رد: درة عزيزة من درر ابن القيم (آية القصر وما فيها من اشتراط الخوف)
وفقكم الله , وبارك فيكم ,
ولعل الإمام ابن القيم -رحمه الله- قد استفاد هذا من شيخه شيخ الإسلام ابن تيمية ,
ففي مجموع الفتاوى 22/ 90 :
(ومما يشبه هذه الآية في العموم والجمع وإن اشتبه معناها : قوله تعالى : { وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلاَةِ إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ } [ النساء : 101 ] فإنه أباح القصر بشرطين الضرب في الأرض، وخوف الكفار .ولهذا اعتقد كثير من الناس أن القصر مجرد قصر العدد، أشكل عليهم . فمن أهل البدع من قال : لا يجوز قصر الصلاة إلا في حال الخوف، حتى روى الصحابة السنن المتواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم في القصر في سفر الأمن، وقال ابن عمر : صلاة السفر ركعتان من خالف السنة فقد كفر . فإن من الخوارج من يرد السنة المخالفة لظاهر القرآن، مع علمه بأن الرسول سنها .
وقال حارثة بن وهب : صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم آمن ما كان ركعتين . وقال عبد الله بن مسعود : صلينا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى ركعتين، وخلف أبى بكر ركعتين، وخلف عمر ركعتين، وقال عمر ليعلى بن أمية لما سأله عن الآية : فقال : عجبت مما عجبت منه . فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " صدقة تصدق الله بها عليكم، فاقبلوا صدقته " .
فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن القصر في سفر الأمن صدقة من الله، ولم يقل إنها مخالفة لظاهر القرآن . فنقول : القصر الكامل المطلق هو قصر العدد، وقصر الأركان، فقصر العدد جعل الرباعية ركعتين، وقصر الأركان هو قصر القيام والركوع والسجود كما في صلاة الخوف الشديد، وصلاة الخوف اليسير .
فالسفر سبب قصر العدد، والخوف سبب قصر الأركان، فإذا اجتمع الأمران قصر العدد والأركان, وإن انفرد أحد السببين : انفرد قصره فقوله سبحانه : { أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلاَةِ } [ النساء : 101 ] ، مطلق في هذا القصر، وهذا القصر، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم تفسر مجمل القرآن، وتبينه، وتدل عليه، وتعبر عنه . وهى مفسرة له لا مخالفة لظاهره .).
وفي ص 82 من المجلد نفسه :
(وأما قوله تعالى : { وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلاَةِ إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ } [ النساء : 101 ] ، فهنا علق القصر بسببين : الضرب في الأرض، والخوف من فتنة الذين كفروا؛ لأن القصر المطلق يتناول قصر عددها، وقصر عملها، وأركانها . مثل الإيماء بالركوع والسجود، فهذا القصر إنما شرع بالسببين كلاهما،كل سبب له قصر . فالسفر يقتضي قصر العدد، والخوف يقتضي قصر الأركان .
ولو قيل : إن القصر المعلق هو قصر الأركان، فإن صلاة السفر ركعتان تمام غير قصر، لكان وجيهًا . ولهذا قال : { فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ } ),
اللهم فقهنا في الدين , وعلمنا التأويل ,,