحديث ابن عباس هنا صحيح بلا شك لكن بدون زيادة الصوم والحديث في الصحيحين بدون ذكر الصوم وهو ما يصححه الأئمة كأحمد والبخاري ومسلم وغيرهما وكلام احمد ومن وافقه هو في لفظ الصوم فقط .

ومن حيث القول بالفطر بالحجامة فثمة علماء كذلك في الحجاز والكوفة والبصرة وغيرها قالوا بالفطر بالحجامة وهو قول الحسن البصري وابن سيرين وعطاء بن أبي رباح ومسروق وطلق بن حبيب وابن المبارك وعبد الرحمن بن مهدي والأوزاعي بالإضافة لمن ذكر سابقا من الأئمة .
 
إنضم
23 فبراير 2012
المشاركات
126
التخصص
فقه وأصوله
المدينة
كويت
المذهب الفقهي
القرآن والسنة
رد: الحجامة للصائم

- كلمة " رخص " على القول بأن الأثر موقوف ، ألا تدل على أن المرخص هو النبي عليه السلام ، إذا كان ضبطها للمجهول أو المعلوم ؟
- قول أنس " ما كنا نرى أن ذلك يكره إلا لجهده " ، ( كنا ) ما الدلالة التي تستفاد منها خاصة إذا كان أثر علي ضعيفا ، وأثر ابن عمر محتملا ولو إحتمالا بعيدا ؟ ( بقي أثر أبي موسى وهو مشكل ولعل الجواب عنه أن أبا موسى ليس من فقهاء الصحابة أو بالأقل ليس كأنس .. )
ثم أليس هذا تفسيرا لمعنى حديث "أفطر الحاجم .." على صحته وإن كان تضعيفه قويا ، وأن الحديث إنما هو لمن كان يجهده الصوم ، والإجماع محكي على من كان يضره الصوم يجب عليه الفطر ؟

سملت يمينك على بحثك.
 
إنضم
23 فبراير 2012
المشاركات
126
التخصص
فقه وأصوله
المدينة
كويت
المذهب الفقهي
القرآن والسنة
رد: الحجامة للصائم

ويؤيده ما في السنن " نهى النبي عن الحجامة للصائم وعن المواصلة -ولم يُحرِّمها- إبقاء على أصحابه"
 

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: الحجامة للصائم

الشيخ الكريم بدر وفقه الله وسدده
قد ذكرتُ طرفاً مما طرحتم السؤال عنه في قولكم: "وكم الذين أفتوا بعدم الفطر صراحة وبسند صحيح ولم يرجعوا عن قولهم ؟"
والجواب عن ذلك: أنه ثبت القول بعدم الفطر عن:
1- عائشة.
2- الحسن بن علي.
3- ابن عباس.
4- سعد بن أبي وقاص.
5- أنس بن مالك.
6- عبد الله بن مسعود.
7- أبو سعيد الأنصاري.
8- ويمكن أن يضاف إلى ذلك: ابن عمر. رضي الله عنهم أجمعين.
وقد نسب قولنا إلى جمهور الصحابة غير واحد من أهل العلم؛ كابن بطال في شرحه للبخاري إذ يقول: "
وأما الحجامة للصائم:
فجمهور الصحابة والتابعين والفقهاء على أنه لا تفطره".
وقال بما ذكرتُ من احتمال كراهة من كرهها منهم لأجل الضعف الحافظُ ابن عبد البر: "
ويحتمل أن يكون كرهها من كرهها منهم لما يخشى على فاعلها من الضعف عن تمام صومه من أجلها".

قول فضيلتكم: "القيء المتعمد أليس إخراجاً ؟ ألا تفطرون به ؟"
جوابه: أردتُ أن أقول: إن كانت العلة في كونه مفطراً أنه مضعف للصائم.. فإن الإضعاف لا فرق فيه بين خروج الخارج عن عمد أو دونه.

قولكم حفظكم الله: "وإنما الكلام في كون الخارج مفطر او لا بناء على تلك القاعدة.. فأنا أقول هي منقوضة بما ذكر من القيء والحيض والنفاس والإنزال"
جوابه: أن القاعدة في كون الفطر مما دخل غير منقوضة عندنا..
-
فهي إما أن تكون أغلبية؛ بمعنى أن الأصل هو ذاك؛ فلا يعترض عليها بخروج المني عن شهوة، وخروج دم الحيض والنفاس؛ لأنهما خارجان عن الأصل بالنص.
أما القيء المتعمد فليس في الفطر به دليل ينهض، وقد اختلف فيه قول الصحابة رضي الله عنهم، وعليه فلا فطر به فيما يترجح.

- وإما أن يراد بها الشمول .. وعليه يقال: ليس مراد الصحابي من هذه المقولة حصر المفطرات، وإنما وضع ضابط للمفطر من جهتين ..
الأولى: أنه لا فطر بخروج خارج.
والإنزال ليس المفطر فيه ذاتُ الخروج، وإنما التفطير كائن بقضاء الشهوة.. أوَ ليس خروجه باحتلام أو بمجرد فكر غير مفطر؟
وأما الحيض والنفاس فقد يجاب بأنهما مانعان من الصوم.. فخروجهما ليس للمكلفة فيه يد، وأنتم لا تجعلون فساد الصوم بما لا يمكن الاحتراز منه، فهذا خارج عن هذه القاعدة أصالة، وليس مراد الصحابي التعرض لمثل هذه الصورة. والله أعلم.
وعليه؛ فليس ثَمَّ فطر بما يخرج. وهو المطلوب.

الثانية: أن الفطر يقع بما هو داخل إلى الجوف.
وليس في هذا حصراً للمفطرات، وإنما هو ضابط من جهتين.
فلا يعترض بالجماع مثلاً.. لأن مجرد الإيلاج في فرج ليس من هذا النوع، أعني أنه ليس مما يدخل للجوف، أو ليس مما يدخل البدن ويغيب فيه دون أن يتصل بخارجه، أو أنه لم يُرِد كل داخل. والله تعالى أعلم.
 
التعديل الأخير:
أعلى